بعد إنتهاء جيرو من شرح تفاصيل الخطة غادر الجميع للإهتمام بأدوارهم.

بإستثناء كلايم الذي بادر بالحديث مع جيرو بعد رحيل الجميع.

"هل لديك دقيقة؟ أحتاج للتحدث معك."

"ما الأمر؟" سأل جيرو.

"كنت سأقول هذا عاجلا أم آجلا، لكن من الأفضل لو فعلت ذلك الآن. في الواقع يمكنني البقاء معكم لأسبوعين إضافين على الأكثر." أجابه كلايم بنبرة متأسفة قليلا.

تفاجئ جيرو بسماعه كلام كلايم.

كان جيرو مدركا تماما لحقيقة أن كلايم ربما يرحل يوما ما بما أنه ليس ضمن أتباعه حتى الآن، لكنه لم يتوقع أن يرحل بهذه السرعة.

"هل يمكنني سؤالك عن سبب رغبتك بالرحيل؟"

"علي العودة لموطني، وعدت صديقا لي هناك أنني سأساعده عندما يأتي وقت إجتياح الشياطين."

"هكذا إذا. بصراحة لم أتوقع أن ترحل بهته السرعة!" تحدث جيرو بنبرة من خيبة الأمل.

"أنا آسف حقا." إعتذر كلايم بصدق.

"لا بأس. رغم أن الأمر محزن نوعا ما إلا أنه لا يمكنني جعلك تخون وعدا قد قطعته مسبقا." لوح جيرو بيده برفق للتخفيف عن كلايم.

"بالمناسبة ما نوع موطنك هذا؟ لم يسبق لك أن ذكرته من قبل." سأل جيرو بفضول.

قضى الإثنان أكثر من شهر و هما معا حتى الآن. و قد سبق لجيرو أن أخبر كلايم بشأن كونه في الأصل مجرد ذئب عادي و عن الإله الذئب و ما إلى ذلك، رغم أن جيرو لم يتحدث حول أنه كان بشريا. و مع ذلك بالتفكير في الأمر مجددا لم يسبق لجيرو أن سأل كلايم عن نفسه! لذا شعر ببعض الفضول حول ذلك.

"إنها مملكة غوبلن توجد في الجبال الحامية على حدود مملكة بشرية تدعى الخط الساحلي. لقد ولدت و ترعرعت هناك أنا و صديقي. رغم أنني تركتها بالفعل إلا أنني وعدته أن أرجع لمساعدته عندما يحدث إجتياح الشياطين."

"مملكة غوبلن؟ مهلا لحظة أليس من المفروض أن يكون هناك غوبلن ملك حتى يتم إنشاء مملكة للغوبلن؟" إنفعل جيرو قليلا.

سابقا عندما كان جيرو يبحث حول فصيلة المستذئب في كتاب يتحدث عن الفصائل أشباه البشر وجد جزء متعلق بالغوبلن.

رغم أنه تجاهله في البداية و إستمر بتقليب الصفحات بدون الكثير من الإهتمام إلا أنه تفاجئ بإيجاد أنه بأستثناء الغوبلن العاديين و المحاربين و السحرة يوجد نوع آخر و هو الغوبلن الملك.

الغوبلن الملك يظهر مرة كل بضعة قرون و هو يولد في البداية كأي غوبلن عادي و بعد أن يصل لعمر معين فإنه يخضع لتحول نوعي و يكتسب قدرتين خاصتين. 'التضخيم' و 'الإستنزاف' الأولى تجعله يضاعف قوة بني جنسه بينما الثانية تجعله يضعفهم، لهذا السبب يعتبر الغوبلن الملك وجودا ساميا بالنسبة لبقية بني جنسه و يملك القدرة على توحيدهم.

"أجل حاكم المملكة هو قوبلن ملك." أكد كلايم على شكوك جيرو قبل أن يكمل "و مع ذلك لم تمضي سوى أربع سنوات على خضوعه للتحول النوعي و إيقاضه لقدرته كملك لذا لا تزال المملكة صغيرة نوعا ما، و لهذا السبب قام بطلب مساعدتي عندما يبدأ إجتياح الشياطين."

"طلب مساعدتك! إذا صديقك هو الغوبلن الملك نفسه؟"

"أجل."

"أتعلم؟ أنا حقا أحسد صديقك هذا. ليس فقط أنك ستساعده لكنه أيضا يملك القدرة على مضاعفة قوة حلفائه. أراهن أن قتال الشياطين لا يختلف عن الخروج لأخد نزهة في نضركم." تنهد جيرو برفق.

"هاها لن أنكر أن قدرته تلك مخيفة لكن لا زال العديدون سيموتون في القتال. و لسوء الحظ ليسوا مجموعة صغيرة مثلكم حتى يستطيعوا تنفيد الخطة خاصتك. بالمناسبة أليس من الأفضل لكم الإختباء بالمعبد و إنتضار مرور الشياطين؟"

بإحتساب حجم المكان فإن طابقا واحدا فقط يكفي لإحتواء جميع أتباع جيرو إلى أن يمر الشياطين بهدوء. إذا لماذا لا يختبؤون و حسب؟

"أتضنني لم أفكر بالأمر؟"

قبل أن يضع جيرو خطة كان قد سأل فيدو حول ما يعرف عن إجتياح الشياطين بما أنهم قد عاشوا هنا لفترة.

حسب ما قاله فيدو فإنهم قد عاشوا في هذا المعبد لأجيال و قد واجهوا إجتياح الشياطين مرتين منذ ذلك الحين و هذه المرة ستكون هي الثالثة.

في المرة الأولى قرروا الإختباء في الطابق الثاني ريتما تمر الشياطين بهدوء لكن بسبب وجود مدخل المعبد في مكان مكشوف فإن العديد من الشياطين دخلوا للطابق الأول.

و بما أن الشياطين المنخفضة لا تختلف عن الوحوش العادية فإن أغلبهم يفترقون عن الحشد و يضلون بالجبال ولا يصلون للممالك البشري، لذا إنتهى الأمر بالذين وجدوا الطابق الأول إلى أن يتخدوه كوكر لهم و إستقروا به.

و هكذا لم يستطع أسلاف فيدو الخروج من الطابق الثاني و في النهاية عندما إنتهى منهم الطعام إضطروا لفتح الممر بين الطابقين و قتال الشياطين التي إستقرت بالطابق الأول.

و في المرة الثانية حاولوا إغلاق و إخفاء مدخل المعبد و مع ذلك بسبب تنوع أشكال الشياطين كانوا هناك الكثيرون دوي حاسة شم قوية و وجدوا المدخل في النهاية.

و أيضا كان هناك حالة مشابهة مذكورة في السجلات التي وجدها جيرو.

و على ما يبدو فإنه بعد مرور سنة من الإجتياح يقوم ملوك الشياطين بإستخدام سحر غريب يجعل الشياطين ،الذين إستقروا بالجبل، يعودون للخلف. و مع ذلك، سنة كاملة تظل مدة طويلة.

لذا حتى لو بدؤوا الآن بجمع الطعام من أجل الإختباء فإن توفير طعام يكفي لسنة كاملة أمر مستحيل.

في النهاية لا يسع جيرو سوى نسيان الأمر و إختيار القتال.

"فهمت. في النهاية خياراتكم تقتصر على القتال و لا شيء غير القتال." بعد أن سمع كلايم شرح جيرو لم يستطع إلا أن يتنهد بخيبة.

فجأة أصبح الجو محرجا و ظل الإثنان صامتين لفترة.

"هل تنوي العودة؟" في النهاية كسر جيرو الصمت بسؤاله.

"كما قلت الآن، سبق و أن تركت ذلك المكان. و لكن لسوء الحظ البحوث المتعلقة ببصمتي السحرية موجودة هناك لذا علي الذهاب لأجلها، و أيضا سيستغرق مني إتقان قدراتها الكاملة بعض الوقت. ربما أعود عندما أنتهي لكنني لا أعرف متى سيكون ذلك."

"إتقان قدراتها الكاملة! هل تقصد أن بصمتك لا تزال غير كاملة حتى الآن؟" تفاجئ جيرو، إن كانت بصمته بهذه القوة و هي غير كاملة إذا كيف ستكون قوتها عندما تكتمل!؟

"و هل كنت حقا تضن أنني كدت أضحي بحياتي فقط لأستطيع نفخ الرياح و رمي بعض الحجارة؟" تحدث كلايم بتباهي.

نفخ الرياح! رمي بعض الحجارة! إنه حقا يجعلها تبدو بسيطة.

بدأ جيرو في تخيل كيف ستكون بصمة كلايم المكتملة، في النهاية هز رأسه للتخلص من هذه الأفكار و نظر بجدية لكلايم "ما دمت تنوي البقاء لمدة أطول قليلا فأظن أنني سأزعجك ببعض المطالب."

"ما دام شيء أستطيع فعله فلا تمانع في السؤال."

بعد تجادب الحديث لفترة أطول قليلا غادر كلايم.

شعر جيرو ببعض الحزن في داخله.

رغم أن بدايتهم كانت عدوانية و كادوا يقتلون بعضهم إلى أن علاقتهم تطورت بسرعة بسبب قتالهم معا.

لم يستطع جيرو إخفاء خيبته بسبب فقدان صديق و حليف قوي في مثل هذه المعضلة لكن لا يسعه أن يستمر بالحزن على شيء لا يمكن تغييره، لذا حاول جيرو نسيان الأمر و بدأ البحث عن كالا.

بعد البحث قليلا بالمكان قام جيرو بإيجاد كالا أخيرا، و عندما رآه هذا الأخير يتجه نحوه ضهرت نظرة إستياء على وجهه

"ما خطبك لماذا تبدو مستاءا هكذا؟"

"لا شيء، هل تريد شيئا مني؟" أجابه كالا بلا مبالات.

لم يعتد جيرو على أن يخاطبه كالا هكذا لذا لم يسعه سوى أن يتساءل إن فعل شيء لإغضابه.

بعد التفكير قليلا فهم جيرو ما في الأمر و ظهرت إبتسامة على وجهه.

"أوه! إذا أنت فقط مستاء لأنني جعلت كيرو يقود القطيع بينما لم أعطك أي عمل للقيام به، أم أنك تغار منه و حسب؟"سأله جيرو بسخرية.

"ب-بالطبع لا، هل تضنني سأستاء لسبب تافه كهذا!" حاول كالا نكران الأمر بينما يتجنب نضرات جيرو.

لم يسع جيرو إلا أن يضحك في داخله. هذا الرفيق حقا يغار لأتفه الأسباب!

"حقا! ضننتك مستاءا لأنك تريد القيام بشيء ما. ياللأسف كنت على وشك إعطائك مهمة لأداءها لكن يبدو أنك لا تريد ذل-"

"مهلا لم أقل أنني لا أريد القيام بذلك." قاطعه كالا صارخا.

"هكذا إذا! فهمت، إذا إتبعني سنرحل بعد قليل نحو المنطقة الصخرية."

منذ البداية كان جيرو ينوي أخد كالا لمساعدته في أمر ما لذا جعل كيرو يشرف على عملية مسح المنطقة.

"حسنا!" صرخ كالا بحماس.

حتى مع 180 ذئبا عتيقا سيستغرق مسح المنطقة بأكملها بعض الوقت لذا من الأفضل القيام بشيء نافع بدلا عن الجلوس و الإنتضار.

بعد بضع دقائق غادر الإثنين المعبد و إتجها نحو المنطقة الصخرية على بعد 30 كيلومتر.

--------------------------------------------

Khalid123

2019/02/04 · 1,600 مشاهدة · 1272 كلمة
Khalid123
نادي الروايات - 2024