أحجار فيريان...

إنها أحجار نادرة تُستخرج من المناجم، لكن ليس أي منجم، فقط تلك التي تعيش فيها وحوش سحرية معينة. هي ليست مجرد حجارة عادية، بل تُستخدم في صناعة الأحجار السحرية، مثل تلك التي تزيد من سعة المانا أو تعزز القوة السحرية... لهذا تُعد واحدة من أثمن ثلاث أنواع من الأحجار في هذا العالم.

بالطبع، لا يمكن لأي شخص امتلاكها. النبلاء فقط هم من يستطيعون شراؤها، فهي ليست مثل تلك الأحجار العادية التي يستخدمها العامة.

أيضًا... لكل حجر من هذه الأحجار الثمينة وحشٌ يكون بمثابة حارسٍ له، مختبئًا في أعماق المناجم، كأنه وُجد فقط ليحميه.

لكن... ما كانت بقية التفاصيل؟ همم... لا أذكرها جيدًا...

لكن هناك شيء أذكره بوضوح، شعرتُ بأن اللحظة تحتاج إلى لمسة من الغموض.

"رولين، انتظر لحظة... سأريك ما وجدته."

نهضتُ من مقعدي ببطء، مشددة على أن أكون حركاتي محسوبة. توجهت نحو كومة الكتب المبعثرة، وكأنني أستعرض الأمر أمامه، ثم جلبت ورقة ملفوفة وكبيرة، وكنت أعرف تمامًا أن هذه اللحظة قد تكون حاسمة. بخطوات ثابتة، اقتربتُ من الماركيز، الذي كان يراقبني بفضولٍ حذر. وضعت الورقة أمامه على الطاولة، مدفوعةً بإحساس بأنني أسيطر على الموقف.

كانت تلك الخريطة التي جلبتها من المكتبة، خريطة لدراسة جبال سيرون والمناطق المحيطة، لكنني كنت أعلم أنني سأستخدمها لغرض آخر الآن. أغلفتُ عينيّ بنظرة خفيفة من الغموض وأنا أراقب تفاعل الماركيز.

رفعتُ عيني إلى رولين ونطقت بنبرة هادئة، لكنها تحمل معنى خفيًا:

"أنت بالتأكيد تعرف يا رولين عن أحجار فيريان، أليس كذلك؟"

تراجع قليلًا في مقعده، قبل أن يهز رأسه بتأكيد:

"بالطبع أعرف. أنا ووالدي نعمل في مناجم الأحجار، لذا لدي معرفة كافية عنها. لكنها ليست شيئًا يمكن العثور عليه بسهولة."

توقف للحظة، وكأنه يقيم مدى جدية حديثي، ثم أضاف بلهجة أكثر جدية:

"الدوقية هذه تمتلك العديد من المناجم، لكنها ليست مشهورة بإنتاج أحجار فيريان، كما تعلمين."

ابتسمتُ بخفة، قبل أن أقول بصوت ناعم، لكنه يحمل نبرة ثقة:

"أجل، أنا أعلم ذلك يا رولين... ولهذا السبب تحديدًا كنت أبحث في الأمر."

لاحظتُ كيف ارتفع حاجباه قليلًا، إشارة إلى اهتمامه المفاجئ. تقدمتُ للأمام قليلًا، ثم تابعت بنبرة أخفض:

"وجدتُ شيئًا مثيرًا للاهتمام... هناك منجم، أعتقد أنه قد يحتوي على أحجار فيريان."

أخذتُ لحظة لأراقب تعبيراته، منتظرة رد فعله على ما قلته. كنت واثقة أن هذه المعلومة لن تمر عليه مرور الكرام.

رفع رولين حاجبه بفضول، عاقدًا ذراعيه وهو يسأل بشك واضح:

"كيف يمكنكِ أن تكوني متأكدة هكذا من مكان وجودها؟"

ابتسمتُ بهدوء، ناظرةً إليه بثقة مصطنعة، ثم وضعت إصبعي على نقطة محددة في الخريطة أمامنا.

"لأنني درستُ هذه الأحجار جيدًا،" قلت بصوت هادئ، بينما أتابع بعناية تعابير وجهه. "معرفتي بتكوينها وخصائص الأماكن التي تظهر فيها جعلتني أدرك أن هناك احتمالًا كبيرًا أن تكون هنا..." أشرتُ بإصبعي إلى الموقع المحدد، قبل أن أرفع نظري مجددًا لأرى ردة فعله.

رولين لم يُظهر أي تعبير واضح، لكنه كان يحدّق في الخريطة بتركيز، وكأنه يقيّم صحة كلامي. بعد لحظات من الصمت، زفرتُ بخفة، ثم أكملت، مُغلّفة كلماتي بنبرة هادئة تحمل مزيجًا من الصدق والتلاعب:

"هذه المعلومات سأخبر بها والدي غدًا ليبدأ البحث هناك،" توقفتُ للحظة، ثم أضفت، مُتظاهرة بالثقة: "سيصبح لدينا مصدر إضافي لهذه الأحجار الثمينة."

رفعتُ رأسي ونظرتُ مباشرة إلى رولين، مُتحدّيةً إياه بنظرتي، قبل أن أضيف بصوت أكثر نعومة، لكن بوزن أثقل:

"أنا أخبرك بهذا لأنك خطيبي... وأنا أثق بك، رولين."

راقبتُ كيف شدّ قبضته للحظة قبل أن يرخيها مجددًا. جيد... تأثير كلماتي وصل إليه.

"أعلم أنك لن تخبر أحدًا عن هذا المنجم، أليس كذلك؟"

راقبتُ تعابير رولين وهو يحاول جاهدًا أن يُبقي ملامحه طبيعية، لكنني لم أكن بحاجة إلى موهبة خاصة لأفهم ما يدور في ذهنه.

عيناه... كانتا تلمعان برغبة لا تخطئها العين، وكأنه اكتشف كنزًا خالصًا. آه، رولين العزيز، تمامًا كما توقعت.

أنت بالفعل تفكر في الاستيلاء على هذا المنجم لنفسك، أليس كذلك؟

شعرتُ برغبة قوية في الضحك، لكنني اكتفيت بابتسامة خفيفة، بالكاد يمكن ملاحظتها، وتركتُ الأمر يمر وكأنني لم أنتبه.

نهض رولين في حركة مفاجئة، دافعًا مقعده برفق للخلف، قبل أن يقول بنبرة حملت مزيجًا من التوتر والاعتذار:

"اعتذر، لكن يجب أن أغادر الآن. بعد إذنكِ، أوريانا."

رفعتُ حاجبي قليلًا، متظاهرة بالدهشة، قبل أن أقول بصوت ناعم، لكنه حمل لمحة خيبة أمل طفيفة:

"أوه؟ الن نبقى لوقت أطول؟ كنت أريد أن نتحدث أكثر."

لكنه هزّ رأسه سريعًا، وكأنه يخشى أن أغيّر رأيه:

"أنا مشغول، آسف."

راقبتُه بصمت للحظة، قبل أن أتنهد بخفة، ثم نهضتُ بدوري قائلة بلطف:

"إذاً، اعذرني... سأرافقك إلى الخارج."

تجمد للحظة، وكأنه لم يتوقع ذلك، ثم لوّح بيده سريعًا، محاولًا منعي:

"لا داعي، لا ترهقي نفسك."

لكنني ابتسمتُ، وأملتُ رأسي قليلًا، قبل أن أقول بنبرة تحمل إصرارًا هادئًا:

"بل سأفعل، هذا واجبي كخطيبتك، أليس كذلك؟"

حاول أن يخفي انزعاجه خلف ابتسامة مهذبة، لكنه فشل في ذلك.

أجل، هذا يزعجك، أليس كذلك؟

أنا أعلم أنك ستحاول التخلص مني والذهاب مباشرةً إلى فيكتوريا، لإخبارها عن المنجم

لكن لا بأس، لن أسمح لك بذلك. سأبقى بجانبك، وسأمنعك من ارتكاب أي حماقة قد تفسد خطتي.

حسنًا، فلنرَ يا رولين... هل ستتمكن من الهروب مني؟

رافقتُ رولين إلى الخارج بخطوات هادئة، بينما كان الصمت يخيّم بيننا. لم يكن هناك الكثير ليُقال، على الأقل من جانبي.

حين وصلنا إلى العربة، استدار نحوي للحظة، لكن نظراته لم تكن موجهة إليّ حقًا... بل كانت تتخطاني، متجهة نحو القصر. عيناه تحملان بوضوح رغبة مكبوتة، توقًا للقاء شخص آخر لم يكن يستطيع رؤيته الآن.

آه... كم هو سهل القراءة.

تنهّد أخيرًا، وكأنه استسلم لهذه الحقيقة، ثم التفت إليّ قائلاً بصوت هادئ:

"إلى اللقاء، أوريانا."

اكتفيتُ بإيماءة خفيفة وأنا أجيبه بنفس النبرة:

"إلى اللقاء، رولين."

راقبتُه وهو يصعد إلى العربة، يجلس على مقعده ثم يشيح بنظره عني. وما إن بدأت العربة بالتحرك، حتى رفعتُ يدي ولوّحت له برقة، أتابع المغادرة بصمت.

لم أستطع منع الابتسامة الصغيرة التي شقّت طريقها إلى شفتي.

بينما كنت أسير عبر الممرات، أفكر في ضرورة إعادة تلك الكتب عديمة الفائدة والبحث عن غيرها، حدث شيء غير متوقع تمامًا—

ووش!

شعرت بشيء يخترق الهواء بسرعة، اندفعت غريزيًا إلى الأسفل، وشعرت بمرور شيء حاد فوق رأسي مباشرة.

ما هذا؟!

رفعتُ رأسي بحدة، لأرى سيفًا يدور في الهواء قبل أن يسقط أرضًا محدثًا صوت ارتطام معدني قوي.

"هل من الغبي الذي يُطير السيوف بهذه الطريقة؟!" تمتمتُ بامتعاض، قبل أن أرفع نظري بحدة نحو الشخص المسؤول عن هذه الفوضى.

وما إن فعلت، حتى رأيته—

ليونارد كان يركض نحوي، ملامحه متوترة وهو يصرخ: "أنا آسف! هل أنتِ بخير؟!"

كان على بُعد مسافة عندما بدأ يعتذر، لكن ما إن اقترب مني ورأى وجهي بوضوح، حتى تغيرت ملامحه فجأة. اتسعت عيناه بقلق، وانخفض قليلاً وكأنه يحاول التأكد من أنني لم أُصب بأي أذى.

"أوريانا! هل أصبتِ؟!" قال بصوت مضطرب، وهو يتفحصني بعينيه. "هل هناك أي جرح؟!"

نظرتُ إليه للحظة، ثم إلى السيف الساقط على الأرض، قبل أن أرفع حاجبًا وأقول ببرود:

"كُدتَ تقتلني فقط ، ليونارد هذا ما حدث لا غير."

"أنا آسف حقًا، لم أقصد ذلك... أثناء المبارزة، طار السيف من يدي عن غير قصد."

كان صوته ملئ بالندم، وهو يقترب مني بسرعة، ويضيف بحذر: "هيّا بنا، لنذهب إلى الطبيب. يجب أن تراكِ للتأكد من أنكِ بخير."

مدَّ يده نحو ذراعي، محاولًا أن يسحبني معه، لكنني دفعت يده بعيدًا بكل قوة، وسحبت ذراعي بسرعة من قبضته.

"ليس عليك القلق عليّ." قلت بنبرة باردة، بينما أضأت عينيَّ ببعض القسوة. "وأيضًا، في المرة السابقة أخبرتك أن لا تقترب مني، أليس كذلك؟"

كنت أشعر بالغضب يزداد داخلي، ولكنني حاولت إخفاءه خلف جمود ملامحي. تابعتُ بهدوء، لكن كل كلمة كانت تحمل وزناً أكبر من سابقتها: "وأيضًا، سألتك في المرة الفائتة عن المقابل للحجرة التي أعطيتني إياها، أليس كذلك؟ أم أنك ببساطة ترغب في أن أُصاب مجددًا في معصمي؟"

كان ليونارد يضغط على يده بغضب، وعينيه تلمعان بتوتر، لكنني لم أبالي، فقط تابعت السير وألقيت عليه السؤال ببرود:

"إذن، هل فكرت في المقابل أم لا؟"

نظر إليَّ ليونارد ثم تنهد، وكأن الكلمات التي أبحث عنها عجز عن إيجادها. بعد لحظة صمت، قال بصوت منخفض:

""لم يأتِ شيء في بالي بعد، لكن لا تؤذي نفسك من أجل حجرة بائسة. أليس لديكِ ما يكفي من الندوب؟"

ثم، بسرعة، التقط سيفه وأدار جسده ليغادر، قائلاً وهو يلوح بيده:

"إذن، إلى اللقاء الآن. لدي تدريب."

لكنني لم أتمكن من الرد على كلامه، فقد غادر دون أن يُضيف شيئًا آخر. شعرتُ بغضبٍ متصاعد وأنا أراقب ابتعاده.

"هذا المزعج... عكر مزاجي بعد أن كان صافياً." تمتمتُ في نفسي، قبل أن ألتقط أنفاسي، وقلت بصوتٍ داخلي:

"سحقًا له."

سرت في الممرات، فكرت في الضرورة الملحة لإعادة تلك الكتب التي لم تفِ بالغرض، والبحث مجددًا عن زهرة "ميرفيا". لم أعد أملك الوقت للتجادل مع هذا الأحمق. يكفيني ما ضيعته من وقت مع ذلك الماركيز المزعج الذي لم يقدم لي سوى المزيد من المشاكل. ومع كل لحظة أفكر فيها، أشعر أنني محاطة بأشخاص لا يتقنون إلا إزعاجي بأغبى الطرق.

دخلت إلى غرفتي، وأغلقت الباب وراءي، وأنا أشعر بتزايد الضغط في صدري. نظرت إلى الكتب المبعثرة على سريري وحملت بعضها. كيف سأتمكن من حمل هذه الكومة الثقيلة من الورق؟ في الحقيقة، لا أرغب في طلب مساعدة الخادمات. التفكير في أن يرينني في هذه الحالة يجعلني أشعر بأنني أفقد السيطرة.

ما زلت أشعر بذلك الغضب الذي انفجر في داخلي بعد لقائي مع ليونارد. كل شيء كان يسير بسلاسة، ثم جاء هو ليعكر صفو كل شيء. كان ليونارد، مع كل ضغوطه وتصرفاته غير المحسوبة، قد خلق لي المزيد من الأعباء.

وبينما كنت أنظم الكتب وأحاول أن أكتشف كيفية التعامل مع هذه الفوضى، سمعت طرقًا خفيفًا على الباب. تمتمت في نفسي "من يزعجني الآن؟" وتوجهت نحو الباب بغضب مكبوت.

فتحت الباب ببطء، وإذا بها هي – الفتاة التي ساعدتني على ارتداء الفستان وتجهيز نفسي للقاء الماركيز. كانت تقف هناك، مبتسمة بخفة، وكأنها لم تلاحظ الأجواء المتوترة التي كنت فيها.

"سيدتي، أرسلني كبير الخدم مجددًا لأرى إن كنتِ تحتاجين إلى شيء ما."

قلتُ في الحال، محاورةً إياها بنبرة هادئة: "أجل، هل يمكن أن تساعديني في حمل هذه الكتب؟"

ابتسمت الخادمة بخفة، لكن ملامحها كانت تعكس بعض القلق وهي تراقب الكتب الثقيلة بين يدي: "بالطبع، لكن هذه الكتب تبدو ثقيلة للغاية. هل من الممكن أن أساعدك في حملها؟"

حركتُ كتفي بعدم اهتمام، وقلتُ محاولًة أن أخفف من حدة الوضع: "لا، لن تحمليها وحدك. سأحمل معك بعضها."

نظرت إلي بنظرة عميقة وكأنها لم تصدق ما قالته: "لا، هذا لا يجوز، آنسة. يجب أن لا تحملي شيئًا ثقيلًا وحدك."

أجبتها بسرعة، محاولًة أن أكون متماسكة: "انتظري هنا، سأستدعي بعض الخدم."

لكنها لم تترك لي وقتًا للتحدث. قبل أن أكمل، كانت قد انطلقت بسرعة كبيرة مغادرةً المكان دون أن تلتفت.

"بجدية، إنها نشيطة للغاية." همست لنفسي وأنا أراقب الفتاة وهي تسرع في خطواتها بعيدًا. شعرت بشيء من الامتعاض، لكنني لم أعلق، فكان الوقت يضغط عليّ.

لحظات قليلة، وعادت الفتاة برفقة بعض الخدم الذين بدأوا في حمل الكتب الثقيلة بمهارة. كان الجميع يتحرك بسرعة، لكنني لم أستطع إخفاء شعوري بعدم الراحة. كان كل شيء يبدو وكأننا في سباق مع الزمن.

وصلنا إلى المكتبة، حيث كان أمين المكتبة جالسًا على مقعده الخشبي المريح. وعندما رآنا، نهض فجأة من مكانه، وتحرك بسرعة تجاهنا، قائلاً: "أنسة أوريانا، أحضرت الكتب كما قولتي."

نظرتُ إليه بخفة، ثم التفتُ إلى الخادمات اللاتي كان يحملن الكتب. "أجل، خذها منهن وضعها في مكانها الصحيح."

ثم توجهتُ إلى الفتاة التي ساعدتني، متسائلة بصوت هادئ: "أنتِ ما اسمك؟ عذرًا، لا أتذكره."

أجابَتْني الفتاة بابتسامة خفيفة، وقالت: "آه، اسمي رينا."

"أشكرك على كل شيء. يمكنك المغادرة الآن إذا أردتِ." قلت ذلك بلهجة هادئة، ولكن كان هناك شيء غير عادي في نظرات الفتاة. كان يظهر عليها بعض الخوف والقلق، كما لو أن شيئًا ما يثقل قلبها.

"ه... بالطبع، إلى اللقاء آنسة." قالتها بابتسامة كانت مليئة بالخوف، وكأنها تحاول إخفاء مشاعرها الحقيقية.

لحظات مرت في صمت، ثم بينما كانت تضع الكتب على الأرض، لاحظت شيئًا غريبًا. كان هناك علامة احمرار على يدها، شيء لم أتمكن من تجاهله. لكنها سرعان ما أخفت يدها خلف ظهرها، وكأنها أرادت إخفاء ذلك بسرعة.

فجأة، سارت مسرعة نحو الباب، دون أن تترك لي فرصة حتى لسؤالها عما كان يحدث. لم أتمكن من الاستفسار عن تلك العلامة، ولا عن سبب قلقها.

فجأة، غادرت جميع الخادمات. يبدو أنهن انتهين من ترتيب الكتب، وأصبحت المكتبة هادئة تمامًا بعد ضجيج خطواتهن. تبقى فقط أنا وأمين المكتبة، الذي كان يظل جالسًا في مكانه بعد أن انتهى من عمله.

نظرتُ إليه ببرود، ثم قلتُ بصوت منخفض ولكنه حازم:

"هي، يا هذا، فلتأتِ معي، أحتاجك في شيء."

جلستُ على إحدى طاولات المكتبة، وأخذتُ لحظة لأستريح. وضعت يدي على خدي وأمالت رأسي قليلاً، أُحاول أن أُعيد ترتيب أفكاري بعد اليوم الطويل من البحث. شعرتُ بأن عقلي يكاد يطفح من كثرة المعلومات التي حاولت أن أستوعبها.

ثم، بعد لحظة من الصمت، قلتُ له:

"هل تعرف شيئًا عن زهرة ميرفيا؟" كنتُ أراقب تعبيرات وجهه باهتمام، وحاولتُ أن أحتفظ بصوتي هادئًا قدر الإمكان رغم أن قلبي كان يملؤه الفضول. "لم أتمكن من العثور عليها في أي من كتب النباتات التي حصلت عليها البارحة."

فجأة، رد عليّ بشيء لم أتوقعه نهائيًا. كنت أترقب الإجابة بفارغ الصبر، لكن ما قاله جعلني أتوقف عن التفكير للحظة.

قال بلهجة هادئة، وكأن الأمر لا يتعدى كونه حديثًا عابرًا: "تقصدين زهرة ميرفيا الأسطورية؟ لكن لماذا تبحثين عنها؟ إنها ليست موجودة أصلًا، إنها مجرد شيء من درب الخيال، من القصص الأسطورية."

كلماته كانت صادمة، وكأنني وقعت في فخ. لم أكن أتوقع أن يجيب بهذه البساطة، وهو الذي يتعامل مع الكتب والمعرفة. لكن مع ذلك، هناك شيء في نبرته جعلني أشعر بشيء غريب.

"هل أنت متأكد؟" تساءلتُ، محاولَةً أن أخفي التوتر الذي بدأ يتسلل إلى صوتي. نظرتُ إليه بعينين ضيقتين، وكأنني أحاول فهم ما وراء كلماته.

2025/04/03 · 48 مشاهدة · 2122 كلمة
نادي الروايات - 2025