بعد كل شيء لم ينتظر الكوبولد مهلة الأسبوعين حتى بدؤوا هجومهم.

حدث ذلك بالضبط في ليلة اليوم الثالث من إعلان جيرو للحرب.

حشد الكوبولد جيشا مكونا من 100 شخص.

و يقودهم صاحب الرقم 2 في موطنهم و هو مستخدم هالة بمستوى متمرس.

وفق ما قاله قائد حملت الهجوم الذي عاد لوحده حيا فإن العدو يتضمن ترول، كائن غريب يشبه البشر، وحش يشبه بني جنسهم لكنه ليس بكوبولد، و بعض الذئاب الغريبة.

لذا الهجوم المباشر دون معرفة المزيد عن عدوهم، الذي إستطاع مسح 30 كوبولد دون أي إصابات من جهتهم، سيكون مجرد إنتحار.

و هكذا إنتضر الجيش الرئيسي في المنطقة المقفرة بينما أرسلوا أولا قوة منفصلة لإستكشاف المقدمة.

10 كوبولد بمستوى مبتدإ هالة بارعون في التسلل.

إختاروا الهجوم الليلة لأن ضوء القمر ضعيف و فوق هذا الغيوم تغطي السماء لذا لا يوجد أي ضوء ينير الأرض.

و بإعتبار حاسة شمهم القوية كونهم أحد أفضل الأجناس الصيادة و أيضا الهالة التي تعزز حواسهم فهم يملكون أفضلية.

دخلوا للمدخل الشمالي للغابة حيث يوجد وكر العدو بكل ثقة، و تقدموا بخطوات بطيئة و ثابتة بينما يشقون طريقهم شيئا فشيئا.

ما لم يتوقعوه هو أن من يعبثون معه قادر على إخفاء رائحته.

'حمقى!'

ضحك جيرو على غباء الحمقى الذين دخلوا لمنطقته.

قد يكون الوقت ليلا لكنهم كانوا واضحين كوضوح الشمس أمامه بفضل رؤية الغوبلن الليلية.

خرج جيرو من مخبأه و تحرك من خلف الكوبولد.

ألقى جيرو بعض كرات التعاويذ خلفه و إستل سيفيه.

بأرجحت سيفيه بهجمة واحدة متناغمة بتر رأس الكوبولد بالخلف دون أن يسمح له بإصدار أي صوت.

'ستموتون جميعا هنا'

بعد المضي قليلا للأمام وصل الكوبولد لمركز الغابة حيث وجدوا مكان الوكر.

الغريب بالأمر هو وجود العديد من جثث فئران الجبل الضخمة تغطيها أوراق و أغصان الشجر أمام الجرف.

و أيضا بعد دخول أحد الكوبولد للكهوف داخل الجرف وجد العديد من الجثث.

و فوق هذا كانت الكهوف أيضا محشوة بالأغصان و أوراق الشجر.

"هذا غريب!"

شعر الكوبولد بوجود شيء غريب و أصبحوا حذرين.

حينها لاحضوا إختفاء أربعة منهم و أيضا إستطاعوا شم رائحة دماء طازجة التي لم يشموها مسبقا بسبب رائحة الجثث المتعفنة.

تجمع الستة المتبقون بمكان واحد و إستلوا سيوفهم لأجل القتال.

لكن لم يضهر أي شيء أمامهم بل حصل شيء مختلف.

فجأة بدأت النيران بالإشتعال في الجهة الجنوبية من الغابة و بعدها الجهة الغربية ثم الشمالية بدؤوا بالإحتراق أيضا.

كان ذلك من فعل التعاويذ التي جهزها جيرو مسبقا.

مدة تماسك التعويذة دون أن تتحرر من تلقاء نفسها يعتمد على مدى إستقرار المانا المختومة بها.

لذا جيرو عن قصد أنشأ تعاويذ غير مستقرة لتنفجر بعد دقائق من إنشائها.

بعدها ألقاها بمداخل الغابة جميعها بإستثناء الشرقي كي تتسبب بحريق.

بعد أن لاحظ الكوبولد إحتراق الغابة إتجهوا طبيعيا للجهة حيث لا توجد نيران، الشرق.

و بالضبط حيث كان جيرو ينتضرهم.

غرس جيرو سيفيه بالأرض و أشعل كرة نارية بيده.

بدى مضيعة ترك جثة فايرابول لتتعفن بالغابة لذا أكلها جيرو قبل عودته للوكر.

حتى النواة بما أنه قلب في الأصل لم تبدو فكرة أكله سيئة.

بعد فعله لذلك تلقى جيرو إشعارا يفيد بأن ميوله لعنصر النار أصبح أقوى قليلا.

لكن ما الفائدة إن كان ميوله قويا و كل ما يجيده حتى الآن هو إشعال النار.

لذا قرر جيرو تقليد هجمات فايرابول النارية السريعة، و بعد التفكير في كيفية فعل ذلك خرج أخيرا بطريقة.

كان ذلك شيئا لاحضه عندما كان يتدرب سابقا لإتقان المهارة 'الإشتعال'.

كلما قام بضغط النفس الناري لمساحة أصغر كلما أصبح الهجوم أسرع.

ضغط جيرو الكرة النارية بيده من حجم رأس إلى حجم قبضة ثم قدفها نحو الكوبولد في المقدمة.

تحركت الكرة بسرعة و إنفجرت في وجه الكوبولد مما تسبب بإنقلاب جسده ليسقط على ظهره لكن سرعان ما وقف مجددا، و أيضا الكوبولد الخمس الآخرون أحاطوا به.

'لا زالت ضعيفة!'

هجمات فايرابول كانت أضخم و أسرع و أقوى، على ما يبدو سيحتاج جيرو لوقت أطول لكي يصل لمستواه.

ترك جيرو التفكير بهذا لوقت آخر و أخرج كرة تعويذة أخرى من حقيبة التخزين.

بعد أن ضخ بها القليل من المانا ألقاها نحو يسار الكوبولد ثم سحب سيفيه من الأرض.

أطلقت الكرة ضوئا ضعيفا في السماء ما لفت إنتباه الكوبولد نحوها.

إستغل جيرو تلك اللحظة و باغتهم من الجهة الأخرى.

إستخدم هالته كما عزز جسده بالمانا و قضى عليهم واحدا تلو الآخر.

بعد أن قضى عليهم جميعا خرج جيرو من الغابة و أشعل النيران بالمدخل الشرقي أيضا.

▪▪▪▪▪▪

بعد المشي لمدة وصل جيرو لجرف يطل على الغابة التي لا زالت تحترق.

و جيش الكوبولد المكون من 100 فرد متوقفون بقربها.

"أنت حقا لا تمزح بشأن إسقاط مستوطنة الكوبولد."

الشخص الذي كان يراقب الوضع من الأعلى منذ البداية خرج لإستقبال جيرو.

كان نفس الغوبلن المحارب الذي عقد جيرو صفقة معه.

بمساعدة رايزر تمكن جيرو من الحصول على أكثر من 100 جثة فأر جبل قبل أن يهاجم الكوبولد.

حجم فئران الجبل الضخمة أكبر من الذئاب العادية و بعضها أصغر من الذئب العتيق بقليل.

لذا نشرهم جيرو بالوكر و وضع البعض بالكهوف و ملئ المكان بالأوراق و الأغصان لتحترق رفقة الغابة.

بعد أن تحترق جثثهم سيتبقى الرماد و العضام فقط، كما أن العضام ستكون مشوهة لذا لن يعرف الكوبولد الفرق بينها و بين عضام الذئاب التي يضنونها عدوهم.

حينها سيعتبرون عدوهم قد إحترق حتى الموت.

بالطبع سيفكرون أيضا أن الترول و جيرو قد تمكنوا من الفرار من الحريق بما أنهم لن يجدوا عضام مشابهة لهم.

لكن في نضرهم مجموعة صغيرة لن تسبب لهم أي مشاكل ما سيجعلهم يرخون دفاعاتهم.

لذا على جيرو أن ينتضر قليلا فقط ريتما ينهي الكوبولد البحث في الغابة المحترقة و يعود لها لإستعادة كرات التعاويذ التي ألقاها هناك.

"لازلت لا أصدق أنك تنبأت بهجومهم!" تحدث رايزر بينما ينضر للغابة الملتهبة.

"أنت مخطأ، لم أتوقع توقيت قدومهم كل ما في الأمر أنني توقعت مجيئهم و راقبتهم بينما أنتضر حصول ذلك. و أيضا كنت أخطط لإحراق الغابة بعد دخول الجيش لكن إضطررت لفعل ذلك قبلا لكي أقتل المتسللين بما أنهم رأو جثث الفئران."

"لا أفهمك حقا ... ما الهدف من إعلان الحرب عليهم و بعدها تتضاهر بالموت؟"

"إعلان الحرب كان لإستدراجهم و قياس أعدادهم، هم يريدون إنهاء الأمر مرة واحدة و للأبد بمعنى آخر ال100 جندي الذين تراهم الآن يمثلون معضم قوتهم أي أن عدد قواتهم الكلي سيكون أقل من 200 في أفضل الأحوال. بالنسبة للتضاهر بالموت سيجعلهم يرخون دفاعاتهم و يعاودون الصيد بشكل عادي، هنا يأتي دورنا سنقوم بصيدهم و هم متفرقون و لن يعرفوا من أين يأتي الهجوم."

"مهلا مهلا!" قاطع رايزر كلام جيرو "دورنا؟ إتفاقنا كان توفير جثث الفئران و قد أنجزته لذا الباقي يعتمد عليك."

"فكر بالأمر قليلا، إنهم في أضعف حالاتهم الآن و بمساعدتك سيكون سحقهم سهلا. أنا أضمن لك أنه لن يصيب أتباعك أي ضرر."

"المشكلة ليست هنا! أنا لا زلت لا أثق بك."

"هاه!" تفاجئ جيرو "ماذا تعني بأنك لا تثق بي ألم نتجاوز ذلك بالفعل؟"

"أضنك فهمت الأمر خطأ. قلت أنني أصدق كلامك و ليس أثق بك."

"كلامك غير منطقي كيف لك أن تصدقني و أنت لا تثق بي حتى!؟"

إستغرب جيرو كليا.

لقد سبق و أن بدؤوا بالعمل معا و الآن يقول أنه لا يثق به!؟

أجاب رايزر بسرعة على تسائله.

"قبل أن أصبح قائد هؤلاء كنت ضمن مجموعة ضخمة من الغوبلن المحاربين. العيش معهم كان مثل الجحيم، يقتل أحدهم الآخر لأجل سبب تافه بينما الآخرون لا يهتمون للأمر. تخيل العيش مع أشخاص يمكن أن يطعنوك في أي لحظة، حينها كنت لا أزال بمستوى المبتدء كان علي منافقتهم كما يفعلون هم أيضا فقط للعيش. و هكذا أصبحت أعرف فورا هل الشخص يكذب أم لا، يمكنك إعتبارها مثل مهارة إكتسبتها من العيش مع أولائك الحمقى."

"إذا أنت تقول أنني أكذب؟"

"نعم!" أومئ رايزر بخفة قبل أن يكمل "قلت أنك لست بكوبولد و إنما أنت مستذئب، لم يسبق لي أن سمعت عن هته الفصيلة و لا أضنها موجودة حتى و مع ذلك أنت لم تبدو لي و كأنك تكذب. لكنك كذبة بشأن شيئين آخرين."

أشار رايزر لجيش الكوبولد المتوقف أمام الغابة قبل أن يكمل.

"قلت أنك تريد مني أن أصطاد الفئران فقط حينها كنت تكذب، أنت من البداية أردت إدخالنا في الصراع و قد سبق أن أضهرت تلك الحقيقة. و مع ذلك المشكلة ليست هنا. المشكلة هي في كل مرة كنت تقول فيها أنك تريد قتل الكوبولد، أنت كنت تكذب."

تفاجئ جيرو عندما سمع آخر سطر، و سرعان ما ضهرت إبتسامة على وجهه.

"أضنني بدأت أصدق أنك تملك قدرة لكشف الكذب."

"كنت محقا إذا." مد رايزر يده للسيف خلف ضهره"أصبحت أيضا أغضب بسرعة بسبب عيشي مع أولائك الأوغاد إن لم ترد أن أنفجر غضبا هنا فأخبرني بما هي نيتك الحقيقية!"

لم يهتم جيرو لرد فعل رايزر العدائي و تحدث بهدوء.

"كما قلتَ تماما نيتي لم تكن قتلهم، إجتياح الوحوش الشيطانية قريب و لا يمكنني ضمان الفوز بعددنا الصغير. لذا خطتي و بكل بساطة هي إخضاعهم و قتل زعيمهم فقط."

لم يستشعر رايزر أي كدب في كلام جيرو لذا أطلق سيفه.

"إذا أخبرني بالخطة بالتفصيل الممل!"

سيحتاج لأخباره عاجلا أو آجلا على أي حال. لذا لم يتردد جيرو و بدأ بسرد خطته بالتفصيل و كيف ينوي فعلها و ما الذي يجعله متأكدا من قدرته على إخضاعهم.

في النهاية إقتنع رايزر و ترك جيرو يدرب أتباعه الذين عددهم أكثر من 80 بقليل.

سيتطلب الأمر بعض الوقت لتدريبهم على إستخدام الأسلحة.

قد لا يكونون أذكياء لكن الغوبلن يتعلمون بسرعة لذا سيستطيع تعليمهم في بضعة أيام.

و أيضا طلب جيرو من رايزر أن يعطي سيفا لكل أتباعه و جعلهم يحملوه طوال الوقت قبل أيام كان لهذه اللحضة. و بالضبط كان لأجل جعلهم يعتادون على الأسلحة.

و أيضا كما تنبأ جيرو بدأ الكوبولد بالصيد مجددا بشكل طبيعي.

حينها قام جيرو مع بعض القوبلن بإختطاف الكوبولد المتفرقين.

كان ذلك لتقليل أعداد خصومهم و في نفس الوقت لجعل الغوبلن يخوضون قتالا حقيقيا و ليس مجرد تدريب.

بالطبع كان جيرو يتدخل كي لا تقع أي مشكلة.

و هكذا أصاب عصفورين بحجر واحد.

و فوق هذا بعد أسر الكوبولد في الدانجون التحت أرضي، الذي كان يعيش فيه رايزر و أتباعه، كان يجعلهم يقاتلون ضد الغوبلن طوال الوقت.

و في اليوم السابع من مهلة الأسبوعين حدث شيء غير متوقع.

عندما إستيقضوا بالصباح 3 من الغوبلن كانوا قد أيقضوا هالتهم و أصبحوا أطول كما تغير شكلهم إلى شكل أقرب لمراهق بشري.

كانت تلك نتيجة غير متوقعة لكنها أثرت على نفسية بقية الغوبلن و جعلتهم يتدربون بجد أكبر.

إستمر جيرو في إختطاف الكوبولد من حين لآخر.

و أيضا إستمر التدريب بسلاسة و بدأ المزيد من الغوبلن في إيقاض الهالة.

و عندما تبقى أربع أيام على نهاية مهلة الأسبوعين أغلق الكوبولد على أنفسهم مجددا.

لكن جيرو لم يهتم لذلك فقد سبق له أن أمسك ب26 من الكوبولد و واصل إستخدامهم في التدريب.

و عندما تبقى يومين ترك جيرو رايزر ليهتم بالبقية و رحل عائدا إلى الوكر القديم حيث ينتضره كلايم و الآخرون.

-------------------------------------

Khalid123

2018/12/01 · 2,021 مشاهدة · 1692 كلمة
Khalid123
نادي الروايات - 2024