صمت.
لم أشعر بالوقت.
ثم فتحتُ عيني.
حاولت النهوض… لكن ألمًا حادًا انفجر في فخذي. شهقت، وكأن أحدهم طعنني الآن… ثم تذكرت.
أنا من طعن نفسه.
يداي ارتجفتا. وضعت يدي على موضع الجرح… الدم خفّ، لكنه ما زال هناك. لم أجرؤ على النظر كثيرًا، لا أريد أن أواجه حقيقة أنني جرحت نفسي بهذا الشكل. فقط لأني خفت.
نظرت حولي. كنت داخل العربة. العمال منتشرين، بعضهم يراقب الخارج من خلال الفتحة الخلفية، وبعضهم يتحدث بصوت خافت.
رأيت صاحب العمل واقفًا، يصرخ:
"لا تفقدوا حذركم! لا نعرف ما قد يحدث!"
اتبعت نظراتهم… وهناك، رأيت الوحش.
ميت.
جثته ملقاة قرب الأشجار. منظر مقزز. جسده مشوّه، تغطيه الدماء، وعلى الأرجح كلها دماؤه… لم ألاحظ أي شخص مصاب غيري.
لكن رأسه… لا أستطيع وصفه بدقة. فقط شيء لا ترغب في رؤيته، ولا حتى في كوابيسك.
شعرت بصدمة صامتة… هل مات من ضربة واحدة؟
هل صاحب العمل هو من فعل هذا؟!
كم تبلغ قوته… ليجعل هذا الكائن يبدو وكأنه خروف مذبوح؟
ثم جاء صوته، ليقاطع أفكاري:
"بما أن الوحش قد مات الآن، يجب أن تعلموا شيئًا: الوحوش ليست ضعيفة. ما رأيتموه هنا… هذا فقط من أضعف الأنواع."
تجمدت.
من أضعف الأنواع؟!
ذلك الكائن الذي جعلني أطعن نفسي من الرعب…؟
الذي بثّ في جسدي رعبًا لا أستطيع حتى وصفه… هذا أضعفهم؟!
نظرت إليه مجددًا، لكن هذه المرة بعين مختلفة.
عين مشوشة… مرتبكة.
كيف تبدو الوحوش القوية إذًا؟ كيف يمكن لأحد مواجهتها؟
كيف يمكنني… أنا، الذي انهار قبل حتى أن يصل الوحش، أن أعيش في هذا العالم؟
أشعر بالشفقة.
لا، أكثر من الشفقة… احتقار ذاتي.
جميعهم تماسكوا.
حتى لوكسيان، الساخر دائمًا، كان واقفًا هناك بابتسامة.
الفتى الصامت – نوكس – لم يظهر أي توتر.
وأنا؟… أنا الذي هرب داخليًا قبل أن يحدث شيء.
سمعت خطوات تقترب.
"أوه، ها هو البطل يستيقظ"، قال لوكسيان بنبرة هازئة.
لم أُجب. لم أنظر إليه حتى.
اقترب أكثر، نظر إلى فخذي، ثم أطلق صفيرًا خفيفًا.
"طعنت نفسك فعلاً؟ يا رجل… عندك أسلوب مميز في القتال."
ابتعد وهو يضحك، لكن صوته ظل يتردد داخليًا، مثل صدى مزعج.
اقترب نوكس. لم يتكلم. فقط نظر إلى الوحش، ثم إلى صاحب العمل، وقال بهدوء:
"هل تتوقع أن يظهر المزيد؟"
أجابه صاحب العمل بصوت خافت، لكن حازم:
"لا أعلم… ولكن لن ننتظر. سنرتاح قليلاً . ولكن تذكّروا… هذه البداية فقط."
سادت لحظة صمت ثقيلة.
العمال بدأوا يتجهزون، البعض ينظف أسلحته، والبعض يهمس مع رفاقه.
أما أنا، فوقفت بصعوبة. فخذي ما زال يؤلمني، وداخلي يصرخ.
لكنني لم أتكلم .
فقط وقفت هناك ، أراقبهم ، أشعر أنني خارج المشهد ...
أني الشخص الوحيد الذي لم يستوعب بعد ما يعنيه هذا العالم .
كنت أفكر بالكثير من الأشياء…
خوفي… ضعفي… حقيقة أنني لست كأحد منهم…
لكنني تنفست بعمق، وحاولت أن أهدأ.
قلت في نفسي:
"لا بأس… كل شيء سيكون بخير."
لكن يبدو أن هذا الهدوء لم يدم طويلًا.
صاح صاحب العمل بصوت عالٍ:
"الآن، بعد أن ارتحتم، يجب علينا التعمق أكثر في هذه الغابة. لأن هذا الوحش لن يجلب لنا سوى بضع مئات من الدولارات… وهذا لا يكفي لكي أعطيكم راتبكم."
تجمدت.
شعرت بالخوف… أعني، أليس من الطبيعي أن أخاف؟
أنا مجرد بشري عادي. لا شيء مميز فيّ. لا قدرات خارقة. لا مهارات قتالية.
وذلك الوحش… من أضعف الوحوش؟!
إذا تعمقنا أكثر… من يدري ماذا سنقابل؟
أي نوع من الوحوش بانتظارنا؟
ولكن…
ليس لدي خيار.
القرار ليس قراري.
لا أستطيع الهرب بعد كل هذا.
كم مقدار العار الذي سأشعر به إذا انسحبت الآن؟
كل ما أتمناه…
أن لا يحدث شيء مماثل مجددًا.