الفصل 319

وقف ألبرت أمام المتجر، ذراعيه متشابكتان وصدره منفتح كأنما يواجه بناءً لا مجرد مبنى... بل فكرة، مشروع، تحدٍ قديم صيغ على هيئة طابق من الطوب والسحر.

لم يكن هذا المتجر مجرد متجر عادي.

كان أمامه تمثال سحري عملاق، يقف شامخًا فوق مدخل المتجر، بحجم مذهل، حتى أنه يكاد يتخطى الطابق الثاني ، لكن ما جعل آلبرت يتجمد لحظة، ليس حجم التمثال... بل أنه يشبهه تمامًا.

نعم، التمثال العملاق كان يحمل ملامح ألبرت بلاك نفسها: الشعر الكثيف الداكن، النظرة الحادة، الابتسامة الساخرة التي تجمع بين الوقار والسخرية.

كان يرتدي رداءً ملابس طلاب هوجورتس يرفرف حتى في غياب الريح، وعيناه مصنوعتان من كريستال سحري يتلألأ مع الضوء، تراقبان كل من يقترب من المتجر كأنهما على قيد الوعي.

لكن الأمر لم يتوقف هنا.

إلى جانب التمثال، على قاعدةٍ متينة مزينة بتعاويذ تلمع بلون ذهبي، كان هناك تمثالان صغيران نسبيًا يقفان متقابلين عند قدمي العملاق، يرفع كل منهما قبعة طويلة بشكل مبالغ فيه، لم يكن من الصعب أن يعرف من هما... فريد وجورج ويزلي.

ألبرت رفع حاجبه بدهشة، لكنه ابتسم ، تلك الابتسامة المزدوجة التي تعرف كل شيء وتضحك على كل شيء.

تحرك ببصره عبر الواجهة الأمامية، متأملًا النوافذ الواسعة التي اصطفت على جانبي المدخل، محاطة بإطارات ذهبية لامعة ونقوش خفية تتحرك بين الزجاج.

كانت النوافذ ممتلئة بعروض المنتجات بشكل مذهل... تكاد الأشياء تتدفق من الداخل إلى الخارج:

مفرقعات سحرية تطلق شرارات تتشكل في الهواء على هيئة قلوب، تنفجر ثم تختفي بصوت “بوم!” ممتع.

أقراص الحمى مرتبة في صناديق شفافة، مع لافتة تقول: "تحب الهروب من الامتحانات؟ جرب واحدة، وودّع الصف!"

رف كامل خُصص لأشياء رومانسية، وعلى رأسها زجاجات جرعة الحب بألوان وردية وبنفسجية لامعة، تهمس إذا اقتربت منها: "هل تحبه؟ دعي السحر يتكلم !"

رف آخر مخصص تمامًا لـ الدراسة: كتب دراسية متحركة تقلب صفحاتها بنفسها، وملابس طلاب هوجورتس بأنواعها، من عباءات جريفندور إلى ربطات عنق هافلباف. كل شيء مرتب بشكل ساخر كأن المتجر يسخر من كونه "مفيدًا فجأة".

وفي منتصف كل هذا، كانت النوافذ تُعرض مشاهد سحرية متحركة:

ألعاب نارية تنفجر داخل الزجاج وتعيد نفسها من جديد، دون أن تترك أي أثر سوى إعجاب العيون.

عبوات دخانية ذاتية الانفجار تقفز فجأة، تُطلق سحابة ثم تختفي.

كائنات سحرية صغيرة – بعضها يشبه القنافذ المضيئة، وبعضها مثل ضفادع بأجنحة – تقفز وتصرخ وتغني ألحانًا عشوائية.

كل شيء كان يلمع، يتحرك، ينبض. كأن الواجهة نفسها دعوة لمهرجان لا ينتهي.

ثم وقعت عينا ألبرت على الباب الأمامي.

كان بابًا خشبيًا، لكن مطليًا بلون لامع يجمع بين الأحمر والذهبي بشكل يجعلك تتساءل إن كان يتغير حسب مزاج المتجر.

فوقه، كانت هناك تعويذة صغيرة مثبتة في السقف، تأخذ شكل جمجمة ضاحكة.

وما إن اقترب منه ألبرت خطوة، حتى أطلقت الجمجمة ضحكة هستيرية تتردد كأنها تضحك عليه شخصيًا.

ابتسم ألبرت، بل ابتسم ابتسامة عريضة جدًا، ورفع يده ليدفع الباب، ثم قال وهو يهز رأسه ساخرًا: "هؤلاء المجانين، ألم يقولوا إنهم سيكونون حريصين على إنفاق المال بدون إسراف؟!"

ما إن دلف ألبرت إلى الداخل حتى غمره عالم مختلف تمامًا عما كان يتوقعه.

كأن الأبواب لم تكن تؤدي إلى متجر... بل إلى مسرحٍ ساحر مصمم بإتقان، يجمع بين العبقرية، الجنون، والبهجة في كل زاوية.

كانت الردهة الأمامية فسيحة، مضاءة بأنوار دافئة تتراقص على الجدران المزينة بنقوش متحركة.

الأرضية من خشب داكن تلمع فوقها طيف ألوان متنقل، وكأن كل خطوة يخطوها الزائر تُكافأ بومضة من سحر. المدخل نفسه كان جميلاً بشكلٍ مدهش، مزينًا بأقواس ذهبية تلتف حوله بأشكال حلزونية تنبض بالحياة.

ومع أولى الخطوات، تفتح أمامه فضاءات المتجر الرحبة، التي امتدت باتساع غير متوقع، أشبه بمتاهة ساحرة مصممة بعناية.

كانت هناك أقسام متخصصة ومنظمة بشكل احترافي، تعكس تصميمًا ذكيًا لا يتوقعه المرء من توأمين اعتادا على الفوضى المنظمة:

في الركن الأيسر، وُجدت منطقة الأدوات الدفاعية ضد السحر الأسود، وهي مدهشة بالفعل:

عباءات مضادة للتعقب معلقة على مشاجب سحري تدور تلقائيًا، كل عباءة مكتوب عليها مزاياها بخط متوهج.

أقلام إنذار سحرية موضوعة في صناديق زجاجية، كل قلم منها يومض بضوء أحمر خافت عند الاقتراب، وكأنها تتنفس.

ولافتة تقول: "إن لم تستطع الهروب، على الأقل اجعلهم يعرفون أينك."

في الزاوية المقابلة، عرضت رفوف طويلة أخرى مواد المزاح، جرعات الحب، كتب غريبة بأغلفة ناطقة، وحتى قطع أثاث صغيرة تتحرك وتختبئ من الزبائن لخلق جو من الدعابة.

في الخلفية، موسيقى مرحة تنبعث من مكان غير مرئي، مزيج من الألحان السريعة والصرخات الساخرة، تُضفي طابعًا احتفاليًا دائمًا على المكان، وكأن المتجر لا يهدأ.

كان ألبرت مذهولًا، يدور بعينيه يمينًا ويسارًا، يمشي ببطء كأنه في حلم ، كل زاوية تروي حكاية، وكل منتج يهمس له سرًا.

وفجأة، ومن أحد الممرات، ظهر فريد وجورج ويزلي، وكأنهما خرجا من نكتة متحركة.

كان فريد يبتسم ابتسامة عريضة وهو يفتح ذراعيه ثم يجمع يديه نحو صدره بفخر كبير، وقال بصوت يقطر اعتزازًا:

" ما رأيك يا آلبرت؟! أليس المتجر رائعًا؟"

ضحك آلبرت بخفة، ولم يستطع أن يمنع نفسه من الشعور بالانبهار، فقال:

" نعم، نعم... المكان جميل حقًا، ويستحق الانتظار. أنا متحمس لبدء المشروع بالعمل."

جورج اقترب منه بابتسامة أكبر، ووضع يده على كتف آلبرت الأيمن بثقة وقال:

" جيد، هذا ما ننتظره نحن منك... أن تخبرنا متى سيكون الافتتاح ليبدأ عملنا. فكما تعلم، لقد تخرجنا من هوجورتس قبل شهرين، لذا نملك وقت فراغ كافٍ للبدء في العمل، أليس كذلك يا فريد؟!"

أسند فريد ظهره إلى جانب عمود طويل مطلي بنقوش فضية، وقال بهدوء وابتسامة مشاكسة:

" نعم، حتى إننا لم نخبر أي أحد بأننا نملك متجرًا مثل هذا... لذا أنا متحمس لأرى ردة فعل عائلتنا عندما تعرف بالأمر."

ألقى آلبرت نظرة على التوأمين، نظرة فيها شيء من التقدير، وشيء من الحذر أيضًا، ثم قال:

" سيكون أفضل توقيت للافتتاح عندما تبدأ سنة جديدة. وقتها سيكون شارع دياجون آلي مكتظًا. أما طريقة ترويج المتجر، فستكون على عاتقكما، أليس كذلك؟"

رفع فريد إصبعه الإبهام للأعلى بحماس، وقال ضاحكًا:

" لا عليك يا آلبرت، فأنت رئيسنا بعد كل شيء !!"

.

.

.

في المكان اخر ، كان دمبلدور و هاري يتابعان طريقهما صاعدين شارعًا منحدرا ضيقا تحيط به المنازل وإن كانت كل نوافذها مغلقة، وكانت هناك نفس البرودة الغريبة التي سادت شارع بريفت درايف خلال الأسبوعين الماضيين؛ مما ذكر الامر هاري بدمينتورات ، فنظر من فوق كتفه وأمسك عصاه ليتأكد أنها موجودة في جيبه..

وقال: " يا أستاذ، لماذا لا يمكننا الانتقال آنيا مباشرة إلى منزل صديقك القديم؟ ".

قال دمبلدور: " لأنه سيكون تصرفًا فظا إلى حد كبير، كأنك ضربت باب المنزل بقدمك ودخلت بدون استئذان. فمن اللياقة والأدب أن نعطي زملاءنا السحرة فرصة رفض دخولنا. وعلى أية حال، معظم منازل السحرة محمية بتعاويذ سحرية لمنع دخول الأشخاص غير المرغوب فيهم ، كما في هوجوورتس على سبيل المثال".

قال هاري بسرعة: " لا يمكن الانتقال آنيًا إلى أي مكان داخل المباني أو الأراضى المحيطة بها، هرميون جرانجر أخبرتنا بهذا " .

قال دمبلدور " هي على حق تماما، هيا انعطف إلى اليسار ثانية " .

دقت ساعة الكنيسة وراءهم معلنة انتصاف الليل. تساءل هاري لماذا لا يعتبر دمبلدور زيارة زميله في هذا الوقت من الليل خارجة عن أصول اللياقة؟ ولكن الآن وقد أصبح هناك حوار بينهما، كانت هناك أسئلة أكثر إلحاحا يريد معرفة إجاباتها.

قال هاري " لقد قرأت في المتنبئ اليومي أن فودج أقيل من منصبه ".

قال دمبلدور وهو ينعطف صاعدًا إلى شارع جانبي منحدر: " هذا صحيح، لقد تم استبدال روفوس سكريمجور الذي كان رئيسا لمكتب المدافعين ضد السحر الأسود به.. أنت بالتأكيد قد عرفت ذلك أيضا "

سأل هاري " هل هو... هل تعتقد أنه مناسب للوظيفة؟ "

قال دمبلدور " سؤال مثير للاهتمام، إنه كفء بالتأكيد، وله شخصية قوية وحازمة أكثر من كورنيليوس "

هاري " نعم، ولكنني أقصد... "

دمبلدور " أعرف ما الذي تقصده، إن روفوس رجل أفعال، وكونه قضى معظم حياته الوظيفية يحارب السحرة الأشرار لن يجعله يستهين بقوة لورد فولدمورت ".

انتظر هاري أن يقول دمبلدور شيئًا عن الخلاف بينه وبين سكريمجور الذي ذكرته جريدة المتنبئ اليومي، إلا أنه لم يفعل، ولم يجد لديه الجرأة لكى يتابع الموضوع فقام بتغييره.

هاري: " سيدي، لقد قرأت عما حدث لمدام بينس "

قال دمبلدور بهدوء: " نعم، خسارة فظيعة، لقد كانت ساحرة عظيمة "

هاري " أستاذ، ما الذي حدث لـ...؟ "

قال دمبلدور " ليس لدي وقت كاف لأشرح لك الأمر؛ فهي قصة مثيرة أريد أن أحكيها بالتفصيل"

وابتسم لهاري الذي فهم أنه لم يزجره، وأن لديه الإذن ليستمر في السؤال.

هاري " سيدي ، أحضرت إلي بومة من وزارة السحر كتيبا عن الإجراءات الأمنية التي يجب علينا اتباعها ضد اكلي الموت "

قال دمبلدور وهو لا يزال يبتسم: " لقد وصلني واحد أيضا، هل وجدته مفيدا ؟!" .

هاري " حقيقة، لا ".

دمبلدور " توقعت هذا، إنك لم تسألني على سبيل المثال، أي نوع من مربى الفاكهة أفضله لتتأكد إن كنت بالفعل الأستاذ دمبلدور أم مجرد مدع ".

قال هاري " لا لم أفعل..." .. ولم يكن هاري متأكدا تماما إن كان دمبلدور يقصد لومه على ذلك أم لا.

دمبلدور " إنه التوت الأحمر إذا ما احتجت إلى معرفته في المستقبل یا هاري، رغم أنه بالطبع لو أنني كنت من اكلي الموت لكنت قد بحثت وعرفت نكهة المربى المفضلة بالنسبة لي، قبل أن أنتحل شخصيتي ".

قال هاري " هذا صحيح، حسنًا، ذكروا في الكتاب شيئًا عن الأنفيري ما هم بالضبط؟ لم يكن الكتيب واضحا. "

قال دمبلدور بهدوء: " إنهم الجثث، أو الأجسام الميتة التي تم سحرها؛ لتنفذ أوامر سحرة الظلام. لم ير أحد أي أنفيري منذ وقت طويل، وذلك عندما كان فولدمورت قويًا آخر مرة.. فقد قام بقتل عدد كاف من الناس ليصنع جيشًا منهم بالطبع. هذا هو المكان يا هاري هنا بالضبط "

كانوا بالقرب من منزل حجرى صغير وجميل له حديقة، وكان هاري مشغولاً جدًا بمحاولة استيعاب فكرة الأنفيري الفظيعة حتى إنه لم يبد اهتماما بأي شيء آخر، ولكن ما إن وصلوا إلى البوابة الأمامية حتى وقف دمبلدور أمامها فجأة فاصطدم هاري به.

دمبلدور: " ما هذا؟ ما الذي حدث هنا؟ "

نظر هاري إلى أعلى الممر الأمامي المعتنى به، فشعر أن قلبه هبط، كان الباب الأمامى مخلوعا من مفصلاته.

ألقى دمبلدور نظرة أعلى وأسفل الشارع الذي كان يبدو مهجورا تماما وقال بهدوء: " أشهر عصاك واتبعني يا هاري "

يتبع ...

2025/07/27 · 18 مشاهدة · 1596 كلمة
نادي الروايات - 2025