حل السكون والصمت في قاعة أوفيليس.

كانت لورتيل كهلاند تسد بهدوء المخرج المؤدي إلى الردهة المركزية.

برؤية ذلك... أمسك زيغ بكتف تانيا، التي كانت تجري بجانبه.

"آه، هاه؟!"

سحب زيغ تانيا للخلف لإخفائها وراءه.

"أكك!"

تفاجأت تانيا من قبضة زيغ القوية ثم تعثرت وتوقفت تمامًا.

"فـ-فجأة...؟"

"اثبتِ مكانكِ."

كان حدس زيغ صحيحًا دائمًا في أغلب الاوقات. لقد أنقذته حاسته السادسة التي اكتسبها عندما كان يعيش في البرية من الأزمات مرارًا وتكرارًا.

كانت حاسة زيغ السادسة تصرخ بقلق.

كما لو أنها كانت نائمة، فقد كانت ترتدي معطفًا من الصوف الخفيف فوق قطعة واحدة من الدانتيل سهل الارتداء. كان شعرها البني المحمر الفاتن يتدفق مثل الموجة وهو غير مربوط.

"لورتيل."

كان زيغ على دراية إلى حد ما بعلاقات إد الشخصية عندما كان لا يزال على قيد الحياة.

عادةً ما ينتهي الأمر بأولئك الذين أدركوا قيمة إد الحقيقية إلى تكوين علاقة وثيقة وخاصة معه. ولهذا السبب، على الرغم من عدم وجود الكثير من الأشخاص الذين كان قريبًا منهم، إلا أنهم جميعًا كانوا أفرادًا أقوياء للغاية.

مع العلم أن لورتيل كانت أيضًا أحد أولئك الذين تربطهم علاقة خاصة مع إد، قام زيغ بإصلاح وضعيته بعناية.

على الرغم من أنه كان ممسكًا بالسيف، إلا أنه ما يزال يريد تجنب الاضطرار لمواجهة لورتيل إن أمكن.

كانت مهارات لورتيل السحرية ورشاقتها في مستوى اعترف بها حتى البروفيسور غلاست صعب الارضاء، مما وضعها في الفصل (أ).

ومع ذلك، من حيث الخبرة العملية والحس القتالي، لم تكن في مستوى يمكنها فيه من مضاهاة زيغ. إذا تواجهوا، فمن المحتمل أن يخرج زيغ فائزًا.

إذا كانت معركة بسيطة من ناحية القوة النارية، فربما كان زيغ أدنى منها، ولكن في معركة فردية تدفع المرء إلى استخدام قدراته إلى الحد الأقصى والاستفادة بشكل فعال من البيئة، كان هناك عدد قليل جدًا من الاشخاص القادرين على هزيمة زيغ.

ولكن، فإن الشيء المخيف بحق في لورتيل لم يأتِ من قدراتها القتالية.

كانت لورتيل كهلاند من النوع الذي سيبذل قصارى جهده بمجرد أن تضع هدفًا. حتى والدها بالتبني لم يتمكن من الإفلات من قبضتها.

لا يجب أن يخدعك مظهرها الجميل والنبيل أو أقوالها وأفعالها الأنيقة، والتي تجعلها تحظى بإشادة كبيرة كشخصية خيرة وحسنة الخلق.

على الرغم من أن الآخرين ربما لم يعلموا بذلك، إلا أن زيغ إيفلشتاين كان يدرك جيدًا تلك الحقيقة. كانت مثل وردة مغطاة بالشوك. والشوك مغطى بطبقات من السم القاتل الذي يمكنه قتل حتى فيل في لحظة.

من بين الأفراد الموجودين في أكاديمية سيلفينيا الذين لا يجب أبدًا أن تجعلهم اعداءً لك... هي كانت وبسهولة من ضمن المراكز الثلاثة الأولى.

كانت تنتظر بهدوء ورأسها موجه للأسفل بينما تسد الباب. بغض النظر عن الطريقة التي تنظر بها إليها، فهي لم تبدو ودودة.

كان من الواضح أنها سمعت بأخبار وفاة إد.

سيكون من الغريب عدم معرفة هذه الحقيقة، حيث تعيث لوسي فسادًا في الخارج.

لذلك لم يكن أمام زيغ خيار سوى إخفاء تانيا خلفه أولاً.

"عليكِ الإسراع والإخلاء, لورتيل."

بينما كان زيغ يتحدث، رفعت لورتيل رأسها ببطء وهي تقف في الظلام. لم تكن هناك طريقة لمعرفة كيف سيؤثر خبر وفاة إد على قلبها، أو ما هي المشاعر التي تكنها تجاه تانيا.

لقد كان في وضع لم يكن أمامه فيه خيار سوى انتظار إجابة لورتيل.

ولكن، عندما رفعت لورتيل رأسها... المثير للدهشة أنها كانت تتمتع بمظهر نبيل مع ابتسامة على وجهها.

"على الرغم من أنك تقول ذلك يا زيغ... ماذا كنت تفعل هنا بدلاً من الهروب؟"

كانت نبرة صوتها هي نفسها كالمعتاد.

بصرف النظر عن ملابسها، التي كانت غير رسمية ومريحة أكثر من المعتاد، كان سلوكها الهادئ هو نفسه كما هو الحال دائمًا... هناك شيء ما لم يكن صحيحًا.

لم يسترخي زيغ وهو يحدق في لورتيل، التي واصلت التحدث بهدوء.

"هذا وضع خطير. نحن بحاجة للهرب سريعًا. أليس هذا صحيحًا يا زيغ؟ وأنتِ أيضًا يا تانيا."

هل شعرت تانيا أيضًا أن شيئًا ما لم يكن صحيحًا؟

ولكن نظرًا لأن لورتيل لم تكن تبدو عدوانية، فقد اعتقد أنه سيكون من الجيد أن يرد عليها بشيء ما.

"لورتيل."

لم يترك زيغ السيف الذي كان يحمله في يده.

ثم سأل بشكل مباشر.

"هل سمعتِ الأخبار عن زميلنا الكبير، إد؟"

ارتعشت حواجب لورتيل وهي ترتجف.

لقد كان رد فعل صغيرًا جدًا يصعب التقاطه، لكن زيغ سريع البديهة أدرك التغير في مشاعرها.

"حسنًا, ماذا تعتقد؟"

"نعم، أعتقد أنكِ لن تسمحي لنا بالمرور بعد كل شيء."

"ما الذي تتحدث عنه يا زيغ؟ ليس لدي سبب لإيقافك."

ابتسمت لورتيل، مسترخية كما كانت في العادة. ومع ذلك، تانيا وزيغ لم يفكرا حتى في اتخاذ خطوة واحدة للأمام.

"قبل كل شيء، من المستحيل أن أهزمك في مواجهة فردية, زيغ."

سيكون من المؤلم على لسان المرء أن يقوم بتعداد قدرات لورتيل واحدة تلو الأخرى.

مع ذلك، إذا كان عليك اختيار واحدة منها والتي تتميز اكثر من البقية، فهي قدرتها على الحفاظ على العقل والهدوء بغض النظر عن الموقف.

حتى عندما دمر تاكان مبنى الطلاب، أو عندما أنشأ البروفيسور غلاست كل تلك الأبراج السحرية، بغض النظر عن الموقف، لم تشعر بالذعر أبدًا أو تفقد إحساسها بالعقل والمنطق.

لقد كانت اشبه بالوحش. آلة مصممة بهدف البحث دائمًا عن أفضل مسار لاتخاذه. حتى في موقف انفجرت فيه لوسي، التي بدت دائمًا غير مهتمة بأي شيء، من الغضب... فقد ظلت لورتيل واقفة، تشد على أسنانها وتحافظ على هدوئها.

لكن مع ذلك، فإن العقل والعقلانية لا يعملان معًا دائمًا كشيء واحد.

عاشت حياة التاجر الذي حول كل شيء في العالم إلى أموال. ولكن حتى في ذلك الحين، فلقد انحرفت أحيانًا عن عقلانيتها. وكان ذلك حينما يتورط إد في المسألة.

لورتيل لم تكن تسد طريق زيغ. والسبب في ذلك هو أن زيغ كان يتمتع بقدرة قتالية أعلى منها.

ولكن إذا كان الأمر كذلك، فلا يسع المرء إلا أن يتساءل عما سيحدث لو كان الوضع مختلفًا.

"ماذا لو لم أكن أنا... ولكن بدلا من ذلك، كانت تانيا لوحدها. ماذا كنتِ ستفعلين؟"

على الرغم من أنها قد تبدو هادئة من الخارج، إلا أنه ليس هناك ما يضمن أنها ستكون نفس الشيء من الداخل. لقد كانت فتاة لم تكشف أبدًا عن مشاعرها الحقيقية بصدق.

لذا، بغض النظر عن مدى الفوضى التي قد تشعر بها من الداخل، فلن تستطيع أبدًا معرفة ذلك بمجرد النظر إليها من الخارج.

لكن كانت هناك مرات تم فيها عرض أجزاء منها.

"كنت سأمزقها إربًا."

ركضت قشعريرة على ظهر تانيا.

كان تعبيرها لا يزال هادئًا كما هو الحال دائمًا. ونبرة صوتها لم تتغير على الإطلاق. ومع ذلك، فإن الجو كان حادًا.

"أنتِ محظوظة جدًا يا تانيا. يجب أن تشكري زيغ لأن تهديداتها التي يمكن أن تقطع لحمكِ الى أشلاء ظلت معلقة اثناء مرافقتكِ."

عيون لورتل الكهرمانية، التي لم تتحرك على الإطلاق، راقبت بعناية تعبير تانيا.

ربما هذا هو السبب وراء بقاء لورتيل واقفة هناك، تحرس هذه الردهة...

"أنتِ تتصرفين بتهور, لورتيل."

"هذا صحيح, زيغ. بالنظر إلى هذا الموقف، يبدو أنك تقف إلى جانب تانيا."

لم يتمكن زيغ من قول أي شيء.

في الوقت الحالي، تشير جميع الأدلة الظرفية إلى أن تانيا هي الجاني وراء اغتيال إد.

تصرفات تانيا السابقة أظهرت دائمًا حقدًا واضحًا تجاه إد. ويبدو أن خدم عائلة روثستايلور هم مرتكبو عملية الاغتيال. كما تداخلت مع حقيقة أنهم كانوا خدم يتلقون أوامرهم المباشرة من تانيا. هناك أيضًا حقيقة أنه كان من النادر جدًا أن يتصرف الخادم بشكل تعسفي، دون أوامر سيده.

قرار زيغ بالإيمان ببراءة تانيا... بدلًا من أن يكون قرارًا عقلانيًا، كان قرارًا عاطفيًا أكثر بكثير. لم يكن إد روثستايلور يرغب في أن تكون نهاية تانيا مروعة، لقد كان مجرد تخمين بناءً على التجارب التي مر بها معه.

ولهذا السبب كانت لورتيل، التي كانت تتصرف دائمًا بعقلانية، غير متوافقة تمامًا مع زيغ، والذي كان عاطفيًا إلى حد كبير.

"لكن بدلاً من قتلها بنفسي، كنت سأعذبها أولاً. ولكن إذا انتهى بها الأمر إلى الاعتراف، فستكون تلك قصة أخرى."

عند رؤية لورتيل بابتسامة عريضة على وجهها، ابتلع زيغ لعابه بصعوبة. تلك الفتاة حاليًا لم تكن أيضًا في حالة طبيعية. قد تبدو هادئة تمامًا، لكنها كانت بالتأكيد قد فسدت في موضع ما.

"يبدو أنه لم يمر وقت طويل منذ أن قمتِ بتقليم أظافركِ, تانيا. يا لحسن الحظ."

جفلت تانيا وارتجفت وهي تخفي يديها خلف ظهرها. كلمات لورتيل، التي ألقيت بلا سبب، كان لها معنى مخيف وراءها.

بسماع ذلك، على أقل تقدير، ادركت أن أظافرها لن تترك دون مساس... جعل ذلك قلبها يرتعش من الخوف.

"لـ-لا... أنا لم أفعل...! لا.....!!"

"توقفي عن ذلك، تانيا. إنها ليست شخصًا يمكنكِ إقناعه بالحجج العاطفية وحدها."

قاطع زيغ تانيا بهدوء، والتي كانت على وشك أن تقول شيئًا ما. لم يتغير تعبير لورتيل على الإطلاق.

لكنها سمحت لهم بالمرور بهدوء.

"هنا، استمروا."

لورتيل لا تراهن أبدًا على النصر في معركة. لقد خاضت فقط المعارك التي كانت ستفوز بها.

كان هذا هو الوقار الذي اكتسبته من خلال بقائها على قيد الحياة ونشأتها في واجهة الأعمال التجارية، حيث كانت الرياح تهب مثل السكاكين.

لم تكن هذه ساحة معركة بالنسبة لـ لورتيل كهلاند. بدلاً من النزيف اثناء اصطدام السيوف أو السحر، كانت تعمل خلف الكواليس تحت الماء، وتأخذ ساحة المعركة بأكملها بين يديها.

إذا قمت بتحويلها إلى عدو لك، فسيكون من المحتم أن تصادف وترى أشياء مروعة.

من البديهي قول ذلك، ولكن بتحويل إد إلى عدو لك، فإنك تحولها أيضًا إلى عدو لك. على الرغم من أن تانيا لم تكن على علم بهذه الحقيقة، والآن بعد أن أصبحت الأمور على هذا النحو، كان جسدها كله غارقًا في الخوف.

حدق زيغ في لورتيل بوضعية حذرة.

هي حقًا لم تكن تتحرك ولو سنتيمترًا واحدًا. هل كانت حقًا لا تخطط لإيقافهم؟ أم كان ذلك بأكمله مجرد تمثيل لأجل خطتها الأكبر؟

لم يستطع معرفة الفرق.

لو كان مجرد خصم يتمتع بقدرات قتالية قوية، لأستطاع أن يجد طريقة لمحاولة التغلب عليه، أو لأستطاع أن يجد حلاً وسطًا بينهما، أو حتى أن ينتهي به الأمر إلى قتاله بناءً على حدسه.

ومع ذلك، ضد شخص ماكر للغاية مثل لورتيل، كان من المستحيل التأكد من أن أي إجراء يقوم به سيكون هو الاختيار الصحيح. شعر كما لو كان يتجول بشكل أعمى عبر ستار من الدخان. بالنسبة له، كانت خصمًا أصعب بكثير.

بينما استمروا في مواجهة بعضهم البعض دون إجابة-

"إذن، لورتيل..."

تحظم! رنة! ارتطام!

"أغك...! آه!"

[كوني حريصة! هل تأذيتِ؟!]

"آه، لا...! لم أتأذى، ولكن... ماذا علي أن أفعل؟ النافذة... آه... لقد تحطمت بالكامل... هذا عنصر من الدرجة العالية جدًا. لم أدرك ذلك حتى، و... ماذا علي أن أفعل...؟ أه... آه..."

[في مثل هذا الوضع، هل تعتقدين أنهم سيجدون الجاني وراء كل نافذة مكسورة ويطالبون بتعويض؟]

في نهاية الردهة، اخترقت فتاة النافذة، ودخلت إلى الداخل. بدأ صوت المطر المنهمر في الخارج يتردد صداه مباشرةً على جدران الردهة.

كان شعرها الوردي المضفر مبللاً بالكامل بالمطر. الشيء نفسه ينطبق على ملابسها. كانت بلوزتها البيضاء وتنورتها الزرقاء الداكنة مبللة تمامًا بالمطر، وملتصقة بجلدها.

وبينما كانت تعصر الماء في جزء من تنورتها، هزت رأسها مثل الجرو، وجففت شعرها. ثم نظرت نحو تانيا بينما أضاء وجهها.

"آه، لقد وجدتكِ، تانيا!"

بعد الصياح، عندها فقط أدركت الجو الحالي في الردهة.

"......"

كانت تانيا ترتجف بينما كان زيغ يحمل سيفًا في يده والعرق البارد ينزل على وجهه. كان هناك أيضًا لورتيل، التي كانت تحدق بهم بهدوء بنظرة باردة.

"آه... أمم... هل ربما أفسدت الجو...؟"

توقفت ينكار عن عصر الماء من ملابسها.

ثم أطلقت ميريلدا، التي كانت تُخرج رأسها من النافذة، تنهدًا.

[لا، يبدو أننا وصلنا في الوقت المناسب.]

* * *

شواااا.

لأن جسده قد تم دفعه إلى أقصى حدوده وتساقط المطر بقوة، كانت رؤيته ضبابية.

إن فن السيافة الدموية، الذي جعله متوحشًا كما لو كان يسيطر على جسده بالكامل، قد وصل بالفعل إلى الحد الأقصى... الآن، اختفت كل قوته السحرية.

لقد جمع كل قوته كسياف واندفع للأمام، معرضًا حياته للخطر، ولكن في النهاية لم يتمكن كليفيوس من الحصول على ميزة ظرفية إلا لجزء من مائة من الثانية.

وحتى في ذلك الحين، كان ذلك فقط نتيجة إهمال لوسي وليس قوة كليفيوس. ومن المفارقات أن هذه كانت بمثابة الثغرة التي تم إنشاؤها بسبب الاختلاف الساحق في القوة.

لو ركزت لوسي بشكل كامل على قتال كليفيوس منذ البداية، لما كانت هناك فرصة كهذه. في الواقع، كانت المواجهة ستنتهي في ثوانٍ معدودة.

كانت لوسي تتحكم في قوتها للتأكد من عدم وقوع أي ضحايا. كانت أيضًا تحافظ على اولئك الذين تعرضوا لسجن الوقت في الحديقة. وكان هناك أيضًا الكرة المصنوعة من القوة السحرية التي تطفو في السماء والتي كانت تحافظ عليها... لم يكن كليفيوس قريبًا حتى من هزيمتها.

لقد كانت تلك مأساة وحقيقة محزنة إلى حد كبيرة، لكنها لم تكن مفاجئة.

هزيمة أخرى. لقد اعتاد بالفعل على الهزيمة.

"إيه... كيوهك... أغك..."

حتى لو استمر في دفع الأرض لمحاولة رفع جسده، فإنه سيفقد قوته فحسب، ولن يتمكن من رفع نفسه حتى لمنتصف الطريق. وهو مستلقي على الأرض، رفع رأسه ونظر إلى رجل يرتدي رداءً كان ينظر إليه.

بمجرد أن دخل ذلك الرجل حديقة الورود، كان أول شيء فعله هو النظر حوله إلى المناطق المحيطة. عند النظر إليه، بدا كما لو أنه كان مضطربًا، ويبحث عن شخص ما.

للأسف، لم يكن هناك الكثير من الناس في حديقة الورود لكي يرونه، لأن غالبية الطلاب قد فروا بالفعل.

الطلاب والخادمات الذين كانوا محاصرين في سجن الوقت لم يكن لهم أي أهمية. وفي أحسن الأحوال، لم يكن هناك سوى كليفيوس وإلفيرا اللذان كانا يرقدان بجانبه.

بسبب هطول الأمطار، كان الضباب الرطب كثيفًا إلى حد كبير. لم يكن من السهل رؤية وجهه حتى لو اصبح هناك العديد من الأشخاص الآخرين حوله.

الروح المائية متوسطة الرتبة 'لاسيا اللبؤة'، التي منعت لوسي، اختفت في لحظة. من لمحة واحدة، بدا الأمر وكأنه تجسيد غير مستقر. الاستدعاء تم اجراءه عن طريق سحب القوة المتبقية بالكاد بعد الوصول إلى الحد الأقصى.

في النهاية، كل ما بقي هو لوسي، إلفيرا، كليفيوس، والرجل الذي يرتدي رداءًا.

بالنظر إليه عن قرب، كان بالكاد قادرًا على رؤية وجهه.

صبي ذو ملامح أرستقراطية وشعر أشقر قصير. وجه مألوف له.

"...ما الذي بحق الجحيم...؟"

وهو بالكاد يدعم الجزء العلوي من جسده بذراعيه المرتجفتين، أطلق كليفيوس ابتسامة ساخرة.

"لقد كنت على قيد الحياة. أيها العاهر."

"......"

"أغك..."

كليفيوس، الذي كان ينزف، شد على أسنانه وهو ينظر إلى إد.

"بجدية... يا قطعة الفضلات... لو... لو كنت فقط أعلم... إيغغك...."

"لقد كنت تمنعها يا كليفيوس."

"نعم... لماذا...؟ هل لديك مشكلة مع ذلك...؟؟"

احنى الصبي رأسه تحت المطر الغزير. لقد تمكن أخيراً من التعبير عن كل المشاعر المتراكمة والاستياء الذي كان يحمله.

"لا يعجبك ذلك...! إيها اللعين.....!!"

لم يقل أحد أي شيء. كان من حق كليفيوس أن يغضب. وقف إد هناك وهو يستمع إلى كل ذلك.

ولكن، في عيون إد كان هناك نوع معين من الدهشة.

لقد صمد كليفيوس لما يقرب من عشر دقائق أمام 'لوسي الكسولة'.

كم عدد الأشخاص في الأكاديمية الآن الذين يمكنهم تحقيق مثل هذا العمل الفذ؟ حتى إد، الذي كان لديه فهم شامل لقدرات كليفيوس القتالية بالكامل، لم يفهم حتى كيف أن مثل هذا العمل الفذ كان ممكنًا.

"نعم... بجدية... لقد تعرضت للضرب بشدة... أعرف ذلك أيضًا... أنا شخص مثير للشفقة، وأحمق، وعار. أعرف كل ذلك... أعرف هذا القرف أفضل من أي شخص آخر...اللعنة...!!"

احكم كليفيوس قبضته وشد أسنانه.

"كنت أعرف ذلك أيضًا. قتالها كان غبيًا كالقرف. كنت أعرف بالفعل أنه حتى لو خاطرت بحياتي، فلن أتمكن من فعل أي شيء لعين لها... نعم... أردت الهرب، لكن اللعنة، ساقاي لم تتحركا، فماذا يمكنني أن أفعل غير ذلك...؟"

في عيون هذا الاحمق، كان بإمكانه رؤية حديقة الورود بأكملها.

من المستحيل عليهم إيقاف هذا الوحش. كل من ركض وحاول القيام بشيء ما كانوا جميعًا أغبياء.

رئيسة الخدم والخادمات الأخريات اللاتي تبعنها حوصرن في سجن الوقت. الطلاب الاعلى من كل مرحلة حاولوا أيضًا إيقافها... وفي النهاية، حتى تلك الفتاة الخيميائية التي كانت دائمًا تزعج كليفيوس.

كان هؤلاء الأغبياء من نوع الأشخاص الذين رأى كليفيوس الكثير منهم طوال حياته لدرجة أنه سئم منهم.

لقد عاش حياة تاركًا إياهم وراءه، وهاربًا فيها إلى مكان آمن، لا يتحدى نفسه، ويضع حدودًا لما هو مستحيل ولا يرفع رأسه أبدًا.

أراد الجميع أن يعيش كليفيوس في مثل هذه الحياة. لقد تعلم أن القيام بذلك هو الشيء الذكي الذي يجب القيام به. وكان كليفيوس نفسه يؤمن بذلك أيضًا. لم يكن لديه أي فكرة عن عدد الأشخاص الذين سينتهي به الأمر بقتلهم إذا حاول تحدي دماء النصل الشيطاني التي تجري في عروقه.

عندما تعتاد على الهزيمة، ستنسى أيضًا الألم الناتج عنها. لقد تآكل احترامه لذاته تمامًا ولم تتغير عواطفه. كانت هناك لحظات أهانه فيها شخص ما لأنه هرب، ووصفه بالجبان، لكن كل ما كان يفعله هو أن يومئ برأسه ويوافق.

كان هذا هو ما يفترض أن يصبح عليه الوضع.

"تبًا... إلى متى... سأضطر إلى الاستمرار في عيش حياة أهرب فيها من كل شيء...؟"

صورة للبطل الذي استل سيفه واندفع نحو الجيش القادم الذي يشبه الجبل. صورة لمؤسس عائلة نورتوندال، وهي تظهر في كتاب مصور. فالكرز نورتوندال.

كان الجميع خائفين من لعنة النصل الشيطاني في دماء كليفيوس وتخلوا عنه. كان شقيقه الأكبر، الذي مات بمفرده وهو يدعم كليفيوس كعضو من عائلة نورتوندال حتى النهاية، هو الوحيد الذي لم يفعل ذلك.

روح النار رفيعة المستوى تاكان، والتي ارتعد خوفًا منها حتى أفضل الطلاب في الفصل. وقف أمامها إد روثستايلور، والذي ابتكر حيلة لهزيمتها في النهاية.

من بين عدد لا يحصى من أبراج السحر التي ارتفعت عالياً في السماء، اندفع السياف تايلي للأمام نحو البروفيسور غلاست دون أن يفقد إرادته.

الخادمات والطلاب الاعلى وإلفيرا الذين بذلوا قصارى جهدهم لإيقاف لوسي.

كل هؤلاء الأغبياء أكلوا الانهزامية التي كانت متأصلة في قلب الصبي.

مثل نور في مجاري قذرة, أظهروا وجهه القبيح والمشين.

جعلوه يسقط ساقيه على الأرض، ويسحب سيفه حتى يفقد نصله.

جعلوه يضرب رأسه على الأرض مثل الأحمق في محاولة للتغلب على المحنة التي وصفها الجميع بأنها مستحيلة.

"بجدية... أنا... قطعة خراء لعينة... أعرف ذلك أيضًا..."

لقد نزف كثيراً. لقد حان الوقت لكي يأخذ قسطًا من الراحة.

عندما لم يتمكن كليفيوس من التحدث بعد الآن، انهار وسقط فاقدًا للوعي.

كل ما فعله إد هو الوقوف هناك فقط، والاستماع إلى كلمات كليفيوس القاسية حتى النهاية. بترك كليفيوس، الذي فقد وعيه أخيرًا، كان على وشك التحدث بصوت هادئ.

"فيوه..."

شوااااا.

تدخلت إلفيرا، التي كانت في حالة حطام تام, بين كليفيوس وإد. بدا الأمر كما لو أنها قد تم هزيمتها مسبقًا وتكافح حاليًا فقط للسيطرة على جسدها بشكل صحيح. ومع ذلك، وقفت بينهما وذراعيها مفتوحتين على مصراعيها.

ربما أساءت فهم أن إد سينتهي به الأمر بفعل شيء ضار لكليفيوس. جلست إلفيرا هناك بشكل محرج، ومنعته مع شفتيها مغلقتين بإحكام وذراعيها ترتجفان في كفاحهما من أجل البقاء مرتفعتين.

بدا الأمر كما لو أنها ستسقط بأدنى لمسة.

ومع ذلك، ظلت ترتجف مع عيناها المليئتان بالإصرار حيث تمكنت بطريقة ما من اتخاذ وضعية دفاعية.

"......"

إد، الذي كان ينظر إلى إلفيرا، فتح فمه بهدوء.

"شكرًا لكما إلفيرا, كليفيوس. جهودكما لم تذهب سدى. لقد كانت مفيدة حقًا."

اتسعت حدقة عين إلفيرا فجأةً، لأنها لم تكن تتخيل أن مثل هذه الكلمات ستخرج من فم إد.

لم يكن هناك أي سبب لـ إد لكي يقوم بإيذاء كليفيوس. بدلاً من ذلك، كانت جهود كليفيوس بمثابة مساعدة كبيرة لـ إد.

لكن نظرًا لأن إلفيرا ما تزال لا تحب إد، لم يكن بوسعها إلا أن تشعر بالقلق قليلاً.

ومع ذلك، خلافًا لتصورات إلفيرا، ربت إد بهدوء على كتف إلفيرا عدة مرات.

وبهذه الإيماءة، فقدت إلفيرا كل القوة في جسدها، وسقطت على الأرض.

"...أنت..."

"فقط خذي قسطًا من الراحة الآن. بما أنكما تعلمان الآن أنني ما زلت على قيد الحياة... فلدي الكثير لأخبركما به لاحقًا."

ثم خلع إد غطاء رأسه بهدوء وهو يستدير ويسير للأمام.

لقد حان الوقت الآن لإعادة لوسي.

* * *

كانت الوحدة مرضًا يؤدي إلى الموت.

لقد كانت لعنة حلت على الجميع بشكل عادل وأكلت قلب المرء شيئًا فشيئًا.

ولهذا السبب يعتمد الناس على بعضهم البعض من أجل البقاء.

حتى بالنسبة للفتاة التي عاشت حياة تنظر فيها باستخفاف إلى كل شيء في العالم بتعبير غير مهتم، كان من المحتم أن يصيبها هذا المرض دون استثناء.

ومع ذلك، فإن السبب وراء عدم قدرة الفتاة على فهم الخوف من الوحدة... هو أنها كانت تمتلك غلوكت منذ صغرها.

بسبب وجود رجل عجوز يداعب شعرها بيديه المتجعدتين وهو يجلس بجانبها، يكون بجانبها دائمًا... ويحميها من الخوف من الوحدة.

لكن، كان من الصعب على المرء أن يدرك ما يمتلكه.

ولهذا السبب كان من الطبيعي أن يدرك المرء ويعاني من ألم الخسارة فقط بعد فقدان شخص ما.

شواااا.

عندما رأت لوسي الصبي وهو يرتدي غطاء الرأس، كاد جسدها أن يفقد كل قوته في لحظة.

فركت عينيها في حالة أنها كانت تهلوس، لكن الصبي كان ما يزال هناك.

لم تظهر رد فعل درامي. لم تكن من نوع الفتيات اللاتي يصرخن ويركضن لاحتضانه.

"أنا آسف يا لوسي. لم أتمكن من إخباركِ مسبقًا. لكن كان علي أن أموت لسبب ما."

ولكن، فقط بعد سماع صوته منخفض النبرة الذي اعتقدت أنها لن تتمكن من سماعه مرة أخرى، بدأت تدرك ذلك.

"لكن نظرًا لأنني كنت في موقف حيث كانت حياتي على المحك، لم أتمكن من القيام بأي استعدادات مسبقًا. ولهذا السبب لم تتح لي الفرصة لإخباركِ بالأمر."

كان إد يمشي بصعوبة خلال المطر باتجاه لوسي، التي كانت واقفة هناك بتعبير فارغ. وفقط بعد أن وقف أمامها مباشرةً، عبّر تعبيرها الفارغ أخيرًا عن مشاعرها.

"أنا على قيد الحياة. الآن، هنا."

نظرت لوسي إلى إد بتعبير فارغ.

جسده القوي، وشعره الأشقر، على الرغم من أنه كان مبللاً بالمطر، إلا أن رائحة العشب الخافتة كانت لا تزال موجودة. لقد كان حقًا إد روثستايلور.

كما هو متوقع منها، لم يتغير تعبيرها على الإطلاق. لكن قطرات الماء التي تشكلت حول عينيها وسقطت لم تكن بسبب مياه الأمطار.

استنشقت قبل أن تقفز إلى صدر إد. ثم دفنت وجهها في ياقة إد المبللة، وفركت وجهها بها.

"أنا اعتقدت أنك ميت."

كانت المشاعر الموجودة في صوتها شيء نادر بالنسبة الى لوسي.

تحت المطر الهادئ، لف إد ذراعيه ببطء حول أكتاف لوسي.

وبينما كان ينظر إلى السماء الممطرة، أمسك بقوة بلوسي التي كانت تبكي.

* * *

سقط مطر الربيع.

فقط بعد أن يجرف المطر بعيدًا البتلات المتراكمة على جانب الطريق ويخفي عبير الأزهار من سرير الزهور, سيظهر الربيع وجهًا جديدًا.

الشيء نفسه ينطبق على عواطف المرء.

بعد التنهد واستعادة العقل، حتى في العلاقة المستقرة التي تم تأسيسها مسبقًا، ستأتي حالة جديدة.

يبدأ كل شيء بإحساس بسيط بالاختلاف.

لوسي التي بكت بين ذراعي إد، واخرجت كل عواطفها لفترة طويلة... نجحت في العناية بالمشاعر الضعيفة التي كانت مخبأة في عزلتها.

كانت لوسي تبحث عن وجه غلوكت في وجه إد... ومع ذلك، بغض النظر عن مدى تفكيرها في الأمر، كانت المشاعر التي كانت لديها تجاه إد مختلفة بشكل جوهري عن تلك التي كانت لديها تجاه غلوكت.

الشعور اثناء الجلوس بجوار النار الدافئة بينما تداعب يدي غلوكت المتجعدة شعرها، والشعور اثناء البكاء بين ذراعي إد وهو يمسكها بقوة... على الرغم من أنهما كانا متشابهين، إلا أنهما كانا مختلفين بشكل غريب.

توقف المطر ببطء وبدأ ضوء القمر يمر عبر السحب.

فركت لوسي، التي كانت بين ذراعي إد، عينيها وهي تبتلع أنفاسها فجأةً.

عند القلق بشأن الفرق بين الاثنين... في النهاية، ستُظهر الإجابة نفسها.

بمجرد أن تصبح على علم بها، لم تكن شيئًا ستحتاج الى البحث عن هويته.

فجأةً-

فجأةً، تفاجأ إد ومن ثم استعاد توازنه.

لوسي، التي كانت تبكي بغزارة بين ذراعي إد، توقفت فجأةً عن البكاء ثم دفعت صدر إد وهي ترفع رأسها.

وبعد ذلك... نظرت إلى وجه إد مرة أخرى غير مصدقة. مفاجأةً ليس إد فحسب، بل لوسي أيضًا.

كانت عيناها ما تزال مبللة، ولكن كان من الواضح أنها كانت محرجة.

كما لو أنها قطة ضالة قابلت عدوها الطبيعي غير المتوقع... شعرت لوسي، التي كانت عيناها ترتجفان بجنون، أن وجهها بدأ يسخن.

"لوسي؟"

نادى إد باسم لوسي كالمعتاد، لكن لوسي شعرت وكأن نارًا تشتعل في صدرها.

عندما حاولت الرد، شعرت وكأن صوتها يرتعش، ولم يخرج أي شيء. اتخذت لوسي خطوة إلى الوراء بسرعة.

حتى السحرة رفيعي المستوى في الأكاديمية لم يكن بوسعهم إلا أن يرتجفوا أمامها... كانت لوسي وجودًا اشبه بجبل ضخم.

لكن لوسي نفسها تلك كانت الآن تنظر إلى إد بوجه مرتجف، كما لو كانت تواجه كيانًا مجهولاً. الشيء الوحيد المكتوب على وجهها هو الدهشة.

2023/09/03 · 553 مشاهدة · 3743 كلمة
نادي الروايات - 2024