الفصل الرابع: صيد في المتاهة
أربعة أيام.
أربعة أيام تحولت فيها غابة بلد النار الكثيفة إلى متاهة شخصية من صنع كوروتو. لم تكن مجرد أشجار وصخور، بل أصبحت لوحة فنية رسمها بدم وصبر، ملعبًا للموت اختاره بعناية فائقة ليصطاد فيه صياديه. لم يكن يهرب، بل كان يستدرجهم، يقودهم كالخراف نحو المقصلة، خطوة بخطوة، نحو الظلام الذي أصبح بيته الوحيد.
فرقة "كوموغاكوري" للتعقب، التي كانت تتكون في الأصل من ستة من أبرز النينجا، أصبحت الآن أربعة أشباح تائهة. اثنان منهم ابتلعتهما الغابة، أو بالأحرى ابتلعتهما فخاخ كوروتو الماكرة. الأول، نينجا متخصص في الاستشعار، وجد نهايته عندما داس على خيط تشاكرا غير مرئي، ليجد عشرات من أعواد الخيزران الحادة المشبعة بالسم تخترق جسده من كل اتجاه. الثاني، خبير في التايجتسو، سقط في حفرة عميقة مليئة بالأوتاد المسمومة بعد أن استدرجه كوروتو بصوت طائر جريح. لم يترك كوروتو أي أثر، فقط جثث باردة ورعبًا صامتًا ينمو في قلوب الباقين.
الآن، لم يتبق سوى الأربعة الأقوى، أو ربما الأوفر حظًا.
رايكو، الجونين قائد الفرقة، كان رجلًا ضخم الجثة كدب، عضلاته المفتولة تنذر بقوة تدميرية. كان شعره الأبيض القصير وعيناه الحادتان تعكسان خبرة سنوات من المعارك. لكن الآن، كان الصبر قد بدأ ينفد منه. ضرب بقبضته جذع شجرة ضخمة، محدثًا صدعًا فيها.
"اللعنة!" زمجر بصوت أجش. "هذا الحثالة! كيف لفتى أعمى بيد واحدة أن يفعل هذا بنا؟ أربعة أيام ونحن ندور في هذه الغابة الملعونة كالفئران في مصيدة!"
بجانبه، وقف التوأم، إينابا وإينازوما. كانا متشابهين كقطرتي ماء، بشعرهما الأزرق الفاتح وعيونهما الباردة. كانت شرارات كهربائية زرقاء خفيفة تتراقص حول أصابعهما، دلالة على توترهما واستعدادهما الدائم.
قالت إينابا، الأخت: "هذا ليس عاديًا، رايكو-ساما. الفخاخ التي نصبها... إنها ليست فخاخ نينجا عادية. إنها بدائية، لكنها قاتلة. وكأنه يعرف تمامًا كيف نفكر، أين سنضع أقدامنا."
أضاف إينازوما، الأخ: "والأكثر إثارة للقلق هو أنه لا يترك أي أثر تشاكرا تقريبًا. أجهزة الاستشعار لدينا شبه عديمة الفائدة هنا. نحن نصطاد شبحًا."
أما الرابعة، فكانت جينين شابة تدعى يومي ، كانت مهمتها هي الدعم والمراقبة بفضل بصرها الحاد وسرعتها. لكنها كانت ترتجف من الخوف، عيناها تتجولان بقلق بين ظلال الأشجار المتشابكة.
"أشعر... أشعر بأننا مراقبون طوال الوقت." همست بصوت خافت. "وكأن عيون الغابة كلها تحدق فينا."
لم تكن مخطئة.
في الأعلى، جاثمًا على غصن سميك كأنه جزء من الشجرة نفسها، كان كوروتو يراقبهم. لم يكن يراقب بعينيه المفقودتين، بل كان "يراهم" بالهاكي، تلك الحاسة التي تجاوزت حدود البصر. كان يرى هالاتهم الأربعة، يرى توتر رايكو كنار متأججة، وقلق التوأم ككهرباء ساكنة، وخوف يومي كشعلة شمعة ترتجف في مهب الريح. كان يسمع دقات قلوبهم، صوت أنفاسهم، حفيف ملابسهم. لقد أصبح هو الغابة، وهو الظلام.
خلال الأيام الأربعة الماضية، لم يكن ينام تقريبًا. كان يكتفي بغفوات قصيرة، معتمدًا على هاكي التنبؤ ليوقظه عند أدنى خطر. لقد درسهم، حفظ طريقة تحركهم، نقاط قوتهم، ونقاط ضعفهم. رايكو يعتمد على قوته الغاشمة وهجماته المباشرة. التوأم قويان معًا، لكنهما يفقدان تركيزهما إذا تم تفريقهما. والجينين... كانت هي الحلقة الأضعف. الخوف كان قد شل نصف قدراتها القتالية بالفعل.
"سنتوقف هنا لبعض الوقت،" قال رايكو، محاولًا إخفاء إحباطه. "افحصوا المنطقة المحيطة. إينابا، إينازوما، ابقيا متقاربين. يومي، اصعدي إلى شجرة عالية وراقبي أي حركة."
كانت هذه هي اللحظة التي ينتظرها كوروتو. لحظة الانقسام.
راقب يومي وهي تقفز برشاقة بين الأغصان، متجهة نحو شجرة صنوبر عملاقة. كانت سريعة، لكن سرعتها كانت لا شيء أمام إدراكه.
بينما كان الآخرون منشغلين بفحص الأرض، تحرك كوروتو. لم يصدر أي صوت، لم يحرك ورقة شجر واحدة. كان كقطرة ماء تنساب في نهر، كظل يتحرك داخل ظل آخر. نزل من شجرته بهدوء تام، وتحرك بسرعة خاطفة خلف الأشجار، متخذًا مسارًا سيجعله يظهر مباشرة خلف الشجرة التي صعدت إليها يومي.
وصل إلى قاعدة الشجرة. بالهاكي، شعر بها تجلس على غصن على ارتفاع عشرين مترًا، تراقب الاتجاه المعاكس. كانت تركز كل انتباهها في البحث عن أي حركة في الأفق، ولم تتوقع أبدًا أن الخطر سيأتي من تحتها مباشرة.
بقي كوروتو ساكنًا لثوانٍ، يتنفس بهدوء، يندمج مع سكون الغابة. ثم، وضع يده اليمنى وقدميه على جذع الشجرة، وركز تدفقًا خفيفًا من التشاكرا فيهم، تمامًا كما تعلم في أكاديمية كونوها. تسلق الشجرة بسرعة صامتة ومخيفة.
كان على الغصن الذي تحتها مباشرة. كانت قريبة جدًا لدرجة أنه كان بإمكانه سماع أنفاسها القلقة.
ببطء، مد يده نحو سيفه. سحبه من غمده ببطء لا نهائي، حتى لا يصدر النصل أي صوت احتكاك. غلف النصل بهاكي التصلب، جاعلاً إياه أسود كقطعة من الليل، وأكثر حدة من أي شفرة عادية.
حان وقت إسقاط الستار على الفصل الأول من هذه المسرحية الدموية.
قفز إلى غصنها بحركة واحدة سلسة.
شعرت يومي بتيار هواء مفاجئ خلفها. استدارت، واتسعت عيناها رعبًا عندما رأت ذلك الوجه الجميل والمشوه، تلك العصابة البيضاء التي تغطي عينيه، والابتسامة الباردة التي لم تكن تحمل أي معنى. حاولت أن تصرخ، أن تحذر رفاقها، لكن الكلمات تجمدت في حنجرتها.
كان الأوان قد فات.