وقف ليونارد أمام باب غرفة أوريانا، والسكون يلتف حوله كسحابة ثقيلة من الرماد. كانت يده لا تزال ترتجف قليلًا بعد أن سحب السيف من رقبتها. ترددت أنفاسه، ثقيلة ومضطربة، وكأن شيئًا في داخله انكسر... شيء لم يعرف أنه كان موجودًا أصلًا.

— "ما هذا الذي قلته لها...؟ ما الذي كنت سأفعله؟!"

رفع يده ببطء، يضغط على صدغه المتألم، حيث بدأ صداع حاد يخترق جمجمته كطعنات خفية، تزامنًا مع طنين مكتوم في أذنيه. وفجأة، اخترق صوت ناعم قلقه:

— "أخي... هل أنت بخير؟" التفت ليونارد ببطء، وعيناه الداكنتان اللامعتان لا تزالان مضطربتين، ليقع بصره على فيكتوريا وهي تقترب منه بخطوات حذرة، وعلى وجهها قناع من القلق المصطنع.

قالت بصوت ناعم، تمثّل فيه الحنان الزائف: — "أخي... هل أنت بخير؟"

نظر إليها ليونارد بنظرة حادة مشوبة بالاشمئزاز، وكأن وجودها نفسه يثير نفوره. — "وما دخلكِ أنتِ إن كنت بخير أم لا؟"

توقفت فيكتوريا لحظة، وكأنها لم تتوقع الجفاء الصريح، ثم تابعت وهي تضع يدها على صدرها بإشفاق مصطنع: — "كنت فقط أريد الاطمئنان... أنت تعرف أن أوريانا عصبية، وكنت خائفة من أن يحصل شجار بينكما. ثم إنني... سمعت ما جرى، ورأيت ما فعلته هي... كانت قاسية جدًا، وأنت لا تستحق ذلك..." لكن قبل أن تكمل، كان ليونارد قد رفع سيفه فجأة ووضعه فوق رأسها مباشرة، ناظرًا إليها ببرود قاتل.

— "ألم أخبرك سابقًا؟" قال بصوت منخفض وخطر. "لا أحد يُسمَح له بمناداتي 'أخي' سوى أوسكار... و إيثان ...و أوريانا."

تجمدت في مكانها، تفتح عينيها على وسعهما وهي تنظر إلى السيف المرتفع فوقها. — "أ-أخي؟ ليونارد؟ ما الذي تفعله...؟ السيف؟!"

اقترب منها خطوة أخرى دون وعي، لكنه لم يتحرك، بل زاد ضغطه على مقبض السيف، عينيه تضيئان بحدة: — "يبدو أنك ترغبين بشدة أن يُقطع رأسك، أليس كذلك؟ لا تكررِي مناداتي بأخي... أفهمتِ؟" كانت تبتلع ريقها بصعوبة، وكل جزء من جسدها يصرخ بالذعر. ومع ذلك، قاومت، تحاول الحفاظ على ابتسامتها الزائفة التي لم تعد تقنع أحدًا.

— "لكن... أوريانا تناديك بأخي منذ زمن! فلماذا أنا...؟" خفض السيف قليلاً، لكن عينيه بقيتا كجمرتين تتقدان غضبًا.

— "لأن هناك شيئًا فيكِ لم يرق لي يومًا... شيئًا في نظراتك، في نبرتك، في كل تصرفاتك. منذ اللحظة التي وطأتِ فيها الدوقية، شعرت بأنكِ لست كما تبدين."

تابع، وكأنما يتحدث لنفسه: — "حتى أوسكار... كان يكرهك في البداية، لكنه أجبر نفسه على قبولك، ربما لأنه يرى في نفسه مسؤولية تجاه العائلة. لكن لا أعلم ما الذي غيّره... وكيف أصبح أقرب إليكِ."

رفع السيف ببطء إلى مستوى كتفه، وكأن يده تتذكر كم من السهل أن ينهِي كل شيء... ثم أعاده إلى غمده فجأة، بصوت نقيع حاد، وصوته نزل كالسيف القاطع: — "إن ناديتني بأخي مرة أخرى، لن أتردد. ولن أتراجع."

اقترب منها قليلًا، حتى بات يفصل بينهما شبر واحد، نظر في عينيها نظرة سافرة، مرعبة.

— "وإن اقتربتِ من أوريانا... لن تكون هناك تحذيرات أخرى."

استدار دون أن ينتظر ردها، وسار مبتعدًا بخطوات ثقيلة، تاركًا وراءه صمتًا مخيفًا ورائحة خفية من تهديدٍ لا لبس فيه.

فيكتوريا لم تتحرك. شفتاها ترتجفان، ويدها تقبض على ثوبها بارتباك. لأول مرة... لم تكن قادرة على تزييف أي شيء.

لقد رآها كما هي. تمامًا كما هي.

وقفت فيكتوريا في الممر، مكانها لم يتزحزح، ووجهها بات شاحبًا وكأن الحياة انسحبت منه ببطء.

تسللت يدها المرتجفة إلى فمها، وبدأت تعض على أظافرها بجنون، واحدة تلو الأخرى، تارة بأسنانها، وتارة بأطراف أصابعها، كأن الألم الجسدي هو الوسيلة الوحيدة لتهدئة الفوضى التي تعصف داخل رأسها.

— "بحق الجحيم..." تمتمت، وصوتها بالكاد يُسمع، مشبع بالذعر.

— "ما الذي يجري؟ لماذا لم يستجب لي؟! ليونارد... لم يكن من المفترض أن ينظر إليّ هكذا. لم يكن من المفترض أن يرفع سيفه علي!"

شدت على أصابعها أكثر، حتى سال خط رفيع من الدم على طرف ظفرها.

— "لقد ظننت... بما أنهم يصفونه باللطيف، الهادئ، الحنون، أنه سيكون الأضعف، الأسهل استمالة... لكن، لا... لا، لقد كان يوشك أن يقتلني."

رفعت رأسها فجأة، وعيناها تتوهجان بغضب مشوّه.

— "إنه خطير... خطر أكثر مما تخيلت. لا يمكن التلاعب به. لا يمكن السيطرة عليه. الاقتراب منه جنون...!"

ثم استدارت ببطء، وحدقت إلى باب غرفة أوريانا، تلك النظرة لم تكن فقط احتقارًا... كانت أقرب إلى رغبة دفينة في الإبادة.

اشتدت عضلات فكها، وحدقت في الباب كما لو كانت قادرة على إشعاله بعينيها.

— "سحقًا لكِ، أوريانا... لماذا عليكِ الظهور مجددًا؟ لماذا لم تموتي فحسب؟ لو أنكِ فقط... رحلتِ، لما كنت مضطرة للتعامل مع هذا الجنون."

بدأت خطواتها تتراجع، عيناها لا تزالان مثبتتين على الباب وكأنها تتوقع أن يُفتح فجأة ويبتلعها.

— "عليّ أن أغادر الآن... قبل أن أفقد رأسي بحق. ذلك الأحمق المجنون قد يفعلها. إن اقتربتُ منها، قد... قد يقتلني فعلًا."

أدارت ظهرها أخيرًا، خطواتها سريعة، لكنها غير متزنة، مزيج من الخوف، الغيظ، والخذلان المرير.

كانت هذه المرة الأولى التي يُكسر قناعها، وتُجبر على مواجهة الحقيقة: أنها ليست المُسيطرة هنا، وأن الدمية التي كانت تحتقرها قد تكون من تمسك بالخيوط الآن.

أثناء نومي هذه المرة هذه المرة، لم تكن هناك كوابيس.

لم يكن هناك صراخ، ولا أصوات تنهش الذاكرة، ولا سلاسل تقيدني إلى ماضٍ لا يُغفر.

بل كانت شمسًا… دافئة، لطيفة، تنفذ من بين أوراق الشجرة العتيقة، وكأنها تربّت على كتفي بخفة أمٍ افتقدتها طويلًا.

كانت الأرض مبللة بندى الصباح، والعشب يلتصق بطرف فستان أبيض مرقّش بالبقع الحمراء.

كانت أوريانا الصغيرة تبكي.

لا، لم تكن تبكي فقط… كانت تختنق ببكائها. يداها الصغيرتان تغطيان ركبتيها المجروحتين، والدماء تنساب منها على مهل، تختلط بالتراب والعشب.

كانت تبكي، بعيني طفلة لم تتعلم بعد كيف تخفي ألمها، أو تبتلع دموعها.

ثم انحنى ليونارد أمامها، ركب على الأرض متجاهلًا الغبار والعشب، ونظر إلى وجهها المبلل بالدموع.

انحنى أمامها، ركع حتى التصقت ركبتاه بالأرض، وكأن العالم توقف عند دموعها.

— "أوريانا… أنا آسف…"

قالها بصوت خافت، كأنه يخشى أن ينهار معها. عينيه لم تكونا قاسيتين كما عرفتهما اليوم… بل مليئتين بذنبٍ حقيقي، لم تستطع الطفلة فهمه حينها.

— "ظننت أنكِ تستطيعين تسلق الشجرة… لم أكن أريد أن تؤذيكِ." مد يده نحو قدمها المرتجفة، لكن يده توقفت في الهواء… تردد. ثم تمتم، وهو يبتسم ابتسامة مرتعشة:

— "دعيني أُحاول… سأجرب أن أُداويهما كما كان يفعل أبي… تعرفين، بالسحر."

السحر…؟ أكان يظن أن كلماته الصغيرة تكفي لمحو الألم؟

— "لكن فقط، أرجوكِ، توقفي عن البكاء… إن سمعنا أبي وأمي… سيعاقباني…"

سيعاقبانه؟ لماذا؟ على ماذا؟ نظرت إليه بعينين دامعتين، وهمست بصوتٍ متكسر:

— "أنا آسفة…"

— "لكن… لماذا قد يعاقبانك؟"

وفجأة… جاء صوتٌ من الخلف.

صوتٌ مألوف، لكنه صارم، كأنه كُتب بالحبر الأسود على جدار الطفولة.

— "ليونارد؟"

التفت الطفل برعب، وكأن الشياطين ظهرت خلفه. كان أوسكار، واقفًا، يحمل كتابًا بين يديه.

لكنه ما إن رأى الدم، حتى اتسعت عيناه وسقط الكتاب من يده دون وعي.

— "أوريانا؟!" صرخ، واندفع راكضًا نحوها.

— "ماذا حدث؟! ساقاكِ تنزفان! من… من فعل هذا؟!"

ارتجفت أوريانا، وهمست:

— "أنا… أنا فقط…"

لكن أوسكار لم يكن بحاجة لإجابة.

نظر إلى ليونارد، وعيناه تحترقان.

— "أنت!" صرخ. "أنت من فعل هذا بها! أليس كذلك؟!"

جسد ليونارد تجمد. لم ينكر. لم يبرر.

ولم يكن بحاجة لذلك.

وفي تلك اللحظة…

الطفلة الصغيرة، الجالسة في العشب الملطخ بالدم… لم تكن تنظر إلى أحد.

كانت تنظر إلى السماء… وتبكي بابتسامة مرتعشة.

كأن قلبها، المليء بالكسور، تلقى أخيرًا لمسةً تشبه الحب.

كأنها، لأول مرة، شعرت أنها مرئية… مهمة… حقيقية.

نطقت الطفلة بصوت مرتعش، وعلى وجهها ابتسامة خافتة تحمل من الأسى أكثر مما تحمل من الفرح، وشدت كم أوسكار بأناملها الصغيرة الملطخة بالدم:

— "أخي أوسكار… أنا بخير، سيَلتئم الجرح بسرعة. لقد اعتدتُ على الألم… حين كنت في منزل ذلك النبيل… كعبدة."

توقفت للحظة، ثم همست وكأنها تعترف بخطيئة:

— "لذا… رجاءً… لا تخبر أبي وأمي… إنهما سيُعاقبان ليونارد."

تجمد أوسكار. وصوته حين نطق اسمها بدا كأنه يخشى كسرها:

— "أوريانا…"

كانت الشفقة تملأ صوته، ممزوجة بحزنٍ لم تعرف الطفلة سببه. وفي الخلف، وقف ليونارد، يقبض على يديه الصغيرتين بقوة، يعض شفتيه حتى كاد يبكي:

— "أنا آسف… أنا آسف حقًا، أوريانا. هذا خطئي. سأذهب لأخبر أبي وأمي ليعالجاكِ… وسأتلقى العقوبة…"

لكن الطفلة انتفضت، نظرت إليه بعينين دامعتين، وهتفت:

— "لا، ليونارد! أرجوك لا تفعل… لا أريد أن يكرهني أحد مجددًا…"

ارتجف صوتها في نهايته، وانكسر شيء في قلب أوسكار.

اقترب منها، وجثا بجانبها بهدوء، ثم مد يده وربّت على رأسها برفق:

— "أوريانا… توقفي عن قول هذا الكلام."

قطع قطعة من ردائه، وبدأ يلفها بعناية حول ركبتها المجروحة، يهمس بكلمات كأنها تعاويذ ضد الألم:

— "من الغباء أن تعتقدي أن أحدًا منا قد يكرهك…"

رفع رأسه، والتقت عيناه بعينيها:

— "أنتِ الآن فرد من العائلة. من دوقية سيريروس. نحن نحبك ونهتم بك… وستحصلين على كل ما تستحقينه. تعليم، رعاية، حب… لن نكرهك أبدًا من أجل جرح."

نهض، ونفض عن ركبته الغبار، ثم مد يده إليها بابتسامة دافئة:

— "لذا… توقفي عن البكاء، وابتسمي. لأنك حقًا… جميلة عندما تبتسمين. هيا، هل نذهب لعلاجك الآن؟"

حدّقت في يده للحظة، ثم رفعت يدها الصغيرة ووضعتها في يده بثقة طفلة وجدت مأمنها أخيرًا، وهمست بابتسامة مليئة بامتنان بريء:

— "أجل… أنا قادمة، يا أخي."

استيقظت ببطء، والضوء الخافت يتسلل من نافذة الغرفة العالية. كان الجو ساكنًا بشكل غريب، وكأن كل شيء يتعمد التوقف كي لا يوقظني.

لكنني لم أكن أبكي هذه المرة. على العكس، كان هناك شيء مختلف… شعور ثقيل يسكن صدري، لم أعرف له اسمًا. ذلك الحلم… أو الذكرى… لم يكن مجرد مشهد عابر من الماضي، بل كان دفقة مشاعر اجتاحتني بقوة.

ما هذا الشعور؟

دفء؟ حنان؟ أم ألم دفين؟ هل هو ما يشعر به من يملك عائلة تحبه؟ أم… هل هو ما تشعر به "أوريانا" عندما يتحدث أحدهم معها بلطف دون خوف أو ازدراء؟

أخي… أمي… أبي… في ذلك الحلم، كانوا يحبونها. لم ينظروا إليها كأنها لعنة، لم يخافوا منها، لم يكرهوها.

لكن… لماذا؟ ما الذي تغير؟

كيف تحوّلت تلك العائلة التي احتضنت طفلة باكية… إلى وحوش تنظر لها باحتقار؟ ما الذي حدث في هذه الدوقية؟ كيف تحوّل الجميع، وبلا استثناء، إلى أعداء لها؟ لا يمكن أن يكون هذا طبيعيًا… لا يمكن أن يكرَه الجميع شخصًا هكذا فجأة دون سبب.

هناك شيء مفقود. شيء مخفي في الظلال.

نعم… فيكتوريا. أنا واثقة أن لها يدًا في الأمر. لكن المشكلة أنني… لم أقرأ الرواية حتى النهاية. كانت لا تزال تُنشر حين متُّ، ولم أعرف كل خباياها… لم أعرف خطط فيكتوريا بالكامل، ولا ما الذي فعلته لتسمم حياة أوريانا وتدفع الجميع ضدها.

ضربت رأسي بكفّي في ضيق.

— "ما الذي أفكر فيه؟ هذا ليس شأني…"

حاولت طرد تلك المشاعر من داخلي، لكن شيئًا منها ظل عالقًا، كشوكة صغيرة في قلبي. ذلك الدفء… لم يكن لي. كان لها، لأوريانا… للفتاة التي ظُلمت دون أن تُمنَح فرصة للدفاع عن نفسها.

وحتى إن أحبّوها يومًا… فإنهم اليوم يكرهونها. منذ أن وصلت إلى هذه الدوقية، لم أرَ سوى نظرات الاحتقار، الازدراء، والشماتة. لا شيء تغير… ولا أحد يستحق أن أمنح له اهتمامي.

تلك المشاعر… لن تضعفني. ولن أسمح لها أن تقودني إلى حافة الوهم. هذا العالم اختار أن يعامل أوريانا كعدو… إذن، عليهم أن يتحملوا عواقب اختياراتهم.

بما أنني نمت في الصباح، والليل قد حل الآن، لا أعتقد أنني سأتمكن من النوم مجددًا. عقلي يقظ، جسدي مرتاح، والفضول… ينهشني كذئب جائع.

هل أجرب وأذهب إلى دار المزادات السوداء؟ حسب المعلومات التي جمعتها، فهو يبقى مفتوحًا طوال هذا الشهر. مكان غامض، يُقال إنه ملتقى السحرة، والقتلة، والباحثين عن أسرار لا تُباع إلا في الظل. وهذا الظل… أحتاج أن أدخله.

نهضت من على السرير بهدوء، كأنني أخشى إيقاظ شيء ما في أعماقي. توجهت إلى الدرج، وسحبت المقبض بلطف حتى لا يصدر صوتًا.

داخل الدرج، كان هناك ذلك الشيء… الحلق.

لم أكن أخطط لشرائه حينها. كنت أركض في شوارع العاصمة محطمة، يائسة، حين لفت نظري متجر صغير للمواد السحرية. شيء ما جذبني نحوه… ربما اللون، ربما النقش القديم على واجهته، أو ربما القدر.

دخلت. رأيته. حلق براق يتدلّى من قطعة مخملية سوداء. سألت عنه، وقيل لي إنه نادر… يستخدم سحر الوهم لتغيير الهيئة الخارجية. شعرت بشيء داخلي يدفعني لامتلاكه، فاشتريته دون تفكير.

والآن… حان وقته.

لبست الحلق، وتنهدت بعمق.

في لحظة، اجتاحني شعور غريب. كأن الهواء من حولي تغيّر… كأنني أُعيد تشكيل ذاتي من جديد.

ركضت نحو المرآة الصغيرة المعلقة على الجدار. حدّقت في الانعكاس، واتسعت عيناي.

شعر أسود داكن، وعينان زرقاوان لامعتان، وملامح شاب في عمر السابعة عشرة. كان شكلي مغايرًا تمامًا، ومع ذلك… شعرت بالارتياح.

— "رائع… إنه يعمل."

رفعت حاجبيّ بابتسامة خفيفة. أخيرًا، أستطيع التحرّك دون لفت الأنظار. أستطيع الدخول إلى حيث لا يُسمح لي… أتنفس كما أشاء دون أن يُقال إنني "الفتاة الملعونة".

لكنني لن أذهب من البوابة الرئيسية، بالطبع. ذلك الحذر بات جزءًا من تكويني.

سأتسلل عبر تلك الحفرة القديمة، التي حفرها ليونارد سابقًا خلف الحديقة الشرقية. تحقّقت منها الليلة الماضية… لم تكن مغلقة بعد.

أخذت عباءتي السوداء، ووضعت خنجرًا صغيرًا في حزامي تحسبًا. ثم وقفت للحظة أمام النافذة، أراقب انعكاس القمر في بركة الماء أسفل الحديقة. الليل عميق، والهواء بارد، لكنني… أشعر بالحرية.

— "حسنًا، إلى دار المزادات… لنرَ ما يخفيه هذا العالم في ظلاله."

ثم خرجت، بخطوات خفيفة، كما لو كنت شبحًا يتسلل بين أحلام الآخرين.

والأمر الرائع… أنني خرجت من الغرفة دون أن يراني أحد. تحركت بخفة قط مدرَّب، خطواتي موزونة، ظهري مستقيم، وملامحي خالية من الريبة.

ارتديت مظهر أحد الخدم، وانسابت قدماي بثبات وسط الممرات الهادئة، كما لو كنت أعرف مكاني تمامًا. لا أحد التفت إليّ، لا أحد شك بي. ذلك الشعور الغريب… أن تكون حرًا ولو للحظات، لا تُعامل كخطر، لا يُراقبك أحد. يا له من شعور مسكر.

ما إن وصلت إلى الحديقة الشرقية، حتى تنفست بعمق. هدوء الليل يلف المكان، وعطر الزهور البرية يعبق في الهواء.

بدأت أبحث عن الحفرة… أنا متأكدة أنها هنا، في زاوية خلف الأشجار المتشابكة. يدي تحسست الأرض بحذر، أزحت بعض الأغصان… وابتسمت.

— "وجدتك."

حفرة صغيرة، بالكاد مرئية، لكنها كانت طوق نجاتي الليلة. انزلقت منها بخفة، متجاهلة الغبار الذي التصق بعباءتي، وخرجت من الطرف الآخر خارج حدود القصر.

حالما خرجت… نظرت إلى السماء.

النجوم تلمع ببرود، والقمر يراقبني بصمت، كأنه الشاهد الوحيد على كل ما أمرّ به. لكنني، لأول مرة منذ فترة طويلة، كنت متفائلة… قليلًا.

— "أتمنى فقط أن أجد شيئًا هناك… في ذلك المزاد الملعون."

أتمنى… ألا ينتهي هذا الشقاء سريعًا. نعم، غريب أن أتمنى استمرار الألم… لكنه ما يبقيني واعية، ما يذكرني أنني ما زلت هنا، حية… نوعًا ما.

أنا لا أريد السعادة، ولا النهاية الجميلة.

كل ما أريده… أن أنقذ الدوق. ثم… أموت بسلام.

ففي النهاية، كما كنت أقول دومًا:

— "أنا في الأساس… ميتة."

ثم استدرت، وبدأت أسير بخطى ثابتة نحو وجهتي المجهولة، حيث الأسرار تُعرض للبيع، والأقنعة تتساقط.

♡﹢˚₊♡﹢˚₊♡﹢˚₊♡﹢˚₊♡﹢˚₊♡﹢˚₊♡﹢˚₊♡

أعزائي الغامضين 💫، بالمناسبة ده الاسم اللي سمته ليكم معلش أنا انسانة تافهة فستحملوني ولو الاسم مش عجابكم ومش عايزني اناديكم بيه فقولوا لي وأنا هبطل أناديكم بيه المهم بوصل معاكم النهاردة لنقطة حابة أشاركها مع ابتسامة كبيرة وقلب مليان امتنان 💌...

وبكل سعادة (ومع شوية توتر 😅)، حابة أعلن إننا كده رسمياً وصلنا لنهاية الموسم الأول من الرواية 🎉📖 عارفة إن الإعلان ده يمكن ما يشوفوش غير واحد أو اتنين (أهلاً بيكم يا أعز الناس 💕)، لكن صدقوني، فرحتي بيكم أكبر من أي عدد.

صحيح الموسم ده كان قصير شوية، بس ككاتبة لسه في أول الطريق ✍️، بحاول أتعلم، أغلط، وأصلّح. يمكن مش عندي آلاف القرّاء ولا عشرات الآلاف من المشاهدات... لكن عندي شغف، وعنديكم، وده أغلى عندي من أي رقم 🌟.

أكيد كتابتي فيها أخطاء (وممكن كوارث كمان 😂)، لكن أنا هنا علشان أتعلم. فلو عندكم أي ملاحظات أو أفكار ممكن تساعدني أتحسن، أرجوكم شاركوها معايا 🙏💬، هكون ممتنة جدًا وهحاول أشتغل عليها بأقصى جهدي.

عارفة إني رغاية شوية... طيب شوية كتير 😅 بس كنت محتاجة أقول شكراً. شكراً لأنكم فضلتوا معايا، شكراً على دعمكم، وعلى وجودكم حتى في الصمت.

هتوحشوني فعلاً 🥺❤️... وإن شاء الله أرجع لكم بموسم جديد أقوى، أنضج، وأقرب لقلوبكم ✨

بحبكم من قلبي 💖 كاتبتكم الغامضة.

2025/05/18 · 22 مشاهدة · 2477 كلمة
نادي الروايات - 2025