الفصل 310

مضى شهران منذ أن هدأت العواصف… أو على الأقل بدت وكأنها هدأت.

ففي الظاهر، كانت الحياة في قلعة هوجورتس قد عادت إلى إيقاعها الطبيعي

الطلاب يتنقلون بين الصفوف، الأساتذة يشرحون الدروس، والليل لا يخلو من همسات الطلبة داخل صالات النوم. لكن لمن يعرف آلبرت بلاك حقّ المعرفة، كان يدرك أن السكون الذي يحيط به يخفي وراءه نارًا مشتعلة لا تنطفئ.

لقد قضى هذان الشهران داخل جدران القلعة، يتنقل من فصل إلى آخر، يجيب عن أسئلة الأساتذة بسهولة متناهية.

لكنه في كل لحظة فراغ…

في كل مساء بعد العشاء…

كان آلبرت ينسلّ بصمت نحو الطابق السفلي، متجهًا نحو غرفة الجرعات.

لم يكن الأمر مجرد فضول علمي أو هواية كيميائية، بل كان هدفه واحدًا ، إيجاد جرعة تُبطئ أو تُثبّت لعنة الدم السوداء التي بدأت تأكل يد ألباس دمبلدور ببطء قاتل.

كان يصنع خلطات نادرة، يجمع مكونات غريبة حصل عليها من خلال كتب داخل غرفة الجرعات ، يستحضر كتبًا قديمة لم تُفتح منذ عقود، ويقضي ساعات طويلة يختبر ويعيد التجريب.

لكن لم تكن الأمور سهلة أبدًا.

ففي كل مرة يدخل الغرفة، كان يجد نفسه وجهًا لوجه مع سيفيروس سناب.

كان سناب يظهر من الظلام، عباءته السوداء تنساب بصمت كظل طويل، وصوته البارد يخترق السكون:

"قلت لك ألا تدخل هذه الغرفة دون إذني، بلاك."

يرد عليه آلبرت، دون أن يرفع نظره عن قِدر الجرعة:

"أملك تصريحًا خاصًا من مدير المدرسة، و ايضا انا ايضا املك سلطة تشابه مدير المدرسة أيها البروفيسور. هل تريدني أن أطلب من دمبلدور أن يذكّرك بذلك؟"

كان سناب يضيق عينيه، كأنه يتفحّص إن كان ذلك مجرد وقاحة....

ومع الوقت، بدأ سناب يشعر بالانزعاج من هذا الشاب. ليس فقط لأنه يجلس في معمله الخاص، بل لأنه يتصرف بثقة... تُذكّره بجيمس بوتر... وبسيريوس بلاك... وبكل من تحدّاه يومًا.

وفي آخر أسبوع من الشهر الاول .

ظهرت أخيرًا النتائج التي كان جميع طلاب السنة الخامسة يترقبونها:

نتائج اختبارات O.W.L.

في صباح مشمس، وقف الأستاذ فليتويك في منتصف القاعة الكبرى، ورفع بوقًا سحريًا صغيرًا لينادي بأعلى صوته:

"أصدقائي الطلبة ! يسعدني أن أعلن أن نتائج امتحانات O.W.L قد صدرت رسميًا !"

عمت همهمات وضجيج في المكان، وبدأت القِطع السحرية تطير من يده، وتلقي أمام كل طالب نتيجته في لفافة مختومة.

أصوات تمزق الورق، صراخ، فرح، دموع… كل المشاعر اجتمعت في لحظة واحدة.

لكن حين وقف البروفيسور ماكغونجال وأعلنت ترتيب العشر الأوائل، ساد الهدوء فجأة.

"في المرتبة الأولى، وبمعدل تام في تسع مواد، وتفوق في اثنتين...

آلبرت بلاك !"

ضجت القاعة بالتصفيق، خصوصًا من صفوف جريفندور، حيث ارتفعت الأصوات مهللة، ورون ويزلي يقفز ويصفّر عاليًا

ثم أكملت مكغونجال بابتسامة خفيفة:

"في المركز الثاني، بفارق ضئيل عن المركز الثاني ، الطالبة هيرميون غرينجر."

كان وجه هيرميون متوردًا، لكنها بدت سعيدة برغم كل شيء. نظرت إلى آلبرت وابتسمت له

ثم توالت الأسماء، وفي مفاجأة للجميع:

"في المركز الخامس... رون ويزلي.

وفي السادس... هاري بوتر."

بدا وجه رون كمن لا يصدق، ثم رفع لفافته عاليًا وقال:

"أرأيتم؟! قلت لكم! أنا أذكى من هاري في شيء واحد على الأقل !"

ضحك الجميع، وضربه هاري بخفة على كتفه وهو يبتسم:

"لحسن حظك أن الجرعات لم تكن تعتمد على فنون الدفاع ضد الظلام !"

وبعد أسبوعين من إعلان النتائج، انتهت السنة الدراسية رسميًا.

السنة الخامسة، التي كانت مليئة بالدماء، الأحلام، الخوف، وأسرارٍ لا تُنسى…

انتهت أخيرا لتترك خلفها طلابًا تغيّروا، ومدرسة تستعد لما هو أعظم.

وآلبرت ، برغم تفوقه، كان يعلم انه رغم انقاذه لأباه اخيرا ، لكن الشيء الاعظم الذي يتوجب عليه القيام به هو القضاء على فولدمورت قبل أن يحدث ما يخشاه …

.

.

.

على الجانب الاخر .. كان الوقت يقترب من منتصف الليل ورئيس الوزراء يجلس في مكتبه وحيدًا، يقرأ مذكرة طويلة تنساب كلماتها عبر عقله دون أن تخلف وراءها أثرًا يذكر من المعنى، وكان في انتظار مكالمة تليفونية من رئيس دولة بعيدة وعقله مشغول بالتساؤل عن الموعد الذي سيتصل فيه ذلك الرجل البائس، فضلاً عن محاولته كبت الذكريات المزعجة لأسبوع كان صعبا ومتعبا وطويلاً جدًا؛ مما لم يترك في رأسه مكانًا لأي شيء آخر، وكان كلما حاول التركيز على الكلمات المطبوعة في الصفحة التي أمامه، أمكنه ذلك أن يرى بوضوح أكثر الوجه الشامت لأحد خصومه السياسيين الذي ظهر في نشرة أخبار ذلك اليوم، ليس فقط ليعدد كل الأشياء الفظيعة التي حدثت خلال الأسبوع الماضي

كأن أى واحد يحتاج إلى التذكرة ولكن ليفسر لماذا كانت الحكومة مسئولة عن كل حدث منها.

خفق قلب رئيس الوزراء بشدة عندما فكر في تلك الاتهامات؛ فلم يكن أى منها عادلاً أو حقيقيًا، فكيف كان يمكن لحكومته بأية حال من الأحوال أن تمنع انهيار ذلك الجسر ؟ ومن الظلم أن يقول أي شخص إن الحكومة لم تكن تنفق قدرا كافيًا من المال على الجسور، فقد كان عمر هذا الجسر أقل من عشر سنوات، ولم يستطع أفضل المتخصصين الوصول إلى سبب انفلاقه إلى جزءين بهذه البساطة مسببا سقوط اثنتي عشرة سيارة إلى أعماق ماء النهر أسفله، وكيف يجرؤ أي شخص على أن يشير إلى أن قلة عدد أفراد الشرطة كانت سببًا في حدوث جريمتي القتل المفزعتين اللتين تصدرت أخبارهما الصحف، أو أن الحكومة، بشكل ما، كان يجب أن تتنبأ بالإعصار غير المعهود الذي ضرب مقاطعة وست کانترى وأحدث الكثير من الخسائر في كل من الأرواح والممتلكات؟ وهل كان خطؤه هو الشخصى أن هربرت كورلي ، أحد وزرائه، قد اختار هذا الأسبوع بالذات ليتصرف بغرابة حتى أنه سيذهب الآن لقضاء وقت أطول جدا مع عائلته؟ وأنهى خصمه حديثه وهو لا يكاد يخفي ابتسامته العريضة قائلا: " لقد سادت البلاد حالة من الكآبة والحزن ".

وللأسف، كان ذلك صحيحاً تماماً، وقد استشعره رئيس الوزراء بنفسه، فبالفعل قد أصبح الناس أكثر بؤسا من المعتاد، وحتى الطقس أضحى كئيبا، كل ذلك الضباب البارد في منتصف شهر يوليو.. لم يكن الوضع صحيحًا، لم يكن طبيعيا.

قلب رئيس الوزراء الصفحة الثانية من المذكرة ليرى كم يبلغ طولها، وشعر بأنها مهمة ثقيلة فتخلى عن إكمال قراءتها ومط ذراعيه فوق رأسه وأدار بصره في أنحاء حجرة مكتبه بحزن كانت حجرة جميلة، بها مدفأة رخامية أنيقة تواجهها نوافذ عريضة بإطارات منزلقة تم غلقها بإحكام في وجه البرودة غير المألوفة، وارتجف رئيس الوزراء رجفة خفيفة وهو يقف ليتجه إلى النوافذ، ونظر عبرها إلى الضباب الذي تكثف على الزجاج، وفى هذه اللحظة بينما يقف وظهره إلى الغرفة، سمع صوت سعال خفيف خلفه.

فتجمد وهو ينظر إلى انعكاس وجهه المرعوب على الزجاج المظلم أمامه، فقد عرف هذا السعال لقد سمعه من قبل والتفت ببطء شديد ليواجه الغرفة الخالية.

قال: " مرحبا "، وهو يحاول أن يبدو أكثر شجاعة مما يشعر به في الحقيقة.

وللحظة، منى نفسه بالأمل المستحيل أن لا أحد سيجيبه، إلا أن صوتا أجابه على الفور صوتا حادًا حازمًا بدا وكأنه يقرأ بيانًا مُعَدا مسبقا

كان مصدر الصوت تماما كما أدركه رئيس الوزراء منذ بدأ السعال و هو الجني الذي يشبه الضفدع، ذا الشعر المستعار الفضى الطويل المرسوم في اللوحة الزيتية الصغيرة ذات الألوان الداكنة، المعلقة في الركن البعيد من الغرفة.

نظر الرجل المرسوم في اللوحة إلى رئيس الوزراء نظرة متسائلة وهو يقول: " إلى رئيس وزراء العامة، يجب أن نلتقى عاجلاً. برجاء الرد فورا. مع خالص تحياتي، المخلص (فودج) "

قال رئيس الوزراء بتردد: "اسمع.. إن الوقت ليس مناسبا بالنسبة لي.. فأنا في انتظار مكالمة تليفونية - أتعرف؟ من رئيس...... "

قالت اللوحة على الفور: " يمكن إعادة ترتيب الأمر ". انقبض قلب رئيس الوزراء؛ فقد كان خائفا من ذلك.

" ولكنني في الواقع كنت أتطلع إلى أن أتكلم "

قال الجنى: " سوف نرتب الأمر بحيث ينسى الرئيس أن يحادثك الليلة وسوف يطلبك مساء غد بدلا من اليوم برجاء الرد على السيد (فودج) فورا ". قال رئيس الوزراء بصوت ضعيف: " أنا ... حسنًا... لا مانع... نعم، سأقابل السيد (فودج) ".

أسرع رئيس الوزراء عائدًا إلى مكتبه بينما كان يسوى ربطة عنقه

وجلس في مقعده، ورسم على وجهه تعبيرًا أمل به أن يبدو مرتاحا غير منزعج عندما اشتعلت في الموقد الخالي أسفل رف المدفأة الرخامي ألسنة لهب خضراء متألقة.

جلس رئيس الوزراء ينظر إلى المدفأة ويراقب ما يحدث محاولاً ألا يبدى أى اختلاج تدل على الدهشة أو الذعر عندما ظهر رجل بدين يدور داخل اللهب بسرعة كبيرة.

وبعد ثوان، خرج الرجل من المدفأة ووقف فوق البساط الأثرى البديع، بينما ينفض الرماد عن أكمام عباءته المخططة الطويلة ويمسك في يده قبعة مستديرة لونها أخضر ليموني.

يتبع ...

2025/05/20 · 36 مشاهدة · 1299 كلمة
نادي الروايات - 2025