"لا تركض. سوف تتأذى."
توقف الأخ الذي كان يطارد الأخ الآخر في لعبة مطاردة على طول الرصيف. كان الطريق، المرصوف بألواح خشبية رثة، قد انتهى حيث كان على وشك دخول الشاطئ.
"قد تكون هناك صخور حادة، لذا كن حذرًا."
من بين الأخوين، أدار الأخ الأكبر رأسه نحو مصدر الصوت. كانت هناك فتاة صغيرة تجلس مثنيةً ركبتيها على السور البحري المائل.
كان شعرها الأصفر الفاتح يتدلى من ندى الصباح.
بدأت الشمس في الارتفاع. عند النظر إلى وجهها، الذي كان مضاءً بشروق الشمس، كان بإمكانه رؤية ابتسامة لطيفة عليه.
بدت وكأنها في نفس عمرهم تقريبًا، لكنها بدت ناضجة بشكل غريب. حدق الصبي في وجهها بفراغ، ثم أومأ برأسه وركض إلى الشاطئ بينما كان ممسكًا بيد أخيه بإحكام.
على الرغم من أنهما كانا في نفس العمر، إلا أن الفتاة شعرت كما لو أنها تعتني بأخ صغير. ولهذا السبب لم تستطع إلا أن تخبرهم بذلك.
"......"
في النهاية، استنشقت الفتاة — أديل — رائحة زهرة الصفير المتفتحة على الشاطئ. التقطتها بلطف ووضعتها على جانب واحد من شعرها.
نظرت إلى الرصيف الذي كان مزدحمًا منذ الفجر، واستنشقت مرة أخرى هواء الصباح المالح.
كانت هذه أرض التجار, أولديك.
أولديك كانت أكبر مدينة تجارية داخل الإمبراطورية، حيث تبحر عشرات القوارب كل يوم.
وقد كان الأطفال من أكبر دار للأيتام هناك، دار أيتام دلدروس، يكبرون بشكل أسرع بكثير مقارنة بأقرانهم.
فبعد كل شيء، لم يكن لديهم أي آباء لحمايتهم. لذا أُجبروا على أن يصبحوا بسرعة أشخاصًا يمكنهم القيام بنصيبهم.
بالنسبة لمعظم الأطفال، تم تكليفهم بالعمل بمجرد أن تمكنوا من تحريك أجسادهم.
بدأوا بالقيام بمهام مثل حمل الحقائب، وجلب الماء، والتنظيف البسيط، وغسل المناشف، وأشياء أخرى من هذا القبيل... وعندما كبروا، بدأوا في الاهتمام بجمع الطعام، وغسل الملابس، والأطفال ذو المهارات الحرفية الجيدة تم تكليفهم بالقيام بالنجارة.
وذلك لأنه في مجتمع وحشي لا يتمتع فيه المرء بوالدين لحمايته، فإنهم يحتاجون بسرعة إلى أن يكونوا قادرين على الاعتناء بأنفسهم. حتى لو كان الأمر قاسيًا بعض الشيء، فليس باليد حيلة. تلك كانت سياسة دار أيتام دلدروس.
دار الأيتام لم تكن مكانًا لحماية هؤلاء الأطفال. بل كان مكانًا لهم للبقاء على قيد الحياة في هذا العالم الصعب بمفردهم.
ربما كان ذلك بسبب الجو السائد في مدينة أولديك.
أديل، التي بدت صغيرة جدًا، فكرت بقدر ما كانت تجلس بهدوء وتشعر بنسيم البحر.
على الرغم من أن الوقت كان ما يزال مبكرًا في الصباح والشمس قد بدأت للتو في الارتفاع، إلا أن الرصيف كان ممتلئًا بالفعل بالعمال الذين يقومون بتحميل قواربهم.
استخدم التجار العدادات أثناء مرورهم وسط الحشود الصاخبة. قام القباطنة بفحص مخزوناتهم بسرعة. ورفع العمال أصواتهم أثناء التفاوض على عقود النقل والتأمين.
بدأ الناس العمل حتى قبل أن تستيقظ الشمس.
في المدينة التجارية الصاخبة، كانت السمتان الأعلى قيمة هما العمل الجاد والاجتهاد.
"لقد كنتِ هنا يا آنسة أديل."
فجأةً، رأت رجلاً يمشي نحوها ويداه خلف ظهره على الجانب الآخر من السور البحري.
بدت بدلته، التي تناسبه تمامًا، وكأنها بالية تمامًا. كان له مظهر رجل دين موقر.
"هل سمعتِ الاخبار؟"
"الأخبار المتعلقة بإرسالك إلى مبنى الأب المقدس؟ سمعت أنه تم ترقيتك لتصبح أسقفًا."
أرجحت أديل بساقيها في الهواء بابتسامة على وجهها.
"تهانينا. سوف تصبح شخصًا ذو رتبة عالية للغاية. إيها الكاهن الأكبر فيرديو!"
كانت دار أيتام دلدروس منشأة دينية تعمل من خلال دعم طائفة تيلوس الدينية.
على وجه الخصوص، نظرًا لأنه كان أكبر دار للأيتام في جميع أنحاء الإمبراطورية، تم إرسال كاهنًا كبيرًا ليكون مديرًا عامًا للمكان قبل أن يصبح أسقفًا.
مشى الكاهن الأكبر فيرديو على طول السور البحري حتى أصبح خلف أديل مباشرةً.
كان مظهر الفتاة الصغيرة لفتاة يتيمة فقيرة. تنورة متسخة وبلوزة بأكمام مهترئة. كان شعرها، الذي كان مربوطًا بقطعة خيط قديمة، مجعدًا جدًا.
مع ذلك، كانت لدى أديل أناقة غريبة حولها. رغم صغر سنها وملابسها البالية وإكسسواراتها الرثة، إلا أن تلك الأناقة من حولها لم تتلاشى. كان من الصعب شرحها تمامًا بالكلمات.
"القديسة إلنير، التي باركت مبنى الأب المقدس, قد رحلت بعد سبع سنوات من الخدمة. حدث ذلك العام الماضي."
كانت أديل قد توقعت مسبقًا ما سيقوله فيرديو، لكنها استمرت في الاستماع دون أن تقول أي شيء.
"ولكن للصلاة من أجل إلهنا تيلوس، يجب أن يستمر التقليد المستمر للقداسة. إن حقيقة عدم وجود أي شخص يتمتع بقوة مقدسة قريبة من مستوى القديسة هي أكبر اهتمام حالي لمبنى الأب المقدس هذه الأيام. لذا يا آنسة أديل..."
"الكاهن الأكبر فيرديو... أعتقد أنك تقدرني بشكل مبالغ فيه. حقًا..."
ادارت أديل أوراق الكون التي كانت تحملها بيدها وهي ترفس ساقيها.
"رؤية المستقبل ليست شيئًا يمكنني القيام به لأنني أرغب به. إنه يحدث فقط في أحيان، وفجأةً. حتى لو كان ذلك بسبب القوة المقدسة، كيف يمكنني أن أسميها قدرتي عندما لا أستطيع حتى التحكم فيها كما يحلو لي؟"
"آنسة أديل. لا شيء من هذا يهم."
وقف فيرديو بجانبها ويده خلف ظهره، وهو ينظر إلى رصيف الميناء المزدحم. لقد كان مشهدًا مألوفًا لفيرديو.
كان السبب وراء إرسال رجال الدين رفيعي المستوى في مبنى الأب المقدس له إلى أولديك واضحًا. كان ذلك لأن طبيعته عندما يتعلق الأمر بالعمل كانت مشابهة لطبيعة التاجر. في الواقع، كان من السهل جدًا على فيرديو التكيف مع ثقافة أولديك.
"الشيء المهم هو... أنكِ ولدت بقدرات فائقة. أن تكوني قادرة على رؤية المستقبل وكسر القدر الذي خلقه إلهنا تيلوس — وخاصة قدر الزمن. على حد علمي، الشيء الوحيد القادر على ذلك هو السحر السماوي الذي يسخر قوة النجوم."
"السحر السماوي. لا أعرف حتى ما إذا كنت قادرة على القيام بمثل هذا الشيء المذهل."
"ألا تقولين أنكِ تمكنتِ من إلقاءه عن طريق استعارة قوة السحر المقدس؟ إن حقيقة قدرتكِ على القيام بمثل هذا العمل الفذ دون أن يعلمكِ أي شخص على الإطلاق هو في حد ذاته أمر فائق."
كان شعر فيرديو الأحمر مربوطًا على شكل ذيل حصان، يرفرف في مهب الريح.
"أنتِ الوعاء المثالي، الذي يستحق التكريم بصفته القديسة. وإنه لشرف عظيم أن أكون أول من اكتشف الوعاء المثالي للقديسة ضمن مجموعة تيلوس الدينية."
"......"
"دعينا نتوجه إلى مبنى الأب المقدس معًا. إذا أثبتِ مهاراتك للأب المقدس، فيمكن تعيينكِ كالقديسة التالية على الفور، يا آنسة أديل."
لم تكن شخصًا يجب أن يتعفن في زاوية دار أيتام أولديك إلى الأبد. كان فيرديو على يقين من ذلك.
رفعت أديل رأسها بسرعة لتنظر إليه وهي تبتسم مرة أخرى. ثم أخرجت العود الذي كانت تحمله على كتفها. كانت تحمل العود بين ذراعيها مثل فتاة صغيرة.
ثم قامت بنقر الأوتار عدة مرات وهي تهز رأسها في محاولة للعثور على إيقاع. سمع فيرديو الأخبار مؤخرًا بأنها كانت تحاول تعلم العود، لكنها لم تكن جيدة في العزف على العود بعد.
"إن القدرة على رؤية المستقبل عديمة الفائدة أكثر مما تعتقد، أيها الكاهن الأكبر."
"لا أحد يفكر على هذا النحو."
"هذا ليس صحيحًا~ من المثير للدهشة أن تغيير تدفق المرء الزمني في المستقبل هو أمر سهل أكثر بكثير مما تظن. على الرغم من أن الكثير من الأشياء ستحدث، إلا أنه في النهاية سيحافظ التدفق بأكمله على نفسه."
انتشر صوت عازفة عود عديمة الخبرة في جميع أنحاء الساحل الصاخب.
رأت أديل العديد من المستقبلات. سيظهر المشهد فجأةً أمام عينيها، دون أي قواعد أو نذير.
وينطبق الشيء نفسه على مستقبل الأطفال الذين تجمعوا في دار الأيتام أولديك، الذين لم يعد لديهم آباء. غالبًا ما كانت عيون أديل ترى مستقبل الأطفال الذين عاشوا معها هناك.
حتى لو لم تكن تعرف أسمائهم أو شخصياتهم... كان مستقبل هؤلاء الأطفال، الذي بدا مجزأً، مختلفاً لكل واحد.
محارب متجول يطارد الجوائز أثناء سيره في شوارع منطقة كوهيلتون الخارجة عن القانون. ساحرة أصبحت تاجرة، وامتلكت الكثير من السلطة والثروة داخل شركة إلت على الرغم من صغر سنها.
لقد رأت عددًا قليلًا من الأطفال أمامهم مستقبل مشرق، لكن لم يكن لدى أديل أي وسيلة لمعرفة ما إذا كان هذا المستقبل سيحدث حقًا.
"في المستقبل الذي تنتشر فيه العديد من الطرق على نطاق واسع، ما مدى فائدة أن تكون قادرًا على رؤية طريق واحد فقط في جدول يحتوي على مسارات لا تعد ولا تحصى؟ من المثير للدهشة أن مستقبل الفرد يمكن أن يتغير بشكل جذري حتى مع أقل الخيارات أهمية."
"...هل هذا صحيح؟"
"هذه هي الطريقة التي تعمل بها الأمور. رغم ذلك، لا تزال هناك أشياء كثيرة لا أعرفها عن الأمر. هيهي."
بينما كانت الفتاة تعزف على العود، وتنظر إلى الشاطئ، رأت أحد إخوتها الذي كان قد مر للتو.
كان هناك عدد قليل من الأولاد يركضون ويلعبون المطاردة. بعد الركض لفترة طويلة، نظر فجأةً إلى الأرض.
كان هناك حجر كبير وحاد على الأرض. بسبب القصور الذاتي لجسده المتحرك، كان على وشك التعثر والسقوط عليه. وبعد أن حالفه الحظ وتمكن من تجنب الحجر، بدأ بالركض مرة أخرى.
دون أن يسقطا، ركض الصبيان على طول البحر ببطء، مبتعدين عنها.
"حتى مع ذلك، فيما يتعلق بمبنى الأب المقدس... لا بد أنه بالتأكيد مكان أكثر هدوءًا وراحة للإقامة فيه من هذه المنطقة الصاخبة..."
نظرت إليه أديل بابتسامة على وجهها. عند مشاهدة البحر، الذي يتلألأ مع انعكاس أشعة الشمس الناعمة، شعرت بقلبها يرتاح.
ثم، فجأةً، رأت شيئًا لم تكن قادرة على رؤيته من قبل... كان لديها شعور بأنها تستطيع رؤية لمحة عن مستقبلها.
* * *
"القديسة كلاريس، تبدين متعبة بعض الشيء. هل أنتِ بخير؟"
كان هناك بالفعل ضجة في كل مكان حولها.
كان هذا هو يوم التدريب القتالي المشترك، بالقرب من مدخل قاعة غلوكت.
جلست كلاريس أمام إد وبينهما طاولة خشبية. منذ بعض الوقت الآن، كانت خارجة عن عقلها قليلاً. كان ذلك طبيعيا فقط.
كانت تنظر إلى جميع أنحاء وجه إد، وحتى أنها لمست جسده للتحقق مما إذا كان قد أصيب بأي إصابات. وبسبب فورة الطلاب، التي كانت فقط تزداد ارتفاعًا، شعرت وكأن عينيها سوف تفيضان بالدموع.
لم تستطع البقاء ساكنة. لذا، عندما مد إد ذراعه وسألها سؤالاً... أمسكت بها بسرعة.
"...قديسة؟"
من وجهة نظر إد، كان الوضع مفاجئاً. ولكن، تجاهلت كلاريس رد فعل إد تمامًا وقامت بسحبه بعيدًا بسرعة.
"علينا أن نهرب...!"
"ماذا...؟"
"نحن... نحن بحاجة إلى الهرب...!"
كلاريس أصبحت بالفعل مغروقة بعد أن مرت بالكثير في مثل هذا الوقت القصير.
مع ذلك، حتى في تلك الحادثة الساحقة التي مرت بها، كان لا يزال هناك مشهد صادم لا يُنسى.
مظهر التنين الأزرق الإلهي الذي غطى السماء بأكملها فوق الجزيرة. الحراشف التي أمطرت، مما أسفر عن مقتل عدد لا يحصى من الطلاب. رد فعل إد، كما لو أنه أدرك شيئا. انهيار قاعة أوفيليس. و... جثة إد التي ماتت بين ذراعيها أثناء حمايتها.
الذكريات التي مرت مثل بانوراما تسللت إلى ذهن كلاريس.
بمجرد انتهاء التدريب القتالي المشترك، سوف يسقط ظل الدمار على جزيرة آكين.
لم يكن حلمًا. لقد حدث ذلك بالتأكيد في الحياة الحقيقية. لم تكن تعرف السبب، ولكن لسبب ما، عادت إلى الماضي.
قبل وقوع الكارثة... أفضل ما يمكن فعله هو الهرب إلى أقصى حد ممكن. كان ذلك هو رد الفعل الطبيعي والمعقول.
"نحن... لا نستطيع أن نفعل أي شيء... نحن فقط... بحاجة إلى الهرب...!"
كانت الدموع تتدفق من عيني كلاريس وهي تمسك بذراع إد وتركض نحو العربة. ينكار — التي كانت تجلس بجانبهم — وكذلك جميع الطلاب من حولهم الذين كانوا يشاهدون، تحولوا إلى حجر.
الامساك بذراع إد في وضح النهار والقول فجأةً بإنهم بحاجة إلى الهرب... لن يعتقد أي شخص أبدًا أن هذا الوضع طبيعي. ولكن كما ذكرنا من قبل، فإن الحالة العقلية للقديسة لم تعد طبيعية أيضًا.
"قديسة...؟ قديسة...!"
تم سحب إد من ذراعه نحو العربة بواسطة القديسة. لقد كان شيئًا لم يستطع محاولة الهرب منه بتهور.
ثم أمرت كلاريس الجنود بدفعه إلى العربة. مع دفع ظهر إد، لم يكن أمامه خيار سوى ركوب عربة القديسة الفاخرة.
بعد أن صعدت كلاريس معه على متن العربة، أمرت الفارس بسرعة بالاندفاع مباشرةً إلى جسر ميكسيس على الفور.
"عذراً؟ أيتها القديسة، الآن... أنتِ بحاجة للذهاب إلى قاعة تريكس للقاء الأب المقدس..."
"سأتحمل مسؤولية كل شيء... فقط أسرع إلى جسر ميكسيس بأسرع ما يمكن...!"
في الوقت الحالي، بما أن التنين الأزرق الإلهي لم يظهر بعد، فلا ينبغي أن يكون هناك حشد متجمع عند جسر ميكسيس.
أول ما تبادر إلى الذهن هو الأب المقدس ورئيس الأساقفة. وبما أنهم كانوا في جزيرة آكين، كان من الواضح أنهم سوف يتورطون أيضًا في هجوم التنين.
مع ذلك، في الوقت الحالي لم يكن لدى كلاريس أي فكرة عن مكان وجودهم. لقد انتظرت فترة طويلة في قاعة تريكس قبل أن تعود إلى الماضي، ولكن في النهاية لم يظهروا أبدًا.
دقيقة واحدة، بل حتى الثانية الواحدة كانت ثمينة. سيكون من الصعب جدًا العثور عليهما، وإقناعهما بما سيأتي، وجعلهما يلغيان جميع خططهما، ثم الهروب معهم أخيرًا من جزيرة آكين. كانت على يقين من أن التنين سيظهر نفسه قبل أن تتمكن حتى من العثور عليهم.
اصطدمت أسنان كلاريس ببعضها واندلع عرق بارد على بشرتها بجنون. بما أنها القديسة، أرادت أن تؤمن سلامة الأب المقدس ورئيس الأساقفة أولاً، لكن... في النهاية، صرّت على أسنانها وهي توجه العربة لتتجه مباشرةً نحو جسر ميكسيس.
الآن... الشيء الصحيح الذي يجب فعله هو إنقاذ الأشخاص الذين تستطيع انقاذهم. لم يجب أن تضيع حظها في العودة إلى الماضي من خلال محاولة معرفة مكان وجود الأب المقدس ورئيس الأساقفة.
كان في العربة السائق الذي حمى حصان القديسة حتى النهاية، بالإضافة إلى الفرسان المرافقين الذين ماتوا لحماية القديسة.
وهناك، جالسًا على الجانب الآخر من كلاريس... إد روثستايلور، الذي سحقه الركام أثناء حماية القديسة حتى النهاية.
في الوقت الحالي، كان هؤلاء هم الأشخاص الوحيدين الذين تمكنت كلاريس من الوصول إليهم. لقد أرادت إنقاذ شخص آخر إذا استطاعت، لكنها لن تكون قادرة على إنقاذ كل شخص في الأكاديمية. على الأكثر، يمكن أن تتسع العربة لعدد قليل من الأشخاص فقط.
لهذا السبب... لم يكن أمامها خيار سوى إنقاذ الأشخاص الذين يعنون لها شيئًا أولاً.
شعرت كما لو أنها تزن حياة شخص ما بقلبها. هذا الشعور الفظيع بالذنب زحف على ظهرها، ولكنها... لم توقف العربة.
لم يكن هذا التنين العملاق شيئًا يمكن إيقافه بالقوة البشرية. إن عدم قدرتها على التغلب على ذنبها والبقاء ساكنة في جزيرة آكين دون القيام بأي شيء لن يؤدي إلا إلى الموت كالكلب.
"يا قديسة... إذا فعلتِ هذا، فسيكون الوضع صعبًا."
داخل العربة المتمايلة، حاول إد ثني كلاريس.
"أيتها القديسة، أليس من المفترض أن تتجهي نحو قاعة تريكس الآن؟ أنا أيضًا يجب أن أذهب إلى التدريب القتالي المشترك، لذا إذا قمتِ بذلك، فكلانا سوف نكون..."
"بمجرد انتهاء التدريب القتالي المشترك..."
سواء كان سيصدقها أم لا.
لتكون صادقة، واصلت كلاريس التحدث دون أن تفكر حتى في أنه سيصدقها.
"سوف ينزل تنين ضخم فوق جزيرة آكين. وبعد ذلك... سوف يقتلنا جميعًا."
"...ماذا؟"
لا يهم ما إذا كان يعاملها مثل مختلة عقلية. لقد أرادت فقط أن تقول له الحقيقة.
"لقد كدت أن أموت مرة واحدة بالفعل... ولكنني عدت إلى الماضي."
"ماذا تقصدين بذلك؟"
"أنا...أنا أيضًا لا أعلم...ولكن..."
شبكت كلاريس يدي إد وهي تبكي.
"لقد أنقذتني مرة واحدة. و... شيء ما... يبدو أنك قد اكتشفت شيئًا ما... ولكن قبل اخباره إلي...... كان الركام..."
مرة أخرى، بدأ الخوف يتجمع داخل جسدها. ضغطت كلاريس على أسنانها وهي تحاول حبس دموعها التي كانت تنهمر.
بالكاد أنهت كلاريس حديثها بينما كانت تقبض على يد إد بإحكام، وتقوي نفسها.
"لقد انهارت... بدلا مني... أنت مت... لذا... مهما حدث... قلت لي أن أطلب منك المساعدة... بالطبع الآن لا تعرف ماذا أتحدث عنه... ولكن رغم ذلك..."
"كلا يا قديسة... فقط... ما الذي..."
باستخدام الحس السليم، سيكون من الصعب أن نطلب من أي شخص أن يصدق مثل هذه القصة المفاجئة. لذلك، إذا نظرت إلى الأمر من وجهة نظره، كان ذلك منطقيًا بما فيه الكفاية.
فجأةً ظهرت قديسة من الطائفة الدينية، سحبته من ذراعه ودفعته إلى عربة، ثم ادعت أنها عادت بالزمن إلى الوراء.
ولكن بالنسبة لكلاريس، كانت هذه هي الحقيقة فقط.
"بقول شيء من هذا القبيل فجاةً... كيف من المفترض أن أرد على ذلك...؟"
"أعلم أنه من الصعب تصديق ذلك... ولكن... الشخص الوحيد الذي يمكنني الاعتماد عليه هو أنت..."
بينما كان كل شيء يغرق في الفوضى، كان إد هو الوحيد الذي بدا وكأنه قد أدرك شيئًا ما. الحقيقة وراء كل ذلك.
وكان هو الشخص الذي حمى القديسة حتى النهاية.
"ولكن رغم ذلك... بالنسبة لي..."
"من فضلك... من فضلك، صدقني... حقًا... لقد رأيت التنين يظهر حقًا...! جميع الطلاب يموتون، مشاهدتك وأنت تحميني حتى النهاية... بعيني الاثنتين... لقد رأيت كل شيء بوضوح..."
عادت المشاهد من ذلك الوقت إلى الظهور في شكل صدمة نفسية، واستمرت في مطاردة عقل كلاريس. على الرغم من أنه كان يرى الصدق في دموعها، إلا أن الأمر كان مفاجئًا للغاية.
فركت كلاريس عينيها مرارًا وتكرارًا وهي تمسح دموعها... عندها تذكرت كلمات إد الأخيرة.
"يا قديسة... في الوقت الحالي... أعتقد أنه سيكون من الأفضل إيقاف العربة والتحدث."
"واحد... خمسة..."
حاول إد تهدئة كلاريس بتعبير مضطرب على وجهه، لكن كلاريس لم تهتم بذلك وواصلت الحديث.
"واحد، خمسة... خمسة، صفر، صفر، واحد، ستة، صفر... صحيح... واحد، خمسة. خمسة، صفر، صفر، واحد، ستة، صفر...!"
"ماذا...؟ فجأةً... ماذا تفعلين؟"
"قبل أن تموت، طلبت مني أن أقول لك هذا... واحد، خمسة. خمسة، صفر، صفر، واحد، ستة، صفر...!"
"ماذا... هل هذا رقم؟ فقط ماذا يفترض أن يكون...؟"
فجأةً، ترك شعور غريب بالألفة إد عاجزًا عن الكلام.
لقد كان... رقمًا لم يتذكره إد روثستايلور.
بالأحرى، لقد جاء من قبل أن يعبر الى عالم بعيد ليعيش حياة أرستقراطي مطرود.
ربما كان السبب وراء فصل الرقمين الأولين عن الباقي هو أنه قبل وفاة إد، قال ذلك أيضًا بهذه الطريقة.
عندما وصلت أفكاره أخيرًا إلى هذه النقطة، تبادرت إلى ذهنه فجأةً مجموعة مألوفة من الأرقام في لحظة.
15-500160.
كانت تلك... ذكرى جاءت من قبل وصوله إلى هذا العالم... كان رقمه العسكري.
تصلب تعبير إد في لحظة. تلك المعلومة... لا يمكن لأحد غير نفسه أن يخبرها بها.
بالطبع، لم يقدم إد مثل هذه المعلومات إلى القديسة كلاريس من قبل.
وبرغم ذلك، فإن تسلسل الأرقام الذي قالته كان دقيقًا جدًا لدرجة أنه كان عليه أن يعطي مصداقية لما كانت تقوله القديسة.
كيييك.
فجأة توقفت العربة. فتح السائق نافذته وهو يقدم تقريره.
"قديسة ... جاء الناس من الجانب الآخر من جسر ميكسيس لإجراء تفتيش. قالوا إن البضائع التجارية من شركة إلت تعبر حاليًا فوق الجسر. الأمور فوضوية تمامًا بسبب العربات التي تحمل البضائع وكذلك جميع المرافقين المرتزقة، لذا يطلبون منكِ الانتظار لبعض الوقت."
"الـ-الآن...؟"
"نعم. يبدو أن الكثير من البروتوكولات قد تأخرت لأن الأب المقدس نفسه مر بجانب الجسر. وبما أنه من الصعب إخلاء جميع العربات التي أمامنا على الفور، فقد نضطر إلى الانتظار لفترة طويلة... "
"فقط اعبر من خلالهم."
إد، الذي كان يجلس على الجانب الآخر، فتح النافذة ليتحدث إلى السائق.
"...ماذا؟"
"سوف نتحمل المسؤولية عن كل شيء. وبما أن الوضع عاجل، فما عليك سوى العبور خلاله بأسرع ما يمكن."
"إ-إذن... ستنتهي الأكاديمية بقول شيء ما..."
"لقد أخبرتك ألا تقلق بشأن ذلك. أم أن هذا غير ممكن لأنه لا توجد مساحة كافية للمرور...؟"
تردد السائق وهو يتطلع نحو جسر ميكسيس.
تراكمت العربات التجارية لشركة إلت، واصطف المرتزقة على كلا الجانبين.
لم يكن الأمر أنه لم يكن هناك أي مساحة على مشارف الجسر، بل كان حجم العربات وطريقة اصطفاف المرتزقة مختلفين. لا يبدو أنه سيكون من السهل نسجها جميعًا. بالطبع، ينطبق هذا فقط على معظم السائقين.
"...هذه هي سنتي الثانية والعشرون كسائق. إذا كنت تستطيع تحمل القليل من الاهتزاز... قد يكون من المبالغة قول ذلك، ولكن يمكنني حتى السفر عبر المحيط بأكمله."
"عظيم."
أغلق إد النافذتين على جانبي المكان الذي كانت تجلس فيه القديسة.
ثم جلس مرة أخرى، لا يزال مندهشا من الوضع الحالي. ومع ذلك، تحدث مع تعبير جاد على وجهه. كان تصرفه مختلفًا تمامًا عن ذي قبل.
"أخبريني عما حدث مرة أخرى. ببطء. ولا تفوتي أي شيء."
بالنظر إلى مظهره مرة أخرى، بدا كما لو أنها جمعت الى جانبها آلاف القوات... استنشقت كلاريس وهي تبتلع أنفاسها.
"أنا... أنا..."
كواداتانغ!
في تلك اللحظة، بدأت العربة تهتز بعنف. كان ذلك نتيجة الهرب من التفتيش.
بينما كان السائق يصرخ وهو يطقطق بسوطه، انحرفت العربة ذهابًا وإيابًا ومرت بصعوبة وسط حشد من الناس والعربات. وقد أنذهل بعض المرتزقة وسقطوا. احتكت الجدران الخارجية للعربات والعربة ببعضهما البعض، مما أدى إلى حدوث بعض الخدوش. كان هذا فعلًا خطيرًا للغاية.
لقد كان من المثير للإعجاب أن نشهد العربة، التي لم يكن من السهل تغيير اتجاهاتها، وهي تتحرك بمرونة وسرعة في تغيير مسارها بشكل متكرر. طبعا سبب الهزات كلها كان بسبب الركاب الذين كانوا بداخلها.
"كياااااااغك...!"
أمسك إد مع ردود افعاله بحافة النافذة وهو يحاول استعادة توازنه. من ناحية أخرى، لم تتمكن كلاريس من تحمل الاهتزاز وسقطت مباشرةً بين ذراعي إد.
"أرغ..."
أمسك إد بكلاريس، وتمسك بها بقوة حتى لا ترتد أكثر من ذلك. كان جسدها الصغير يعني أنه مضطر إلى التمسك بها بإحكام لمنعها من الطيران من مقعدها عند أدنى اهتزاز.
"آه...أرغ..."
بينما كانت بين ذراعي إد، بدأ قلب كلاريس ينبض بسرعة.
تمسك بها إد فقط لمنعها من التعرض للأذى. مع ذلك، فقد واجهت كلاريس بالفعل أزمة حياة أو موت من قبل، وكانت في موقف تم فيه دفع ظهرها إلى الزاوية عدة مرات.
أعطاها جسد إد القوي وارتفاع درجة الحرارة إحساسًا غريبًا بالأمان. سلمت نفسها بالكامل إلى ذراعيه.
"قديسة. ليس هناك وقت."
"أه, نعم..."
بعد ذلك، كما لو أنها تذكرت فجأة خطورة الموقف، ابتلعت كلاريس أنفاسها بسرعة وأجبرت نفسها على استعادة رباطة جأشها.
* * *
عندما اندفعوا أخيرًا وخرجوا من جسر ميكسيس المزدحم، لم تعد العربة في حالة جيدة.
تم خدش الأسوار الرخامية لجسر ميكسيس، وخدشت العربات التي تحمل البضائع التجارية، وسقطت التماثيل المزخرفة على شكل طائر الفينيق على كلا الجانبين، واصطدمت عجلات العربة بالجدار الخارجي عدة مرات.
مع ذلك، استمرت العربة في السير دون أن تتباطأ. وذلك لأنه أُمر بمواكبة السرعة حتى بعد عبور جسر ميكسيس.
بعد الهرب من جزيرة آكين، لن يكون هناك سوى سهول فارغة لفترة طويلة. ستحتاج إلى ركوب العربة لبعض الوقت قبل أن ترى مدخل غابة كرانفيل الكبرى. فقط بعد المرور ستتمكن من رؤية منطقة حدود زاهول. كان لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه قبل أن يتمكنوا من العثور على شخص ما لطلب المساعدة.
"إذا حتى قاعة أوفيليس قد انتهى بها الامر بالأنهيار، فليس هناك موقع آمن في جزيرة آكين بأكملها. لقد كان قرارًا ذكيًا اختيار الهرب بغض النظر عن الثمن."
تمكن إد من فهم الموقف بدقة بعد سماع شرح كلاريس، على الرغم من ارتعاش صوتها عندما روت القصة بأكملها.
"و... إذا كنتِ حقًا قد عدتِ بالوقت... فعلى الأرجح كان ذلك بسبب السحر السماوي."
"السحر...السماوي...؟"
"نظرًا لأنكِ أيضًا طالبة في قسم السحر، فأنا متأكد من أنكِ قد سمعتِ عنه أيضًا في فصول السنة الأولى."
أومأت كلاريس برأسها، وهي لا تزال بين ذراعي إد. على الرغم من أن اهتزاز العربة أصبح محتملاً إلى حد ما، إلا أن كلاريس كانت ما تزال ممسكة بإحكام بذراع إد — كما لو كانت طفلة حديثة الولادة.
لم يكن هذا هو الوقت المناسب للقلق بشأن الأشياء الصغيرة، لذلك لم يعرها إد أي اهتمام.
"النظرية السحرية الوحيدة الموجودة حول التدخل في الوقت هي السحر السماوي. مع ذلك... مستوى من السحر يسمح لشخص ما بتغيير الوقت على هذا النطاق الهائل... على أقل تقدير، هو ليس بالشيء الذي يمكن القيام به من خلال القوة السحرية للإنسان."
"هـ-هل هذا صحيح...؟"
"لهذا السبب من الصعب القول أنه تم استخدام السحر السماوي فقط. إذا كان شخص ما قد خلق مصدرًا خارجيًا للقوة السحرية على نطاق واسع، أو إذا كان بإمكانه استخدام القوة الممنوحة من الإله كقوة إلهية... ستكون القصة مختلفة. لكن، في الحالة الأولى، ستكون هناك حاجة إلى فترة طويلة من الإعداد وكمية هائلة من العناصر السحرية. وفي الحالة الأخيرة، سينتهي الأمر باستهلاك كمية هائلة من القوة الإلهية."
"القوة الإلهية..."
"نعم... السحر القدسي. إنه ليس شيئًا يمكن لأي شخص استخدامه."
كان فرسان الهيكل من مجموعة تيلوس الدينية ورجال الدين رفيعي المستوى هم الوحيدون الذين سيكونون قادرين على استخدام السحر القدسي لإمتلاك مثل هذه الكفاءة في القوة السحرية.
مع ذلك، فإن تجربة الجمع بينه وبين السحر السماوي كانت محظورة تمامًا.
في المقام الأول، كان السحر السماوي واسعًا جدًا ولم يتم البحث في بشكل صحيح بعد. بالإضافة إلى ذلك، كان السحر المتخصص بالوقت يعتبر من المحرمات، لذلك سيكون من الصعب على رجال الدين الوصول إليه.
حتى أن العديد من السحرة الخبراء اعتبروا السحر السماوي عالمًا سحريًا غير مفهوم. من المستحيل أن يحاول رجال الدين المعزولون عن بقية العالم الجمع بين السحر المقدس والسحر السماوي.
"يبدو من المحتمل جدًا أن يكون رجل دين رفيع المستوى متورطًا في ذلك."
"هل هذا صحيح...؟ إذن..."
قبل انهيار قاعة أوفيليس مباشرة، ما عانى إد من التفكير فيه أثناء النظر إلى الدائرة السحرية في السماء... بدأت الآن تفهمه.
على الرغم من أن الوضع تحول إلى حالة من الفوضى والخطر، إلا أن إد استمر في تحليل سبب الوضع بعناية.
"لا أعرف لماذا يحاولون القيام بشيء بهذه الصعوبة، لكنني الآن ممتن لأنه أتيحت لنا الفرصة للبقاء على قيد الحياة."
"يجب أن نستغل هذه الفرصة إلى أقصى حد... في الوقت الحالي... إذا ذهبنا إلى منطقة زاهول الحدودية وشرحنا الوضع، وطلبنا المساعدة، فسيتم إرسال تقرير إلى العائلة الإمبراطورية. وبهذا... لكن حتى في ذلك الحين، ما زلت غير متأكدة من أنهم سيتمكنون من إيقاف هذا التنين الضخم."
"ما يزال يتعين علينا أن نحاول كل ما في وسعنا. بالمناسبة يا قديسة... أعتقد أنني بدأت أتعرق."
بعد أن تحدث إد، بدأت أكتاف كلاريس ترتجف حيث احمرت خجلًا. وهي تستجمع رباطة جأشها، أدركت أنها دفعت نفسها إلى ذراعي إد — كما لو كانت تحفر حفرة — وأحكمت قبضتها على قميصه.
لم يكن بيدها حيلة. كان هناك شعور غير معروف بالارتياح شعرت به من وجودها بجانبه، لأنه كان دائمًا قادرًا على الحفاظ على رباطة جأشه بغض النظر عن الموقف.
وبفضل مظهره الهادئ، تمكنت من الحفاظ على عقلها حتى هذه اللحظة. عادة، فتاة في مثل عمرها كانت ستجلس على الأرض وتبكي، غير قادرة على التغلب على ارتباكها.
"فـ-فقط أكثر قليلاً..."
تحدثت كلاريس وهي تدفع نفسها أقرب وأعمق بين ذراعي إد. على أقل تقدير، أرادت أن تبقى هكذا بينما تستمر العربة في التحرك.
"إ-إذن... افعلي ما يحلو لكِ..."
بدأت كلاريس تشعر بإحساس آخر بالارتياح عندما نظرت إلى إد وهو يخفض ذراعه... لقد أرادت أن تثمل من هذا الهدوء إلى الأبد. ولكن، في تلك اللحظة—
كيااااااااااااااااااا!
تردد زئير في السماء.
أثار الصوت ذكرى جعلت القشعريرة تزحف على جلدها.
لقد سافروا بالفعل بعيدًا عن جزيرة آكين. ليس فقط جسر ميكسيس، بل وحتى الجبل الأيمن بالكاد يمكن رؤيته من مسافة بعيدة.
مع ذلك، هذا التنين العملاق... كان لا يزال كبيرًا بما يكفي ليطغى على الجزيرة بأكملها. من الواضح أنه يمكن الشعور بعظمة هذا التنين الضخم، حتى بعد الركض بعيدًا.
بدلاً من ذلك، فإن القدرة على رؤيته بعيدًا جدًا جلبت إحساسًا جديدًا بمدى ضخامة حجمه حقًا. تنين ضخم يمكنه تفجير أكاديمية سيلفينيا بأكملها بركلة واحدة فقط.
"إيييك...!"
ظهرت لها ذكرى تشبه الكابوس، ولكنها نجحت في الهرب هذه المرة. بتذكر هذه الحقيقة، حاولت العودة إلى أحضان إد، بحثًا عن الهدوء والأمان الذي كان موجودًا هناك من قبل...
كاجاجاجاكاك!
وووووش!
كان هناك شعور بالقوة السحرية تحيط جسدها بالكامل.
ذلك... لقد كان شعور 'البركة المقدسة' للقديسة التي أحاطت بجسدها وهي يتم تنشيطها.
ستحمي البركة المقدسة القديسة كلاريس من أي هجمات معادية، إلا إذا كانت كارثة طبيعية أو حادثًا... تمت حماية كلاريس بشروط معينة من أي هجوم يحمل نية إيذاءها.
بمعنى آخر، كان هناك هجوم واسع النطاق على العربة. كان صوت تحطم الجدران الخارجية للعربة وصوت التهشم مألوفًا جدًا.
كواجاكانج!
"كيااااااااااااغك!"
كان من الآمن قول أنه لم يكن هناك تقريبًا أي معنى لكلمة نطاق هجوم مع التنين الأزرق الإلهي.
الحراشف التي تساقطت من التنين الأزرق الإلهي، والتي غطى حجمها جزيرة آكين بأكملها... بغض النظر عن المسافة التي قطعوها في العربة عبر السهول، كان من المستحيل الهروب من نطاقها.
اهتزاااااز! بووم!
مع ذلك، كلما ابتعدوا، انخفضت كثافة الهجوم وقوته.
بالمقارنة مع الوقت الذي تعرضت فيه للهجوم مباشرةً، كان الأمر أكثر استرخاءً. وكانت حماية البركة المقدسة أيضًا على مستوى أضعف بكثير.
مع ذلك، لم تكن العربة قادرة على تحمله. تحطمت إحدى العجلات بسبب الاصطدام وسقطت عجلة أخرى قطرية منها. وفي نهاية المطاف، انهارت.
"آه. كياااااااغك!"
بعد الكثير من الاهتزاز والدوران، وصلت عربة القديسة إلى نهايتها.
داخل العربة التي سقطت على جانبها في التراب، ارتفع الغبار... القديسة التي كانت بين ذراعي إد، بالكاد استطاعت أن تفتح عينيها.
"هل أنتِ بخير أيتها القديسة؟"
"نـ-نعم... أنا بخير..."
بعد أن قالت ذلك، نظرت إلى إد، وهي لا تزال بين ذراعيه ثم ابتلعت أنفاسها. كان إد ينزف من رأسه. لقد أصيب بالفعل بعدد قليل من الحراشف.
كواااااااانج! كواااااااانج!
كواكانغ! كاجاجاجاكار!
تردد صدى صوت المعركة الجارية في جزيرة آكين من بعيد في جميع أنحاء السهول.
قام سحر التنين الأزرق الإلهي والهجوم المضاد من قبل السحرة بإضاءة السماء بأكملها مثل الألعاب النارية.
في هذه الأثناء، نهض إد، الذي أصيب، من داخل العربة التي سقطت. ولحسن الحظ أن جرحه لم يكن مميتاً.
"إ-إد...!"
"أنا بخير. بما أنني كنت أحملكِ بين ذراعي، يبدو أن أعضائي الحيوية والداخلية قد تمت حمايتها من خلال بركتكِ المقدسة."
لم يبدو بخير على الإطلاق.
كانت رقبته وبطنه في حالة جيدة بفضل تمسكه بالقديسة. ولكن، كانت إحدى ذراعيه مغطاة بالدم، وكان فخذه مثقوبًا، كان الجرح واضحًا تمامًا. مع ذلك، صر إد على أسنانه وهو يقف ويدفع للأعلى أبواب العربة التي تواجه السماء.
ثم دفع القديسة خارج العربة... قبل أن يخرج بنفسه وهو يشد أسنانه.
"هيوك. هيوك..."
"آه، آآآه..."
تم قطع رأس الخيول.
والفرسان والسائق أيضًا... بسبب كونهم لم يكونوا محميين حتى بالجدران الخارجية للعربة، فقد تعرضوا للإصابة بالقشور مباشرةً. وبينما كانت الجروح القاتلة تغطي أجسادهم، سقطت العربة وتدحرجت على التراب لفترة من الوقت.
كانت جثث السائق والفرسان ملقاة هناك على الطريق، حيث انقلبت العربة... كان من الصعب النظر إليها.
"قديسة... بمجرد أن نعبر هذه الغابة... سنصل إلى منطقة زاهول الحدودية."
مزق إد اكمامه وهو يربط جروحه، ويجبر نفسه على الوقوف أثناء حديثه.
"علينا أن... نواصل التحرك."
ثم أمسكت كلاريس بقلبها المرتعش، وبالكاد تمكنت من الوقوف.
ثم، بينما كانت تدعم إد، الذي كان في حالة فظيعة... ترنحوا عبر السهول.
وخلفهم، استمرت المعركة بين التنين الأزرق الإلهي والسحرة.