الفصل السادس عشر: الدعوة

لم يتحرك كوروتو ذرة واحدة، لا كتمثال من حجر، بل كبحيرة جليدية ساكنة على السطح لكنها تحبس في أعماقها عاصفة هائجة من الذكريات والألم. المشهد الذي انكشف أمامه – ذلك الرجل الذي يحتضن جثة حبيبته تحت ضوء القمر الشاحب، الذي ينضح بروح اليأس والضياع – كان مرآة ملعونة، تعكس بقسوة لا تطاق مشهدًا محفورًا في أعمق وأظلم ركن من روحه الممزقة. كان الصدى الروحي بينهما أقوى من أي وقت مضى، يمزج بين حزن شينسي الحاضر ويأس كوروتو الغابر في سيمفونية من العذاب النقي، وكأنما القدر يعيد تمثيل مأساته الخاصة أمام عينيه.

لم يلتفت شينسي إليه، بل كان غارقًا في محيط من الحزن لا قرار له، يحاول عبثًا أن يسكب التشاكرا المنبعثة من عينيه الجديدتين، عينيّ المانجيكيو، في جسد ماكي البارد. كانت محاولة يائسة، كمن يحاول إعادة الحياة إلى زهرة مقطوعة بسكب الماء على بتلاتها الذابلة. كانت قوته الجديدة، المولودة من رحم الألم والخسارة الفادحة، عاجزة تمامًا أمام حقيقة الموت النهائية والصامدة. كل ما استطاعت تلك القوة الهائلة فعله هو أن تجعل دموعه التي تسيل على خديها الشاحبة دافئة قليلًا، وهجًا أخيرًا من العاطفة في عالم بارد.

وفي تلك اللحظة بالذات، استجابت قوة كوروتو الكامنة، قوة الهاكي التي جلبتها معها روحه من عالمه البعيد، لمشاعره المختلطة والهائجة. انفجر الهاكي الملكي خاصته من جسده، لا كدفقة من الإرادة المحضة، بل كتسونامي عارم من المشاعر الخام غير المُصفاة – غضب قديم، حزن متجدد، وإرادة لا تتزعزع. موجة صامتة ولكنها جبارة من الضغط النفسي والروحي الهائل اجتاحت الغابة، أسكتت في لمحة حفيف أوراق الشجر، وأوقفت أنفاس الحشرات الليلية في منتصف زقزقتها، وأجبرت كل كائن حي، كبيرًا كان أم صغيرًا، على الخضوع والانحناء لهذه الهالة الملكية الحزينة والغاضبة التي تعلن عن ملك حزين على عرش من الأشواك.

شعر بها الجميع. شعر بها زيتسو حيث كان يتلصص، وارتجف نصف جسده النباتي غريزيًا. شعر بها توبي خلف قناعه، وتصلب جسده فجأة، وتوقفت يده عن اللعب بطرف قفازه. وبالطبع، شعر بها شينسي.

لأول مرة منذ أن فقد ماكي، منذ أن انطفأ نور عالمه، رفع شينسي رأسه ببطء، كأنه يحمل وزن الجبال. التفت بعينيه الميتتين، اللتين كانتا تدوران بنمط المانجيكيو المعقد والقاتم، نحو مصدر هذا الضغط المرعب، هذا الشعور بالسيادة الذي لم يشعر به من قبل، حتى من مادارا نفسه. وفي تلك اللحظة بالضبط، رأى نيزكًا أسودَ من الطاقة الخالصة، مظلماً كالليل الحالك لكنه يلمع بشرارة ملكية، يخترق السماء فوق رأسه مباشرة، متجهًا بسرعة خاطفة نحو مجموعة من الأشجار البعيدة قليلاً. اصطدم بها محدثًا انفجارًا مكتومًا لكنه عنيف، مزق الأرض وأطلق رذاذًا من الخشب المتطاير والغبار والشرر الداكن.

ومن بين تلك الأشجار المحطمة، قفز ظلان بخفة فائقة، وكأنهما طيفان. كانا هما. الوغدان اللذان كانا سببًا في كل هذا الدمار، في كل هذا الألم. توبي بقناعه البرتقالي المنفرد، وزيتسو بهيئته المشوهة الغريبة. ما إن وقعت عينا شينسي عليهما، حتى اشتعلت الكراهية الصافية، الخام كالحمم البركانية، في عينيه الميتتين، كجمرة أُعيد إحياؤها فجأة في وسط رماد بارد.

بعد أن خمد الغبار، ظهر كوروتو في المكان الذي انطلق منه الهجوم، واقفًا بثبات لا يتزعزع، وجسده يفيض بهالة قتل نقية وباردة، تنبض بالخطر. لم يصبهم، لقد كان يعرفهم جيدًا من ذاكرته التي تتخطى الأكوان، ويعرف أن مستواه الحالي، وقدراته المُقيدة بهذا الجسد الجديد، تجعل من قتلهم أمرًا شبه مستحيل. كان الهجوم مجرد إعلان عن وجوده، رسالة واضحة لا تحتاج لترجمة.

ركز كوروتو هالته القاتلة، تلك التي اكتسبها من ذكريات حياة مليئة بالحروب والموت فى عوالم لا تحصى، ومزجها مع الضغط الساحق للهاكي الملكي، ثم قال بصوت هادئ، منخفض، ولكنه كان يحمل وزنًا أثقل من الجبال، وبرودة أقسى من الجليد: "آه... تباً. لقد ذكرتماني، دون قصد، بمشهد من ماضي البعيد... مشهد أغضبني وجعلني أُستفز هكذا. أنا حقًا معجب بكما! إصراركم، عملكم في الظل... مثير للإعجاب حقًا. لكن الآن... أنتم أعدائي، وكونوها ليست منطقتكم للصيد يا أعضاء... منظمة الأكاتسوكي!"

تجمد توبي وزيتسو في مكانيهما. الصدمة واضحة على حركاتهما حتى من تحت الأقنعة والهيئات. كيف لهذا الشبح المجهول، هذه القوة الغريبة التي لم يسبق لها مثيل، أن تعرف اسم منظمتهم السرية التي لم يكتشفها أحد؟

أكمل كوروتو بابتسامة مرعبة، باردة، تظهر على شفتيه بينما عيناه لا تزالان تحملان برودة الموت. "ولكن، بما أنني رجل طيب في الأساس، وكهدية ترحيب صغيرة من منظمتي، 'D'، في أراضينا التي تطؤها أقدامكم، سأريكم لمحة صغيرة عن مصيركم المحتوم إذا تجرأتم على تحدي إرادتنا مرة أخرى."

في هذه اللحظة، بدأ كوروتو ينزف من أنفه وفمه، دليلًا على الجهد الجبار. لقد كان يضغط على روحه وجسده إلى أقصى الحدود، يوجه كل ما تبقى من طاقته، كل قطرة من قوة الهاكي الملكي والتشاكرا لديه، في هجوم واحد، ليس هجومًا جسديًا، بل هجوم ملكي عقلي مركز، يخترق أعماق الوعي.

كان زيتسو قد بدأ بالغوص في الأرض على الفور، وكان توبي قد فعل تقنية الزمكان الخاصة به ليحمي نفسه. كانا في أقصى درجات الحذر والاستعداد. وفجأة، حدث كل شيء ولم يحدث شيء في نفس الوقت. لم تتحرك أي عضلة، لكن في عقليهما، رأيا رؤية واضحة كوضوح النهار، حية ومفصلة بكل دقة مرعبة. رأيا رأسيهما يُقطعان بضربة سيف غير مرئية، سريعة ومطلقة. شعرا ببرودة النصل الفولاذي تمر عبر أعناقهما، وبألم الانفصال المروع. ثم رأيا جسديهما، بلا رؤوس، يُسحقان بقوة مكانية غامضة هائلة، قوة تطحن العظام وتحول اللحم والعضلات إلى غبار ناعم. ماتا. وشعرا بذهاب الحياة بشكل نهائي.

ثم فتحا أعينهما. كانا لا يزالان واقفين في نفس المكان، سليمين تمامًا، لم تمسسهما يد. لم يكن هذا غينجتسو؛ لقد قطعا تدفق التشاكرا في أجسادهما عدة مرات للتأكد. ما رأياه وما شعرا به كان حقيقيًا بشكل مرعب. حقيقيًا كأنهما عاشا لمحة سريعة ولكنها كاملة من مستقبل محتمل، مستقبل مظلم ينتظرهما إذا استمرا في هذا الطريق المتصادم مع هذا الكائن الغامض ومنظمته. لقد قامر كوروتو بكل ما لديه، بكل طاقته تقريبًا، في هذه الضربة النفسية، ونجح في زرع بذرة الخوف والشك في قلبي اثنين من أخطر وأقوى الكائنات في العالم.

كسر توبي الصمت الثقيل الذي خيم على المكان، وصوته المشوه بالتقنية يحمل نبرة لم يسمعها منه أحد من قبل: نبرة من عدم التصديق الممزوج بالاحترام المرغم. "من أنت؟ حقًا، من أنت؟ طوال عمري الطويل، طوال حياتي التي هي حياة أوتشيها مادارا العظيم، لم يصادفني أبدًا شخص بقوة وغموض مثلك... لم يصادفني أحد سوى... ذلك الشخص!"

ضحك كوروتو ضحكة خافتة ومريرة، بينما كان يمسح دماء أنفه بظهر يده. "أوه، لكي يعترف بي أوتشيها مادارا بنفسه، فهذا فخر حقًا، هاهاهاها... أنا مجرد عضو صغير في منظمة 'D'. أنا عنصر الهاكي فيها. واحفظوا الاسم جيدًا."

طوال هذا الوقت، كان شينسي يحمي جثة ماكي بجسده، يحلل الموقف بعينيه الجديدتين المتقدتين بالكراهية والحزن. عقله، رغم هلاكه، كان يحلل الوضع ، ماكي لم تطلب منه الإنتقام بل النجاة ، هذا لا يعني أنه لن ينتقم او لا يكره . لو كانت النظرات تقتل لمات توبي عشرات المرات.

بعد صمت طويل ومُشحون بالتوتر والترقب، نطق توبي أخيرًا، وكلماته تنم عن قرار داخلي. "هذه لن تكون آخر مرة ستراني فيها، يا عضو منظمة 'D' الغامض." بدأ الفضاء حوله يتلوى ويدور في دوامة سوداء مألوفة، تستعد لابتلاعه هو وزيتسو للهروب من هذا التهديد غير المفهوم. لكن قبل أن يختفي تمامًا في الظلام، نطق كوروتو بصوت عالٍ وواثق، يملأ الغابة:

"هاهاها! لا تهربوا بهذه السرعة! أنا متأكد من أننا سنلتقي يومًا ما مرة أخرى، ليس هنا، ولكن على قمة هذا العالم! عندها، سنرى من سيسود! إلى ذلك الحين، يا منظمة الأكاتسوكي!"

ثم اختفيا، وتركا وراءهما صمتًا ثقيلاً.

ساد الصمت مرة أخرى، صبح لم يكسره سوى صوت بكاء شينسي المكتوم وهو يحضن جسد حبيبته. في تلك اللحظة، التفت كوروتو إليه، متغلبًا على الإرهاق الشديد الذي يشله، ونطق بحروف هادئة ولكنها ثقيلة بالمصير، حروف ستخلق أملاً مستحيلاً، أملاً سيغير حياة شينسي إلى الأبد، وربما يمحو كل ما تبقى من براءة فيه.

"أستطيع أن أرجعها للحياة."

رفع شينسي رأسه فجأة، عيناه المانجيكيو تحدقان في كوروتو بشراسة يائسة، وصرخ بصوت ممزق باليأس والشك والغضب. "أنت تكذب! كلهم كذابون! تريد استغلالي! استغلال ألمي! أنت... أنت لا يمكنك فعل شيء كهذا!!! لا أحد يستطيع!!" كان ينتحب بعنف، دموعه تمتزج بدماء عينيه التي لا تتوقف عن الجريان، لكن كوروتو اقترب منه بهدوء ثقيل، متجاهلاً صرخاته. بحث حوله، ثم سحب سيف أحد أعضاء الجذور الموتى الذي كان مطروحًا على الأرض، وجرح راحة يده بعمق بالسيف. ثم، ببطء وحزم، أسقط قطرات من دمائه الحمراء القانية مباشرة على الجرح القاتل الموجود في صدر ماكي.

بدأ كوروتو يترنح بشكل واضح من الإرهاق الشديد وفقدان الدم، لكنه تمسك بإرادته وأكمل فعلته. ثم حدثت المعجزة.

بدأت حواف الجرح المروع والفجوة في صدرها بالالتئام بسرعة غير بشرية، وكأنما الزمن يعود إلى الوراء. بدأت الأنسجة الممزقة تتجدد، والجلد الميت ينسلخ وينمو من جديد، وحتى الثقب الكبير في قلبها العضو بدأ ينغلق ويندمل أمام عينيه. كان شينسي يشاهد بذهول وفَراغ، ممسكًا بجسدها وهو يرتجف من عدم التصديق، عيناه تتسعان أكثر فأكثر. لقد ظن للحظة أنه تحت تأثير وهم ما، أو غينجتسو قوي، لكن الإحساس بالدفء الخفيف، الخافت ولكن الحقيقي، الذي بدأ يعود ببطء إلى جسدها البارد كان حقيقيًا لا ريب فيه.

بعد لحظات، شُفي الجسد بالكامل، ولم يعد هناك أي أثر للجرح، وكأن تلك الطعنة القاتلة لم تكن سوى حلم سيء مزعج. وقف كوروتو، يتنفس بصعوبة كبيرة، وجهه شاحب، وقال بصوت واهن، ضعيف، لكنه واضح: "حسنًا، الجسد سليم الآن، خالٍ من العيوب. لكن الروح... روحها قد غادرت إلى العالم الآخر بالفعل. هذا الجسد الآن وعاء فارغًا. ولكن... أعدك، إذا خدمتني أنت ومنظمتي 'D' بإخلاص لمدة عشر سنوات، سأجعلها تعود. سأجعلها حية من جديد، روحًا وجسدًا."

صرخ شينسي ببؤس عميق، حائر بين الأمل المميت واليأس المُحيّر، "لماذا؟ لماذا تفعل هذا؟ ما الذي تريده مني حقًا؟"

نظر إليه كوروتو، ولأول مرة منذ ظهوره، لم تكن هناك برودة قاسية في هالته، بل شيء يشبه الشفقة المتعبة، نظرة شخص رأى نفس المعاناة تتكرر. "هناك سببان: أولهما، نحن بحاجة إلى يد عاملة قوية، طموحة، و... مثيرة للاهتمام مثل يدك في منظمتنا الناشئة. والثاني... وهو السبب الأغرب..." توقف قليلاً، ثم قال: "هو أنني رأيت نفسي فيك. رأيت شبحًا من ماضيي. لهذا، لا أريدك أن تقع في ذلك البؤس الأسود الذي عرفته أنا، والذي قد لا تخرج منه أبدًا."

بعد صمت طويل، بينما كان شينسي يحاول استيعاب كلماته، قال كوروتو وهو يستدير ماشيا للرحيل: "إذا كنت تريد مني أن أفي بوعدي، أن أعيد لك عالمك الضائع، فكل ما عليك فعله للموافقة هو أن تشهد بأن ما حدث هنا، مقتل الفتاة، كان بسبب مكيدة من منظمة 'D'. هذه ستصبح روايتك الرسمية. بعدها، احفظ جثتها – الآن أصبح الأمر أسهل ، سأرسل إليك مرؤوسي قريبًا ليقوم بتعيينك رسميًا ويشرح لك المهام المطلوبة."

ترك كوروتو شينسي وحيدًا في ظلام الغابة مع هذا العقد الشيطاني، مع هذا الأمل المستحيل الذي يشبه السّمّ الحلو. ثم استدار ببطء، وأخذ خطوات متثاقلة، واختفى في ظلال الغابة الأكثر عمقًا، تاركًا وراءه رجلاً محطمًا، مهيض الجناح، على وشك أن يبيع روحه وحريته وكل مبادئه، مقابل ومضة أمل واحدة، فرصة واحدة لاستعادة ذلك العالم المفقود الذي اسمه ماكي.

---

المؤلف : طبعا سواليف إعادة الأحياء موجودة في ناروتو و تذكرو هذه رواية خيالية فقط من نمط fanfic .

أما عن الطرق هي :

* التضحية بالحياة كما فعلة الجدة شيو والسلبيات كالأتي: موت صاحب التقنية .

* عن طريق الرينغان كما فعل أوبيتو و ناغاتو اهي تستهلك الكثير من التشاكرا ويمكن حتى جزء من الحياة هذا غير مؤكد ولاكن هخليها كذا .

طاب يومكم أيها القراء بالبهجة و السرور إنشاء الله (〃 ̄ー ̄〃) .

2025/09/10 · 61 مشاهدة · 1774 كلمة
راكاشا
نادي الروايات - 2025