الفصل الثاني والعشرون: النتائج السياسية للعملية .

بعد ساعتين مما حدث ومع اول خيوط الشمس التي اخترقت أفق كونوها، بدا وكأن القرية تستيقظ على جثة حرب لم تحدث بعد. لم يكن الدمار المادي هو الأكثر إثارة للصدمة، بل الصمت المشؤوم الذي خيم على الشوارع، والهمسات المكبوتة التي تنتقل كالنار في الهشيم. لقد اخترقت حرمة القرية، وتلك صفعة لم يسبق لها مثيل منذ هجوم الثعلب ذي الذيول التسعة.

في قاعة الاجتماعات السرية بمبنى الهوكاجي، كان الجو أكثر كثافة من ضباب الصباح البارد. جلس ساروتوبي هيروزن، الهوكاجي الثالث، على رأس الطاولة الطويلة، وجهه المُحفور بالتجارب والعمر يعكس ثقلاً لم تشهده الأيام حتى في أحلك فترات الحرب. إلى يمينه جلس مستشاراه المخلصان، هوميرا وكوهو. وإلى يساره، جلس شيوخ العشائر الكبرى بوجوهٍ كالحّة: هاياتشي هيوجا، إنشيكي ياماناكا، تشوجي أكيميتشي، وشيكاكو نارا. لكن المقعد الأكثر إثارة للاهتمام كان ذلك المُخصّص لعشيرة الأوتشيها، حيث جلس فوجاكو أوتشيها، لكن عينيه كانتا مغلقتين بإحكام تحت ضمادات بيضاء، وقد فقد بصره مؤخراً في مناوشة غامضة. إلى جانبه وقف ابنه الأصغر، ساسوكي، كدليل له وكرمز صامت على ضعف العشيرة الذي لم يعد من الممكن إخفاؤه.

وفي زاوية مظلمة، متكئاً على عصاه، جلس دانزو شيمورا، كالنسر الجريح الذي يتربص بفرصته. لكن هيئته لم تكن هيئة الرجل المُهزوم؛ بل كانت تنضح بغضب مكبوت وبرود قاتل.

لم يكن هناك وقت للبروتوكولات المعتادة. افتتح الهوكاجي الاجتماع بصوته الأجش الذي يحمل ثقل القرارات المصيرية:

"لقد تعرضت قرينتنا لهجوم جبان الليلة الماضية.هجوم استهدف ليس فقط أمننا، بل استهدف نواة قوتنا ونخبة عناصرنا." نظر مباشرة إلى دانزو. "قاعدة 'الجذور' الخاصة بك، دانزو، دُمّرت بالكامل. والعنصر الوحيد الناجي... هو من عشيرة الأوتشيها."

أنصت الجميع باهتمام. دانزو لم يبدُ منزعجاً. "إنه دليل إضافي على خيانة العشيرة، هاسيرو-ساما. الأوتشيها هم من خططوا ونفذوا."

هنا، قاطع فوجاكو بصوته الهادئ لكن الحازم، رغم عماه: "احترس من لسانك، شيمورا. ابني، إيتاشي، هو قائد في فرقة الإنبو التابعة مباشرة للهوكاجي. وهو على مهمة سرية خارج القرية بتكليف من الهوكاجي نفسه. يمكنك التحقق من سجلات المهام." ثم أدار وجهه الأعمى نحو الهوكاجي. "هاسيرو-ساما، مهمة إيتاشي كانت مرسومة منذ أسبوع. هل يمكن أن تكون هذه مصادفة؟ أن يهاجم الخونة في اللحظة الوحيدة التي يكون فيها ابني، أحد أقوى عناصر القرية، خارج أسوارها؟"

كانت الضربة ذكية. لقد جعل الهوكاجي نفسه في موقف المدافع عن الأوتشيها.

تدخل شيكاكو نارا، معبراً عن الشك الذي يجول في خلد الجميع: "وأين شيسوي؟ قائد فرقة الإنبو السريعة؟ وأين شينسي؟ حتى في حالته... النفسية... كان من المفترض أن يكون ضمن دوريات الأمن الداخلي الليلة."

مرة أخرى، أجاب فوجاكو ببرودة: "شيسوي كان على رأس 'مهمة-أ' في أرض العشب. تم إرسال التقارير عبر الطيور السريعة قبل ساعات تؤكد وصوله ومباشرته للمهمة. أما شينسي..." توقف قليلاً، وسمع الحاضرون تنهداً حزيناً. "أمه، زوجة أخي، كانت على وشك الموت. كانت آخر رغبة لها أن يكون بجانبها. التقارير الطبية موجودة. هل نحن الآن نستهدف حتى حزن عائلة على فقدان عزيزتها؟"

كانت الأكاذيب مثالية، منسوجة بخيوط من الذهب والحقيقة، مستفيدة من ثغرات النظام نفسه.

ثم أُدخل الشاهد الوحيد. كان شاباً من عشيرة الأوتشيها، يدعى تاكاشي، يبدو عليه الذهول والارتباك. بدأ يحكي بشيء من التلعثم عن هيكل عظمي ناري عملاق، ولهب أسود يلتهم كل شيء، وظلال تتحرك بسرعة خاطفة.

دانزو قفز على الرواية: "أرأيتم؟! السوسانوو! لا يمتلكه سوى الأوتشيها ! "

لكن الهوكاجي رفع يده طالباً الصمت. نظر إلى الشاب. "تاكاشي، ماذا حدث بعد ذلك؟ كيف نجوت؟"

حاول تاكاشي التذكر، لكن وجهه تشوّه بالألم. "لا... لا أتذكر. كان هناك... ضوء أحمر... في عينيّ أحدهم... ثم لا شيء." كان قد تعرض لتقنية قوية في التلاعب بالعقل، أبقت على الذكريات الأساسية لكنها شوّهت التفاصيل الحاسمة وجعلتها غير موثوقة.

هنا، استغل الهوكاجي الفرصة. "هجوم منسق، بشهادة مشوشة، وفي توقيت يخلو من أقوى مدافعي القرية." نظر إلى دانزو نظرة حاسمة. "دانزو، لطالما عملت 'الجذور' في الظل، بعيداً عن سلطتي المباشرة. والآن، ها هي ثمار ذلك العمل السري. لقد أصبحت هدفاً، وجرّت القرية إلى دوامة من العنف. حتى تثبت العكس، وحتى ينتهي التحقيق، سيتم حلّ قوات 'الجذور' رسمياً. سيتم دمج النخبة منهم في فرق الإنبو النظامية تحت إشرافي المباشر، وسيتم إعادة تأهيل الباقين."

كانت ضربة قاضية لدانزو. لقد خسر جيشه السري في ليلة واحدة.

من على بعد ميل كامل، مختبئاً في أعلى شجرة الصنوبر العملاقة التي تطل على القرية، كان كوروتو يسمع كل شيء . أذنه، الحساسة لأدنى الذبذبات، التقطت كل همسة في تلك القاعة. ابتسم ابتسامة خفيفة. كل شيء يسير وفق المخطط.

لم يكن بحاجة لتهديد دانزو. الهزيمة الاجتماعية والسياسية التي تعرض لها كانت أقسى من أي تهديد جسدي.

بينما كان الشيوخ يتجادلون حول تعزيزات الأمن وتوزيع المهام، كان عقل كوروتو يتجه نحو الهدف التالي: كارين أوزوماكي. الفتاة المهمشة في قرية العشب ، ذات الدم النادر والقدرات الفريدة. كانت بحاجة إليه، وهو كان بحاجة إلى إمكاناتها غير المستغلة.

"كارين..." همس في الريح. "اللعبة الحقيقية على وشك أن تبدأ."

مع انفضاض الاجتماع بلا قرارات حاسمة سوى إضعاف دانزو وتعزيز دور الهوكاجي، اختفى كوروتو في الظلال، متجهًا نحو مغامرة جديدة، تاركاً وراءه قريةً ممزقة بالشك، ورجلاً أعمى يقود عشيرة على حافة الهاوية، وطاغية مهزوماً ينتظر لحظة انقضاضه.

---

المؤلف : هنشر فصل كمان باليل .

طاب يومكم أيها القراء الأعزاء d=(^o^)=b .

2025/09/17 · 38 مشاهدة · 805 كلمة
راكاشا
نادي الروايات - 2025