"...ما هذا؟"
أول ما خطر في بالي عندما فتحت عينيّ هو: "ما الذي يحدث؟"
"ما هذا؟ ماذا حدث؟"
عندما فتحت عينيّ، رأيت سقفًا أبيض ناصعًا. وعندما أدرت رأسي، وجدت العشرات من الأجهزة الطبية السحرية تحيط بسريري وهي تُصدر أصواتًا متقطعة.
"هذا جنون."
نهضت بجسدي العلوي.
"ليس وقت النوم الآن."
الوضع حرج. كل لحظة ثمينة. إنها المعركة الأخيرة التي يتوقف عليها كل شيء، ومع ذلك، أنا مستلقٍ هنا كأن لا شيء يحدث.
"لا مفر منه، على ما يبدو."
كان أمرًا مؤسفًا، لكنه في النهاية لم يكن بيدي. من كان يتوقع أن يحدث ذلك فجأة؟
"النظام."
– تمت إعادة تشغيل النظام.
"ما الذي حصل؟"
– زنزانة فوضى الزمن خرجت عن السيطرة. تعرّضت القارة لهجوم شامل من الفوضى، حتى أن إرادة القارة نفسها وصلت إلى حافة الموت، لكنها تعافت بالكاد.
فهمت الآن أن إرادة القارة كانت في خطر بسبب هجوم الفوضى. لكن لماذا أنا؟
"...لو أن إرادة القارة زالت، هل كنت سأموت أيضًا؟"
– بنسبة كبيرة، نعم.
اللعنة.
"إذاً، الـ500 ألف نقطة التي جمعتها كانت ذات فائدة على الأقل."
– يرجى إعادة المزيد من النقاط.
في لحظة، تساءلت إن كان هذا النظام قد جُن.
– في لحظة الحسم، ستحتاج إلى القوة التي تمنحك إياها إرادة القارة.
"..."
عندما يُقال لي شيء كهذا، لا يمكنني الرفض.
"على أي حال، لم يتبقَّ الكثير من الاستخدامات للنقاط."
فقد كنت قد رفعت مهاراتي في استخدام البنادق، القوة المقدسة، الحركة، والقدرات البدنية الأخرى إلى أقصى المستويات استعدادًا للمعركة النهائية. ولم أكن لأبدأ فجأة تعلم الرماية أو المبارزة.
وبصراحة، القدرات المتوسطة تعيق الوصول إلى "الأقصى".
"خذوها. خذوا كل النقاط المتبقية لدي."
– شكرًا جزيلًا.
سرعان ما بدأت النقاط تتناقص بسرعة. من عشرات الآلاف إلى الآلاف، فالمئات، فالعشرات، ثم الصفر.
– النقاط المتبقية: 0
وصلت إلى الحضيض. كما لو أن الخزنة الذهبية امتلأت يومًا، والآن لم يتبقَّ فيها سوى جدران وسقف وأرضية فولاذية.
– تم استرداد كامل النقاط.
"أخذتم 500 ألف نقطة آخر مرة أيضًا."
لكن يبدو أنني نجوت بسبب ذلك. لا يمكنني أن ألعنهم بالكامل، فالعدو هنا هو "الفوضى".
"تسفّ."
نهضت ببطء من مكاني.
على أي حال، لم يكن من المفترض أن أبقى هنا أكثر من ذلك. والشيء الجيد هو أن جسدي كان سليمًا. أطرافي تتحرك جيدًا.
"لكن جسدي كله يشعر وكأنّه مغطى بالكهرباء."
رغم أنني كنت سليمًا، لا تزال لدي آلام وهمية، وكأن أحدهم مزّق جسدي إربًا.
كان من الواضح حجم الصدمة التي تلقيتها عندما سقطت.
"كم من الوقت مر؟"
– الدكتور الخارق (Master) يقول إن خمسة أيام مرت. الساعة حاليًا 11:42 صباحًا.
خمسة أيام. كونني نمت كل هذا الوقت جعلني أتساءل إن كانت المعركة قد انتهت بالفعل.
"زر النداء؟"
لم يكن هناك حتى زر بسيط للنداء، لا جرس ولا جهاز اتصال.
"لا خيار."
أمسكت بالأشرطة الموصولة بجسدي ونزعتها بعنف.
بدأت الأجهزة الطبية السحرية تصدر ضوضاء عالية، لكن لم يكن هذا مهمًا. نهضت من السرير وخلعت ملابس المرضى.
لحسن الحظ، وجدت أشيائي مرتبة في الخزانة. الزي، البندقية، الأدوات السحرية... وحتى حزام الذخيرة.
"..."
لم يظهر أي ممرض أو ممرضة طوال هذا الوقت. لم أسمع حتى صوت خطوات مستعجلة.
"لا بد أن شيئًا كبيرًا قد حدث خلال هذه الخمسة أيام."
خرجت من غرفة العناية المركزة البيضاء، وامتد أمامي ممر أبيض ناصع.
"لا أحد هنا."
الممر الأبيض كان خاليًا تمامًا، باستثناء الأبواب.
"التجوال هكذا غير فعّال."
يجب أن أجد مخرجًا. أغمضت عينيّ وركّزت.
– الإحساس البري (Master) يستخدم الإحساس الفراغي لرسم خريطة للمبنى.
– الدكتور الخارق (Master) يرسم مخطط المبنى.
كان هذا الجناح يقع في الطابق الثالث من مبنى تابع للتحالف البشري على حدود القارة. سبق أن رأيته.
"الخروج يجب أن يكون في الطابق الأول."
لكن النزول إلى هناك لن يكون سهلًا، يبدو أن الأمور ليست على ما يُرام.
– الإحساس البري (Master): هناك أشياء مريبة كثيرة في هذا المبنى.
أدرت رأسي نحو الباب في نهاية الممر. خلف هذا الباب، شرفة.
"أريد أن أُلقي نظرة من الأعلى."
مشيت بثقة عبر الممر الأبيض.
"...يا إلهي."
بينما كنت أمر بجانب غرفة مفتوحة، رأيت مرضى كثيرين.
أجهزة طبية تصدر أصواتًا، وأصوات تنفس ضعيفة تؤكد أنهم ما زالوا على قيد الحياة.
رائحة الدم الطازج والقيح تهمس لي: "اخرج من هنا فورًا."
وصلت إلى باب الشرفة. أمسكت به بكلتا يديّ ودفعته.
ضوء الشمس يتدفق من الخارج. العالم ينكشف.
"آه."
نمت لخمسة أيام فقط...
"حار جدًا."
لكن العالم قد...
"احترق."
الأرض، الأشجار، السماء، الغيوم... كل شيء كان يحترق بلون أحمر قانٍ.
كما لو أن أوركسترا كلاسيكية تعزف موسيقى نهاية العالم. رغم أن الموقف لا يناسب ذلك على الإطلاق.
"أطلقوا النار!"
"هذا خلفنا هو جناح المستشفى! علينا حمايته!"
"اللعنة! ماذا عسانا نفعل؟!"
عندما نظرت إلى الأسفل، رأيت جيوشًا لا تُعدّ.
جيوش مدججة بالسلاح، لكنها تبدو كالعصابات أمام عدوهم الحقيقي.
[كهاها! الجنة! الجنة!]
[كيييهاهاهاهاها!]
الشياطين.
من المفترض أنه بسبب الميزان المائل، لم يكن ينبغي للشياطين أن يتمكنوا من القدوم إلى هذا المكان... لكنهم الآن يسيرون في أرجاء القارة. يخرجون من السماء والأرض المشتعلة بشكل طبيعي، وينهشون البشر.
"أوقفوهم! أوقفوا الشياطين!"
[إنه إنسان! التهموه!]
"آااااه!"
[كيهيهيهي!]
شياطين مبتهجة بفكرة التهام القارة بعد غياب طويل، وبشر مرعوبون يراقبون.
"..."
ذهني بدأ يضطرب. وبدأت الشتائم تظهر من أعماقي. شتائم مقززة يصعب حتى النطق بها.
مشاعري... بدأت تصبح سيئة للغاية.
لقد فعلت كل تلك الأمور المقززة لأمنع حدوث هذا الوضع…
ثم كأنما يسخرون مني، أستيقظ من نومي الطويل لأرى هذا الجحيم.
لا أثر للقديس أو هكتيا أو أي من الحلفاء. والمكان الذي كان فيه الأسطول الجوي أصبح منذ زمن ساحة احتفال ملطخة بالدماء واللحم تقيمها الشياطين.
بل إن الوضع استمر طويلاً لدرجة... أن دماءهم وجنونهم جمعت ما يكفي لاستدعاء أحد السبعة الأعظم من الشياطين القذرين.
[آآآه…!]
صوت مغرٍ، محايد لا يُعرف أهو لذكر أم أنثى. لكنه... جميلٌ لدرجة تُذهل القلب وتدوّخ الرأس.
[جنة السقوط... كم مضى من الزمن.]
ذراع واحدة ارتفعت من أرض إمبراطورية كوزموس التي تغلي بالفوضى.
المخلوق الذي تجسد بعد أن تلقى القرابين التي قدّمتها الشياطين… كان عارياً بشكل مخجل. لكن جسده كان جميلاً إلى درجة أنه بدا كجسد إله، لا كشيء صنعه إله.
مظهره الغامض لا يمكن تصنيفه كذكر أو أنثى. عيناه ساحرتان، شفاهه تكسر العفاف، شعره لا يسمح بالزهد.
ولم يكن يُثبت كونه شيطاناً سوى زوج من الأجنحة وقرنان فاخران على رأسه.
شيطانٌ يجسد الشهوة وحدها، يطفو في الهواء. ويظهر للجميع في معسكر اتحاد البشرية.
[كِلتو ذكي، لكنه طماع. جاء هو وبراهاموس فقط. أفهم جيداً شعور كراگاه وڨوبركا.]
ثم فتح ذراعيه وهتف بصوت عالٍ نحو العالم:
[هيا! استقبلوني! أنا هو "أبرادانتي، لورد الشهوة المنسية"!]
صدى صوته انتشر عبر ساحة المعركة، وجنود اتحاد البشرية حدقوا فيه في ذهول. من المفترض أن أحدهم يصرخ أو يطلق سهماً…
"..."
"..."
"..."
لكن... سكونٌ تام.
لا أحد نطق بكلمة. حتى الشياطين أنفسهم صمتوا.
الفرق بين الإنسان والشيطان هو أن الشيطان... يكتم ضحكته بفضول لمعرفة ما سيحدث.
"أوه..."
شخص ما كسر الصمت أخيراً.
"أوه... يا إلهي."
كلمات غير معقولة خرجت من فم فارس شريف.
ثم، كألعاب نارية، بدأت الهتافات تنفجر من كل مكان:
"أوووووه! يا إلهي! يا إلهي!"
"آه، يا سيدة! أنتِ جميلة للغاية!"
"خذي جسدي! أقدمه لكِ!"
"آه، كم أنتِ رائعة! أقسم لكِ بالولاء!"
في مشهد مدنس، كان البشر يسبحون ويمجدون لورد الشهوة.
[كيهيهي!]
[كرووورر!]
ضحكت الشياطين الحقيرة بسخرية. يا له من يوم مخزٍ في تاريخ البشرية.
أما لورد الشهوة، أبرادانتي، فكانت تبتسم بلطف.
[نعم، نعم. دعوني أسمع أصواتكم.]
مدّت يدها لتعانق أولئك المتوحشين الذين يطلبونها كإلهة.
[انسوا كل شيء، واتكئوا عليّ، أنا الجميلة العظيمة.]
"أنتم، أنتم! ما الذي تفعلونه؟!"
"استفيقوا!"
لكن لم يُفتن الجميع.
فرسان الذهب، كما يسمون، لم يُصَبوا بسحرها.
[همم~؟ ومن أنتم؟]
أبرادانتي نظرت إلى الفرسان الذهبيين بوجهٍ متضايق.
الذهب معدن لا يتغير، والفرسان الذهبيون صمدوا أمام سحرها.
قد يبدون أضعف من الفولاذ أو البلاتين، لكنهم خاضوا تدريبات قاسية ليبلغوا تلك المرتبة بين البشر.
"يا شيطان قذر! لن نغفر لك!"
"سحرك لا يصل إلينا!"
[حقاً؟]
لكن أبرادانتي رفعت يدها، لمست شفتيها، ثم لوّحت بها نحوهم.
وهكذا... انتهى الأمر.
"يـا... إلهي!"
"يا إلهي!"
حتى الفرسان الذهبيون سقطوا، واحداً تلو الآخر. فقط الأقوى إرادة ظلوا واقفين.
"هاه..."
أنا، فتحت بندقية الصيد خاصتي وفحصت غرفة الطلقات. ثم أدخلت رصاصة خارقة من صندوق الذخيرة.
أول مرة ألمس بندقيتي منذ خمسة أيام. تفقدتها بعناية، ثم رفعتها ببطء، وصوبت بدقة.
[هيا! هيا! اجثوا! اخلعوا ثيابكم! مزقوا صدوركم وقدّموا قلوبكم لي! ولا تنسوا سلخ جلودكم بأنفسكم! سأصنع بها ملابسي الجديدة!]
شهرة "لورد الشهوة المنسية" لم تكن عبثاً. فهو يسحر حتى الإرادة والشرف، ويحوّل البشر إلى دمى بلا وعي.
[آه، انتظروا لحظة. لا تقتلوا أنفسكم بعد. كِلتو طلب مني قتل شخص واحد بالتحديد. هلّا أحضرتم لي مارتن؟]
عند سماع الاسم، استدار الجميع ببطء.
نحو مبنى المستشفى، حيث كنت راقداً لخمسة أيام.
حتى أبرادانتي وجهت رأسها نحو المبنى. كنت على وشك الرد، حين…
"توقفي."
صوتٌ سُمع فجأة. تجمدت أبرادانتي، وتوقفت يدي عن سحب الزناد.
شخص ما كان يركض على سطح المبنى، ثم وقف شامخاً في الأعلى.
فتاة ترتدي زي خادمة، وتحمل قناصاً ضخماً.
[يا إلهي، كم أنتِ لطيفة. زي خادمة وبندقية قناص؟ يا له من تنسيق!]
"اسمي ليلَك."
[إذن، ليلك... لكن ما...]
"أنا الخادمة الوحيدة للشخص الكريم الذي تبحثين عنه."