بينما كان الملك وابنته الوزير يتبادلان الأفكار مع أيان، كانت ليليان تراقب ابنة الوزير عن كثب. كانت الفتاة تتحدث بجرأة، وعينيها تتلألأ بوضوح، وكأنها تحاول إظهار قوتها. كلما زادت شغفًا، زاد استياء ليليان. كان الأمر كما لو أن الفتاة تتحدى وجودها.

“هل لا يزال أيان يشعر بهذا الرابط؟” تساءلت ليليان، وعقلها يتخبط. “لماذا لا يفهم ما يجري؟ هل هو حقًا غير مدرك لما تفعله تلك الفتاة؟”

عندما انتهت المناقشات، اقتربت ليليان من أيان. “هل أنت بخير؟” سألت بصوت يحمل الكثير من القلق.

“نعم، كل شيء على ما يرام،” أجاب أيان مبتسمًا، لكن نظرته كانت بعيدة قليلاً. “الملك وابنة الوزير قدما عرضًا قويًا. أعتقد أننا يمكن أن نبني تحالفًا قويًا.”

شعرت ليليان بالانزعاج من رد فعل أيان. كان مهتمًا بالتعاون السياسي، لكن لم يكن لديه أدنى فكرة عن المشاعر التي كانت تتجول في قلبها. “لكن… ما عن ابنة الوزير؟” حاولت أن تسيطر على نبرة صوتها، لكنها لم تتمكن من منع اللدغة من التسلل.

“هي قوية، وهذا جيد،” قال أيان، ببراءة. “علينا أن نكون متفتحين. سنحتاج إلى كل الدعم الممكن.”

“لكنها تدعي أنها رفيقتك المقدرة،” اعترضت ليليان، عازمة على توضيح ما يجري. “كيف يمكنك أن تكون غير مكترث؟”

“ليليان،” قال أيان بصوت منخفض، محاولًا فهم رد فعلها. “لا ينبغي أن نسمح لمشاعر الغيرة بالتأثير على علاقتنا. أنا أعتمد عليك.”

فاجأها رده، وجعل قلبها ينفطر قليلاً. “أعتمد عليك؟” تكررت كلمات أيان في ذهنها. “هل حقًا لا تفهم؟”

“نعم، أعتمد عليك،” أصر أيان، عازمًا على توضيح موقفه. “أنت رفيقتي، وليست هي. لقد أثبت ذلك خلال المعركة.”

كانت كلماته لها تأثير كبير، لكنها لم تتمكن من التخلص من شعور عدم الأمان. “لكنها لا تتوقف عن الإشارة إلى ذلك. ماذا لو كان هناك شيء فيها يجذبك؟”

“ليليان،” قال أيان، منزعجًا قليلًا. “لماذا تفكرين بهذه الطريقة؟ أنا هنا من أجلك، وليس لأي شخص آخر. علاقتنا خاصة، ولا شيء يمكن أن يغير ذلك.”

لم تستطع ليليان تصديق ما قاله. “لكنك لم تفهم بعد،” تمتمت، محاولًة السيطرة على عواطفها. “إنها قوية، وقد تكون قادرة على مساعدتك في ما تحتاجه. ربما حتى أكثر مني.”

شعر أيان بارتباك، لكنه سعى إلى تفهم مشاعرها. “أين أتى هذا؟ أليس هذا ما كنا نعمل عليه؟ كفريق؟”

“نعم، ولكن… لا أستطيع إلا أن أشعر بأنها تحاول استبدالي،” اعترفت ليليان، وكأنها أخيرًا وجدت الكلمات الصحيحة. “لا أريد أن تفكر في أحد سواي.”

هنا، جاء أيان خطوة إلى الأمام، ونظر في عينيها بجدية. “ليليان، أنت رفيقتي المقدرة. نحن مرتبطان بشكل أعمق مما تتخيلين. لن تتغير مشاعري تجاهك.”

بقيت ليليان صامتة، تستشعر القوة في كلماته، لكنها شعرت في الوقت نفسه بظلال الشك لا تزال تلازمها. “لا أريد أن أفقدك،” همست، وصوتها مليء بالخوف.

“لن تفقديني،” أكد أيان، بينما أخذ يدها بين كفيه. “إذا كنت تريدين التأكد، فدعينا نثبت ذلك للعالم.”

وعد أيان بأن يُظهر للجميع أن العلاقة التي تربطهما أقوى من أي ادعاءات خارجية. كان يدرك تمامًا أنه يجب عليه أن يطمئن ليليان، وأن يقوي رابطتهما في مواجهة جميع التحديات القادمة.

مع مرور الوقت، بدأ ليليان تشعر قليلاً بالراحة، لكن ذلك الشعور بالغيرة لم يختف تمامًا. كانت لا تزال بحاجة إلى إثبات نفسها، وإلى أن يعرف أيان أنها ليست مجرد رفيق، بل هي القوة الحقيقية وراءه.

في أعماق قلبها، كانت تعرف أن المعركة الحقيقية ليست فقط ضد الأعداء، بل كانت أيضًا ضد الشكوك الداخلية التي قد تدمر ما بنوه معًا.

مع مرور الأيام، أصبح أيان أكثر وعيًا بمشاعر ليليان. كان هناك شعور متزايد من الخوف والقلق يحيط بها، خاصة في المواقف الحميمة بينهما. عندما كانا يتقابلان، كان يشعر بأن هناك شيئًا عميقًا وراء عينيها، شيء يجعلها تتردد في الاقتراب منه.

“هل هناك شيء خطأ؟” سألها في إحدى الليالي، بينما كانا يجلسان معًا في حديقة القلعة تحت ضوء القمر. كان قلبه يتسارع، فقد أراد أن تكون الأمور طبيعية بينهما، لكنه أدرك أنها كانت تحمل عبئًا ثقيلًا.

“لا، أنا بخير،” أجابت ليليان بصوت ضعيف، لكن عينيها كانتا تبتعدان عنه، وكأنها تخفي سرًا مؤلمًا. “أحيانًا أشعر بالقلق، لا أكثر.”

لكن أيان لم يكن مقتنعًا. بعد أن تطورت قواه كوارثي للمملكة، أصبح لديه القدرة على استشعار المشاعر والأحاسيس بشكل أعمق من أي شخص آخر. كانت مشاعر الخوف والذعر تخرج منها كالأمواج المتلاطمة، وكان عليه أن يعرف ما يحدث.

قرّر أيان أن يستخدم قواه لاستكشاف ما يدور في عقل ليليان. أغلق عينيه وركز على الرابط الذي يجمعهما. وفجأة، اجتاحت ذهنه رؤى متفرقة: أضواء ساطعة، وضوضاء عالية، ووجهًا مألوفًا يظهر في الظلام. ثم شعر بشيء مؤلم يتغلغل في قلبه، وكأن طعنة خنجر قد أصابته.

تجمد أيان في مكانه، وهو يحاول فهم ما كان يشعر به. كانت الصورة واضحة الآن، كما لو كان يعيش تلك اللحظة بنفسه. كان هناك شاب نبيل، وجهه مألوف، يحتجز ليليان، ويجب عليها أن تواجه مخاوفها في تلك اللحظة المروعة.

“ليليان!” صرخ أيان، مفتوحًا عينيه على مصراعيها، وهو مليء بالرعب. “لقد تعرضت للاعتداء، أليس كذلك؟”

تجمدت ليليان، وبدأت عيناها تتلألأ بالدموع. لم تكن تعرف كيف ترد، لكن الندوب التي تركها ذلك الاعتداء كانت عميقة، وكأنها تعيش في ظلال الماضي. “كيف… كيف عرفت؟” همست، بينما بدأ صوتها يرتجف.

“أستخدمت قواي،” قال أيان، متسمرًا في مكانه. “أشعر بما حدث، وأعلم أنه يؤثر عليك. لماذا لم تخبريني؟”

شعرت ليليان بانهيار كل حواجزها. “لم أكن أريدك أن تعرف. لم أكن أريد أن تراك تضعف بسببي. إنه أمر مؤلم للغاية، وأشعر بالخوف من الاقتراب منك.”

“لا ينبغي أن تخافي،” قال أيان بلطف، وهو يمد يده نحوها. “أنا هنا لأساعدك. أنت لست وحدك في هذا.”

لكن ليليان كانت تكافح مع مشاعر الخزي والذنب. “لقد كنت ضحية، وأشعر كأنني خذلتك. كيف يمكنني أن أكون رفيقتك المقدرة بعد ما حدث؟”

“لن أسمح لذلك بأن يعرقل ما بيننا،” أصر أيان. “أنت قوية، وأنا أرى ذلك فيك. سنعمل معًا على التغلب على هذا.”

بدأت الدموع تتساقط على خديها، وكأنها تفتح أبواب الماضي المغلقة. “لا أستطيع تخيل حياتي بدونك. لقد كنت النور في ظلامي.”

شعر أيان بنبض قلبه يزداد سرعة. كان على علم بأن مشاعر ليليان ستحتاج إلى الوقت لتشفى، لكنه كان مصممًا على أن يكون بجانبها. “سأفعل كل ما بوسعي لحمايتك،” قال. “لن أسمح لأي شخص آخر بأن يؤذيك مرة أخرى.”

في تلك اللحظة، شعرت ليليان بدفء الأمل يتسلل إلى قلبها. كانت تعلم أن الطريق سيكون طويلاً وصعبًا، لكن وجود أيان بجانبها أعطاها القوة التي تحتاجها. “أعدك أن أحاول،” همست، وهي تتقدم نحوه.

“هذا هو كل ما أريده،” قال أيان، وهو ينظر في عينيها بعمق. “أن نواجه كل شيء معًا.”

ومع تلك الكلمات، بدأوا رحلة شفاء معًا، حيث كان كل منهما يحمل الآخر، ومع مرور الوقت، كان بوسعهم بناء روابط جديدة أقوى من أي وقت مضى. كانا مصيرين للقتال معًا ضد الظلمات التي تلوح في الأفق، ولكنهما أيضًا مصيرين للنمو معًا في النور

بعد أن شارك أيان وليليان في معركتهما الخاصة ضد الماضي، كان عليهما مواجهة أحد أكبر التحديات القادمة: العدالة. كانت قوانين المملكة صارمة فيما يتعلق بمثل هذه الجرائم، وكانت تعكس التقاليد القديمة التي تحمي الضحايا وتدافع عن الشرف.

2024/10/23 · 17 مشاهدة · 1079 كلمة
ماريا
نادي الروايات - 2025