حل الشتاء بالكامل على الجبل الأيمن، واصحبت غالبية الأشجار ذو فروع رقيقة وعارية.
بفضل الأشجار دائمة الخضرة والتي ستظهر هنا وهناك، لم تختف خضرة الطبيعة تمامًا. بالنسبة للجزء الأكبر، يمكنك فقط رؤية الضوء الساطع المنعكس من الأرض المغطاة بالثلوج.
في منتصف الطريق إلى أعلى الجبل، مسحت الثلج الذي تراكم فوق صخرة مسطحة. بعد التحقق لمعرفة أنها لم تكن شديدة الرطوبة، جلست أنا وأنيس.
"حتى وإن لم يكن كبيرًا لتلك الدرجة، أظن أنه ما يزال جبلًا. هناك الكثير من المناطق الخطرة، وبالنظر إلى الموسم، فقد يتعرض ببعض الطلاب للإصابة بجروح خطيرة إذا انزلقوا من على الثلج. بينما نراقبهم، يجب أن نتأكد من أننا على استعداد للتعامل مع تلك الامور، على ما أعتقد."
كان شعر أنيس الأنيق ذو اللون البني المائل إلى الرمادي مفككًا وغير مربوط. فور دخولنا الجبل، قامت بفك الخيط ورفعت شعرها بعدما قالت إن مؤخرة رقبتها باردة.
نزل شعرها على كتفيها، مموجًا بشكل معتدل ورفرف في الهواء. وبينما كانت تمشطه بيديها, فاح عطر لطيف في الهواء برفق.
"فيوو... الامر مرهق... لكن يبدو أنك لست متعبًا جدًا، إد؟"
"نظرًا لأن الوقت قد حان لأخذ استراحة، فلنرتح قليلاً."
لم يكن هناك أي شخص آخر في الجبل الايمن. حسنًا، ربما كان الموسم جزءًا من السبب، لكن ليس كله. لانه في المقام الأول، لن يكون هناك حتى طلاب يرغبون في الخروج إلى هنا من تلقاء أنفسهم.
إلى جانب أصوات الطيور التي ترفرف بجناحيها وصوت تكسر الثلج الذي خطونا عليه، كان المكان صامتًا تمامًا. بينما كانت تهب رياح قوية من حين لآخر، لتكشف عن الأرض المخبأة تحت الثلج، لم يكن ذلك كافيًا لكسر الصمت.
"شكرًا، إد. قدرتك على التحمل رائعة جدًا، لكن هذا يستغرق وقتًا طويلاً بسببي... ومع ذلك فأنت ما تزال مراعيًا جدًا..."
لمست أنيس أطراف أصابعها وهي تخفض عينيها وكأنها محرجة.
"لذا... أعتقد أنني أسأت فهمك قليلاً، إد."
نظرت إليّ أنيس بخجل قبل أن تنظر بعيدًا مرة أخرى.
"سوء فهم؟"
"كنت أعرف القليل عنك من قبل. و ... بما أنني من اقرب أصدقاء ينكار... كنت قلقة من أنها ربما قد كانت تقضي الوقت مع شخص سيء... لذا، أظن أنني قد قمت بمعاملتك بشكل بارد قليلًا..."
عندما فكرت في الأوقات التي كانت فيها أنيس باردة تجاهي، لم يكن أي منها بهذه الأهمية.
بين الحين والآخر، ربما كانت تنظر إلي بعيون باردة وتحاول تجنب الاقتراب مني... لكن هذا كان كل ما في الأمر.
حسنًا، كانت سمعتي داخل الأكاديمية خلال الفصل الدراسي الأول سيئة للغاية، لذا فأنا استطيع تمامًا فهم سبب قيامها بذلك. لم تكن فقط أنيس. بل تجنبني معظم الطلاب داخل الاكاديمية. لذا، لم يكن الأمر كما لو أن أنيس على وجه الخصوص كانت تعاملني معاملة سيئة.
في المقام الأول، كنت منشغلاً جدًا بمحاولة البقاء على قيد الحياة لدرجة أنني لم أعر الامر الكثير من الاهتمام.
"لا بأس. لم يزعجني ذلك كثيرًا. أنا متأكد من أنه لديكِ أسبابكِ الخاصة، لذا فأنا افهم."
بينما كنت أقدم ردًا عامًا، قمت بمراجعة قائمة الاستبيان الميدانية المكتوبة من قبل الاستاذة المساعدة كليوه.
في منتصف الطريق إلى أعلى الجبل، يجب أن نتحقق مما إذا كان هناك أي أرض مسطحة يمكننا فيها إعداد العناصر السحرية. يجب علينا أيضًا فحص المنحدرات، فقط في حالة كونها خطرة، وإعداد معدات السلامة إذا لزم الأمر. من المفترض أيضًا أن نذهب إلى الأعلى ونتحقق من المذبح، وهو ألم في المؤخرة، لكن... إذا أسرعنا، أظن أننا نستطيع الانتهاء قبل غروب الشمس.
كنت أرغب في إنجاز الأمور في أقرب وقت ممكن لأنه لا يزال لدي الكثير من العمل لأقوم به في المخيم.
ومع ذلك، لم يكن كما لو كان بإمكاني جر أنيس معي دون رغبتها، حيث لم يكن لديها في المقام الاول قدرة تحمل كبيرة. أيضًا، نظرًا لأنني كنت أتأكد من عدم إرهاق نفسي مرة أخرى، لم تكن فكرة سيئة بالنسبة لي أن آخذ فترات راحة في كثير من الأحيان.
"إد... أنت شخص يعتمد عليه وتعمل بجد اكثر مما كنت أعتقد."
كانت أنيس تتكلم وكأنها محرجة، وتلف شعرها حول إصبعها. ثم نظرت إلي ببطء.
"أنا مرتاحة جدًا لأن شخصًا مثلك جاء إلى المختبر للمساعدة. كان من الصعب أن أكون مساعدًا أعلى بمفردي... أنا متأكدة من أنك تعرف هذا أيضًا، لكن الأستاذة المساعدة كليوه خرقاء بعض الشيء. إنها عالمة واعدة جدًا، لكن ما يزال..."
"هذا صحيح. لابد أنكِ مررتِ بالكثير."
"نعم، هذا صحيح، لكن... لا بأس بذلك."
ابتسمت أنيس ابتسامة عريضة وهي تشد ذراعي بخفة.
"الآن بما أنك أصبحت هنا، إد."
"لكنني لم أفعل حقًا أي شيء حتى الآن..."
"من الآن فصاعدًا، ستساعدني. انظر إلى هذا، لقد انتهينا بالفعل من مسح هذا المكان."
قفزت أنيس من مقعدها، وتحركت أمامي مباشرةً وحدقت في وجهي.
"بالطبع، سيكون الرجلان الآخران مفيدين بما فيه الكفاية. لكن حقيقة وجودك هنا, يا إد، تمنحني الكثير من القوة."
"......؟"
"إد... أنا آسفة إذا كان قول هذا يؤذي مشاعرك، لكن... لقد تم طردك من عائلتك، صحيح؟"
هل كان من الصواب القول إن تعبيرها قد تغير؟ لقد كانت نفس الابتسامة، لكنها بدت مختلفة.
تلك الابتسامة اللطيفة التي أظهرتها لي لم تبدو نشيطة كالعادة. الآن، اصبح الامر كما لو انها كانت تعاني من نوع من الألم.
بابتسامة مريرة، وضعت يديها خلف ظهرها وهي تميل إلى الأمام. كان الأمر كما لو أنها تريد أن ترى تعبيري.
"أن تكون بمفردك، وتلتحق بأكاديمية رائعة كهذه... أعرف مدى صعوبة هذا الامر."
كان شيئًا مختلفًا بشكل غريب عن الإغواء. كان الأمر كما لو كانت تجذب بطريقة ناضجة، وكذلك إحساس القرابة من كونها في نفس العمر.
تقدمت ببطء إلى الأمام، وفركت ذراعي واستمرت في الحديث دون التخلص من تلك الابتسامة المريرة.
"كنت كذلك. بمجرد دخولي إلى هذه الأكاديمية، بدأت عائلتي تتفكك. لكنني ما زلت أرغب في مواصلة الدراسة في هذه الأكاديمية... لذلك صمدت بمفردي."
"هذا... لا بد أنه كان صعبًا."
"نعم, كان."
حدقت أنيس بهدوء في السماء. يبدو أنها كانت تتذكر الماضي، والذي تحملت فيه كل شيء من خلال العمل بمفردها في كل دقيقة من اليوم.
"شعرت كما لو كنت أقضي شتاءً طويلاً بمفردي."
لقد أعطت بشكل أكيد انطباعًا بأنها كانت بخير. لكن أعتقد أن ذلك كان دليلًا على أنها كانت قادرة على حل جميع مشاكلها بمفردها، سواء كانت مالية أو غيرها.
"أعتقد أن هذا هو سبب شعوري بالقرابة عندما رأيتك، إد. بالتأكيد... لا بد أن حياتك هنا في الأكاديمية لم تكن سهلة. وليس هذا فقط، لكن كانت هناك أيضًا كل تلك الشائعات الفضيعة التي تدور حولك."
"بعد التعود عليها، بدأت الأمور تتحسن. لا ينبغي أن تشعري بالحزن الشديد لأي سبب. أنتِ تقومين بعمل جيد في التماسك، كما تعلمين."
"هاها. شكرا. نحن... لدينا الكثير من القواسم المشتركة."
بعد قولي لمثل هذه الأشياء العاطفية بدون سبب... بدأت في تقديم كلمات العزاء والتعاطف معها.
حسنًا... هل كان لديها دائمًا هذا النوع من الصور؟ بدلاً من أن تكون عاطفية هكذا، ألم تمتلك عادةً شخصية أكثر هدوءًا وواقعية؟
لم نكن مقربين لتلك الدرجة، لذلك لم أكن متأكدًا من ذلك، ولكن... على أي حال، ما زالت تبدو مختلفة بشكل غريب عن الصورة التي كانت لدي عنها من قبل. يبدو أنه عليك حقًا أن تتعلم كل شيء عن شخص ما لترى كيف يكون.
"كما هو متوقع، أنت حقًا قوي ويمكن الاعتماد عليك, إد. أنا سعيدة لأنني تمكنت من توضيح سوء الفهم عنك. آه... أحم... لا أعرف ما إذا كان ذلك بسبب أننا نتحدث عن مثل هذا الأشياء العاطفية، ولكن... بدأت أشعر بالحرارة..."
عبثت أنيس بأصابعها مرة أخرى وسرعان ما بدأت في إحداث ضجة، ثم استدارت بسرعة.
"آه... هذا الامر باكمله كان محرجًا نوعًا ما! حسنًا، نظرًا لأننا استراحنا لفترة كافية، فلنسرع إلى القمة! لننهي هذا الأمر بسرعة! احرص على عدم السقوط! هناك الكثير من الصخور الخشنة في هذا المكـ- آآآآآهك!"
قبل أن تنهي جملتها، سقطت أنيس. بالصدفة، سقطت نحوي، وسقطت بين ذراعي.
"أههغك!"
بدأت أنيس في إثارة الضجة مرة أخرى ودفعت صدري بذراعيها، ثم سرعان ما تحررت.
"أ-أنا آسفة! تعثرت على صخرة!"
"كوني حذرة."
نظرًا لأنه يبدو أن هناك صخورًا خشنة خطيرة، حاولت الذهاب من حولها لتنظيفها. ومع ذلك، لم أر شيئًا على وجه الخصوص. هل صادف وأن انزلقت للتو على الثلج؟
سرعان ما بدأت أنيس بتهوية نفسها وتهدئة وجهها. لقد كان بالتأكيد موقفًا محرجًا، لذلك انتظرت أن تجمع شتات نفسها ببطء.
"ا- انتظر لحظة... أنا... لماذا اشعر بالحرارة بشدة...؟ سأهدأ بعد دقيقة...! فقط اجلس هناك وانتظرني...! ساعود قريبًا...!"
وهي ما تزال تهوي نفسها، سرعان ما اختبأت خلف شجرة قديمة ساقطة على بعد مسافة معينة.
جلست على الصخرة المسطحة وزفرت. وأنا شارد الذهن، شاهدت أنفاسي تنتشر عبر الهواء. عندما نظرت للأعلى، رأيت أن الجبل الأيمن مغطى بالكامل الآن ببطانية من الثلج الأبيض.
كان منظرًا خلابًا بشدة.
* * *
"هذا غريب."
هدأت أنيس نفسها وهي تجلس على جذور الشجرة القديمة.
"من الخارج، يمكن الاعتماد عليه ويعمل بجد... لكن هل هو فحسب يزيف ذلك...؟ لأنه يعلم أنني من أقرب أصدقاء ينكار...؟"
قامت أنيس بإمالة رأسها وهي تمسك بذقنها وتتعذب بشدة. لم يكن رده جيدًا بما يكفي للوصول إلى استنتاج.
ومع ذلك، فقد اتبعت خطة عملها على أكمل وجه.
انطباع أن تبدو قادرًا من الخارج بينما تكون ضعيفًا من الداخل، كل ذلك أثناء الحاجة إلى الحماية.
أن تكون شخصًا متشابهًا في التفكير، شخصًا عانى أيضًا من حياة صعبة في الأكاديمية. عند القيام بذلك، يمكن خلق إحساس بالقرابة معه.
نظرًا لأنها لم تكن متأكدة مما إذا كان يفضل شخصًا أكثر نضجًا أم لطفًا، فقد حاولت مزج الاثنين إلى حد ما. بعد استخدام بعض التلامس البسيط، انتهى بها الأمر حتى بتزوير حادث الوقوع بين ذراعيه.
لقد بدا مرتبكًا قليلاً بسبب ذلك، لكن يبدو أنه لا يزال أكثر عقلانية. كل شيء كان غامضًا جدًا.
لقد ظنت أنها قد تحتاج إلى الانتظار ومراقبته لفترة أطول قليلاً، ولكن نظرًا لأنه لم يقع في حبها حتى بالرغم من ما فعلته، فمن المحتمل أنه لم يكن مستهترًا.
"حسنًا... هل أنا منغمسة جدًا في هذا؟"
نظرًا لأنها قالت إنها ستتحقق منه بشكل صحيح، فقد كان الأمر كله مجرد أسلوب تمثيل. الحديث عن كيف كانت حياتها المدرسية مثل فصل الشتاء القاسي، تساءلت عما إذا كان القليل من صدقها الداخلي قد امتزج في ذلك.
حسنًا، ماذا يمكنها أن تفعل؟ من المفارقات، أن الكذبة المثالية يتم صنعها عندما يختلط بها القليل من الحقيقة.
ظنت أنه لا بد وأنها قد وجهت ضربة قوية، على الأقل إلى حد ما، وسرعان ما سيكون هناك رد فعل منه.
"لـ- لكن أيضًا... لم ألاحظ ذلك من قبل، لكن جسده جيد جدًا."
قامت أنيس بفتح وإغلاق اليد التي لمست صدر إد. بدا اكثر متانة مما كانت تتوقعه.
عندما تضع في الذهن أنه يتصرف كطالب شديد المذاكرة، فقد كانت قدرته على التحمل جيدة أيضًا. اعتقدت أنه كان أرستقراطيًا ثريًا ومتكبرًا نشأ لا يعرف أي شيء، لكنه كان ذكيًا بشكل غير متوقع. لم يكن في المستوى الذي يمكنك فيه تقديره فقط لمجرد مظهره.
بالتأكيد، قد تقع فتاة بريئة مثل ينكار في الحب بسبب ذلك، لكن... كان لدى أنيس معلومات أساسية عنه.
كان لا يزال سليل عائلة روثستايلور القوية. على الرغم من أنه ربما يكون قد هدأ قليلاً، فإن هذا لا يعني أن سمعته السيئة في الماضي لن تظهر نفسها مرة أخرى.
بعد كل شيء، كان علم الفراسة علمًا، لذا لم يكن لديها ذرة شك في شخصية إد الحقيقية. كانت اكثر اقتناعًا عندما فكرت في أنها لا بد وأن تكون تلك هي طريقته في الايقاع بالنساء.
من خلال الطريقة التي تتصرف بها، ستكون كقطعة كعك بالنسبة لفتى مستهتر مثله، والذي قام بتبديل أقنعته وبدل باستمرار بين النساء. كان من الطبيعي أن تقع فتاة بريئة مثل ينكار في حبه.
"نعم، هذا كل ما في الأمر."
أومأت أنيس برأسها وهي تلتقط أنفاسها.
وضعت قناعًا سميكًا على بشرتها.
* * *
بدت قاعة أوفيليس التي أعيد بناؤها أنظف وأكثر تعقيدًا من ذي قبل.
بالطبع، لم تستطع تانيا — التي دخلت للتو إلى سيلفينيا للمرة الأولى — معرفة الفرق.
لقد أعجبت ببساطة بمظهر المهجع الذي يقارن بمظهر سكن روثستايلور. عندما تقدمت بطلب للدخول مبكرًا، لم تعتقد أنه سيكون جميلًا جدًا، لا سيما بالنظر إلى أنه كان لا يزال قيد الإنشاء.
"لقد نظمت الخادمات جميع الأمتعة التي أرسلتيها. ستكونين في الغرفة 2 من الطابق الثالث."
دخلت الابنة المحترمة لأقوى عائلة في القارة، عائلة روثستايلور. وبطبيعة الحال، فإن الشخص الموجود في القمة والمسؤول عن قاعة اوفيليس قد اتى شخصيًا لتحيتها. بيل مايا.
عندما اعطت تحياتها بأدب وقدمت لها المعلومات، أحنت تانيا رأسها بأدب في المقابل.
"من فضلكِ، استخدمي المرافقين لإنهاء عملية النقل. قبل ذلك، هناك شيء أحتاج إلى الذهاب إليه."
"أنا أفهم."
من عربة تانيا الفخمة، خرج خدمها الذين كانوا يرتدون ملابس راقية واحدًا تلو الآخر. كانوا جميعًا متعلمين جيدًا وبدوا مذهلين.
برفقة عدد قليل من الخدم، بدأت تانيا بالتوجه نحو المنطقة التجارية.
على الرغم من أنها لم تكن تتمتع بقدرة عالية على التحمل، إلا أنها لا تزال تحب المشي. نظرت ببطء حول الفصول المدرسية، وهي تتنفس في هواء الشتاء البارد.
كما هو متوقع، حتى المنطقة التعليمية في سيلفينيا كانت مليئة بالرومانسية. لقد كانت أرض الدراسة، حيث طور كل فرد شريف وموهوب نفسه ليُولد من جديد كموهبة مشرقة.
بدأت تشعر بالحماس أكثر عندما فكرت في حقيقة أنها أصبحت الآن زميلة لهم، وتستطيع العمل بينهم جميعًا.
"بصفتي والدكِ، فأنا سعيد جدًا لسماع نواياكِ. سأدعم طموحاتكِ بالكامل."
كريبن روثستايلور. دوق خير وطيب ونبيل من إمبراطورية كرويل.
قبل مغادرة منزل روثستايلور، أعطتها المحادثة الأخيرة التي أجرتها مع والدها الذي تكن له اشد الاحترام القوة.
قبل مغادرتها إلى سيلفينيا، نقلت القرارين اللذين كانا لديها إلى والدها.
في سيلفينيا، أرض الدراسة — حيث تجمع عدد لا يحصى من الشباب الموهوبين — ستصبح أصغر رئيسة طلاب لتكرم اسم عائلتها.
أما بالنسبة للعار الذي أصاب عائلة روثستايلور، والذي لم يتم التعامل معه بالكامل بعد، فستتأكد شخصياً من مغادرته سيلفينيا المجيدة.
تم تحديد كل طموحات تانيا فقط لمجد اسم عائلتها المرموق. أعجب كريبن بهذه الحقيقة لدرجة أنه لاحظها.
ومن هذه الحقيقة، كانت تانيا فخورة جدًا.
مع مأساة الابنة الكبرى أروين، ثم التبرؤ من الابن الأكبر، إد، انتهى بها الأمر بطريقة ما لتصبح خليفة عائلة روثستايلور.
كان من الصعب عليها التخلص من عقدة النقص لديها، والتي ربما تكون قد ارتفعت بسبب حقيقة أنها حصلت على مثل هذا الشرف غير المستحق.
عند قبولها في سيلفينيا، شعرت بنوع جديد من الاعتراف... وهكذا، استعادت تانيا دافعها. أرادت مرة أخرى أن يتم الاعتراف بقدراتها الخاصة في امتحان تحديد فصل طلاب السنة الأولى القادميين.
ربما كانت أول من ينتقل إلى مساكن الطلبة من بين الطلاب الجدد.
عندما فكرت في الانتخابات القادمة لرئيس الطلاب، لم يتبق الكثير من الوقت. لهذا السبب أرادت مقابلة أكبر عدد ممكن من الأشخاص داخل الأكاديمية، وجعل اسمها معروفًا جيدًا، وجلب الناس إلى جانبها.
عمل لم يتم إنجازه في تاريخ سيلفينيا. رئيس طلاب من السنة الأولى. كان تحقيق هذا المنصب هو هدف تانيا الأساسي.
"هناك الكثير من 'الشخصيات المهمة' داخل الأكاديمية. من المهم إقناع كل طالب. ولكن في النهاية، إذا كنتِ تريدين أن تصبحي رئيسًا للطلاب، فمن المهم اكتساب الأشخاص الرئيسيين الذين يمكنهم التحكم في الجمهور كحلفاء لك."
كانت هذه نصيحة والدها كريبن الذهبية. كانت أيضا مساعدة منه.
"هناك أيضًا عدد قليل من 'الشخصيات المهمة' التقيت بها داخل الأكاديمية. إذا كان هناك شيء تحتاجين إلى الاعتناء به نيابة عني، فتعرفي عليهم وقدمي عرضًا للحصول على منصبكِ."
نفدت أنفاس تانيا ببطء بينما كانت تمشي.
كبرت في قصر روثستايلور، كانت ابنة محترمة ونشأت كأميرة... لم تفعل شيئًا بمفردها من قبل.
لقد فعلت كل شيء من أجل مجد وهيبة عائلتها، لكنها في الواقع لم تفعل أي شيء.
لديها الآن الفرصة. بينما هي في وضع يمكنها من تمثيل والدها، ستتمكن أيضًا من بناء اسمها الخاص كـ تانيا روثستايلور.
* * *
"هذا غريب."
أنهت تانيا الحديث بابتسامة كبيرة على وجهها.
تطلعها إلى أن تصبح رئيسة الطلاب. إرادتها للتخلص من القمامة المتمثلة بـ إد روثستايلور لاستعادة مجد اسم عائلتها مرة أخرى.
وإذا قام الآخرون بدعمها، فماذا يمكنها أن تفعل لهم؟ ما نوع الوعود التي يمكنها أن تقدم؟
بعد أن توقفت عن التفكير بمثل هذه الأشياء، بدأت تبتسم مرة أخرى.
كانت فتاة اشبه بوردة على وشك أن تفتح. كانت طفلة من السنة الأولى مليئة بالطموح وهي تجلس على طاولة وتقابل إحدى 'الشخصيات المهمة' الجالسة على الجانب الآخر منها.
"على أي حال، هناك طريق طويل لنقطعه حتى انتخابات رئيس الطلاب، وهناك العديد من الأشياء التي أحتاج إلى الاهتمام بها كطالبة جديدة، لذا فهذه مجرد اتفاقية طفيفة. إذا دعمتني، فيمكنني تقديم مقترحات بقوة تأثيري نيابة عنكِ حتى فيما يتعلق بالقواعد داخل المنطقة التجارية. بخلاف ذلك، أنا متأكدة من أنكِ تعرفين جيدًا ما يعنيه أن يكون رئيس الطلاب حليفًا."
وإضافة إلى ذلك-
"ليس هناك الكثير مما يتعين عليكِ القيام به. فقط ادعميني أثناء الانتخابات، وغير ذلك... الرجاء مساعدتي في التخلص من إد روثستايلور. ما زلت لا أثق في طريقة الأكاديمية في التعامل معه. وكلما اصبحت متأكدة من كون العمل قد أنتهى، كان ذلك أفضل. فبعد كل شيء، أريد أن أتلقى أكبر قدر ممكن من المساعدة يمكنني الحصول عليه للمضي قدمًا."
واصلت تانيا الحديث بطريقة مرتاحة، رغم أنها ما زالت تفكر في ما قاله لها كريبن.
"ستبذل سيلفينيا قصارى جهدها للتعامل معكِ وفقًا لحالتكِ الاجتماعية، ولكن النقطة الأساسية في ذلك هي أنها أرض الدراسة. حتى الأميرة، التي تدرس هناك الآن، لا بد أن تحترم الاخرين عند التحدث مع معلميها. لا ترتكبي خطأ وتسيئي معاملة الآخرين ممن هم في مركز أعلى منكِ. فكل شخص أكبر منكِ هو زميلكِ الكبير، لذا عامليهم على هذا النحو."
جاءت درجة المرء قبل مرتبة المرء. بالطبع، كان الشخص الذي تتحدث معه يعرف أيضًا مكانة تانيا ويعاملها باحترام. ومع ذلك، لم ترغب في تجاوز حدودها أو أن تبدو وقحة للغاية.
كانت تانيا قد سمعت بالفعل العديد من الشائعات حول زملائها الكبار في سيلفينيا، الذين كانوا أفرادًا موهوبين أثبتوا أنفسهم بالفعل.
وكان أمام عينيها أحد هؤلاء 'الأشخاص المؤثرين' التي ترددت شائعاتها وسمعت عنها دائمًا. لقد كان الامر أكثر من مجرد مكانة. كان عن 'الإنجازات' و 'الكفاءة'.
لا يهم كم كانت خلفيتها الاجتماعية ضعيفة، لا يمكن لأحد أن ينظر إليها بازدراء بسبب قدرتها التي تم اثباتها. أليست هي شخصًا حتى الزملاء الكبار، الذين عانوا من كل شيء، لم يكن بيدهم حيلة سوى الاعتراف بها وخفض رؤوسهم نحوها؟ كان الشخص الذي أمامها مثل الأسد الذي قد يلتهم حتى 'الأشخاص المؤثرين' الآخرين.
لم تكن الأناقة التي كانت تنضح بها مختلفة عن النبلاء. لولا كون تانيا من عائلة روثستايلور لم تكن لتحصل على شرف مقابلة شخصية مؤثرة كهذه.
"ضعي ذلك في الاعتبار عندما تقابلين الشخص الذي سأقدمكِ إليه. يجب أن تحترمي خصمكِ. خاصة عندما يتعلق الأمر بالمفاوضات والصفقات، فهي خصم لا يمكنكِ الاسترخاء أمامه أبدًا."
"هي وأنا... لقد التقينا سابقًا فيما يتعلق بختم الحكيم. لا يزال هذا شيء أحتاج الى إنهاء التفاوض معها حوله، لذا يمكنكِ الاعتناء به بصفتكِ الشخص الذي يمثلني. أنا متأكد من أن تلك ستكون تجربة جيدة، ولكن... همم... لا تهتمي. ابقي قوية، تانيا."
* * *
حدقت لورتيل كهلاند في الطالبة الجديدة، والتي كانت تحدق فيها بعيون متلألئة.
"......"
بعد سماع القصة بأكملها، أغمضت لورتيل عينيها ببطء وفتحتهما مرة أخرى... ثم ابتسمت نحوها.
"... هذا يبدو ممتعًا."