أزحت الكرسي ونهضت، متجهة نحو الباب، لكن قبل أن أفتحه، وجدت مارجيت واقفة أمامه، ويدها مرفوعة كما لو كانت على وشك الطرق.

ضيّقت عيني ببرود وسألتها: "مارجيت؟ ما الذي تفعلينه هنا؟"

انحنت قليلاً باحترام قبل أن تجيب بنبرة هادئة: "سيدي الدوق أمرني بإحضار الإفطار لك، فقد لاحظ أنك لم تتناولي طعامك جيدًا."

نظرت إلى العربة الفضية التي دفعتها إلى الداخل، حيث كانت تحمل أطباقًا أنيقة مليئة بأصناف من الطعام، إضافة إلى طبق صغير من الحلويات الفاخرة. للحظة، شعرت بالدهشة-لم أكن أعتقد أن الدوق سيهتم لأمري لمجرد أنني فقدت شهيتي...

لكن لم يكن لدي وقت للتفكير في ذلك الآن. رفعت رأسي ونظرت إلى مارجيت ببرود قبل أن أقول: "ضعيها في الغرفة، سأتناولها لاحقًا. لدي أمر أكثر أهمية الآن."

ثم تجاوزتها بثبات، دون أن ألتفت خلفي، تاركة إياها تقف هناك بينما خرجت من الغرفة متجهة إلى وجهتي.

كنت أسير بسرعة عبر الممرات، نبضات قلبي تتسارع مع كل خطوة. أنا حقًا متحمسة لمقابلتها، حتى لو لم تستطع رؤيتي أو التحدث معي...

كلما اقتربت، شعرت بشيء مألوف يحيط بالمكان، وحين التفت، رأيت تلك الغرفة المحاطة بزهور فلورافي السحرية-زهور نادرة تُستخدم للحفاظ على المانا داخل جسد الشخص ودعم حواسه.

إذن، هذه هي الغرفة...

مددت يدي نحو المقبض، على وشك دفع الباب، لكن قبل أن أفعل، انفتح الباب من الداخل فجأة.

ليونارد...!

تفاجأ عند رؤيتي، وبدت عليه لحظة من الذهول قبل أن تعود ملامحه إلى طبيعتها. أما أنا، فقد أخفيت انفعالي سريعًا، مستعيدة تعابيري الباردة المعتادة.

نظر إليّ ليونارد وقال بصوت هادئ: "أوريانا... لقد جئتِ. كنت أتساءل إن كنتِ ستأتين اليوم، فبالأمس لم تفعلي."

لم أُجب عليه، فقط حدّقت فيه بنظرات باردة، متجاهلة تساؤله.

لكن ليونارد لم يتراجع، بل تابع بنبرة هادئة: "لم أستطع سؤالك عن هذا على مائدة الطعام بسبب ما حدث، ولكن... هل استخدمتِ تلك الأداة السحرية؟"

رأيتُ نظراته تهبط إلى يدي، قبل أن يضيف: "يبدو أنكِ استخدمتها على يدك، فالأثر قد زال... وأيضًا، هل استعملتها على الحروق التي على كتفك؟"

قبضت على يدي بقوة، بينما عضضت على شفتي بضيق. لقد سئمتُ من هذا... سئمتُ من كل هذا الاهتمام المتأخر!

تنفستُ بعمق قبل أن أجيبه بنبرة حادة:

"لماذا تهتم؟"

ارتفع حاجباه قليلاً وكأنه لم يتوقع إجابتي، ثم قال باستغراب: "أوريانا؟"

ضحكت بسخرية خافتة قبل أن أرد ببرود:

"عذرًا، أيها السيد الشاب، لكن هل لاحظتَ للتو أنني موجودة في هذا القصر؟ لماذا تُبدي هذا الاهتمام الآن؟"

ثم، دون أن أنتظر رده، مددتُ يدي وسحبت الأداة السحرية من جيبي، ممسكة بها للحظة قبل أن أمدها نحوه قائلة بلهجة جامدة:

"لقد استخدمتها بالفعل... لذا، خذها. لم أعد بحاجة إليها."

مددت يدي نحو ليونارد وأنا أضع الأداة السحرية في كفه، ثم قلت ببرود:

"بما أنني استخدمتها على يدي لمرة واحدة فقط، يمكنك طلب شيء في المقابل، أيها الدوق الشاب."

نظر إليّ للحظة قبل أن يرد بنبرة هادئة لكنها متماسكة:

"ألا ترين أنكِ تتعاملين معي بقلة احترام؟ لقد حاولت أن أكون لطيفًا معك، ولكن يبدو أنكِ مُصرة على التصرف بهذه الطريقة."

ضحكت بسخرية، لكن عينيّ ظلّتا تراقبانه بحدة، ثم قلت بنبرة جافة:

"لطيفًا؟ ليونارد، هل تفعل ذلك بإرادتك فعلًا؟"

لاحظت انقباض حاجبيه الطفيف، لكنه لم يرد.

"في كل مرة أراك تتحدث معي، يبدو أنكَ تحاول جاهدًا أن تكون لطيفًا، لكنني لا أفهم لماذا تزعج نفسك بهذا."

تقدمت نحوه خطوة، ثم أضفت بنبرة بطيئة، ناثرةً كل كلمة كما لو كنت أتذوقها:

"ليس عليك التمثيل... لا حاجة لمحاولة التصرف معي بلطف."

سادت لحظة صمت بيننا قبل أن أتابع بابتسامة باردة، نبرتي لا تحمل أي أثر للودّ:

"لأن هذا... مقزز."

نظر إليّ ليونارد بعيون مليئة بمشاعر متشابكة، ثم قال بصوت منخفض لكنه مشحون بالغضب:

"أنا لا أعرف متى أصبحتِ ذكية هكذا... لكنكِ محقة."

توقّف لحظة، وكأن الاعتراف بهذا أثقل عليه، ثم تابع بصوت أكثر مرارة:

"منذ أن جئتِ إلى هنا... منذ أن أحضرتكِ والدتي، وأنا لا أفهم السبب. لماذا قرر والدي إحضار فيكتوريا؟ ولماذا جلبتكِ أمي إلى هذا القصر؟ كنا عائلة متماسكة، فلماذا كان يجب أن تأتوا أنتم؟"

شدّ قبضته وكأنه يحاول كتم غضبه، لكن صوته كان يرتجف تحت وطأة مشاعره:

"وكأن ذلك لم يكن كافيًا... بعد قدومكِ، بدأت حالة أمي بالتدهور. شيئًا فشيئًا، إلى أن دخلت في غيبوبة، ولم تستفق حتى الآن."

رفع عينيه لينظر إليّ مباشرة، نظرته حادة، لكنها تحمل في طياتها ألمًا دفينًا:

"ثم تأتين الآن وتطلبين مني أن أكون لطيفًا معكِ؟ أن أحبكِ أنتِ وفيكتوريا؟"

ضحك ضحكة قصيرة، لكنها لم تكن سوى قناع يخفي المرارة في صوته.

"أنا لا أفعل ذلك لأنني أريد ذلك، أورِيانا. كنت أحاول أن أكون لطيفًا فقط... فقط لأن أمي طلبت مني ذلك."

"توقف للحظة، عيناه تهتزان كمن يقاتل دموعًا لن يسمح لها بالسقوط، ثم أضاف بنبرة مكسورة: 'لكن ربما كنت مخطئًا في ذلك أيضًا.

مهلا هل هذا الاحمق يريد ان يحملني شيئا لم ارتبكه

توقفت في مكاني، ثم استدرت نحوه ببطء، نبرتي كانت حادة، وعيناي تضيقان بغضب مكبوت:

"انتظر، أيها السيد الشاب... هل تعتقد حقًا أنني أردت أن تقع الدوقة في غيبوبة؟ أم أنك تحاول إلقاء اللوم علي بطريقة غير مباشرة؟"

اقتربت منه خطوة، صوتي كان منخفضًا لكن كل كلمة خرجت محملة بالمرارة:

"تعرف ماذا؟ أنت لا تختلف عن أوسكار... ولا عن فيكتوريا. أنتم جميعًا تحمّلونني الذنب في كل شيء، حتى دون أن تفكروا في الاستماع إليّ. حتى دون أن تتساءلوا ولو لمرة واحدة عمّا حدث حقًا."

توقفت، ثم تنفست بعمق، وكأنني أحاول كتم الغضب المتأجج بداخلي، لكنني لم أستطع منع نبرة السخرية من التسرب إلى صوتي:

"لماذا لا يكون الحلّ أبسط من ذلك؟ لماذا لا تبتعدون عني جميعًا؟ لقد سئمت... سئمتكم جميعًا. لا أحد منكم مختلف."

نظرت إليه مباشرة، ثم رفعت يدي لأخرج الأداة السحرية وألقيها أمامه دون اهتمام:

"أما بخصوص هذه الأداة، أيها السيد الشاب... بما أنني استخدمتها، اطلب شيئًا في المقابل. أي شيء تريده. أو إن كنت لا تريد شيئًا، يمكنك الآن إصابتي كما فعل أوسكار."

ضحكت ضحكة باردة، رغم أن عيني لم تكن تبتسم أبدًا:

"أعلم جيدًا أنني لن أُقابل بأي معروف من أحد منكم، لذا إن طلبت شيئًا، سأعتبرها مجرد خدمة مقابل خدمة."

ثم رفعت يدي الأخرى ببطء، ناظرة إليه بحدة:

"أو... هل تفضّل أن لا تلمسني؟ بما أنني فتاة مقززة في نظرك؟"

تركت كلماتي تتغلغل في الهواء بيننا للحظات، ثم أضفت ببطء، بصوت منخفض لكن حاد كالسيف:

"إن كان الأمر كذلك، فلا بأس... يمكنني إيذاء يدي بنفسي."

"إذًا، أيها الدوق الشاب... هل ستُشرفنا أخيرًا بالإفصاح عن طلبك؟ أم أنك تفضّل أن أعيد إصابة يدي بنفسي؟"

نظرت إليه ببرود بينما كان لا يزال واقفًا في مكانه، وجهه متجهم، ومشاعره غير واضحة تمامًا-مزيج من الغضب والصدمة والإحباط.

أخيرًا، بعد لحظة من الصمت المشحون، أجاب بصوت متحجر:

"سأفكر في شيء لأطلبه لاحقًا... لكن الآن، لا شيء يخطر ببالي."

ابتسمت ابتسامة ساخرة، وقلت بنبرة تحمل لمحة من الاستهزاء:

"يا له من لطف بالغ منك، أيها السيد الدوق... لأنك لم تطلب مني إيذاء نفسي."

ثم مررت بجانبه بخطوات ثابتة، وقفت أمامه للحظة، رفعت رأسي قليلاً ونظرت إلى عينيه مباشرة قبل أن أتابع:

"إذن، هل يمكنني الآن أن أطلب منك، أيها الدوق الشاب، أن تتنحى جانبًا لكي أتمكن من الدخول إلى الغرفة؟"

تنهد ليونارد بضيق قبل أن يشيح بنظره جانبًا، ثم تراجع خطوة إلى الخلف، مفسحًا لي الطريق.

"افعلي ما تشائين."

لم أضيع وقتي في الرد عليه، بل رفعت رأسي وسرت بخطوات ثابتة نحو الغرفة، عابرة من جواره دون أن ألتفت إليه. ثم دفعت الباب بيدي ودخلت، مغلقة إياه خلفي بهدوء.

استقبلني عبير زهور الفلورافي النادرة التي تكتنف المكان، بتلاتها البيضاء الممزوجة بخيوط أرجوانية تتوهج بلمعان خافت كأنها تمتص النور من حولها. كانت جذورها الدقيقة تتشابك مع الأرضية، كأنها نسيج حي ينبض بالطاقة السحرية. لم تكن مجرد زينة، بل حارسة صامتة، تنسج شبكة من المانا تحيط بالغرفة، تمتص الطاقة الزائدة وتعيدها لتحفظ استقرار كاميلا. شعرت بطاقتها تنساب إليّ، دافئة وحادة، كأن ذكريات أوريانا تتدفق عبر عروقي مع كل نفس.

واصلت السير بخطوات ثابتة عبر الغرفة الهادئة حتى وصلت إلى السرير الموضوع في منتصفها. هناك، ممددة على الفراش المخملي، رأيت سيدة ذات شعر وردي ينسدل حول وجهها الشاحب كبقايا زهر تلاشى لونه مع الزمن. بشرتها كانت بيضاء ناصعة لكنها فقدت بريق الحياة، وكأنها محبوسة بين عالمين، عالم اليقظة وعالم الأحلام.

إنها الدوقة كاميلا.

نظرت إليها بصمت، دفء غير مفسر يتسلل إلى صدري. كانت أوريانا الأصلية تزورها باستمرار، وكانت تحبها... وأنا، رغم أنني لم أكن مكانها في الماضي، لم أستطع منع نفسي من الشعور بالاحترام لهذه السيدة النائمة.

مددت يدي بتردد، أطراف أصابعي لامست يدها الباردة. كانت ساكنة تمامًا... بلا رد فعل، بلا أي علامة على الحياة سوى ارتفاع وهبوط خفيف لصدرها. شعرت بوخزة خفيفة في صدري، وشعرت بأنفاسي تهتز للحظة.

هذه المرأة...

هذه المرأة كانت الوحيدة التي مدت يدها لأوريانا وسط الظلام.

تذكرتُ كل شيء بوضوح قاسٍ، وكأن الصور تنبعث من الماضي أمامي.

أوريانا لم تكن أكثر من عبدة في قصر أحد النبلاء. لم يكن هناك يوم يمر دون أن تُضرب أو تُهان، كانت مجرد دمية تُسحق تحت أقدامهم، تُستخدم كما يشاؤون، ثم تُلقى جانبًا كما لو كانت لا شيء. لم تعد تتحمل، لم تعد قادرة على الاستمرار في ذلك الجحيم... فهربت.

لكن الشوارع لم تكن أكثر رحمة.

كان الناس يرمقونها باشمئزاز، يدفعونها بعيدًا، يصرخون في وجهها كلما حاولت الاستنجاد بهم. كانت تستجدي الطعام، فتُقابل بالضرب والاحتقار. اختبأت في الأزقة الباردة، جائعة، مغطاة بالطين والدم، تنتظر النهاية بصمت.

وحينها، على حافة الموت... امتدت يدٌ نحويها.

لم تكن يد متسول آخر، ولم تكن يدًا امتدت لتضربها أو تسرق منها آخر ما تبقى لها. كانت يدًا دافئة، مغطاة بقفاز ناعم، يدًا تحمل القوة والرقي... والرحمة.

الدوقة كاميلا.

أخذتها إلى الدوقية، لم تسألها عن ماضيها، لم ترفضها، لم تعاملها كخادمة أو منبوذة. بل منحتها مكانًا في هذا العالم، قدمت لها الدفء، الطعام، الراحة، شيئًا لم تعرفه أبدًا... عائلة.

وحين بدأ جسدها بالضعف، لم تتركها. كانت بجانبها دائمًا، تبتسم لها، تطمئن عليها، تمسك بيدها حين كانت ترتجف خوفًا في الليل.

كانت أول من أحبها بصدق.

لهذا... حين سقطت في هذه الغيبوبة، حين فقدت الدوقة كاميلا كل شيء، كان من الطبيعي أن تفعل أوريانا المستحيل لإنقاذها.

أفهم الآن.

أفهم لماذا أصبحت أوريانا أداة في يد فيكتوريا، لماذا كانت تفعل كل ما يُطلب منها دون اعتراض، لماذا تحملت الإهانات، نظرات الاحتقار، اتهامات الجميع لها. لم يكن الأمر لأنها كانت ضعيفة أو غبية... بل لأنها كانت مستعدة للتضحية بنفسها من أجل المرأة التي أنقذتها.

لا يمكنني أن أصفها بالحمقاء... لأني لو كنت مكانها، كنت سأفعل الشيء ذاته.

لكن فيكتوريا لم تفعل شيئًا لإنقاذ الدوقة، وماتت كاميلا عندما بلغت أوريانا الثامنة عشرة، أي بعد عامٍ واحد فقط.

كان ذلك كفيلاً بتحطيمها تمامًا. لم يكن الأمر مجرد تحملها لنظرات الجميع، بل تحملت ازدراءهم، احتقارهم، وكلماتهم الجارحة التي كانت تنهشها يومًا بعد يوم. لقد بقيت في الدوقية، تتحمل كل ذلك، فقط على أمل إنقاذ الدوقة... لكنها فشلت.

حينها، وُلد داخلها شيء جديد-شيء مظلم. أصبحت أكثر غضبًا، أكثر قسوة. كانت تصرخ لأتفه الأسباب، لا تتردد في إظهار كراهيتها، خاصة تجاه فيكتوريا. لم يعد يهمها شيء، ولم تعد تحاول كسب ودّ أحد.

وعندما صدر الحكم بإعدامها، لم تكن هناك دموع، لم يكن هناك استياء أو مقاومة... فقط نظرة باردة فارغة، وكأنها شخصٌ كان ينتظر الخلاص منذ زمنٍ طويل.

جلستُ على الكرسي بجانب السرير، وأسندتُ رأسي إلى مسنده، أشعر بثقل لا يُحتمل في صدري. نظرتُ إلى السقف المزخرف، لكن عيني لم تكن تريان سوى الفراغ. الهواء في الغرفة كان هادئًا، لكنه محمّل برائحة الزهور السحرية التي أحاطت بالمكان، وكأنها تحاول حماية من يرقد على هذا السرير.

نظرتُ إلى كاميلا، وفجأة، تداخلت صورتها في ذهني مع وجه آخر-وجه أمي، الذي كان يبتسم لي يومًا ما بنفس الدفء قبل أن ينهار كل شيء.

كنتُ أجلس متكومة بجوار الحائط، أضم ركبتيّ إلى صدري وأدفن وجهي بينهما. كنتُ صغيرة، بالكاد في الثالثة من عمري، لكني شعرتُ حينها أن العالم أكبر مما يمكنني احتماله.

"بين سوه... أين أنتِ، يا ابنتي؟"

جاءني صوت أمي، دافئًا رغم ضعفه، يتسلل إليّ كنسيمٍ لطيف وسط عاصفة. حاولتُ كتم شهقاتي، لكن خطواتها المتثاقلة اقتربت حتى شعرتُ بيدها الحانية تُربّت على كتفي.

"ما الذي يجعلكِ تبكين هكذا، حبيبتي؟ أخبريني... أمكِ هنا."

هززتُ رأسي بعناد، محاوِلةً مسح دموعي الصغيرة بكمّ فستاني. "لا... لا شيء، لا شيء يحدث."

لكن أمي لم تصدقني.

بانت على وجهها ابتسامة حزينة، قبل أن تنحني قليلاً وتحملني بين ذراعيها رغم أنها كانت بالكاد تستطيع الوقوف. كان جسدها هزيلاً، ووجهها شاحبًا كأن الحياة تنسحب منه ببطء، لكنها احتضنتني بقوة، كأنها تريد أن تحميني من كل شيء.

"ألم أخبركِ من قبل؟" همست بصوتها المرهق، بينما تربّت على ظهري بلطف. "أنا صديقتكِ أيضًا، يا بين سوه... لذا عليكِ أن تخبريني بكل ما يجري معكِ، حسنًا؟"

رفعتُ رأسي قليلًا، ونظرتُ إلى أمي بعينين غارقتين في الدموع. ترددتُ للحظة، لكن كلمات أخي الأكبر ظلت تدور في رأسي كصدى مؤلم.

"أخي..." تمتمتُ بصوت مرتجف. "كنتُ أطلب منه أن يلعب معي... لكنه دفعني بعيدًا وقال إنه لا يريد."

شدّت أمي ذراعيها حولي بحنان، لكني شعرتُ بيدها المرتجفة على ظهري، مما جعلني أزداد خوفًا.

"وقال أيضًا..." شهقتُ، وابتلعتُ دموعي قبل أن أواصل: "قال إنني السبب في تعبكِ... وأنكِ ستموتين بسببي."

اتسعت عينا أمي قليلًا، ثم زفرت بهدوء ومسحت على شعري بأناملها الدافئة.

"لا، بين سوه، أخوكِ كان يمزح معكِ فقط." ابتسمت رغم شحوبها، وحاولت أن تجعل صوتها مرحًا. "أنا لن أموت، حبيبتي. أنتِ تعرفين كم يحب المزاح، لكنه فقط يمزح بأسلوب ثقيل بعض الشيء."

أخفضتُ نظري في تردد، لكن أمي فجأة رفعت كمّ قميصها وأشارت إلى ذراعها النحيلة، محاولةً أن تبدو قوية.

"ثم، ألا ترين هذه العضلات؟" قالت وهي تبتسم، مصطنعة مظهرًا قويًا وهي تشدّ ذراعها وكأنها ملاكمة محترفة. "كيف يجرؤ على قول شيء كهذا؟ أمكِ قوية جدًا!"

ضحكتُ، رغم أن دموعي لم تجف بعد. نظرتُ إليها بابتسامة صغيرة، قبل أن أتمسك بها أكثر وأهمس:

"أجل... أمي هي الأفضل."

وضعت أمي قبلة ناعمة على جبيني، وكأنها تخبرني دون كلمات أنها ستكون دائمًا بجانبي، مهما قال الآخرون.

لكن رغم ذلك ما حدث بعدها دمر حياتي بالكامل

لكن رغم ذلك... ما حدث بعدها دمّر حياتي بالكامل.

تلك اللحظة، ذلك الدفء الذي منحته لي أمي، كان مجرد هدوء يسبق العاصفة. كنت صغيرة جدًا لأدرك أن كلمات أخي لم تكن مجرد مزحة ثقيلة... بل كانت نبوءة قاسية ستتحقق قريبًا.

"هل تعتقدون أن ليونارد محق في مشاعره تجاه أوريانا، أم أنه يتهرب من الحقيقة بإلقاء اللوم عليها؟ 🤔🔥 شاركوني آرائكم!"

"آراؤكم وتعليقاتكم تهمني جدًا! ✨💬 كل تعليق منكم يساعدني في تحسين القصة وجعلها أكثر إثارة! 🔥 لا تبخلوا علي بأفكاركم وتوقعاتكم! 💖👇"

لا تنسوا متابعة حسابي علي انستا لمعرفة كل جديد aya.san._1@

2025/03/18 · 63 مشاهدة · 2254 كلمة
نادي الروايات - 2025