مر الأسبوعان في لمح البصر.

طوال تلك المدة ظل جيرو يتأمل، و يدرب و الهالة و يتعلم إستخدام الأسلحة بالاستناد على بعض الذكريات التي حصل عليها من المغامرين.

و أيضا تدرب على إستخدام السحر من خلال قرائة المدخل الأول من 'أساس السحر' و الذي كان يحتوي على بعض سحر العناصر البسيط، بالإضافة إلى السحر المتنوع الآخر كسحر الفضاء و التخزين و الإنتقال الآني و التخاطر و غيرها حتى الشعودة كانت ضمنها.

و مع ذلك، حتى و لو كان يحتاج لوقت طويل لدراسة كل واحدة على حدة إلا أنها تظل مجرد معرفة سطحية.

فهي لا تقارن مع معرفة السحرة الذين كرسوا كل عمرهم في دراسة سحر واحد فقط، و وصلوا به لدرجات لا يمكن لغيرهم فهمها.

لذا لمدة أسبوعين ركز جيرو على إتقان إنشاء التعويذات.

التعويذة هي شكل من أشكال الأدوات السحرية.

و مع ذلك يوجد إختلاف جوهري بينهما.

الأدوات السحرية العادية تعتمد وظيفتها على الطريقة و المواد التي صنعت بها، كما أنه يمكن إستخدامها مرارا و تكرارا ما دام المستخدم يزودها بالمانا.

لكن من جهة أخرى التعويذة تنشأ عن طريق ختم السحر في مادة ذات توافق عال مع الطاقة السحرية، و كلما كان التوافق عاليا كلما كانت التعويدة أفضل. لذلك فإن وظيفة التعويذة تعتمد على نوع السحر الذي ختم بها.

بالإضافة، بما أنها تمتلك طاقة سحرية محدودة فإن عدد مرات إستخدامها محدود هو الآخر و يعتمد على مقدار المانا التي ختمة بها.

بالنسبة للمادة المستخدمة في إنشاء التعويذة فهي غير مهمة، و يمكن أن تكون عضاما أو نباتا أو معدنا أو أي شيء آخر المهم أن يكون لديه توافق عال مع السحر.

لحسن الحظ جيرو وجد العديد من 'كرة التعويذة' سابقا، و هي أداة مخصصة لإنشاء التعاويذ.

حسب ما أخبره كلايم فإن التعويذة أصبحت من مخلفات الماضي و قل ما يتم الإهتمام بصناعتها الآن.

و مع ذلك لا يزال هناك العديد من التعاويذ الجاهزة التي يتم إيجادها في الدانجون، و لكن الأشخاص يترددون في إستخدامها لأن عدد مرات إستخدامها محدود. ما جعلها مثل قطع أثرية يحتفظ بها في المتاحف.

ضحك جيرو من جهل صاحب الدانجون الذي ترك صندوق مليئا بهته الأداة القيمة وسط مجموعة من النفايات ظنا منه أنها بلا قيمة.

غباء الآخرين تسبب بموقف جيد له حيث حصل على وسيلة لهزيمة السايكلوبس.

المشكلة هي أنه إحتاج لإتقان إنشاء التعويذة أولا.

و لم يكن ليستطيع ذلك لولا كتاب 'أساس السحر' الذي يحتوي على عدة معلومات تخص التعاويذ من طريقة إنشائها إلى المواد ذات التوافق السحري العالي.

و حتى مع ذلك لم يكن الأمر سهلا، حاول مرارا و تكرارا لكنه فشل.

كان عليه أولا تعلم كيف يختم المانا دون أن يضيع أيا منها، ثم كان عليه الحفاظ على المانا و ألا يسمح لها بأن تتحرر لوحدها بعد أن يتم ختمها.

إحتاج لمدة طويلة لإنجاز ذلك.

بضع ثواني، دقائق، ساعات، يوم، في كل مرة يعيد الكرة كان وقت حفاضه على التعويذة يرتفع حتى تمكن من صنع تعويذة تدوم لثلاث أيام.

صنع تعويذة تدوم لثلاث أيام دون أن تنفجر من تلقاء نفسها. كانت هذه نتيجة جيدة رغم أنها لا تزال بعيدة كليا عن صنع تعويذة تدوم لمئات أو آلاف السنين.

لكن مستواه الآن كاف لتنفيد خطته.

"هل حقا ستفعلها؟"

"أجل."

"أنت مدرك لأنها خطة متهورت، صحيح؟"

"فقط أصمت كل ما تريده هو قلب السايكلوبس أليس كذلك؟"

"أجل لكن ماذا لو--"

"توقف عن تشائمك هذا. بالإضافة، حتى لو سائت الأمور كل ما عليك فعله هو التدخل و قتله بعد أن أقوم بإضعافه."

"كم مرة تنوي جعلي أكرر كلامي. سحري ليس قويا في الهجوم و لن أستطيع هزيمة السايكلوبس به. في المقام الأول لو إستطعت ذلك لما طلبت مساعدة أحمق مثلك."

"توقف عن الأنين إذا و دعني أفعل ما علي. إن كنت قلقا لهذا الحد دعني ألتهمك ربما أحصل على مهارة تجعل قتله أسهل."

"و كيف لهذا أن ينفعني... حسنا لا يهم. مجادلتك لا فائدة منها على أي حال، إذهب و مت إن أردت فقط أحضر لي القلب."

من بين الأشجار كان كل من جيرو و كلايم يتجادلان.

بإحدى الغابات بجانب الجبل كانت تلك أقرب منطقة لهم حيث يتواجد بها سايكلوبس.

أمامهم مباشرة يوجد كهف.

رغم أنهم يتواجدون في غابة كثيفة إلا أن أمام الكهف توجد مساحة نصف دائرية تصل ل100 متر دون أي شجر أو نبات فوقها.

وجود بقعة جرداء وسط غابة كثيفة كان منضرا غريبا.

لاكن جيرو و كلايم لم يتفاجئا لأنهما يدركان مسبقا أن هذا بسبب كونها منطقة سايكلوبس.

بينما كلايم يغطي كلاهما بنفس السحر الذي إستخدمه لمراقبة جيرو سابقا، كان جيرو يراقب المشهد أمامه للتحقق من وجود أي ثغرات بخطته و إن كانت ستنجح أم لا.

ما مجموعه 24 وحشا كانوا فوق المساحة الجرداء الموجودة أمامهم.

مخلوقات تشبه الغوبلن في الشكل مع إختلاف في الحجم. مع بنية جسدية ضخمة و طول يصل ما بين 2,5 متر و 3 متر.

و أيضا بدل اللون الأخضر كان لونهم أزرق مخضر.

هذه المخلوقات تدعى بالترول، و مع قدرتها الفورية على التجدد و قوتها الساحقة فإنها تعتبر وحشا قويا.

سيكونون إزعاجا كبيرا إن تدخلوا في قتاله للسايكلوبس.

لكن النجم الرئيسي في هذا الحشد هو الوحش الذي خرج توا من داخل الكهف.

شكله كان تماما مثل بشري ضخم بطول 4 أمتار مع أكتاف عريضة و عضلات بارزة.

بدى كأنه قادر على تحطيم الصخور بقبضته العارية و حسب، لا بل هو قادر على ذلك فعلا.

السايكلوبس، مع عين واحدة بوجهه و قرن بطول إصبعين فوقها، نظر للترول أمامه لحظة خروجه.

إنحنى جميع الطرول ال23 بخفة.

كان واضحا أنه سيدهم.

الوقت الآن لازال مبكرا و لم يمضي سوى القليل على إرتفاع الشمس في السماء.

لذلك جميع أتباعه كانوا أمامه الآن.

تقدم السايكلوبس للأمام بينما تحرك الترول جانبا لإفساح الطريق.

'إذن ذلك هو السايكلوبس!'

بإستثناء الذكرى التي حصل عليها من أحد المغامرين و التي تدور حول السايكلوبس فإن جيرو لم يسبق له أن رأى أحدهم شخصيا.

لذلك إندهش قليلا عندما رآه.

كان بإمكانه الإحساس بمدى قوته فقط من خلال النضر له!

كان هذا هو السايكلوبس. الوحش السحري الذي يولد بمانا قوية و قدرة فطرية على التلاعب بالأرض بحرية.

بالإضافة، حتى لو لم تكن تقارن مع قدرة الشفاء الطبيعية للترول إلا أنه أيضا يملك قدرة سريعة على الشفاء. كما أنه يستطيع تسريع شفائه بالسحر و تجاوز سرعة شفاء الترول بسهولة.

كان حرفيا قادرا على شفاء الجرح في نفس اللحضة التي يصاب به!

'و مع ذلك هناك حد.'

ضربة قاتلة! إن أصيب السايكلوبس بضربة قاتلة لن يستطيع شفائها لأنه سيكون ميتا بالفعل.

و مع ذلك لم تكن مهمة سهلة لذلك إحتاج إلى خطة.

إستمر جيرو بالمراقبة دون أن يشيح بنضره و لو لثانية.

فقط يراقب بينما يتخيل أسوء المواقف الممكنة و يقارنها مع خطته.

'يمكنني النجاح!'

لم يشك في نجاحه و لو للحضة لكنه لم يسمح لنفسه بالتراخي.

بينما كان لا يزال يراقب.

تحرك السايكلوبس نحو أحد الترول في الجانب.

بدأت الرمال تطير في الهواء و شكلت رمحا صخريا بينما يقترب من الترول.

إرتعد جسد الترول لا إراديا ثم--

*ووووووووووووش*

طار الرمح من جوار رأسه و إستمر في زخمه إلى أن وصل للغابة من على بعد.

"...أه."

حاول جيرو كتم صرخته.

إخترق الرمح شجرة أمامه و إنغرس مباشرة في الشجرة خلفه.

لو لم يتحرك في آخر لحضة كان الرمح ليخترق رأسه.

هل هذه قدرة التلاعب بالأرض؟

'إنها قدرة مخيفة حقا!'فكر جيرو.

"لا فائدة من الإختباء أنا أعرف مسبقا بوجودكم."

بينما يقوي حباله الصوتية بالسحر تحدث السايكلوبس نحو مكان جيرو و كلايم.

"ألم تقل أننا مخفييون جيدا؟"

"أجل نحن كذلك، غالبا هو يملك قدرة كشف قوية."

سأل جيرو بغضب و أجابه كلايم بهدوء.

لم يكن أي منهما متوترا.

و خصوصا كلايم كان يبدو كما لو أن هذا الموقف قد تكرر معه من قبل!

"إذا هل نتراجع؟" سأل كلايم بهدوء.

"لا. لقد كشف أمرنا حتى و نحن متخفين و لو قدمنا غدا سوف يتكرر نفس الأمر. الهجوم المفاجئ لم يعد متاحا لذلك ليس لدي خيار سوى الإختراق من الأمام."

كانوا قد إتفقوا على كل شيء مسبقا لذلك لم يضف كلايم أي كلمة أخرى و إكتفى بالمشاهدة.

في تلك الأثناء كانت عشر رماح صخرية قد تشكلت حول السايكلوبس.

"إن لم تريدوا الخروج سوف أخرجكم."

*وووووووووووووش*

طارت جميع الرماح دفعت واحدة.

ظهر قوس ريا بيد جيرو و لمس وتره بثلاث أصابع.

تشكلت في الحال ثلاث أسهم من الضوء.

*وووووووش* *بوووووووم*

أطلق الأسهم أربع مرات أي ما مجموعه 12 سهما.

إنفجرت السهام لحظة ملامستها للرماح الصخرية بينما السهمان المتبقيان أصابا السايكلوبس مباشرة في صدره.

*بوووم* *بوووم*

لا تأثير!

ربما بسبب صلابته أو سرعة شفائه، لكن لم تترك حتى خدشا واحدا!

"أخرجا أيها المتطفلان."

بينما لا زال جيرو مندهشا تحدث السايكلوبس بقوة.

*خشخشة*

سرعان ما كشف جيرو عن نفسه.

لا زال خيار التراجع و الهجوم مجددا بالغد متاحا. لكن بسبب ما حصل الآن فإن السايكلوبي سيصبح أكثر حذرا لذا لا خيار أمامه سوى قتاله الآن.

كان جيرو مسلحا بعتاده. درع الكتف، قفاز التعزيز و خاتم الفضاء و أخيرا كان يعلق حقيبة تخزين بجانب خصره الأيمن.

إختفى القوس في يده و بدلا عنه ظهرت الفأس التي أخدها من المحارب سابقا.

قوس ريا يقوم بتجميع المانا في الجو لتقليل إستهلاك المانا الداخلية لدى المستخدم عند إستخدامه ل'سهام الضوء'.

و مع ذلك، تضل 'سهام الضوء' مهارة محضة. لذا تكرار إستخدامها سيؤدي في النهاية لإستنزاف قوة جيرو بشكل أسرع.

'سأقاتله بشكل مباشر.'

لو أراد الفوز فإنه لا مهرب من حدوث قتال مباشر.

نشط جيرو هالته و رفع الفأس إستعدادا للمعركة.

-----------------------------------

Khalid123

2018/11/13 · 2,407 مشاهدة · 1461 كلمة
Khalid123
نادي الروايات - 2024