الفصل الثالث والعشرون: انضمام بقايا الأوزوماكي (1)

انزلقت ظلال الليل الطويلة على غابات بلد النار، حاملةً معها برودةً حادة تخترق حتى أسمك الملابس. كان الهواء ساكنًا، مشبعًا برائحة الأرض الرطبة وأوراق الصنوبر المتعفنة. في هذا الصمت المطبق، كان كوروتو يتحرك كشبحٍ حقيقي، كفكرةٍ عابرة في ذهن الغابة. قدماه لا تصدران أي صوت على الأغصان المتشابكة الممتدة كأصابع هيكلية، وجسده الممشوق مندمجًا تمامًا مع سواد الليل، حتى أن أعين البوم الحادة كانت لتمر عليه دون أن تلاحظه. الهاكي الملكي خاصته، تلك القوة غير المرئية، كانت منتشرة حوله مثل شبكة عنكبوتية من الحرير الخفي، تمتد لتلمس كل حشرة، كل ورقة شجرة تهتز، كل نفسٍ لحيوانٍ صغير يرتجف في جحره ضمن دائرة نصف قطرها مئات الأمتار. لم يكن يرى بعينيه، بل كان يرى بكيان العالم من حوله.

"في أي اتجاه يا بيكو؟" سأل كوروتو بصوتٍ لم يكن أعلى من حفيف الريح.

صوت الطائر الصغير الجاثم على كتفه، والذي كان يبدو كقطعة منحوتة من الظلام نفسه، أجاب فورًا بوضوح تغلغل في عقله مباشرةً: "الشمال الشرقي. قرية العشب المخفية أمامنا مباشرة، لكنها محمية بطبقات من الأوهام القوية والمعقدة. لا أستطيع رؤية بنيتها الحقيقية، لكني أستشعر تدفق التشاكرا المتعرج تحت الأرض. يشبه أنهارًا خفية. إنهم يستخدمون تقنيات أوتشيها قديمة، لكنها معدلة ومختلطة بأسلوبهم الخاص في الفوينجتسو. إنها فوضوية... ويائسة."

ابتسامة خفيفة وغير مرئية تشكلت تحت قناع كوروتو. "مثير للاهتمام. يبدو أن حتى القرى الصغيرة التي تعيش على هامش التاريخ تخبئ أسرارها وأنيابها."

كانت رحلته إلى قرية العشب المخفية اختبارًا حقيقيًا لمهاراته التي صقلها لسنوات. لم يكن الطريق مجرد مسافة جغرافية تقطعها الأقدام، بل كان متاهة من الأوهام والمصائد القاتلة، مصممة لردع أي متسلل، مهما بلغت قوته. لقد مر عبر غابات مسحورة حيث كانت الأشجار تغير مواقعها باستمرار، في محاولة لإفقاده الإحساس بالاتجاه ودفعه نحو أفخاخ مميتة. كان يشعر بالتشاكرا وهي تعيد تشكيل الواقع من حوله، لكن الهاكي الخاص به كان بمثابة بوصلة لا تخطئ، ترشده عبر الحقيقة الثابتة خلف الوهم. عبر فوق أنهار تنبعث منها أبخرة سامة، وقد تبخرت قطرات منها بصوت هسهسة حادة عندما سقطت عن طريق الخطأ على جلده المغطى بالهاكي، وتسلق جبالًا شفافة تمامًا، لا يمكن رؤيتها إلا بالعين الثالثة أو بحاسة تشاكرا متطورة.

في إحدى اللحظات، بينما كان يمر عبر سهل عشبي هادئ تحت ضوء القمر، توقف فجأة، وتجمد جسده في مكانه. "أختام تشاكرا على بعد عشرين مترًا. متطورة جدًا ومترابطة."

"إنه حقل ألغام من الأختام، فخ انتحاري،" أكد بيكو، ونفش ريشه بتحذير. "إذا لمسها شخص غير مصرح له، أو حتى تغير ضغط الهواء حولها بشكل مفاجئ، ستطلق سيلًا من آلاف إبر التشاكرا السامة في كل الاتجاهات. لا مفر منها."

أغمض كوروتو عينيه وكأنه يستمع إلى لحن خفي. رفع يده ببطء، وبدأ الهاكي الملكي يتدفق منه كموجات دائرية هادئة وقوية. لم تكن موجات عنف أو ترهيب، بل كانت همسًا، إيحاءً للسلطة المطلقة. "أنا لا أحتاج إلى المرور من حولها أو إبطالها. أستطيع أن أجعلها تنسى سبب وجودها."

بهدوء وثقة، مشى مباشرة عبر منطقة الأختام. مرت قدماه فوق الرموز غير المرئية التي كانت تنبض بالنية القاتلة. لم تتحرك. لم تنفجر. لقد أقنعها بعدم وجوده، بل أقنعها أنها لم تكن هناك أبدًا. لقد فرض إرادته على التشاكرا نفسها، فخضعت له.

بعد ساعات من التسلل المتقن، وصل أخيرًا إلى قلب قرية العشب المخفية. لم تكن مثل كونوها الصاخبة المليئة بالحياة، بل كانت قرية هادئة بشكل مقلق، مبانيها متواضعة ومتقاربة، مغطاة بالطحالب وكأنها تحاول الاختباء من العالم. شوارعها كانت ضيقة ومعتمة، والفوانيس القليلة تلقي بظلال طويلة ومرعبة. لكن تحت هذه الواجهة المتواضعة، كان كوروتو يشعر بما هو أعمق: تيارات من التشاكرا الشريرة، والجشعة، واليائسة. كان يشعر بألم مكبوت يصرخ في صمت.

"هناك. المبنى ذو السقف المنحدر في نهاية هذا الزقاق. إنه يشع ألمًا... ألمًا حيًا." قال بيكو وهو يرفرف بقلق على كتفه، مستشعرًا المعاناة المركزة.

اتجه كوروتو نحو مبنى منعزل في زاوية القرية. كان يشبه السجن أكثر من كونه منزلًا. النوافذ مسدودة بألواح خشبية سميكة، والباب مغلق بقفل حديدي ضخم وثقيل صدئ من الإهمال.

بدون أن يلمس القفل، نظر إليه كوروتو عبر عصابته البيضاء وهمس بكلمة واحدة: "انكسر."

بصوت طقطقة خافتة وحادة، انشق المعدن الصلب للقفل إلى نصفين وسقط على الأرض دون ضجة. دخل إلى الداخل.

المشهد الذي رآه كان مؤلمًا بشكل يفوق ما استشعره. في الزاوية، على سرير خشبي متكسر وبالٍ، كانت كارين، طفلة لم تتجاوز الثامنة من عمرها بشعرها الأحمر الناري الذي بدا باهتًا في هذا الظلام، تجلس بجانب أمها التي تحتضر.

الأم، أوزوماكي ميوكو، كانت بالكاد تشبه البشر. لقد تحولت إلى هيكل عظمي بشري مغطى بجلد شاحب ومترهل. عيناها غائرتان في محجريهما، وفمها مفتوح قليلًا وهي تلهث بحثًا عن هواء لا يبدو أنه يصل إلى رئتيها. تنفسها كان متقطعًا وضعيفًا. لكن الأسوأ كان تدفق التشاكرا الذي يتم سحبه منها باستمرار، كأن حياتها نفسها تُستنزف عبر أنابيب بدائية متصلة بجسدها وتؤدي إلى ثقب في الجدار.

"أمي، تمسكي. أرجوكِ تمسكي قليلًا فقط." كانت كارين تبكي بصمت، ودموعها الساخنة تسقط على يد أمها الهزيلة والباردة بينما تضغط عليها بيديها الصغيرتين.

"كارين... يا بنيتي..." همست الأم بصوت بالكاد مسموع، مجرد حشرجة يائسة. "أنتِ... يجب أن تهربي من هنا. اذهبي... ابحثي عن مكان آمن... أرجوكِ."

"لا! لن أتركك أبدًا!" احتضنتها كارين بقوة يائسة. "إذا رحلتِ، سيأخذونني بعدك. أعرف ذلك. سمعتهم يقولون أن دمنا علاج. أننا مجرد أدوات! أنا لن أكون أداتهم!"

في تلك اللحظة، سمعوا صوت خطوات ثقيلة خارج الباب. انفتح الباب بعنف ليدخل رجلان يرتديان زيّ حراس قرية العشب، لكن نظراتهما كانت قاسية وجشعة كصقور تحوم فوق فريسة.

"حان الوقت للجرعة التالية، ميوكو. القائد أصيب في مهمة. وهو يحتاج إلى علاجك الفوري." قال أحدهم بفظاظة وهو يهم بفصل الأنابيب المتصلة بالجدار ليربطها بجهاز سحب مباشر.

"لا! أرجوكم! انظروا إليها!" توسلت كارين ووقفت بشجاعة بين الحراس وأمها. "هي تحتضر! أي تشاكرا إضافية ستقتلها حتمًا!"

دفعها الحارس الأول بعيدًا بظهر يده، فسقطت على الأرض. "اصمتي أيتها الطفلة! حياة والدتك لا تساوي شيئًا مقارنة بخدمتها لقريتنا وللقائد."

بينما كان الحارس الآخر يربط حزامًا جلديًا حول ذراع ميوكي ليسحب التشاكرا بقوة أكبر وأسرع، تدخلت كارين بدافع اليأس المطلق. قفزت وعضت يد الحارس الأول بكل ما أوتيت من قوة.

"أيتها الفتاة القذرة!" صرخ الحارس من الألم والمفاجأة، وقبل أن يفكر، أدار يده وصفعها بقسوة على وجهها، مسقطًا إياها بعنف على الأرض.

من على الأرض، والدوار يغشى بصرها وطعم الدم في فمها، نظرت كارين إلى أمها. رأت عينيها الجميلتين، اللتين كانتا يومًا ما تشعان بالحياة، تفقدان بريقهما الأخير. رأت حياتها تُسحب منها قطرة بعد قطرة. وشعرت بغيوم سوداء من اليأس المطلق تغطي روحها الصغيرة. لماذا؟ لماذا ولدت بهذه القوة الملعونة إذا كان مصيرها أن تكون مجرد أداة؟ أن تعيش في قفص؟ أن تشهد موت أمها بهذه الطريقة البشعة دون أن تستطيع فعل شيء؟

في هذه اللحظة بالضبط، عندما كان اليأس على وشك أن يغمرها تمامًا ويطفئ آخر شعلة في روحها، سمعوا صوتًا هادئًا وقويًا في نفس الوقت، يأتي من المدخل.

"أعتقد أن هذا يكفي."

وقف كوروتو هناك، وقد أزال كل أساليب التخفي. لم يكن يرتدي قناعه. شعره الأسود الطويل ينساب على كتفيه، وعصابته البيضاء تغطي عينيه الأجوفتين. لم يكن يبدو غاضبًا أو حتى متعاطفًا، بل كان يبدو كقاضٍ أتى من عالم آخر ليصدر حكمه النهائي. كان حضوره يملأ الغرفة بثقل لا يطاق.

الحارسان استدارا فجأة، مذهولين ومصدومين. "من أنت؟! كيف بحق الجحيم دخلت إلى هنا؟" صرخ أحدهما وهو يضع يده على مقبض سيفه.

تجاهل كوروتو سؤالهما تمامًا، وكأنهما غير موجودين. "لقد حاولت أن أفهم. حاولت جاهدًا أن أجد سببًا منطقيًا لوجود مثل هذه القسوة في عالم البشر." تقدم خطوة إلى الداخل، وصوت خطوته كان الصوت الوحيد في الغرفة. "لكن في النهاية، أدركت أن بعض الأفعال لا تحتاج إلى فهم، بل إلى إيقاف. هناك خط لا يمكن تجاوزه."

رفع يده اليمنى ببطء. "وأنتما... تجاوزتما هذا الخط بمسافة كبيرة."

قبل أن يتمكنا حتى من سحب أسلحتهما، تحرك كوروتو بسرعة غير مرئية. لم يكن مجرد سرعة، بل كان أشبه بانتقال آني. ضربتان سريعتان وهادئتان، واحدة على مؤخرة عنق كل حارس. سقط الحارسان على الأرض فاقدي الوعي قبل أن يدركا حتى أنهما هوجما.

التفت كوروتو نحو كارين وأمها. مشى ببطء نحو السرير. كانت كارين ترتعش، ممزقة بين الخوف من هذا الغريب القوي بشكل مرعب، والأمل الذي أضاء فجأة في قلبها. لكنها وقفت بغريزتها لتحمي أمها.

"من... من أنت؟" همست بصوت مرتجف، لكنه كان يحمل تحديًا.

توقف كوروتو على بعد خطوات منهما. أزال عصابته البيضاء ببطء، كاشفًا عن عينيه المجوفتين تمامًا. كان المشهد صادمًا، لكنه بطريقة ما، لم يكن مخيفًا. كان يبعث على نوع غريب من الثقة، وكأنه يقول "ليس لدي ما أخفيه".

"اسمي كوروتو. وأنا هنا لأنني أعتقد أن العالم يمكن أن يكون أفضل من هذا." نظر في اتجاه الأم التي كانت أنفاسها الأخيرة تتلاشى. "وأعتقد أنكما تستحقان فرصة حقيقية لرؤية هذا العالم الأفضل."

نزل على ركبتيه ليكون على مستوى نظر كارين، ليتحدث معها كشخص مساوٍ لها، وليس كطفلة. على وجهه الذي كان جامدًا كالصخر، للمرة الأولى منذ وقت طويل، ظهرت لمحة من التعاطف الحقيقي والعميق.

"أخبريني، يا كارين أوزوماكي... هل تريدين أن تري أمك تتعافى؟ هل تريدين أن تكون لكما حياة لا تكونان فيها مجرد أدوات تُستنزف حتى الموت؟"

نظرت كارين إلى هذا الغريب الأعمى ذي القوة المطلقة، ثم إلى أمها التي كانت على حافة الموت، ثم إلى عينيه المجوفتين مرة أخرى. في عمق ذلك الفراغ، لم ترَ الشفقة التي كرهتها طوال حياتها، بل رأت شيئًا نادرًا وثمينًا: الاحترام.

نظرت إليه، ودموعها تجف على خديها، وبصوت ثابت وقوي لأول مرة، همست: "نعم... أريد."

----------

المؤلف : أمل أن يعجبكم الفصل (^-^) .

عدلت على عنوان الرواية لكي أجعلها أكثر جاذبية من: هيوغا لعنة الهاكي إلى اخ نيجي هيوغا بلعنة الهاكي . إذا كان عندكم اي اقتراح لتغير العنوان فقولوه .

اتمنى لكم ليلة مريحة.

2025/09/17 · 38 مشاهدة · 1508 كلمة
راكاشا
نادي الروايات - 2025