______________________________
لوح كاليان بيده مبتسما للشعب بوجه لطيف، هذا هو فقط كان دور الامير كتمثال زينة ليس عليهم فعل شيء سوى تزيين المنصة بحضورهم، رومين بدأ اولا بشكر الشعب وبعد العادات الشكلية الاساسية بدأ بواجباته بدءا من منح الفروسية لعديد من الجنود المدنيين الذين استحقوا المرتبة الى تعزيز بعض المناصب النبيلة وبعض الاجراءات الاخرى من التكريمات استمر لبعض من الوقت حتى اخيرا انتهى وحان الوقت للنزول من المنصة لكن الذي حدث أن طوال الفترة كل العيون كانت تختلس النظر نحو كاليان بظهوره لأول مرة بشعر قصير توضح لون عينيه وملامح وجهه، وأولئك المتعلقون بشدة بسيسبانيا لم يستطيعوا ان يزيحوا اعينهم عن كاليان الذي كان لديه العيون الحمراء النارية والشعر الاسود القاتم، فيمكن القول دون ادنى شك بأنه نال اهتماما اكبر مما ناله الملك أو المكرمين في هذه الساحة.
وبما أنه تم الغاء مأدبة الغداء كان على الامراء العودة لقصرهم ليحضوا بوجبتهم، ونظرا للوعد الذي قطعه كاليان ليان بعدم تفويته أي وجبة تناول غداءه كاملا دون ان يترك أمامه شيئا، ثم قام بتغيير ملابسه الى ملابس مناسبة لوقت الشاي فأصر كاليان على ان يكون ملابسه بسيطا قدر الامكان فلم يكن من النوع المحب للباس الصاخب بعد كل شيء. وقرر اخذ دبوس زينة واحدة فقط بعد الحاح ميرلين ويان عليه، وإلى جانب ذلك اختار كاليان الإكسسوارات الاساسية البسيطة فقط فكانت الدبابيس بثلاث خطوط رفيعة على اكمام قميصه مع معلقات بحجم الاظافر في منتصف أقصر سلسلة
كانت الملحقات الاخرى براقة للغاية في معايير كاليان لذلك تم تنحيتها جانبا لاستخدامها مع ملابس اخرى
مع جعل ملابسه بسيطة برزت وسامته اكثر، مع انه لم يكن يهدف لهذا فهو فقط اراد ان لا يزعجه الملابس الصاخبة لكن اختياره كان مثاليا لوقت تناول الشاي.
وبعد الانتهاء من الاستعدادات في الوقت المناسب غادر كاليان قصر تشيرميل الى عربته وقبل ان يركب العربة تذمر بوجه شاحب وهو تعب بالفعل من كل مسؤوليات الامير
- سأفقد عقلي من هذه الواجبات المزعجة
- لقد عملت بجد هذا العام سموك
ابتسم يان لكالين محاولا التخفيف عن كاليان بكلماته فمن الواضح أن كاليان لم يحب الوضع فهذا اليوم لا مجال للراحة ابدا
نظر اليه كاليان دون ان يجيب، من الواضح أن بسببه كان يان يخوض حربا مع الوقت لمساعدته ليظهر بأمثل صورة، على الأقل تم الغاء المأدبة....
الليلة سيكون هناك مأدبة عشاء كذلك، سيكون من الجيد لكاليان ان يأخذ نظرة عامة عن اسلوب نبلاء كايريس قبل مأدبة العشاء، رغم ان لا يوجد الكثير لفعله في حفل الشاي هذه سوى الجلوس مع الامراء في طاولة واحدة وشرب الشاي وتحية بعض النبلاء مع ذلك كان على كاليان الكثير لفعله فأولا عليه مراقبة النبلاء، وثانيا الجلوس مع فرانز في طاولة واحدة فهذا وحده وحتى دون قول أي شيء سيستهلك كل طاقته
تحدث كاليان بفضول ليغير من دفة افكاره
- يان، اعتقدت انك قلت ان عائلتك في العاصمة
على غرار نبلاء سيكريتيا الذين كان مقامهم في اراضيهم كان عدد كبير من نبلاء كايريس يقيمون في العاصمة غالبية العام مع تعيين بعض المسؤولين لإدارة اراضيهم، فخمن كاليان ان عائلة يان تفعل ذلك، فقد اخبر ذات مرة عن ذلك لكاليان الاصلي...
تحدث يان بتعبير حذر على وجهه عند تحول الحديث إلى عائلته
- أختي وأبي فقط يقيمون في اراضينا، وأما بقية افراد العائلة فيعيشون في العاصمة
- هل سيأتي والدك الى القصر اليوم؟
تبسم يان بشكل اكثر احراج فكأنه مجبر على الكلام
- اظن ذلك، اذا كان قد وصله الدعوة لا اظنه سيتجاهل ذلك، اعني ليس من هذا النوع
صوته كان فيه تردد وهو يتحدث عن والده
المساعدين الذين يعملون في القصر الملكي بكايريس في الغالب يخفون اسماء عائلاتهم وحتى احيانا اسمائهم الأولية ويستخدمون اسامي مستعارة
وهذا النوع سيتم التحقق من هوياتهم في اول مرة يدخلون فيها القصر ويتم فحص اسمائهم الحقيقية بعناية واذا رغبوا بإخفاء اصولهم وعائلاتهم سيتم حفظ هوياتهم سرية تماما. بعد كل شيء كثير من الذين يعملون في القصر هم من عائلات نبيلة ولتلافي البروز وبعض المشاكل المتعلقة بالسياسة يفضلون اخفاء هوياتهم
فلم يسأل كاليان اكثر وهو يفكر إن كان هذا هو السبب الذي يجعل من يان كذلك يخفي هويته
وبعد فترة دخلت عربة كاليان حيث قاعة الحفل فترجل من العربة وسار بشكل مريح وخلفه يان حتى وصل لباب القاعة انحنى له الفارس الذي على الباب ثم صاح بصوت عالي وجهور بعد أن رفع رأسه
- سمو الأمير الثالث كاليان راين كايريس يدخل الآن
اولئك الذين لم يكونوا حاضرين في الساحة صباح اليوم انجذبت عيونهم الى حيث الباب يترقبون دخول كاليان وهم يتحدثون بهمس الى بعضهم البعض عن الشائعات
للاستقراطيين وصلت نوعين من الاخبار
الأول
` ان الامير فرانز حضر الساحة في حالة سكر، ولم ينظر حتى ولو لمرة باتجاه الشعب'
أما الثاني
` شعر اسود وعيون حمراء، الأمير الثالث الذي يشبه ملكتهم الأولى سيسبانيا'
كان بعض النبلاء قد سخروا من الشائعات الخاصة بكاليان، رغم أنه ولأربعة عشر عام لم يرى احد لون عيني كاليان لكن لم يتمكنوا من تخييل ذلك الأمير الخجول يظهر بمثل ذاك الحضور القوي الذي أُشيع عنه،
مع ان كل ما قام كاليان بفعله هو قص شعره فبرزت عيناه، لكن هذا لم يكن عذرا لمثل هذا الصخب في تناقل الشائعات فلو كانت مملكة اخرى لما تسببت بهذه الضجة لكن على ما يبدو أن الاشخاص في كايريس حساسين للشعر الأسود والعيون الحمراء، فحتى كاليان لم يتوقع مثل هذا الرد الفعل على مظهره
بعد صوت الفارس الذي اعلن وصول كاليان عندما دخل حل صمت شديد في القاعة والعيون تلتهمه بصورة جعل الارتباك يتسلل اليه،
الصبي الذي لازال لم يبلغ حتى، لكنه اعطى في دخوله انطباعا قويا من حضوره القوي بهالة ملكية الى وجهه الوسيم بتعابير جاد متزنة، ثم اخيرا عيونه الحمراء البراقة وشعره الأسود اللامع، ولا ينُسى خطواته الأنيقة الملئية بالاتزان والثقة
' متى حدث كل هذا التغيير في هذا الأمير؟'
كاليان اثبت نفسه بهذا الظهور بأنه حقا فرد ملكي من عائلة كايريس الملكية ، ومع ذلك بغض النظر عن شبهه بسيسبانيا كان هناك شيء اخر غريب وملفت في حضور كاليان، الا وهو ما كان يرتديه فقد كان يرتدي قميصا ابيض مع بنطال أبيض ثم سترة زرقاء ضيقة يصل إلى اسفل الركبة، ولم يكن للسترة الطويلة أي زخرفة أو اكسسسوارات غير الازرار، ولهذا السبب فإن الجوهرة التي على ياقة قميصه كانت ملحوظة للغاية
' قلادة على دبوس قميص'
كانت ياقوتة حمراء تضيء بذات اللون الذي في محجر عيني كاليان، لقد كان لونا لم يكن قط وابدا ان يختاره كاليان الأصلي
لكنه بدا وكأنه رسالة تحمل التحدي والفخر
" لا مزيد من العيش مختبئا بعد اليوم"
هم بالطبع لم يدركوا بأن كاليان الحالي لم يكن يهتم للأمر فلم يكن يعنيه شيئا مناداة فرانز له بـ 'العيون الدموية' بل وحتى وأنه لم ينتبه أن الياقوته على صدره تماثل لون عينيه ناهيك عن ارسال اي رسائل...
القاعة كانت انيقة للغاية وحضور نبلاء كايريس كانت مثالية، كثير من الاشياء كانت مختلفة في هذا الاحتفال عن ما اعتاده كاليان عندما كان امير سيكريتيا، لم يتوقع مثل هذا الاختلاف الكبير، كل شيء كان مختلفا من التحيات إلى الملابس وحتى اسلوب تجمعهم وتناولهم الشاي
وعندما وصل كاليان الطاولة المخصصة للامراء وقف ووجهه نحو النبلاء بقصد نظر لعيون اكبر قدر من النبلاء قبل ان يلقي تحيته عليهم وفي وجهه ابتسامة انيقة جميلة تليق بظهوره المثالي
- سعيد بلقائكم
مع ذلك فضل القاء تحية قصيرة دون ثرثرة، مع انه لم يكن شيئا عظيما لكنه شعر بالاسترخاء بهذه الكلمات الفارغة التي لا تحمل أي معنى، ولا يمكن استنباط أي معاني منها كما اعتقد ثم جلس بمكانه المخصص
كلمة واحدة، وهذه المرة تسبب هذا الخطاب القصير جدا في اثارة جدال من نوع آخر
- سعيد بلقائكم؟؟؟؟ ، وكأنه لم يرنا من قبل، ماذا يعني هذا بحق؟
وسرعان ما بدأ النبلاء في تحليل واستخراج المعنى الخفي لتحية كاليان لهم وهم يهمسون لبعضهم البعض
" ما هذه الورطة؟؟؟؟ “
سرعان ما بدأ كاليان يلوم نفسه هو لم يرغب بقول الكثير لكي لا يحدث هذه الجلبة لكنه على ما يظهر فشل فشلا ذريعا في ذلك فارتسمت بوجهه علامات الاحباط
- كل شيء على ما يرام يا أمير، شيء طبيعي جدا أن يقوموا بتحليل أي حرف في مثل هذه الحفلات فلا تزعج نفسك رجاءا
همس له يان من خلفه مؤكدا له أن مهما كان ما قاله كان سيُثار مثل هذا التحاليل السخيفة
في النهاية لم يكن أي منهما يستوعب الموقف الحقيقي، فلم يثار هذا الجدال في الأسفل بين النبلاء لان كاليان امير وهذا حضوره الأول بهذا البروز،
كان امران...
الأول هو معنى جوهرة الياقوت التي يرتديها كاليان
وثانيا عرش سيسبانيا التي كانت فارغة لخمس مائة عام قد اتى اليه وريث، ففي العائلة الملكية على مدار 500 عام لم يكن هناك فرد واحد قد امتلك كلا العيون الحمراء والشعر الأسود معا كما كاليان.،وهذا بالتحديد ما خلق رد الفعل المجنون هذا...
ومع ذلك لم يكن هناك اي اندفاع مباشر نحو كاليان سواء بين الجمهور في الساحة سابقا او في القاعة الان، لا يزال رغم حماسهم لا احد يرغب بأن يطير رأسه، فيبقى بعد كل شيء كاليان أحد افراد العائلة الملكية
_________________________...
ليلة الصيف في سيغفريد
كانت واحدة من اشهر الاغاني التي تركها عازف الكمان والملحن أوليف من مملكة ليبرن، هذا كان في احدى ليال الصيف عندما تمت دعوته الى القصر الملكي في كايريس إلى حفلة كانت مقامة في هذا القصر الملكي الذي يحمل اسم سيغفريد، كانت اغنية قد كتبها عن ما شعر به عندما تجول في هذا القصر
وهذا معروف جدا فحتى عندما كان كاليان امير سيكريتيا كان قد سمع عن هذا، أن القصر الملكي المسمى باسم سيغفريد بأنه أجمل قصر في الأقامة الملكية وهذا القصر مدخلها عبارة عن قاعة احتفالات ضخمة على شكل قرع يبثتها اعمدة مطلية بالبلاتينية ثم جدرانها كرستالية كما حال القصر بأكمله، ولهذا السبب في الليل عندما يضاء المصابيح السحرية يظهر هذا القصر بأكمله وكأنه جوهرة نادرة
اعتاد الكثير من الناس على الاستماع لهذه الأغنية التي تنشد كلماتها على ألحان الكمان بفخر وشجن، فما أن تم بدأ موسيقى الأغنية حتى غلف المكان بمشاعر جميلة
بالاستماع للحن تذكر كاليان ما قرأه عن اصل تسمية القصر بهذا الاسم، ففي الواقع اسم قصر سيغفريد مشتق من عائلة الدوق سيغفريد، الدوقية المعروفة باسم عائلة الفرسان الى جنب عائلة الماركيز بريسن في كايريس، وتم تسمية هذا القصر باسم عائلة سيغفريد كنوع من التكريم لعائلة سيغفريد وسيدها انذاك الدوق 'كويتروس هورن سيغفريد' الذي قاتل في الصفوف الأولى في حرب النبلاء
وبذلك مع وفاة الدوق كويتروس في منتصف ليلة الصيف اعطى لهذه الأغنية طابعا حزينا حتى بدا وكأنه رثاء مع أنه لم يكن في كلماتها أي دلالات عن موت
والآن
هذه الاغنية الشهير تُعزف لحنها بسكون وهدوء في قصر سيغفريد الجميل دخل شخص القاعة وتوجهت الانظار اليه حين قال ببسمة حب على وجهه
- لا اصدق أنني دخلت فور بدأ اللحن، لهذا لا يسعني إلا أن اعشق هذه الأغنية
الرجل الذي دخل للتو ما هو إلا الدوق الحالي لدوقية سيغفريد، وما ان دخل حتى بدأ النبلاء يرحبون به بسرور كبير، بالفعل هو رجل غير عادي فهو احد سادة السيف الخمس في القارة ( بما أن بيرن لم يعد له وجود) ، والدوق الوحيد لكايريس، شخص إلى جانب حبه للسيف فهو ملحن وعازف ماهر للكمان، حتى أن احد النبلاء ضحك على قوله عن الأغنية وهو يسأله
- انا اكثر فضولا بشأن علاقة الكمان معك إذ بدأ في لحظة دخولك بلحنه كأنه يرحب بك، ما رأيك ان تعزف لنا وتطربنا بعزفك ايها الدوق
- يسعدني ان افعل ذلك من اجلك متى ما سيتاح لي الفرصة سأفعلها
- اتطلع الى مهارتك في العزف
بالطبع البعض يقول أن سيغفريد لا يمكنه العيش دون سيف لكن البعض الاخر يقول
ان سيغفرد لا يمكنه العيش دون الكمان
بالنسبة لكاليان الذي لا يملك اي ميل اتجاه الموسيقى فكان هذا الحوار الذي عند مدخل القاعة سخيفا جدا له
وبعد مدة وجيزة خرج كاليان من القصر الى الحديقة فممتطياً حصانه رافين كان يتمتع بأجواء الحديقة بينما يتبعه يان على الأرض الى جانبه، تحدث كاليان إليه يسأله بينما عيناه على الدوق
- انه رجل مبهج، ما كان اسمه؟
حدق يان بنظرات غريبة الى الدوق ثم رد عالى سؤال كاليان
- هذا، الدوق سليمان هورن سيغفريد ايها الامير
الى جنوب مملكة كايريس تقع دوقية سيغفريد يقال بأنها احدى اكبر مناطق كايريس وأفخمها بعد العاصمة، وبصفتها الدوقية الوحيدة لكايريس كانوا يملكون قوة سياسية وعسكرية كبيرة في المملكة مع ذلك طيلة الخمس مائة عام لم يصعدوا للحكم قط، ليس لأنهم لم يستطيعوا بل انهم كانوا قد صبوا كل اهتمامهم للسيف وحماية المملكة
وحتى عندما كان كاليان الأمير بيرن لطالما أُعجب بعائلة الدوق سيغفريد رغم كونهم من مملكتين مختلفتين لكن كمحبين للسيف لم يسع بيرن الا ان يحترم عائلة سيغفريد الذي كان يحمل نفس معتقداته، فهو كذلك لم يحب السلطة رغم كونه ولي عهد لكنه عشق السيف وكرس نفسه لحماية مملكته حتى سقط وبيده سيفه وكان اخر فارس يسقط.
- نعم
اجاب كاليان ليان معلما اياه بأنه سمعه ثم عاد لأفكاره
لقد كان الدوق سيغفريد تماما من النوع الذي يتفاهم معه كاليان
بالطبع ما أسر كاليان من أفعال الدوقية كان لأن ما فعلوه ليس مجرد ولاء للملك أو حب المملكة ولكن الاعتقاد الراسخ والايمان العميق بالسيف
فتحدث كاليان بابتسامة وهو ينظر للدوق بعيون مليئة بالاحترام والمحبة
- وهذا الكمان، سأكون سعيدا لو استمعت إليه ...
بالطبع لحن حامل السيف سيكون أجمل بكثير من لحن مجرد موسيقار...
________________________________
بيرن سيكريتيا ( سيكريشا)
beirn secritia