الفصل السابع والعشرون: زابوزا وهاكو {1}
تمركز كوروتو في زاوية مظلمة من سوق قرية الضباب، متخفيًا في هيئة بائع أعمى وضيع. كانت الأيام السبعة التي قضاها في المراقبة تمط مطًا رتيبًا، كل يوم يشبه الذي يسبقه. الرطوبة تتسلل إلى عظامه، وهمسات الناس تصب في أذنيه كالنهر الجاري، لكن القطع الأكثر أهمية في أحجية الصورة الكبيرة كانت تتهرب منه.
كان يبيع أعشابًا طبية بسيطة وأواني فخارية رخيصة، صوته منخفضًا ومحايدًا عندما يتحدث مع الزبائن القلائل. عيناه، خلف العصبة البيضاء، لم تكونا معطلتين، بل كانتا نافذتين إلى عالم آخر - عالم تدفقات الطاقة، ونبضات الحياة، ونوايا القلوب. الهاكي كان يمتد حوله مثل شبكة عنكبوتية غير مرئية، يلمس كل شيء.
رأى - أو شعر بـ - حراس القرية وهم يتناوبون على الدوريات، انضباطهم صارم لكن غير متطرف. رأى المواطنين وهم يعيشون حياتهم في حالة من اليقظة الحذرة، لكن ليس الخوف الذليل الذي يتولد تحت حكم طاغية. وشعر، الأهم من كل شيء، بغياب شبه تام لذلك الظل الثقيل، ذلك الشعور بالشر المنظم الذي كان يتذكره من عالم آخر. لم يكن هناك أثر للأكاتسوكي هنا، أو لأي قوة خفية أخرى تتحكم بخيوط الدمى.
"تيرومي مي... امرأة قوية"، همس أحد زبائنه القدامى، رجل عجوز كان يأتي يوميًا ليتحدث مع "البائع الأعمى" الذي يستمع جيدًا. "قبضتها حديدية، لكنها عادلة. والأهم... أنها منعت القرية من الانزلاق إلى الفوضى بعد تنحي السابق."
كوروتو أومأ برأسه، يداه تعملان على لف الأعشاب ببطء. "والميزوكاجي السابق... لم يعد أحد يذكره؟"
الرجل العجوز خفض صوته. "يتجنبون اسمه. يقولون إنه تنحى طواعية ليهتم بأمور شخصية، لكن... هناك من همس بأنه كان يبحث عن قوة أكبر، قوة أسطورية ما. غادر فجأة، تاركًا الفراغ الذي ملأته تيرومي."
قوة أكبر؟ فكر كوروتو. هل كان يبحث عن البيجو؟ عن السيطرة على وحش؟ هذا لا يتطابق مع أي شيء أعرفه.
في اليوم السادس، وبينما كان "يحدق" في أمواج البحر الرمادية من على رصيف مهجور، جاءته القطعة الأخيرة من الأحجية. مجموعة من النينجا الشباب كانوا يتدربون على الرصيف البعيد، يتنافسون في الرمي بدقة. أحدهم، أكثرهم تباهيًا، قال لرفيقه:
"على الأقل نحن أفضل من ذلك الفاشل، زابوزا."
ضحك الآخر."من؟"
"زابوزا موموتشيكي!السيف السابق للضباب. الذي حاول التمرد وحيدًا مثل أحمق. سمعت أنه هرب إلى البراري بين حدود أرض الأمواج وأرض الجليد. يعيش مثل حيوان متوحش، أو ربما مات."
لم يظهر كوروتو أي رد فعل، لكن عقله كان يعمل بسرعة البرق. البراري بين أرض الأمواج وأرض الجليد. كانت هذه البقعة الجغرافية محددة بما فيه الكفاية.
في صباح اليوم الثامن، اختفى البائع الأعمى من قرية الضباب كما لو لم يكن موجودًا أبدًا. كوروتو كان في طريقه إلى الحدود البرية القاسية.
---
المنطقة الحدودية بين أرض الأمواج وأرض الجليد كانت قاحلة ووعرة، تهب فيها رياح قارصة تحمل معها ذرات من الجليد والغبار. الصخور السوداء الحادة كانت تشق طريقها نحو سماء رمادية دائمة.
هنا، كان كوروتو بحاجة إلى أكثر من التخفي. كان بحاجة إلى أن يصبح جزءًا من الصخور، من الرياح. أغلق جميع حواسه و نشط الهاكي، مطلقًا العنان لهاكي الملاحظة إلى أقصى مداها. أصبح العالم من حوله خريطة من تدفقات الطاقة، من النبضات الحية.
وبعد يومين من البحث المضني، وجدهما.
على حافة وادٍ عميق، حيث تكافح بعض الشجيرات القزمة من أجل البقاء، كان هناك مخيم بدائي. نار صغيرة، وجلود حيوانات ممتدة لتجف، ورجل كبير يتحرك بثقل لكن بدقة مطلقة.
زابوزا موموتشيكي. حتى من هذه المسافة، شعر كوروتو بهالة العنف المكتومة، الغضب القديم، والإحباط الذي تحول إلى صقلة حادة. كان يدرب فتىً صغيرًا.
الفتى، هاكو، كان هزيلاً، ملابسه ممزقة، لكن عينيه كانتا تحملان إصرارًا مذهلاً. كان يطلق إبرًا جليدية صغيرة تجاه أهداف مرسومة على الصخور. زابوزا كان يراقب، صارمًا، قاسيًا في نقده، لكن... كان هناك شيء آخر.
هنا، في عمق البرية، بعيدًا عن أعين المجتمع، شعر كوروتو بشيء لم يتوقعه: الدفء. ليس دفءً عاطفيًا صريحًا، بل تيار خفي من الالتزام. عندما كان هاكو يتعب، كان زابوزا يرمي له قطعة لحم مشوية أكبر من قطعه. عندما كان يرتجف من البرد، كان زابوزا يرمي له جلدًا إضافيًا دون كلمة. لم تكن رحمة، بل كانت استثمارًا. اعترافًا صامتًا بأن هذا الفتى هو كل ما تبقى له.
كان كوروتو يراقب من مسافة آمنة، مختبئًا بين الصخور، هاكه يمتص كل تفصيلة. سمع توبيخ زابوزا القاسي: "أضعف! أسرع! هل تريد أن تموت؟" لكنه سمع أيضًا، في لحظة نادرة عندما اعتقد زابوزا أنه وحيد، همسة خافتة: "يجب أن تصبح قويًا. أقوى مني."
وبينما كان يراقب هذا المشهد الغريب من الأبوة المشوهة، حدث شيء غريب.
في كهف مجاور، كهف لم يره أحد من قبل، شعر كوروتو باضطراب في نسيج الواقع نفسه. ظلٌّ مظلمٌ بدأ يتشكل، وعينان مفتوحتان في الفراغ. ثم سمع صوتًا، ليس بأذنيه، بل في عقله مباشرة، صوتًا باردًا ومتعبًا:
"لماذا تزعجني أثناء تأملي؟"
لم يكن كوروتو منزعجًا. كان فضوله هو المسيطر. قام بتركيز كل هاكي الملكي لديه، محاولًا تتبع مصدر هذا الاتصال الغريب.
رد الصوت الغليظ في رأسه، متجاهلاً سؤال الظل: "... قد شعرت به..."
ثم سمع رد الظل، بصوت مليء بالازدراء والضعف في آن واحد: "إذا هل أذهب؟"
رد الصوت الغليظ: "لا. ليس بعد. كما أنك لم تتقن ' وضع السينجتسو ' بعد. فتلك المخلوقات... تنفع معها ' وضع السينجتسو' أو .. ذلك الشيء. " توقف الصوت، كما لو كان يختبر كلماتٍ ما.
ثم استأنف الظل، وكأنه ينهي جدالاً قديمًا: "حسنًا. دعني أكمل تأملي. ونم. فأنت تقول لي أنني لن أستطيع استخدام ذلك على أي حال."
ثم انقطع الاتصال فجأة، كما لو أنه لم يكن أبدًا. الصمت عاد إلى الوديان، ولم يبق سوى صوت الرياح وهمسات زابوزا البعيدة وهو يدرب هاكو.
وقف كوروتو متجمدًا في مكانه. من كان ذلك؟ تلك "المخلوقات"؟ و " وضع السينجتسو "؟ كان الأمر يشير إلى قوة مختلفة ، قوة كانت تتأمل وتنتظر.
لكن في الوقت الحالي، كان لديه مهمة. لقد وجد هدفيه. ورأى فيهما ليس فقط أدوات محتملة، بل صدعًا آخر في لوحة هذا العالم المتغيرة، وزوجًا من النفوس الضالة، مثله تمامًا.
فكر كوروتو و هو يتأمل في كل من زابوزا و هاكو ' لكن هل هذين الكيانان سيكونون أعداء ام حلفاء؟ و ما هو هدفهم؟ وكيف يعرفون السينجتسو ، يفترض فقط على قلة قليلة أن يعرفو السينجتسو في هذا العالم و اقل من ما يمكن عدهم بيدي قد تعلموه . هاهاهاهاها ... و انا الذي ظنيت أنني ' المميز ' فقط في هذا العالم . '
-----------------
المؤلف: أراكم يوم الجمعة بإذن الله بالفصل 28 .
ولا تنسو دعواتكم مع اخواننا في فلسطين 🇵🇸 .
اتمنى لكم يوما مليء بالسرور و السعادة أيها القراء الأعزاء.