بعد أن انتهت نافذة الحالة من شرح رُتب القدرات والفئات المختلفة، ظهرت فجأة على الشاشة تلك الكلمات الباردة:
[ هل لديك أية أسئلة، أيها المستخدم؟ ]
ترددتُ للحظة، وكأنّها تستخف بي بعدما حطّمت ما تبقى من أحلامي الكبيرة. فقلتُ لها بنبرة مريرة، وقد شعرت بغصةٍ تعتصر قلبي:
" بعد أن حطّمت أحلامي تقولين ذلك؟! "
تنفّست بعمق، محاولًا تهدئة نفسي من وقع الصدمة التي لا تزال تلتف حول فكري، ثم أضفتُ بصوت أكثر هدوءًا، لكنه لا يخلو من الفضول المتأجج:
" حسناً... في الواقع، ما زال لدي سؤال آخر. "
سادت لحظة صمت، كأنّ الكلمات تنتظر أن تُفرغ من قلبي، ثم تلقيت الإجابة من نافذتي الذكية ببرود مميز:
[ لتسأل. ]
نهض فضولي من جديد، وكنت على استعداد لاستكشاف أي سرّ قد يساعدني على فهم ما يجري في داخلي، فأردت أن أعرف شيئًا مهمًا لم يكن واضحًا لي:
" ما هو مقدار الوعي هذا ؟ "
على الفور، جاءت الإجابة واضحة وبسيطة، لكن عميقة في معناها:
[ مقدار الوعي هو ببساطة أن تعرف أنك موجود، أن تشعر، أن تفكر، وأن تدرك كل ما يدور حولك. عندما تكون واعيًا، فأنت لا تعيش فقط، بل تعرف أنك تعيش. ]
ابتسمتُ ابتسامة هزيلة، لأنني كنت أعرف معنى الوعي جيدًا. قلتُ لها باستياء واندفاع:
" أعلم ذلك... ما قصدته هو، ما هي وظيفتها بالضبط؟ لماذا علي أن أمتلك مقدار وعي؟ وما أهميته في سياق قدراتي؟ "
لم يكن الرد سوى الصمت، ثم جاءت الكلمات مجددًا ولكنها هذه المرة كانت مليئة بالغموض والإحجام:
[ اعذرني أيها المستخدم، ولكنني لا أستطيع إخبارك. ]
كانت تلك الكلمات كحائط من الصمت الذي يغلق أمامي باب الحقيقة، يزيد من حيرتي ويعمق شعوري بأن هناك أسرارًا أكبر وأعقد مما كنت أتصور.
وقفتُ متأملًا الشاشة، أُعيد النظر إلى نافذة الحالة، وكأنني أبحث عن لمحة من الرحمة أو إشراقة أمل، ولكن كل ما رأيته كان ذلك الضوء الأزرق البارد الذي لا يبوح بشيء.
كان قلبي يعتصره مزيج من الإحباط والتحدي، لكنني شعرت أيضًا بأن هذه اللحظة هي بداية رحلة جديدة... رحلة البحث عن معرفة قد لا تُملى عليّ، بل يجب أن أكتشفها بنفسي.
بعد أن ردّت نافذة الحالة على سؤالي عن مقدار الوعي، لم أستطع كبح فضولي المتزايد، فتابعتُ السؤال بلا تردد:
" ولماذا لا تستطيعين إخباري؟ "
توقعت ردًّا يحمل بعض التوضيح، لكن المفاجأة كانت في برود الإجابة التي جاءت كما هي، بلا أي زيادة:
[ لا أستطيع إخبارك بهذا أيضًا. ]
تنهدتُ ببطء، وكأن الهواء في صدري قد انحبس لفترة طويلة وها هو يخرج ببطء، ثم قلتُ بنبرة تحاول التهوين على نفسي:
"حسنًا، ذلك لا يهم... ليس كأنني سأموت إن لم تخبريني. "
توقفتُ للحظة، محاولًا استعادة رباطة الجأش، ثم قررت أن أغيّر مسار الحديث نحو أمر أكثر حماسة، فقد بدا لي أنني قد عرفت معظم ما أريد معرفته حتى الآن. سألتُها بلهفة:
" بما أنني عرفت معظم أسئلتي، هل أستطيع إذاً أن أحصل على قدرة خارقة الآن؟! "
تجمدت أنفاسي للحظة، وترقبّت ردها، الذي لم يتأخر:
[ نعم، أنت تستطيع. ]
ابتسمتُ داخليًا، فهذه الكلمات مثل نفحة هواء بارد بعد طول انتظار. لم يكن أمامي إلا أن أتابع لمعرفة الخطوة التالية، فقلتُ بحماس:
" إذاً، ماذا يجب أن أفعل لكي أحصل على القدرة الخارقة؟ "
أجابني صوت النافذة بهدوء، ولكن بصيغة واضحة ومباشرة، كأنه يرشدني إلى سر بانتظاري:
[ ببساطة، يجب عليك أن تقول: "القدرة الخارقة، إظهار"، وستظهر لك بطاقة على الشاشة. فتلمسها بيدك، فتقرأ ما عليها من معلومات: رتبتها، ماهية القدرة الخارقة، وما هي شروط تلك القدرة. ثم، بعد أن تنتهي من القراءة، ستختفي البطاقة تلقائيًا. عندها تكون قد حصلت على قدرتك الخارقة. ]
وقف الزمن للحظة في ذهني، حاولت أن أتصور تلك البطاقة، تلك التي ستحدد مسار حياتي القادمة. هل ستكون قدرة عادية أم خارقة بمعنى الكلمة؟ هل سأتمكن من التحكم بها؟ وما هي الشروط التي ستفرضها علي؟
كان قلبي ينبض بسرعة متزايدة، مزيج من الترقب والقلق، لكن في أعماقي شعرت بشيء من الحماس يتغلغل إلى وجداني، يدفعني لأن أخوض هذه المغامرة الجديدة، ربما تكون بداية لقصة لا تُنسى.
بعد أن استيقظ في داخلي ذلك الحماس المتأجج، لم أستطع الانتظار أكثر، فقلت بسرعةٍ وحماس:
"القدرة الخارقة، إظهار!"
في لحظةٍ خاطفة، ظهرت أمامي بطاقةٌ صفراء ذات مظهرٍ جذاب وأنيق. كانت البطاقة تحمل لمسةً لامعة تعكس الضوء برقة، وحدودها مزينة بنقوشٍ دقيقة توحي بالأناقة البسيطة. تملكتني رغبةٌ شديدةٌ لمسكها، فمددت يديّ ولمستها بحماس، فتجلّت السطور على البطاقة واحدةً تلو الأخرى، كما لو أن الكلمات تنسج نفسها أمام عينيّ بسحرٍ خاص.
قرأت بتركيز:
[الفئة: من الفئة F ]
[القدرة: سرعة الحركات البسيطة .]
[الوصف: تستطيع أداء حركة بسيطة مثل رفع يدك أو المشي بخطوة أسرع قليلاً من الطبيعي، لكنه فرق بسيط لا يتجاوز سرعة الإنسان العادي.]
[الاستخدام: تحسين بسيط في الأداء الحركي اليومي.]
[الشروط: لا توجد شروط نظراً لمدى ضعف القدرة.]
أمسكت البطاقة مطولاً، وتأملت جمالها المتناسق، ثم وقع نظري على الفئة "F". ابتسمت بابتسامة نصف مستهزئة، قلت في نفسي :
"حسناً... ليس وكأنني توقعت شيئاً كبيراً."
ثم انتقلت نظراتي إلى القدرة:
"سرعة الحركات البسيطة."
تساءلت بفضول:
"ماذا يعني ذلك؟"
فتابعت القراءة بتمعن، ووجدت الوصف يشرح الأمر ببساطة، كانت حقاً قدرة عادية .
ألقيت نظرة على الاستخدام:
"حسناً، ربما لن أتعب بسهولة، لنتفاءل."
كان ذلك التفاءل بصيصاً صغيراً من النور وسط ظلام التوقعات المتواضعة.
ثم وقعت عيني على الشروط، فقرأت بصوتٍ ساخرٍ قليلاً:
"لا توجد شروط نظراً لمدى ضعف القدرة."
ضحكت ضحكة خفيفة خرجت من أعماق صدري، قلت لنفسي بسخرية :
"حتى البطاقة تعترف بأن القدرة ضعيفة، ههههه... ها . "