في وسط الصحراء، بالضبط في قرية مكونة من عدة منازل أو بالأحرى أكواخ خشبية متناثرة هنا و هناك، كانت فتاة تمر من إحدى الطرق بالقرية.

كانت الفتاة بعمر 18 أو 19 بشعر بني و أعين خضراء صافية. كان لديها بعض الحراشف الصغيرة بوجنتيها إلا أنها لم تؤثر على جمال وجهها.

كانت الفتاة ترتدي سروالا قصيرا يصل إلى ركبتيها و قميصا أبيض بدون أكمام يكشف قليلا من صدرها، و يمكنك بوضوح أن ترى العديد من الحراشف الخضراء الصغيرة تنمو عشوائيا بمختلف مناطق جسدها.

"مرحبا ميلي، كيف حالك؟"

"صباح الخير أختي ميلي!"

كان لا يزال الوقت باكرا و قد بدأ أهل القرية فقط توا بالخروج من منازلهم، كانوا جميعا من أنصاف البشر. و كلما مرة الفتاة من قرب منزل ما يبدأ أهله بتحيتها سواءا كانوا كبارا أو صغارا.

كانت ميلي فتاة ودودة بطبعها و تتعامل بود مع الجميع و تساعدهم طوال الوقت لذا كانت محبوبة من طرف جميع أهل القرية.

و أيضا كان جميع أهل القرية ممتنين لوالد ميلي الذي أنقدهم من محنة وشيكة.

قبل سنوات من الآن، بإعتباره بطل حرب سابق كان والد ميلي يتمتع برتبة نبيل شرفي في مملكة تدعى هيستوريا حينها كان يملك عدة أراضي و يحكم قرية متوسطة كان يسكنها البشر و أنصاف البشر على حد سواء يتعايشون معا بوئام.

في الواقع كانت مملكة هيستوريا بأكملها هكذا.

نظرا لأن أنصاف البشر مختلفون عن البشر من عدة نواحي و أيضا أقل عددا منهم فقد كانوا يعانون من بعض التمييز إلا أن هذا لم يأثر على التعايش بين البشر و أنصاف البشر و إستمر الأمر على عذا المنوال طوال تاريخ مملكة هيستوريا الذي إمتد لعدة قرون.

على الأقل حتى قبل 3 سنوات من الآن عندما أصدرت عائلة هيستوريا الملكية بيانا بأن أنصاف البشر لم يعد مرحبا بهم كمواطنين بالمملكة و تم إسقاط جميع حقوقهم كمواطنين.

رغم أن العديد من البشر لم يكونوا يمانعون العيش مع أنصاف البشر إلا أنه هناك أيضا من هم خائفون منهم.

و أيضا كان هناك العديد من الطماعين الذين إستغلوا هذا الأمر و بدؤوا بصيد أنصاف الوحوش و تحويلهم إلى عبيد.

بإختصار أصبح أنصاف الوحوش مجرد مصدر للربح و الخوف في أعين الآخرين و لم يعد هناك أي فرق بينهم و بين الوحوش نفسها.

لحسن الحظ أن والد ميلي كان يملك عدة إتصالات في الجيش و تمكن من معرفة ما يتعلق بالبيان الملكي قبل أن يتم إصداره ببعض الوقت و إستطاع تأمين طريق لجميع سكان القرية من أنصاف الوحوش للخروج من المملكة و التوجه للصحراء المجاورة للحدود الجنوبية لمملكة هستوريا.

رغم أن المحاصيل الزراعية منعدمة تقريبا بالمكان نظرا لأنها صحراء قاحلة إلا أنهم تمكنوا من أخد عدة مواشي معهم كما أن أنصاف الوحوش أقوياء بطبيعتهم و بارعون في إستخدام الهالة لذا كانوا يتدبرون أمورهم بصيد الوحوش الكثيرة بالصحراء

و من حينها كان أهل القرية يعيشون متضامنين و يقاومون الجوع أو أي مشكلة تظهر أمامهم و هم مجتمعين معا كعائلة واحدة.

"ميلي الجميلة! هل ستتفقدين الفتى فاقد الوعي مجددا؟" تحدثت إمرأة عجوز عندما مرة ميلي بقرب منزلها.

"أجل. من يعلم ربما يكون الأمير النائم قد إستيقظ هته المرة!" قالت ميلي بإبتسامة مازحة.

"إن إستيقظ فيجب أن يكون ممتنا لأن فتاة جميلة مثلك قد إعتنت به طوال هته المدة." قالت العجوز بينما تضحك قليلا.

"أنت تبالغين أيتها الجدة، لكن لا تقلقي سأحرص على جعله يعوضني عن وقتي الضائع." و دعت ميلي العجوز و إتجهت للمنزل المجاور.

كانت ميلي معتادة على خوض مثل هته المحادثة مع العجوز لأن الفتى الذي يتحدثون عنه موجود بالمنزل المجاور لمنزل العجوز.

قبل أسبوعين من الآن، أثناء خروجهم للصيد وجد بعض أفراد القرية فتى عار فاقدا للوعي وسط الصحراء و تم إحضاره للقرية بعدها.

الفتى لم يكن يتنفس كما أن قلبه كان متوقفا و جسده كان شديد البرودة بعبارة أخرى كان ميتا لكن الغريب في الأمر كان بإمكانهم الشعور بأنه حي! حتى والد ميلي أكد على أنه حي رغم أن قلبه متوقف لذا أخبرهم أن يضعوه بغرفة ما و يعتنوا به على أمل أن يستيقظ.

و قد تطوعت ميلي بنفسها للإعتناء به، و بالفعل بعد مرور عدة أيام من إيجاده عاد نبض الفتى و تنفسه كما لو أنه قد تم إعادة إحيائه! و مع ذلك لم يستيقظ أبدا بعدها و قد مر بالفعل أسبوعين منذ أن تم العثور عليه بالصحراء.

"عزيزتي هل أنت مستعدة للذهاب للصيد؟"

عندما كانت ميلي على وشك فتح الباب سمعت صوتا مألوفا خلفها.

إستدارت ميلي لتجد فتى يرتدي ملابس صيفية خفيفة مثلها، يبدو بمثل سنها مع شعر بني غامق و فرو بنفس اللون يغطي نصف دراعيه و معظم وجهه كما لو أنها لحية و يملك ديل قرد، بعبارة أخرى كان نصف قرد نصف بشري.

"زاك، أخبرتك مرارا و تكرارا أن تتوقف عن مناداتي بعزيزتي." أجابته ميلي بإزدراء.

"هيا يا عزيزتي تعلمين أنني الوحيد هنا الذي يستحقكي. لا تقلقي أنا أنوي حمايتك و إسعادك إلى آخر يوم بحياتي، فبعد كل شيء أنت حب حياتي."عكس كلماته اللبقة كانت نبرته تحتوي على بعض السخرية و الإستهزاء.

"تحميني! أتعلم أنه من المضحك سماع هذا من شخص لم يمضي الكثير على كسري لدراعه أم أنك نسيت هذا لأنها شفيت بالفعل؟ إن لم ترد أن أكسر لك دراعا أخرى فأنصحك بتركي و شأني." هددته ميلي ببرود.

زاك هذا هو أكثر شخص مغرور و مزعج رأته يوما، و جميع أهل القرية يكرهونه.

حتى ميلي التي تتصرف بود مع الجميع كانت تكرهه و هو الشخص الوحيد الذي تعامله ببرود و تتجنبه دائما.

عندما كان لا يزال أنصاف البشر يعيشون بمملكة هيستوريا كان أغلب الشباب الذين يصيرون بعمر ال15 أو 16 يغادرون للمدن ليصبحوا مغامرين، و ميلي أيضا كانت تفكر بفعل ذلك إلا أن ما حدث قبل 3 سنوات و إضطرارهم لترك المملكة منعها من ذلك.

و لهذا السبب عدد الشباب بالقرية الذين تقريبا بمثل سن ميلي كان قليلا، و للدقة كانوا 6 أشخاص و هم زاك و 3 فتيان آخرين و فتاتين و جميعهم كانوا يتبعون زاك.

و كان زاك دائما ما يعرض على ميلي الصيد معهم و يجعل جماعته يساعدونه للتقرب من ميلي.

و لهذا لطالما كانت ميلي تتجنب زاك و جماعته، لكن والدها يستمر بإخبارها أن تتفاعل معهم لأنهم الوحيدون بمثل عمرها هنا. لذا لم يكن أمامها خيار سوى قبول دعوتهم و الذهاب معهم من حين لآخر و في كل مرة كان إزعاج زاك لها يزداد.

لذا عندما تم إيجاد الفتى فاقد الوعي تطوعت ميلي دون تردد للإعتناء به كي تملك حجة لرفض دعوة زاك و جماعته.

"أنا أعرف أنك تستخدمين ذلك الأحمق النائم كعذر لتجنبنا لكن هذا لن يستمر للأبد و أنت تعرفين هذا." صرخ زاك بسخرية و صوت عال كي تسمعه جيدا. لم يكن أبدا يهتم لمعاملة ميلي الباردة إتجاهه ما داموا عالقين في هته الصحراء اللعينة لا يوجد أحد آخر ليأخدها منه ،ببساطة هو يملك كل الوقت بين يديه و سيغير رأيها عاجلا أم آجلا.

كانت ميلي تعرف ما يفكر به زاك جيدا لكنها لم تهتم به، حتى لو كان آخر شخص على وجه الأرض لن تغير موقفها إتجاهه أبدا!

دخلت ميلي للمنزل و أغلقت الباب خلفها بقوة من شدة غضبها.

بعد دخولها للمنزل وجدة غرفة صغيرة يضيئها الضوء الذي يمر من النافدة، كانت هناك طاولة و بعض الكراسي بالغرفة ما يجعلها تبدو كأنها مخصصة لتناول الطعام، و بالجهة الأخرى من الغرفة يوجد باب آخر يقود للغرفة حيث يوجد الفتى فاقد الوعي.

إتجهت ميلي كالمعتاد ناحية الباب الآخر و فتحته ببطئ لتجد غرفة أكبر قليلا من سابقتها. كانت الغرفة نصف فارغة تحتوي فقط على سرير و بضعة صناديق لتخزين الأشياء و أدات معلقة بالسقف لإضاءة الغرفة لأنها بدون نوافد.

كانت الغرفة كما عهدتها لكن ميلي تفاجئت بإيجاد أحدهم يقف أمام المرآة. كان نفس الفتى فاقد الوعي، هل إستفاق!؟

إندهشت ميلي و توقفت بمكانها، لم تكن أبدا تتوقع أنه قد أفاق!

"سأستعيد أغراضي و أرحل من هنا."

عندما سمعت صوت الفتى إستعادة ميلي حواسها لتبادر بالحديث: "ترحل إلى أين؟"

كان الفتى يقابل ميلي بظهره و عندما سمعها تتحدث إستدار ناحيتها، حينها تمكنت ميلي من رأيت أعينه الدموية لأول مرة. كان لونها غريبا و جميلا في نفس الوقت ما جعل ميلي تنسى نفسها و تحدق بهم للحظة لكنها سرعان ما تعافت لتكمل كلامها.

"أخيرا إستيقظت من قيلولتك الطويلة و أول شيء تفكر فيه هو الرحيل دون حتى أن تشكرني رغم أنني إضطررت للإعتناء بك! كم أنت لئيم." تحدثت ميلي بودية كالمعتاد قبل أن تغلق الباب خلفها.

"أفترض أنك من أنقدني و أنا فاقد للوعي، أليس كذلك؟" سألها الفتى بهدوء.

"أجل و لا. كل ما في الأمر أن بعض أهالي القرية وجدوك فاقدا للوعي بمكان ما خارج حدود القرية و بعدها حصل هذا و ذاك و في النهاية تم وضعك بهذه الغرفة و تم تكليفي بمراقبتك إلى أن تستيقظ. في الواقع أنت محضوظ أنه لم يتم إلتهامك من وحش ما قبل أن نجدك." شرحت ميلي ما حدث بإختصار شديد قبل أن ترمي نفسها على السرير حيث كان الفتى نائما.

"بالمناسبة هل أنت من كسر تلك المرآة؟" أشارة ميلي للمرآة قبل أن تسأل.

في آخر مرة كانت هنا كانت المرآة بخير و الآن كان الفتى واقفا أمام المرآة بينما يده اليمنى تنزف لذا ليست بحاجة للسآل حتى تعرف أنه الفاعل.

"أجل، شعرت بالغضب نوعا ما و إنتهى بي الأمر بتحطيمها، هل هي مهمة بالنسبة لك؟"

"همم! لا. الأمر ليس مهما فقط شعرت بالفضول لذا سألت." أجابة ميلي بينما تلوح بيدها.

"...." صمت الفتى، على ما يبدو كان مستغربا من معاملة ميلي الودية بشكل مبالغ به.

بسبب أن زاك و جماعته هم الوحيدون القريبون من سنها بهذه القرية لطالما شعرت ميلي بالملل و الوحدة و أرادت أحدهم لقضاء الوقت معه لذا طوال الأسبوعين السابقين كانت تتسائل كيف ستكون شخصية الفتى عندما يستيقظ و إن كانوا سينسجمون معا أو أنه مجرد فتى مزعج آخر.

و لهذا كانت متحمسة لا شعوريا لمعرفة أي نوع من الأشخاص هو مما جعلها تتصرف بعفوية شديدة، و أيضا كانت قد أمضت أسبوعين و هي تعتني به لذا لم تعد تشعر حقا بأنه شخص غريب عنها.

"أنت تبدو هادئا بالنسبة لشخص إستيقظ فجأة ليجد نفسه بمكان غريب عليه." في العادة الأشخاص يفزعون في مثل هذه المواقف لهذا سألت ميلي.

"ماذا أقول؟ سبق أن مررت بتجربة مشابهة بل أسوء من هته حتى." أجابها الفتى في الحال.

"إذا أنت تتذكر من أنت." أخرجت ميلي تنهيدة إرتياح كأن حملا ثقيلا إنزاح عن كتفيها.

أكثر شيء كانت ميلي خائفة منه هو أن ينسى من يكون بسبب غيبوبته الطويلة لذا شعرت بالإرتياح عندما علمت أن هذا لم يحصل.

"ماذا تقصدين بأتذكر من أنا؟" سأل الفتى بحيرة.

"عندما يستيقظ أحدهم من غيبوبة طويلة فإنه أحيانا ينسى جزئا من ذكرياته أو ربما ذكرياته بأكملها بشكل مؤقت. و في حالتك أنت لقد كنت نائما هنا لمدة أسبوعين لذا أنا حقا مرتاحة لأن هذا لم يحصل لك و إلا كانت الأمور لتصبح مزعجة أكثر."

"مهلا لحظة هل قلت أسبوعين!؟" تفاجئ الفتى.

"أجل. كانت هته هي المدة التي أمضيتها نائما هنا و بما أننا لا نعلم كم مضى عليك و أنت فاقد للوعي قبل أن نجدك فهناك إحتمال أنك كنت فاقدا للوعي لأكثر من أسبوعين أو ثلاث ربما حتى شهر من يعلم." قالت ميلي بهدوء.

من الطبيعي أن يندهش الشخص بسماعه أنه كان فاقدا لوعيه طوال هته المدة، لذا لا يمكنها لوم الفتى على ردة فعله.

فكر الفتى للحظة قبل أن يسأل "كم مضى على يوم إجتياح الشياطين؟"

"إجتياح الشياطين؟" لم تعرف ميلي ما دخل إجتياح الشياطين بالموضوع لذا سألت بحيرة.

"أجل. هل تعرفين كم مضى على بدايته من وقت."

"لا أعلم لأن الجبال الحامية بعيدة عن هنا. مهلا، أظن أن إجتياح الشياطين يبدأ مع بداية فصل الربيع، أليس كذلك؟"

"أجل هذا صحيح." أومئ الفتى موافقا.

فكرت ميلي قليلا قبل أن تقول بدون إكتراث "أربع أشهر."

كان وجه الفتى شاحبا بالفعل و عندما سمع كلام ميلي أصبح وجهه أكثر شحوبا.

'هل يمكن أن آخر ما يذكره هو إجتياح الشياطين؟' تسائلت ميلي بنفسها عندما لاحظت ردة فعل الفتى.

"على أي حال أنا أدعى ميلي ثورن تشرفت بلقائك." نهضت ميلي من السرير و مدت يدها نحو الفتى بينما تقدم نفسها محاولة تغيير الموضوع.

كان الفتى لا يزال مصدوما من كلام ميلي إلا أنه مد يده لمصافحتها "إسمي جيرو."

"جيرو! إنه إسم غريب نوعا ما إلا أن وقعه جميل."

"إنه مجرد إسم عادي، عكسك أنت تملكين إسما عائليا هل أنت نبيلة أو ما شابه." حسب ما يعرف جيرو فإن النبلاء و العائلات المرموقة هم فقط من يملكون أسماء عائلية بين البشر.

"حسنا الأمر معقد. كيف أشرحه؟ أنا نبيلة سابقة، ربما؟"

"نبيلة سابقة؟" لم يفهم جيرو ما تقصده بهذا.

*بووووووووووووووم*

عندما كانت ميلي على وشك شرح الأمر لجيرو سمع الإثنان إنفجارا مرتفعا قادما من الخارج، حتى أن الكوخ حيث يوجدان بدأ بالإرتجاف قليلا.

"أنت لم تستيقظ من غيبوبتك سوى الآن لذا لا يمكنك التحرك بإهمال، إبقى هنا ريتما أرى ما يجري." تحدثت ميلي بسرعة و عصبية قبل أن تفتح الباب و تخرج بسرعة تاركت جيرو خلفها.

-------------------------------------------

آسف لتأخر الفصل لكن كان علي التفكير بالأرك بشكل أكثر شمولا و أخد مني ذلك بعض الوقت.

و أيضا مأخرا لم أملك الرغبة لفعل أي شيء نهائيا و إنتهى بي الأمر بمشاهدة أفلام مارفل من البداية كي أشاهد فلم avengers الرابع عندما يعرض.

على أي حال آسف مجددا لتأخير الفصل كثيرا خصوصا أن نصفه مجرد إعادة كتابة للفصل السابق.

Khalid123

2019/03/26 · 1,377 مشاهدة · 2068 كلمة
Khalid123
نادي الروايات - 2024