كانت منطقة روثستايلور تقع على أكثر قطعة أرض مرغوبة في قلب الإمبراطورية. لقد تميزت بحجم كبير بشكل لا يصدق في موقع مثالي للغاية.

من أجل الدخول إلى كرويلون، عاصمة الإمبراطورية، من الساحل الغربي للقارة — الذي كان مليئًا بالمدن الصاخبة — كان من الضروري المرور عبر منطقة روثستايلور.

يشير موقعها إلى أن عائلة روثستايلور كانت تحمي عائلة كرويل الإمبراطورية. ولهذا السبب أطلق مواطنو الإمبراطورية على منطقة روثستايلور اسم درع العاصمة.

وأولئك الذين مروا مسبقًا عبر المنطقة فهموا سبب اعتبار هذا المكان الأرض الذهبية للإمبراطورية.

مرج مغطى بأشعة الشمس الدافئة. طريق طويل ولطيف. منظر طبيعي واسع من المريح النظر إليه. وهي مجتمعة، كانت أشبه بالجنة.

عند النظر إلى الطريق المسطح أمام العربة، فإن كل المخاوف التي كانت تملأ رأس المرء ستتبدد. مجرد سماع عجلات العربة تدور كان كافياً لتهدئة الشخص.

وينطبق الشيء نفسه على تانيا، التي أمضت معظم حياتها في منطقة روثستايلور.

عندما دخلت العربة إلى المنطقة، لفت انتباهها مشهد مألوف. عادةً، ستكون هذه هي اللحظة التي يهدأ فيها قلبها وتستمتع بالمناظر الهادئة.

"......"

لكن بشرة تانيا كانت زرقاء داكنة. وكأنها كانت تشعر ببرد الشتاء، بذلت قصارى جهدها لمواصلة النظر إلى الأمام.

يمكن أن تتسع العربة لما يصل إلى أربعة أشخاص، مع كل مقعدان يواجهان بعضهما البعض.

بصرف النظر عن السائق، كان هناك أربعة أشخاص في المجموعة، لذا كان هناك عدد كافِ من المقاعد.

مع ذلك، بقي احدها شاغرًا. ذلك لأن لوسي ماريل لم تكن تجلس في مقعدها.

"امم..."

بالنسبة لـ تانيا، كانت لوسي ماريل، زميلتها الكبرى، تتمتع بشخصية رباعية الأبعاد. شخص كان من الصعب فهمه بعدة طرق.

في العادة، كان شقيقها إد هو المسيطر على لوسي. ولكن، هذه المرة كان الوضع مختلفًا قليلًا.

جلست لوسي في حضن إد، وهي تأخذ أنفاسًا قصيرة مثل طائر صغير. كانت الطريقة التي تجلس بها، وجسدها ملتف، تتناقض بشكل صارخ مع الطريقة التي كانت عليها في العادة. لم تكن تانيا معتادة على رؤية مثل هذا المنظر.

وينكار، التي كانت تجلس أمام لوسي وتحدق بها بشدة، كانت تجلس بجوار تانيا.

لن يكون غريباً أن تخرج كتلة من اللهب من عينيها في هذا اللحظة. لهذا السبب لم يكن بإمكان تانيا سوى تقويم ظهرها وحبس أنفاسها بعناية.

بينما تبقي رأسها للأسفل وتخفي عرقها البارد، تذكرت المرة التي أزعجت فيها ينكار من قبل.

"......"

كانت كل امرأة حول إد روثستايلور مرعبة.

ينكار كانت مثل فتاة سماوية، ولوسي كانت مثل ريشة مرفرفة، ولورتيل بدت ناضجة بالاحرى... لكن بالنسبة لـ تانيا، التي رأت الجانب الآخر لكل منهن، ارتجف جسدها بمجرد التذكر.

كان أي شخص أرتبط به إد بمثابة مشكلة عظيمة يمكنها تغيير العلاقات داخل عائلتهما. مع ذلك، لم تتمكن تانيا من قول أي شيء ضد الوضع بسبب الصدمة النفسية التي تراكمت لديها.

صرير

وقفت ينكار ببطء من مقعدها.

كان إد روثستايلور نائماً، ومتكئاً على جدار العربة.

لقد كانت رحلة طويلة، حيث كان عليهم قضاء ليلتين في الخارج. وبطبيعة الحال، أصبحت المجموعة أيضا متعبة للغاية. لقد حان وقت الذي يبدأ فيها الجميع في فقدان الطاقة والتحدث بشكل أقل.

كان من الطبيعي أن ينام في العربة. لكن، تسلقت لوسي بشكل طبيعي نحو حضنه، وسقطت في نوم عميق ودحرجت جسدها.

لم تعد ينكار، التي كانت تراقبها، قادرة على التحمل بعد الآن... أمسكت بجسد لوسي وأعادتها إلى مقعدها.

"يـ-ينكار..."

"من الخطر النوم هكذا..."

بعد أن قالت هذا، جلست مرة أخرى. ولكن، نظرت لوسي حولها بتعبير فارغ وهي تزحف مرة أخرى إلى حضن إد.

لم يكن يسيل لعابها، ولكن يبدو وكأنها كانت بالكاد نصف مستيقظة.

قامت ينكار بسحبها بعيدًا مرارًا وتكرارًا، ولكن لوسي واصلت الصعود إلى حضنه مرة أخرى والنوم. كانت عنيدة جدًا.

"إيو... إيييك..."

في النهاية، لمنع لوسي من التسلق مرة أخرى إلى حضن إد، لم يكن أمامها خيار سوى إغلاق الطريق.

تعثرت ينكار حينما جلست في حضن إد بنفسها.

"......"

ثم صادف أنها قامت بالاتصال بالعين مع تانيا. خفضت رأسها كما لو كانت محرجة، ولكنها ما زالت لم تخرج من حضنه.

عندما فتحت لوسي عينيها بسرعة ونظرت إلى ينكار، قامت ينكار بتقويم ظهرها وكأنها تقول 'ماذا ستفعلين حيال هذا؟'

بالمقارنة مع لوسي، التي كانت صغيرة الحجم بالاحرى، كانت ينكار أكبر بكثير. بالإضافة إلى هذا، لم تكن العربة واسعة جدًا، لذا كانت قلقة من أنه إذا بدأ جسدها في التحرك، فقد ينتهي بها الأمر إلى الاصطدام بشيء ما.

حتى رغم ذلك، شدت على أسنانها وهي تمسك بركبتي إد. يبدو وكأن هذا كان تصرفها الأخير بدافع الفخر، لذا لم تستطع تانيا قول أي شيء لها.

"...ما الذي...؟"

بعد فترة قصيرة، استيقظ إد مضطربًا، وقفز جاعلًا ينكار تضرب رأسها بسقف العربة.

* * *

"سوف نصل في وقت ما غدًا."

على الرغم من أنهم دخلوا للتو إلى منطقة روثستايلور، إلا أنه لا يزال هناك طريق طويل قبل أن يصلوا إلى القصر.

تشبثت لوسي بظهر إد بينما كانت ينكار تحدق في لوسي، غير مستسلمة.

في هذه الأثناء كانت أسنان تانيا ترتجف وهي تمضغ قطعة من اللحم المقدد.

التخييم... رغم أنه، وبفضل كل الخيام الفاخرة ومعدات التخييم التي أعدها السائق، لم يكن الأمر سيئًا إلى هذا الحد.

تناول الأربعة العشاء جالسين حول نار المخيم... حتى في منتصف الصيف، كان لا يزال هناك نسيم بارد.

عرفت تانيا مدى قوة ينكار ولوسي. ومن وجهة نظرها، رؤية الاثنين يتقاتلان بهذه الطريقة — مع تطاير الشرر — كان مرعبًا.

في المقام الأول، كانت تانيا خائفة بالفعل من كلتا الفتاتين حتى قبل أن يبدأا القتال. كان الأمر أشبه بإشعال عود ثقاب بجوار برميل بارود على وشك الانفجار.

من ناحية أخرى، بدا إد غير مرتاح بعض الشيء. حتى رغم هذا، تمكن من التوسط إلى حد ما بين الاثنين.

"أخـ-أخي..."

لكن التعب في تانيا قد وصل بالفعل إلى ذروته. كان الوضع على هذا النحو طوال الرحلة بأكملها. الشيء الوحيد الذي يمكنها فعله هو الارتعاش من الخوف بينهما.

"أنـ-أنتم مقربون جدًا من بعضكم البعض..."

قامت حواس تانيا السياسية الحادة بتحديد بالضبط ما يجب عليها القيام به في الوقت الحالي.

يجب عليها أن تختار الجانب الصحيح.

بين الاثنتين، من كان عليها أن تلتصق بها من أجل البقاء على قيد الحياة... هذا ما كان عليها القيام به. في النهاية، الشيء الأكثر أهمية هو تحديد الشخص الذي ينظر إليه إد بشكل أكثر إيجابية.

"......"

وضع إد بعض الخبز في فمه وهو ينظر إلى تانيا.

تحدثوا كثيرًا أثناء ركوب العربة.

كيف أصبح إد قريبًا جدًا من أشخاص مثل ينكار ولوسي؟ ما نوع الحياة التي عاشها بعد أن تم التبرؤ منه؟ ما هي الصعوبات التي واجهها وكيف تغلب عليها؟

مجرد الجلوس والاستماع إليه كان كافياً للشعور بالتقدير والأعجاب برحلته. في هذه العملية، تمكنت تانيا أيضًا من فهم ما يعنيه ينكار ولوسي لـ إد على مستوى أعمق.

كانت ينكار هي أفضل صديق له، وكانت منافسة من نوع ما في نفس مرحلته، وقد بنيا المودة لبعضهما البعض أثناء العيش معًا.

على وجه الخصوص، أظهرت صورة لشخص سيدعمه دائمًا مهما كان الوضع، حتى في أيامه عندما لم يكن شيئًا... كانت هناك لحظات كثيرة شعرت فيها تانيا بالعاطفة بمجرد سماع ذلك.

من ناحية أخرى، كانت لوسي هي مصدر قوة إد. وفي كثير من الأحيان كانت أيضًا الحل لمشاكله... كانت سندًا جديرًا بالثقة. وإد أيضًا كان هو الشخص الوحيد الذي لديه فهم عميق لمشاعرها ونضالاتها. في الوقت الحالي، كان هو أيضًا معنى حياتها، وكان يحمل مستوى لا يصدق من الأهمية بالنسبة لها.

على الرغم من أنه يتظاهر بأن الأمر لم يكن كذلك، إلا أنه يبدو أيضًا أنه يعتمد عاطفيًا على لوسي كثيرًا. ولهذا السبب كان من الصعب تخيل الاثنين منفصلين، حيث أن كل منهما يحمل معنى خاصًا لبعضهما البعض.

وكانت المشكلة أنه لم يكن هناك سوى رجل واحد وامرأتين. في الواقع، إذا نظرت إلى الأكاديمية ككل، فستجد أن هناك أكثر من اثنتين فقط.

من الصعب تخيل نوع الفوضى التي سيكون عليها الوضع لو كانت لورتيل معهم. تنهدت تانيا. لحسن الحظ، كان الشخصان الوحيدان اللذان احتاج إد إلى جلبهما للحصول على القوة هما الاثنان.

أثناء انغماسها في الجو، تحدث السائق إلى تانيا.

"سيدة تانيا، عندما تعودين إلى القصر غدًا، أظن أنكِ ستجرين محادثات حول مفاوضات الختم."

"آه، هذا صحيح. لقد مر ما يقرب من عام منذ أن تم نقل ختم الحكيم، لذا إذا واصلنا عملية الشراء الآن، فلن يشك الناس."

إذا باعت لورتيل ختم الحكيم مباشرةً بعد شرائه، كان هناك احتمال أن يتم الكشف عن العلاقة بين شركة إلت وعائلة روثستايلور، مما سيثير الشكوك.

ولهذا السبب كانت عائلة روثستايلور تحاول التوصل الى الوقت المناسب اللازم قبل شراء الختم، وفي الوقت الحالي، لا بد أن شركة إلت أيضًا تفكر في أرباح الختم... لذا، حان الوقت للتفاوض بنشاط على الشراء.

"أيضًا، سيشارك رولاند — وهو أحد كبار المسؤولين في شركة إلت — في اللقاء الاجتماعي هذه المرة. لذا يمكنكِ التحدث معه حول هذا الموضوع."

"في الواقع، سيكون التعامل مع لورتيل أسرع بكثير، ولكن... لكوني رئيسة مجلس الطلاب، فمن يعرف ما هي الشائعات التي ستنتشر إذا التقيت شخصيًا بأعلى مسؤول تنفيذي في شركة إلت... "

"سيكون مثاليًا التوصل إلى تقدير تقريبي، والتوصل إلى خطة، والمضي قدمًا في الصفقة بعد بدء الدراسة مرة أخرى."

بعد أن انتهى السائق من الحديث، أومأت تانيا برأسها.

وفي اللحظة التي كانت على وشك تناول رشفة أخرى من شاي الأعشاب الذي أعده السائق—

"ينكار بالروفر."

صوت نادى بهذا الاسم.

توجهت عيناها على الفور إلى لوسي، التي كانت تجلس وتلف نفسها حول ظهر إد.

لوسي ماريل. كانت هذه هي المرة الأولى التي تراها تنادي اسم شخص آخر مباشرةً. ذلك الصبي، ذلك الطفل، ذلك الرجل، ذلك العجوز، ذلك الشخص. ألم تكن هي الفتاة التي تشير دائمًا إلى الآخرين بهذه الطريقة؟

اعتقد الناس أنها لا تحفظ أسماء الآخرين لأن ذلك كان مزعجًا، لكن ثبت الآن خطأ هذه النظرية.

كان إد أيضًا فضوليًا حيث رفع عينيه ونظر نحو لوسي.

ثم نظرت لوسي مباشرةً إلى ينكار وهي تتحدث.

"افعليها باعتدال. هناك الكثير من الأرواح هنا أيضًا."

بعد تلك المواجهة الطويلة، بدأ أخيرًا هجوم استباقي.

أخذت تانيا نفسًا عميقًا. لكنها كانت متوترة للغاية لدرجة أنها لم تتمكن من الزفير.

"...ماذا؟"

"كل يوم، هناك كل تلك الأرواح التي تتجمع حول المخيم. كلما فعل إد شيئًا ما، يركضون إليكِ ويبدأون في الدردشة والإبلاغ عنه."

يمكنك تخمين ما كانت لوسي تحاول قوله. أرتجفت أكتاف ينكار للحظة بينما كانت تتصبب عرقاً بارداً.

"في لمحة، من الواضح أنهم يراقبون كل تحركات إد. ألا تظنين أن ذلك يزعجه أن يراقبوه في كل ثانية من كل يوم وليلة...؟"

عند سماع تلك الكلمات، ابتلعت ينكار أنفاسها. ألقت نظرة سريعة على تعبير إد.

في المقام الأول، كان إد يدرك بالفعل أن هناك دائمًا عددًا كبيرًا من الأرواح من حوله.

بالطبع، لم تكن الغابة الشمالية دائما مليئة بالأرواح. ولكن في جميع أنحاء المخيم، هناك دائمًا عدد كبير جدًا من الأرواح التي تأتي وتذهب.

لم يهتم إد كثيرًا لأنه لم يكن يفعل أي شيء لا يستطيع إظهاره للآخرين.

لكن، لوسي، التي كانت تدخل وتخرج من المخيم كثيرًا مثل إد، كانت منزعجة للغاية من هذا... احتضنت ظهر إد بينما كانت تتحدث مباشرةً إلى ينكار.

"أنه لشيء خبيث."

"هـ-هذا... الأرواح، بمفردها..."

"يمكنكِ أن تمنعيهم من القيام بهذا، لكنكِ لا تفعلين. بينما تتظاهرين بأنكِ بريئة..."

رفعت تانيا عينيها وهي تنظر نحو ينكار. عبثت ينكار بأصابعها، محاولةً تجنب تانيا، كما لو كانت نظراتها ثقيلة.

نظرًا لعدم قدرته على مواصلة المشاهدة، وضع إد المزيد من اللحم المقدد والخبز في فمه قبل أن يتحدث.

"لا بأس. أنا لا أهتم حقًا. وبصراحة، من وجهة نظري، فإنهم يساعدون في مجال السلامة. ليس الأمر كما لو أنهم كانوا شديدي الثرثرة لمدة يوم أو يومين فقط. بصراحة، هناك العديد من الأشياء التي ساعدتني فيها الأرواح."

"انظري...! إنه لا يهتم حتى...!"

"لكن في الوقت نفسه... لم أكن أتصور أن الأمر سيكون على مستوى الإبلاغ عن كل تحركاتي..."

ابتلعت ينكار أنفاسها مرة أخرى بينما أدارت لوسي جسدها بسرعة، وجلست في حضن إد. بينما كانت ينكار تجعد جبينها، لم تستطع إلا أن تلقي نظرة على رد فعل إد.

"هـ-هل هذا... يجعلك تشعر بشكل سيء؟"

"لا أقصد أن هذا يجعلني أشعر بشكل سيء، ولكن... الأمر فقط أنني لم أكن أعلم بالأمر. لا تقلقي كثيرًا."

"إيغغك..."

أطبقت ينكار شفتيها، غير قادرة على قول أي شيء آخر.

لم تأمر أبدًا الأرواح بالإبلاغ عن كل تحركات إد، لكنها أيضًا لم تمنع الأرواح من التحدث عن إد.

نظرًا لأن الجريمة لم تكن أفضل حتى لو لم تكن متعمدة، لم يكن أمام ينكار خيار سوى إبقاء فمها مغلقًا.

"مظلمة، غادرة، خبيثة..."

جلست لوسي في حضن إد، وتمتمت بهذه الكلمات. كالعادة، كانت عيناها في حالة نعسة وهي تتحدث بنبرة شبه نائمة... لكن الغريب أنها بدت وكأنها تبتسم أيضًا.

لم تستطع ينكار تحمل ذلك بما أنها تكره لوسي، ولكن... لسوء الحظ، كل ما قالته كان حقيقة. وكان الطعن مستحيلًا.

"لو كنت أنا، لكنت سأشعر بالأسف الشديد وأذهب لأبعد مكان ممكننننننننن-"

بينما كانت لوسي تقول ما تشعر به، قام إد بسحب خديها الصغيرين.

"لا تبالغي. أنتِ تعلمين جيدًا أن ينكار لم تفعل ذلك بنوايا سيئة."

"إد...!"

بينما تومئ ينكار رأسها في إثارة، نفخت لوسي خديها وهي تسحب ربطة عنق إد. على الرغم من أن لديها تعبير غير راضي على وجهها، إلا أنها لم تستطع استخدام القوة ضد إد. ولهذا السبب كانت تحتج بطريقتها الخاصة.

واصل إد الحديث بينما كان يربت على رأس لوسي.

"على أية حال، عندما نصل إلى القصر، من المحتمل أن ألتقي بوالدي مباشرةً بعد مأدبة غداء بسيطة. برغم أنه يجب أن نذهب إلى مأدبة الغداء معًا."

الآن بعد أن أصبحوا قريبين من قصر روثستايلور، كان عليهم أن يتحدثوا عما سيفعلونه في اليوم التالي.

"بعد تقديمكما وإجراء محادثة، سنتحدث عن اللقاء الاجتماعي... وسيتم تخصيص غرفة لكل واحدة منكما. على أي حال، أعتقد أنه سيكون من الأفضل أن يتم تخصيص الغرفة الأقرب لي للوسي."

"هـ-هاه... لماذا؟"

سألت ينكار في مفاجأة.

"ينكار، يجب أن تكوني في غرفة بعيدة قليلاً. استخدمي أرواحكِ سراً قدر الإمكان للتحقق من الهيكل العام للقصر."

"أنا بالفعل على علم جيد بهيكل القصر يا أخي."

"هناك فرق كبير بين سماع الكلمات ورؤيته فعليًا. كما يجب عليكِ التحقق من تدفق القوة السحرية لمعرفة ما إذا كان هناك أي شيء غير طبيعي، أو ما إذا كان هناك أي أماكن مشبوهة."

وضع إد يده على رأس لوسي، وتحدث بحزم إلى المجموعة.

"نحن هنا للعثور على دليل يكشف الحقيقة وراء كريبن روثستايلور. دعونا لا ننسى هذه الحقيقة. مع شهادتنا كأشخاص من الداخل، إذا تمكنا من العثور على أدلة كافية لإثبات ذلك، فسوف يهتز منصب كريبن."

"......"

لم تتفاعل ينكار ولوسي مع هذه الكلمات، ولكن كان هناك ظل على تعبير تانيا.

كانت تانيا فتاة قدرت وأُعجبت بـ كريبن طوال حياتها وعاشت كل شيء من أجل مجد آل روثستايلور.

خلال الأشهر القليلة الماضية، لا بد أن رأيها قد تغير كثيرًا لأنها عرفت الحقيقة وراء كل شيء. حتى إنها شهدت بشكل مباشر إنقلاب تهمة القتل... ولكن، باعتبارها الابنة الصغرى للعائلة، كان من المعقد بالنسبة لها إسقاط كريبن.

العقل البشري لا يمكن تغييره بسهولة. أراد إد من تانيا أن تقوي قلبها، على الأقل أثناء وجودهما في قصر روثستايلور.

ثم فتحت لوسي فمها.

"ليست هناك حاجة لي للذهاب إلى الغرفة المجاورة. فبعد كل شيء، أحتاج أن أضع عيني عليك دائمًا."

كان قصر روثستايلور في الأساس منطقة العدو.

ولهذا السبب بدت لوسي مستعدة بشكل دائم لحمايته.

شبكت لوسي ركبتيها وهي تتحدث بصوت نعس.

"دعنا نتشارك نفس الغرفة. يمكنك فقط أن تطلب منهم القيام بذلك."

مرة أخرى، كان هناك صمت.

أصيبت تانيا بالقشعريرة، لذا لم تتحمل رؤية تعبيرات ينكار.

"مـ-ماذا تقولين...؟"

"مهمتكِ هي مراقبة الجزء الداخلي من القصر عن كثب، ولكن مهمتي هي الحفاظ على سلامته."

"إ-إد...مـ-ما تقوله هو أمر غبي..."

لم تتمكن ينكار من إنهاء جملتها. ذلك لأنها رأت إد واضعًا يده على ذقنه، وهو يفكر في الأمر بجدية.

بغض النظر عن كل شيء، كان إد حاليًا يخاطر بحياته. المخاطر كانت أكبر من أن يتحمل أية مخاطر غير ضرورية دون سبب.

برؤية ذلك، كانت ينكار توشك على فقدان عقلها.

* * *

يمكن رؤية الجدران الخارجية للقصر من بعيد.

كان حجمه مذهلاً للغاية لدرجة أنه بدى أقرب إلى قرية منها إلى قصر.

كان هناك أيضًا تل صغير وبرج ساعة به نسخة ضخمة من شعار العائلة.

المبنى الرئيسي للقصر، المبنى الرديء الذي يستخدمه الخدم، واحد للتخزين وآخر لإدارة الحديقة... كان هناك حوالي خمسة أو ستة مباني في الأفق.

كان هو المنزل الذي ولد ونشأ فيه إد وتانيا روثستايلور. وكان أيضًا المقر الرئيسي لعائلة روثستايلور التي حكمت القارة.

قصرًا بهذا الحجم كان مناسبًا لمجدهم. وكان أكبر بكثير من قاعة أوفيليس، حيث يعيش الطلاب المتميزون في أكاديمية سيلفينيا.

في الواقع، كان ذلك واضحًا. إذا كان قصر أقوى رجل في القارة أصغر من مسكن في الأكاديمية، فكيف سيبدو هذا؟

عندما استقبلنا المرتزقة الذين يحرسون المدخل الرئيسي للقصر بأدب وفتحوا البوابة، امتد طريق جميل مزين بالورود والأشجار باتجاه القصر.

بينما كان السائق يسحب حصانه نحو القصر، الخدم والأتباع الذين كانوا يمرون به أثناء قيامهم بعملهم أحنوا رؤوسهم بأدب نحو العربة.

هنا، كان أعضاء عائلة روثستايلور مثل الأباطرة والآلهة. هنا، سيطر دوق روثستايلور القوي على الأرض لأبعد ما يمكن للمرء رؤيته. كانت كلماته أقوى من كلمات الإمبراطور كرويل الذي كان يقع في العاصمة البعيدة.

بينما كنا نركب العربة لفترة أطول، رأيت عددًا من الخادمات والخدم يصطفون عند مدخل القصر.

"لقد وصلنا أخيرًا."

عندما فتح السائق باب العربة بأدب، ظهر مدخل القصر الضخم

تبدو الدرجات الرخامية المزينة بالورود مهيبة. اصطف موكب من العمال على الجانبين وهم يحنون رؤوسهم. عند رؤية هذا، فقدت ينكار، التي كانت مجرد شخص من عامة الناس، أنفاسها.

بالطبع، لوسي لا يبدو أنها تهتم على الإطلاق.

"لقد مررتم بالكثير خلال هذه الرحلة الطويلة."

أعطى السائق وداعه قبل أن يبتعد عن الطريق. كانت تانيا أول من أومأت برأسها. وبطبيعة الحال، تم اصطحابها من العربة وهي تسلم أمتعتها إلى أحد الخادمات.

بعد ذلك، نزلت لوسي وينكار، اللتان كانتا تجلسان عند المخرج، بعدها.

قفزت لوسي إلى الأسفل بشكل عرضي، بينما كانت ينكار محرجة ومثقلة من قبل كل من حولها.

لم يتم معاملتها بهذه الطريقة طوال حياتها، لذا كانت مرتبكة. سارت إلى الأمام، وهي تعبث بأصابعها، ولكن عندما طلب الخادم أمتعتها بأدب، أصيبت بالذهول وبدأت في السير إلى الوراء بسرعة.

كانت بالتأكيد شخصًا لا يمكن أن يصبح نبيلًا.

أخيرًا، نزلت وسلمت أمتعتي الشخصية إلى أحد الخدم بشكل طبيعي.

إصطدام!

في تلك اللحظة، سقطت الحقيبة الخشبية الصغيرة التي كانت تحتوي على أغراضي على الأرض. يبدو أنني تركتها مبكرًا جدًا أثناء تسليمها.

في لحظة، انتشر الضجيج في جميع أنحاء المدخل. كان هناك توتر بين العمال. انتشر بين كل واحد منهم، كما لو أن كارثة عظيمة قد حلت.

"أ-أنا أعتذر...! إيها السيد الشاب إد...!"

فجأةً ألقى الخادم الذي كان يحمل أمتعتي رأسه على الأرض.

"كنت متوترًا لرؤيتك بعد فترة طويلة...! جلالتك كان لامعًا للغاية عند رؤيتك تعود إلى المنزل بشكل مجيد. ارتكب هذا الكيان المتواضع خاصتك خطأ...!"

كما لو أنه لا يزال يعاني من صدمة نفسية، اعتذر بكل قوته وهو يزحف على الأرض.

يمكنني بسهولة تخمين كيف كانت كلمات وأفعال إد روثستايلور المعتادة.

لم أزعج نفسي بقول أي شيء حيث التقطت الحقيبة الخشبية بنفسي. ارتجف العامل واتخذ موقفًا دفاعيًا. لا بد أنه ظن أنني سأضربه بأرجحة من حقيبتي الخشبية.

نظرت حولي، لكن لم يتحرك أي من العمال الآخرين ولو قليلاً. لكن، بالنظر عن كثب، تمكنت من رؤية أن كل واحد منهم كان يتصبب عرقًا باردًا.

"لا بأس. يمكنني حملها بنفسي."

بعد أن قلت ذلك، مشيت عبر المدخل بحقيبتي الخشبية.

بين العمال الذين خفضوا رؤوسهم، انتشر صمت غريب. كنت أعرف بالفعل سبب شعورهم بهذا الإحساس الغريب بالتناقض... هذا لأنني لم أقم باحداث أي ضجة.

* * *

أول شيء رأيته بعد الدخول من الباب الأمامي كان صورة ضخمة.

خلف تمثال النسر الذي يرمز إلى عظمة عائلة روثستايلور، كانت هناك صورة ضخمة احتلت الجدار الكبير.

في العادة كان مكانًا يعلق فيه الشخص صورة أسلافه أو رئيس العائلة الحالي.

يتم القيام بذلك لتوضيح أصول العائلة لزوار القصر.

ولكن الصورة المعلقة في الردهة كانت لامرأة صغيرة.

كانت عيناها المفتوحتان بشكل واسع مليئتان بالحيوية والحياة. كان شعرها الأشقر ينزل بشكل غزير، مثل قلبها الخير.

أظهرت ابتسامتها اللطيفة الكثير من الدفء بحيث يشعر المرء بالراحة بمجرد النظر إليها.

وكان إسمها مكتوبًا أسفل الصورة.

'أروين روثستايلور.'

"لابد أنه مر وقت طويل منذ آخر مرة رأيت فيها صورة أروين، أخي. لكن عندما كنت تعيش في القصر... الغريب أنك كنت تكرهها."

بعدما قالت ذلك، ابتلعت تانيا أنفاسها. كانت قلقة من أنها ربما قد قالت شيئًا غير مناسب.

هززت رأسي وأنا أنظر إلى الصورة الكبيرة مرة أخرى.

لم يعودوا في هذا العالم بعد الآن.

ولم أكن في وضع يسمح لي بالحديث عنهم أيضًا.

فقط نوايا كريبن من تعليق هذه الصورة الكبيرة لـ أروين... كنت أشعر بالفضول حيالها.

هل كان شوقًا لابنته التي غادرت العالم أولاً؟ أم أنها مجرد تكريم للابنة الكبرى لعائلة روثستايلور؟

إلا إذا كنت أنت هو، فربما كان من المستحيل معرفة ذلك.

"أنتم هنا."

في تلك اللحظة، انفتح الباب الخشبي الكبير فوق درج الردهة. ظهر رجل ومعه أربعة خدم.

"لقد مررتم بالكثير، وسافرتم في مثل هذا الطريق الطويل."

كان يرتدي عباءة سميكة ملفوفة حول ملابسه الفاخرة المصنوعة من جميع أنواع الأقمشة باهظة الثمن.

السبب الذي جعله يبدو صغيرًا بالنسبة لعمره لم يكن بهذه التعقيد. ذلك كان ببساطة لأنه كان ثريًا.

نظرت إلى كريبن، الذي كان يقف بجانب السور، قبل أن أتحدث ببطء.

"لقد مر وقت طويل, أبي."

كيف سيأخذ هذا البيان؟

وسط الصمت...أخيرًا، فتح كريبن فمه.

"نعم. لقد قلقت عليك كثيرًا. اشتقت إليك, إد. يا بني."

كان كريبن مرتاحًا وهو يبتسم على نطاق واسع.

لم يستطع أحد في المجموعة أن يشعر بالمشاعر العائلية والقرابة برغم المودة التي كانت على وجهه.

الطبقات الموجودة على وجهه وتعمل كالقناع... جميعنا نعرف زيفها جيدًا.

2023/10/21 · 430 مشاهدة · 3338 كلمة
نادي الروايات - 2024