هاه؟ ما الذي يحدث؟ لماذا يتصرف ليونارد بغرابة؟ وماذا كان يريد قوله؟
لكن قبل أن أتمكن من سؤاله، كان قد غادر بالفعل، تاركًا إياي وسط دوامة من التساؤلات.
تنهدت، ثم دخلت غرفتي وأغلقت الباب خلفي، نظري متجه إلى الشيء الذي سلمني إياه. فتحت يدي ببطء، لأجد أداة سحرية صغيرة بين أصابعي. شعرت بطاقة خفيفة تنبعث منها، نبضات سحرية خافتة تتسلل إلى جلدي. لكن... ما استخدامها؟
"ستخفف الألم،" هذا ما قاله ليونارد منذ قليل... أيقصد الكدمة التي سببها لي أوسكار؟
نظرت إلى يدي، حيث بقي أثر العنف الذي تعرضت له. حسنًا، لا ضرر من المحاولة، فالألم يزعجني بالفعل.
وضعت الأداة على الكدمة وانتظرت... ثم فجأة، شعرت بإحساس دافئ يتدفق عبر جلدي. في لحظة، اختفى الألم كليًا. نظرت إلى يدي في ذهول—اختفت الكدمة تمامًا، وكأنها لم تكن موجودة من الأساس.
لكن الأمر لم يكن طبيعيًا. ليونارد لم يكن شخصًا يتدخل في شؤون أوريانا في الرواية الأصلية، ولم يكن يعيرها أي اهتمام يُذكر، باستثناء منعه لأوسكار أحيانًا من إيذائها. إذًا، لماذا يساعدني الآن؟
هل لأنني لم أعد أسمح لأحد بإيذائي؟
في الرواية الأصلية، لم تُكشف معاناة أوريانا إلا بعد إعدامها، لم يُعرف أبدًا ما الذي مرت به، أو كيف كان الجميع يسخرون منها، أو كيف تعرضت لسوء المعاملة من فيكتوريا وكلارا والخدم. لم يكن أحد يهتم، ولم يكلف أحد نفسه عناء البحث عن الحقيقة.
لكن الآن، الأمور مختلفة.
هززت رأسي. لا يهمني السبب، ولن أفكر فيه أكثر. سأعيد الأداة له غدًا، فأنا لا أريد أي شيء من أي شخص.
ورغم أنني استخدمتها هذه المرة، سأرى لاحقًا ما الذي يريده في المقابل...
أشعر ببعض الراحة الآن بعد كل ما حدث اليوم. يمكنني أخيرًا النوم بهدوء دون التفكير في أي شيء...
لكن، رغم أنني كنت أرغب في الراحة، لم يرحمني القدر حتى أثناء نومي.
ختي سوه، كيف حالك؟"
فتحت عيني ببطء، لم يكن هذا صوتًا غريبًا، بل صوت مألوف إلى حد موجع.
"هيونا؟ ما الذي تفعلينه هنا؟"
ضحكت بخفة، نبرتها مرحة لكن فيها لمحة من التوتر المخفي: "حسنًا، لقد جئت لأطمئن على أختي الكبرى، هل فعلت شيئًا خاطئًا؟"
شعرت بشيء غريب في قلبي. هناك شيء غير طبيعي في هذه اللحظة، لكنني لم أستطع تحديده. ابتسمت لها بهدوء وقلت: "لا... لم أقصد ذلك، فقط... كيف حالك؟"
أجابت بسرعة، كأنها تخشى أن أتابع السؤال: "أنا بخير. هل تعلمين، يا أختي؟ الجميع يتحدث عن شركتك (سايبر نوفا)، يقولون إنها أفضل شركة برمجة وحماية. لقد تفوقتِ كثيرًا يا أختي، وعملتِ بجد حتى أصبح اسم شركتك في كل مكان! هل ستأتين اليوم لزيارتنا كالمعتاد؟"
"أجل، سأنتهي من أعمالي قريبًا وسأكون هناك."
ابتسمت، لكنها سرعان ما خفضت رأسها قليلًا، ثم همست بصوت مرتجف: "حسنًا، أختي... هل يمكنكِ إقراضي بعض المال؟ أحتاج لشراء بعض الأشياء."
رأيت أصابعها تتشابك في توتر، وسمعت كيف اهتزت نبرتها. "أنا آسفة... أعلم أنني أصبحت عبئًا عليكِ، لكنني بحاجة إليه حقًا..."
تجمعت دموعها في عينيها، وشعرت بوخزة أخرى في قلبي، هذه المرة أشد.
"لا داعي للبكاء، هيونا. ما المبلغ الذي تحتاجينه؟ سأعطيكِ إياه. لا يمكنني أبدًا أن أنزعج من أختي، خاصة إن كانت بحاجة إلى شيء."
مسحت دموعها سريعًا وابتسمت: "شكرًا لكِ، يا أختي! أنتِ الأفضل!"
لاحقًا، بعد انتهاء العمل...
كان يومًا شاقًا آخر، لكنه جيد. على الأقل، تمكنت من توفير ما يكفي لإعطاء والدي المبلغ الذي أعطيه له دائمًا.
الآن عليّ أن أجد هيونا. قالت إنها ستنتظرني في الشركة حتى أنتهي. خرجت من مكتبي بسرعة، وسرعان ما وجدتها جالسة في استراحة الموظفين.
"أختي، هل انتهيتِ؟"
"أجل، هيا بنا لنذهب."
خرجنا معًا، نمشي في طريق عودتنا إلى المنزل، لكن...
كان هناك شيء غريب.
شعرت بانقباض في قلبي... إحساس ثقيل، خانق، أشبه بإنذار غير مرئي.
ما الذي يحدث؟ ولماذا أشعر بهذا الآن؟
بينما وقفنا ننتظر تغير اشارة المرور
بينما وقفنا ننتظر تغير إشارة المرور، كانت الأجواء هادئة، لا شيء سوى ضجيج السيارات وصوت الرياح الباردة التي تداعب شعري. التفتت إليّ هيونا بابتسامة لطيفة، وبدأت حديثها بصوت ناعم:
"أختي، هل تعلمين؟ أخي الأكبر دائمًا ما يقول إنكِ شقيقته الصغرى الرائعة واللطيفة."
شعرت بسعادة تغمرني، ابتسامة صغيرة ارتسمت على وجهي دون وعي: "حقًا؟ ما تقولينه يسعدني كثيرًا."
لكن فجأة، تغيرت ملامحها تمامًا، تلاشت تلك اللطافة من وجهها لتحل محلها نظرة ساخرة باردة، ابتسامة تنضح بالخبث.
"لا، هذا غير صحيح. أنتِ حمقاء حقًا، أختي."
تجمدت في مكاني، قلبي بدأ ينبض بعنف: "هاه؟ ما الذي تعنينه؟"
ضحكت بسخرية، وكأنها تستمتع بارتباكي: "أنتِ دائمًا تعاملينني بلطف، رغم كل ما كنتُ أفعله بكِ، رغم كل مرة أوقعتكِ في المشاكل وتظاهرت بالبراءة أمامكِ وأمام الآخرين، ومع ذلك... كنتِ تصدقينني. لم تدركي يومًا أنني السبب في كل شيء، وأن كل ما حدث لكِ كان ضمن خططي. ومع ذلك، كنتِ تعاملينني بلطف... يا لكِ من حمقاء."
الصدمة ضربتني بقوة، لم أستطع استيعاب كلماتها. "أنتِ تمزحين... صحيح؟"
اتسعت ابتسامتها الخبيثة، نظرت إليّ نظرة ازدراء: "تعابير وجهكِ الآن مضحكة. ما زلتِ تظنين أن الجميع لطيفون، ما زلتِ تثقين بالجميع بسهولة... حتى الآن، لا تزالين تظنين أن أبي وأمي وأخوايِ يعاملونكِ بلطف لأنهم يحبونكِ؟ كم أنتِ ساذجة... أنتِ لستِ سوى مصرف نقود لنا، لا أكثر."
شعرت وكأن خنجرًا قد غُرس في صدري. كل كلمة نطقت بها مزّقت داخلي، هشّمت الأمل الذي كنتُ أتمسك به. لقد عملتُ بجد، ضحيتُ بالكثير، طورتُ شركتي حتى يتم الاعتراف بي داخل عائلتي. وبعدما نجحتُ، بدأ الجميع يعاملونني بلطف... أو هذا ما كنتُ أظنه.
لكن هيونا الآن... حطّمت كل شيء.
لطالما كانت تتعامل معي بلطافة، تبتسم لي بعذوبة، تلعب دور الأخت الصغيرة البريئة. كنتُ أرى فيها النقاء، كنتُ أرفض تصديق أي سوء عنها، رغم كل المؤشرات التي حاولتُ إنكارها... لكن الحقيقة الآن تتجلى أمامي كصفعة قوية.
دموعي انهمرت على وجهي، نظرتُ إليها بألم وخيبة: "إذاً... أخبريني. لماذا؟ لماذا فعلتِ بي هذا؟ بماذا آذيتكِ؟ وهل تخبريني أن كل هذا اللطف الذي تلقيته من أبي وأخواي كان مجرد كذبة؟"
رفعت حاجبها وكأن سؤالي سخيف، ثم تنهدت باستمتاع: "لماذا فعلتُ بكِ هذا؟ ببساطة، لأنني أردتُ ذلك. لم تؤذيني، لكنني أردتُ أن أكون الأفضل، أن يحبني الجميع أكثر، أن يبجلوني... وكنتُ أستمتع برؤيتكِ تتحطمين مرة بعد الأخرى. كان الأمر مسليًا للغاية."
تجمدت مكاني، لكنها لم تترك لي فرصة لاستيعاب ما قالت، بل تابعت بصوت هادئ وكأنه حديث عادي:
"أما عن سؤالكِ الثاني... أجل، كل شيء كان تمثيلية. أبي؟ بعد كل مرة تغادرين فيها، كان يخبرنا أنكِ بلا فائدة سوى أموالكِ، وأنه لولاها لكان قد تخلص منكِ منذ زمن. لكنه لن يفعل، ليس الآن على الأقل. مادمتِ تملكين المال، ستستمر هذه المسرحية، سيواصلون خداعكِ بالكلمات الحنونة والابتسامات المزيفة. لكنني... سئمتُ منها. إنهم يطيلون التمثيل أكثر مما يجب."
نظرتُ إليها برعب، فابتسمت بسخرية وهي تميل برأسها قليلًا: "صحيح أنهم يَخدعونكِ... لكنني أرى أن هذا كثير عليكِ. في رأيي، لا داعي للاستمرار أكثر. لقد حطمتك ولا اريد ان تجمعي شتات نفسك مجداد صحيح أن أبي لن يطردكِ ما دامت أموالكِ تتدفق إليه، لكن... إن متِّ، فكل شيء سيصبح ملكًا له مباشرة. أليس كذلك؟"
عيناي اتسعتا بفزع، لكن قبل أن أتمكن من النطق بكلمة أخرى، شعرتُ بدفعة قوية، جسدي تراجع للخلف بقوة...
لاري شاحنه قاددمة بقوة نحوه وضوء ساطع اعماني عن الرؤية
هاه... هاه... هاه...
استيقظت فجأة، جسدي كله ينتفض بعنف، أنفاسي متسارعة وكأنني كنت أغرق في كابوس لا نهاية له. جلست على السرير، أشعر بحرارة الدموع التي انهمرت بصمت على خديّ، لم أستطع كتمها، لم أستطع حتى استيعاب كل ما رأيته للتو.
عضضت شفتي بقوة، قبضتاي ترتجفان بينما تمسكان بملاءة السرير بقوة تكاد تمزقها. "لماذا؟" تمتمت بصوت مخنوق. لماذا عليّ تذكر كل هذا الآن؟ لماذا حتى في أحلامي لا أجد الراحة؟
كان من المفترض أن يكون كل شيء قد انتهى. كان يجب أن أنسى، أن أدفن تلك الذكريات في أعماق النسيان، لكن لا... حتى في هذا الجسد الجديد، حتى في هذه الحياة الجديدة، تطاردني الأشباح ذاتها. لماذا لم أمُت فحسب في ذلك العالم؟ لماذا اضطررت للعودة إلى هذه الحياة؟
شهقت بحدة، ووضعت يدي على رأسي المرتجف. "ما الذنب الذي ارتكبته لأستحق هذا؟" لم يكن يكفي أنني مت بتلك الطريقة المهينة، بل عليّ الآن أن أعيش مجددًا في هذه الدوقية القذرة، محاطة بنفس النوع من الأشخاص القذرين... فيكتوريا... نسخة أخرى من هيونا... كم هذا مثير للسخرية!
لماذا؟ لماذا؟ لماذا؟!
لم أتمكن من السيطرة على مشاعري أكثر. بدأت أطرق على السرير بغضب، وكأن ذلك قد يخفف من الألم في صدري. "لماذا؟! ما الذي فعلته لأستحق كل هذا؟!" كانت الدموع تنهمر بغزارة، تخنقني، تحرقني. كل شيء كان أكثر مما أحتمل.
لكن لا... لا أريد أن يراني أحد بهذا الشكل. لا أريد أن أبدو ضعيفة.
أخذت نفسًا عميقًا، محاولة تهدئة نفسي، حتى لو كان ذلك مستحيلًا. عليّ أن أتماسك. لا يمكنني السماح لهذا الكابوس بأن يحطمني... ليس بعد الآن.
نهضت من السرير ببطء، ما زالت آثار الدموع على وجهي، لكنني تجاهلتها. شعاع الشمس الدافئ تسلل عبر النافذة، معلنًا بداية يوم جديد.
شعرت بجوع خفيف يتسلل إلى معدتي—لم أتناول الغداء بالأمس بسبب كل ما حدث. فكرت في استدعاء أحد الخدم لإحضار شيء لي، لكن قبل أن أتحرك، جاء صوت طرقات متتالية على الباب.
"آنسة أوريانا، هل أنتِ مستيقظة؟"
كان الصوت هادئًا لكنه يحمل نبرة رسمية جافة.
"أجل، تفضلي بالدخول."
فُتح الباب ببطء، ودخلت امرأة ذات شعر أسود مرتب وعيون سوداء حادة، ترتدي نظارات دقيقة تعكس شخصيتها الصارمة.
كانت هذه مارجيت، كبيرة خدم القصر. حسب ذكريات أوريانا الأصلية، لم تكن هذه المرأة تكنُّ لها أي احترام، بل كانت تتعامل معها باحتقار واضح، كما لو كانت مجرد عبء غير مرغوب فيه.
"ما الذي جاء بكِ يا رئيسة الخدم؟ ما الذي تريدينه؟"
رمقتني بنظرة مشوبة بالاشمئزاز الطفيف، قبل أن تعلن بصوت خالٍ من المشاعر: "سيدي الدوق طلب منكِ الحضور لتناول الإفطار معه في غرفة الطعام."
تجمدتُ للحظة، أحدق فيها بعدم تصديق.
"الدوق قال ذلك؟ بنفسه؟"
"أجل."
هذا غريب... من المعروف أن دوق سيريوس يهتم بجميع أفراد أسرته، لكنه لم يكن يجتمع مع أوريانا على مائدة الطعام في الرواية الأصلية. في الواقع، لم يكن يلتقي بها إلا عندما تحدث مشاكل.
لكن... حسنًا، مهما كان السبب، هذه فرصة جيدة لي. من الأفضل تناول الطعام مع الدوق بدلاً من أن أُترك هنا لأتلقى معاملة سيئة أو أن يُقدم لي طعام فاسد كما في الماضي.
"حسنًا، انتظري في الخارج حتى أنتهي من ارتداء ملابسي."
نظرت إليّ باستغراب واضح.
"هاه؟"
رفعت حاجبي في انزعاج. "ما الذي تعنينه بـ'هاه'؟ أخبرتكِ أن تخرجي وتنتظريني. وأنتِ من ستأخذيني إلى غرفة الطعام."
اجابت باستحقار: لكن الا تعرفين مكان غرفة الطعام
سواء كنت أعرف الطريق أم لا، ليس هذا من شأنكِ. وظيفتكِ هي تنفيذ الأوامر، صحيح؟ إذن، اخرجي وانتظريني.أم أنني بحاجة إلى تذكيركِ بمكانتكِ؟
ضغطت على شفتيها بضيق، لكنها انحنت قليلاً ثم خرجت. أغلقت الباب خلفها، وأخذت نفسًا عميقًا.
"كان ذلك أسهل مما توقعت..."
توجهت إلى خزانة الملابس، وأخرجت ثوبًا بسيطًا لكنه أنيق. بمجرد أن انتهيت من الاستعداد، فتحت الباب ووجدت مارجيت لا تزال واقفة هناك، وجهها متجمد كعادتها.
"جيد، على الأقل لم تتجرأ على المغادرة."
بدأت تسير أمامي، تقودني عبر الممرات الطويلة المؤدية إلى غرفة الطعام. مشيت خلفها بصمت، أراقب القصر الضخم الذي لم أستكشفه حقًا من قبل.
عندما وصلنا أخيرًا إلى باب غرفة الطعام، فتحته مارجيت بصمت، فخطوت إلى الداخل...
ولكن، ما رأيته جعلني أتجمد في مكاني.
عيوني اتسعت بصدمة.
لماذا؟
ذا كنتَ في مكان أوريانا، كيف ستتعامل مع هذه الذكريات؟ هل ستسعى للانتقام، أم ستترك الماضي خلفك؟
🔥 "برأيكم، هل تصرف ليونارد بدافع الشفقة أم لديه نوايا خفية؟ 🤔"
💬 "تعليقاتكم تعني لي الكثير! ❤️ كل رأي وملاحظة تساعدني في تحسين القصة وتطوير الأحداث. لا تترددوا في مشاركة توقعاتكم، آرائكم، أو حتى الشخصيات التي أعجبتكم أكثر! متحمسة لقراءة تعليقاتكم! ✨👇"