لمن لا يعرف الفرق

'..........................' تعني أنه يفكر في ذلك الكلام.

"........................." يتحدث بصوة مسموع.

أما الكلام ما بين {} فهو كلام غير بشري.

-------------------------------------------

بعد عودة كالا و بقية الذئاب بمن فيهم الذئبين اللذين كانا رفقة جيرو سابقا تم عقد الإجتماع.

رغم القول بأنه كان إجتماعا إلا أنه لم يكن بالشيئ المميز.

بداخل الكهف إجتمعت جميع الذئاب و بدؤوا الحديث عن الوضع، أو بالأحرى جيرو هو من كان يتحدث.

بعد روي ما رآه لهم و خصوصا ما يخص الساحر أصبح الجو خانقا.

لكن لا أحد جرأ على الإستخفاف بفكرة أنهم سيتعرضون للهجوم.

حتى أنهم لم يكلفوا أنفسهم بسؤاله كيف له أن يعرف بأن أولائك البشر يستهدفون قطيعهم.

ربما أنهم يثقون به أو أنهم لم يهتموا للأمر بما أنهم سيتحققون منه على أي حال، فإن كان هجوما حقيقيا سيكونون مستعدين له بالفعل. و لو كان كذبة؟ في الواقع سيكون الأمر أفضل لو كان كذبة حقا.

{إذن كيف سنتعامل معهم؟ خصوصا الساحر؟}

تحدث الزعيم أولا بعد إنهاء جيرو لشرحه.

{لدي خطة أريدكم أن تلتزموا بها.}

{هل تشمل الساحر حتى؟}

{أجل الساحر سيكون علي أنا، لذلك أريدكم أن تقوموا بالبقية كما أخبركم.}

بعد التعامل معهم و الإندماج بينهم لمدة 5 سنوات أدرك أنه سواءا من طريقة صيدهم أو الأحاديث التي كان يخوضها معهم فإن هته الذئاب ليست منخفضة الذكاء أو على الأقل ليسوا أغبياء كما ظن بالبداية.

بل كان جيرو متأكدا أنهم بذكاء طفل بشري على الأقل.

لذلك حتى لو صنع خطة معقدة قليلا سيكون بإمكانهم تنفيدها.

{همم لم أتوقع أن تضع خطة لمثل هته الحالة و بسرعة! في العادة كنا سنندفع للقتال بشكل مباشر.}تحدث الزعيم بهدوء قبل أن يكمل بصوت كله ترقب{دعنا نسمعها.}

فتح جيرو فمه بسرعة و بدأ الشرح مجددا.

{هل أنت متأكد من فعلك لهذا؟}

بعد إسماعه الخطة للذئاب التي توجد بالإجتماع ،و التي لم يتجاوز عددها العشرة ذئاب من بينهم جيرو و كالا، صرخ الزعيم.

تغيرة تعبيرات التسع الآخرين بينما ضل جيرو على حاله.

{أجل يا جيرو الزعيم على حق إنها مجازفة لا بل إنتحار، لابد من وجود حل أفضل.}

تحدث كالا إلى صديقه بقلق.

{أتفهم قلقكم...} نضر جيرو إلى الذئاب أمامه قبل أن يتحدث بعزم {لكن على أحدهم فعل ذلك و أنا الوحيد القادر على فعلها و أيضا ... أنا أيضا لدي شيء لحمايته هنا.}

تذكر سيرا و جرائهما و تعهد على أنه سيحميهم بحياته.

بعد بضعة ساعات فقط من رصدهم للهجوم تحركت الذئاب لأجل تقديم ردها.

▪▪▪▪▪▪

بوسط الغابة كان يوجد رجل بشعر أصفر ذهبي يبدو أنه بال 30 من عمره يرتدي ثوب بالأحمر و الأسود ذو كم قصير و سروالا أسود يصل لركبته.

كان الرجل قد أرسل مجموعة الصيادة الذين كانوا معه للبحث عن وكر الذئاب.

إسمه هو سيزار و هو ساحر تم إرساله لتوفير مجموعة من جثث الذئاب.

في البداية ظن أنه لن يحتاج للتدخل لصيد بضعة ذئاب فالصيادون وحدهم كافين لفعل ذلك.

إلى أن إلتقى بذئب ذو عيون حمراء دموية و تمكن من تجنب سحره الناري لمرتين و لوحده قتل أحد الصيادين دون أن يسمح له بإبداء أي مقاومة.

و بما أنه قد لا يكون الوحيد بتلك القوة بل ربما يكون القطيع بأكمله مشابها إضطر سيزار لأخد الأمر بجدية.

قد لا يكون سيزار بالساحر العضيم إلا أن مهاراته يعترف بها بين الأفضل خصوصا و أنه لا زال بهذا العمر.

لهذا هو أكثر من كاف لتولي أمر القطيع بأكمله حتى لو كانت جميع الذئاب به مميزة كذلك الذئب.

'تبا لو لم يأمرني الرئيس بعدم إحراق الجثث.'

تنهد سيزار داخله فقد كانت أوامره تقتصر على الإشراف على الصيادين و التدخل فقط في الحالات الخاصة بما أن الجثث المطلوبة يجب أن تكون بحالة سليمة.

ألا يعني هذا فقط أنني لن أفعل شيئا؟

"القائد سيزار ... لهاث لهاث"

إقترب صياد و هو يجري نحو سيزار و توقف لإستجماع أنفاسه.

"ما الأمر؟"

"الذئاب ... لقد هاجمونا على حين غرة و أحاطونا."

نضر سيزار ببرود للرجل الذي أمامه قبل أن يقترب منه قليلا و يتحدث "أليست مجرد ذئاب؟ إذن إقتلوها بسرعة قبل أن أقوم بإحراقكم معها."

إبتلع الصياد لعابه فقد كان حاضرا عندما تواجه جيرو ضد سيزار و رأى كيف لم يبدي سيزار أي إهتمام بعد أن أحرق صديقه لذلك كان مدركا أن هذا ليس بتهديد تافه.

"ح-حسنا سيدي"

ركض الرجل عائدا و كأنه يهرب بحياته.

"تبا لهؤلاء الحمقى ... ما كان علي قبول مهمة مملة كهذه."

▪▪▪▪▪▪

بمكان قريب مجموعة الصيادين الستة الذين أرسلهم سيزار للبحث كانوا يعانون الأمرين.

أحاطة بهم الذئاب من كل جهة بينما يتحركون من جهة لأخرى و يضيقون الخناق ببطئ.

لم يستطع الصيادة إستخدام سهامهم بل حتى لو فعلوا كانوا فقط يخطؤون الهدف.

"آااه! تبا لهذا لن أضل ساكنا هنا للأبد"

أحد الصيادين فقد هدوئه أخيرا و قام بسحب سيفه من خصره و التقدم للأمام تاركا رفاقه خلفه.

وصل في غمضة عين أمام ذئب و لوح بسيفه.

*جررررررر*

قبل أن يكمل هجومه قفز عليه ذئب آخر من الخلف و عض كتفه.

"أغغغغغه!!"

صرخ الرجل من الألم لاكن تلك لم تكن النهاية. الذئب الذي حاول قتله قبل قليل عض قدمه و أسقطه أرضا بينما عدة ذئاب أخرى قفزة فوقه و بدأت بغرس أسنانها و إقتلاع لحمه من مكانه بعدة مناطق من جسده.

"ذلك الأحمق لقد دهب و مات من تلقاء نفسه."

*عواااااء*

إرتفع عواء مجموعة الذئاب بالغابة بينما تستمر بتضييق الخناق على الصيادين اللذين تسللت القشعريرة إلى أجسامهم بالفعل.

▪▪▪▪▪▪

"لقد تأخروا! تشي عديموا الفائدة..."

نضر سيزار للإتجاه الذي ذهب الصيادة و بدأ باللعن قبل أن يرى شيئ جعله يصمت.

لقد كان الصياد الذي أرهبه قبل قليل و أعاده للقتال من جديد.

و لكن هته المرة لم يرجع بإرادته الخاصة بل كان هناك ذئب يجره من رقبته.

بالأحرى كان يجر جثته بعد أن إخترق عنقه بإستخدام أسنانه الحادة.

ترك الذئب عنق الجثة قبل أن ينضر بعيونه الحمراء الدموية للرجل صاحب الشعر الذهبي أمامه.

تعرف كلاهما على الآخر في لحضة.

كانت العيون الحمراء ذات النضرة الثابتة الشيئ الوحيد الذي أثار إهتمام سيزار في هته المهمة المملة.

بينما من جهة أخرى كانت الرائحة و الشعور بالخطر اللذان ينبعثان من ساحر النيران شيئا لن يستطيع جيرو نسيانه في مثل هته الفترة القصيرة حتى لو أراد ذلك.

لم يمضي على لقائهما الأول الذي كان بصباح اليوم سوى بضعة ساعات. إلا أن الوضع بدى مختلفا، الساحر الذي أصبح جاد و ألقى بالرداء الذي كان يعيقه و الذئب المحترق من الجهة اليمنى من وجهه تقابلوا مجددا.

نضر الإثنان لبعضهم قبل أن يتحركا في نفس اللحضة تقريبا.

إندفع الذئب بينما الساحر أطلق ثلاث كراة نارية تكفي كل واحدة منها لإحراق شخص حتى الموت.

تحرك جيرو يمينا و يسارا و تجنب الكراة قبل أن يلاقي سيلا من النيران يندفع نحوه كالمرة السابقة.

تجنبها بتغيير إتجاهه بسرعة نحو اليمين.

إستمر جيرو بالدوران حول سيزار و تقليل المسافة بينهم بينما يستخدم الأشجار حولهم كغطاء.

أوقف سيزار الهجوم و بدأ بمراقبة جيرو يركض حوله بهدوء.

'هناك!'

توقع المكان الذي سيتجه له و أطلق سيلا من النيران من بين أصابع يده اليمنى بقرب الشجرة التي كاد جيرو يتجاوزها.

لاكن عكس ما توقعه لم يضهر جيرو هناك.

ضرب جيرو بقدميه على الشجرة التي مر اللهب بقربها و قفز عدة أمتار طائرا نحو شجرة بالجهة الأخرى و أعاد القفز نحو سيزار من الخلف بينما فتح فمه على مصارعه مستهدفا عنق سيزار.

*غرررررر*

تفاعل سيزار في اللحضة الأخيرة و فجر نيران أسفل قدمه ليقفز بعيدا.

رغم أنه تفادى الأنياب بالكاد إلا أن مخالب جيرو أصابته بخدوش سطحية على وجنته.

'هوو! يبدو أن هذا سيكون ممتعا أكثر مما ضمنت.'

'تشي قتل هذا الساحر سيكون صعبا كما هو متوقع.'

إستمر القتال ذهاب و إيابا بين الطرفين بينما يتحركون بإستمرار بأرجاء الغابة.

في النهاية أصبحت الأفضلية للساحر الذي لم تعد حركات جيرو تفاجؤه كالسابق.

"لن تهرب."

أطلق سيزار كرة نارية بينما يطارد جيرو.

عكس أسلوبه الهادئ قبل لحضات أصبح صوته أكثر إثارة و جنونا مع إستمرار المعركة.

إستمر جيرو بالجري فقط و تجنب الهجمات من الخلف بينما سيزار كان يحدث إنفجارات أسفل قدميه و يغطي عدة أمتار في كل خطوة أو ربما وصفها بالقفزة سيكون أكثر دقة.

إقترب سيزار من جيرو بمعدل ثابت و فجأة--

*جرررررر*

العديد من الذئاب قفزت نحوه من جميع الجهات.

"هل تسمون هذا كمينا؟"

صرخ سيزار دون أن يتوقف و أحاطة به النيران في الهواء و إنتشرت بجميع الجهات مصيبة الذئاب حوله.

لم يهتم للذئاب التي كانت تصرخ خلفه بينما تحترق حية و إستمر بإتباع فريسته بهدوء.

"إنتهت لعبة المطاردة هته."

مع خروج كلماته كرة نارية أكبر من سابقاتها طارت نحو الذئب أمامه.

*بووووووم*

أصابت الكرة النارية الذئب و إنفجرت قادفة إياه بعيدا لعشرات الأمتار.

"إذن لقد كنت تستدرجني لهنا؟"

نضر سيزار للذئب المطروح أمامه بحافة جرف صخري و بأسفل الجرف كان هناك مجرى يتدفق منه النهر المار عبر الجبال.

هل فكر بإستخدام مياه النهر لإطفاء نيرانه؟

ضحك سيزار على هته الخطة السخيفة قبل أن يقترب من جثة الذئب.

لقد طال الأمر للحضات إلا أن سيزار قد خفف من ملله و لو قليلا.

لكن--

"ماذا؟ هذا كيف..."

بعد إقترابه بما يكفي تمكن من الرؤية بوضوح الجسد الذي إحترق الكثير من فروه و للدقة لقد تمكن من رؤية عيون الذئب الميت أمامه.

'إنها ليست حمراء!؟'

*جرررررررر*

إستدار سيزار بسرعة للخلف لكنه كان متأخرا.

جيرو، الذي كان قد أخفى وجوده، إستغل لحضة إخفاظ سيزار لدفاعه ظنا منه أنه فاز بالقتال و إندفع بكل قوة تمكن من عصرها بجسد الذئب خاصته و دفع بسيزار أسفل الجرف.

"لا لن ينتهي الأمر هكذا."

أطلق سيزار نيرانه نحو الماء بمحاولة منه ليرتفع في الهواء و يعود للجرف.

لكن الأمر لم يجري كما أراد بسبب أن النيران إنطفئت لحضة لمسها للماء الذي تبخر.

و بسبب تيار النهر القوي فقد تم تعويض الماء المتبخر في رمشة عين.

في النهاية كان وزنه أعلى مما يمكن للنيران رفعه و سقط نحو النهر.

سيزار المتفاجئ الذي سقط بدون سابق إندار بدأ يصارع ضد التيار في محاولة للصعود لإلتقاط أنفاسه.

'لن أسمح لك.'

أخيرا و بعد نجاح خطته بإستدراج الساحر للنهر، التي لم تكن مضمونة بنسبة 100%، لم يستطع جيرو تفويت هته الفرصة التي لا تعوض.

و بسبب اللحضات القليلة التي نزل بها جيرو للماء قبل سيزار و بفضل طبيعة الذئب، أو فصيلة الكلاب بصفة عامة، التي تسمح له بالسباحة جيدا بالماء تمكن جيرو من الإنزلاق بين الماء بحرية و --

"أغغه"

تمكن أخيرا من عض الساحر في المنطقة بين كتفه و عنقه.

بسبب الألم أطلق سيزار أنفاسه التي كان يكتمها بالكاد.

رغم ذلك حتى هذا لم يكن كافيا لكسر عزيمة الساحر الفخور.

إستخدم سحر النيران بأقصى قوته و إندفع اللهب من جسده بأكمله بينما المياه بدأت بالغليان و التبخر بسبب الحرارة كما أن الثياب التي يرتديها كانت قد تحولت لرماد بالفعل.

حتى جيرو الذي كان ملتصقا به لم يسلم من هته النيران بدأ فروه بالإحتراق و الجلد من تحته كذلك حتى شفتاه قد إحترقا بينما اللحم الذي تبرز منه أنيابه كان يعاني من بعض الضرر.

لولا حقيقة أن الأسنان يصعب إحراقها لكانت النيران قد أدابتها بالفعل. لا، الفضل راجع للمياه التي كانت تحيطهم و تدفق النهر القوي لولا ذلك لما إختلف ما يحصل الآن عن سير جيرو نحو الموت بأقدامه.

كان كلامهما عازما على البقاء حيا و تشبت بكل ما لديه حتى النهاية.

'حتى لو مت سآخدك معي على الأقل.'

لاكن جيرو كان مستعدا للموت من دون أي خوف لذلك لم يقم بإرخاء أنيابه و لو قليلا رغم الألم.

بل عكس ذلك إستمر بغرسها شيئا فشيئا بينما الدماء المتدفقة من الجرح و من جراحه الخاصة كانت تمتزج بمياه النهر.

-----------------------------------------

الفصل الثالث تأخرة بأسبوع عن كتابه لاكن آمل أنه أعجبكم.

Khalid123

2018/10/01 · 3,017 مشاهدة · 1801 كلمة
Khalid123
نادي الروايات - 2024