ما إن انتهيت من قراءة البطاقة حتى تلاشت أمام عيني، تمامًا كما فعلت سابقتها، تاركة خلفها صمتًا قصيرًا ولكنه مليء بالاحتمالات. لم تمضِ سوى لحظات حتى ظهرت نافذة الحالة من جديد، تضيء أمامي بنورها الهادئ.

دينغ.

ظهرت المعلومات بتنسيق مألوف، لكنني رغم ذلك لم أتمالك نفسي من التدقيق فيها مجددًا، وكأنها تحمل سرًا جديدًا بين سطورها:

[ المستوى: 1 ]

[ العمر: 20 ]

[ الجنس: ذكر ]

[ القوة: 5 ]

[ الرشاقة: 4 ]

[ الذكاء: 6 ]

[ الحظ: 5 ]

[ الحكمة: 4 ]

[ مقدار الوعي: غير معروف ]

[ المهارات: سرعة الحركات البسيطة، التنفس المنعش ]

[ القدرة الفريدة: القدرة على الحصول على قوة خارقة كل أسبوع ]

أعدت قراءة السطر الأخير مرتين، فقط لأتأكد أنني لم أتوهم.

"التنفس المنعش"... مهارة جديدة أضيفت إلى قائمتي الصغيرة. لا تبدو مذهلة مثل المهارات التي نقرأ عنها في الروايات أو نراها في الألعاب، ولكن في عالمي الحالي، حتى أبسط المهارات قد تصنع فارقًا.

شعور غريب غمرني، مزيج من الفرح والامتنان. لا أستطيع حقًا أن أصف ما بداخلي بكلمات دقيقة، لكن يمكنني القول بكل بساطة إنني... سعيد.

أغلقت نافذة الحالة بهدوء، وبعد أن استوعبت ما ظهر فيها من معلومات، تملكتني حالة من الفرح والارتياح، وإن كان هذا الفرح لا يزال هادئًا، ينبع من انتظار مجهول.

كانت المهارة الجديدة، "التنفس المنعش"، قد أُضيفت إلى قائمة مهاراتي، ولكنني لم أجرِ تجربة حقيقية لاستخدامها بعد، فكل ما أستطيع فعله الآن هو أن أحتفظ بالأمل في أن تكون ذات فائدة في الأيام القادمة.

تذكرت موعد العشاء المعتاد، فنهضت من مكاني وتوجهت إلى الطابق الأرضي حيث النزل، هناك حيث رائحة الطعام المنزلي تعبق في الهواء، وعلى طاولة المطبخ كانت العمة ميليسا منهمكة في تجهيز الوجبة.

عندما رأتني، أطلقت ابتسامة دافئة وقالت:

"أهلاً بك ، الطعام قد أصبح جاهزًا."

جلست على كرسي الخشب الخشن قليلاً، وقدمت لي طبقًا بسيطًا من الطعام، لكن له مذاق دافئ يعكس عناية من أعدّه.

"شكرًا لكِ يا عمّة ميليسا، طعامك دائمًا يبعث الراحة في نفسي."

أجابت بابتسامة رقيقة:

"لا تقلق، أنت تحتاج إلى القوة بعد يوم شاق كهذا."

تناولت الطعام ببطء، وأخذت أنفاساً عميقة، متأملًا في مهارتي الجديدة التي لم أُفَعِّلها بعد، متسائلًا متى سأجربها .

بعد أن انتهيت، شكرت العمة ميليسا وعدت إلى غرفتي، حيث أغلقت الباب خلفي، واستلقيت على السرير وأنا أفكر في المستقبل، أشعر بمزيج من السعادة والتوتر.

---

في صباح اليوم التالي، استيقظت باكراً كعادتي، وأعددت نفسي للعمل في هدوء. اتبعت الروتين المعتاد: ارتديت ملابسي البسيطة، وتناولت وجبة الإفطار التي حضرتها العمة ميليسا، ثم خرجت من النزل متجهاً نحو مكان عملي. كانت الشمس قد بدأت تشق طريقها بين أغصان الأشجار، ونسيم الصباح ينعش روحي قليلاً بعد ليلة طويلة.

وصلت إلى موقع العمل، وبدأت في أداء مهامي اليومية، متجنّباً التفكير في الأمور التي قد تشتت تركيزي. كانت الأجواء هادئة، مع أصوات خافتة للعمال المحيطين بي، حتى إذا بصوت خطوات تقترب نحوي يلفت انتباهي.

التفت بسرعة لأرى من القادم، فكانت المفاجأة عندما رأيت "ماركوس" واقفاً أمامي. كان شعره بني مائل للأشقر، وملابسه أجمل وأرقى من معظم ما يرتديه العمال هنا. كان وجهه يحمل تعبيراً ودوداً، لكنه بدا مترددًا بعض الشيء.

قال لي بهدوء:

"أعتذر إذا أخفتك."

ابتسمت ورددت له بلا تردد:

"لا، أنت لم تخفني أبداً."

تنفس بعمق ثم قال:

"أردت حقاً أن أشكرك على ما فعلته لأجلي."

توقف للحظة، ورفعت حاجبيّ متسائلاً:

"وماذا فعلت لك بالضبط؟"

ابتسم وهو يروي القصة:

"ربما لا تتذكر، لكنك أنقذتني."

ازداد استغرابي، فسألته:

"وكيف أنقذتك؟"

أخذ نفسًا عميقًا ثم بدأ يشرح:

"عندما سحبني الوحش إلى داخل الغابة، كنت خائفاً جداً ومتألماً إلى حد أنني أغمي عليّ. لكن عندما استيقظت، وجدت نفسي في المشفى. سألت زملائي في العمل عن ذلك، فأخبروني أن صاحب العمل هو من أنقذني. ذهبت لشكره، لكنه قال لي إن العامل الأكبر في إنقاذي هو أنت، وأنه لو لم تخبره عن مكاني، فمن يدري ماذا كان سيحدث لي."

أضاف وهو ينظر لي بصدق:

"شكراً لك... حقاً."

شعرت بتأثر عميق يتسلل إلى قلبي، لم أكن أدرك أن مجرد معرفتي بمكانه كان السبب في إنقاذه. حاولت أن أخفف من حدة الموقف قائلاً بابتسامة بسيطة:

"أنت لا تحتاج لشكرني، فنحن زملاء في النهاية، والزملاء يساعدون بعضهم البعض، أليس كذلك؟"

أومأ ماركوس برأسه موافقًا وقال:

"أنت محق."

ثم بعد لحظة من التردد، أضاف بصوت خافت:

"هل... يمكنني أن أصبح صديقاً لك؟"

ابتسمت له بتلقائية وقلت:

"ألسنا أصدقاء منذ البداية؟"

لم أعلم لماذا، لكنني شعرت أن كلمتي تلك أفرحت قلبه، فارتسمت على وجهه ابتسامة عريضة ، فأدركت شيئاً في تلك اللحظة ، وهو أنه مع مرور الأيام ، ربما سوف أصنع أصدقاء جدد ، وأعرف أناس آخرين ، وأنه حتى لو كانت البداية وحيدة ، فإن النهاية قد لا تكون كذلك .

2025/06/12 · 4 مشاهدة · 738 كلمة
Toleen Jaber
نادي الروايات - 2025