مستقبل العالم... نعم، لقد رأيته أيضًا.
"إذن، هذا هو
ولي عهد إمبراطورية الكوزموس المنهارة
"نعم، هذا صحيح."
إبادة 99.9% من البشرية. النهاية التي لم ينجُ منها سوى بضع عشرات من الأشخاص، بما في ذلك بطل القصة ومنظمة بقاء البشرية.
"لم يكن هذا هو المستقبل الذي أريده أبدًا، لهذا كان علي تغييره. كان ذلك هدفي الأسمى، حتى لو تطلب مني التضحية بكل قوتي المتبقية. لذا، فعلتها. تخلّيت عن قوتي لرؤية المستقبل، واستدعيت كيانًا من عالم آخر ليغيّر هذا المصير. كيانًا مستقلاً عن القدر الذي يبتلع هذا العالم... أنت، كيم آنهيون."
...سماع هذا الاسم من صوت شخص آخر، شعور لم أختبره منذ زمن طويل.
"لماذا أنا؟ كان هناك العديد من الأشخاص العظماء غيري."
بمجرد سماع اسمي، تذكرت حقيقتي.
"لماذا اخترتُ، أنا الذي لم أفعل سوى الفشل طوال ثلاثين عامًا، شخصًا عديم الجدوى مثلي؟"
"لأنني لم أستطع التدخل بنفسي. لقد استهلكت معظم قوتي أثناء رؤية المستقبل، ولو انتظرت حتى أتعافى، لكان الأوان قد فات. لذا، كنت بحاجة إلى وكيل."
استدار قائد المنظمة ونظر إلي، واضعًا إصبعه على ذقنه، متأملاً.
"من سيكون؟ من قد يؤمن بكلامي حول المستقبل ويقف في وجه العواصف لتغييره؟"
ثم رفع يده مشيرًا إلي.
"كنت بحاجة إلى شخص لم يحقق سوى الفشل في حياته، شخص يتوق إلى النجاح والبقاء بأي ثمن. شخص بلا شيء ليحميه أو يشتاق إليه في عالمه الأصلي. والأهم... شخص يمكنني أن أهيئ له الظروف ليصدق المستقبل الذي سأريه إياه."(م.م طحن الخواطر بطريقة مهذبة)
"وأنا كنت ذلك الشخص؟ من بين مليارات البشر على الأرض؟"
"نعم. صحيح أنني لم أتحقق من جميع مليارات البشر على الأرض، لكن هذا لم يكن ضروريًا."
"ألم يكن الأمر متعلقًا بمستقبل العالم؟ ألم يكن هناك شخص أفضل؟"
"لم يكن هناك حاجة لذلك."
وصلنا إلى نهاية الممر الطويل، حيث كان باب محصن بأنظمة أمان متطورة في انتظارنا. اقترب قائد المنظمة مني، خطوة أو خطوتين.
"كنتُ بحاجة إليك."
"لماذا؟"
"استدعاء شخص من عالم آخر ليس أمرًا سهلاً. استدعاء الجسد كان مستحيلًا، وحتى سحب الروح ونقلها كان مغامرة. وحتى تلك المغامرة كانت لها شروط صارمة. كلما كانت صلة الشخص بأرضه الأصلية أقوى، وكلما قلت ارتباطاته بالعالم الجديد، زادت صعوبة العملية. والأهم... كان عليّ العثور على شخص يحمل نفس التردد الروحي الذي يمكنك أن تستقر فيه. وكان ذلك الشخص هو نقطة التحول...
مارتن
"إذن، هذا هو سبب تجسدي؟"
"نعم."
عقب ذلك، خيم الصمت. التفت القائد مجددًا إلى الأمام، ووضع يده على الباب. لكنه لم يفتحه، بل طرح عليّ سؤالًا.
"أنت تشعر بذلك أيضًا، أليس كذلك؟ في القصة الأصلية، فشل
جيلبرت
"...نعم."
"زنزانة فوضى الزمن تحت الأرض." في القصة الأصلية، كانت ستنمو إلى وحش ضخم من الوحل الحمضي، يلتهم العاصمة الإمبراطورية. لكنني اقتحمتها مسبقًا، وحصلت على الأثر المقدس
مسبحة النعمة
نيرجين
"العالم أعدّ
جيلبرت
"لقد... فشل."
"بالضبط.
جيلبرت
مسبحة النعمة منحتني القوة للبقاء وسط الوحوش. والأهم، أنها أخرجت
القديس
أما
نيرجين
"وأيضًا، مصائر الكثيرين تغيرت بسببك."
أديلا، أنيت، لوري، هايلي، سابو، بيانكا... إنقاذهم كان أعظم قراراتي.
"لكن فكر في هذا، كيم آنهيون. مجرد أنك أنقذت القارة من قبضة القدر، لا يعني أنني معفي من ذنبي."
أصدر الباب المحصن صوتًا بينما بدأت عشرات أنظمة الأمان بالتعطل تدريجيًا.
"لقد أُجبرتَ على القدوم إلى هنا. بلا منزل، بلا مأوى، خضت معارك لا تُحصى، وكل ذلك بسبب أنانيتي."
"...".
نعم، لم يتغير شيء في جوهره. كل ما سمعته حتى الآن ليس سوى مبررات من القائد، مجرد تبريرات لتصرفاته.
"لذلك، رغم أن هذا لا يعوضك، سأمنحك هدية."
انفتح الباب المحصن، ليكشف عن غرفة محاطة بأقصى درجات الحماية.
وفي داخلها... آلة عملاقة.
عجلات تروس بأحجام تتراوح من حبة أرز إلى أكبر مني، آلاف الأنابيب الشفافة تتدفق خلالها سوائل غامضة، مئات الأسطوانات تتحرك بطاقة المانا، وعشرات الآلاف من أحجار المانا متلألئة.
"ما... هذه؟"
"آلة مستوحاة من المعرفة العلمية للأرض."
تذكرت جيش الآلات الذي حاربناه عندما هاجمنا المنظمة... كان أيضًا يعتمد على تقنية الأرض.
"بالطبع، هذا مجرد جزء بسيط جدًا. العلم أمر معقد، كما تعلم. كونه من حضارة مختلفة، جعله صعب الفهم، بل وأحيانًا يختفي من ذهني وكأن ضبابًا يغطيه. لذا، قمت بدمجه مع أفضل العلوم في هذا العالم—الهندسة السحرية، الكيمياء، واللاهوت. تلك المجالات التي أتقنها جيدًا."
إذن، هذه الآلة العظيمة هي مزيج من تقنيات الأرض وهذا العالم... آلة محفوظة بأقصى درجات الحماية داخل منظمة بقاء البشرية.
"إذن، هذه هي آلة رؤية المستقبل؟"
"آلة لرؤية المستقبل؟ آه، إذن سمعت عن ذلك من رئيس الأكاديمية
لوكفيلس
ثم، بلا مقدمات، خلع القائد قناعه.
"....!"
هو... لا، هي.
كانت تمتلك جمالًا أشبه بالنعمة السماوية. شعر أبيض نقي، كأنه مستخلص من ضوء النجوم نفسها.
—
العالم Lv.4 يؤكد: لم أكن أتوقع هذا أبدًا.(م.م ولا انا توقعتها الصراحة)
وعيون... كأنها تحتوي على نجوم متألقة.
—
الحاسة البرية (Master) تتمتم: هذا... انقلاب مزدوج.
أخيرًا، شعرت بهالة مألوفة كانت مخفية حتى الآن.
تدفق نجم أبيض... إحساس بدورة الفلك ينبعث منها.
"أنتِ..."
"نعم. أنا
القديسة
مدير "مؤسسة إطالة بقاء البشرية"، و"الأوراكل" الذي يرى المستقبل، والشخص الذي جلبني إلى هنا، و... القديسة.
نظرت إليّ بعينيها الحزينتين بنظرة ماكرة.
"تادا! مفاجأة غير متوقعة، أليس كذلك؟"
"أنتِ... القديسة...؟"
عشرات الأفكار تدور في رأسي. ذهني يعمل بجنون، وكأن الخلايا العصبية في دماغي تحترق، حتى أنني أكاد أشم رائحة احتراق من شدة التفكير.
"كيم آنهيون الكاتب، كل ما كنت تبحث عنه... أنا هو."
"..."
"أتذكر عندما قلت قبل قليل أنني لم أكن بحاجة للنظر إلى مليارات البشر على الأرض، وأنك الوحيد الذي احتجت إليه؟"
لم أستطع الرد من شدة الصدمة. ولم تكن القديسة تنتظر مني إجابة، بل واصلت حديثها فورًا.
"النظام العظيم ، الكوزموس، هو الذي اختارك. في اللحظة التي رأيتك فيها، شعرت بأنك الشخص المطلوب."
عندما رأت نظرتي المذهولة، ضحكت بمرح.
"أنت مثير للاهتمام حقًا."
ضحكتها البريئة لم تكن تتناسب مع منصبها الرفيع وهويتها العظيمة.
"أنا..."
"آه، لا بأس. سأسمع ذلك لاحقًا. أنا أعرف بالفعل أنني جميلة."
وسط تقلبات تصرفات القديسة غير المتوقعة، شعرت بقناعة واحدة واضحة.
"هذه المرأة مجنونة تمامًا."
"لقد سألتني سابقًا عن ماهية هذه الآلة، أليس كذلك؟"
نقرت القديسة بأصابعها، فانفتح جزء من الآلة الضخمة، ليكشف عن مركزها. كان هناك كرسي معدني مزود بتروس وأنابيب.
"استعد لتتفاجأ."
أمسكت القديسة بمعصمي كما لو كنت صديقًا قديمًا، وقادتني لأجلس على الكرسي المعدني.
"إنه مركز المعرفة البشرية الذي تم إنشاؤه من خلال علم الأرض، والتكنولوجيا السحرية والخيمياء في القارة، والموارد الهائلة لمؤسسة إطالة بقاء البشرية. وهو أيضًا مذبح مقدس يساعد في تلقي رؤى القديسة. أفضل ذكاء اصطناعي صُنع بفضل القوة المقدسة للسيد كوزموس."
بدأت الأنابيب تتصل بجسدي، والتصقت العديد من الرقع الإلكترونية بجسدي، خاصة على رأسي.
"إنه أحد الميزتين اللتين تمتلكهما."
لم أكن أصدق الأمر...
"إنه... 'العالم الموسوعي'."
وفي اللحظة التالية، شعرت بصدمة قوية وفقدت وعيي.
"آه..."
كنت أغرق في أعماق الظلام. لم أرَ أو أسمع ما يوجد هناك من قبل، لكنني كنت أعرفه بالفعل. إنه مألوف... هناك في الداخل، تكمن "المعرفة".
المعرفة العريقة، أصل كل العلوم.
"'العالم الموسوعي'، إذن..."
لماذا ظهر هذا فجأة؟ كنت أبحث عنه منذ وقت طويل، تمامًا كما شعرت بأهميته باستخدام حواسي الفطرية. كنت أعتقد أنه قد يكون مرتبطًا بلَيْلاك أو بموهبة مارتن، لكنني لم أجد أي دليل واضح، وكدت أفقد الأمل... لم أتخيل أبدًا أنني سأجده بهذه الطريقة.
"أنقذوني! أرجوكم، أنقذوني!"
"آآاااااه!"
بدأت صرخات يائسة تتردد في أذني. في البداية كانت ضبابية، لكنها ازدادت وضوحًا شيئًا فشيئًا.
"أين... أنا؟"
أدركت فجأة أنني أطفو في الفراغ، كما لو كنت في حالة انعدام جاذبية في الفضاء.
حاولت رفع جسدي بشكل طبيعي، لكنني كدت أن أسقط للأمام. لولا حواسي الفطرية وردود فعلي السريعة، لكنت أدور بلا توقف.
بعد أن استعدت توازني، تمكنت أخيرًا من النظر حولي. عندها فقط أدركت مصدر الصرخات وأين كنت.
"هذا المكان هو..."
السماء سوداء. الأرض سوداء. بينهما، تلمع بقايا أضواء كانت ساطعة يومًا ما. حضارة متقدمة لدرجة أنها تفوقت حتى على إمبراطورية الإمبيريوم الحالية. لكنها الآن تنهار بلا حول ولا قوة.
الفضاء الملتوي، الذي يبتلع الضوء، يشوه الزمان والمكان. النور يختفي بلا أثر.
كنت أعرف تمامًا ماهية هذا النور. إنه الطاقة المقدسة. إنها قوة كوزموس.
"هذا... عاصمة إمبراطورية الكوزموس!"
البشر يفرون، وجوههم مليئة بالذعر. يمدون أيديهم، يتوسلون لينجوا، ليركبوا أي وسيلة للهروب. العربات تندفع، والخيول تجري بجنون، تدوس على الدروع المتناثرة. كان الفرسان قد ألقوا بدروعهم وهربوا.
الجميع كانوا يفرون من شيء ما.
— حواسك الفطرية (المستوى: ماستر) تصرخ فيك! انظر خلفك فورًا!
استدرت بغريزة، ورأيت ذلك.
فوضى هائلة. مجرد النظر إليها جعل جسدي يرتعد.
"أوه..."
كانت تلك الفوضى المظلمة تبتلع القصر الإمبراطوري الضخم الذي كان يرمز إلى هيمنة إمبراطورية الكوزموس، بل كانت تزداد انتشارًا لتلتهم كل شيء حولها.
المشهد كان مرعبًا لدرجة أنني كدت أتقيأ.
"إنها... أول زنزانة 'فوضى الزمن'!"
الكارثة التي أسقطت إمبراطورية الكوزموس.
"إذاً، هذا هو مشهد دمار إمبراطورية الكوزموس منذ مئة عام!"
بسرعة رهيبة، تمددت الفوضى وابتلعت العاصمة بأكملها.
تلاشت الصرخات. لم يعد هناك صوت للحيوانات، ولا استغاثات البشر. لقد ابتلعتهم الفوضى بالكامل.
"..."
صار كل شيء صامتًا.
قبل أن أستوعب المشهد التاريخي المرعب، حدث أمر آخر.
من قلب الفوضى، انطلق شعاع من النور مخترقًا الظلام.
"هاه... لقد نجوت!"
كان الناجي الوحيد من تلك الفوضى المدمرة... القديس.
"ما زلت بنفس مظهرك حتى بعد مئة عام..."
في إحدى يديه، حمل كأسًا مقدسًا متوهجًا، وفي الأخرى، كان يحمل فتاة صغيرة كما لو كانت مجرد أمتعة.
"تلك الفتاة..."
بدت مألوفة.
كان وجه القديس يبدو كئيبًا وهو يتمتم:
"في النهاية... لقد حدث هذا فعلاً!"
هبط القديس على سطح مبنى غمرته الفوضى. عندما رأت الفتاة الصغيرة تحته الأرض المتحركة، صرخت:
"آه! سي... سيدي القديس!"
الفوضى التي كانت تبتلع المبنى بدأت تفتح فمها العملاق لتلتهم القديس