استيقظت في الصباح على صوت العصافير وهي تزقزق فوق رأسي ، كأنها توقظني من حلمٍ لم ينته بعد .

نهضت من مكاني تحت الأشجار ، وغسلت وجهي بمياه الجدول الباردة . كنت أشعر بثقل غريب في صدري ، وكأن شيئاً بداخلي لا يريد أن أكمل هذا اليوم ... ليس بسبب التعب ، بل بسبب شعور داخلي لا أستطيع تفسيره .

بينما كنت أستعد للذهاب إلى العمل ، سقط القلم من جيبي .

انحنيت لالتقاطه ، نظرت إليه طويلاً ... قلم عادي ، لكنه الوحيد الذي بقي معي من عالمي السابق ، إلى جانب الهاتف . ورغم أنه لم يُستَخدم حتى الآن ، فإنني لم أستطع التخلي عنه .

تساءلت بصوتٍ منخفض :

" ماذا يجب أن أفعل بهذا القلم ؟ "

صمتٌ قصير .

ثم ابتسمت .

" سأحتفظ به ... هو ، وهاتفي ... هما الشيئان الوحيدان اللذان يربطانني بعالمي السابق . طالما هما معي ، فأنا مازلت أنا . "

وضعت القلم في جيبي بعناية ، وكأنه كنزٌ ثمين ، ثم توجهت نحو العمل .

وصلت إلى مكان العمل . نفس العربة ، نفس الحمولات الثقيلة ، نفس رائحة الخشب والتعب .

لكن اليوم ، الجو كان مُختَلِفاً .

بينما كنت أجر إحدى العربات ، مررت بجوار مجموعة من العمال يتحدثون بحماسة .

" يقولون إن هناك المئات ، بل الآلآف يأتون كل يوم ! "

" من الأرض ؟ "

" ليس فقط من الأرض ... من أنميات ، مانهوات ، مانغات ، حتى من الأفلام والمسلسلات ! "

" مستحيل ... "

" صدقني ، رأيت بنفسي رجلاً يحمل سيفاً ويقفز مسافة عشرة أمتار ، لم يكن طبيعياً أبداً . "

توقفت للحظة . تجمدت خطواتي .

شعرت كأن العالم يدور من حولي ، لكني واقف في مكاني .

" شخصيات خيالية ... تنتقل إلى هنا ؟ " همست لنفسي .

تسلل الحماس إلى قلبي ، هل يمكن أن أقابل شخصياتي المفضلة ؟ هل من الممكن أن أراهم أمامي ، ليس صوراً على شاشة ... بل لحماً ودماً ؟

لكن سرعان ما تبدد هذا الحماس .

" انتظر ... هذا يعني أن هذا العالم يستقبل كل شيء ... أي شيء ... من أي عالم ؟ "

نظرت إلى السماء ، كانت صافية ، لكنها بدت وكأنها تخفي أسراراً لا حصر لها .

" كيف سأجد عائلتي في عالم كهذا ؟ "

اتسعت عيناي بتوتر .

" وماذا لو انتقلت شخصيات شريرة ؟ شخصيات تملك قوة لا يمكنني حتى تخيلها ؟ "

فجأة ، شعرت كم أنا صغير ... كم أنا ضعيف .

" هل سأتمكن من البقاء ؟ " قلت في داخلي .

ثم وضعت يدي على جيبي ، شعرت بالقلم .

أغمضت عيني .

" لا بأس ... طالما أنا مازلت هنا ، فسوف أستمر . "

مع نهاية اليوم ، كنت قد سحبت قدمي من التعب . ظهري يؤلمني . كتفي منهك . لكن التعب هذه المرة لم يكن جسدياً فقط ... بل عقلياً أيضاً .

كلام أولئك الرجال لا يزال يدور في رأسي .

" عالمٌ يجمع كل شيء ... حتى المستحيل ؟ "

كيف سأجد عائلتي وسط هذا الازدحام من العوالم ؟ كيف سأحمي نفسي إن ظهرت شخصيات خارقة ، شريرة ، لا تعرف الرحمة ؟

أنا فقط ... شخص عادي .

شعرت بقلق يتسلل إلى قلبي كالماء البارد .

لكنني ، رغم كل شيء ، وقفت للحظة ، نظرت إلى السماء مجدداً ، وتنفست بعمق .

" سوف يكون كل شيء على ما يرام . " قلتها بصوت مسموع هذه المرة ، كأني أحتاج أن أصدقها .

" سأواصل . سأقوى . وسأجدهم . مهما تطلب الأمر . "

ثم سرت بخطى بطيئة نحو الغابة ... حيث نومي المعتاد . لكن قلبي ، هذه الليلة ، كان أثقل من المعتاد .

2025/06/03 · 7 مشاهدة · 600 كلمة
Toleen Jaber
نادي الروايات - 2025