"قصر روثستايلور... لقد مرت خمس سنوات أيها الإمبراطور."
يبدو أن الصراع حول خلافة عرش الإمبراطور، الذي اشتعل كالنار، قد تبلور إلى حد ما مع مرور السنين.
في أحد الأيام، تخلى الأمير ليندون فجأةً عن حقه في العرش. وهكذا ولدت حرب الأعصاب التي استمرت لفترة طويلة.
تقاتلت أميرات الإمبراطور كرويل الثلاث فيما بينهن في صراع الى حد ما على السلطة... ولكن الآن، هذا أيضًا أصبح من الماضي.
الأميرة الثالثة — بينيا، التي تلقت أكبر قدر من الدعم — كانت في جزيرة آكين، التي كانت في أقصى جنوب القارة. كما دفنت الأميرة الثانية — بيرسيكا — نفسها في المكتبة الإمبراطورية.
(م.ت.: بيرسيكا أو بيرسيا)
هل كانت حذرة من الخدم غير المخلصين الذين يقتربون منها فقط لشهوة السلطة؟ أم أنها تحبس أنفاسها تحضيرًا لمعركة شاملة؟
لم يكن السبب معروفًا، لكنه على الأقل كان خبرًا جيدًا للأميرة الأولى سيلا.
"إذا كان أمرًا، فلا بد أن أذهب. نظرًا لأن عائلة روثستايلور هي عائلة مرموقة تساهم بشكل كبير في العائلة الإمبراطورية، فمن الضروري أن أقدم نفسي لهم شخصيًا."
كانت فتاة تحيط بها برودة غير معروفة، تشبه إلى حد كبير هواء الشتاء الهادئ.
لم تكن متعجرفة ولا مزعجة. الشيء الوحيد الذي كان حولها هو أناقة دقيقة، مثل قطعة من الجليد.
حتى شعرها كان له توهج أزرق، مثل ندفة الثلج المغطاة بالجليد الرقيق.
في وسط غرفة الحضور، التي كانت ضخمة مقارنةً بحجم الفتاة، كان حاكم إمبراطورية كرويل الذي كان يُعرف أيضًا بالمحارب الأسطوري كرويل يجلس على عرشه.
سجادة حريرية قديمة الطراز امتدت من عرشه حتى قدمي سيلا.
وقف الحراس الإمبراطوريون بشكل مهيب ورماحهم منتصبة، لا يتحركون ولو لذرة. العديد من المساعدين الذين تجمعوا لتقديم المشورة للإمبراطور كانوا أيضًا يحنون رؤوسهم.
"سأقوم بالتحضيرات وأغادر في الوقت المحدد. ولكن..."
الإمبراطور كرويل كان قد أمر الأميرة الأولى سيلا بزيارة قصر روثستايلور.
يبدو كما لو أنه قد تحدث بالفعل مع أقرب المقربين إليه، كريبن روثستايلور، حول هذا الموضوع مسبقًا.
"من المؤسف أنني لن أتمكن من رؤية بينيا لأن التوقيت غير مناسب."
سيلا، أميرة الصقيع، تحدثت وهي تحني رأسها.
ساد صمت غريب بين أقرب المساعدين الذين جلسوا على جانبي الإمبراطور كرويل. وذلك لأن كلماتها تحمل معاني كثيرة.
لقد مر أكثر من عام منذ أن غادرت الأميرة الطيبة بينيا إلياس كرويل المسكن الإمبراطوري للدراسة.
بغض النظر عن مقدار الدعم الذي تلقته، فإن الابتعاد عن المنزل يعني أن قوتها ضعيفة.
ولكن، بما أن الأميرة بينيا كانت عائدة لقضاء العطلة، إذا استخدمت القوات الداعمة لـ بينيا هذا الوقت كفرصة لجمع وتغذية ولائهم، فلن تكون الأمور رائعة بالنسبة لـ سيلا.
أرادت سيلا البقاء في القصر الإمبراطوري لمراقبة الوضع. ولذا، لم يكن من الرائع أن يتم إرسالها إلى قصر روثستايلور، الذي كان بعيدًا، بينما تعود الأميرة بينيا.
قالت بينيا إنها ليس لديها رغبة في السلطة، لكن سيلا لم تصدقها.
ولهذا السبب لم يكن سماع أوامر الإمبراطور كرويل بمغادرة المسكن الإمبراطوري أثناء عودة بينيا إلى المنزل أمرًا سارًا للغاية. بالطبع، لم يكن لـ سيلا الحق في الرفض.
"أنا أتفهم رغبتكِ في رؤية بينيا بعد هذه الفترة الطويلة، لكن الذهاب إلى عائلة روثستايلور تعتبر فرصة أكبر بكثير لكِ."
هل من الممكن أنه كان يفصلها قسرًا عن الأميرة بينيا؟ كان لدى سيلا مثل هذه الأفكار، لكن من المستحيل أن يقول الإمبراطور كرويل مثل هذا الشيء بصوت عالٍ.
"سيلا، لا بد أن تعرفي أيضًا أهمية اللقاء الاجتماعي الذي يعقد في قصر روثستايلور."
أومأت سيلا برأسها.
لا يستمتع رئيس عائلة روثستايلور، كريبن روثستايلور، بمثل هذه اللقاءات الاجتماعية.
مع ذلك، نظرًا لأنه تم تصنيفه كأقوى رجل في القارة، فمن الضروري له أن يتماشى جيدًا مع العديد من النبلاء.
ولهذا السبب، عندما يتم أقامة هذا اللقاء الاجتماعي النادر، سيكون بالاحرى فخمًا.
كانت تلك فرصة ذهبية للأرستقراطيين الصغار في الضواحي. لقد كان حدثًا نادرًا، يتجمع فيه جميع أنواع الأشخاص من العائلات القوية والنبيلة في مكان واحد.
في الأصل، كان لدى العائلة الإمبراطورية عادة يقومون فيها بإرسال أحد أقرب المساعدين بدلًا عنهم. ولكن، في هذا العام سيرفعون مكانة الشخص الذي سيرسلوه، ويرسلون بدلاً من ذلك الأميرة الأولى.
كان هناك منذ فترة طويلة تبادل عميق بين عائلتي كرويل وروثستايلور. لذا، كانت تلك وسيلة لإظهار ارتباطهم.
اللقاء الاجتماعي الوشيك كان بمثابة فرصة.
لكي يصبح المرء الإمبراطور، سيحتاج إلى أن يتعلم جيدًا كيفية التعامل مع عائلة روثستايلور لاستخدامهم بشكل صحيح. ولذا كان لا بد من فهمهم بشكل أعمق والتفاعل مع أفراد الأسرة.
لكن الأمر لن ينتهي عند هذا الحد.
سيتم عقد هذا اللقاء الاجتماعي الضخم على مدار خمسة أيام لاستيعاب الجداول الزمنية المزدحمة لجميع المشاركين بسهولة.
بالنظر إلى قائمة الأسماء المدعوة، كان هناك الكثير من الأفراد المهمين الذين يحركون الإمبراطورية. كل شخص مهم يمكن أن تفكر فيه كان مدرجًا في تلك القائمة.
مارغريف زاهول، الذي لوحده يدير أكبر مخزن حبوب في الجزء الجنوبي من الإمبراطورية.
المستثمر رولاند، الذي كان مسؤولاً عن التدفق النقدي العملي لشركة إلت.
إيفيان نورتوندال، الذي كان رئيسًا لعائلة نورتوندال، واحدة من أرقى أسر السيافين.
فالفيرن، الذي كان معروفًا بأنه مبتكر عظيم ويعتبر 'الأب' لجميع الكيميائيين في كريت، أرض الكيمياء.
القديسة كلاريس، التي تم مدحها كمرسولة نبيلة من الإله، وتقف على رأس طائفة تيلوس الدينية.
سينير بلومريفر، التي كانت رئيسة عائلة بلومريفر المشهورة بسحرها والمعروفة باسم 'عائلة الساحرة'.
القائد ماغنوس كالامور الذي اشتهر بقيادة قوات الحدود الشمالية وقتل أكبر عدد من غير البشر.
ثم, كانت هناك الأميرة الأولى لإمبراطورية كرويل، سيلا، التي برزت كشخصية قوية والوصيفة الحالية لمنصب الإمبراطور التالي.
بالطبع، لأن ذلك سيحدث في منزل روثستايلور، سيكون جميع أعضاء عائلة روثستايلور هناك.
النبيل كريبن روثستايلور، وخليفته تانيا روثستايلور.
بالإضافة، قال كريبن إنه كان يخطط لإعادة ابنه الثمين، إد روثستايلور، خلال الحدث.
ألم يكن هو نفس الابن الذي قام بنفسه بالتبرؤ منه بسبب افتراءه على الأميرة النبيلة والطيبة بينيا؟ على الرغم من أنه قال إنه سيقبله كفرد من العائلة مرة أخرى، إلا أن نواياه الحقيقية لم تكن معروفة.
حسنًا... في الوقت الحالي، لا يزال الوريث الأكثر احتمالاً هي الأصغر، تانيا روثستايلور.
غادرت سيلا الغرفة بينما كان الفرسان يرافقونها.
بينما كانت تتجول عبر الحدائق الإمبراطورية الكبيرة والمُعتنى بها بشكل جميل، سقطت في تفكير عميق.
على الرغم من أن العديد من الأشخاص سيحضرون، إلا أنه كان من المستحيل مقابلة الجميع شخصيًا.
ستبذل قصارى جهدها للتعرف عليهم جميعًا قدر استطاعتها، ولكن... ما تزال هناك حاجة إلى تحديد الأولويات.
القوة والقدرة المالية وحتى الدعم الديني.
ضيقت نطاق قائمتها لتشمل قائد الجيش الشمالي ماغنوس كالامور، المستثمر ذو الصلات بشركة إلت رولاند، والقديسة كلاريس من الطائفة الدينية.
بالإضافة إلى ذلك، كان من الضروري التعرف على أفراد عائلة روثستايلور مرة أخرى. لم يكن لديها أي لقاءات سابقة مع تانيا روثستايلور، التي كانت الوريثة حاليًا، لذا خططت لاستغلال ذلك الوقت للتقرب منها.
"همم..."
فكرت في إد روثستايلور، الذي من المفترض أن يتم إعادته إلى منصبه.
لم يكن لديها أي وسيلة لمعرفة ما كان يفكر فيه كريبن روثستايلور. سمعت سيلا إشاعة منذ فترة طويلة مفادها أن إد قد تم التبرؤ منه وسقط، دون أي دعم من عائلته.
كان شخصًا عاش على الأرض كإرستقراطي ساقط لما يقرب من عامين.
فقد كل كرامته وسلطته. ولكن أكثر من أي شيء آخر، لا بد أنه اختبر مدى جهنمية الحياة بدون مجد اسم عائلته.
بدلاً من محاولة القتال من أجل منصب الوريث، فإن مثل هؤلاء الأشخاص يركزون بدلاً من ذلك على التشبث بأسرهم، خوفاً من الطرد.
وبما أنه كان في القاع لعدة سنوات، فإن وضعه داخل الأسرة سيكون غير واضح. كما أنه لن يكون لديه الكثير من الفرص للتفاعل مع الأفراد المؤثرين. كان من الواضح أنه سيحاول تغيير الوضع خلال اللقاء الاجتماعي.
حتى مع ذلك، إذا رأت إمكانات فيه، فقد كانت منفتحة على فكرة الاستثمار مبكرًا. ولكن... نظرًا لمقدار الوقت الذي مر، لم تكن تعرف ما إذا كان الأمر يستحق الاستثمار فيه. وبصراحة، كان شخصًا ذا أهمية ثانوية بالنسبة لها.
"أميرة سيلا. جئت لأخبركِ أننا سنبدأ في الاستعداد لرحلتكِ إلى منزل روثستايلور."
"من فضلكم افعلوا ذلك."
بعد الرد على الحراس, دخلت سيلا بوابات القصر.
بغض النظر عن كل شيء، فإن الشخص الذي كانت سيلا تفكر فيه أكثر من غيره في هذه اللحظة هي الأميرة بينيا.
لم تكن لديها أي فكرة عما ستفعله بينيا عندما تعود إلى القصر الإمبراطوري أثناء الإجازة. ففي نهاية المطاف، خلال تلك الفترة ستكون سيلا نفسها غير موجودة في منصبها.
شعرت سيلا ببعض الانزعاج، وقررت توجيه أقرب مساعديها للحفاظ على تركيز ذهنها.
* * *
"كنا في انتظارك. تعال إلى الداخل."
أحنت كلير، قائدة فريق مرافقة الأميرة بينيا، رأسها.
شكرتها ودخلت من الباب الأمامي للمقر الملكي. تانيا، التي تبعتني بخجل، نظرت حولها.
"يبدو وكأنه عالم مختلف تمامًا يا أخي."
نظرت تانيا، التي دخلت المقر الملكي، حولها وهي تنظف حلقها بسرعة خوفًا من أن تبدو غير لائقة.
كانت المنشأة الأكثر فخامة وتكلفة في جزيرة آكين هي قاعة أوفيليس. ولكن، إذا نظرت ببساطة إلى تكلفة النفقات، فسيكون المسكن الملكي هو التالي.
كان هناك اختلاف في الحجم.
كانت قاعة أوفيليس عبارة عن مسكن كبير تم تصميمه للطلاب من مختلف العائلات الأرستقراطية.
المسكن الملكي كان أقل من نصف حجم قاعة أوفيليس، لكنه تم بناؤه لشخص واحد فقط. كان هذا مستوى لا يصدق من الفخامة.
استغرق الأمر بعض الوقت فقط للدخول إلى المدخل الرئيسي الخاضع لحراسة مشددة، والعبور عبر الحديقة، ثم الدخول إلى المسكن الذي يشبه القصر.
فقط بعد السفر عبر الممرات النظيفة والفاخرة لبعض الوقت، تمكنت أخيرًا من رؤية غرفة استقبال الأميرة بينيا.
"أنـ-أنتظر لحظة..."
قبل أن تدخل تانيا الغرفة، قامت بسرعة بتنعيم شعرها وترتيب ملابسها.
التقت تانيا مسبقًا بالأميرة بينيا عدة مرات. ولكن هذه هي المرة الأولى التي تزورها رسميًا منذ أن أصبحت رئيسة مجلس الطلاب.
في الصباح السابق، كتبت تانيا رسالة إلى المسكن الملكي.
بدأت العطلة الصيفية، وكان الأشقاء روثستايلور عائدان إلى المنزل. مع ذلك، قبل هذا، كان هناك شيء أرادوا أن يطلبوه من الأميرة بينيا. هذا كان جوهر الرسالة.
لم تكن الأميرة بينيا شخصًا يسهل مقابلته. رغم ذلك، سواء كان بسبب أن تانيا أصبحت رئيسة مجلس الطلاب أو فقط لأنها أرادت مقابلتنا بعد رؤية أسمائنا، فقد قبلت بسهولة وعلى نحو مدهش.
وهكذا، ذهبنا نحن الاثنان إلى المقر الملكي في وقت مبكر من هذا الصباح.
عندما فُتح الباب، رأيت الأميرة بينيا تجلس بمفردها على أريكة تبدو باهظة حتى من لمحة.
كان فستانها الدانتيل ينضح أيضًا بجو نبيل. نزل شعرها إلى ما بعد كتفيها.
حجم الأريكة كان كبيرًا جدًا بالنسبة لجسدها.
بدت نبيلة، ولكنها في الوقت نفسه بدت وحيدة نوعًا ما.
"مرحبًا, أميرة بينيا. شكرًا لكِ على السماح لنا بالحضور."
بعد أن استقبلتها، حذت تانيا حذوي بسرعة، وأحنت رأسها.
خفضت الأميرة بينيا نظرتها وأومأت برأسها. ثم نظرت إلى الأريكة المقابلة لها. ذهبت أنا وتانيا للجلوس عليها دون قول كلمة واحدة.
"أنت تبدو بصحة جيدة, إد روثستايلور. وأنتِ أيضًا, آنسة تانيا."
"نعم. هل كنتِ تبلين بلاءً حسنًا أيتها الأميرة؟"
"......"
لم تجب الأميرة بينيا للحظة حيث خفضت نظرتها مرة أخرى.
"الحال نفسه كما هو دائمًا."
كبير خدم المسكن أقترب مني بأدب، ووضع بعض الشاي. أخذت تانيا رشفة بسرعة.
"الأميرة بينيا. سبب مجيئنا إلى هنا اليوم هو..."
"لا بد أنكم في حاجة إلى سلطتي."
قفزت بينيا مباشرةً إلى النقطة دون تردد.
سواء كان ذلك بسبب الطريقة التي بدونا بها أنا وتانيا في عينيها، أو ما إذا كان هذا بسبب بصيرتها العظيمة...
لم أكن أعرف الإجابة، لكنها على الأقل لم تبدو عدائية.
بدلاً من ذلك، كانت نبرة صوت الأميرة بينيا لطيفة بالاحرى.
"إد روثستايلور، لقد كان خطئي أنه تم التبرؤ منك. وبالتالي، بموافقتي، سيكون من الأسهل إعادتك إلى منصبك."
شعرت كما لو أنها كانت تتكلم بطريقة مباشرة بالاحرى.
في كلتا الحالتين، بما أنه كان لا بد من إعادتي إلى منصبي، فهي تعرف بالفعل ما أتينا من أجله.
العودة إلى عائلة روثستايلور هي مقامرة كبيرة لي. لقد كان شيئًا يتطلب الكثير من التحضير.
من حيث القوة، كان لدينا لوسي، لذا لم تكن تلك مشكلة. ولكن، لا يمكن حل كل شيء بالقوة وحدها.
بين النبلاء، يتم حل معظم المشاكل في نهاية المطاف من خلال 'السلطة'.
إن حصول المرء على التقدير من شخص يتمتع بسلطة عليا أو من فرد مؤثر يجعل من الصعب أن تضع يديك عليه.
"بالتفكير في الأمر، لقد مر وقت طويل منذ أن أرسلت تحياتي إلى رئيس عائلة روثستايلور. إد روثستايلور، هل يمكنك تسليم رسالتي المكتوبة بخط اليد إلى كريبن روثستايلور نيابةً عني؟"
لم تقل بينيا الكثير. قامت مسبقًا بإعداد الرسالة بالفعل.
اقترب مني أحد الخدم ببطء وأعطاني الرسالة الشخصية للأميرة بينيا... كان حولها إطار ذهبي فاخر وكان ختم عائلة كرويل الإمبراطورية مرفقًا أيضًا.
رسالة من العائلة الإمبراطورية لم تكن أمرًا يمكن لأي شخص تسليمه. وبالتالي، فإن معنى تلك الرسالة المكونة من صفحة واحدة كان أثقل بكثير مما قد تتصور.
لكن النقطة الأكثر أهمية هي أنها لم تكن مختومة بالشمع.
وحقيقة أنها لم تكن مختومة تعني أن المرسل يثق تمامًا في الشخص الذي يقوم بتسليم الرسالة. أظهر ذلك أن لديها ثقة كاملة وإيمانًا بأنني لن أفعل أي شيء غير لائق بها.
تاريخيًا، كانت هذه طريقة لتقديم شخص تثق به. كانت تلك آداب سلوك معقدة بلا داعٍ، لكن العائلة المالكة دائمًا ما كانت هكذا.
الحقيقة هي, أن الأميرة بينيا إعترفت بي وعهدت إليّ بسلطتها بالكامل. لقد منحت هذا الرسالة، بحكم وجودها، سلطة خاصة منعت، بصفتي رسول، أي شخص من العبث معي بسهولة.
"ليست هناك حاجة لي لكتابة رسالة تمنحك السلطة. هذه الرسالة وحدها يجب أن تكون كافية لتعود عودة مجيدة."
"لم يكن لدي أي فكرة عن أنكِ ستساعدينني بهذه السهولة. أنا... كنت على استعداد للتفاوض معكِ أكثر إذا لزم الأمر."
"......"
لم تجب الأميرة بينيا على ذلك.
كانت شخص لديه وجهة نظر متشككة تجاه عائلة روثستايلور. وكانت تنوي أيضًا الكشف عن الشؤون الداخلية المخفية لعائلة روثستايلور.
رغم ذلك، قبل أن تبدأ الأميرة بينيا في تولي مثل هذه المهمة المزعجة، كانت تتعاون معنا برغبتها.
لكنها لم تقل أي شيء آخر. بعد أن قمت بالتحدث، أصبحت هناك لحظة طويلة من الصمت. لدرجة أنني بدأت أتحول إلى اللون الأحمر من الحرج.
حدقت الأميرة بينيا بي لفترة طويلة من الزمن.
كانت نظراتها ثقيلة، لذا حاولت أن أجد موضوعا آخر أتحدث فيه... لكن بلا فائدة.
* * *
"ستصل العربة المرسلة من قصر روثستايلور خلال يومين تقريبًا."
بعد قول هذا، عادت تانيا إلى قاعة أوفيليس. الآن حان الوقت للعودة إلى المنزل حقًا.
بينما أنا عائد إلى القصر، لن أتمكن من إدارة المخيم. ولهذا السبب كان من الضروري اتخاذ العديد من التدابير للتأكد من أنه سيكون لا بأس لي أن أغيب لفترة طويلة.
كنت بحاجة إلى صنع قفل لباب مقصورتي لإغلاقه بإحكام. وكنت بحاجة أيضًا إلى تنظيم جميع أدواتي المتناثرة في الخارج.
ما زلت بحاجة لاستعادة جميع الأفخاخ التي نصبتها في الغابة، وتنظيفها، وتخزينها. كما كان يجب التخلص من كل الطعام الذي كان لدي، باستثناء ما يمكنني تخزينه لفترة طويلة.
بعد التفكير في كل العمل الذي كنت بحاجة لإنهائه في هذا اليوم، عدت إلى المخيم.
"إ-إد. أنت هنااااااا~!"
ينكار، التي كانت تجلس بجوار المدفأة، نظرت إلي مع نبرة غريبة في صوتها وهي تتحدث.
حتى لو كانت تحاول رفع نبرة صوتها عمداً والتظاهر بأنها بخير، فقد كان من الواضح أنها كانت متوترة.
"انظر إلى هذا. أعطتنا بيل أعشابًا ثمينة، وقد استخدمتها في الكاري~! لقد جربتها سابقًا، و~... كانت جيدة حقًا~!"
"......"
بينما كنت أحدق في وجه ينكار، بدأت تحرك قدميها وتتعرق بغزارة.
"لماذا... تنظر الي هكذا...؟"
عند رؤيتها تصاب بالفواق وتتلعثم في كلماتها, كان هذا يشبهها كثيرًا.
كما لو كنت أحفر حفرة في رأسها، كان على ينكار أن تنظر بعيدًا للحظة.
"......"
"هل تفكرين في شيء عديم الفائدة مرة أخرى...؟"
"لا, ولكن..."
منذ نهاية الامتحانات، كانت ينكار تتصرف بهذه الطريقة.
وضعت ذقنها على ركبتها وهي تريحه. هي دائمًا ما تفعل هذا عندما تكون مكتئبة.
"أنا... اعتقدت أنني أعرفك جيدًا. لكن, أحيانًا أشعر أنني لا أعرف شيئًا..."
"ْعني؟"
خلعت حذائي ونفضت التراب الذي كان بداخلها.
"لكنني متأكد رغم ذلك. لا يوجد أي شخص في هذه الأكاديمية قريب مني مثلكِ."
"حسنًا، ربما تكون أجسادنا متقاربة فيزيائيًا، لكن... ليس لدي أي فكرة عما تفكر فيه أو كيف تعيش."
أخذت ينكار نفسًا عميقًا. تساءلت ما خطبها، ولكن فجأةً جاء شيء إلى ذهني.
"هل يتعلق الأمر بتخليكِ عن مقعد الطالب الأعلى؟ هل تعتقدين أن هذا كان وقحًا نحوي؟"
"(فواق)...! لا! لا! لا! لا! لا!"
"أنا متأكد من هذا الآن، عند رؤية أنه كان عليكِ قولها خمس مرات."
بينما كنت أخلع حذائي، أنتشر الغبار. عبست ولوحت بيدي لأبعده عن وجهي. في كلتا الحالتين، عندما تعيش في الغابة، فكلما تتجول، لا بد أن تتسخ ملابسك بسرعة.
"لا يوجد شيء اسمه شخص يفعل كل شيء بشكل صحيح من المرة الأولى. هذه هي الطريقة التي نتعلم بها."
"... رغم ذلك، إد... هذا مختلف تمامًا..."
"......؟"
"إد، هل يمكنك أن تسامحني هذه المرة؟ سواء كان حادثًا... أو خطأ ارتكبته عمدًا..."
عندما نظرت نحو ينكار بتعبير يقول إن هذا سخيف، لوحت بذراعيها بسرعة في الهواء. عندما رأيت تعبيرًا يقول إنها كانت أكثر الأشخاص أسفًا في العالم كله على وجهها، كنت أنا من يشعر بالأسف عليها.
"هـ-هل ارتكبت خطأً آخر فيما قلته للتو؟"
"ما هو الشيء الذي فعلتيه وكان خاطئ للغاية؟"
أغلقت ينكار عينيها بإحكام واعترفت.
"أنـ-أنا أعتقد أيضًا أن رأسي سينفجر. أستمر فقط في التفكير في هذه الأفكار السيئة..."
"افكار سيئة؟"
"... إد. اعتقدت أنك ربما قد تكرهني."
مرة أخرى، أصبحت عاجزًا عن الكلام.
كانت ينكار شخصًا طيب الطباع ولطيفًا، ولكن في بعض الأحيان قد يكون تصرفها هذا وقحًا تجاه الآخرين.
كلما كنت لطيفًا وطيبًا، كانت تجربة أن يكرهك الآخرون أكثر ندرة. لذا، بالنسبة لها، بدا الأمر وكأنها لم تكن مكروهة من قبل أي شخص آخر من قبل.
لهذا السبب كانت ينكار تعاني كثيرًا. كانت خائفة من أنه قد ينتهي بي الأمر إلى كرهها.
"لا داعي للقلق."
"......"
"حتى لو كنتِ وقحة بعض الشيء، هل تعتقدين أن الأمر سينتهي بي بكرهكِ بهذه السهولة؟ أنتِ شخص مميز بالنسبة لي."
أخذت ينكار نفسًا قصيرًا وهي تنظر إلى عيني. عند النظر إلى الدموع المتجمعة في زوايا عينيها، يبدو أنها كانت قلقة بشدة.
بالنظر إلى هذا، ألا يبدو وكأنني كنت دائمًا أفعل الأشياء السيئة لها؟ رغم أني بذلت دائمًا قصارى جهدي لمعاملتها بشكل جيد.
"على أية حال... لدي شيء لأطلبه منكِ. هل تخططين للعودة إلى المنزل خلال هذه العطلة؟"
"هم؟"
"هل تعتقدين أنك تستطيعين قبول هذا الطلب البسيط؟"
* * *
بعد يومين، عبرت عربة فاخرة جسر ميكسيس.
انتظرت عند المدخل الأمامي مع أمتعتي، التي قد حزمتها بالفعل. كما أنني أخذت أمتعة تانيا أيضًا.
"لقد أرسلوا عربة كبيرة جدًا. أفترض أنه بما أننا سنقضي بعض الوقت بداخلها، فمن الأفضل أن تكون أكبر وأكثر راحة."
"هل نمتِ جيدًا الليلة الماضية؟"
"لا. كنت أخطط للنوم في العربة، لذا قمت ببعض الأعمال بدلًا من ذلك. أنت بنفسك تبدو متعبًا بعض الشيء يا أخي."
"أنا أيضًا مرهق بعد أن انتهيت من بعض الأعمال في المخيم."
"أنا أرى. امم...ولكن..."
نظرت تانيا إلى العربة التي تعبر جسر ميكسيس وهي تتأرجح نحوي وتهمس.
"الجو بالفعل مخيف جدًا. هل سيكون الوضع هكذا طوال الوقت في العربة...؟"
أدرت رأسي ونظرت خلفي إلى الفتاتين الواقفين جنبًا إلى جنب.
كانت إحدى الفتيات ذات شعر وردي وترتدي بلوزة بيضاء وتنورة زرقاء واسعة وشالًا بنيًا.
أما الفتاة الأخرى فكانت أصغر حجمًا، وكان شعرها الأبيض يتدلى فوق قميصها وتنورتها الواسعتين عليها.
من الواضح هذا، ولكنهما كانتا ينكار بالروفر ولوسي ماريل.
نظر الاثنان إلى بعضهما البعض كما لو كانا في حيرة... كانتا كلتاهما تصنعان وجهًا كما لو تسألان 'لماذا أنتِ هنا؟'
...وهكذا حدثت الأمور.