الفصل السابع: التقيم الذاتي
شَهْر.
شَهْرٌ كاملٌ مضى على تلك الليلةِ الدمويةِ التي حفرت فراغًا آخرَ في روحِ كوروتو. شهرٌ من السفرِ بلا وجهةٍ، شهرٌ من العزلةِ التامةِ، وشهرٌ من الاستكشاف. لم تعدِ الغابةُ مجردَ عدوٍ يجبُ التغلبُ عليه، بل أصبحت مختبرَه، سجنَه، وملجأَه الوحيد.
بعدَ المعركةِ مع فرقةِ كوموغاكوري، جَرَّ كوروتو جسدَه المُحَطَّمَ إلى أعمقِ نقطةٍ في الغابةِ استطاعَ الوصولَ إليها، وسقطَ في كهفٍ صغيرٍ مختبئٍ خلفَ شلال، وهناك غابَ عن الوعيِ لأيام. حينَ استيقظ، كانت المفاجأةُ هي قدرةُ التجدد. لكن مع تلك القدرة، جاءت لعنةٌ جديدة: صدى الألم.
كان يضربُه بلا سابقِ إنذار. قد يكونُ جالسًا يتأمل، وفجأةً، يشعرُ وكأنَ قبضةَ رايكو المشحونةَ بالبرقِ تضربُه مجددًا في صدرِه، ولكن هذه المرةَ الألمُ مضاعفٌ خمسَ مرات. كان يسقطُ على الأرضِ يتلوى، يعضُّ على شفتيه حتى يسيلَ الدمُ لئلا يصرخ، ينتظرُ تلك الموجةَ من العذابِ لتمر. كانت تستمرُ لدقائقَ تبدو كأنها دهر، ثم تذهبُ كما جاءت، تاركةً إياه غارقًا في العرقِ يتنفسُ بصعوبة. كانت تذكيرًا دائمًا بالثمنِ الذي دفعَه للبقاء.
الصدى الروحي أيضًا تغير. لم يعد مجردَ همسٍ بعيد، بل أصبحَ أشبهَ بإذاعةٍ مشوشةٍ في رأسِه تعملُ باستمرار، تمنعُه من النومِ العميق. أصبحَ ينامُ غفواتٍ متقطعة، دائمًا على حافةِ الوعي، يحلمُ بكوابيسَ غريبةٍ تختلطُ فيها ذكرياتُ حياتِه الثلاثة. يرى نيجي يناديه في كونوها، وفجأةً تتغيرُ الأرضُ وتصبحُ سوداءَ متصدعة، والسيفُ في يدِه يتحولُ إلى ذلك الأوداتشي الأسودِ الشرير، "ناوي-تشان".
وسطَ هذه الفوضى الجسديةِ والنفسية، وجدَ كوروتو هدفًا واحدًا ليثبتَ به عقلَه: عليه أن يفهمَ نفسَه. عليه أن يقومَ بجردٍ شاملٍ لأسلحتِه، لقدراتِه، والأهم، لحدودِه. هذا الشهرُ كان شهرَ الجرد.
التقييمُ الذاتيُّ لِشَبحِ الغابة
بدأَ بأبسطِ شيء: جسده.
القوةُ العضلية: وقفَ بجوارِ صخرةٍ كبيرة، حجمُها تقريبًا كعربةٍ صغيرة. تنفسَ بعمق، ركّزَ القوةَ في رجليه وذراعِه اليمنى. دفعَ بكل جهدِه. في البداية، لم تتحركِ الصخرة. لكن عندما أطلقَ صرخةً مكتومة، شعرَ بعضلاتِه تنتفخ، وتحركتِ الصخرةُ قليلًا. بعدَ محاولات، استطاعَ دفعَها لمسافةِ متر.
"ممتاز،" فكَّرَ في نفسِه وهو يتنفسُ بصعوبة. "قوتي الجسديةُ الخالصة، بلا تشاكرا، يمكنُ أن تصلَ إلى مستوى تشونين متوسط. هذه نقطةُ قوة."
بعدَ ذلك، جاءَ دورُ أكبرِ نقطةِ ضعفٍ لديه، الشيءُ الذي كان دائمًا يحبطُه.
التشاكرا: جلسَ القرفصاءَ بجانبِ نهرٍ صغير. جمعَ يديه وحاولَ تشكيلَ أختامِ تقنيةٍ مائيةٍ بسيطةٍ تعلمَها في الأكاديمية.
"سويتون: تقنيةُ موجةِ الماء."
ركّز، ودفعَ التشاكرا خاصتَه. ما خرجَ من بينِ يديه كان... مُحْزِنًا. مجردُ دفقةِ ماءٍ ضعيفةٍ كادتْ بالكادِ أن ترشَّ فراشةً كانت واقفةً على ورقةِ شجرٍ بجواره. الفراشةُ نفضتْ جناحيها بانزعاجٍ وطارت.
تنهدَ كوروتو. "كميةُ التشاكرا عندي أفضلُ بقليلٍ من جينين تخرجَ حديثًا. والتحكم؟ كارثة. أستطيعُ المشيَ على الماءِ والتسلقَ على الشجرِ بصعوبة، لكن الجتسو المعقدَ مستحيل. هذا الشيءُ لم يتغير."
حاولَ أن يقومَ بتقنياتٍ أساسية. استطاعَ أن يُحدثَ شفرةَ رياحٍ صغيرة، وشرارةً كهربائيةً ضعيفة. لاحظَ أن تقاربَه مع عنصرِ الريحِ أفضلُ بثلاثِ مراتٍ من البرق، أما الماءُ فمن الأفضلِ أن ينساه.
"هل هذا بسببِ هذا الصداعِ الروحي الذي يستنزفُ طاقتي؟ أم أنا ببساطةٍ لا أملكُ موهبةً في التشاكرا؟" هذا السؤالُ كان دائمًا يعذبُه.
بعدَ ذلك، انتقلَ إلى سلاحِه الحقيقي. الشيءُ الذي جعله يبقى حيًا.
الهاكي: هذه الطاقةُ الغامضةُ التي جلبَها معَه من حياتِه الثانيةِ كانت هي المنقذَ له، لكن حتى هي كانت لها حدود.
"الهاكي يعتمدُ على قوةِ الروحِ والإرادة،" فكرَ وهو جالسٌ فوقَ غصنٍ عالٍ، "يرى" الغابةَ بأكملِها كخريطةٍ للهالاتِ والطاقات. "وروحي الآنَ أشبهُ بكتابٍ ممزق. لهذا السببِ توقفَ تطورُ الهاكي هذا الشهر."
هاكي الملاحظة : كان هو النوعَ الوحيدَ الذي كان يتطورُ باستمرار. "ربما لأنني أعمى، أصبحتْ هذه الحاسةُ هي عيني. أشعرُ بكلِ شيء، من حركةِ نملةٍ على بُعدِ عشرةِ أمتار، حتى دقاتِ قلبِ غزالٍ على بُعدِ نصفِ كيلومتر." ابتسمَ ابتسامةً ساخرة. "ههههه، أصبحتُ أشبهُ بفوجيتورا الآن. ينقصني فقط تلك العصا والجاذبية." قدرته على "رؤيةِ" نوايا الكائناتِ الحيةِ أيضًا تحسنت، أصبحَ يعرفُ ما إذا كان حيوانٌ قادمًا جائعًا، خائفًا، أو مجردَ فضولي.
هاكي التصلب : أخرجَ سيفَه القصير، "تانتو". ركّزَ إرادته فيه، حاولَ أن يغلفَه بالهاكي. بعدَ تركيزٍ كبير، أصبحَ نصلُ السيفِ له لونٌ رماديٌ غامق، كأنه اتسخ. لم يكن ذلك السوادَ الحالك الذي كان يتذكرُه من لقطاتِ أحلامه.
"أقلُّ من المتوسط. أستطيعُ فقط أن أصلبَ السيفَ قليلًا ليقطعَ الحجر. تغليفُ الجسدِ للدفاعِ ما زال بعيدًا عني."
الهاكي الملكي : هذا كان الاكتشافَ الجديد، والأكثرَ إحباطًا. وقفَ في مكانٍ خالٍ وركّز. أطلقَ دفقةً من إرادته. العصافيرُ التي كانت في الشجرِ القريبِ طارتْ مذعورة، وبعضُ الخنازيرِ هربتْ واختبأتْ في جحورها. رأى قطيعًا من الخنازيرِ البرية، كانوا ينظرونَ إليه للحظة، وبعدَها هربوا كأنهم رأوا عفريتًا.
"ضعيف... ضعيفٌ جدًا." تنهد. "أستطيعُ التواصلَ مع الحيواناتِ بشكلٍ بسيط، أطلبُ من قردٍ أن يجلبَ لي فاكهة، أو أجعلُ الكائناتِ الصغيرةَ تُغمى عليها. أما الحيواناتُ الكبيرةُ فأنا فقط أخيفُها." تذكرَ مرةً التقى فيها بنينجا مسافرٍ كان معه كلبُ نينجا. عندما حاولَ استخدامَ الهاكي الملكي عليه، الكلبُ فقط نظرَ إليه بنظرةٍ غريبة، كأنها شفقة.
"تبًا! أنا لستُ مثيرًا للشفقة!" هذه الحادثةُ جعلتْه يشعرُ بالإهانة.
التجددُ وصدى الألم: هذه كانت قدرةً لم يفهمْها جيدًا بعد. لاختبارِها، جرحَ نفسَه بالكوناي في ذراعه. كان الجرحُ عميقًا، لكنه بدأ يلتئمُ أمامَ عينيه، وفي أقلَ من دقيقة، لم يَبقَ له أثر، فقط قليلٌ من الدمِ جف.
"تقريبًا 30% من قوةِ تجددِ تسونادي الأسطوري، بناءً على ما أتذكره." لكن بعدَ ساعتين، شعرَ بها. موجةٌ من الألمِ الحادِ ضربتْ نفسَ المكانِ في ذراعِه، جعلتْه يسقطُ على ركبتيه وهو يمسكُها. "وهذه هي الضريبة. كلما كان الجرحُ سيئًا، كلما كان صدى الألمِ أقوى."
المهاراتُ المكتسبة:
جلسَ بجانبِ النارِ تلك الليلة، وأخرجَ جلدَ حيوانٍ كان يُجففُه، وبدأَ يكتبُ عليه بالفحمِ تقييمَه النهائي.
* مهاراتُ السيف: "جيدٌ جدًا." تذكرَ كيف كان يتغلبُ على إيتاشي وشيسوي في التدريباتِ بمهارةِ السيفِ الخالصة، قبلَ أن يستخدما الشارينغان والتشاكرا خاصتَهما. "لكن هذا كان قبلَ عامٍ الآن. يجبُ أن أتطورَ أكثر."
* مهاراتُ البقاء: نظرَ إلى كهفه، إلى النارِ المشتعلة، إلى الجلودِ المعلقة. ضحكَ. "هل هذا يعتبرُ مهارةً أساسًا؟ أم مجردَ ضرورة؟"
نظرَ إلى ما كتب. كان لديه نقاطُ قوةٍ واضحة: قوةٌ جسدية، مهارةُ سيفٍ عالية، هاكي ملاحظةٍ ممتاز، وتجددٌ يجعله يخرجُ من معارك كان من المفترضِ أن يموتَ فيها. لكن نقاطَ ضعفه كانت قاتلة: تشاكرا قليلة وتحكمٌ ضعيف، هاكي تصلبٍ وهاكي ملكي في بداياتهما، وجسدٌ يعذبُه بذكرياتِ الألم.
كان خليطًا غريبًا. كان كأنه سيفٌ ثمينٌ وحاد، لكن فيه شقوقٌ قد تجعله ينكسرُ في أيِ لحظة.
رمى الجلدةَ في النار. لم يكن بحاجةٍ لتركِ ذلك مكتوبًا. كلُّ شيءٍ كان محفورًا في دماغه.
وقفَ، وخرجَ من الكهف. وقفَ تحتَ الشلال، تركَ الماءَ الباردَ يضربُ جسدَه المليءَ بالندوبِ القديمةِ والجديدة.
عامٌ وأربعةُ أشهر. هذه هي المدةُ التي بقيتْ له. المدةُ التي أعطاها لنفسِه ليحولَ هذه النقاطَ الضعفَ إلى نقاطِ قوة، وليكونَ مستعدًا للعودة.
رجعَ إلى الكهف، أخرجَ سيفَه. وبدأ يتدربُ في الظلمة، جسدُه يتحركُ كشبح، وصوتُ احتكاكِ الفولاذِ مع الهواءِ كان هو الموسيقى الوحيدةَ التي تكسرُ صمتَ ليلِ الغابة.
الرحلةُ ما زالتْ طويلة. والجحيم، كان ينتظرُه.