الفصل 316
كان هاري بوتر يغطُّ فى نومه بصوت عال، كان قد أمضى الجزء الأكبر من الساعات الأربع الماضية جالسًا على كرسى بجوار نافذة حجرة نومه وهو ينظر إلى الشوارع المظلمة حتى سقط فى النهاية نائمًا، بينما أحد جانبى وجهه ملتصق بزجاج النافذة البارد وقد مالت
نظارته وانفتح فمه.
تألق الأثر الضبابى المغبش الذى تركه تنفّسُه على زجاج النافذة عندما انعكست عليه الأضواء البرتقالية لمصباح الشارع
فى الخارج، وقد سحب الضوء الصناعى كل الألوان من وجهه؛ فبدا كوجه شبح تحت كتلة من الشعر الأسود الأشعث.
كانت هناك أغراض مختلفة وقُمامة متناثرة فى كل مكان بالغرفة؛ ريش البوم، وبواقي ثمار التفاح وأغلفة الحلوى كانت مبعثرة فى الأرض، وكان هناك عدد من كتب التعاويذ الملقاة بدون ترتيب فوق الملابس
المتناثرة فوق السرير، وهناك مجموعة من الجرائد المتناثرة على المكتب تحت مصباحه المضىء وكان العنوان الرئيسى لأحدها يقول: ( آلبرت بلاك ) .. المختار؟
انتشرت شائعات كثيرة عن الشغب الغامض الذى حدث بوزارة السحر منذ وقت قريب، والذى ظهر فيه (الذى لا يجب ذكر اسمه) مرة أخرى.
قال أحد معدلى الذاكرة الثائرين، بينما كان خارجًا من الوزارة ليلة أمس: " ليس مسموحًا لنا بأن نتكلم عن الموضوع، فلا تسألونى عن
أى شىء "
ومع ذلك، أكدت مصادر مطلعة داخل الوزارة أن الشغب تمركز فى القاعة الأسطورية للنبوءة.
إلا أن المتحدث باسم وزارة السحر رفض حتى الآن تأكيد وجود مثل هذا المكان، ويعتقد عدد متزايد من أفراد مجتمع السحر أن آكلي الموت الذين سبق الحكم عليهم بالسجن فى أزكابان لارتكابهم
جرائم عنيفة وسرقات قد حاولوا سرقة النبوءة، وإن كانت طبيعة تلك النبوءة غير معلومة رغم أن هناك شائعات منتشرة تقول إنها تخص لهارى بوتر و آلبرت بلاك و المعروف ان هاري بوتر هو الشخص الوحيد المعروف الذى نجا من تعويذة
الموت، ومن المعروف أيضًا أنه كان فى وزارة السحر فى نفس الليلة مع آلبرت محل السؤال.
البعض قد وصل به الأمر إلى أن يطلق على آلبرت اسم المختار ؛
اعتقادًا منهم أن النبوءة تذكر اسمه كالشخص الوحيد مع هاري الذى سيكون بإمكانهم تخليصنا من " الذى لا يجب ذكر اسمه " .
ويظل المكان الحالى للنبوءة غير معلوم، هذا إذا كانت موجودة فعلاً، على الرغم من ... (الباقى صفحة ٢ عمود ٥).
وهناك جريدة أخرى بجوار الأولى تحمل عنوان:
سكريمجور يخلف فودج
ظهرت صورة كبيرة أبيض وأسود لرجل له شعر طويل غزير يشبه لبدة الأسد، ووجه ممتلئ بالندوب صدر الصفحة، وكانت الصورة تتحرك حيث كان الرجل يشير إلى السقف.
أصبح (روفوس سكريمجور) الذى كان فى السابق رئيس مكتب الدفاع ضد السحر الأسود التابع لإدارة تنفيذ القانون السحرى وزيرًا للسحر خلفًا لكورنيليوس فودج.
وقد قوبل تعيين سكريمجور كوزير للسحر بترحيب شديد من المجتمع السحرى على الرغم من الشائعات التي تقول بوجود خلاف بين الوزير الجديد وبين دمبلدور الذي استعاد منصبه ككبير سحرة ويزينجا موت، ظهر بعد ساعات قليلة من تولى سكريمجور الوزارة.
وقد اعترف ممثل سكريمجور أنه التقى بدمبلدور فور توليه على وظيفة بالوزارة ولكنه رفض التعليق على الموضوع محل النقاش. و ألباس دمبلدور معروف بـ... الباقى صفحة 3 عمود (۲).
على يسار تلك الجريدة، توجد جريدة أخرى مطوية، بحيث يظهر بها موضوع يحمل عنوان
" الوزارة تضمن سلامة الطلاب "
تحدث اليوم وزير السحر الجديد روفوس سكريمجور عن الإجراءات الجديدة الصارمة التي اتخذتها الوزارة؛ لتأمين سلامة الطلبة العائدين إلى مدرسة هوجوورتس لفنون السحر هذا الخريف.
قال الوزير الأسباب واضحة، لن تذكر الوزارة تفاصيل خططها الأمنية المشددة الجديدة، إلا أن مصدرًا مطلعا أكد أن الإجراءات تتضمن تعاويذ وسحرا دفاعيًا، ومجموعة مرتبة من التعاويذ المضادة المعقدة وقوة صغيرة من المدافعين ضد فنون الظلام مخصصة لحماية مدرسة هوجوورتس فقط.
يبدو أن الموقف الحازم للوزير الجديد حول سلامة الطلبة قد أشاع الاطمئنان بين معظم الأسر.
قالت السيدة أوغستا لونجبوتم: " إن حفيدي نيفيل صديق حميم لهاري بوتر و كدالك البرت بلاك ، وهو ضمن من حاربوا معه اكلي الموت بالوزارة في شهر يونيو الماضي ...... "
ولكن باقي القصة كان محجوبا بسبب وجود قفص طائر كبير فوق هاري وبداخله بومة ثلجية بديعة، كانت عيناها الزمرديتان تمسحان الغرفة بطريقة متعجرفة، وكان رأسها يدور كل فترة لتحدق إلى سيدها الذي يغطُّ ونقرت مرة أو مرتين بمنقارها بنفاد صبر إلا أن هاري كان غارقا في نومه فلم يسمعها.
كانت هناك حقيبة كبيرة موجودة في وسط الغرفة تماما، غطاؤها مفتوح.. بدت الحقيبة كأنها في وضع استعداد وإن كانت تكاد تكون خالية إلا من الملابس الداخلية القديمة والحلويات وزجاجات الحبر الفارغة وبعض ريشات الكتابة المكسورة التي تغطى قاع الحقيبة ويوجد بالقرب منها على الأرض كتيب إرشادات أرجواني مزخرف بكلمات ذات ألوان زاهية.
صدرت عن مصلحة السحر
كيف تحمى بيتك وأسرتك ضد قوى السحر الأسود؟
يواجه مجتمع السحر حاليًا خطر منظمة تسمى نفسها أكلي الموت . ستساعدك مراعاة تلك الإجراءات الأمنية البسيطة في حماية نفسك
وعائلتك وبيتك من أي هجوم قد تتعرض له:
1) يفضل ألا تترك منزلك خاليا.
2) يجب التزام الحيطة خاصة أثناء ساعات الليل، وحاول أن تنهي رحلاتك قبل أن يسقط الليل كلما كان ذلك ممكنا.
3) راجع الإجراءات الأمنية حول منزلك وتأكد من معرفة أفراد أسرتك إجراءات الطوارئ مثل تعويذة الدرع والسحر المضاد للأوهام... خاصة في حالة إذا ما كان أفراد الأسرة تحت السن القانونية، وكذلك قواعد الانتقال الآني مع الآخرين.
4) اتفق مع الأصدقاء وأفراد الأسرة على أسئلة أمنية؛ حتى يمكنكم اكتشاف آكلي الموت الذين يحاولون انتحال شخصيات الآخرين باستخدام وصفة التخفى (انظر صفحة (2).
5) إذا ما شعرت أن أحد أفراد الأسرة أو زميلاً أو صديقا أو جارا يتصرف بطريقة غريبة، فاتصل فورا بغرفة تنفيذ القانون السحرى، فقد يكونون تحت تأثير تعويذة تحكم (انظر صفحة ٤).
6) إذا ما ظهرت علامة الظلام فوق أى منزل أو مبنى آخر فلا تدخله، فقط اتصل بمكتب الدفاع ضد السحر الأسود فورا.
7) مشاهدات غير مؤكدة تشير إلى أن اكلى الموت قد يستخدمون الأنفيري (انظر صفحة (10) يجب أن يتم إبلاغ الوزارة فورا عن أي مشاهدة لأي أنفيري أو اشتباك معهم.
همهم هاري وهو نائم وانزلق وجهه على النافذة ياردة أو نحوها مما جعل نظارته تميل أكثر مما كانت ولكنه لم يصح وأصدر المنبه الذي أصلحه هاري منذ عدة سنوات صوتا عاليا عند عتبة النافذة معلنا أن دقيقة واحدة باقية على الحادية عشرة، وبالقرب منها كانت يد هاري المرتاحة ممسكة بقطعة من الجلد مغطاة بكتابة رفيعة مائلة
كان هاري قد قرأ هذه الرسالة كثيرًا جدا منذ وصولها من ثلاثة أيام حتى أصبحت الآن مفرودة تماما على الرغم من أنها عند وصولها كانت ملفوفة بإحكام.
" عزیزی هاري "
" إذا كان الأمر مناسبا بالنسبة لك، فسوف أحضر إلى المنزل رقم 4 شارع بريفت درايف يوم الجمعة القادم الساعة الحادية عشرة مساءً لمرافقتك إلى الجحر، حيث تمت دعوتك لقضاء الوقت الباقي من إجازتك الصيفية.
إذا وافقت فسأكون ممتنا إذا ساعدتني في أمر أرجو إنهاءه.. في طريقنا إلى الجحر، سوف أشرح لك الأمر كاملاً حين نلتقي برجاء إرسال إجابتك إلي مع هذه البومة، أرجو أن أراك يوم الجمعة.....
المخلص... ألبس دمبلدور "
على الرغم من أنه قد حفظ كلماتها، ظل هاري يختلس النظر للرسالة كل فترة منذ السابعة مساء تلك الليلة عندما اتخذ هذا الوضع بجوار نافذة حجرة نومه التي يستطيع المرء أن يشاهد منها طرفي شارع بريفت درايف كان يعرف أنه من الحمق أن يستمر في قراءة كلمات دمبلدور مرة بعد مرة، فقد أرسل له هاري موافقته مع البومة التي سلمت رسالته كما طلب منه وأن كل ما يستطيع عمله الآن هو الانتظار؛ فقد يأتي دمبلدور أو لا يأتي.
ولكن هاري لم يحزم أشياءه، فقد بدا أن إنقاذه من آل درسلي بعد أسبوعين فقط من مكوثه معهم أمر يفوق أحلامه، فلم يستطع التخلص من شعوره بأن خطأ ما سوف يحدث فقد تضيع الرسالة التي أرسلها إلى دمبلدور مثلاً أو يحدث شيء يمنع دمبلدور من الوصول إليه، بل ربما يظهر أن الرسالة لم تكن من دمبلدور أصلاً وإنما مجرد حيلة أو دعابة أو فخ.. ولكن مهما كان الأمر، فلم يستطع هاري أن يواجه قيامه بحزم أشيائه، ثم احتمال اضطراره إلى فضها مرة أخرى.
وكان الشيء الوحيد الذي قام به استعدادًا للرحلة هو إدخال بومته الثلجية هيدويج داخل قفصها بأمان.
وصل عقرب الدقائق في المنبه إلى رقم 12 وفى هذه اللحظة بالذات انطفأ مصباح الشارع خارج النافذة.
صحا هاري من نومه وكأن الإظلام المفاجئ كان منبها له، وعدل وضع نظارته بسرعة ونزع خده من على الزجاج، وضغط أنفه عليه بدلاً من ذلك، واتجه بنظره إلى الرصيف حيث كان هناك شخص طويل يتقدم في ممر الحديقة بينما تتماوج عباءته حوله.
قفز هاري كما لو أنه تلقى صدمة كهربائية مما أوقع كرسيه، وبدأ في خطف كل شيء وأى شيء قريب منه من الأرض وإلقائه داخل صندوقه.
وبينما هو يرمى مجموعة من الملابس، وكتاب تعاويذ وعلبة من المقرمشات عبر الغرفة، دق جرس الباب.
قبل دالك ، قبل عشرون دقيقة من الان ، على الجانب الاخر ...
في مصر ، داخل معبد الكرنك، تحت ضوء الشمس التي بدأت تشتد حرارتها، ودّع آلبرت صديقه الجديد لويس جوزيف.
كانت لحظة وداع تختلط فيها مشاعر الامتنان والخوف والتأمل في المستقبل المجهول.
قال آلبرت وهو يضع المعجم الجلدي القديم في حقيبته:
"سأعود… ربما يومًا ما، سأعود لأخبرك بما وجدت."
ضحك لويس بخفة وهو يشير إلى السماء قائلاً:
"فقط لا تتأخر "
صافحه ألبرت بقوة، ثم مشى مبتعدًا عن الخيمة، متجاوزًا الأعمدة العتيقة والكتابات المحفورة في جدران الكرنك.
كان يحمل في عينيه هدفًا واضحًا، وخطواته تتسارع شيئًا فشيئًا.
وما إن وصل إلى منطقة منعزلة، لا وجود فيها لأي أحد، حتى اختفى من المكان فجأة
لحظة واحدة فقط، وتبدّلت الرمال تحت قدميه، وتلاشت صورة المعبد من حوله، وظهر بدلًا منها السور الكبير لمدرسة هوجورتس في بريطانيا، على مرأى من بوابة القلعة القديمة، والعلم يرفرف فوق الأبراج.
لم يُضِع لحظة.
ركض آلبرت مباشرة نحو البوابة الحجرية، قلبه ينبض كطبول الحرب، يهمس في صدره: "يجب أن أصل… قبل فوات الأوان !"
اجتاز باحات المدرسة، عبر الممرات، مرّ بجوار بعض الطلاب الذين رمقوه بنظرات متفاجئة، لكنه لم يلتفت.
كان جسده يتحرك بلا وعي، يقوده شعور غامض ومرعب، بأن شيئًا ما قد انكسر.
دفع باب القاعة العظمى بقوة، ونظر حوله بسرعة… إلى أن وقعت عيناه على الشخص الذي كان يبحث عنه منذ عودته:
سيفيروس سنايب.
كان سنايب واقفًا قرب الطاولة الرئيسية، يمسك بمزهرية صغيرة من الأعشاب الطبية. وما إن رآه آلبرت حتى هرع نحوه صارخًا:
"بروفيسور !! هل سيدريك ديغوري هنا ؟!! هل التقى مع فولدمورت؟!"
رفع سنايب حاجبيه بدهشة، ثم أنزل المزهرية بلطف على الطاولة أمامه. صمت لثوانٍ، ثم قال بنبرة متفاجئة:
"نعم… لكن كيف عرفت أنه التقاه؟ من أخبرك؟"
عضّ آلبرت على شفته، ثم أمسك رأسه بكلتا يديه، وهو يتمتم بنبرة غضب:
"تبا…!!! اذن ما قالته المدكرة كان صحيح !! إذن الخطة فشلت… الآن فولدمورت سيعرف أنني لا زلت على قيد الحياة !!"
لم يفهم سنايب مادا كان يقصد آلبرت بالمدكرة ، لكنه لم يبدُ منزعجًا. بل قال بنبرة هادئة:
"من أخبرك أن فولدمورت سيعرف؟"
نظر إليه آلبرت بدهشة، كأنه أمسك بأمل ضائع.
تابع سنايب وهو يعبر الغرفة بخطى ثابتة:
"قبل أن يلتقي سيدريك باللورد الظلام… قمتُ بإزالة ذكريات محددة من عقله، خاصة تلك التي رأى فيها أنك لا تزال حيًا."
قال آلبرت مذهولًا:
"هل هذا صحيح؟! ولكن… كيف تمكنت من ذلك؟ متى فعلت ذلك؟!"
اقترب سنايب من جدار حجري صغير في إحدى زوايا القاعة، فتح بابًا سريًا صغيرًا، ووضع بداخله كتابًا ثمينًا، ثم عاد وأجاب:
"اللورد الظلام هو من أمرني بإحضار سيدريك إليه. امتلكتُ بعض الوقت أثناء إعداده للقاء… وقتٌ كافٍ لأقوم بسحب الذكريات الخطيرة من عقله دون أن يلاحظ شيئًا."
كان قلب آلبرت يخفق بقوة، لكن هذه المرة ليس خوفًا، بل راحة. راحة عميقة لم يشعر بها منذ أن اكتشف أسرار دفتره، ومنذ أن علم أن سيدريك قد يكون أحد عوامل سقوطه.
أخفض رأسه قليلًا وهمس:
"إذن… لقد نجوت مؤقتًا."
اكتشف آلبرت من صفحة التي أخبره لويس بالترجمة ان ما سيحدث له من كوارث و موته سيكون بسبب سيدريك لانه خائن
يتبع ...