عند السير في الطريق لأي غرض كان فإن المسار الذي سيسلكه كل شخص سيختلف. لا يوجد شيء اسمه مساواة في هذا العالم.
قد يكون طريق الشخص هادئًا ومسطحًا، مثل طريق مرصوف نحو غابة لقضاء رحلة ممتعة.
أزهار النرجس التي تتفتح على طول الطريق ستفوح منها رائحة الزهور الجميلة. هنا وهناك، أثناء سيرك في الطريق، ستستقبلك أشجار الصنوبر الخضراء وأشجار الأيائل. سوف تدندن على أصوات زقزقة العصافير... وفجأةً ستضرب حصاة على جانب الشارع قدميك.
ثم, وبينما تقوم بهز أصابع قدميك المتألمة وتتردد, ستقول.
"لقد واجهت أيضًا صعوبات في حياتي. كان الأمر صعبًا، لكنني تجاوزتها. ولأنني تمكنت من التغلب عليها، فقد نجحت."
إذن بالنسبة لكليفيوس الذي رفع رأسه، ما الطريق الذي كان أمامه؟
ملأت رائحة الدماء الكثيفة والجثث المتعفنة الطريق الذي سار فيه، واجتمعت الذئاب الجائعة لسد طريقه. على جانب الطريق، لم يكن هناك شيء اسمه زهرة. لم يكن هناك سوى مزراب ذو رائحة كريهة. لقد مر زمن طويل منذ أن اختفت الشمس تحت تلك السحب الرمادية. ولم يبق سوى ظلام دامس على الطريق الطويل الممتد أمامه. لقد أصبح من اليومي أن ينتهي الأمر بالحجارة في حذائه. خلعهم سيؤدي الى كشف أقدام مليئة بالدشبذات.
بدا وكأن من الواضح أنه إذا حاول الركض خلاله لمدة مائة يوم، فسوف يُقتل بشكل بائس على الطريق قبل أن يصل إلى نهايته. ولهذا السبب لم يختر الصبي الركض في المقام الأول.
في ذلك الوقت... كانت هناك بالتأكيد مرات حاول فيها الركض بكل قوته. لكنها في الاغلب تنتهي دائمًا بالفشل.
"يا إلهي..."
أول شيء فعله كليفيوس بينما يقف هناك تحت المطر، ويسد طريقها، هو طعن نفسه في كتفه.
شنك!
بسسسس!
بدأ جسده، الذي كان مغطى بالدم بالفعل، يغطى بالدم مرة أخرى نتيجة الإصابة الجديدة. كان كليفيوس يضغط على أسنانه ويتحمل الألم للحظة، ثم ترنح وهو واقف. تم الكشف عن عيناه الحمراء تحت غرته المبللة والمتدلية.
ابتلعت إلفيرا اللعاب بمجرد رؤية مظهره المرعب ذاك. فن السيافة الدموية. يعتبرها منزل نورتوندال من المحرمات، ولا ينبغي أبدًا نقلها إلى أي شخص. لكونه وُلِد بمصير النصل الشيطاني، فقد تعلمها كليفيوس بمفرده، دون تعليم أي شخص آخر له.
مع تحدب ظهره واسترخاء بقية جسده، بدا وكأنه جثة حية. تزامن الدم الموجود في جسده مع قوته السحرية وهو يلمس نصل سيفه.
ثم، انطلق من الأرض، بدا الأمر كما لو أن كليفيوس قد 'اختفى'. ولم يكن من الممكن رؤية سوى الأرضية الرخامية التي تطايرت نتيجة الصدمة الهائلة.
لقد حان الآوان لترك أي تعاليم أخلاقية تتمحور حول حظر القتل كانت لديه. إذا لم يهاجم بنية القتل، فلن يُنظر إليه حتى على أنه خصم.
قفز مثل الزنبرك، كان السيف الذي يحمله كليفيوس في يده قد قطع بالفعل نحو رقبة لوسي.
رنة!
وبطبيعة الحال، لم يصل النصل نهائيًا.
النصل الذي لمس رقبتها لم يتحرك. كان الأمر كما لو أنه تم صده بجدار حديدي ضخم.
السحر الدفاعي 'المبتدئ'.
على الرغم من أنه كان مجرد سحر مبتدئ، عندما تم استخدامه بقوة لوسي السحرية، أصبح متينًا مثل جدار حديدي ضخم.
بعدها قامت لوسي بتلويح ذراعها، كما لو كانت تحاول التخلص من بعوضة مزعجة. تعرض كليفيوس للضرب، حيث طار جسده بالكامل مرة أخرى.
تم إرسال كليفيوس وهو يطير، حيث اصطدم بزاوية جناح حديقة الورود. قبل أن يغمى عليه تمامًا، ركل الأرض وقفز مرة أخرى.
كانت النظرة المرعبة في عيون كليفيوس قادرة على إلتقاط قوة لوسي السحرية بدقة. كان أسلوب لوسي القتالي بسيطًا إلى حد ما، حيث كان يعتمد فقط على تدمير الأعداء بكمية هائلة من القوة السحرية. بالنسبة الى كليفيوس، الذي ولد برشاقة تتسامى الحدود البشرية، طالما كان بإمكانه التعرف على النمط، فسيكون ذلك كافيًا له لكي يتجنب الهجوم.
ومع ذلك، كان نطاق اسحار لوسي هائلاً للغاية لدرجة أنه سيكون من المستحيل الاعتياد عليه باكمله. السبب الوحيد لعدم استخدامها له بأكمله هو لأنه كان من المزعج فعل ذلك.
قوس منحني كبير.
عنصر تركه إد والذي كان يطفو الآن في الهواء. كان محملًا بالعشرات من الأسهم السحرية، والتي تم نقشها بجميع أنواع التعاويذ السحرية ذات المستوى المتوسط.
أدرك كليفيوس ذلك وهو يستدير، وينظر إلى اتجاه القوة السحرية المتنامية. وبسرعة لا يمكن لأي إنسان أن يحلم بها أبدًا، انحنى جسده بسرعة للمراوغة، ولكن... العشرات من السهام التي كانت محفورة بسحر النار المتوسط، عمود اللهب, قد اتصلت به بشكل مباشر.
بوووووووووووم!
فووووش!
ارتفعت العشرات من الأعمدة الضخمة المصنوعة من النار. في لحظة، اندلعت أعمدة اللهب الضخمة — التي تجاهلت تمامًا هطول الأمطار — حول كليفيوس.
"كـ-كيوك...!"
لو أن النيران أصابته مباشرةً لكان قد أصيب بجروح قاتلة. لحسن الحظ، قبل أن يتم تنشيط السحر، تمكن من الابتعاد عن الطريق، والهرب إلى ضواحي حديقة الورود. قام كليفيوس بشد أسنانه وهو يسحب السهام السحرية التي علقت في كتفه وفخذه الأيسر.
تبددت السهام السحرية التي سحبها في الهواء. ومع ذلك، فإن الإصابة التي تركوها وراءهم لا تزال قائمة. الدماء التي تدفقت من جرحه الجديد غطت جسده.
ولكن السيافة الدموية التي تعتبر من المحرمات الرئيسية تستخدم الدماء المتدفقة من جسد المرء كمصدر جديد للقوة السحرية.
كلما كثرت الجروح التي تُرِكَت على الجسد، كلما كثرت الدماء التي سالت منه. وهذا يعني أيضًا قدرًا أكبر من القوة السحرية، والتي ستلتف حول جسده وسيفه.
ولكن مع ذلك، حتى لو تم دفعه إلى حافة الموت، بالمقارنة مع قوة لوسي السحرية فلن يتمكن حتى من الوصول إلى كاحليها.
لن يتغير فارق القوة الساحق بين الاثنين حتى لو تم دفع مهاراته في السيافة الدموية إلى أقصى حدودها.
نقرة.
رفعت لوسي يدها الصغيرة. كانت راحتا يديها مفتوحة. بدت يدها صغيرة وضعيفة لدرجة أنها تبدو وكأنها يمكن أن تنكسر بسهولة في أي لحظة.
ولكن ما يمكن حقًا أن ينكسر هو رقاب أولئك الذين فقدوا تركيزهم أمامها.
مع قبض يدها، القوة السحرية التي انتشرت في جميع أنحاء المنطقة تجمعت بسرعة في مكان واحد.
بووم!!
سحر النار المتوسط، الانفجار النقطي.
كليفيوس، الذي تلقى ضربة مباشرة, سقط على الأرض وهو يسعل دمًا. ثم من الأعلى، ضربه سحر البرق المتقدم، الحكم الإلهي.
بـ-بووم! بووووووم!
لم يكن هناك شيء مميز فيه. لقد كان مجرد برق فقط. ومع ذلك، ما جعله مميز هو أنه كان مشبع بقوة لوسي السحرية. شخص تميز بكمية هائلة منها.
كانت صاعقة البرق المشبعة بقوتها السحرية كافية لتدمير الغلاف الخارجي لتاكان، روح النار رفيعة المستوى، بضربة واحدة. اتخذ كليفيوس، الذي كان ما يزال بالكاد قادرًا على العودة إلى رشده، موقفًا دفاعيًا — لكنه لم يكن هجومًا يمكن الدفاع ضده في المقام الأول. لقد كان قادرًا على صده لدرجة معينة، ولكن في النهاية، مع الأضرار التي تراكمت بالفعل على جسده مسبقًا، فهو قد تجاوز بالفعل اقصى حد له.
القتال أثناء استخدام سحرها بشكل صحيح. بالنسبة للوسي، كان هذا أكبر قدر من الاحترام يمكنها إظهاره لخصمها.
بالنسبة للوسي ماريل، فيما يتعلق بكفاءة القوة السحرية عند مواجهة غالبية الطلاب، لن تحتاج حتى لاستخدام السحر العنصري.
بالنسبة لغالبيتهم، سيموتون على الفور، دون أن تتاح لهم الفرصة حتى للتساؤل عن كيفية مواجهتهم لسحرها المتقدم. ولكن، كان لدى لوسي شعور داخلي. خصمها الآن لن يموت حتى ضد هذا المستوى.
من خلال الدخان المتصاعد، قفز كليفيوس مرة أخرى. لم يهتم بزيه، الذي أصبح مجرد قطعة قماش ممزقة، أو جسده المعاق المليء بالجروح لدرجة أنه سيكون من الصعب حقًا العثور على جزء منه لم يصب بأذى.
لا يمكن متابعة حركات كليفيوس بالعين المجردة. ولكن، عند النظر إلى برك المياه على الأرض والتي تناثرت وشظايا الجدار التي تطايرت أثناء مروره، كان بإمكانها تخمين مكانه.
رنة!!
عندما اكتشفت لوسي أخيرًا مكانه بالضبط، مدت يدها بينما استدارت، وأتصلت بنهاية سيفه.
لكن الدائرة السحرية الدفاعية الضخمة التي تم القاءها صدت هجوم كليفيوس.
صريــــر!
ارتجف النصل.
لقد وصل جسد كليفيوس بالفعل إلى الحد الأقصى.
شد كليفيوس على أسنانه وهو يستخدم كل قوته، ويدفع سيفه ضد الدائرة السحرية الدفاعية.
إلى جانب صوت طحن أسنانه، بدأت التعويذة الدفاعية أيضًا في التصدع.
من خلال الشق الذي يتسع ببطء في التعويذة، يمكن رؤية وجه النصل الشيطاني.
في هذه المرحلة، كان وجهه مغطى في أغلبه بدمه الأحمر الداكن بدلاً من لون بشرته. تدفق الدم الممزوج بمياه الأمطار بين صدغيه وجبهته.
وكأن حقيقة أن جسده مغطى بالدماء والجروح لم تكن موجودة، كانت عيناه — اللتان احترقتا بالرغبة في القتال — حمراء تمامًا.
بووم!
ثم, انكسرت دائرة لوسي السحرية الدفاعية. لقد كان مشهدًا يصعب تصديقه. لقد كانت دائرة لوسي السحرية الدفاعية في مستوى يمكنها من صد حتى السحر المتقدم، على الرغم من أنه تم إلقاءها بسرعة.
بانغ! تحطم!
ربما على حساب هذا العمل الفذ، انكسر أيضًا نصل سيف كليفيوس — الذي كان يحمله — إلى النصف. مع ذلك، حتى مع بقاء نصف النصل فقط، فما يزال هناك نصل حاد.
بانغ!
بسرعة لا تصدق، ألقت تعويذة جديدة. اخترقت ثلاث طلقات من سحر الجليد المتوسط، رمح الجليد، بطنه. لكن كليفيوس شد على أسنانه، غير راغب في الاستسلام، ولم يغير وضعيته.
ثم وصلت الحافة المكسورة لنصله إلى جبين لوسي.
رنة!
وبطبيعة الحال، لم يتمكن من القطع خلال جلدها. كان ذلك لأنه، بصرف النظر عن دائرتها السحرية الدفاعية، كان سطح جسد لوسي مغطى أيضًا بـ 'السحر الدفاعي المبتدئ'.
بالإضافة إلى ذلك، مرة واحدة كل فترة معينة من الزمن، سوف تتجسد أيضا بركة العواصف. بغض النظر عن كيف تحاول التعامل مع الأمر، فإن القدرة على اختراق كل هذا والوصول اليها بنفسك كانت مهمة مستحيلة.
"بجدية... أيها الوحش اللعين...!!"
رنة!
بعد أن طار بعيدًا نتيجة هجوم بركتها، وقف مرة أخرى. والتقط السيف الساقط لطالب قريب اصيب بسجن الوقت.
نصل السيف الذي التقطه كان ما يزال سليمًا. السيف الأصلي الذي استخدمه قد انكسر مسبقًا إلى نصفين، لذلك أمسكه بيده اليسرى لاستخدامه في الدفاع.
ركض السياف الذي كان يحمل سيفًا كاملاً وسيفًا مكسورًا نحوها للوصول إلى نطاقها. ولأجل القيام بذلك، حتى لو تعرض للإصابة أكثر، لم يكن لديه أي نية للتباطؤ.
مع كل حركة من حركاته، كان دمه يسقط. استمر نزيفه دون توقف. القول بأنه غارق في الدم سيكون تقليلًا. لقد كان مشهدًا معجزة أن ترى إنسانًا به الكثير من الدماء بداخله.
لكن كل أولئك الذين عارضوا لوسي حصل لهم نفس الشيء.
أغمض عينيه، وتبادرت إلى ذهنه صورة جبل ضخم.
شعور مواجهة جبل مرتفع باستمرار، وهو يحمل سيفًا فقط... هل كان هذا هو الشعور؟
ثم أصيب بأربع أو خمس رصاصات سحرية، إلى جانب سحر الرياح المتوسط الذي اوقعه أرضًا. ومع ذلك، وسط الغبار الكثيف، وقف مرة أخرى، كما لو كان زومبي.
لقد كان مجنونًا متعطشًا للدم لا ينطبق عليه مفهوم الموت. في هذه المرحلة، كان من الواضح أنه ليس هناك فرصة لتحقيق النصر لو حاول الوقوف ضدها مرة أخرى. لكنه استمر في الوقوف كما لو أنه لا يدرك ذلك.
عادت ذكرى اليوم الذي طعن فيه أخيه الأكبر إلى الظهور في ذهنه.
حتى عندما استحقر كل من في داخل العائلة كليفيوس، وعاملوه كما لو أنه شبح، كان هو الشخص الذي تعرف على كليفيوس وواساه حتى النهاية.
بعد أن سقط في نوبة من تعطش الدماء، حاول قطع أخيه. وبحلول الوقت الذي عاد فيه إلى رشده، كان قد طعنه بنصل في صدره.
شد شقيقه الأكبر على أسنانه، متحملاً الألم وهو يمسك بيد الصبي، بالكاد محتفظًا بوعيه. كلماته الأخيرة... كانت تلك الذكرى ما تزال محفورة في ذهن كليفيوس.
"أنا سعيد أن الشخص الذي قتلته هذه المرة كان أنا، وليس شخصًا آخر."
كم كان من المثير للسخرية أن تكون تلك هي كلماته الأخيرة بينما استمر في النزيف.
"على الأقل... أستطيع مسامحتك."
"لذا... لا تشعر بالذنب كثيرًا."
إن السياف الافضل، الذي يُشاع أنه جلب عائلة نورتوندال إلى ذروتها الثانية، قد مات عبثًا. ولم يبق منه إلا تلك الكلمات.
* * *
سقط المطر على العالم بالتساوي.
بغض النظر عن الجزء الذي تنظر منه في العالم، فإن السماء القاتمة ستبدو دائمًا كما هي.
حتى في حديقة الورود، حيث كانت المعركة تدور، كان المنظر الكئيب للمطر المتساقط هو نفسه كما في كل مكان عبر جزيرة آكين.
على سبيل المثال، كان الأمر نفسه ينطبق على المسكن الملكي خارج النوافذ الفاخرة.
كلير، التي سمعت عن الحادث الذي وقع في قاعة أوفيليس من المقر الأكاديمي، نقلت الأخبار إلى الأميرة بينيا. والتي جلست بجانب النافذة، ونظرت إلى المطر، ثم عندما سمعت تقرير كلير تغير تعبيرها.
* * *
نهض كليفيوس من الدخان الكثيف وهو يصرخ مرة أخرى قبل أن يقفز إلى الأمام. من خلال جمع القوة السحرية المتبقية في فن السيافة الدموية، كان قادرًا على اختراق دفاعات لوسي — لكن هذا لم يكن يعني الكثير.
ردود أفعال لوسي تجاوزت أيضًا الحد البشري. أمسكت بقبعتها، وانحنت بلطف بينما تطعن جسد كليفيوس بنصل الرياح. بدأ جرح جديد ينفث الدم الى الهواء.
* * *
استمر هطول الأمطار بالتساوي حتى في المنطقة التعليمية. حتى أنه كانت هناك صاعقة عرضية فاجأت الناس. مع استمرار هطول المطر، كان ذلك كافيًا لتسميتها أمطارًا غزيرة.
قطبت الأستاذة المساعدة كليوه، التي كانت تجلس في غرفة الخدمة الليلية بالأكاديمية، جبينها عندما سمعت الأخبار المتعلقة بقاعة أوفيليس.
كان البروفيسور فلوبين حاليًا موجودًا في منطقة الجرف الشمالي لإجراء تحقيق. أثناء مشاهدة المطر المنهمر خارج النافذة، انغمست الأستاذة المساعدة كليوه في تفكير عميق للحظة. خارج النافذة في المنطقة التعليمية، استمرت المياه في التدفق من النافورة في ساحة الطلاب.
* * *
تدحرج كليفيوس قليلًا على الأرض ورش الماء قبل أن يقف. أمسك كلا السيفين، وخفض وضعيته وقاطع ذراعيه. ثم، بسرعة من المستحيل رؤيتها، أطلق هجومًا بالسيف.
انطلقت رنة عملاقة، لم تكن لتظن حتى أنها قد تأتي من سيف. انفجرت الأرضية الرخامية حول لوسي إلى قطع، وتطايرت في الهواء. تلك كانت مهارة متقدمة جدًا حتى بين مهارات فن السيافة السحرية الفريدة من نوعها في عائلة نورتوندال. تقنية كانت بشكل تقريبي قادرة على التسبب في انفجار عند الاصطدام. على الرغم من أن لوسي لم تتعرض لأي ضرر بالطبع.
* * *
سقط المطر بالتساوي على نوافذ ممرات قاعة أوفيليس أيضًا. إن مشاهدة المطر وهو يهطل على إطارات النوافذ الفاخرة كما لو كان يحاول فتحها كان مشهدًا يستحق المشاهدة.
بعد هزيمة واد بالكامل، أخذ زيغ تانيا وهرب بسرعة عبر الردهة. نظرًا لعدم وجود أشخاص في ممرات قاعة أوفيليس، كان الجو هادئًا — كما لو أن الزمن قد توقف.
طالما أنه يستطيع بطريقة ما إخراج تانيا من قاعة أوفيليس، فيمكنه إيجاد طريقة لمنع تصعيد الموقف أكثر من ذلك. مع أخذ هذا في الاعتبار، ركض زيغ على عجل مع تانيا نحو الباب الخلفي للممر.
ولكن، في نهاية الردهة حيث كانت قطرات المطر تتساقط على النافذة، رأى فتاة كانت واقفة بلا حراك.
تساءل عما إذا كان ما يزال هناك طلاب لم يتم إجلاؤهم بعد، فذهب ليرى من هي. لكن وجهها كان مألوفًا جدًا. طالبة زميلة عاشت في قاعة أوفيليس.
لورتيل كهلاند.
وقفت التاجرة الشابة لوحدها في نهاية الردهة دون أن تغادر المكان.
* * *
هجوم كليفيوس لم ينته بعد. ومرة أخرى، قفز بسرعة تجاوزت عالم البشر. وثب إلى الأمام، وركل قطع الرخام الكبيرة التي كانت تطفو حول لوسي. وعندما وجد ثغرة في ظهر لوسي، جمع كل القوة السحرية المتبقية في فن السيافة الدموية لتوجيه ضربة واحدة.
طار رمح لوسي الجليدي إلى كتفه وثقبه. كان على وشك الانهيار، لكنه صر على أسنانه، واستخدم السيف نصف المكسور لقطع دائرة لوسي السحرية الدفاعية.
تحطم!
مع اصطدام ذو قوة تفوق الخيال، تحطمت دائرة لوسي السحرية الدفاعية مرة أخرى.
وهذه المرة كان هناك حتى المزيد.
مشاهدته وهو غير خائف من التعرض للأذى، ويعرض حياته باستمرار للخطر لمهاجمة السحر الدفاعي الذي أحاط بجسد لوسي. هل تأثر الاله بالجهد الذي بذله الصبي؟
رنة! تحطم!
تحطم السيف الذي كان في يده اليمنى، والذي كان لا يزال سليمًا، إلى قطع. وللحظة وجيزة فقط، نجح في اختراق كل اسحار لوسي الدفاعية.
برغم أن السحر الدفاعي الذي كانت تستخدمه في المقام الأول لم يكن في المستوى الذي يتطلب فيه الكثير من الجهد منها. مع مستوى لوسي غير المعقول في الرنين السحري، سيكون من شبه الفوري إعادة إلقاء كل السحر الدفاعي.
لكن لحدوث ذلك... سيستغرق الأمر جزءًا من مائة من الثانية. أو ربما أقل حتى؟
ومع ذلك، بالنسبة للنصل الشيطاني، الذي عاش أيضًا في تلك اللحظة، كان ذلك الوقت اكثر من كافي لدفع النصل نحوها.
لكن لم يكن لديه سلاح مناسب. كان أحدهما مكسورًا تمامًا إلى قطع والآخر ما يزال مكسورًا إلى نصفين.
ومع ذلك، بغض النظر عن مدى عبقرية خصمه... فقد كانت قدرتها الجسدية لا تزال قدرة فتاة في مثل عمرها.
حتى لو لم يكن الهجوم مثاليًا، إذا تمكن من ايصال هجوم سيف واحد لائق، فقد تصبح ضربة قاتلة.
"... كيوك...!"
ارتعدت أعين لوسي بشدة. لقد انتهت تلك اللحظة القصيرة.
تراجعت إلى الوراء عدة مرات، وأمسكت بكتفها بإحكام.
من الكتف الأيمن لجسدها الصغير إلى منتصف صدرها، بدأ ينتشر ببطء خط رفيع من الدم الأحمر من الجرح المفتوح. استمر الدم في التدفق وبدأ يبلّل ملابس لوسي.
...لسوء الحظ، لم يكن هناك مثل هذا المشهد.
على الرغم من أنه كان هناك فرق صغير جدًا، إلا أن دفاع لوسي كان أسرع.
* * *
رنة!!
لقد تحطم النصف الأخير المتبقي من سيفه إلى قطع. سقط كليفيوس بعد إصابته برصاصة سحرية أطلقتها لوسي بشكل غريزي.
"إغغك... كيوك... تبًا...! بجدية... أيها الوحش اللعين...!"
كليفيوس، والذي تعرض للأذى الشديد وأصيب بجروح في جميع أنحاء جسده، كان يرقد هناك في وسط حديقة الورود... مع وجود دماء على جميع أنحاء جسده، شد على أسنانه وحاول استعادة القوة في ساقيه بطريقة ما.
ومع ذلك، فإن حالته البدنية قد وصلت بالفعل إلى الحد الأقصى لها منذ فترة طويلة. لم تعد ساقيه تستمع إليه.
لوسي... في لحظة دهشة، أمسكت بكتفها.
لقد كانت مجرد لحظة فورية، ولكن احتمال ما كان يمكن أن يحدث كان يلمع أمام عينيها كالوهم.
في تلك اللحظة، كانت تقريبًا بلا دفاع.
لقد خاطر كليفيوس بحياته ودفع نفسه إلى أقصى الحدود أثناء استخدامه لتقنية السيافة الدموية. ومن خلال القيام بذلك، على الرغم من أنه كان للحظة وجيزة فحسب، فقد كان قادرًا على تجاوز سرعة رد فعل قوة لوسي السحرية.
بالطبع... كان من المستحيل الفوز في المعركة بمجرد اكتساب ميزة السرعة للحظة 'طفيفة جدًا'. وبصرف النظر عن ذلك، كان الوضع غير مؤات له تمامًا. لم يكن ذلك متغيرًا قادرًا على التغلب على الفجوة الهائلة في قدراتهم.
مع ذلك، فإن الشعور الذي جاء من شخص كان على استعداد لرمي حياته، كل ذلك لأجل هجوم سيف واحد، لم يكن شيئًا يمكن قياسه. المجانين المتعطشين للدماء... في بعض الأحيان، عندما يضطرون إلى مواجهة عدو أقوى منهم، كان هناك أولئك الذين لديهم إصرار رهيب كان قادرًا على مساعدتهم في التغلب على خصومهم وتوجيه ضربة لهم.
لكن الفجوة بين لوسي وكليفيوس لم تكن شيئًا يمكن حله بمثل هذه العقلية وحدها.
لقد كان ذلك حقًا للحظة قصيرة فقط، ولكن كان من الممكن أن تموت حقًا.
الشعور الفظيع بالتواجد بالقرب من طرف سيف دموي... بالنسبة للوسي، التي عاشت حياتها بأكملها كفرد قوي، لم تكن معتادة على هذا الشعور.
"إيغك...! تبـ...تبًا...!!!"
واصل كليفيوس المحاولة بطريقة ما وإقناع جسده، الذي لم يعد يستمع إليه، بالوقوف. لكنه كافح حيث لم يكن لديه سوى القدرة على دعم نفسه بذراع واحدة.
في النهاية، سارت لوسي إلى الأمام، دون أي خدش في جسدها. بالنظر إلى كليفيوس، الذي هُزم تمامًا، جمعت القوة السحرية في يدها.
ارخى كليفيوس جسده وهو في ذلك الوضع.
في النهاية، كان يعلم أن هذه هي الطريقة التي سينتهي بها الوضع. لم يستطع أن يفهم لماذا ذهب هو نفسه إلى هذا الحد، وهو يشد على أسنانه فقط للاستمتاع ببعض المجد والثروة.
تخلى كليفيوس عن كل شيء وهو يغلق عينيه ببطء.
لتكون نهاية حياته البائسة هكذا... يا له من أحمق وعار حتى النهاية.
بالتفكير في مثل هذه الأفكار، تمكن من الوصول إلى هذا الحد... أخيرًا تمكن من ترك كل شيء جانبًا.
فووش! رنة!
ثم، وفجأةً، طار سهم واحد.
سهم مصنوع من قوة سحرية... خلق بركة ضخمة من الماء في لحظة. خرجت منه روح مائية متوسطة الرتبة، الوحش الشرس 'لاسيا اللبؤة'، التي وقفت بين كليفيوس ولوسي.
كان مظهر الروح المائية المزمجرة ذات الرتبة المتوسطة وحشيًا.
في ذلك الوضع غير القابل للتفسير تمامًا. نظر كليفيوس وإلفيرا، اللذان كانا بالكاد واعيين في الزاوية، نحو الاتجاه الذي جاء منه السهم.
عند مدخل حديقة الورود، وسط المطر، كان هناك رجل يحمل قوسًا مشابهًا للقوس المنحني الذي كانت لوسي تمسك به.
بدا الأمر كما لو أنه كان يغطي نفسه برداء أكبر منه بكثير. كان الرداء نفسه مهترئًا وباليًا لدرجة أن طبقاته بدأت في الانهيار.
بدا وكأنه روح قامت من بين الأموات. لم يكن بوسعهم إلا أن يبتلعوا اللعاب بصعوبة.