الفصل 317
بعد عشرين دقيقة
بعد ان دق جرس الباب ، سمع عم هاري فرنون يصيح في غرفة المعيشة في الأسفل: " بحق الجحيم، من الذي يزورنا في هذا الوقت المتأخر من الليل؟ " .
تجمد هاري بينما يمسك تلسكوبا نحاسيا في إحدى يديه وزوجا من الأحذية الرياضية في اليد الأخرى، لقد نسى تماما أن يخبر آل درسلي عن إمكانية حضور دمبلدور ، وشعر هاري بالذعر والرغبة في الضحك في آن واحد، قفز من فوق الصندوق وفتح باب غرفة نومه في الوقت المناسب لسماع صوت عميق يقول: " مساء الخير، لابد أنك السيد درسلي، أعتقد أن هاري قد أخبركم بأنني سوف آتى لاصطحابه " نزل هاري السلم قافزا درجتين في كل مرة، ثم توقف فجأة قبل أن يصل إلى أسفل السلم بعدد من الدرجات، فقد علمته التجربة أن يبقى بعيدًا عن متناول ذراع عمه كلما كان ذلك ممكنا، كان هناك رجل طويل نحيف يقف عند مدخل الباب له شعر طويل يصل إلى وسطه ولحية، كلاهما كان أبيض تماما.
كان يرتدى نظارة هلالية الشكل مستندة على أنفه المعقوف، وكان يرتدي عباءة سفر سوداء طويلة وقبعة لها حافة.
حدق فرنون درسلي إلى زائره وكأنه لا يصدق عينيه الصغيرتين وكان لفرنون شارب كث كشارب دمبلدور، وكان يرتدى روب ذا لون أحمر داكن.
قال دمبلدور بسلاسة: " نظرًا لنظرة الدهشة وعدم التصديق التي تبدو عليك، أعتقد أن هاري لم يخبركم بحضورى، ومع ذلك فلنفترض أنك قد دعوتني بكل ترحيب لأدخل إلى منزلك، فمن الغباء البقاء أطول مما ينبغى على عتبة الباب في هذه الأوقات المضطربة ".
عبر دمبلدور العتبة برشاقة وأغلق الباب الأمامي خلفه.
قال دمبلدور وهو يخفض أنفه محدقا إلى النعم فرنون " لقد مضى وقت طويل منذ أتيت إلى هذا المنزل، يجب أن أقول لكم إن زهور الأغابنيثوس يانعة في حديقتكم " .
لم ينطق فرنون درسلي بحرف، إلا أن هاري لم يشك في أن الرد سيأتي قريبا.
وسرعان ما انتفخ العرق النابض في صدغ عمه ووصل إلى مرحلة خطيرة، ولكن يبدو أن شيئًا ما في دمبلدور قد سلبه قدرته على التنفس مؤقتا، قد يكون مظهره الذي يعكس بوضوح طبيعته السحرية، وربما يكون العم فرنون قد شعر بصعوبة أن يستأسد على مثل هذا الرجل.
رفع دمبلدور عينيه إلى هاري ونظر إليه بنظارته الهلالية وقد بدا على وجهه تعبير راض وقال: " آه، مساء الخير يا هاري ، رائع رائع " بدت هذه الكلمات كما لو أنها قد أيقظت العم فرنون، فمن الواضح أن كل ما أثار اهتمامه كان هو أن أى رجل بإمكانه النظر إلى هاري وقول رائع؛ هو رجل يختلف معه في الرأي.
بدأ فرنون حديثه بلهجة متوعدة بالفظاظة في كل مقطع منها: " أنا لا أقصد أن أكون فظا "
أنهى دمبلدور الجملة بلهجة جدية ومع ذلك للأسف، عادة ما تقال أشياء كثيرة فظة غير مقصودة، " من الأفضل ألا تقول أي شيء على الإطلاق يا عزيزي، آه، لابد أنك بتونيا " كان باب المطبخ قد فتح ووقفت على عتبته خالة هاري مرتدية قفازا مطاطيا ومبدلاً فوق ثوب النوم الخاص بها من الواضح أنها كانت وسط عملية التنظيف اليومية للمطبخ التي تقوم بها قبل وقت النوم، وقد عكس وجهها الذي يبدو كوجه الحصان إلى حد ما شعورها بالصدمة.
عندما لم يقم العم فرنون بتقديمه، قال دمبلدور: " ألباس دمبلدور، لقد تبادلنا الرسائل، بالطبع. " فكر هاري أنها طريقة غريبة لتذكير الخالة بتونيا أنه أرسل إليها مرة رسالة متفجرة، ولكن الخالة بتونيا لم تعترض على اللفظ، وأضاف دمبلدور: "لابد أن هذا ابنك ددلي؟ "
كان ددلى قد أطل برأسه عبر باب غرفة المعيشة في هذه اللحظة، وقد بدا رأسه الكبير الأسود الخارج من الياقة المخططة لمنامته كما لو أنه مفصول عن جسمه، وقد انفتح فوه من الدهشة والخوف.
انتظر دمبلدور لحظة على ما يبدو ليرى إذا كان أى من آل درسلي سيقول أي شيء، ولكن مع استمرار الصمت ابتسم وقال: " فلنفترض إذن أنك قد دعوتني إلى حجرة الجلوس".
ابتعد ددلي عن طريق دمبلدور عندما مر بجواره. قفز هاري الذي كان مازال ممسكًا بالتلسكوب والحذاء الرياضي الدرجات القليلة الباقية من السلم وتبع دمبلدور الذي جلس على كرسى ذي ذراعين بالقرب من المدفأة وأخذ يراقب المكان وقد ارتسم على وجهه تعبير من الاستمتاع، وقد بدا في غير مكانه بشكل واضح جداً.
سأل هاري بقلق: " ألسنا ... ألسنا ذاهبين يا سيدي؟ ".
رد دمبلدور: " بالطبع سنذهب، ولكن هناك بعض الأمور التي يجب مناقشتها قبل ذلك، وأنا أفضل ألا تقوم بمناقشتها في مكان مفتوح ولذلك فسوف أتطفل على ضيافة عمك وخالتك لمدة أطول قليلاً ".
قال هاري " هل تنوي ذلك فعلاً؟".
دخل فرنون درسلي الغرفة، و بتونيا عند كتفه و ددلي متواريا خلف الاثنين... أجاب دمبلدور ببساطة: " نعم، سوف أفعل ".
رفع دمبلدور يداه الايمن للاعلى حتى أن هاري بالكاد رآها... وبضربة سريعة خفيفة من إصبعه السبابة تحركت الأريكة إلى الأمام وخبطت ركب آل درسلي الثلاثة من الخلف فانهاروا متكدسين فوق الأريكة.
وبضربة أخرى من اصبعه الايمن، عادت الأريكة إلى مكانها الأصلي.
قال دمبلدور بلطف: " كما يمكن أن نكون أكثر راحة أيضا ". عندما كان دمبلدور يستعمل السحر بأصبعه السبابة ، شاهد هاري أن يد دمبلدور كانت مسودة، وذابلة كما لو أن لحمه قد احترق تماما، فقال هاري : سيدي، ما الذي حدث لـ ...؟ "
قال دمبلدور " فيما بعد يا هاري، أرجوك اجلس ".
جلس هاري على المقعد الباقى ذى الذراعين وتفادى النظر إلى آل درسلي الذين بدوا كما لو أن الدهشة قد عقدت ألسنتهم.
قال دمبلدور للعم فرنون: " يمكنني الافتراض بأنك ستقوم بدعوتي لتناول المرطبات، ولكن الوضع الراهن يوحى بأن هذا سيكون تفاؤلا شديدا مني لدرجة الغباء ".
ظهرت زجاجة متربة وخمس كؤوس من الهواء إثر ضربة ثالثة من يد دمبلدور، انفتحت الزجاجة وسكبت كميات سخية من سائل عسلي في كل كأس، ثم انطلقت الكؤوس واحدة تلو الأخرى إلى كل فرد في الغرفة.
قال دمبلدور وقد رفع كأسه محييا هاري الذي أمسك كأسه ورشف منها شراب العسل المصنوع من البلوط المعتق: " أفضل ما صنعته مدام روز مرتا " لم يذق هاري شيئًا مثل ذلك الشراب من قبل لكنه استمتع به بشكل كبير.
نظر آل درسلي بسرعة وخوف إلى بعضهم بعضا، ثم حاولوا تجاهل الكؤوس تماما، وإن كان ذلك صعبا؛ حيث كانت الكؤوس تلكزهم برفق على جانب رؤوسهم.
لم يستطع هاري كبت شكه أن دمبلدور كان يستمتع بالوضع.
يتبع ...