قال الطبيب بنبرة هادئة وهو يحدّق في فخذي المصاب:

"حسنًا إذًا... سأعقّم إصابتك أولًا، وبعدها نبدأ في معالجتها."

أومأت برأسي، وهمست:

"حسنًا."

فأشار بيده وقال:

"الحقني."

بدأنا نمشي عبر ممر المستشفى، خطواتنا تتردد فوق البلاط الأبيض المصقول، ورائحة المعقمات تزداد كلما اقتربنا من الطرف الآخر. كانت الجدران هنا أكثر بياضًا، وكأنها لم تعرف الزمن، والإضاءة فوقنا باهتة لكنها كافية لترى ظلالنا تسير بصمت.

فتح بابًا جانبيًا وقال:

"تفضل، ادخل."

دخلت الغرفة.

كانت صغيرة نوعًا ما، لكنها نظيفة بعناية واضحة. الحائط المقابل يحتوي على خزانة معدنية بلون رمادي باهت، وفي الزاوية طاولة صغيرة فوقها صينية معدنية وأدوات مرتبة بعناية. على الجدار الأيمن، نافذة عالية تسمح بدخول ضوء طبيعي خافت، وكرسي طبي متوسط الحجم وُضع أمامها، مبطّن بلون أزرق باهت. في الطرف الآخر من الغرفة، مغسلة صغيرة وصابونة سائلة بلون وردي.

قال الطبيب وهو يشير إلى الكرسي:

"اجلس هنا."

فجلست، واضعًا ثقلي على الجانب السليم من جسدي، وأتنفس ببطء حتى لا أُظهر التوتر.

توجه إلى الخزانة، وفتح بابها بصوت طفيف. أخرج منها علبة صغيرة شفافة تحتوي على سائل يبدو معقمًا، لونه يميل إلى الأصفر الخفيف، ثم أخرج من رف آخر شاشًا معقّمًا، قفازات مطاطية، وملقطًا صغيرًا. وضع كل ذلك على الصينية المعدنية، ثم ارتدى القفازات بنقرة خفيفة.

قال دون أن ينظر إليّ:

"سيكون هنالك بعض الألم، لكنني سأحاول أن أكون سريعًا."

بدأ أولًا بتمزيق جزء من بنطالي حول موضع الإصابة، كشف عن الجرح الذي بدا أكثر تورمًا مما كنت أظن. نظر إليه بتركيز، ثم تناول قطعة من الشاش، غمّسها في السائل المعقّم، وبدأ بمسح أطراف الجرح بحذر.

شعرت بحرقة مفاجئة، كأن الجرح استيقظ من نومه. ضغطت على حافة الكرسي بيدي، ولم أنطق.

غمس قطعة شاش جديدة، واستمر في التعقيم، ينظف الجرح بحركات دقيقة. ثم استخدم الملقط لإزالة بعض الشظايا الصغيرة من الجلد، آثار المعركة التي لم أنتبه لها سابقًا. بعد ذلك، وضع مسحوقًا أبيض ناعمًا على الجرح - بدا وكأنه مضاد للالتهاب - ثم وضع ضمادة سميكة وربطها بإحكام بشريط لاصق أبيض.

قال بهدوء وهو يخلع قفازاته:

"هذا كل شيء. راقب الجرح، وإذا شعرت بأي حرارة أو ألم غير طبيعي، عد إليّ فورًا."

أومأت له، وقلت:

"شكرًا... حقًا."

ابتسم بخفة، وأجاب:

"لا شكر على واجب . "

خرجت من الغرفة، أعرج قليلًا، لكن بداخلي شيء من الدفء لا علاقة له بالعلاج. ربما كانت كلماته، أو ربما فقط... لأنني شعرت أن هناك من يراني.

---

بعدما خرجت من غرفة العلاج، كان صاحب العمل وريغان يقفان بانتظاري قرب الباب. نظر إليّ صاحب العمل وقال بصوت فيه شيء من الحرج:

"هل عالجت جرحك؟"

أومأت برأسي بصمت. تنهد قليلًا، ثم قال:

"أنا أعتذر... نسيت تمامًا أمر جرحك. كل ما كان في بالي هو أن يكون ماركوس بخير... آسف حقًا."

نظرت إليه وابتسمت ابتسامة خفيفة:

"لا بأس... ليس عليك الاعتذار."

أومأ برأسه ببطء، ثم قال:

"إذاً، أظن أن الوقت قد حان للعودة... لنذهب."

خرجنا من المستشفى مع أشعة الشمس التي بدأت تتسلل إلى الشوارع، دافئة وخفيفة بعد ليلة طويلة من الظلام والقلق. السماء كانت صافية بلونٍ أزرق باهت، والعصافير بدأت تغرد، وكأن المدينة تستفيق من نومها بهدوء.

كنا نسير في صمت باتجاه مكتب الصيد. ضوء الصباح يغسل الأرصفة، والنسيم المنعش يلامس وجهي المتعب. لم يكن هناك كثيرون في الطريق، فقط بعض العمّال يستعدون ليوم جديد، وموظفون يفتحون محلاتهم على مهل.

حين وصلنا إلى مكتب الصيد، كان واضحًا أن الجميع قد غادر بالفعل. لم يتبقَ سوى بعض موظفي المكتب، منشغلين بأوراق الصيد وتنظيف العتاد. اقترب صاحب العمل من أحدهم، وهمس له بشيء لم أتمكن من سماعه.

وبعد لحظات، عاد صاحب العمل إلينا وقال:

"الآن، يجب عليكم أن تذهبوا لمكانٍ ترتاحون فيه."

فقال ريغان مباشرة:

"أنا لدي منزل، لذلك سأذهب الآن. إلى اللقاء."

ودعناه وهو يرحل بخطوات واثقة نحو شارع مضاء بالشمس.

ثم التفت إليّ صاحب العمل وابتسم:

"لم يتبقَ غيرنا الآن... لابد أنك تشعر بالنعاس. وبما أننا أنهينا المهمة وكل شيء، فتفضل، هذه مئة دولار لك، على كل ما فعلته."

مد يده وأعطاني المال، ثم أضاف:

"اذهب، وجد مكانًا لتنام فيه. وارجع غدًا. اليوم، سأعطيك إجازة."

نظرت إلى المال بذهول، وداخلي امتلأ بالدهشة. مئة دولار؟ لكنني لم أفعل شيئًا... لماذا يعطيني هذا المبلغ؟

أسئلة كثيرة كانت تدور في رأسي، لكنني سرعان ما أوقفتها. لم أعد أريد التفكير، فقط أردت أن أرتاح. الشمس مشرقة، والشارع هادئ، وجسدي منهك...

وأخيرًا... سأحظى بنومٍ طويل، مستحق.

2025/06/06 · 6 مشاهدة · 674 كلمة
Toleen Jaber
نادي الروايات - 2025