ابتسمتُ برقة، ووضعت كوب الشاي جانبًا، ثم نظرتُ إلى رولين بعينين هادئتين، تخفيان خلفهما بركانًا من السخرية.
"الآن، حان وقت تدمير هذا الماركيز..."
تحدثتُ بصوت ناعم، بينما أعبث بخاتم في إصبعي:
"رولين، ما رأيك أن نذهب إلى غرفتي؟ سنرتاح هناك أكثر."
ارتفع حاجباه للحظة، وكأنه تفاجأ بطلبٍ غير متوقع، لكنه سرعان ما استعاد هدوءه. بدا مرتاحًا، لكنه لم يلتفت إليّ بالكامل...
بل كانت عيناه تتسللان مرارًا نحو القصر، نحو ممراته الفخمة وشرفاته المزينة بالورود البيضاء...
بالطبع، فهمتُ على الفور. إنه يبحث عن فيكتوريا.
أوه، عزيزي الماركيز، أكنت تظن أنني لن ألاحظ؟
لكن لا بأس، سأكون كريمة اليوم... وسأمنحك درسًا لن تنساه.
مالت شفتاي في ابتسامة خفيفة، وكررتُ بهدوء:
"إذًا، رولين؟ هل نذهب؟"
تردد للحظة، ثم أخيرًا، تنهد بابتسامة موافقة:
"حسنًا، موافق."
أحسنت، يا أوريانا... الخطوة الأولى تمت بنجاح.
والآن، لنرَ ما الذي ستفعله...
نهضنا من على الكراسي، وسرنا معًا باتجاه القصر. خطواتي كانت هادئة، لكن أفكاري كانت تعجّ بالسخرية. رولين، الرجل الذي يزعم أنه يشتاق إليّ، لم يتوقف عن التحديق نحو القصر منذ أن جلس أمامي.
لم يستغرق الأمر طويلًا قبل أن أرى صاحبة الوجه الملائكي والقلب المسموم...
فيكتوريا.
كانت تتهادى في الممر كما لو أنها خرجت من لوحة فنية، وحين وقعت عيناها علينا، رسمت ابتسامة مشرقة وهي تقترب برقة مصطنعة:
"يا لها من مصادفة! كنت أتجول في الحديقة، وكم اشتقت لرؤية أختي العزيزة! كنت أفكر في دعوتكما لشرب الشاي معًا... ما رأيك، رولين؟"
نظرتُ إلى رولين لأرى كيف سيتصرف، وتمامًا كما توقعت، لم يتردد للحظة قبل أن يبتسم لها بحرارة:
"أجل، فيكتوريا، هذا سيكون لطيفًا وممتعًا أيضًا."
كلمات خرجت منه بسلاسة، كما لو كانت الإجابة الأكثر طبيعية في العالم...
آه، كدت أن أنفجر ضحكًا.
مصدفة؟ هل تمزحين معي، فيكتوريا؟
أتعلمين، إن كنتِ ستخططين لمثل هذه المسرحيات، فحاولي على الأقل أن تجعليها تبدو أقل سخافة.
لكن لا بأس، بما أنكِ قررتِ دخول اللعبة، فلنلعبها بطريقتي.
اعتدلتُ في وقوفي، وضعتُ يدي على خاصرتي، ثم نظرتُ إليهما بملامح محايدة قبل أن أقول بصوت هادئ، لكنه محمّل بالمعاني:
"فيكتوريا، لا أظن أن هذا ضروري. أنا ورولين مخطوبان، لذا من الطبيعي أن نقضي بعض الوقت معًا بمفردنا."
توقفت للحظة، ثم نظرت إليها نظرة جانبية قبل أن أتابع، متصنعة البراءة:
"ثم... لماذا تناديان بعضكما بأسمائكما الأولى؟ يبدو أنكما... مقربان جدًا."
ابتسامتي لم تتغير، لكن نظراتي اخترقت وجهها، أبحث عن أي شرخ في قناعها المثالي.
هيا يا فيكتوريا، أريني ردّك...
لكن قبل أن أتمكن من رؤية رد فعلها، جاء صوت رولين، محمّلًا بملامح عتاب خفيف:
"أوريانا، لا تكوني قاسية هكذا."
التفتُ إليه، فوجدته ينظر إليّ وكأنه يلومني، قبل أن يضيف بصوت هادئ، لكنه واضح النبرة:
"فيكتوريا لم تقل شيئًا خاطئًا، كل ما أرادته هو أن نستمتع بوقتنا معًا، لذا لا داعي لأن تكوني قاسية عليها. لنذهب جميعًا، لن يكون الأمر سيئًا، أليس كذلك؟"
آه، كم هو بارع في ارتداء قناع النُبل واللطف... لكن للأسف، هذا القناع لا يخدعني.
تظاهرتُ بالتفكير للحظة، ثم رفعت رأسي ونظرت إليه مباشرة، قبل أن أقول ببرود:
"لا، أنا لا أريد ذلك. أريد أن نذهب إلى غرفتي، أم أنك تفضّل الذهاب مع فيكتوريا؟"
ضيّقتُ عينيّ قليلًا، ثم تابعت بنبرة باردة، لكن كل كلمة خرجت ببطء مقصود:
"وهكذا، ستؤكد لي شكوكي... أنك وهي مقربان بالفعل."
ساد صمت ثقيل لثوانٍ، قبل أن يأتي صوت فيكتوريا الرقيق، المرتجف، كما لو أنها على وشك البكاء:
"لا بأس، رولين..."
التفتُ إليها لأجد عينيها قد امتلأتا بالدموع، كانت ترتجف بخفة، وكأنها تحاول كبح دموعها لكن دون جدوى.
"أنا آسفة، أختي العزيزة..." قالت بصوت مهتز، قبل أن تتابع بأسى مصطنع:
"كل ما أردته هو أن نقضي وقتًا ممتعًا معًا، هذا كل شيء. لم أقصد إزعاجك... لكن إن كان وجودي يضايقكِ، فسأرحل."
خفضت رأسها كما لو أنها تعرضت لإهانة عظيمة، مما دفع رولين إلى الاقتراب منها، يبدو وكأنه على وشك تهدئتها.
أوه، كم هو عرض مثير للشفقة.
شعرتُ برغبة في التصفيق لها على أدائها الرائع، لكن بدلًا من ذلك، اكتفيت برفع حاجب واحد ببرود، ثم قلت بهدوء:
"مهلًا، هل تحاولين إظهاري بمظهر الشريرة هنا؟"
لم تنتظر فيكتوريا لحظة، بل هزّت رأسها بسرعة، وكأنها مصدومة من مجرد الفكرة، لكنها لم تتحدث، وكأنها تعطي المساحة لرولين ليدافع عنها.
لكنني لم أكن بحاجة لسماع المزيد.
ابتسمتُ بسخرية، ثم تابعت بهدوء:
"لا بأس، سأوفر عليكِ عناء ذلك."
اقتربت منها خطوة واحدة، ثم نظرت إليها مباشرة قبل أن أقول ببرود، كل كلمة تحمل وزناً أكبر من التي قبلها:
"أجل، من الأفضل أن ترحلي... بعيدًا عنا تمامًا."
راقبتُ ملامحها للحظة، باحثة عن أي شرخ في قناعها، قبل أن أتابع بنبرة ناعمة، لكنها قاتلة:
"إلى الأبد."
اذا رولين هل نذهب لغرفتي ام ستذهب مع فيكتوريا وحينها انت تعرف قولت ما سيحدث الان
نظر إليّ رولين للحظة، وكأنه يزن كلماتي في عقله، ثم قال أخيرًا:
"لا، فلنذهب."
ثم التفت إلى فيكتوريا بابتسامة ناعمة، قائلاً:
"إلى اللقاء، فيكتوريا."
"أجل... إلى اللقاء، رولين."
راقبتُ كيف تبادلا الوداع بنبرة خافتة، وكأنهما يودعان بعضهما على مضض. شيء ما في الطريقة التي نظرت بها إليه جعلني أرغب في الضحك، لكنها لم تكن اللحظة المناسبة لذلك.
توقفت فجأة، مما أجبر رولين على الالتفات إليّ باستغراب. نظرت إليه ببرود، ثم إلى فيكتوريا، التي ما زالت تبتسم تلك الابتسامة المصطنعة.
"صحيح، إن استمررتما بمناداة بعضكما بأسمائكما الأولى بهذه الألفة، فلن أبقى صامتة... سأخبر والدي بذلك."
تجمدت ملامح فيكتوريا للحظة، لكن سرعان ما استعادت هدوءها، تضع يدها على صدرها كما لو أنها مصدومة.
"أوريانا، لا تكوني صارمة هكذا، نحن مجرد..."
لم أكترث لها. واصلت السير بجانب رولين، غير مبالية بالاضطراب الذي بدأ يتسلل إلى ملامحها.
لكن خلفي...
فيكتوريا وقفت في مكانها، عيناها متسعتان، أنفاسها تتسارع. شدّت قبضتها بقوة، حتى أصبحت مفاصلها بيضاء، وعضّت على شفتيها بشدة كأنها تحاول منع نفسها من الانفجار.
داخل عقلها، دوّت الأفكار بعنف:
"ما الذي يجري بحق الجحيم؟! لماذا... لماذا هي هكذا؟!"
شعرت بالغضب يحرقها من الداخل وهي تراقب ظهر أوريانا يبتعد عنها، بينما رولين يسير بجانبها بلا تردد.
"حتى رولين... حتى هو سار معها دون أن يحاول حتى إقناعها بالبقاء لشرب الشاي معي!"
قلبها كان ينبض بغضب لم تعتده، وشكّ تسلّل إلى عقلها كالأفعى السامة.
"من هذه الفتاة بحق الجحيم؟!"
"هذا مستحيل... هذا ليس أسلوب أوريانا!"
"لا يمكن أن تكون أوريانا!"
بعد أن وصلنا إلى غرفتي ودخلنا، لمحتُ كومة الكتب التي جلبتها من مكتبة الدوقية لا تزال في مكانها. لحسن الحظ، كانت موضوعة بعيدًا عن الأنظار، ولم يكن محتواها مكشوفًا. جيد... لأن هذه ستكون خطتي التالية.
الآن، ماركيز، فلتسأل السؤال الذي أتوقعه منك...
وكما توقعت، لم يمضِ وقت طويل قبل أن يفتح رولين شفتيه قائلاً:
"أوريانا، ما فعلتِه كان قاسيًا للغاية."
رفع يده إلى صدره بإيماءة مصطنعة من الاستياء، ثم تابع بلهجة متعجرفة:
"أنا وفيكتوريا مجرد أصدقاء، لم أكن أخونكِ أو أفعل شيئًا يستدعي غضبكِ."
توقفت عيناه للحظة قبل أن ترتسم على شفتيه ابتسامة جانبية، وتراجع للأمام قليلاً كما لو كان يوشك على كشف سرٍّ خفي:
"أم أنكِ..." نظر إليّ نظرة متسلية، ثم استطرد بنبرة تحمل شيئًا من التحدي، "تشعرين بالغيرة عليّ؟"
كانت كلماته أشبه بإبرة وخزت جلدي، فخرجت مني الإجابة دون وعي، باردة، قاطعة، وحادة كنصل سيف:
"لا، هذا مستحيل. ولن يحدث أبدًا."
شعرت بلحظة من الصمت، وكأن الغرفة بأكملها توقفت عن التنفس.
أنا... أغار؟ مجرد التفكير في أنني قد أشعر بالغيرة على هذا الشخص هو ضربٌ من الخيال، قصةٌ لا يمكن أن توجد إلا في عالم السخف والعبث.
لكنني قطعتُ هذا الصمت ببرود، قائلةً:
"حسنًا، ماركيز، ما رأيك أن نجلس؟"
لم يكن لدي وقت للاعتذار أو تبرير موقفي، فذلك لم يكن من أولوياتي. الآن، بما أنني في هذا الموقف، سأتعامل مع هذا الماركيز الأحمق المغرور كما يجب. لا أريد الانتظار أكثر، فلينتقل إلى السؤال الذي أرغب في سماعه.
وبالفعل، ما إن جلسنا حتى سأل، صوته يحمل توترًا خفيفًا:
"ما خطب هذا الكم الكبير من الكتب يا أوريانا؟"
أجبته بنبرة هادئة، لكن كان هناك شيء خفي خلف كلماتي:
"أه، إنها كتب كنت أدرسها عن مناجم أحجار الفيريان. واكتشفت شيئًا مهمًا... وهو..."
لا بأس بالكذب أحيانًا، أليس كذلك؟ فكرتُ في نفسي. أليس من المفترض أن أكون شريرة في هذه الرواية؟ إذًا، لندمّر هذا الماركيز كما أشاء.