الفصل الخامس عشر: بذرة التغير

قبل عشرين دقيقة من وصول كوروتو وشيسوي إلى منزله، كان شينسي أوتشيها يطوي رسالة صغيرة بعناية فائقة، كما لو كان يطوي جناح فراشة هشة. كانت الورقة رقيقة، شبه شفافة، وناعمة الملمس بشكل غير معتاد، وكأنها صُنعت خصيصًا لتمرير الرسائل في الظلام. كانت مكتوبة بخط يد مجهول، أنيق ولكنه بارد وخالٍ من أي طابع شخصي، تطلب منه الحضور إلى مكان مهجور خارج حدود القرية ببضعة أميال لأمر طارئ يتعلق بأمن العشيرة. كان قلبه يشعر بعدم الارتياح، غريزته كنينجا متمرس كانت تصرخ بأن هناك خطبًا ما. كانت رائحة الحبر خافتة ولكنها غريبة، تحمل نفحة خفيفة من الأعشاب الأرضية التي لم يعرفها، مما زاد من شكوكه.

نظر إلى والدته النائمة في غرفتها، وجهها المستريح المحفور بالتجارب التي عاشتها، ثم إلى صورة خطيبته ماكي التي تبتسم له من على الطاولة، ابتسامتها التي كانت تشع نورًا يبدد أي ظلام في قلبه. تنهد، تنهدًا طويلاً حاملاً ثقل العالم، وقام بتفعيل سلسلة معقدة من أختام الحماية والعزل حول المنزل. لم تكن الأختام عادية؛ لقد استخدم فيها تقنيات قديمة تعلمها من مخطوطات العشيرة السرية، مختومات بقطرة من دمه لتعزيز فعاليتها. لن يسمح لأي شيء بأن يؤذيهما. ارتدى عتاده القتالي، وحرك أصابعه على مقبضي سيوفه للتأكد من أنهما مثبتان بشكل صحيح، وهز أغراضه الضرورية، وخرج من المنزل كظل، يتحرك بحذر وخفة، مستعدًا للهروب بأقصى سرعة عند أدنى شعور بالخطر.

كانت الغابة خارج الأسعار صامتة بشكل مريب، حتى الحشرات كانت صامتة، كما لو أن الطبيعة نفسها تترقب حدوث كارثة.

في مكان ليس ببعيد، فوق قمة شجرة عملاقة تطل على الغابة، وقف توبي كأنه تمثال للموت. كان الفضاء من حوله يتشوه قليلاً، هالة من القوة المكتومة تنبعث منه. قناعه البرتقالي ذو الخطوط السوداء التي تمثل اليلة التي مات بها معمله كان يبدو وكأنه يبتلع الضوء الخافت المتسرب من خلال أوراق الأشجار. ظهر زيتسو الأبيض من جذع الشجرة بجانبه كأنه نمو سرطاني، نصف جسده مغروس في الخشب كما لو كان جزءًا لا يتجزأ منه.

"كل شيء في مكانه. الفريسة في القفص. الجذور ينتظرون الأمر. هل نبدأ؟" سأل زيتسو بصوته المزدوج، المزعج، الذي يجمع بين النعومة المخادعة والخشونة القاسية.

بقي توبي صامتًا لبرهة، تحدق عينه الواحدة من خلال فتحة القناع في المشهد أدناه، لا يرى الأشجار، بل يرى ذكريات ألمه الخاص يعاد تمثيلها على مسرح جديد. قناعه البرتقالي يخفي كل تعابيره. ثم، بكلمة واحدة، جافة وميكانيكية، أطلق العنان للجحيم. "ابدأ."

ابتسم زيتسو ابتسامة عريضة وغير طبيعية. "كما تريد، يا سيد." ثم بدأ يركز، وتفرعت خيوط طاقة خفية من جسده، مثل خيوط دمية غير مرئية، تمتد إلى أسفل الشجرة نحو الضحايا الذين ينتظرون في الظلام.

كان شينسي يتحرك بين الأشجار كفهد مطارد، كل حاسة فيه مشدودة إلى أقصى حد. كان يسمع دقات قلبه وكأنها طبل حرب. عندما شعر بها. خمسة تواقيع تشاكرا قوية ظهرت فجأة أمامه. أربعة منها كانت غريبة، لكنها كانت تحمل بصمة الأنبو "الجذور". والخامسة... يا إلهي، كانت مألوفة بشكل مخيف. كانت تشاكرا ماكي. نبضتها الطاقية، التي كان يعرفها كما يعرف نبضات قلبه، كانت مشوبة بموجة من الذعر والألم.

فعل الشارينغان ثلاثي الفواصل على الفور، واحتدمت عيناه بلون قرمزي غامق، وأطلق العنان لسرعته الكاملة، قلبه يدق بعنف في صدره. ماذا تفعل ماكي هنا؟ ولماذا تقاتل فرقة من الجذور؟ أسئلةٌ تقاتل في رأسه، لكن غريزته كانت تصرخ بأنه يسقط في فخ مُحكم.

عندما اقترب لمسافة خمسمائة متر، رآها. كانت حبيبته تقاتل بضراوة ضد أربعة من أعضاء الجذور. كانت معركة يائسة. حركاتها كانت سريعة ولكنها متخشبة، كما لو كانت تحارب قوة داخلية وخارجية في نفس الوقت. انطلقت منه نية قتل جليدية، وتحولت مشاعره من القلق إلى غضب عارم، وتضاعفت سرعته، متحولاً إلى ضوء خاطف يمزق أوراق الشجر في طريقه.

في نفس الوقت، كانت ماكي في جحيمها الخاص. لقد جاءت إلى هنا بعد أن تلقت رسالة مزيفة بنفس خط يد شينسي. الرسالة كانت تطلب منها الحضور بشكل عاجل لأنه أصيب وجرح. وفور وصولها، هاجمتها هذه الفرقة من الجذور. لكن الشيء الأكثر رعبًا هو أنها لم تكن تتحكم بجسدها بالكامل. كانت هناك قوة خفية تجبرها على القتال، تحولها إلى دمية في مسرحية دموية. كانت تشعر بذراعها تتحرك، وساقها تركل، ولكن بإرادة ليست إرادتها. كانت عيناها تشاهدان ما يحدث وكأنه كابوس. أدركت الحقيقة المروعة: هي وهؤلاء الأربعة من الجذور، كلهم كانوا مجرد بيادق تم استدراجها إلى هنا. لكن لماذا؟

عرفت الإجابة عندما سمعت صرخة ألم مروعة قادمة من يمينها. لم تكن صرختها، بل كانت صرخة رجل تم طعن روحه وليس قلبه فقط. كانت صرخة حبيبها... شينسي. "ماكي! لا!"

عندما أصبح شينسي على بعد خمسين مترًا فقط، مندفعًا كصاروخ لإنقاذها، تحرك قائد فرقة الجذور بحركة غير طبيعية، ميكانيكية ومبالغ فيها، أسرع وأقوى مما كان عليه قبل لحظات. رفع سيفه، ولمع النصل في الهواء البارد للحظة، ثم اخترق صدر ماكي من الخالف بنعومة قاتلة.

تجمد العالم.

بالنسبة لشينسي، توقف الزمن، وبهتت كل الألوان. الغابة، السماء، الأعداء، كل شيء تحول إلى درجات من الرمادي. الشيء الوحيد الذي بقي ملونًا هو جسد ماكي، ودمها الأحمر القاني الذي صبغ ملابسها. حتى صرخته علقت في حلقه، محاصرة بألم لا يمكن التعبير عنه. وقف جسدها للحظة، عيناها متسعتان بالصدمة والألم، ونظرتا إليه، وفيها ذرة من الاعتذار عن شيء لم تفعله، ثم سقطت ببطء على ركبتيها.

وفي تلك اللحظة، شيء ما انكسر داخل شينسي. لم يعد مجرد نينجا من الأوتشيها، لم يعد ابنًا أو خطيبًا. لقد أصبح تجسيدًا خالصًا للألم والحزن. شعر وكأن العالم بأسعه انهار داخله، تاركًا فراغًا أسود لا قاع له.

في نفس الوقت، على بعد أميال، سمع كوروتو تلك الصرخة. لم يسمعها بأذنيه، بل شعر بها بالهاكي. كانت موجة من اليأس النقي، قوية لدرجة أنها هزت روحه. لقد كانت مثل صفعة كونية، تذكرته بألم كان مدفونًا في أعماقه. أدرك على الفور ما فعله أوبيتو. لقد نجح. لقد صنع وحشًا جديدًا. "اللعنة على كل شيء! لعبة أحمق!"

عزز كوروتو رجليه بالهاكي إلى أقصى حد، ضارباً الأرض بقوة جعلت الشجرة التي كان يقف عليها تتشقق وينشق لحاؤها. انطلق كأنه نيزك أسود، مخترقًا الغابة بسرعة تفوق ما كان يعتقد أنه ممكن. كان الهواء يصرخ حوله، والأغصان تتطاير في طريقه كما لو كانت قشًا. ما شعر به بعد ذلك كان صدمة حقيقية.

عندما وصل، كانت المجزرة قد انتهت. شينسي كان واقفًا في وسط دائرة من جثث أعضاء الجذور الممزقة. لم تكن جثثًا، كانت أشلاء. كان المشهد يعكس مستوىً من الوحشية لم يره كوروتو إلا في أعمق ذكرياته المدفونة. كان يحمل جسد ماكي الهامد بين ذراعيه. كان جسده مغطى بالجروح، لكنها كانت تلتئم بسرعة غير طبيعية. وكان يهزها برفق، وكأنه يحاول إيقاظها من نوم عميق. وعيناه... كانتا تنزفان دمًا ساخنًا، دمٌ أحمر داكن يسيل على خديه مثل دموع من نار، وفي عمقهما، كان نمط جديد ومعقد يدور ببطء. مانغيكيو شارينغان قد وُلد من رحم المأساة. هالة من الحزن القاتل كانت تحيط به، هالة جعلت الهواء نفسه ثقيلاً وباردًا. "لماذا... لماذا..." همس شينسي بصوت مكسور، لا يوجه السؤال لأحد، أو ربما يوجهه للكون بأسره.

فوقهم، كان توبي يشاهد المشهد، وزيتسو بجانبه يرتجف من الإرهاق. كان جسد زيتسو الأبيض يقطر سائلاً غريبًا، ووجهه يعبر عن إجهاد هائل. السيطرة على كل هؤلاء الشينوبي في نفس الوقت استنزفت طاقته. نظر توبي إلى شينسي وهو يقتل بقية أعضاء الجذور بوحشية، ثم يحتضن جثة حبيبته. في عينه الواحدة، التي تحولت أيضًا إلى نمط المانغيكيو، لمع بريق من الحزن العميق. لقد تجسدت أمامه صور من ماضيه: الصخرة السوداء، الفتاة ذات الشعر الأحمر الممددة بلا حياة، نفس المشهد، نفس الألم، نفس اليأس الذي حوله إلى ما هو عليه الآن. كان يشاهد مأساته تعاد مرة أخرى، ولكن هذه المرة كان هو المُخرج.

لكن ظهور لاعب غير متوقع في مسرحيته صدمه هو وزيتسو. كوروتو. من هذا؟ هالته... ليست كأي هالة شعرنا بها من قبل. إنها قديمة... بدائية. قررا البقاء والمشاهدة، مندمجين تمامًا مع الفراغ، غير مرئيين حتى لأكثر الحواس تطورًا.

على الأرض، كانت ماكي تلفظ أنفاسها الأخيرة. نظرت إلى وجه شينسي الملطخ بالدموع والدم. حاولت رفع يدها لتمسح دموعه، لكنها لم تستطع. كانت قواها تنهار. "شينسي... اهرب... هذه مسرحية... شخص ما... يتلاعب بنا... اهرب... أرجوك... هر..." توقف قلبها عن النبض. وذهبت الابتسامة التي أحبها من العالم إلى الأبد.

ماتت. ومات عالم شينسي معها. وبقي وحيدًا في صحراء من الألم، يحمل جثة أحلامه.

عندما رأى كوروتو هذا المشهد، هذا التركيز الهائل من اليأس والحزن، شعر بشيء ينفجر في عقله. الصداع الذي كان يلازمه دائمًا تحول إلى انفجار كوني. أغمض عينيه مؤقتًا، وكان الألم شديدًا لدرجة أنه كاد يسقط على ركبتيه.

تغير العالم من حوله.

وجد نفسه في كهف مظلم ورطب. رائحة العفن والدماء القديمة كانت ثقيلة في الهواء. للحظة، أصابه الهلع. لقد عاد إليه بصره! هل وقع في غينجتسو؟ لكنه أدرك بسرعة أن هذه لم تكن رؤية، بل كانت شعورًا. لقد غاص في إحدى ذكريات حياته المفقودة.

كان يقف، تمامًا مثل شينسي، يحمل جثة. لا، لم تكن جثة كاملة، بل ما تبقى منها. رأس بشري فقط هو ما كان سليمًا. كانت عينا الجثة مغلقتين بسلام، متناقضتين بشكل فظيع مع العنف الذي حدث لها. كان جسده في الذاكرة عاريًا، مغطى بالدماء والندوب ولكنها تشفى بطريقة غير بشرية، كانت عضلاته مشدودة والأورقة منتفخة من شدة المشاعر، وكان يهتز من شدة البكاء الصامت. الحزن الذي ورثه من هذه الذاكرة كان أعمق بمئة مرة من حزن شينسي. لم يكن مجرد حزن، كان هاوية من العدم، فراغًا مطلقًا يمتص كل شيء. كان محطمًا بالكامل، ميتًا في جسد حي. "لماذا تركتيني؟ لقد وعدتِ... لقد وعدتِ أنك لن تتركيني أبدًا..."همس بصوت مكسور.

ومن خلال شفتي جسده في الذاكرة، خرج اسم، وهمس مليء بالألم والحب الذي لا يمكن وصفه. "يا ■■■■■■■... أنا أحبكِ أكثر من أي شيء في هذا العالم الموحش... أنتِ أملي... وحياتي... الآن، ماذا سأفعل؟ لم يعد لدي شيء... لا شيء على الإطلاق."

انتهت الذاكرة بنفس السرعة التي بدأت بها، مخلفة وراءها صدى ألمٍ يهز كل خلية في كيانه.

عاد كوروتو إلى الواقع، يلهث ويتصبب عرقًا باردًا. كان يرتجف، ليس من مشهد شينسي، بل من صدى ألمه الخاص الذي استيقظ للتو. لم يعد الألم مجرد ذكرى؛ لقد أصبح حيًا، ينبض في صدره كقلب ثانٍ مكسور. نظر إلى شينسي، الذي كان قد بدأ للتو رحلته في الجحيم. لم يعد يراه كهدف، أو كأداة، أو كضحية.

لقد رأى فيه... إنعكاسا لنفسه السابقة. "اللعنة..." همس لنفسه، هذه الكلمة لم تكن موجهة لأوبيتو أو للعالم، بل لنفسه وللقدر الذي جعلهم جميعًا دمى في مسرحيات متشابهة. البذرة لم تُزرع فقط في شينسي، بل أيضًا في أعماق كوروتو نفسه: بذرة التغيير.

---

المؤلف : هذان هما الفصلين الذين وعددت بهما و أعتقد انها ستكون آخر مرة سأعد بها بشيء كهذا (^-^;) .

طابت ليلتكم أيها القراء.

2025/09/09 · 54 مشاهدة · 1641 كلمة
راكاشا
نادي الروايات - 2025