وقفت الفتيات قرب صندوق بريد أزرق كبير الحجم. تنظرن في الأرجاء أحياناً و تثرثرن أحياناً. مع مرور الوقت و حلول المساء تقريباً بدأت الفتيات في الشك في قراءتهم الصحيحة لما هو مكتوب لكن مهما أعدت القراءة كانت صحيحة عليهن الانتظار في مكان المنطقة المهددة السابقة. في العادة يأخذ عودة الساكنين لمثل هذه المناطق شهورا على الأقل و هذا إذا وافق أحد و تشجع بما يكفي للعودة لمنطقة هاجمتها الوحوش لكن على عكس ذلك أصبح الحي الذي كان مكان المنطقة المهددة رائجا و شعبيا و هناك حتى أن البعض يأتي ليلتقط الصور و ذلك بفضل الإستعراض الذي قدمه الساحر المجهول برعاية منظمة الكيوبر. شعرت الفتيات بالفخر عند سماع أقاويل الناس عنه هناك و قد كان الأمر ممتعاً حقيقة أنهن إكتشفن بمفردهن أن لوكاس هو ذلك الساحر المجهول دون أن يخبرهم بنفسه. كانت الشمس على وشك أن تغرب أرسلت سكارليت رسالة لأمها مسبقا أنها و إخوتها سيدرسن في منزل السينيور خاصتهن لوقت متأخر و تم الموافقة على طلبهن بعد التأكد من المدير بشأن هذا لذا لا مانع حتى لو حل الليل يمكنهن لاحقاً العودة. نظرت لارا بحزن لأوراق القسائم و شعرت بالذنب لإتعاب أخواتها دون داعي لكن حزنها تبدد على الفور عندما جاء طفل راكضا نحوهم كان الإتجاه الذي أتى منه موجها نحو الشمس لذا كان وجهه ساطعا لدرجة منعهن من النظر نحوه لكن الصوت المألوف كان مبهجا للغاية
"أسف لجعلكن تنتظرن طويلاً يا أخواتي الصغيرات" _لوكاس_
"أخي!!!" _الأخوات_
"لقد تأخرت كثيراً صحيح ؟" _لوكاس_
"على الإطلاق لقد كنا متحمسات لذا أتينا بعد انتهاء الدوام مباشرة" _لانا_
"يعني هذا أنكن تنتظرن منذ أربع ساعات!؟!!" _لوكاس_
"إستغرق المجيء إلى هنا على الاقدام ساعة و نصف إنها بعيدة عن المدرسة كثيراً" _لارا_
"على الاقدام ؟ كان بإمكانكن ركوب الحافلة " _لوكاس_
"لم نركب حافلة من قبل ماذا لو تهنا أو اخطأنا في شراء التذكرة و ما شابه ؟ أساساً لا أعرف أين محطة الحافلات" _سكارليت_
أطلق لوكاس تنهيدة و لام نفسه على هذا التقصير فقد كان من المفترض أن يأخذ في عين الإعتبار أن أخواته لم يستطعن الذهاب للمدرسة سيرا سوى مؤخرا لذا الحافلة ستكون مغامرة كبيرة لهن
"أليس من المفترض أنك لم تركب الحافلة أيضاً يا أخي ؟ هل قمت بذلك دون علمنا من قبل ؟" _لارا_
"ليس في الابتدائية فلم يكن لدي الكثير من النشاطات التي تستدعي الخروج لمسافة بعيدة" _لوكاس_
"إذا ركبته هذه السنة ؟" _لانا_
"كلا في حالة رغبتي في ذهاب لمكان ما اتصل بليم ليوصلني" _لوكاس_
"إذا متى ؟ لا يسمح لطلاب الحضانة بالركوب بمفردهم صحيح ؟" _لارا_
فرك لوكاس شعره و هو يحاول تذكر أول مرة ركب فيها الحافلة و بعدها صمت لمدة و إبتسم بغموض
"في حلم كلا ليس أي حلم بل في ذلك الحلم الذي غير حياتي" _لوكاس_
نظرت الفتيات بذهول لأخيهن فهو ليس شخصا يتحدث بغباء على أشياء خيالية مثل الأحلام و المعجزات ربما جانبه هذا كان بسبب كرهه السابق لمعجزة عائلة غروس و هي ولادة ثلاثي المستبصرات كما سماه أبويهما لكن لسبب ما كانت تلك الإبتسامة الغامضة كبئر عميق لماضي و ذكريات تخص لوكاس وحده
"على أي حال أنا متفاجئ إعتقدت أنكن ستغمرنني بالكثير من التوبيخ" _لوكاس_
أدركت الفتيات سريعا مقصد لوكاس و صرخن في آن واحد
"نحن بالفعل سنوبخك" _الأخوات_
لكن صراخهن أحدث جلبة و أصبح انتباه المارة كله موجها لهم. أحرجت الفتيات فقال لوكاس لتهدئتهن
"لما لا نأجل التوبيخ حتى نصل إلى شقتي؟" _لوكاس_
"شقتك؟ " _سكارليت_
"أجل إذا لماذا تعتقدن أنني جلبتكن إلى هنا في اخر يوم قبل العطلة ؟ إذا تعرفتن على مسكني لن تجدن مشكلة في التواصل معي بعد الآن" _لوكاس_
كان لوكاس يتحدث بينما يخرج دفترا في جيبه و يكتب عليه عنوان [مقاطعة الناب الوحشي الحي السادس عمارة جرام الشقة التاسع عشر]. و قدم الورقة إلى لانا بينما يتحدث
"في حالة تهتن أو ما شابه فهاهو العنوان مقدما" _لوكاس_
نظرت لانا بإمتنان للورقة الممزقة و قالت
"لنذهب بسرعة. أريد أن أرى شقة أخي" _لانا_
قاد لوكاس الطريق ممسكا بأيدي اخواته من كلا الطرفين بينما ساروا بهدوء معاً قطعت سكارليت ذلك الصمت
"بالمناسبة يا أخي لقد نجحنا جميعنا" _سكارليت_
"أجل تهانينا و كما وعدتكن سأنفذ مطالبكن جميعاً" _لوكاس_
"لذا ما رأيك غداً بالخروج معي للتسوق يمكن للانا و لارا الإنضمام سيكون ممتعاً " _سكارليت_
"تبدو فكرة رائعة لكن إذا خرجنا غداً الن يشتبه أبوينا في ذهابنا لأخي ؟" _لارا_
"تتحدثن كأنني صديق سوء لا يجب التحدث معه " _لوكاس_
"فليكن حتى لو شك والدانا أو شاهدونا حتى أنا لن أدع ما فعلوه قبل أيام يتكرر" _لانا_
"هذا ينطبق عليك أيضاً يا أخي لا تتوقع أن تتهرب بهذه السهولة" _سكارليت_
"أعتذر بصدق على ما حصل لكنني حقاً لم أجد خيارا سوى تكتم الأمر في ذلك الوقت و أيضاً لو أنني أخبرتكن لأكد ذلك نظريات أمي على أنني أستعملكن لمصالحي" _لوكاس_
"و ما المشكلة في هذا يا أخي ؟ مصالحك هي مصالح عائلتك لذا بالطبع يمكنك الإعتماد علينا. و أكبر دليل على هذا هو إضطرابنا طوال المدة التي غبت فيها" _لارا_
ربت لوكاس على رأس لارا و قال بوجه بشوش
"أسف لإقلاقكن. لقد وصلنا بالفعل هذه هي عمارة جرام التي أسكن فيها" _لوكاس_
ألقت الفتيات نظرة فاحصة لمبنى بخمسة طوابق مطلي بلون أبيض ناصع و قرميط أحمر ، على كل شرفة و نافذة يوجد إصيص زهور واحد على الأقل و قد كانت جميعها زهرة النرجس و تتسلل فروع اللبلاب من الأشجار القريبة لجدران العمارة. لقد كانت عمارة مبهرة التصميم و الشكل في المجمل
"جميلة حقاً. تبدو مثل المنازل القديمة" _سكارليت_
"هي كذلك بالفعل قال المالك أنه ورث هذه العمارة من ابيه الذي ورثها من جده و.... لنقل أنه قص علي قصة طويلة حول ثلاثة اجيال التي عاشتها هذه العمارة كدت أتخيله يتحدث عن الحروب أثناء روايته" _لوكاس_
"ها ها ها يبدو أن المالك أراد الثرثرة مع أحد ما" _لانا_
"بالفعل لقد جلبت الانتباه لنفسي في أول يوم هنا بما أنني طفل يسكن وحده لذا أصبح يزورني كثيراً للإطمئنان على أحوالي لذا هو جار لطيف" _لوكاس_
"جيد لك. لكن لما لم يقتلع اللبلاب الملتصق بالجدار أليس مزعجاً؟"_لانا_
"الجميع يعتقد أنه يعطي إطلالة طبيعية للعمارة لذا تركوه هكذا لكن أعتقد أنه سيقطع البعض إذا طالت الفروع للغاية. أما بالنسبة للزهور فهو يحب زهور النرجس شخصيا و يطلب من كل المستأجرين العناية بالزهور التي على الشرفة بالطبع هو لا يجبر القاطنين على الإعتناء بها إذا لم يرغبوا لكن عندما ترى مثل هذا المظهر الخارجي سترغب في المساهمة صحيح ؟ لذا يمكنك إستنتاج أن جمال هذه العمارة هو عمل جماعي" _لوكاس_
نظرت الفتيات بإنبهار للعمارة ثم أشارت سكارليت ساخرة نحو شرفة دون زهور
"لا أعتقد أن صاحب هذه الشقة يحب الزهور و العمل الجماعي. لا يوجد زهور في شرفته. أليس من لا يحبون الزهور هم الأشخاص المكتئبين" _سكارليت_
ضحكت الفتيات إثر كلام سكارليت لكن لوكاس أجاب
"أعتذر لكوني مكتئبا " _لوكاس_
صمتت الفتيات قليلاً و بعد أن استوعبوا ما قاله اخوهن تفاجئن
"مهلا أتلك شقتك يا أخي ؟ لما لا يوجد بها زهور ؟" _لارا_
"بعد حديثك إعتقدت أنك ساهمت في العناية بالزهور أيضاً " _سكارليت_
"أردت ذلك أيضاً حتى لو أنني لا أحب الزهور بشكل خاص لكن للأسف هذا مستحيل بالنسبة لي" _لوكاس_
"لماذا ؟ ألأنك مشغول في المطعم و في المدرسة " _لارا_
"لو كان الانشغال هو المشكلة لما رأيت كل هذا العدد من الزهور فمعظم القاطنين هنا هم بالغون مشغولون بأعمالهم أيضاً" _لوكاس_
"إذا لماذا؟" _لانا_
"لأنني أتحسس منها بالطبع " _لوكاس_
صرخت الفتيات في النفس الوقت ثانية
"ماذا ؟!؟؟!!" _الأخوات_
"حساسية ؟ للزهور ؟" _سكارليت_
"حساسية حبوب الطلع تحديداً" _لوكاس_
"منذ متى ؟" _لارا_
"منذ ولادتي ؟" _لوكاس_
"لما لا نعلم بشأن هذا ؟" _لانا_
"لا أعلم. لطالما إعتقدت أنكن تعلمن بهذا الأمر بما أن والدينا ، المعلم كارل يعلمون بذلك" _لوكاس_
"بالتفكير في الأمر تلك المرة عندما قدمنا زهورا لأخي لتهنئته بدخوله مجلس الإنضباط لقد غطى انفه و فمه بجزع" _لارا_
"إعتقدنا وقتها أنه فعل ذلك إشمئزازا و تجنبا لنا لكن بالتفكير في أننا قدمنا لأخي شيئا يتحسس منه بجهل فردة فعله كانت متوقعة" _لانا_
"نحن حقاً لم نكن نعلم بشأن حساسيتك وقتها يا أخي لم نقصد ذلك" _سكارليت_
"لا بأس من المستحيل أن أسيء فهم موقف كهذا حتى لو كنت طفلا" _لوكاس_
'في الواقع لقد إعتقدت في ذلك الوقت أنهن يسخرن مني بتلك الطريقة لكن اذا أخبرتهن بضيق أفقي وقتها فسيلمن أنفسهن لا أكثر' _لوكاس_
أدخلهن لوكاس من الباب الأمامي و صعدن السلم أثناء حديثهن
"لكن أخي أليس العيش في هذه العمارة غير صحي لك ؟ إنها بيئة غير مناسبة تماماً لحساسيتك " _سكارليت_
"لقد حصلت على شقة ذا تهوئة ممتازة و أنا أنظف شقتي يومياً لذا من المستحيل أن أستنشق أي رحيق أو حتى رائحة. رغم أنني أغش بإستعمال تعويذة حماية سحرية لجسدي كضمان أخير" _لوكاس_
"لما تمر بكل هذا العناء أليس أسهل إختيار مكان أفضل ؟" _لانا_
"للأسف أعطيت المواصفات التي أريدها للشقة في الحجم و الموقع و ما شابه إلى ليم و هو من إختار المكان بالنسبة إلى ليم لقد إختار مكان يتناسب مع مهمة المنطقة المهددة التي خطط لطلبها مني مسبقا _فتح لوكاس باب شقته_ و تعلمن أنني كنت مستعجلا للحصول على منزل قبل أن يتم طردي لذا هذا ما حصلت عليه"
فتح لوكاس الباب و قدم لأخواته شقة متكونة من غرفة معيشة ، ثلاثة غرف للنوم ، حمام ، مطبخ و شرفة كان أثاث غرفة المعيشة بسيطا به أريكتين طويلتين تلفاز كبير و طاولة طعام في الجهة الأخرى.
"اوه هل أنت من اشترى الاثاث يا أخي ؟" _لانا_
"أجل بأموال ليم" _لوكاس_
"تبدو شقة كبيرة ليعيش فيها شخص واحد. هل أنت قادر ماديا على تحمل إيجارها ؟" _سكارليت_
"نعم بعملي الجزئي و مصروف الجيب الذي وعدني به أبي و أمي قبل أن أغادر المنزل فلا مشكلة. أما بالنسبة إلى عدد الساكنين فلقد جهزت غرفا لكم إذا أردتن المبيت هنا يوماً ما أتردن رؤيتها ؟ " _لوكاس_
إستمرت الجولة من غرفة سكارليت لغرفة التوأم ثم غرفة لوكاس بعدها المطبخ و أخيراً الحمام بعدها إستقروا في غرفة المعيشة يتناولن الكعكة التي إشتراها لوكاس مسبقا للإحتفال بنجاحهن يتحدثن عن هذا و ذاك
"لذا أخي متى سنقوم بالدرس الميداني الذي ذكرته سابقا ؟" _لانا_
"هذا يعتمد على جدولكم الزمني ؟" _لوكاس_
"نحن متفرغون تماماً فلتقل أي وقت و سيكون ملائما لنا صحيح ؟" _لارا_
"صحيح صحيح " _سكارليت_
"ها ها ها ليس سهلا إيجاد شيء لفعله في العطلة صحيح ؟ إذا بما أننا إتفقنا على الذهاب للتسوق غداً حسب طلب سكارليت ما رأيكم أن تأتوا إلى مطعم ليم قبل ذلك فكل المعدات التي تحتجنها مجهزة هناك كما أن ليم قال أنه إشتاق لكن" _لوكاس_
"ماذا سنقوم في تلك الحصة أخي ؟" _لارا_
"سأعلمكم أشياء مذهلة بالإستبصار خاصتكن" _لوكاس_
"أخي.... أنت تتحدث كخبير إستبصار أكثر منا" _لانا_
"هل أنا كذلك ؟ حسنا بفضل ذلك الحلم إستطعت أن أتعلم الكثير عن الإستبصار" _قال لوكاس بتكهم_
صمتت الفتيات لبرهة فإستجمعت سكارليت شجاعتها و سألت
"أخي أيمكنك إخبارنا أكثر حول ذلك الحلم ؟ أشعر أنه نفس الحلم الذي ذكرته في بداية السنة عندما أصبحنا أخيراً إخوة متوافقين" _سكارليت_
صمت لوكاس قليلاً ربما يتوقع الجميع أنه سيتملص من الإجابة بطريقة أو بأخرى لكنه قال للحياة
"أظن أنكم أخذتم فكرة عليه في بداية السنة حيث كنت لئيما معكن كما كنت دائماً لذا لا يوجد شيء ممتع و مبهج للحديث عنه و أنا شخصيا لا أريد أن أحكي لكم عما كنت عليه في ذلك الحلم" _لوكاس_
"هكذا إذا..." _سكارليت_
"إذا كان شيء يضايقك و لا تحبه فلا بأس " _لانا_
"أنا...في الواقع.....مازلت أريد أن أعلم بشأنه. لطالما كانت هالة أخي سوداء حولنا مهما حاولت لم أقدر أن أعدلها لكن.... ذلك الحلم أو الكابوس مهما كان ما تسميه جعل هالتك بيضاء و لطيفة كنت في كثير من الأحيان أستيقظ راجية ألا تعود الهالة القاتمة مجددا لكن الآن أصبح وجهك المشرق في الصباح أمرا إعتياديا و روتينيا لقد قلت أنك ستستغل كل جزء من ذلك الحلم من أجل عدم تكرير أخطاء الماضي رغم أنني لا افهم ما قصدته بشكل كامل لكن .... أنا أريد أن تكون مرتاحاً معنا للحديث على الأشياء التي تضايقك و لا تريد مشاركتها مع بقية العالم فأنت من قال أننا ضمن دائرتنا الصغيرة من الأشخاص المهمين و....و...." _لارا_
"حسنا بما أنها أحد رغبات لارا الانانية النادرة فأعتقد أنني سأتحدث عنه قليلاً. لنرى ماذا عن ما ذكرته سابقا ؟ مرتي الأولى في ركوب الحافلة" _لوكاس_