____________________________
لا تزال المأدبة مستمرة اسرع قائد الفرسان الى قاعة قصر العرش ثم تقدم من خلف العرش حتى وقف بجانب رومين ثم انحنى بجسده إلى الأمام وهمس مناديا رومين
- جلالتك
رفع رومين رأسه قليلا للأعلى ونظر الى جانبه حيث قائد الفرسان الذي غطى فمه بيده من الجانب لكي لا يستطيع احد تخمين ما يقول وهمس
- الأمير الثالث غادر القصر منذ لحظات، لكن الدوق سيغفريد كفل خروج
اومأ رومين برأسه ان وصلت المعلومة وثم عاد ينظر الى ضيوفه، لم يستطع تخمين شيء، سواء عن سبب خروج كاليان من القصر أو طبيعة العلاقة بين الدوق والأمير. ومن عدم قوله شيئا فهم قائد الفرسان أن ذلك يعني ألا يتخذوا أي إجراء فابتعد بصمت
"سيغفريد... "
تشدد تعابير رومين من هذه العلاقة التي ظهرت فجأة بين سيغفريد وكاليان!
________________...
في الوقت نفسه في حديقة القصر امال الدوق سيغفريد فمه وفي النهاية ضحك ساخرا بصوت عالي ومن ضحكه المرحج لم يستطع الشاب الذي امامه تحمل الحرج اكثر فرفع بقلة احترام يده وغطى فم الدوق وهو يتحدث باستياء
- انت تسخر مني الان
- لما تقول هذا؟ الا يمكنك التفكير بأني اضحك من الفخر والسعادة، لأنه وأخيرا ابني العزيز وثق بي وقرر الاعتماد علي؟
ابعد يان يده عن فم والده ولا زال صامتا بإحراج وغضب فعاد الدوق يتحدث ساخرا مستمتعا بتعابير ابنه
- هرب الأمير وثم طلب من ابني ان يمنع الحراس عنه وأبني العزيز باع اسم سيغفريد بهذه البساطة له هذا كئيب حقا ان فكرت بالأمر!
تكفل خروج الأمير تعني أن الكفيل سيكوون مسؤولا عن أي شيء يفعله الامير في هذه اللحظات خارج البوابة خذ من سلامته إلى أي مؤامرات قد يحيكه الأمير وكل شيء آخر، لهذا ليس شيئا بسيطا كفالة امير للخروج من الاقامة الملكية، والدوق يدرك هذا لكن بما ان ابنه وثق بالأمير فليس أمامه سوى دعم ابنه في هذه اللحظات لهذا بعد ان انتهى من التهزيء والسخرية والضحك تحول ملامح وجهه للجدية والحنان وهو يخفف من ابنه
- لا تقلق، لا اعلم ان كان الامير أهلا للثقة لكفالته انت اعلم به عني، لكن قمت بعمل جيد لفعل ما تعتقده صحيحا
- لا اعلم، لكن يا ابي الن يسأل الملك كيف تعرف الأمير؟
هذا قد يسبب بعض الارتباك فتحدث الدوق مؤنبا يان
- يا إلهي هل فعلت امرا دون التفكير حتى في عواقبه؟، لا تفعل ذلك مرة اخرى، يجب أن تفكر في العواقب اثناء الفعل لأن في بعض الأحيان تأتي العواقب اشد مما نظن
عبس يان من توبيخ والده لتصرفه دون تفكير لكن الدوق ضحك مع انه لم يكن هناك سبب للضحك ثم تحدث مبتسما
- لا تقلق انا لا احاسبك لكني اعطيك نصيحة للمستقبل بصفتي والدك
- نعم
- سيكون لدى الملك بطبيعة الحال الكثير من الاسئلة لكنه لن يطرحها ولن يتدخل، ولهذا سنستمر كما لو أن شيئا لم يحدث
- هل لأننا سيغفريد؟
رفع الدوق يده وعبث بشعر يان وهو يجيب بابتسامة
- انا سعيد لأنك لا تشبهني كثيرا، انت افضل مني عندما كنت في مثل عمرك
ثم ضحك ساخرا مرة اخرى وهو يغيض ابنه
- لكن لا يمكن القول انك لا تشبهني اطلاقا فمع انك سيء في السيف لكنك بالتأكيد تشبهني بشيء اخر فأنت مثلي ماهر بالعزف على الكمان مثلا.
تنهد يان ولم يجب لسخرية والده لأنه هذه المرة تسبب بالمشاكل لوالده الذي عاد يؤنبه مرة أخرى بنبرة ساخرة
- لكن مع ذلك اليس هذا مبالغا قليلا لدرجة أنك بعت اسم سيغفريد له بهذه البساطة؟
سيكون وقتا عصيبا قليلا وحلها متشابك وهذا لأن لو أن رومين سأل الدوق عن ما بين الامير الثالث وسيغفريد، فأي اجابة سيسبب ببعض التوتر
فلو اجاب سيغفريد ان لا علاقة بينهما ولكنهم فقط قدموا مساعدة عرضية هذا سيجعل الملك حذرا من نوايا سيغفريد الحسنة
والشيء ذاته لو كان الجواب أن علاقة تربط بين الأمير والدوقية وهذا ما دعاهم لمساعدته، إذ أن لا يوجد شيء عن هذه العلاقة علنية حتى هذه اللحظة فسيبدو وكأن الامير كان بعلاقة سرية مع سيغفريد وهذا سيكون مريبا ومثيرا للشك بكل تأكيد
لكن بكل الأحوال لن يكون هناك أي اجراءات هذا لأن الملك لو عاقب الأمير فسيكون هذا تجاهلا لسيغفريد وسيوقع الملك بمشاكل هو في غنى عنها
ومع ذلك ترك الأمير دون عقوبة سيكون اقرارا للصداقة بين الأمير وسيغفريد فإن حاول الملك التدخل بعد ذلك سيكون الصورة وكأن بريسن ايضا غير مرحب بها بما أنها في صداقة مع الأمير الثاني
بكل الأحوال هذه مسرحية ذو اتجاه واحد دون خيارات فيه وبكل الأحوال سيكون المستفيد الوحيد من كل هذه المسرحية هو الأمير الثالث وحده وأما الباقي سيعانون من الصداع فقط
لم يحب سيغفريد تأنيب يان في تصرفه بل أيده لأنه لم يرغب ان يكون ابنه مترددا في خياراته لهذا السبب قام بمدحه مع دس بعض النصائح بين كلماته بصورة ساخرة
ولهذا السبب تحدث مرة اخرى على كلامه السابق عن كون يان باع اسم سيغفريد ببساطة لأجل الأمير
- لا بأس بين الحين والأخر من بيعها، يمكنني التعامل مع الأمر، أليس هذا طلبا من شخص تعزه بعد كل شيء؟
نظر يان بامتنان لوالده فضحك على تعابير ابنه ثم تحدث ساخرا
- مهلا، انا لست لئيما كما تعتقد
" بالطبع أنت كذلك، انا الاحمق الذي ظنك رائعا للحظة".
عبس يان بينما يحدث نفسه، بعد ذلك سأل لوالده
- لا يعلم النبلاء أو الملك بأني اعمل في القصر اليس كذلك أبي؟
- لا تقلق حتى الملك لا يحق له النظر في هويات النبلاء الراغبين بكتم هوياتهم إن لم يفعلوا شيئا غبيا كمحاولة اغتيال او ما شابه، الشخص الوحيد الذي يعرف هذا من بين كل النبلاء هو مسؤول الشؤون الداخلية فقط.
- يعجبني هذا النظام، لم تكن سيليكا لتتركني بجانب الأمير لو علمت بهويتي الحقيقية
رفع الدوق يده مرة اخرى ليبعثر شعر يان ثم تحدث بنبرة الساخرة مرة اخرى
- ابني ممثل جيد، لا ينبغي لأي أحد ان يشك فيه
عبس يان من عبث والده بشعره لكنه لم يتحرك ولم يزح الدوق يده عن الشعر البني المجعد
توجهت انظار يان الى القصر بينما دارت برأسه فكرة ما ففتح فمه دون وعي وبعينيه نظرة حزن
- لكن......
توقف فورا عن الكلام عندما استدرك نفسه، كان يحاول السؤال عن الاعراض الذي يعانيه كاليان في الآونة الاخيرة لكنه تذكر تحذير كاليان بأن يبقي الأمر سرا بسبب السحر، على كل حال فالدوق سليمان ليس بساحر ولا فائدة من اخباره بأعراض مرض قد يكون ناتجا عن السحر
فحول ما كان يسأله لشيء اخر بما أنه نطق الكلمة الأولى
- كيف حال ريا
- انها بخير، انها غاضبة منك لهجرك ايانا كما تعلم، واواجه وقتا عصيبا معها بسبب ذلك كل يوم حتى انها طلبت مني ان اجرك الى المنزل عند عودتي للدوقية
ديميريا اخت يان الصغرى ووريثة الدوقية، فتاة ذكية ماهرة في السيف مع ذلك، لم تحب أن تأخذ مكان اخيها، وليست سعيدة
شد الدوق قبضته وهو يسأل ابنه بجدية
- إذا، هل يستحق هذا المكان ذلك؟
- كيف ترى هذا المكان يا أبي؟
- صدئ وضيق يكاد يكتم النفس
سكت الدوق قليلا ثم عاد يتحدث
- لم اعلم ان ابني الذي يجب ان يكون السيد الشاب للدوقية الوحيدة في كايريس يعيش في زي خادم في مثل هذا المكان الموحش، على اي حال لست اعارضك لكن كما تعلم تستطيع النزول إلى الدوقية بين الفينة والأخرى، ريا تشعر بالوحدة
نظر يان لوالده للحظات ولم يحب هذا الجو الثقيل الذي يشعره بالذنب اتجاه اخته ووالده، فتحدث مشيرا إلى كاليان بحديثه
- انه في نفس عمر ريا
- هذا صحيح
- عندما جئت معك لأول مرة للقصر كان يبدو كغصن رقيق في الخريف حتى ومع أنه أمير لكن شعرت كما لو أنه سينكسر إذا لمسته، لقد كرهت ذلك حقا هو لم يزل طفل صغير لم يبلغ حتى الخامسة عشر للأن، هذا اشعرني بالسوء لهذا جاء رغبة مني بمساعدته أي طفل في العالم لا يستحق أن يعيش وحيدا هكذا، لكن وانا افعل هذا وجدت الأمر يستحق مراقبته لفترة من الوقت بعد
تذكر الدوق حضور كاليان هذا العام ثم الراحة التي تعتلي وجه ابنه في تعامله مع كاليان رغم كون الاخير اميرا ملكيا ثم مظهر كاليان الشبيهة بالفرسان وهيبته فأجاب موافقا ابنه
- انت محق، هذا الطفل سيكون من الممتع مراقبته حقا
نظر يان بريبة لوالده بتعابير حذرة سؤالها.
'ماذا تقصد؟ '
- ليس شيئا سيئا فلا تنظر الي بهذا الوجه، على اي حال سأعود غدا للدوقية وقد لا اراك لفترة طويلة
- كلا، سنلتقي بعد ثلاثة اشهر
- هل ستنزل اجازة؟
- كلا، سيبلغ الأمير الخامسة عشر قريبا
- صحيح كنت قد نسيت، نعم سأكون في الانتظار إذا
نهض يان من جانب والده على المقعد الذي في الحديقة ثم ربط شعره المتناثر على كتفيه بعد ان انتهى من الحديث مع والده كان ينوي انتظار كاليان قرب البوابة فتحدث مودعا لوالده باحترام قبل المغادرة
- إذا سوف اراك حينه دوق سيغفريد
____________________....
رغم أن المأدبة كانت لا تزال مقامة في القصر الملكي لكن الاحداث في الميدان قد انتهت بالفعل وكانوا في حالة طبيعية كأي يوم آخر والظلام يغلف المكان اذ ان المصابيح السحرية كانت تضيء النافورتين الكبيرتين فقط
يتردد صدى صوت حوافر الخيلين في الساحة الهادئة على الطريق الملكي فغير الحصان الذي في المقدمة يمتطيه الوين مانسيل طريقه من الطريق الملكي مارا عبر ساحة هاتسورا وبطبيعة الحال الحصان الذي كان يتبعه كان حصان الأمير كاليان الذي يلاحقه، استطاع الوين الشعور بالشخص الذي يتبعه منذ مغادرته البوابة لكنه لم ينوي التوقف او الالتفات لهذا كان يتقدم بهدوء وعيناه للأمام فقط
ومع ذلك الحصان الذي يتبعه بمسافة متوسطة لم يناديه قط مع انه كان بإمكان الوين سماعه لو ناداه ولهذا السبب اجتاح الفضول الوين عن الذي يتبعه بصمت فلم يستطع منع نفسه من الالتفات اخيرا الى الوراء لكنه عبس عند رؤيته الراكب وهو يتمتم
- من هذا؟
ما رآه حصان اسود ثم راكب يرتدي عباءة بيضاء فاخرة وبالتأكيد لم تكن عباءة يرتديها الفرسان لما فيها من تكلف وإسراف، فتوقف الوين في وسط الساحة بعد ان ابطأ حصانه رويدا رويدا مدركا ان الشخص الذي خلفه ليس مجرد فارس ومع وقوفه ابطأ الحصان الأسود خلفه كذلك والضوء المثبت على النافورة يضيء المنطقة
بعد اقتراب الحصان الاسود منه اكثر امكنه رؤية الراكب هذه الملابس والهيئة لم يكن مجرد فارس كما توقع ربما يكون نبيلا او فردا ملكيا
ترجل هذا الراكب من الحصان الأسود ثم سار بهدوء وخطوات انيقة نحو الوين ووقف حيث سقط جزء خفيف من الضوء على وجهه فبرز شعره الأسود وعيونه الحمراء التي كالياقوت المتلألئة لألوين
هذا الوجه الذي كان الوين قد شاهده هذا الصباح على اللوح البلوري يقف امامه الأن
" اتساءل ما الذي جعل من امير ملكي يلاحقني بصمت؟"
اضاءت عينا الوين بفضول عميق
_______________________________
يان سيغفريد