في إحدى الغابات الجبلية كان ذئب مستلقيا وحيدا بأحد الجروف و ينضر بتعبيرات فارغة إلى الغابة أسفل الجرف.

من الوهلة الأولى سيبدوا كأنه ذئب عادي كبقية الذئاب، فرو أسود قاتم و يملك حجم ذئب أكبر من المتوسط بقليل الشيئ الوحيد الذي يميزه هو لون عيونه الحمراء كالدم.

{جيرو، إنهظ حان وقت الصيد}

إقترب ذئب آخر من ذو العيون الحمراء ضاهريا كل ما فعله ذلك الذئب هو النباح لكن ما سمعه ذو العيون الحمراء مختلف "لقد سمع كلاما بشريا"

نضر ذو العيون الحمراء إلى الذئب الذي أتى قبل لحضات، عكسه هو كان ذئبا عاديا كليا و يشبه بقية الذئاب بالقطيع لكنه تعرف عليه غريزيا بالرائحة و عرف من هو بالحال.

{حسنا! أنا قادم يا كالا}

لقد كان نفس الذئب و نفس الكلام اللذان رآهما و سمعهما قبل خمس سنوات بعد أن مات كإنسان و ولد من جديد كذئب.

لم يعرف بالضبط كيف مات أو ما كان يفعله قبل موته.

لاكنه إستيقظ يوما ما ليفتح عينيه و يجد نفسه بداخل كهف.

{جيرو، إنهظ حان وقت الصيد}

أول ما وقعت عينيه عليه بعد فتحهما كان ثلاث ذئاب واقفة أمامه، حاول النهوظ غريزيا و الهرب لاكن وقع شيء لم يتمكن من فهمه.

بدل أن ينهض على قدميه و يبدأ في الجري هاربا لم يستطع سوى أن يقف على أربعة؟!

عندها حاول مجددا أن ينهض على قدميه لاكنه لم يستطع و هذا ليس كل شيء، الشعور من جسده كان مختلفا بشكل جدري من شعوره عندما كان بشريا أحس بشيئ دافئ يغطي جسده كله و شيئ يهتز بأسف ظهره و حواسه كانت أكثر حدة كما تغير مدى زاوية نضره و العديد من الروائح القوية و الخافتة دغدغة أنفه، و عندما طحن بأسنانه شعر أنها أكثر حدة.

{هل أنت بخير جيرو؟ لماذا تتصرف و كأنك فزع؟}

عندما نضر للذئب اللذي أمامه فهم الوضع نوعا ما، لقد كان الكهف المتواجد به مليئا بذئاب مستلقية بالأرجاء مما يعني أنه في وكر ذئاب.

و بما أن الذئاب أمامه لم تنقض عليه حتى الآن فهاد يعني شيئ واحدا!

'إنهم يعتربونني منهم! لقد أصبحت ذئبا؟!'

لم يستطع الرجل أو من المفروض أن أقول الذئب أن يخفي إرتباكه حيث إندفعت العديد من الأسئلة برأسه.

'كيف أصبحت ذئبا؟ هل صاحب هذا الجسد يدعى جيرو؟ مهلا لحظة ماذا كان إسمي مجددا؟ لما لا يمكنني تذكر إسمي؟ لا مهلا كيف يمكنني فهم كلام ذئب أصلا؟'

حدق كالا إلى صديقه جيرو بإستغراب قبل أن يستدير رفقة الذئبية الآخرين {يبدو أنك لست بخير. إذا شعرت بتحسن فإتبعنا لنذهب و نصطاد شيئا}

بعد تركه لهته الكلمات خلفه إتجه و رفيقيه للخارج.

ترك جيرو في حالته المصدومة بينما يأخد بضع نضرات يمينا و يسارا.

بدأ أولا يحاول تذكر ما كان آخر شيئ فعله لاكنه لم يتذكر شيئ. أو بتعبير أدق كانت ذاكرته مشوشة كما لو أنه أفاق من غيبوبة دامت لسنوات لذلك لم يستطع تذكر الكثير حتى إسمه لم يتذكره.

'يجب أن أخرج من هنا أولا'

البقاء واقفا و حسب لن يفيده بشيئ لذلك قرر البحث عن جواب أو خيط يقوده له.

رغم ذلك سؤال ذئب عشوائي ليس خيارا لذلك قرر إتباع أحد قد يكون له معرفة مسبقة بصاحب الجسد اللذي هو به الآن.

حينها تذكر الذئب الذي كلمه قبل قليل، و كان يوجد أثر لرائحة في الجو رائحة كانت مختلطة بين الروائح التي شمها سابقا و قد تمكن من التعرف عليها غريزيا.

'هته الرائحة تخص ذلك الذئب.'

تقدم الرجل الذئب بخطوات ثابتة خارج الكهف بينما يتتبع الرائحة إلى أن خرج من الكهف.

إندهش لوهلة حيث رأى أمامه العديد من التلال تكسوها الأشجار و الشجيرات كما أمكنه رأيت قمم جبال في الأفق.

لكنه لم يملك وقت للإندهال و إندفع إلى مصدر الرائحة، في البداية بدى كأنه يمشي بسرعة و بعد لحظات أصبح يجري بسرعة كأي ذئب آخر لا كان أسرع من الذئاب العادية.

في العادة شخص معتاد على إستخدام إثنين لن يستطيع فجأة المشي على أربعة بشكل جيد فما بالك بالجري!

لكنه إستطاع فعلها ببساطة فقط جرى و جرى تماما مثل كيف أنه فهم كلام الذئب سابقا بدى كما لو أنه ولد و عاش كذئب.

بعد الجري أثناء إتباع الرائحة لدقائق أصبح يشم العديد من الروائح المختلطة لم تكن فقط للذئاب الثلاثة كما إعتقد بل كانت لعدد أكبر بكثير.

{جيرو! هل أتيت؟}

خرج كالا من بين الشجيرات و تحدث لجيرو.

{أجل نوعا ما. لماذا توقفتم هنا؟}

{كما يمكنك أن ترى لقد وجدنا ما نبحث عنه}

إستدار كالا للجهة التي خرج منها بينما يتحدث. فهم جيرو ما كان يتحدث عنه مباشرة.

'الروائح التي شممتها قبل قليل كانت لقطيع من الحيوانات!'

تقدم كالا أولا و تبعه جيرو و إستمر الإثنين بالتوغل بين الشجيرات ببطئ حتى وصلا لموقع الذئبين الآخرين.

{هل نبدأ يا كالا؟}

{أجل}

سأله أحد الذئبين و أومئ كالا بالتأكيد بينما جيرو كان يفكر بشيئ آخر

'إذن إسمه كالا! مهلا ماذا سيبدؤون؟'

{حسنا كالمعتاد لنبدأ}

قبل أن يفهم جيرو الوضع كانت الذئاب الثلاث قد إندفعت بالفعل تاركينه خلفهم.

***عواء***

قطيع الغزلان الذي كان متجمعا بمساحة خضراء مفتوحة قريبة سمع عواء الذئاب فجأة و ذب فيهم الرعب.

الغزلان الخائفة تفرقت لمجموعات و بدأت في الهرب بإتجاهات مختلفة و من بين تلك المجموعات كان يقبع هدف الذئاب "5 غزلان فتية" إنها فريسة ممتازة للذئاب عندما يكون عددهم قليلا.

إندفعت الذئاب مستهدفة المجموعة التي كانت بها الغزلان الفتية.

تحركت الذئاب الثلاثة بشكل منسق و متناغم حيث أحاطوا بالمجموعة من الجانبين و الخلف.

لكن لم يكن هذا هدفهم بل إستمر الذئبين بالجانب بالإنقظاض على الغزلان لتشتيتها بينما يتركان بعضها يهربون من الحصار عمدا.

هذفهم كان بسيطا تقليل عدد الغزلان بالمجموعة بقدر الإمكان دون ترك الغزلان الفتية تهرب.

جيرو الذي لم يعرف ما يفعله كان بالفعل قد لحق بهم و يركض خلف كالا الذي يغطي المنطقة الخلفية.

لكنه إرتكب خطأً في لحضة هروب إحدى الغزلان من الحصار ظن أن عليه إتباعها و فعل ذلك.

نظر كالا إلى جيرو و هو يطارد الغزال مستغربا 'لماذا قام بكسر التشكيلة؟ ألا يعرف أنه لا فائدة من إتباعه بمفرده؟'

سرعان ما إستدار كالا مجددا و واصل الإلتزام بالخطة فحتى لو تدخل لمساعدة جيرو فلن يفيد بشيئ.

لكن كما ظن كالا كان جيرو يعاني في إتباع الغزال. في الطبيعة سرعة الغزال أعلى من سرعة الذئب و فوق هذا الغزلان تملك حوافر تسمح لها بالعدو بالتضاريس الوعرة أسهل من أقدام الذئب.

لذا المسافة بينهما كانت تتوسع تدريجيا

'إن إستمر الأمر هكذا لن أستطيع إمساكه'

أدرك جيرو الأمر بسرعة و قرر تغيير طريقة اللحاق به، كانا حاليا يركضان بخط مستقيم في منخفظ مليئ بالأشجار.

'أولا علي ضمان أنه لن يهرب'

لحسن حضه أن الغزال يبطأ من سرعته في كل مرة يستدير فيها ليتأكد إن كان الذئب لا زال خلفه، لولا ذلك لكان اللحاق به ميؤوسا منه منذ البداية.

تحرك جيرو بشكل مائل صعودا للجانب العلوي من الغابة المنخفضة.

رغم أن ذلك سيجعل المسافة بينهم تتسع أكثر إلا أنها خطوة ضرورية لمنع الغزال من إتخاد مسار نحو أعلى الغابة، لأنه و بكل بساطة لن يستطيع اللحاق بالغزال إذا تحول الوضع لمنافسة تسلق.

الغزال لاحظ الذئب الذي بدأ يقترب منه من الأعلى من جهة اليمين و بدأ يغير إتجاهه و ينزل لأسفل الغابة.

'أمسكتك'

إبتسم جيرو بداخله عندما رأى الغزال يتحرك وفق ما توقع.

'إنها مقامرة لكن لنجرب ذلك'

لم يكن جيرو متأكدا من مدى قوة جسده الجديد لكنه تأكد من شيئ عندما تمكن من اللحاق بالثلاث ذئاب و مجموعة الغزلان في الحال رغم أنه تفاعل بشكل متأخرا.

'هذا الجسد ليس بذئب عادي'

لكن لا يزال مجرد إفتراض و كان عليه التحقق منه لذلك هذه كانت و بوضوح "مقامرة"

في لحظة تغيير الغزال لطريقه قام جيرو بالمثل لكنه لم يجري فقط ببساطة.

إتجه أولا لإحدى الصخور البارزة من الأرض و قفز من فوقها نحو جدع شجرة و ضرب جدع الشجرة قافزا مجددا حتى سقط فوق غصن الشجرة التالية و إستمر بالقفز من غصن لآخر بهته الطريقة بينما يحافض على زخمه.

قد تبدو حركة مستحيلة تنفيدها حتى لو كان ذئبا غير عادية لكن طبيعة الغابة المنخفضة قد ساهمة بالأمر فبدل القفز للأعلى كان عليه القفز للأسفل بعبارة أخرى من شجرة عالية لأخرى منحدرة.

بسبب أن جسده كان يتفاعل معه كما لو أنه يخصه من البداية فقد إستطاع مواصلة القفز دون مشكلة.

بالنسبة للغزال كان بالفعل قد إبتعد لدرجة أنه لم يعد يشعر بوجود الذئب خلفه إستدار للتأكد من ذلك و في اللحظة التي إستدار فيها--

*جرررررر*

رأى الغزال زوجا من العيون الحمراء الدموية أمام وجهه مباشرة.

إستخدم جيرو أسنانه الحادة و عض رقبة الغزال.

بسبب زخمهما و تعثر الغزال بدأ الإثنان بالتدحرج نزولا للأسفل.

لم يترك جيرو رقبة الغزال بل واصل تقوية قبضته و غرس أسنانه أعمق إلى أن توقفا في النهاية عن السقوط.

كان الغزال ميتا بالفعل و لم يعد يقوم بأي حركة، أرخى جيرو فكيه أخيرا و في تلك اللحظة تدوق طعم الدماء لأول مرة في حياته.

'هل هته حقا دماء؟!'

لو شرب أحدهم دما فجأة لبدأ التقيأ طبيعيا، لكن جيرو أحس أن مضاقها مثل وجبة فاخرة في اليوم الذي تحصل فيه على راتبك بعد شهر من العمل الشاق.

لم يتمكن جيرو من إيقاف غرائزه و مد فكيه نحو الجثة لأخد قضمة.

*تمزيق*

كان مترددا في البداية لكنه بسرعة تغيرة طريقة أكله و أصبحت أكثر ملائمة لوحش بري.

{جيرو أخيرا .... ماذا؟!}

في تلك اللحظة إقترب منه كالا.

كان متفاجئا بعد رأيته أن جيرو قد تمكن فعلا من إصطياد غزال بالغ و بمفرده؟

بعد نجاحهم في الصيد و الإمساك بإثنين من الغزلان الفتية كان على كالا الذهاب للقطيع لجلب المساعدة لحمل الجثث إلى الكهف لكنه قرر إتباع أثر جيرو أولا لأنه كان يتصرف بغرابة و فوق هذا قام بكسر تشكيلة الصيد.

{هااا أعلم أنك منتشي من الطعم اللذيذ لكن أترك القليل من أجل الصغار و القطيع}

تنهد كالا برفق و تحدث و في تلك اللحضة توقف جيرو عن الأكل ليس بسبب كلمات كالا بل بسبب الصوت اللذي دوى بدماغه و الكلمات التي ضهرت أمامه.

《لقد حصلت على أول صيد لك》

《لقد تجاوزة عتبة الصفر》

《إرتفع مستواك من 0 إلى 1》

نضر جيرو بعيون فارغة للكلمات التي ضهرة أمامه و أحس كأنه ينضر إلى جدار عال، جدار عليه تسلقه شيئا فشيئا إلى أن يتجاوزه.

---------------------------------------------

حسنا. هذا الفصل الأول و قد يبدوا كوثائقي يتحدث عن الذئاب لكن القصة ستتقدم أكثر من هذا و العالم الذي ستجري به سيتوسع تدريجيا.

هته ثاني رواية أؤلفها بعد to change my life لكن الأولى قمت بكتابتها كمزحة أنا و أحد أصدقائي أثناء حصة بالمدرسة لذلك تخليت عنها (ربما أعود لها يوما من يعلم)

المهم بالنسبة لهته الرواية فقد فكرة بالقصة بتمعن من البداية للنهاية كل ما تبقى هو كتابتها لذلك لن أتخلى عنها حتى لو توقفت عن الكتابة لأيام أو أسابيع بسبب الضروف فسوف أرجع لها إلى أن أكملها إن شاء الله.

لذلك لمن يخشى قرائة شيئ قد لا ينتهي يوما أنصحكم بإنتضار أن أنزل عددا معتبرا من الفصول قبل أن تبدؤوا القرائة.

Khalid123

2018/09/23 · 3,943 مشاهدة · 1695 كلمة
Khalid123
نادي الروايات - 2024