مجال رؤية ضيق. كان ذلك مصدر قلق لفترة طويلة للبروفيسور غلاست قصير النظر.
بما أنه كان في وظيفة تتطلب منه قراءة الكثير من الكتب، فقد كان من المحتم أن يعاني من قصر النظر وضيق مجال الرؤية.
كانت الحياة كمدرس حياة ساكنة, بعد كل شيء.
كما هو الحال مع معظم الوظائف في العالم، حولت عقود من السنوات من التكرار كل شيء إلى روتين ونمط.
حتى الجدول الأكاديمي المضطرب والفوضوي للعام الدراسي لم يخرج عن التوقعات التي جاءت مع تلك العقود من التكرار المستمر.
حتى الأحداث والمشاكل غير المتوقعة التي ظهرت بين الحين والآخر ستصبح مجرد تجربة من الماضي، والتي بمرور الوقت، ستجعل الشخص يبدأ في التفكير، حدث شيء من هذا القبيل سابقًا...
في النهاية، ما تبقى من ذكرياته كان مشابهًا لإطار من مناظر حياته اليومية.
يجلس على المكتب الكبير في مختبره الخاص, ويقرأ بعناية وينسخ ختم الحكيم، ويحلل السحر السماوي، ويدير منهج الأكاديمية، ويراجع المواد التعليمية للطلاب.
أثناء القيام بذلك، تغير المشهد خارج النافذة.
تساقطت الثلوج.
هطلت الأمطار.
هبت الرياح.
أشرقت الشمس من الشرق، وعندما أدرك ذلك، وجدها تهرب إلى الغرب في السماء.
جاء الأستاذ الاصغر، والذي ارتكب خطأ بغير عمد، طالبًا المغفرة.
جاء طلاب تخصص الدراسات العنصرية الذين أرادوا التحضير للسحر المتوسط لايجاده في مختبره الخاص.
توقف العميد، الذي كان في طريقه إلى العمل، لتناول فنجان من الشاي.
مع جلوسه في نفس المكان على هذا النحو، يقضي يومًا بعد يوم مدفونًا في عمله، في يوم ما بدأت ذكرياته المؤلمة تلك تتلاشى.
إذا كانت ذكرى لا يمكن شفاؤها، فلا يوجد بيدك حيلة سوى أن تنساها ببطء.
إذا لم تتمكن من العثور على علاج، فسوف ينتهي بك الأمر في النهاية الى إيجاد طريقة لنسيان الألم.
منذ بعض الوقت، أصبحت الهالات السوداء حول عينيه أكثر كثافة، وأصبحت عيناه جافة، وشعره بدأ يتساقط. حتى لو سمع الناس يتنمرون ويطلقون عليه 'وجه الجمجمة، فلم يؤذي ذلك مشاعره.
بينما كان جالسًا على مكتبه في مختبره، يدير ريشته، ذات يوم بدأت رؤيته تصبح ضبابية.
هل هناك مشكلة بسبب قصر النظر لدي، أم بسبب نفاد لياقتي، أو ربما أحتاج فقط إلى الراحة؟
كان هذا ما اعتقده... برغم أنه، مقارنة بعمله المعتاد، لم يكن العمل شديدًا بشكل خاص.
من حين لآخر، ستبدأ لمحة من ذكرياته السابقة تغمر ذهنه مرة أخرى.
قوم عموده الفقري واستلقى على كرسيه، ومسح وجهه. مثلما كان يفعل دائمًا، ثم أغلق عينيه ببطء.
لم يعد هناك جدوى من محاولة تذكر وجه ميوري. كل ما ادى له ذلك هو ايذائه.
إذا كان الأمر كذلك، فما الذي ينبغي أن يرسمه فوق تلك الظلمة الطويلة المتواجدة فوق جفونه؟
لم يكن هناك شيء للرسم. كانت لوحة ضخمة بفنان مبتدئ يحمل فرشاة جديدة.
استسلم عن ملئ تلك المساحة، التي كانت على نطاق أوسع من البحر المفتوح، وفتح عينيه مرة أخرى... كان أمامه تايلي وهو ممسك بسيفه، وبقية مجموعته وهم يواجهونه.
* * *
تنحى إد عن السور. بعد انتهائه من مراجعة الوضع العام بالسفر بالاتجاه المعاكس إلى قاعة تريكس، لقد اعتقد أن الوقت قد حان للعودة ببطء إلى الممرات المائية تحت الأرض. لم يكن يريد أن يغادر، اراد أن يكون حول مكان الحادث باكمله حتى النهاية.
عندما نزل إد من السور، قفزت لوسي أيضًا، وأمسكت باكمامه وتبعته من الخلف.
عندما سألها إد عما يحدث، هزت لوسي رأسها عدة مرات، وردت بقولها، 'لنذهب معًا'.
نزل الاثنان سويةً من على الدرج المؤدي إلى سطح قاعة تريكس.
* * *
قطعت سيافة تايلي خلال الهواء على سطح برج السحر.
وقبل أن يصل الى البروفيسور غلاست، قام السحر الدفاعي الذي ألقاه بصد السيف. وارتد سيفه بقوة.
بعد ذلك مباشرةً، تبعه زيغ بقبض يده ومحاولة ضرب غلاست. لقد كان هجومًا رافقه سحر الرياح المعزز. ولكن حتى في تلك اللحظة، رأى البروفيسور غلاست من خلاله وألقى التعويذة السماوية المتقدمة سجن الوقت.
لم يعد بإمكان زيغ، الذي كان قد تم ايقافه، التحرك. واحدًا تلو الآخر، أوقف سجن الوقت كلاً من إلفيرا وأديل أيضًا.
قام تايلي بالدفاع ضده بمهارة معلم السيافة الخاصة به، وكان كليفيوس آمنًا لأنه في المقام الأول كان بعيدًا عن نطاقه. ومع ذلك، تم تعطيل أكثر من نصف القوة القتالية للمجموعة.
ولكن حتى في ذلك الحين، لم تتلاشى الروح القتالية في عيون تايلي المتوهجة. بدلاً من ذلك، يمكنك الآن أن ترى أنه حتى عيون ذلك الجبان كليفيوس قد اهتزت وهو يقفز إلى ساحة المعركة مع يديه المرتعشتين.
أبعد البروفيسور غلاست نفسه باستمرار عن المقاتلين لتجنب السيافة خاصتهم. ثم، واحدًا تلو الآخر، بدأ في إخراج أغراضه المصممة بطريقة سحرية.
* * *
أكد إد، الذي وصل إلى الطابق الأول من قاعة تريكس، أن الوضع قد انتهى تقريبًا.
تم إزالة معظم الفوضى ويبدو أن تعبيرات جميع الطلاب، الذين كانوا مرتبكين وقلقين، قد اصبحت مرتاحة قليلاً.
مع لوسي، التي كانت تشد باكمامه وتتبعه من الخلف، مروا عبر ردهة الطابق الأول من قاعة تريكس.
شظايا الغولم السحرية قد تُركت في كل مكان. كان ذلك دليلاً على معركة تايلي.
كان رئيس الباحثين ميلفيريك، الذي قاتل ضده، على الارض فاقدًا للوعي.
كان رئيس الطلاب، فيروس، الذي حاول أيضًا منع تايلي من التقدم بمفرده، يستريح أيضًا في الزاوية. لابد أن تايلي كان مليئًا بالغضب بسبب اختطاف آيلا. حتى فيروس لم يستطع إيقاف تايلي عندما كان في مثل تلك الحالة.
ركض إد إلى فيروس، الذي أوشك على الانتهاء من فترة اقامته في ذلك المنصب، محاولًا مواساته بالقول إنه قد مر بالكثير. هز فيروس رأسه، قائلاً إنه حاول فقط إيقاف تايلي بسبب منصبه كرئيس للطلاب، لكنه يفهم تمامًا سبب قيام تايلي بمثل هذا الشيء.
انتهى الفصل الدراسي الثاني تقريبًا. سيكون أكثر انشغالا بمجرد وصول الإجازة. وبمجرد الانتهاء من انتخاب رئيس الطالب القادم ، سيتعين عليه البدء في التحضير للتخرج. قال رئيس الطلاب فيروس شيئًا بابتسامة مريرة.
"ماذا فعلتُ عندما كنت في ذلك المنصب...؟"
بعد أن قال ذلك، نظر إلى السماء ليلاً عبر السقف المكسور، متذكرًا أنه عاش حياة وهو يتأرجح بواسطة الآخرين فقط.
* * *
تركت سيافة كليفيوس اصابة قوية على كتف الأستاذ غلاست. لم تكن عميقة، لكنها كان لا تزال جرحًا ذا مغزى. تجهم البروفيسور غلاست وهو ينشط الكرة الموجية المحسنة للصدمات.
كليفيوس، الذي أصيب بالصدمة، كاد يسقط من أعلى برج السحر. تمكن تايلي بالكاد من الإمساك به، وسحبه إلى الخلف. مع رجفان ساقيه في خوف تام، لم يستطع كليفيوس منع نفسه من إثارة ضجة.
قام البروفيسور غلاست، الذي بالكاد تمكن من خلق مسافة بينهما، بترميم الجرح على كتفه. بما أنه سيستمر في النزيف، ربطه بردائه. لإبقاء جميع المقاتلين ذو المدى القريب تحت السيطرة، قام بألقاء جميع أنواع السحر العنصري المبتدئ.
بالنسبة للطلاب عديمي الخبرة، فإنه سحر يتطلب تركيزاً كاملاً لاستخدام كل نوع منه، ولكن بالنسبة لشخص ذو خبرة مثل البروفيسور غلاست؟ كان سهلًا للغاية، لدرجة أنه يمكنه أن يلقي عدة تعويذات في وقت واحد.
كان من الصعب على المقاتلين القريبين التعامل معه، لكن تايلي اندفع بشجاعة خلال السحر العنصري.
* * *
التقى إد ولوسي، اللذان كانا يعبران المنطقة التعليمية ويتجهان نحو مدخل الممرات المائية الجوفية، مع لورتيل وهي في طريقها من المنطقة التجارية.
سألها إد عن كيف قامت بالتعامل مع الملك الذهبي، بينما ردت لورتيل قائلة إنها قد حبسته في غرفة الضيوف في فرع الشركة.
كان من المحتم أن يفقد إلت كل مصالحه الخاصة بعد مرور بعض الوقت على أي حال. طالما تنجح في منعه من الهرب الى أي مكان، فلن تكون هناك أي مشكلة بعد الآن. الآن بعد أن أصبحت لهم اليد العليا، لن يكون هناك المزيد من الحيل التي يمكنه استخدامها.
بسوال لورتيل عما إذا كانت تشعر بأي مشاعر معقدة، حيث كان والدها في يوم من الأيام وستفقده الآن، قامت بهز رأسها.
ثم ردت بالقول إن ألم الفقدان ليس أكثر من مجرد شعور عديم الاحتمالية بالنسبة لها.
لم يكن لديها أسرة أو صداقة ترتبط بها بما يكفي لتشعر بأي نوع من الصدق إذا فقدتهم.
ومن ثم بقول أن فقدان الشيء كان امتياز فطر لأولئك الذين لديهم شيء في النهاية، نظر لورتيل وإد وهما واقفان جنبًا إلى جنب نحو برج السحر.
غطى الضوء المنبعث من البرج الأكاديمية بالدمار.
* * *
بدأ غلاست، الذي كان يبقي على تايلي وكليفيوس في مواجهة السحر المبتدئ، في بعث قوة سحرية سماوية مختلفة.
ملأت قوة سحرية مائلة إلى الحمرة ومشؤومة السطح باكمله.
السحر السماوي المتقدم، تسريع الوقت.
في لحظة، انفجرت القوة السحرية المتدفقة في جميع أنحاء جسم البروفيسور غلاست مع زيادة سرعة حركته إلى درجة لا معقولة تمامًا.
بدا الفعل نفسه بطيئًا وخامدًا، لكن السرعة نفسها كانت سريعة بشكل غريب. يبدو كما لو أن إحساس البروفيسور غلاست بالوقت قد تسارع.
حتى السحر المبتدئ كان يُلقى بسرعة غير معقولة، مما يجعل من الصعب تحمل هجماته — ناهيك عن المرور خلالها.
ومع ذلك، عندما قام تايلي بتنشيط مهارة معلم السيافة، تحول شعره إلى اللون الأبيض وتوهجت عيناه باللون الأحمر.
اندفع تايلي الموقظ من خلال السحر المبتدئ، مما قلل المسافة.
البروفيسور غلاست، الذي تفاجأ بحركات تايلي التي بدأت في اللحاق بحركاته، زاد من سرعته. قام بسرعة بسحب الكرات الموجية المحسّنة للصدمات مرة أخرى وقام بتنشيطها، لكن هذه المرة نجح تايلي في قطعها جميعًا.
في النهاية، مع تضييق المسافة، تعرض البروفيسور غلاست للقطع من جانبه. وتدفقت الدماء بينما بدأ الألم يتصاعد.
بدأت عينا البروفيسور غلاست ترتجفان بشكل كبير حيث أصبحت استجابته للقوة السحرية غير مستقرة بشكل ملحوظ.
ومع ذلك، تركت شفرة الرياح للبروفيسور غلاست ضربة قوية على تايلي.
انهار تايلي بعد طعنه في البطن، لكنه وقف مرة أخرى بينما كان الدم يتدفق منه. بتصميمه النبيل على إنقاذ أيلا، تغلب على الألم الشديد ووقف وجهاً لوجه مع البروفيسور غلاست.
في النهاية، بسبب عدم الاستقرار في قوته السحرية السماوية، حدثت لحظة. لحظة ضعف حطمت أحد سجون الوقت وأطلقت سراح إلفيرا من الختم.
بدأت إلفيرا، التي أدركت الوضع بسرعة، في إلقاء الكواشف المتفجرة. أخيرًا، تمكنت مجموعة تايلي من استعادة الدعم بعيد المدى، مما جلب لهم الأمل.
سرعان ما بدأ البروفيسور غلاست بإلقاء سحر سماوي آخر، انعكاس الوقت المصغر.
* * *
سار إد ولوسي ولورتيل جنبًا إلى جنب وقبل أن يدركوا ذلك، وصلوا إلى مدخل الممرات المائية الجوفية.
أثناء التفكير فيما إذا كان ينبغي عليهم التوجه إلى الممرات المائية الجوفية للنظر حول الارجاء، خرجت دوروثي، طالبة الخيمياء الاولى في السنة الثالثة، من المدخل. يبدو أنها إستعادت وعيها مؤخرًا.
سألها إد عن حالها من باب المجاملة فردت دوروثي بالشكوى من إصابة رأسها، وشعورها بالدوار. ثم تحدثت عن مواجهتها المرعبة مع ينكار.
لم يعرف إد حقًا ما يجب أن يقوله ردًا على ذلك، لذلك استمر في الاستماع. واصلت دوروثي الثرثرة قبل أن تنظر فجأةً إلى أبراج السحر التي ارتفعت عالياً في السماء.
بدأت تتحدث بعناية، قائلةً إنها لا تعرف ما الذي كان البروفيسور غلاست يخطط للقيام به، لكنها على الأقل ما زالت تعترف به كمعلم مهم لها.
على الرغم من أنه يبدو وكأنه كان ينظر إليهم دائمًا من مكان بعيد، وهذه المسافة لم يتم تقليلها ابدًا، فإذا كان عليها اختيار أفضل معلم قابلته في أكاديمية سيلفينيا، فستختار دائمًا غلاست.
استمع إد بانصات، وفهم تمامًا لماذا كانت دوروثي مشتركة في هذا المخطط الخاص به. الجميع انتقد غلاست لسوء تصرفاته ووقاحته، لكن بالنسبة لآخرين، فقد كان معلمًا موثوقًا به ولطيفًا.
* * *
التئمت جروح البروفيسور غلاست فوريًا مع ازدياد القوة السحرية ذات اللون الأحمر الداكن التي تغطي السماء بشكل أكثر ضخامة.
كان انعكاس الوقت المصغر بمثابة تعويذة تعيد الوقت لجسمك، وتعيد جميع الجروح في جسمك إلى لا شيء.
مع ظهور كل ذرة من القوة السحرية، أبقى تايلي وإلفيرا وكليفيوس أعينهم مفتوحة. بسبب قوة السحر السماوي، التي تجاهلت قانون السببية، أصيبت روح تايلي القتالية في لحظة.
لكنه لا يستطع الشعور بالإحباط هنا. طالما كانت حياة شريكة حياته آيلا في خطر، فلن يستسلم تايلي أبدًا. فقط تايلي نفسه يعلم كم كان حضور آيلا هائلاً في حياته، التي كانت مليئة بالعقبات الصعبة والشاقة.
دخل الى المرحلة الثانية من مهارة معلم السيافة، والتي قام بتنشيطها. في لحظة واحدة، امتلأ عقل تايلي بكل أنواع التقنيات.
لكن البروفيسور غلاست لم يكن بالتأكيد عدوًا سيتم دفعه.
السحر السماوي الذي قام البروفيسور غلاست بالابحاث عنه إلى أقصى حد له غطى كل من تايلي ومجموعته. كان ذلك السحر السماوي المتقدم، نقش الكابوس. حتى تايلي لم يستطع قطعه بمهارة معلم السيافة.
في لحظة، فقد تايلي وفريقه الوعي، في حالة من الهلوسة الكابوسية حيث عانوا من الموت لمئات المرات.
وهم التعرض للقطع أو الطعن أو الإصابة بطرق أخرى — لمرات لا تحصى، مرارًا وتكرارًا حتى تتحطم عقولهم.
من حيث الوقت، حدث كل هذا خلال لحظة وجيزة فقط. ومع ذلك، لن يكون غريباً أن تعتبرها مشقة من شأنها أن تحطم قلبك مئات المرات.
ولكن حتى في ذلك الوقت، كسر كل من تايلي وكليفيوس وإلفيرا الهلوسة في لحظة.
على عكس كليفيوس، الذي تقيأ، أو ألفيرا، التي كانت تبكي والمخاط يسيل من وجهها، قام تايلي بشد أسنانه وركض عائداً إلى غلاست.
ومع ذلك، لم يستطع اختراق دفاعات غلاست بجسده الهش. ارتفعت الأرواح منخفضة الرتبة التي استدعاها البروفيسور غلاست في انسجام تام، وركزت بسحر العناصر على جسد تايلي.
حاول تايلي المرور عبرها بقدر استطاعته، والهجوم لعشرات المرات، لكنه في النهاية لم يتمكن من الوصول إلى حيث كان يقف الأستاذ غلاست وانهار حيث أصبح جسده حطامًا.
في اللحظة التي كان البروفيسور غلاست على وشك توجيه الضربة الأخيرة، اخترق رمح جليدي بطنه.
مستفيدًا من تعطل سحره السماوي أثناء قتاله مع تايلي، تمكن زيغ أيضًا من اختراق سجن الوقت.
بعد أن استوعب الموقف على الفور، بدأ في إلقاء سحر الجليد المتوسط رمح الجليد بدون تأخير.
لقد كان ضعيفًا إلى حد ما مقارنة بـ لورتيل، التي كانت ضليعة في سحر الجليد، لكنه كان كافياً للإلقاء بسرعة وايقاف البروفيسور غلاست.
تدفق الدم من فم البروفيسور غلاست. لقد كان ذلك جرحا قاتلا.
لكن البروفيسور غلاست ألقى مرة أخرى سحرًا مرتبطًا بالوقت من خلال دفع جزء من عمره، ولذلك كان قادرًا على إصلاح جرحه.
* * *
مر وقت طويل منذ مصادفتهم دوروثي.
بعد المناقشة، قرر إد ولورتيل عدم العودة إلى المجاري المائية الجوفية. بدت الأرض غير مستقرة إلى حد ما بسبب الزلازل المستمرة، لدرجة أنه لن يكون من الغريب أن تنهار في أي لحظة.
شعر إد بخيبة أمل، وشعر أنه كان من المضيعة ترك جميع العناصر السحرية وصيغ الإنتاج التي كانت لا تزال في مكتبة الروح، ولكن في النهاية لم يكن الأمر يستحق المخاطرة بحياته.
أثناء الوقوف والتفكير في مراقبة كل شيء للتأكد من أن الامر قد انتهى بشكل جيد، خرجت ينكار من الغابة.
عادت ينكار بعد أن أكدت أن مرتزقة إلت قد انسحبوا جميعًا دون أي مشاكل كبيرة. عادت بشكل متأخر أكثر مما كان يعتقد، مما جعله يتساءل عما إذا كانت قد توقفت في مكان ما.
مع سؤال إد من أين جاءت، أجابت بالقول أن هنالك شيئًا ارادت التحقق منه تمامًا.
واصلت ينكار شرح شيء قاله لها تاكان بعد حادثة احتلال قاعة اوفيليس السابقة.
'بالتفكير في الأمر، لقد شعرت بتدفق غريب من القوة السحرية القادمة من الجزء الخارجي من الغابة الشمالية. يجب أن نتحقق من ذلك عندما يحين الوقت.'
'يبدو أنها دائرة سحرية مرتبطة بالسحر السماوي، بما أنها تنشط في الليل فقط. ميريلدا تحاول اكتشاف الموقع الدقيق لها.'
نظرًا لأنه كان سحرًا سماويًا ، فقد تذكرته فجأةً وذهبت للتحقق منه على الفور. توقعت أنها قد تكون دائرة سحرية تم إنشاؤها لبناء برج السحر، لكن لم يكن هنالك برج واحد في الغابة الشمالية.
إذا كان الأمر كذلك، فهل يمكن أن تكون دائرة سحرية تم نقشها لسبب آخر؟ يبدو أن ينكار كانت قلقة للغاية بشأن هذه الحقيقة.
لهذا السبب أرادت التحقق من الامر مرة أخرى. عندما قامت ينكار بسوأل إد عما إذا كان بإمكانه أن يأتي معها، أومأ إد برأسه. كان مهتمًا بهذا الامر أيضًا.
بينما كانوا على وشك المغادرة، سمعوا حفيفًا من الشجيرات في الغابة خلف شجرة الزيلكوفا المجاورة لهم.
جاء معها صوت 'هيييك!.
بالتحقق ومعرفة من كان يختبئ، فقد كانت الأستاذة المساعدة كليوه إلبين، هي التي كانت تجلس هناك بمفردها وتعانق ركبتيها.
* * *
على الرغم من أن الإصابة قد انعكست، فإن هذا لا يعني أنه لم يشعر بالألم.
ألم تعرضه للطعن عدة مرات لا يزال باقياً في ذهنه، يهز روح الأستاذ غلاست.
بسبب القوة السحرية الممنوعة التي اوصلها إلى حدودها، بدأت الأوردة في عينيه تتوسع وبدأت بشرته الشاحبة بالفعل بالتحول إلى اللون الأبيض أكثر.
الأصابع المخلبية المعززة، الكرات الموجية المعززة للصدمات، نداء الهاوية، اشعال، شفرة الرياح، نار الجحيم، العدوى الشيطانية، تسريع الوقت، السحر الروحي المبتدئ، الحركة المكانية قصيرة المدى، انعكاس الجاذبية، الرياح المطهرة، استدعاء الغولم السحري، انفجار، تحرير الوحوش، التجميد المكاني, كاشف سوء الحظ, كاشف زهرة الكستناء, كاشف الستار الدخاني, وكاشف الصخر الفولاذي.
مع كل أنواع العناصر السحرية، والسحر العنصري، وسحر الاستدعاء، والسحر المكاني، وسحر التداخل، وسحر اللعنات، وحتى الكواشف الخيميائية، تمكن من السيطرة على ساحة المعركة. كان الجزء العلوي من برج السحر كبيرًا جدًا، ولكن لم يكن هناك مكان يمكن لتايلي وفريقه الوقوف فيه بأمان.
في لحظة، بدأ فريق تايلي يُحاصَر.
وحتى مع ذلك، فإن روح تايلي القتالية لم تنكسر.
في هذه النقطة، ربما يكون محبطًا لكن عينيه كانتا لا تزالان تشتعلان بشغف بينما كانتا تركزان على آيلا، التي كانت دائمًا بجانبه. كان تصميمه على إنقاذ آيلا كافياً ليشعر أي شخص بالرهبة.
بدأ تايلي والفريق الذي كان يقوده في محاولة اختراق سحر التداخل للبروفيسور غلاست.
تمكن المقاتلون قريبو المدى، الذين أضطروا للذهاب عبر المسار الطويل، من اغلاق المسافة وإلحاق الضرر بجسم الأستاذ غلاست قليلاً.
على الرغم من أنه كان يراوغ، يوسع المسافة، ويدافع، كان هنالك حد لما يمكن أن يفعله. في المقام الأول، كان البروفيسور غلاست ضعيفًا في القتال القريب.
بدأ الدم في التدفق من كتفه مرة أخرى حيث جرح خنجر عظمة الترقوة خاصته مع هجوم سحري مخترقًا فخذه.
وبرغم ذلك، فقد استخدم مرارًا وتكرارًا القوة السحرية المحظورة إلى أقصى حدودها، وأعاد حالة جسده للوراء. بغض النظر عن مدى كون إصاباته مميتة، لم يكن لدى الأستاذ غلاست أي نية للخسارة.
يبدو وكأنهم كانوا يصطدمون بجدار طويل قوي بأيديهم العارية. لكن تايلي وفريقه رفضوا الإحباط أو الاستسلام.
لا تقبل الهزيمة. لا تستسلم للألم. ولا تصب بالإحباط من المصاعب.
كان هذا ما يعنيه أن تكون بطلاً.
أخيرًا، تم كسر سجن الوقت المتبقي حيث انضمت 'إديل الرومانسية' أخيرًا إلى ساحة المعركة.
* * *
مندهشةً من مشهد ينكار، بدأت الأستاذة المساعدة كليوه — بتعبير مرعوب إلى حد ما — في الاعتذار مرارًا وتكرارًا، كما لو أنها قد ارتكبت شيئًا خاطئًا.
ينكار، التي كانت منزعجة إلى حد ما من رد فعلها، حنت رأسها اعتذارًا أيضًا. لكن يبدو أن كليوه لم تشعر بالراحة من ذلك، حيث بدأت تبدو متوترة بعض الشيء مع نزول عرق بارد على وجهها.
عندما سألها إد عما تفعله هنا، أجابت قائلةً إنها هربت لأن الممرات المائية الجوفية كان تبدو خطيرة بعض الشيء.
لاحظ إد وجه كليوه. كانت هناك بقع على جلدها هنا وهناك، بدت غير مرتبة، وعيناها كانتا حمراء. حتى أنه كان سيسأل عما إذا كان قد انتهى بها الامر بالبكاء لأن ينكار كانت مرعبة للغاية... لكن بقع الدموع على وجهها كانت جافة بالفعل من قبل.
عند سوأل كليوه عما إذا كانت تبكي، أصابها الذعر وأجابت بضحكة مرهقة، وابتسمت وأومأت برأسها.
انتهى الأمر ببكاء كليوه وهي تغادر ساحة المعركة وتنظر إلى أبراج السحر التي ارتفعت فجأة في السماء.
قبل أن يسأل ما الشيء الذي كان محزنًا جدًا،
أجابت الأستاذة المساعدة كليوه. أنها كانت تلميذة البروفيسور غلاست لسنوات عديدة، منذ أن دخلت سيلفينيا لأول مرة.
"من الواضح أن البروفيسور غلاست هو شخص لا يسعك إلا أن تكرهه. إنه رجل عجوز عنيد وقح تمامًا وغير محترم، وبهذه الجمجمة — مثل وجهه — سوف يلقي كل أعماله عليك ويعظك عن صلاحه الذاتي. وإذا لم تفعل شيئًا بالطريقة التي يريدها، فسيتم الصياح عليك... بغض النظر عن مدى محاولتك لحب مثل هذا الشخص, فهو فقط شخص لا يمكنك أن تحبه."
بغض النظر عن أي شيء، بدا الأمر كما لو كان لديها بعض التخمينات حول ما تدور حوله القصة بأكملها أو المعنى الكامن وراء كلمات الأستاذ غلاست لها. لقد كان رجلاً يتمتع بحدس كبير وعين جيدة للأشياء غير المجدية.
"لكن... على الأقل... من بين كل الأشخاص الذين قابلتهم منذ أن جئت إلى سيلفينيا... فلقد كان أكثر الاكاديميين علميةً."
نظرت الأستاذة المساعدة كليوه إلى برج السحر في سماء الليل، تمامًا مثل أي شخص آخر.
على أي حال، هي شخص كان مع البروفيسور غلاست منذ بداية برنامج شهادتها، حتى عندما كانت أستاذة جديدة... فقد كانت تلميذته.
* * *
مع انضمام أديل، بدأ تيار المعركة يتحول شيئًا فشيئًا. بمساعدة إديل، التي كانت لديها موهبة استثنائية في سحر التطهير وتقوية حلفائها، زادت اللحظات التي كان على الأستاذ غلاست أن يتخلى فيها عن المسافة بينهم بشكل ملحوظ.
حتى بعد تعرضه للطعن في المعدة، والطعن في الكتف، وإصابته بجروح قاتلة بشكل متكرر، وقف البروفيسور غلاست مرارًا وتكرارًا دون أن يغمض عينيه.
في مرحلة ما، تخلى حتى عن ربط رداء الهيئة التدريسية خاصته المبلل بالدماء.
حتى تايلي كان مغطى بالجروح. كان الاختلاف هو أن تايلي لم يستطع إرجاع الوقت.
على الرغم من أنه كان بالفعل في حالة سيئة غارقًا في الدم، إلا أنه استمر في رفع سيفه. حتى حالته العقلية لم تكن طبيعية بسبب تعرضه بشكل متكرر للهجوم من قبل السحر العقلي.
ومع ذلك ، فإن إرادته لم تنكسر. تم تثبيت ساقيه بقوة على الأرض. في هذه المرحلة، كانت قوة إرادته مماثلة تقريبًا لقيوده البشرية. كان مولودًا بإرادة قوية وتلك كانت النعمة الوحيدة على الإطلاق التي منحها له القدر.
صد البروفيسور غلاست سيافة كليفيوس، وأرسله إلى الخلف مع سحر الموجة. في الفجوة التي احتلها، تمكنت إلفيرا من توجيه هجوم من السحر العنصري إلى بطن غلاست، على الرغم من أنه تغلب عليه بسرعة من خلال جمع قوة السحر السماوي.
ومع ذلك، فقد ضربه سحر الرياح لزيغ من الخلف بالفعل. تم صد بعضه، لكنه لم يستطع تجنب الإصابة بالكامل. تم قطع المنطقة المحيطة بكتفه مرة أخرى.
مع تحطم وفتح كاشف الستار الدخاني، تم تغطية رؤية الجميع في لحظة. لكن مهارة تايلي في السيافة خلقت عاصفة فتحت الطريق على الفور.
لقد حاول إرسال تايلي، الذي كان يقترب منه بسرعة، بعيدًا باستخدام عنصر سحري — ولكن فجأةً، لم تكن الكرات الموجية المعززة للصدمات تعمل. كان سحر عرقلة أديل قد كسر مؤقتًا دائرة الطاقة السحرية لهذا العنصر.
مع كون ذلك هو الوضع، حاول بعد ذلك كبح تحركات تايلي باستخدام السحر المبتدئ، لكن تايلي قد تمكن بالفعل من استخدام سيفه لاختراق بطنه.
"هورغغك."
مرة أخرى، بدأ الدم يتدفق من فمه وهو يتعثر... حاول البروفيسور غلاست إلقاء سحره السماوي مرة أخرى.
لكن في ذلك الوقت، لم يعد جسده بالوقت إلى الوراء.
كان تدفق القوة السحرية مثقلًا إلى أقصى حد، مما منعه من أداء المزيد من المعجزات.
"اغغهك..."
استخدم تايلي، الذي انتزع سيفه، سيافته مرة اخرى للهجوم عليه.
لم يستطع البروفيسور غلاست إيقاف هذه الضربة.
بالطبع، لقد كان يعتقد أن جرحه سيشفى وأن المعركة ستستمر. لكن هذا الجرح المميت لم يتم عكسه أبدًا.
نزف البروفيسور غلاست بشدة وتعثر، اثناء رجوعه للوراء ببطء.
"اغغه، آغك."
خفف تايلي وفريقه وضعياتهم وهم يستعدون للقتال. فقط في حالة وجود فرصة أنه قد كان يمثل، كانوا لا يزالون مستعدين لتوجيه ضربة إضافية واحدة لإنهاء كل شيء.
ومع ذلك، تم رفع كل السحر الذي قام البروفيسور غلاست بتجسيده وسرعان ما تم الغاء استدعاء الأرواح، التي كانت تحافظ باستمرار على الصف الخلفي تحت السيطرة، واختفت في الهواء.
"كيووغغــ......"
كان هنالك صوت يشبه الريح تسرب عبر البلغم الدموي للبروفيسور غلاست, والذي استمر في التراجع للخلف، وتم دفعه الآن إلى حافة سطح برج السحر.
الرياح في السماء دغدغت خديه الملطخة بالدماء.
سرعان ما بدأ الجزء العلوي من البرج، حيث اختفى تدفق القوة السحرية باكمله، في الاهتزاز شيئًا فشيئًا. كانت علامة على انهياره.
أخيرًا، وضع البروفيسور غلاست ابتسامة مستهزئة لذاته...
"حسنا، أنت فزت."
أغلق عينيه ببطء قبل أن يفتحهما مرة أخرى.
فتح ذراعيه على مصراعيها، كما لو كان يغري سماء الليل المرصعة بالنجوم في عناق. الشيء الوحيد الذي كان يكمن بين ذراعيه هو هواء الليل البارد، لكنه لم يستطع التوقف عن الابتسام. لم يبدو الامر بذلك السوء الشديد.
ما هو هذا الشعور...؟ كما هو متوقع، كان ذلك مجرد استنكاره لذاته.
في النهاية، لم يكن هنالك سوى فكرة واحدة أخيرة لديه. كان الامر بالضبط كما قد يتوقع المرء.
"اشتقت لكِ... ميوري..."
هل كانت تلك رغبته قبل الموت؟ أم أنه شعور طال أمده؟
سحب الجزء الأخير من قوته السحرية المتبقية، وتخلى ببطء عن القوة في جسده.
خلف ظهره كان هنالك منحدر لا نهاية له.
طاف جسد غلاست لفترة وجيزة في هواء الليل البارد.