مع شعور التوتر والقلق الذي يراودني ، بدأت أشعر فجأة بالجوع . كان قلقي يتضاعف بسبب احتمال عدم تمكني من الحصول على الطعام في هذا العالم الغريب . تعرقت يداي قليلاً وأنا أسأل بعض الغرباء عن العملة التي يستخدمونها هنا .

ردّوا لي أن الدولار هي العملة الشائعة في هذا العالم ، مثل معظم العوالم الأخرى . عندها شعرت براحة نسبية ، خاصة أن معي عشرة دولارات . خرجت من بين الناس باحثاً عن مكان يقدم الطعام . دخلت مطعماً صغيراً بسيطاً على جانب الطريق ، وطلبت وجبة كلفت خمسة دولارات . شعرت بثقل هذه النقود التي أنفقتها ، فبقي معي خمسة دولارات فقط ، وهو مبلغ بدا لي ضئيلاً جداً في مواجهة تحديات هذا العالم الجديد .

بعد تناول الطعام ، شعرت بأن الوقت قد حان للبحث عن عمل . توجهت إلى بعض القرويين وسألتهم : " هل تعرفون إذا كان هناك عمل يمكنني القيام به هنا ؟ "

أجابني أحدهم : " هناك أعمال بسيطة متاحة بين الحين والآخر ، ولكن المنافسة شديدة ، ولابد أن يكون لديك مهارات أو شيء تقدمه . "

تابعت بسؤال : " وماذا لو لم أكن أملك مهارات خاصة ؟ هل يوجد شيء يمكن أن أفعله ؟ "

ابتسم الرجل وقال : " في البداية ، يمكنك أن تبدأ بأعمال يدوية أو خدمات بسيطة ، ولكن عليك أن تثبت جدارتك بسرعة ، هذا العالم لا يرحم الضعفاء . "

بعد هذه المحادثة ، شعرت بثقل المسؤولية والقلق من المستقبل ، لكن داخل قلبي نشأت شرارة تصميم . قلت لنفسي : " لا يمكنني الاستسلام الآن ، هذه فرصتي الوحيدة . "

ثم توجهت إلى السوق باحثاً عن فرصة عمل ، ووقفت أمام رجل يقود عربة صغيرة مليئة بالأدوات . عرضت عليه المساعدة ، وقال لي إن العمل يبدأ مع شروق الشمس بحوالي السادسة صباحاً ، وبراتب عشرة دولاراً يومياً مع إمكانية الزيادة .

شعرت بتوتر خفيف لكنه أمل كبير ، وافقت على العرض .

لكن مع حلول المساء ، بدأت أدرك أنني لا أملك مكاناً لأنام فيه ، فالخمسة دولارات المتبقية في جيبي لا تكفي لمأوى في هذا العالم الجديد . بدأت أتجول في أزقة القرية ، أسأل الناس عن مكان يمكنني أن أبقى فيه ، ولكن معظم المنازل مغلقة .

قال لي بائع خضراوات أن هناك نزلاً صغيراً عند مدخل القرية لكنه مكلفٌ قليلاً ، وأن البعض قد يسمح لي بالبقاء إذا كسبت ثقتهم .

توجهت نحو النزل الصغير عند مدخل القرية ، وأوقفت نفسي أمام الباب متردداً . طرقت الباب وسألت صاحبة النزل بصوت خافت :

" هل يمكنني أن أبقى هنا الليلة ؟ أستطيع أن أدفع خمسة دولار مقابل المبيت . "

نظرت إلي ببرود وأجابت : " نحن لا نستقبل الغرباء بهذه الطريقة ، عليك أن تجد مكاناً آخر . "

شعرت بالإحباط يتسرب إلي ، لكنني لم أستسلم . عاودت السير نحو حافة الغابة ، أفكر في الخيارات القليلة المتبقية أمامي .

مع انتهاء رفض صاحبة النزل ، شعرت ببرودة الليل تقترب ، ولم يكن أمامي سوى خيار واحد . توجهت نحو حافة الغابة الصغيرة التي تحيط بالقرية ، حيث الأشجار الكثيفة التي تشكل ستاراً مظلماً .

خطوت ببطء بين الأشجار ، أبحث عن بقعة آمنة ومناسبة لأستلقي فيها .

وجدت تحت شجرة كبيرة بقعة صغيرة مغطاة بأوراق جافة ، قمت بجمع بعض الأغصان لتكون سريراً بسيطاً .

جلست مستنداً إلى جذع الشجرة ، أتنفس بعمق محاولاً تهدئة أعصابي . كان الهواء بارداً ، ونسيم الليل يلامس وجهي بهدوء . تسللت إلى داخلي مخاوف الوحدة والخوف من المجهول ، لكنني حاولت أن أذكر نفسي بأن هذا مجرد بداية ، وأن الغد سيحمل فرصاً جديدة .

أغمضت عيني ، وأخذت نفساً عميقاً ، مستعداً لأن أبدأ فصلاً جديداً من حياتي في العالم الجديد .

2025/06/03 · 17 مشاهدة · 596 كلمة
Toleen Jaber
نادي الروايات - 2025