عاش زيغ إيفلشتاين مع اتباع حدسه دائمًا.

لم يكن الحكم الواقعي أو العقلاني، بل الحدس البري والغريزي هو الذي أنقذ حياته عدة مرات في البرية، حيث لم يكن الموت في أي لحظة أمرًا نادرًا.

لقد كان عكس لورتيل، التي عاشت دائمًا باسلوب منظم، لا تصدر سوى الأحكام العقلانية. وهذا هو السبب أيضًا وراء مواجهة زيغ لها الآن مواجهة فردية.

لقد عاش حياة مليئة بالتجارب التي لا يمكن لطائر محبوس في قفص أن يتخيلها أبدًا.

كان الاختباء والهرب من الوحوش البرية في الأراضي العشبية شيئًا شبه يومي. لم يكن شعورًا غريبًا له أن تكون حياته مهددة كل يوم.

ولهذا السبب نادرًا ما كان زيغ خائفًا او شعر بالفزع أو الذعر.

ولكن، في هذه اللحظة لم يستطع إلا أن يبتلع لعابه بصعوبة.

شعور بالأزمة لم يشعر به منذ فترة. اجتاحه شعور بالخوف جعل ظهره متصلبًا وضيق تنفسه.

"آغغ... سأصاب بالبرد هكذا."

أمامه كانت ينكار، التي ركضت تحت المطر دون أخذ استراحة.

ولورتيل التي كانت ساكنة بشكل مخيف، والتي كانت تقف في طريق الخروج.

كان زيغ إيفلشتاين شخص على دراية جيدة بعلاقات إد روثستايلور عندما كان على قيد الحياة. ولهذا السبب تمكن من فهم الوضع بسرعة.

لقد كان يعلم بالفعل أن لورتيل قد اصبحت شبه مجنونة بسبب الأخبار المتعلقة بـ إد.

ما زال يشعر بعدم الارتياح لعدم معرفة نواياها الخفية، ولكن على أي حال، في معركة فردية لن يخسر زيغ أمامها أبدًا.

ومع ذلك، مع انضمام ينكار بالروفر، التي وصلت للتو... كان ذلك متغيرًا أرعبه لدرجة خروج روحه من جسده.

بأي حال، كما لو أن إد روثستايلور قد أنقذ بلدًا في حياته السابقة، فقد كانت هي واحدة من الإناث المقربات منه والتي كانت غريبة بشكل خاص.

كان هناك العديد من النساء يتبعونه بالارجاء، لذا ليس هناك الكثير لقوله عن قدرته. في البرية، لن يكون مفاجئًا أن يكون لدى الذكر الوسيم عدة إناث. ومع ذلك، في عالم متحضر كان هذا سؤالًا معقدًا للغاية.

وفي كلتا الحالتين، لم يكن ذلك متغيراً جيداً في الوضع الحالي.

فبعد كل شيء، ينكار بالروفر... كانت أحد معارف إد الأكثر إخلاصًا.

كانت لورتيل محاطة بالفعل بغضب بارد لدرجة أنه سيكون من المستحيل أن ينكار الاكثر عاطفية منها لن تتأثر به.

على الأقل حسب حس زيغ السليم، كان متأكدًا من أن ينكار لم تكن من النوع الذي يجلس ساكنًا عند سماع نبأ وفاة إد.

من كون هذه هي القضية...

"لقد وجدتكِ, تانيا."

عند سماع كلمات ينكار... لم يستطع إلا أن يبتلع لعابه بصعوبة.

نظر زيغ إلى تانيا، مخففًا قبضته على سيفه.

كانت تانيا ترتجف بالفعل، وهي مستندة على زاوية من الجدار.

كان لغضب لورتيل البارد شعور خطير جعل الناس يشعرون بالقشعريرة.

ومع ذلك، بدا كما لو أن ينكار كانت طبيعية أكثر بكثير مما كان يتصور.

لكن، كان لدى تانيا بالفعل ذكريات سيئة بخصوص ينكار... لذا كانت تبكي وترتعش من الخوف.

تخيل زيغ أيضًا مدى رعب الوضع من وجهة نظر تانيا. لا بد أنه كان يبدو وكأنها معلقة على حافة منحدر بواسطة حبل.

مع سير الأمور على ما هي عليه، بدا من التهور الاستمرار في الوقوف إلى جانب تانيا. ولكن حتى مع ذلك، كان زيغ مصممًا على الوثوق بحدسه. كان زيغ يراقب كلاً من إد وتانيا. ولهذا السبب كان على يقين من أن تانيا لم يكن لديها أي نوايا مباشرة لقتل شقيقها.

بغض النظر عن مدى قوة زيغ، ما يزال من الصعب جدًا مواجهة كل من ينكار ولورتيل في الوقت ذاته.

كان زيغ عظيمًا في المبارزات. خبرته ومهاراته، إلى جانب إحساسه الفطري للقتال، لم تكن حتى قابلة للمقارنة مع اولئك الموجودين في الأكاديمية.

ولكن، هذا لا يعني أنه كان بلا ضعف. حتى قدرته على التوقع، التي كانت قريبة من كونها بصيرة، ورشاقته المذهلة، وإحساسه القتالي، كانت كلها في النهاية... صعبة الاستخدام في مواجهة القوة النارية الساحقة.

إذا كان خصمه مجرد 'هدف مبارزة' يستخدم فن السيافة والسحر، فلن يُهزم أبدًا. لكن ضد ينكار التي قاتلت بالكمية والقوة النارية مع العديد من الأرواح إلى جانبها، كان في وضع غير مؤات للغاية.

"لدي شيء لأخبركم به بشأن إد-"

وثم، عندما كانت ينكار تحكي قصتها، لم يكن أمامه خيار سوى المضي قدمًا في حركته الأخيرة التي كان يحاول تجنب استعمالها.

بووم!

سحر زيغ، الذي كان سريعًا كالضوء، حطم جدار الردهة. أراد زيغ تجنب إلحاق الضرر بالمبنى على قدر ما يستطيع. ولكن مع تحول الوضع إلى شيء يصعب التحكم به، لم يكن لديه خيار.

"وااااه؟!"

"كيوك!"

تعثرت ينكار الى الوراء نتيجة الرياح العنيفة المفاجئة والغبار الذي اندلع.

أثناء تلك الحركة القصيرة، لف زيغ يده حول خصر تانيا وهو يلقي بنفسه من الجدار المنهار.

كان المطر قد توقف تقريبًا.

هبت عاصفة من الرياح بينما غطتهم قطرات المطر المتبقية.

صوت ياقة ترفرف في الريح وشعور بالسقوط في الهواء أصاب تانيا بخوف آخر.

اصطدام!

على الرغم من أنه غطى نفسه بسحر الرياح، إلا أن تأثير الهبوط لم يخفف تمامًا.

هبط عند البوابة الخلفية، وبالكاد كان قادرًا على منع نفسه من الترنح، ثم ترك تانيا وأنزلها أرضًا. من خلال السير خلف قاعة أوفيليس والهرب إلى الجزء الغربي من المنطقة التجارية، لابد أن يتمكنوا من العثور على مكان للاختباء.

ثم وقف زيغ بشكل مستقيم وهو ينظر حول قاعة أوفيليس.

لم يكن لديه خيار سوى أن يأخذ نفسًا عميقًا.

سحلية نارية ضخمة إلتفت حول الجدار الخارجي. في كل مكان, كانت هناك جميع أنواع الأرواح تطفو في الهواء. حتى أنه كان هناك ذئب بحجم منزل يتكئ على النافذة. وأما الأرواح منخفضة الرتبة, كان هناك ما يقرب من مائة منهم.

كان استدعاء هذا العدد الهائل من الأرواح دفعة واحدة مشهدًا مجنونًا، بغض النظر عن عدد المرات الذي رآه فيها المرء. بدا الأمر كما لو أن الأرواح كانت تتجول معًا بحثًا عن شخص ما.

وغني عن القول أنها كانت تانيا روثستايلور.

هذه الحقيقة... يبدو أن تانيا أدركتها بنفسها. ازدادت السرعة التي ارتجفت بها أسنانها أكثر.

"استجمعي شتات نفسكِ, تانيا روثستايلور."

مسح زيغ وجهه عدة مرات للتخلص من المطر ثم قام بوضع الرداء الذي كان يرتديه حول تانيا.

"اركضي في هذا الطريق إلى هناك، وعندما تصلين إلى مفترق الطرق اتجهي غربًا. إذا ركضتي بجنون، فستتمكنين من الوصول إلى المنطقة التجارية. وبمجرد وصولكِ إلى هناك، تأكدي من الاختباء في وسط المنطقة. كلما أصبحت الطرق أكثر تعقيدًا، أصبح من الصعب عليهم العثور عليكِ. بمجرد أن تشعري أنكِ لم تعودي مطاردة، ابحثي عن مكان لطلب المساعدة. بما أنكِ وريثة عائلة روثستايلور، سيكون من الأفضل لكِ أن تجدي شخصًا يتمتع بقوة إمبراطورية أو أحد معارفكِ من النبلاء المقربين."

وريثة عائلة روثستايلور. لكي يكون هكذا شخص مدينًا لك، هناك احتمال كبير أن يؤدي ذلك إلى رفع مكانة المرء الاجتماعية أو حتى السياسية. كانت حياة تانيا نفسها هي ورقة مساومة جيدة.

"إذ-إذن، ماذا عنك يا زيغ...؟"

"سأبذل قصارى جهدي لمنعهم بقدر ما أستطيع حتى لا يتمكنوا من مطاردتكِ. ومع ذلك، سيكون من المستحيل القضاء على ينكار ولورتيل... لكن يمكنني على الأقل أن أبذل قصارى جهدي لمنعهم والهرب عندما يحين الوقت المناسب."

"لـ-لماذا تفعل هذا القدر الكثير...؟"

"لم أكن لأفعل هذا لو لم تكوني أخت إد الصغرى. فقط فكري في الامر على أنكِ محظوظة."

ثم قام زيغ بسحب عنصر سحري من جيبه. كان عبارة عن أربع كرات من الرخام الأحمر مدمجة في لوح حجري.

'أحذية هيلغو المجنحة'. عنصر يجعل جسد الشخص أكثر مرونة بشكل مؤقت.

استخدم زيغ حزام جلدي لربط العنصر السحري بخصرها. ثم أمسك بكتف تانيا وهو يؤرجح جسدها ويدفعها إلى الأمام.

نظرًا لعدم قدرتها على فعل أي شيء، تقدمت تانيا بضع خطوات للأمام قبل أن تتوقف وتنظر إلى الوراء.

لم يعد زيغ يعير انتباهه إلى تانيا حيث كان ينظر بالفعل إلى قاعة أوفيليس المليئة بالأرواح.

ترددت تانيا للحظة قبل أن تشد على أسنانها، وتغلق عينيها بإحكام، بعدها ركضت للأمام بشكل مستقيم عبر الطريق.

"فيوو...."

أخذ زيغ نفسًا عميقًا وهو يسحب سيفه. بيده الأخرى تأكد من تدفق القوة السحرية.

كانت ينكار أبطأ مما تصور في مطاردتها. نظرًا لأن الأرواح قد رأت تانيا تهرب بالفعل، لابد أن مطاردتهم لن تكون أمرًا صعبًا... من المستحيل معرفة سبب عدم قيامها بذلك.

لابد أن هذا كان على الأرجح لأنها كانت تتحدث إلى لورتيل.

ولكن هل حقًا كانوا يجرون محادثة لطيفة بينما هرب الشخص الذي كانوا يطاردونه تحت أنوفهم مباشرة؟ حسب معرفته، لم تكن الاثنتان على وفاق جيد في المقام الأول.

مع ذلك، هز زيغ رأسه على الفور. ما فائدة القلق بشأن أي من هذا بما أن كلاهما جاء إلى هنا بعد سماع أخبار وفاة إد؟ لا بد أنهما كانا مثل أشباح انتقامية حاصرها الحزن والأسى.

لن يكون من السهل التعامل مع كلاهما، ولكن على الأقل يمكنه شراء ما يكفي من الوقت لتانيا للابتعاد بما فيه الكفاية وثم الهرب بنفسه. كان القيام بهذا القدر أمرًا ممكنًا. ومع ذلك، على الرغم من أنه كان يعرف هذه الحقيقة، إلا أنه لم يستطع منع نفسه من التعرق البارد.

ثم، من الجدار الخارجي المكسور، أظهرت الساحرة العنصرية نفسها.

كانت ملابسها مبللة بالكامل، وعلقت بعض خصلات شعرها على خدها. بدت مرهقة للغاية.

كانت تركب صقرًا ضخمًا مصنوعًا من الماء، وتبعتها جميع الأرواح السائلة من حولها إلى الأرض.

كان أشبه بمجيء حاكم. كانت تبدو كملكة أرواح نزلت ببطء على الأرض وهي تحمل عصا طويلة من خشب البلوط في يد واحدة.

اتخذ زيغ موقفًا قتاليًا، ونظر إليها مباشرة بينما تهبط ببطء على الأرض.

صرخ عليها وهو يضغط على أسنانه حينما قفزت على الأرض.

"لن تستمعي إلى أي شيء سأقوله الآن يا ينكار. أعرف ذلك بالفعل."

أشار زيغ بسيفه نحوها، وتحدث بوضعية تهديدية.

"ومع ذلك، يمكن للناس أن يؤمنوا بأشياء مختلفة. حتى لو كانت كل الأدلة تشير إلى تلك الفتاة باعتبارها الجاني، ما زلت أقرر العيش بحدسي. إذا لم تتمكني من فهم ذلك، فلا يوجد باليد حيلة! هذه هي... طريقتي في الحياة...!! لقد كنت هكذا طوال حياتي!"

مع ذلك، لم يقل زيغ هذا بينما هو لا يفهم كيف تشعر ينكار. كان لديه أيضًا شخص أحبه من كل قلبه، إلكا آصلان.

ولهذا السبب تمكن زيغ من الصراخ بإخلاص نحو ينكار، التي كان قلبها مكسورًا، وأكثر من أي شخص آخر. هو لم يقلل من الألم الذي شعرت به بغير صدق.

"أعلم ذلك لأنني أيضًا أحب شخصًا ما. مجرد تخيل ذلك، الألم لا يطاق للغاية... أنا أفهم ذلك تمامًا. إذا فقدتها، سأستاء من العالم بأكمله. وستصبح بقية حياتي لا طائل من ورائها، وإذا سنحت فرصة للانتقام فسيحترق جسدي كله من الغضب، ولن أتمكن من فعل أي شيء آخر، لأنني أحبها! ولأنكِ يا ينكار، من أحببتِ إد أكثر من أي شخص آخر...!"

"ما-ماذا..."

لسوء الحظ، لم يكن هناك طريقة لكي يعرف زيغ أنه كان الوحيد الذي يتمتع بلحظة نابضة بالمشاعر.

كانت تلك حالة لا مفر منها. ويا له حقاً من أمر مؤسف.

من وجهة نظر ينكار، وهي تعلم بالفعل بالوضع الجاري، عند سماعه يقول شيئًا من هذا القبيل، لم يكن بوسعها إلا أن يسخن وجهها بشدة.

"على الرغم من أن إد قد توفي بالفعل، لا أعرف ماذا يمكنني أن أخبرك به غير ذلك يا ينكار. كم هو مفجوع قلبكِ، يا من أحببتِ إد بإخلاص...!!"

"لـ-لا...! لا تتحدث عن هكذا شيء بصوت عالٍ...!!"

"هذا الجرح في قلبكِ لن يلتئم بهذه السهولة... لكنني أؤمن بشدة أنه ما تزال هناك قيمة لهذا الحب الذي لديكِ. حتى لو كان الآن حبًا ضائعًا، فأنا أؤمن بشدة أن قلبكِ الدافئ، الذي أعجب بـ إد، سيبقى إلى الأبد جزءًا منكِ وووووووووو!"

بووم! بووم!

انفجر لهب روح النار وأصيب زيغ مباشرة بالهجوم غير المتوقع، وسقط.

حتى أقسى قوى الشر ستظل تنتظر بصبر بين التحولات ومشاهد المونولوج الجادة...

لم يتوقع أن تهاجمه ينكار اللطيفة فجأة في منتصف خطابه الجاد.

أما ينكار، فكانت أذناها حمراء فاتحة وبدأت عيناها تمتلئ بالدموع وهي ترتجف في مكانها، وتطعن زيغ بعصاها.

"إد لم يمت! إنه لا يزال على قيد الحياة! لذا، توقف من فضلك...!!"

* * *

عند استنشاقها، هدأتها رائحة العشب الحلوة مما جعلها تشعر بالراحة مرة أخرى.

في بعض الأحيان، نفس رائحة العشب كانت ستأتي من أكوام القش المتراكمة على جانب المقصورة.

لم تكن لوسي تكره هذه الرائحة بشكل خاص، لذلك كانت تتدحرج فيها أحيانًا.

ولكن خادمات قاعة أوفيليس كرهن رائحة العشب لدرجة أنهن كن يرشن العطر على لوسي، ويلقننها ويطلبن منها الحفاظ على وقارها.

رائحة زهرة الفريزيا العطرة التي كانت تشتمها أحيانًا بينما يتم حملها بين ذراعي الخادمة.

كانت الرائحة لطيفة للغاية، حتى بالنسبة إلى أنف لوسي، التي لم تكن مهتمة بشكل خاص بالمنتجات الفاخرة. لكنها ما زالت تتساءل عما إذا كان ينبغي لها حقًا أن ترش شيئًا كهذا على جسدها للتخلص من رائحة الأعشاب.

بقول مثل هذه الفكرة، الكلمات التي ردتها الخادمات إلى لوسي كانت مذهلة للغاية.

من خلال رش نفسك بمثل هذه الرائحة مرارًا وتكرارًا، فإنها في نهاية المطاف ستستقر في جسدك، بل وفي كثير من الحالات ستتحول إلى رائحة جسدك.

قيل إن جسد الشخص الذي يدخن التبغ كل يوم ستفوح منه رائحة التبغ دائمًا. والفتاة التي نشأت وهي تلعب في حقل الخوخ عندما كانت طفلة سيكون لديها دائمًا رائحة الخوخ العطر في شعرها. أمالت لوسي رأسها، لكن الخادمات كن جديات للغاية.

لذا، ما كان مهمًا هو 'الرد الأولي'.

كان من الصعب جدًا على المرء تغيير رائحة جسمه بمجرد أن يدرك رائحته.

ومع ذلك، من الممكن تغيير رائحة الجسم شيئًا فشيئًا عندما تبدأ الرائحة في الانبعاث لأول مرة من الجسم.

"هناك الكثير للقيام به. أولاً، يجب أن أجمع كل الأشخاص الذين شاركوا في المسألة وأشرح لهم ما حدث. لدينا وقت ضيق... قريباً، سيأتي أعضاء هيئة التدريس بالأكاديمية..."

بينما كانت تحاول معرفة سبب تبادر هذه الذاكرة عديمة الفائدة بشكل مفاجئ إلى ذهنها، مسح إد وجهه وهو يتحدث.

لم يكن يقول أي شيء مثير للاهتمام بشكل خاص. ولكن، عندما دخل صوت إد الثقيل إلى أذنيها، بدا كما لو أن عمود لوسي الفقري كان يحترق.

كان من الصعب عليها أن تنظر إليه، لذلك ضغطت على قبعتها. شعرت لوسي بإحساس عظيم وغريب بينما كان صدرها يحترق. كان الأمر طبيعيًا، لأنها كانت المرة الأولى التي تشعر فيها بهذه الطريقة.

"الآن بعد أن انتهت الأمور على هذا النحو، يجب أن أشرح ظروفي... لكن سيظل الأمر مزعجًا إذا قلت الكثير... حسنًا... أولاً، كليفيوس وإلفيرا... بالإضافة إلى زيغ ولورتيل هم من يجب أن يكونوا على علم. ذهبت ينكار للعثور على تانيا... حسنًا. في الوقت الحالي، دعنا نذهب إلى الداخل للابتعاد عن المطر."

"أه..."

وأخيرا، بدأ صوتها يخرج عندما طرحت لوسي سؤالًا.

"ما-ماذا...؟"

"... ألم تكوني تستمعين؟ على أية حال، كان لدي وضع معين، لذا يجب أن أشرحه. دعينا نجمع الجميع وسأتحدث عنه. وإذا تمكنا على الأقل من أن نكون جميعًا في نفس الصفحة، إذن يجب أن يكون التعامل مع الأثار الجانبية أسهل... ستكون هناك لجنة تأديبية لتتعاملي معها. و...يبدو أن كليفيوس وإلفيرا مصابان جدًا، لذا يجب عليكِ الاعتذار."

"أ-أعتذر...؟"

"نعم، لأنهم تعرضوا للأذى أثناء محاولتهم إيقافكِ. يبدو أن إلفيرا فقدت تقريبًا جميع العناصر السحرية التي كانت تعمل عليها بجد لفترة طويلة. ونزف كليفيوس الدماء في كل مكان مثل الشلال."

"هـ-هذا... بسببي..."

رغم ذلك، لم يكن الأمر كما لو أن لوسي كانت ذات نوايا سيئة تمامًا.

على الرغم من أنها كانت شبه خارجة عن عقلها، إلا أنها ما زالت تحاول هزيمة كل من وقف في طريقها بأقل قدر ممكن.

بالطبع، نظرًا لأن قوة لوسي السحرية كانت قوية بشكل يبعث على السخرية، اذا كان المرء احد الأشخاص الذين يحاولون إيقافها، فربما لن يشعر بذلك... وفي كلتا الحالتين، انتهى بها الأمر بإيذاء إلفيرا وكليفيوس الى حد كبير.

لم تفكر لوسي كثيرًا في الأمر، لكن إلفيرا أحضرت جميع عناصرها السحرية فقط لتنفجر. حتى أن كليفيوس طعن نفسه من أجل أداء تقنية السيافة الدموية.

من وجهة نظر لوسي، كل ما فعلته هو 'التعامل مع هجماتهم...'

ولكن هذا كله كان من وجهة نظر لوسي وحدها.

"لا يهم ما حدث، هذا لا يغير حقيقة أن الناس قد تعرضوا للأذى بسببكِ. على الرغم من أنني أيضًا لم أرغب في أن تنتهي الأمور على هذا النحو، إلا أنه يجب علي أيضًا تحمل بعض المسؤولية عن كيفية سير الأمور. يمكننا أن نذهب ونخبرهم معًا."

"لكن مع ذلك..."

في محاولتها لدحض الكلمات، انتهى الامر بصوت لوسي بالزحف للخلف.

كان ذلك لأنها نظرت مباشرة إلى وجه إد، الذي أطلق تنهيدة. لم يكن ذلك بمثابة رد فعل كبير، ومن وجهة نظر إد، كان طبيعيًا... لكن بالنسبة إلى لوسي، بدا ذلك وكأنه صاعقة في صدرها.

انه يكرهني. سوف يعاملني وكأنني شخص مثير للشفقة. إد روثستايلور يشعر بخيبة أمل.

بمجرد أن راودتها مثل هذه الأفكار فجأةً، أصبح عمودها الفقري ساخنًا.

هل كانت تلك حقًا لوسي ماريل، التي في العادة تتجاهل آراء الآخرين وانطباعاتهم عنها؟ الفتاة التي من شأنها أن تستلقي في أي مكان، فقط لتأخذ قيلولة هادئة؟

لكن، عند رؤية تعبير إد... شعرت كما لو أنها كانت تعاني من عطل. وسرعان ما أمسكت حافة قبعتها واجابت.

"حسنًا. سـ-سأعتذر."

"...أوه، حسنًا. كم هذا عظيم منكِ."

على الرغم من أنها كانت فتاة يمكن أن تخترق قوتها السحرية العظيمة الجبال، والسحر الذي استخدمته جعل حتى الأساتذة الأكبر سنًا يخرجون ألسنتهم في رهبة.

لم تستطع لوسي أن تفهم لماذا تعني كلمات إد روثستايلور الكثير بالنسبة لها.

هل كانت تحتاج إلى وقت لتنظيم أفكارها؟ ولكن الاستنتاج كان موجودًا بالفعل، أليس كذلك؟

إذا كانت هوية تلك المشاعر هي الحب حقًا، فقد تُركت مع سؤال كيف انتهى بها الأمر بهذه المشاعر تجاهه.

ثم بعدها، بدأت لوسي تسترجع ذكريات الماضي عن الندم الذي تراكم لديها على مدى فترة طويلة. كان هذا الحدث كارثة، ذلك لأن قلبها بدأ ينبض بجنون.

لقد عاشت هي وإد معًا لفترة طويلة. في الواقع، لم تكن تدرك أن هذا هو الحال من قبل.

لأنه منذ البداية، كان مخيم إد واحدًا من أفضل الأماكن لأخذ قيلولة فيه.

كان إد روثستايلور مجرد رجل ليس أكثر من مسؤول من نوع ما يقوم بالاعتناء بالمخيم. لا ينبغي أن يكون هناك أي سبب يجعلها مستاءة للغاية.

ولكن بالنظر إلى العام الماضي عند العيش معًا في المخيم، ما هي أنواع الأعمال الرومانسية التي حدثت بين الاثنين؟

كانت تدخل وتخرج من مقصورة إد كما لو كان منزلها. في نفس السرير الذي كان ينام فيه كل ليلة، كانت تغطي نفسها ببطانيته وتأخذ قيلولة.

كانت تتشبث به عندما كان يقرأ كتابه أو تزحف الى حضنه.

كان يحملها على كتفه طول الطريق إلى الملجأ الخشبي وهي ترفس بقدميها. وكانا أيضًا يجلسان بجوار دفء نار المخيم، وينظران الى السماء المرصعة بالنجوم وظهورهم معًا. وفي بعض الأحيان، يمكنهم حتى الجلوس بجانب بعضهم البعض أثناء تناول وجباتهم.

في علاقة مثل تلك التي كانت مع الساحر القديم غلوكت، كان معنى تلك الأفعال مختلفًا تمامًا. معلم عجوز وتلميذة شابة. جد وحفيدة. مهما كانت العلاقة التي ستقارن بها، يمكنها نوعًا ما أن تفهم الأمر.

ولكن، إذا قمت بإعادة النظر في تلك الذكريات ولم تشعر بأي شعور بالتنافر، فهذا يعني أنه تم ارتكاب خطأ كبير.

بمجرد أن يصبح الموضوع إد وتصبح العلاقة بين الاثنين علاقة صبي وفتاة، سيبدأ الدم بالتدفق الى رأس لوسي.

صعدت الحرارة إلى رأسها، ولكن في هذه النقطة لم تستطع فعل أي شيء حيال هذا. يمكنها تغيير المستقبل بيديها، لكن ما مضى قد تم نقشه في الحجر.

قالوا إن الردود الأولية كانت الأكثر أهمية عندما يتعلق الأمر بالتحكم في رائحة الجسم بشكل جيد.

ولكن، من المستحيل أن تتفاعل لوسي، التي كانت دائمًا غافلة وغير حساسة، بمثل هذا الرد الأولي المعقول.

إذا كنت تدرك وجود الرائحة مسبقًا، ألم يعني هذا أنها كانت متأصلة بالفعل في جسمك؟

من المؤسف أن الحب كان نفس الشيء. لوسي... لقد قطعت شوطًا كبيرًا بالفعل.

على الرغم من أنه لم يكن معروفًا متى بدأ هذا التغيير في قلبها، من شعرها إلى ياقتها إلى قبعتها، تلك الرائحة العشبية المميزة من إد قد بدأت بالفعل في التفتح منها.

بحلول الوقت الذي ستصبح فيه على علم بالتغير الذي حدث في قلبك، كان قد فاتك بالفعل الوقت الذهبي لمحاولة تغييره. معظم أساليب الرد الأولي فقدت معناها إذا فات التوقيت.

ثم بالنسبة للمنهجية المتبقية... لم يكن أمامها خيار سوى إيجاد طريقة للتحكم بطريقة أو بأخرى في قلبها المحترق بمرور الوقت.

"بالنظر إليكِ، لا يبدو أنكِ تعرضتِ للأذى. أعتقد أن هذا هو الحال. على أي حال، ليس لدينا الكثير من الوقت، لذلك دعينا نسرع الى الداخل."

إذا أصبحت مهملة، فسوف تفقد أنفاسها مرة أخرى، لأن كل مشاعرها قد تجمعت وتراكمت دفعة واحدة. ربما كان التوقيت سيئا، لكن الوضع كان حقًا سيء.

"لا... أمم..."

"حتى مع ذلك، لا بد أن ينكار تكافح من أجل العثور على تانيا. والآن بعد أن أصبحت مدينًا لكِ مرة أخرى، لا بد لي من الإسراع والقيام بشيء ما للتعامل مع كل هذا الوضع."

بمجرد مجيء اسم ينكار بالروفر، اتخذت لوسي إجراءً لم تفهمه هي نفسها.

"......؟"

استدار إد بسرعة ليتجه نحو قاعة أوفيليس. ومن ثم، الطريقة التي أمسكت بها بأكمام ملابسه... بدت وكأنها كانت تتذمر.

"......؟؟"

كان من الواضح أن إد سيكون مرتبكًا، لكن لوسي — التي كانت تمسك بكمه — كانت عيناها ترتجفان.

وعندها فقط بدأت الفتاة تفتح عينيها على فكرة الاحتكار.

"هـ-هل عليك أن تذهب الآن؟"

لقد كانت فوضى تامة.

* * *

"هوف... هوف...!!"

بينما كانت تانيا تجري عبر الغابة، تعثرت بحجر خشن، وسقطت بقوة. بعد أن تدحرجت عدة مرات على الأرض الموحلة، تمكنت من إيقاف نفسها.

"إذ-إذا واصلت المضي قدماً... فسوف أصل... إلى المنطقة التجارية..."

بوجه دامع، بعد أن مسحت الطين عدة مرات، أخذت نفسًا عميقًا آخر ووقفت مرة أخرى.

"ليـ-ليس لدي أدنى فكرة عن كيف انتهت الأمور بهذا الشكل... لكـ-لكن أولاً... أحتاج إلى العيش... أحتاج إلى البقاء على قيد الحياة...!"

ضغطت تانيا على أسنانها وهي تحبس دموعها، وتحرك ساقيها مرة أخرى.

"أولاً... أحتاج إلى مكان أطلب منه المساعدة... مكان يمكنني من خلاله الاتصال بعائلة روثستايلور..."

في الوقت الحالي، كان البقاء على قيد الحياة هو الشيء الأكثر أهمية.

أول مكان يتبادر إلى الذهن هو المقر الملكي. نظرًا لأن عائلة روثستايلور أنتجت العديد من المسؤولين المهمين للإمبراطورية، فقد كان لديهم أيضًا ارتباط عميق بالعائلة الإمبراطورية. في الوقت الحالي، كان من المفترض أن يكون رئيس العائلة كريبين روثستايلور هو أقرب المقربين للإمبراطور كرويل.

قد تكون العائلة الإمبراطورية قادرة على مساعدتها. وبطبيعة الحال، سيكون هناك ديون كبيرة. ولكن، لم يكن هناك أي مكان آخر يمكنها الاعتماد عليه الآن.

"أولاً... يجب أن أحرك ساقاي...! لا أستطيع الراحة... أنا متأكدة... أنهم يطاردونني... إذا تم القبض علي... يجب أن لا يتم الامساك بي..."

كان ذلك مؤسفًا، ولكن... في الواقع، لم يكن أحد يطارد تانيا...

"ومن ثم... اتهامات القتل نحو أخي الأكبر... هذا أيضًا... أحتاج الى الهروب منها... لا بد لي من العثور على الحقيقة... هوف... هوف...!"

مرة أخرى، كان الأمر مؤسفًا حقًا، ولكن... تم بالفعل رفع تهم القتل الموجهة ضدها...!

"أبدًا... لا يجب أن يتم القبض علي أبدًا...!"

من المأساوي والمؤسف حقًا قول ذلك، ولكن... كان هذا باكمله مجرد ملاكمة ظل...!!

ولكن، لم يكن هناك طريقة امام تانيا لاكتشاف ذلك.

في النهاية، لم يكن هناك سوى شيء واحد يمكن قوله لها.

فقط كوني قوية... تانيا روثستايلور...

2023/09/04 · 621 مشاهدة · 3515 كلمة
نادي الروايات - 2024