الفصل 19 : الاستعدادات الأخيرة.
كانت ليلةً ثقيلةً بظلالها، هادئةً إلى حدٍّ مُخيف بعد العاصفة العاطفية التي أثارها ذلك الاجتماع المصيري. غادر إيتاشي بشموخه الصامت، تلاه شيسوي بخطواته الواثقة الهادئة، تاركين كوروتو وشينسي وحدهما في قاعة الاجتماعات التي كانت عبارة عن جرف طبيعي لا يضيئها سوى وهج ضوء القمر . كان الهواء لا يزال مشحوناً ببقايا طاقاتهم الجبارة وأسرارهم الثقيلة.
بعد صمتٍ طويلٍ ومحسوب، كسر كوروتو الهدوء بصوته الذي يحمل سلطةً غريبةً وحكمةً تتجاوز عمره. "من تحليلي لقدرات المانجيكيو شارينغان خاصتك، استنتج أنك تملك القدرة على إرجاع جسمك، أو جزء منه، لحالته الأصلية أو تأجيل الضرر الواقع عليه. لكن هذا ليس بهذه السهولة أو المباشرة التي تبدو عليها، أليس كذلك؟"
لم يكن سؤالاً بقدر ما كان تأكيداً على معرفةٍ أعمق. نظر شينسي إلى كوروتو، عيناه الحمراوتان المتوهجتان تحملان تعبيراً مركباً من التحدي والألم. بعد تأمل قصير، أجاب بصوته الأجش الذي يحمل آثار إرهاقٍ لا نهائي: "ليس بالضبط، لكنه شيء مشابه. قدرت عيني اليسرى هي 'التأجيل'. على سبيل المثال، إذا تم جرحي أو إصابتي بضرر جسدي، يمكنني أن أجعل تأثير هذه الإصابة يأتي لي بعد دقائق، ساعات، أو حتى يوم كامل، حسب تحكمي. أما قدرة عيني اليمنى فهي 'التخفيض'، وحسب إرادتي وكمية التشاكرا، يمكنني تخفيض شدة أي إصابة أو ضرر أتعرض له بنسبة تتراوح من 1% إلى 99%."
أومأ كوروتو برأسه ببطء، مشجعاً إياه على المواصلة، بينما كان عقله يحلل كل كلمة بسرعة البرق.
واصل شينسي شرحه، وكأنه يفرغ عبئاً طالما حمله وحده: "وبهاتين القدرتين معاً، إذا تم قطع رأسي، يمكنني استخدام قدرة التأجيل لتأجيل الموت نفسه مؤقتاً، ثم عند سداد 'دين' الإصابة، أستخدم قدرة التخفيض لتحويل قطع الرأس إلى مجرد جرح سطحي صغير. كلتا القدرتين تعتمدان بشكل كبير على مقدار التشاكرا وقوة العينين لدى المستخدم. أنت تمتلك شيئاً مشابهاً، على ما أعتقد. قدرت عيني... ليست سيئة، أليس كذلك؟" قالها بمزيج من الفخر المرير والاستسلام لمصيرٍ قاس.
بعد أن انتهى شينسي، ساد الصمت مرة أخرى. كان كوروتو يحلل المعلومات بتركيز عالٍ، عيناه الأجوفتان مثل ثقب من الظلام. أخيراً، تحدث بصوته الهادئ والعميق: "هل تعلم يا شينسي كيف تُخلَق قدرة المانجيكيو شارينغان الفريدة؟ كيف تتشكل هذه القوى التي تتحدى المنطق؟"
تفاجأ شينسي بالسؤال، وظهرت على وجهه سحابة من الحيرة الصادقة. "أليس ذلك عشوائياً؟ كل مستخدم يمتلك شيئاً مختلفاً."
أجابه كوروتو بضحكة مكتومة مليئة بالمعرفة والتفاصيل التي لا يعرفها إلا القلة. "هاهاهاها... إنه أبعد من العشوائية يا شينسي... أبعد بكثير." توقف قليلاً، منتقياً كلماته بعناية. "قدرة المانجيكيو شارينغان تولد من رحم المشاعر البشرية المضطربة، من اليأس والألم والرغبات المحطمة التي تتجاوز حدود التحمل. وهي تختلف من شخص لآخر لأنها تنبع من الرغبة الداخلية العميقة لذلك الشخص في اللحظة بالضبط التي يوقظ فيها العينين."
نظر كوروتو إلى شينسي مباشرة، وكلماته كانت ثقيلة ومباشرة. "أنت، مثلاً، كنت تريد إرجاع ماكي، بأي طريقة، للحياة. لم ترد موتها، لم تستطع تقبل فكرة فقدانها إلى الأبد، حتى لو كان ذلك مؤقتاً أو بطريقة مشوهة. مهما كان الثمن. هذه الرغبة اليائسة هي التي شكلت قدراتك. ولكن، هناك قاعدة أخرى: كل قدرات المانجيكيو شارينغان غير الهجومية، خاصة تلك المتعلقة بالتحكم بالمصير أو الجسد، تتخصص في مستخدمها فقط. إنها انعكاس لمعاناته. وبهذا، ولدت قدراتك هذه. كل قدرات المانجيكيو... حقاً، إنها تقهرني. هاهاهاها..." ضحكته هذه المرة كانت تحمل إعجاباً مقروناً بفهم عميق لسخرية القدر.
سقطت كلمات كوروتو على شينسي كالصواعق. بعد صمت قصير، همس بصوت مكسور: "إذاً... هذه القدرة ولدت بسبب يأسي... بسبب رفضي لموتها. كما لو أن الحياة نفسها تسخر مني... تحول يأسى إلى أداة للبقاء على قيد الحياة بشكل مشوه." ثم استدار وأخرج من جيبه لفافة تخزين صغيرة، نظر إليها نظرة مليئة بالاشمئزاز والحزن. "حسناً... لقد أردت أن أعطيك جثة ماكي للحفاظ على حيويتها... لأعطيك إياها." رمى اللفافة نحو كوروتو. "من كان يظن أنني سأخزن جسد حبيبتي، الفتاة التي كانت تضحك وتحب الحياة، في لفافة تخزين كنت أخزن بها جثث أعدائي... يا لسخرية القدر القاسية."
أمسك كوروتو اللفافة بهدوء، لكن عينيه تعبران عن فهم عميق لهذا الألم. فتحها بحذر شديد، وظهر جسد ماكي سليماً كما لو كانت نائمة، محفوظاً بتقنية متقدمة. تأمل كوروتو إلى الحالة الخاصة بالجسم، محللاً كل تفاصيل بصمت. "همم... أنت على حق. القدر مخادع يا شينسي... يلعب بأقصى مشاعرنا." ثم رفع نظره، ونظر إلى شينسي بنظرة واعدة وجادة. "لكن الوعد وعد. في النهاية، سنراها تضحك وتتنفس من جديد. هذا وعدي لك. أنا لا أريد أن أرى شخصاً آخر في وضعيتك المحطمة هذه."
امتنان صامت ومشوب بالألم لاح في عيني شينسي. ثم انتقل إلى سؤال آخر يقلقه. "ما هي قدرة شيسوي؟ من الاجتماع، استنتجت أنه موقظ للمانجيكيو أيضاً."
ابتسم كوروتو، وكأنه يتوقع السؤال. "حسناً، بما أنك تسأل عن شيسوي، سأخبرك. شيسوي... شهد موت صديقه المقرب بشكل مأساوي خلال الحرب. العقل الرائع الذي كان دائماً منطقياً وجد نفسه غارقاً في موجة من الألم لا يمكن تحملها. أيقظ المانجيكيو شارينغان خاصته بسبب إرادته اليائسة لوهم نفسه، لإقناع ذاته بأن كل ما حدث كان مجرد كابوس رهيب، وهمٌ يمكنه التحكم به. وهكذا ولدت قدرته الفريدة."
أخذ كوروتو نفساً عميقاً قبل أن يكمل. "قدراته تسمى 'كوتو أماتسوكامي' (Koto Amatsukami). وهي قادرة على زرع أفكار وأوهام معقدة للغاية في عقل فرد، أو حتى مجموعة كاملة من الناس، طالما هم ضمن نطاق ما يراه. لكن القوة الكاملة لهذه القدرة تكمن في عينيه الاثنتين معاً، وهذا ما يميزه عنكم. مع ذلك، لقدرته هذه سلبية هائلة: كل مرة يستخدمها بشكل كامل، تدخل عيناه في فترة سبات قسري مدتها خمس سنوات قبل أن يتمكن من استخدام المانجيكيو مرة أخرى."
انتفض شينسي مندهشاً. "هذا... إنه غش ببساطة! قوة بهذا المستوى تستخدم مرتين حتى..."
أكد كوروتو بجدية. "نعم. هذا هو الواقع. القوة دائماً ما تأتي بثمن، وثمن قوته هو الوقت نفسه." ثم حول انتباهه مرة أخرى إلى جثة ماكي التي وضعها على طاولة قريبة. بعد تفحص دقيق، قال وهو يهز رأسه قليلاً، "لكي أحافظ على حيوية الخلايا وأنظم طاقتها للعملية المستقبلية، يجب عليّ، كل ليلتين، أن أطعم الجثة 20 قطرة من دمائي. سيكون هذا مرهقاً بعض الشيء، لكنه ضروري."
سأله شينسي بقلق: "ألا يمكنك فقط أن تنتظر حتى يحين الوقت المناسب وتحييها بسهولة؟ لماذا هذا العناء الآن؟"
أجابه كوروتو بنبرة ساخرة أولاً: "هذه إذا أردتها مشوهة ومليئة بالتشوهات والعيوب ~"، ثم تابع بجدية مطلقة، "لا. الاستعجال هنا سيدمر كل شيء. واستمع إلي جيداً، شينسي: لا تستخدم قوة المانجيكيو إلا للضرورة القصوى. كل استخدام، حتى الصغير منه، يقربك خطوة أخرى من العمى الدائم. يحترق نور عينيك مع كل ومضة." ثم أضاف بشيء من الأمل، "أما عن طريقة لتجنب هذا الثمن أو التخفيف منه... فهي ليست متوفرة لدي الآن. لكني أعدك أنني سأوفر حلاً مستقبلياً. لا تقلق كثيراً."
أدار شينسي ظهره وهو يستعد للمغادرة، متمتماً بصوتٍ خافتٍ يحمل شيئاً من الدهشة والإعجاب غير المعلن: "يليق بك أن تكون الزعيم الغامض... فمعلوماتك غير منطقية حقاً... وكأنك تعرف أسرار العالم نفسه." ثم التفت قليلاً وهو على عتبة الباب. "أرجوك... اعتني بها جيداً." وأخيراً، "لنلتقي بعد أسبوع من اليوم للعملية يا زعيم."
مع مغادرة شينسي، ساد الهدوء المكان مرة أخرى. جلس كوروتو وحيداً، ليسقط في بحر من التأمل والتحليل الداخلي. جلسته كانت واثقة، لكن عقله كان يعمل بلا توقف.
'وضعي الحالي معقد... لدي خبرة قتالية هائلة، خبرة تتزاوج بل وتتفوق على معظم البشر في هذا العالم. لدي ذكريات ليس فقط من هنا، ولكن من عوالم أخرى... ذكريات عن علم الفيزياء المتقدم، والأحياء الدقيقة، من حياتي السابقة في عالم ون بيس. بل وحتى معلومات عن علم الفضاء والنظريات الكونية التي لا يمكن أن تكون معروفة هنا.'
توقف عن تسلسل أفكاره للحظة، محاولاً فهم هذه المفارقة. 'لا أعرف لماذا... لكنني في حياتي الأولى، حياتي الحقيقية على الأرض، لم أكن محباً للدراسة أو العلوم إلى هذا الحد. فكيف لي أن أملك الآن هذا الشغف المعرفي الهائل، هذه الرغبة الملحة في فك شفرات الكون؟ كل هذه المعرفة التي أحملها... أنا متأكد أنها ستتزاوج وتتكامل مع علم هذا العالم، وستفتح آفاقاً لم يخطر على بال أحد.'
نظر من النافذة إلى النجوم المتلألئة. 'يبدو لي أن حل لغز هذه الذكريات المتضاربة، وفهم مصدرها الحقيقي، هو مفتاح مهم لخطتي القادمة. يجب علي حل هذه المشكلة قبل أن تقودني إلى حافة الجنون.'
ثم انتقل إلى هم آخر، أكثر إلحاحاً. 'كما يجب علي إيجاد طريقة لإنشاء مخبأ، ملاذ، يمكنه التهرب من قدرة الزيتسو (Zetsu) على التعقب البيئي. تلك القدرة التي تجعله يتحسس أي اضطراب في الطبيعة، أي وجود غريب... هذا الأمر وحده يكفي لأن يصيبني بالصداع حقاً. كيف يمكنني الاختباء من عيون الأرض نفسها؟'
---
في قاعدة الجذور :
في عمق أحد الملاذ السرية تحت كونوها، بعيداً عن أعين الشمس والناس، جلس دانزو على كرسيه، عصاه بجانبه. الغرفة كانت مظلمة إلا من شمعة واحدة تلمع على طاولته المليئة بالخرائط والتقارير.
أمامه، وقف أحد أعضاء الجذور الأكثر ولاءً، ينقل تقارير الاستخبارات الأخيرة. دانزو لم يتحرك كثيراً، لكن عينيه الواحدة كانتا تقرآن كل سطر وكأنه خريطة لمعركة قادمة.
"لقد هاجموا نقطتنا في البلد الناري." قال العضو بصوت خافت. "كانت الضربات سريعة ودقيقة. إنها منظمة 'D' بلا شك. أسلوبهم لا يحتمل الخطأ."
دانزو لم يبدُ منزعجاً. بل كانت زاوية فمه ترتفع قليلاً في شيء يشبه الابتسامة الباردة. "همم... كما توقعت. هزيمتهم الأخيرة لم تكن سوى استراحة مؤقتة. جروحهم لم تلتئم بعد، وغضبهم سيدفعهم للتحرك بسرعة وبغباء."
وضع إصبعه على نقطة محددة على الخريطة. "سيهاجمون مرة أخرى. هذا الأسبوع. إنهم يعتقدون أننا لا نزال نرتجف من ضربتهم السابقة. سيتوقعون أن نكون في وضعية الدفاع."
ثم أضاف بنبرة أكثر قتامة وتخطيطاً، "ولهذا... سنجعل هجومهم هذا هو فخهم الأخير. ولكن، لن نضيع الفرصة. الاضطراب الذي سيحدثه هجوم 'D' سيوفر غطاءً مثالياً لتحريك خططنا الأخرى."
التقط تقريراً آخر يحمل شارة عشيرة الأوتشيها. "في خضم الفوضى، بينما سينشغل الجميع بالدفاع عن القرية من الهجوم الخارجي، ستضيع بعض الأرواح... حتي لو كانت من أقوى العشائر. حادثة مؤسفة خلال المعركة، لا أكثر."
نظر إلى تابعه مباشرة، عينه الواحدة تلمع بنية قاتلة. "جهز فريقنا الخاص. سينفذون المهمة عندما أعطي الإشارة. يجب أن تكون الضربات سريعة ونظيفة، وأن تُنسب بشكل طبيعي إلى هجوم 'D'. لا مجال للخطأ."
كانت الخطة تتسع في رأسه مثل شبكة عنكبوت مظلمة. استخدام هجوم العدو كستارة دخان لتصفية خصومه الداخليين، وإضعاف عشيرة الأوتشيها في نفس الوقت الذي يدافع فيه عن القرية، مما يزيد من مكانته ونفوذه. لقد كانت لعبة شطراج معقدة، وكان دانزو يعتقد أنه يتحكم في كل قطعة على الرقعة.
أخيراً، همس لنفسه وهو ينظر إلى لهب الشمعة يتمايل، "الضعفاء يموتون، والأقوياء يبقون. هذه هي قوانين العالم الحقيقية. وكونوها... يجب أن تتعلم هذه الدرس مرة أخرى." الظل الذي يلقيه على الحائط كان كبيراً ومشوهاً، مثل طموحاته التي لا تعرف الحدود. الليلة كانت هادئة، لكن عاصفةً أخرى كانت تتجمع في الأفق.