الفصل العاشر

لقد قطعت شوطا طويلا!

__________________________

بدأ كل شيء أولا بِـ أشا التي كانت مطاردة، فثم المطارد تم القبض عليه بعد ان اعتدى على كاليان، فالرجل باح باسم الطائر الازرق والطائر الازرق أعطى اسما اخر

هيل لاتران

بينما يغرق عقله بالتفكير في هذا الرجل الذي كان مسؤولا عن كل هذه الفوضى، ضرب كاليان على حصانه يسرع تحت المطر، فالمطر البارد قام بتصفية ذهنه لذلك لم يكن شيئا صعبا جمع القطع معا في رأسه للوصول إلى نقطة الاساس

فتحدث إلى الوين الذي كان على اتصال معه عبر الخاتم السحري

- انه راندال، لاتران تعاون مع راندال للتواصل مع تينسل ولأنه أعني لاتران في العلن مرتبط بفرانز فكان عليه فعل كل ذلك سرا ولهذا لجأ الى شبكة سيكريتيا

سمع كاليان ضحك الوين الذي تحدث بعد ان انتهى من الضحك

- ضع قدميك الى جانب فرانز ثم يديك إلى يد راندال ثم قم ببيع كايريس لسيكريتيا، لنكن صريحين هذا الرجل الماكر مذهل يمكنه الرقص على أي أغنية حقا

- رغم ان هذا يزعجني لكنك محق، على اي حال انا بحاجة الى الاسراع الان في العودة إلى القلعة

شيء من القلق تسلل لقلب كاليان اذا كان لاتران يتعامل مع راندال ايضا اضافة لتعامله مع فرانز فهذا يضعه بخطر، فما كان يقوم به منذ وصوله لمقاطعة الكونت لاتران هو اللعب بالنار

"اليس لديك الكثير لتخفيه؟"

حدث كاليان نفسه عندما تذكر العشاء مع هيل، فراوده الشكوك بأن ربما هيك كان يتظاهر بالثمالة لمعرفة موقف كاليان، وإن كان هذا بالفعل فهذا خطر بالتأكيد...

اخطأ بحساب الأمور

رفع كاليان اللجام يحث الحصان على الاسراع ثم تحدث بغضب فقد أثر المعلومات التي وصل اليها واستنتجها بمزاجه

- لا اعلم لما هذا الحصان بطيء للغاية لو كان رافين لكنت في القلعة الأن

فجاءه صوت الوين الذي التمس الغضب بصوته محذرا اياه بنبرة توبيخ

- ايها الامير لا تعجل الحصان كثيرا فالجو ماطر عندك قد يتسبب بسقوطك وستكسر رقبتك بدلا من الوصول إلى القلعة

تجاهل كاليان صوت الوين وهو يواصل تسريع الحصان حتى اخيرا لاح له القلعة فقام بإبطاء الحصان وهو يسأل

- بالمناسبة، ما هو اسم الكاهن الموجود لدى لاتران؟

- مالكولم شتيش، انه يتنكر كخادم شخصي للكونت

عبس كاليان، والمطر قد بلله تماما فأجاب لالوين وهو يتذكر عندما سأل هيل عن الكاهن الأعلى

- اعتقد ان الكونت كان وقحا للغاية أو كان قلقا،... لا،... اعتقد ان تفسير تصرفاته لانه مجرد كاذب يخشى أن يُفضح كذبه

فسأل الوين سؤالا اخر ولم يكن لديه أي تعليق اخر عن لاتران

- ماذا عن ذلك الذي أخبرتني عنه الملقب بالطائرة الورقية؟

- حسنا حقيقة أنه وصل إلى لاتران وتعامل مع امير كايريسي الافصاح عن ذلك لن يفيده ابدا بل قد يضره لذلك اظنه سيُبقي فمه مغلقا لمصلحته الشخصية

كاليان الذي وصل اخيرا لمنطقة القصر وتفرق عنه الفرسان لكي لا يثيروا الانتباه نحوهم اوقف كاليان الحصان الذي كان يلهث بسبب المطر وقام بتسليمه الى كيري ويوران الذين كانا يتبعانه ثم تسلل وحده بمهارة عائدا بحذر اكبر إلى غرفته

____________________...

- الامير ليس بحالة يسمح له بلقاء احد الا تستوعب ذلك؟ أي اصرار هذا؟

بعد عودته الى الغرفة مباشرة سمع كاليان صوت يان الغاضب عند الباب، نظر كاليان لنفسه وانتبه اخيرا لحالته المزرية فهو لم ينتبه لذلك بسبب الظلام والمطر لكن ملابسه مليئة بالطين والاوساخ فتسبب بأن تلوث اطار النوافذ والجدران بالطين فعبس وهو يسمع صوت يان الذي زادت حدته ويستطيع ان يعلم من نبرته ان يان ثائر حقا ويكاد ينفجر من الغضب، ربما اراد الكونت ان يعتذر عن وقاحته على العشاء فأراد ان يرى الأمير قبل النوم، فمنذ متى كان هذا هنا حتى يصبح يان غاضبا إلى هذه الدرجة؟

كان على الباب هو مالكولم الخادم الشخصي للكونت والذي كان كاهنا

مالكولم لا يتزحزح عن الباب، هل كل هذا حقا لمجرد اعتذار؟

- ما هذا العار، منذ متى ويتجرأ مجرد خادم للكونت ان يزعج اقامة امير، ما الذي لا تستوعبه بما اقول؟ اذهب واخبر الكونت أن الامير ليس متفرغا الان لاعتذاره

اولا اسرع كاليان وخلع ملابسه المتسخة وقام بلبس ثوب الاستحمام، بيده عبث بشعره المبتل وفرده، وبعد ذلك رسم وجها غاضبا جدا ومن خلف يان تقدم دون ان يراه مالكولم قبض على الباب فاسرع وابتعد يان قليلا ففتح كاليان الباب بقوة على مصراعيه ثم اصدر صوتا منزعجا بينما النار تتطاير شررا من عينيه

- لا، على الاطلاق.....

مالكولم الذي فجأة صار بحضرة الأمير الذي ظهر من العدم تفاجأ وتراجع خطوة الى الوراء خائفا فأكمل كاليان بنبرته القاتلة

- لا استطيع الراحة قط في هذا المكان اللعين

بطريقة ما كاليان لوهلة شعر كما لو كان أنه فرانز، من كونه في ثوب الاستحمام الى كلماته الغير اللبقة، لكن ليس باليد حيلة لا يوجد شيء اخر بإمكانه التفكير فيه لطرد ضيف غير مرغوب به

- امير،.... ليس،... هذا...

انحنى مالكولم تماما بينما يرتجف من الخوف والارتباك لدرجة انه لم يستطع قول جملة مفيدة

فتجاهله كاليان تماما وهو يصرخ بيان

- انت، اخبرتك لا أريد أي ازعاج الا يمكنك فعل شيء سخيف كهذا

- انا اسف يا ا....

وقبل أن يكمل يان ما يقوله ضرب كاليان الباب بقوة وكان مالكولم لا يزال منحنيا بالكامل يرتجف كورقة خريف

ابتعد كاليان عن الباب اكثر ثم همس ليان بصوت هادئ طبيعي وكأنه لم يكن البركان الذي قبل قليل

- أي زوار مشبوهين بجانب ذلك الخادم؟

- كان هناك بعض الخدم الذين اتوا قبله وقمت بطردهم لكنه كان الوحيد الذي وقف باصرار على الباب.

ناول يان منشفة لكاليان وفي يده ارتجافة خفيفة فقد صُدم من الطريقة التي قفز بها كاليان من النافذة الى الداخل ثم صوته التي كانت تمثل الغضب بإتقان حتى جعل يان نفسه يصدق أن الامير غاضب، فحين اخذ كاليان المنشفة من يد يان انتبه لتصرفات يان الذي به نوع من الفزع فأدرك أنه فاجأه ولهذا وضع يده الحرة على كتف يان ومدحه

- لقد قمت بعمل رائع، احسنت

فسأل يان ولم يزل لا يصدق أن غضب كاليان السابق كان مجرد تمثيل! فكيف يمكن اتقان اظهار مشاعر مزيفة بهذه الصورة؟!

- سموك لماذا كنت غاصبا جدا؟

- لم اكن كذلك كليا، لنقل ازعجني اصاراه على الباب حقا.

اومأ يان برأسه ثم بدأ يشرح ما حدث في غيابه ولا يزال في الجو شيء من التوتر على الرغم من ان كاليان اوضح انه ليس غاضب.

- بعد مغادرة سمو الأمير ذهب الكونت في نزهة على الاقدام ولم يأتي قط بنفسه الى الباب لكن كبير الخدم كان وقحا جدا ظل يرسل الخدم باستمرار وانتظام ليسألوا إن كان الامير متفرغا ثم في الأخير حضر بنفسه والتصق عند الباب يأبى المغادرة رغم كل ما اقوله

كان كاليان متشككا منذ أن وصله باجواء القصر الغريب، منذ البداية كان هناك أمرا ما يحدث، فثم على ما قاله يان عن سؤالهم بانتظام وإلحاحهم لرؤيته، فتمتم بينما يفكر

- اذا كان يسأل عن إن ما كنت متفرغا أو لا باستمرار؟!

- ما قاله كان أن الكونت يريد بشدة الاعتذار عن ما بدر منه على العشاء، لكن كان من غير المنطقي أن يعتذر عن وقاحته باستمراراه بإزعاج راحة الأمير بانتظام! ربما كان فقط يريد التأكد ما إذا ما كان الأمير في داخل أو لا

رمى كاليان من يده المنشفة ثم اومأ برأسه موافقا على ما قاله يان وغرق بأفكاره، فتحدث يان بصوت حذر وهو يرى أن كاليان قد اصابه من المطر ما بلله حتى النخاع

- سأعد الحمام فورا سموك

،- نعم شكرا لك

__________________...

بعد ان استحم كاليان رمى نفسه على الأريكة يحاول الاتصال بالوين لكن كالعادة لم يستطع الاتصال فجلس ينتظر بصمت وهدوء كأنه تمثال حتى أخيرا تم تفعيل الاتصال من طرف الوين فتحدث كاليان فور حدوث هذا

- اعتقد ان الكونت لاتران لم يكن مخمورا في النهاية، وايضا اتى خادمه الشخصي بانتظام يلح على رؤيتي اظنه اراد التأكد من أني في غرفتي ولم اغادر خلف لاتران

لم يكن هناك سوى سبب واحد وراء رغبة الكونت في المغادرة بينما خاطر وتظاهر بالسكر أمام أمير ملكي، فعاد كاليان يتحدث وكأنه يفرز افكاره دون اعطاء لالوين أي فرصة للرد أو التعليق على كلامه

- لا اعتقد ان الطائر الازرق كان ينتظر الكونت للدردشة وما ذلك، تاريخ اليوم يجب أن يكون موعد الصفقة، لذلك تظاهر بالسكر امامي صحيح اني استخدمت عليه سحر النوم لكني لست واثق اذا كان قد فهم نواياي او لاحظ ما اقوم به

وقوفه امام بوابة القلعة بانتظار مجيء كاليان، ثم الكلام المعسول ثم ختمه كل ذلك بموقف فاسد كالسكر أمام الامير، كان منذ البداية يخطط لكيفية التهرب من كاليان

فأكمل كاليان مرة اخرى

- بعد كل شيء لم يكن مجرد حل المشكلة اذا كانت الطائر الازرق قد قالت الحقيقة فـ لاتران يبيع معلومات كايريس لشبكة سيكريتيا ويكسب المال ثم يقوم بعمل جيد مع تينسل باستخدام هذا المال الذي هو غير رسمي دون ترك أي اثر

توقف كاليان عند هذا الحد في افكاره وهو يخبر الوين بمخططاته

- سيستمر المطر غدا كذلك، انا عالق هنا على أي حال، اذا ماذا عن الامساك ببعض الخفافيش التي تبيع معلومات المملكة؟

فسأل الوين مباشرة بعد ان وجد أن كاليان اخيرا انتهى

- كيف يمكنني مساعدتك؟

- الديك خطط للغد؟

كان الأمر هكذا دائما، لأجل كاليان فالوين دائما ما يلغي ما بجدوله، فرد على الفور

- من المفترض ان اقابل الملك رومين، لكن يمكننا تأجيله

مع ذلك هل من المعقول ان يؤجل احد ما لقاءه مع ملك لأجل امير؟ فعبس كاليان وهو يجيب لالوين.

- معلم، قد يتم نفيك كما تعلم

ضحك الوين على نبرته فهز كاليان رأسه بتعبير لا فائدة فعاد يتحدث بجدية

- الامر ليس عاجلا جدا، لدى يرجى مقابلة الملك اولا ثم لاحقا سنرى

- حسنا، لكن ماذا تريد مني فعله بالضبط؟

- ارسل شخصا ما إلى منزل الكونت لاتران، اوه، اعني منزله الذي في العاصمة وليس على الذي في مقاطعته

نظرا لأنه لا يوجد هنا في قلعة لاتران سوى هيل هذا يعني ان بقية افراد العائلة يقيمون في العاصمة، وكاليان الان بحاجة لجمع بعض الادلة سيكون مفيدا تمشيط قصر لاتران الذي في العاصمة كذلك

وأكمل كاليان بعض لحظة صمت

- وانتقل تاليا إلى نقابة بريسن التجارية

فتحدث الوين عند ذكر نقابة بريسن

- علمت أن لدى الكونت لاتران منجم نحاس، للنظر في امر تجارته لما لا نذهب الى نقابة بريسن ونسأل عن اسعار النحاس كمشتري لنأخذ المعلومات في التلاعب بالكلمات

وافق كاليان على اقتراح الوين، وهذا لأن لو ترك الوين اي أثر على قيامه بنوع من التحقيقات في العاصمة هذا سيجعل هيل يسرع بإخفاء اثاره اكثر، سيكون من الجيد البحث دون ترك أي اثر قدر الإمكان فأجاب لالوين

- نعم صحيح، افعل ما تراه مناسبا وايضا اسمعني ساعطيك رسالة اريدك ان ترسله إلى قلعة لاتران هل بإمكانك؟

- نعم بالتأكيد يا امير

وسرعان ما اخبر كاليان بما يريد ارساله لقلعة لاتران وضحك الوين بصوت صاخب جدا عند ورود اسم محدد في الرسالة...

_____________________....

في منتصف هذه الليلة الطويلة وبعد تحدثه مع الوين، نزل كاليان إلى السجن الى حيث المطارد الذي قبضوا عليه قبل دخوا القلعة

- نورتون،... نورتون لاميرز

تحدث الرجل باسمه بينما هو منخفض رأسه وراكع، لكن وعلى الرغم من ان احدى ذراعيه مفقودة الا ان وجهه كان مستريحا وافضل مما كان عليه في فترة ما بعد الظهر

على كل حال، نورتون كان يحدق في وجه كاليان الخالي من التعابير مستسلما تماما، وعاد يتحدث يريد فقط أي فعل من كاليان

- ماذا حدث لزوجتي

هز كاليان رأسه، أولئك الذين كانوا يبتزونه قد يكونون فقدوا رؤوسهم بالفعل في هذا الوقت، الطائر الازرق في الاغلب لم تهتم بزوجة نورتون منذ البداية وربما حتى انها لا تعلم أين منزله، ففي الاخير زوجة نورتون لا علاقة لها بكل هذا وكاليان يعرف الطائر الازرق ليست من النوع التي قد تجعل الدائرة اكبر فهي من النوع الذي يحب ابقاء اكبر عدد خارج دائرتها، فتحدث بنبرة لا مشاعر فيها

- لا داع للقلق بشأن ذلك.

- إذا ما الامر الذي اتيت به

نظر كاليان بحدة في نورتون وهو يحذره

- ان استمررت بنبرتك الوقحة هذه موعد اعدامك بالفعل سيكون في غضون أيام قليلة

في اللقاء الأول حطم كاليان كتفه ثم في اللقاء الثاني اخذ ذراعه، ثم هذا اللقاء الثالث لهم وجاء يهدده بالموت ولهذا بالطبع لم يكن تعابير نورتون جيدا، لم يعلم كيف يجب ان يتعامل مع كاليان لكنه فتح فمه برجاء

- ساعدني

كاليان اجابه بنبرته الباردة

- كن فتا جيدا، ثم يمكنني مساعدتك

بقي ينظر نورتون اليه يرغب بمعرفة كيف سيساعده كاليان لو صار فتا جيدا كما يقول فتحدث كاليان

- لنقل أن ذراعك كان ثمن مهاجمتك لي، ثم انا ساتركك تذهب، يمكنني ان امنحك أنت وزوجتك منزل والاراضي الزراعية المناسبة للعيش بأمان تحت اجنحتي

- ما ثمنه؟

- ما تعرفه...

_________________________

كاليان راين كايريس

2021/08/26 · 873 مشاهدة · 1963 كلمة
نادي الروايات - 2025