"مرتي الأولى في ركوب الحافلة. لنرى حسب ذلك الحلم كنت في سنتي الثانية في ذلك الوقت كنت اركز تماماً على حياتي المدرسية متنسيا المنزل و أبواي و اخواتي. لكن... حسنا حدثت كثير من الاحداث التي جعلت حياتي الاجتماعية في المدرسة ايضا صعبة و لا تطاق في ذلك الوقت عدت للإلتفات لعائلتنا على امل ان اجد الراحة هناك رغم ان لا شيء تغير حقا من جهتكم ابي و امي كانا باردين تجاهي و أنتن لطيفات معي. لكن في أول يوم من عطلة الخريف كان من المقرر ان تذهبوا الى مطعم فاخر كالمعتاد و كنت سأحبس نفسي في غرفتي للمذاكرة كما جرت العادة لكن قبل ساعة من موعدكم سألني ابي اذا كنت ارغب في الانضمام اليهم وافقت بسعادة و جهزت نفسي على عجل وقتها ارتديت أفضل ملابس عندي رغم ان زيي بدى مجعدا لأنني إرتديته على عجل" _لوكاس_
كانت الفتيات مندمجات مع القصة متناسين انهم جزء منها
"أبي كان لئيما معك لماذا لم يخبرك سوى قبل ساعة؟ لقد تنازلت على خططك كلها من اجل الذهاب معنا دون سابق انذار" _ لانا_
أطلق لوكاس قهقهة مكتومة و أكمل قصته
"بعد ذلك ركبنا السيارة و ذهبنا إلى مطعم أرفيستا كانت تلك أول مرة لي في مطعم خمسة نجوم و قد كنت متوتراً لدرجة أنني لم أعلم ما علي فعله إذا فعلت شيئاً خاطئاً. لذا قررت في النهاية تقليد ما تفعلونه أنتم. كان أبوينا يتحدثاني معي بشكل طبيعي :
"كيف كانت المدرسة مؤخرا لوكاس ؟"
"إ. إنها جيدة المعلمون جيدون و الطلاب لطيفون معي " _لوكاس_
"هكذا اذا. هل تصادف الفتيات أحياناً ؟"
"بما أننا في طوابق مختلفة فنادرا ما أراهم" _لوكاس_
"فهمت"
لم تطل المحادثة طويلا بما أنهم سألوا على أحوالي لا أكثر لكن في ذلك الصدد حدث شيء مذهل. كما سبق و قلت كانت أول مرة لي في مثل ذلك المكان لذا تماعنت النظر في الأرجاء: أغطية الطاولة الوردية ، رخام الأرضية الأبيض ، المنظر من النافذة المطلة على برج القرن....و أيضاً لانا التي كانت تلاعب الرضيع من الطاولة الأخرى. بدى أن والدي الطفل كان مشغولين في عالمهم الخاص بينما لانا كانت تلاعب الرضيع كي تمنعه من البكاء وجدت الأمر ظريفا كونك شغلت نفسك بطفل لا تعرفينه في عشاء عائلي" _لوكاس_
فركت لانا مؤخرة رأسها بحرج يبدو أنها نست تماما أن هذه القصة مجرد “حلم“ لأخيها.
"ماذا حدث بعد ذلك ؟" _لارا_
"عندما نادت أمي على لانا إنتبهت لنا لبعض الوقت و استمرت المحادثة بينكم بينما كنت أحاول بجهد ألا أخفق في أداب المائدة في مثل هذا المكان الراقي بتقليدكن في الأكل لكن عندما رفعت رأسي عند سماع صوت إرتطام الكرسي رأينا لانا تتشبث بشفرة سكين حاد و تسحبه من يد الرضيع" _لوكاس_
"هيه!؟! ماذا حدث ؟ كيف إنتهى المطاف هكذا" _سكارليت_
"على ما يبدو بينما لم تكن لانا منتبهة للرضيع شعر بالضجر و بدأ يلعب بالملاعق أمامه لذا لم يكترث والداه كثيراً بما أنه لم يقم بشيء خطير لكن من حسن الحظ أن لانا أنجدته قبل أن يضع السكين في فمه." _لوكاس_
"ياله من عمل بطولي يا لانا! " _لارا_
"مذهل!!!" _سكارليت_
"لكن هذا لم يحدث حقاً كما تعلمان" _لانا_
إبتسم لوكاس بحنان و ربت على رأس لانا عاجزا عن إخبارها أنها بالفعل كانت بطلة يومها ، حتى لو لم يكن لهذا اليوم وجودا حقاً فهو كذلك في ذاكرة لوكاس
"أصيبت يد لانا لم يكن الجرح عميقا لحسن الحظ لكن كان كافيا لجعل العائلة كلها تخرج عن صوابها. أبي كان غاضبا من عائلة الطفل ليس لأنهم أهملوا طفلهم بل لأن طفلهم تسبب في إصابة لانا. أمي أجهشت بالبكاء بينما تعانق لانا جعلتني أعتقد أن لانا قد فارقت الحياة من شدة بكائها. لذا بدل الإعتماد عليهما طلبت من سكارليت و لارا:
"سكارليت أطلبي نادل أن يجلب حقيبة الإسعافات الأولية و أنت لارا أخبري أبي أن عليه إيصال لانا للعيادة بدل توبيخ الأبوين" _لوكاس_
بما أنني كنت شبه متأكد أنه لن ينصت الي إذا أخبرته بنفسي و لجعل الأمور أسوء قبل أن تخبره لارا بتعليماتي صرخ أبي دون تفكير
"أسيتحمل إبنك المسؤولية لإصابة مستبصرة عظيمة ؟"_الأب_
و لا داعي لوصف كيف كان الوضع بعدها" _لوكاس_
لقد فسرت تعابير الفتيات عن مدى سوء هذه العبارة مجرد تخيل هذا السيناريو يتحقق يجعل أمعائهن تتقلب
'في ماذا كان أبي يفكر لقول هذا ؟' _الفتيات_
"بدأت الأمور تصبح أكثر صخبا و إزدحاما من حولنا فضولا لرؤية المستبصرة لذا عندما جلب النادل الإسعافات أخرجت الضمادة و المعقم و أعطيهما لسكارليت و علبة الكاتشب للارا:
"خذي. عالجوها بأنفسكم في السيارة في طريقكم للعيادة. إذهبوا لأبعد واحدة حتى لا يلحق بكم أحد. لارا إذهبي أولا مع لانا إلى الحمام و غيروا معطفيكما و إحرصا على تغطية وجهيكما ثم أخرجا من مخرجين مختلفين مع أمي و أبي. لانا مهما حصل إحرصي ألا يسحبوا نظاراتك و إذا فعلوا إستعملي التحكم على الفور لتجميدهم لبرهة"
بعد أن أعطيت التعليمات لكن أمسكت بالرضيع الذي كان يبكي وسط هذا الصخب و ركضت به بعيدا فصرخت أمه علي:
"طفلي ، أعيدوا لي طفلي" _أم الرضيع _
و إستغللتم إنتباه الناس علي للتسلل و القيام بما طلبته و عندما تأكدت أنكم غادرتم أرجعت الطفل لأمه و سمعت توبيخا طويلاً و كأنهم أرجعوا كل الكلمات التي قالها أبي عنهم علي لكن في النهاية إعتبروا ذلك كنوع من التعادل و لم يشتكو بي كما أن المطعم جعل الطعام على حسابهم لذا خرجت من الفوضى سالما. و إنتظرت لما يقارب الساعة أمام المطعم لعل أبي أو أمي يعودون الي و لما إتصلت بهما لأستفسرهما عن الأمر:
"نأتي لنصطحبك ؟ أختك هنا مصابة أليس لديك بعض المال؟ إركب حافلة أو ما شابه " _الأم_
"لكن أنا....."_لوكاس_
"أوه عزيزتي لانا....." _الأم_
و هكذا إنقطع الإتصال. كما قالت أمي كان لدي بعض المال معي لحسن الحظ لكنه كان قليلاً و لم أكن أعلم إذا كان كافيا لركوب الحافلة و إنتهى بي المطاف بركوب الحافلة الخطأ و سؤال الناس عن ماهي المحطة الأقرب لمنزلي ثلاث مرات كان ذلك محرجا عندما أتذكره الآن ها ها ها " _لوكاس_
إمتلئت عيون الفتيات بالدموع لسبب ما. كان لوكاس متفاجئا و لا يعلم ما عليه فعله حتى قالت لانا
"م.ماذا حدث بعد ذلك ؟" _لانا_
"بعد ذلك ؟ ألم تنتهي القصة بعد أن عدت للمنزل بالحافلة ؟" _لوكاس_
"أقصد بعد ذلك!" _لانا_
"اوه! لنرى كانت لانا بخير إرتدت ضمادة كبيرة و مبالغة بالنسبة لجرح عشرة ميليمترات. و اتضح أن دعوتي معكم كان من صنيعكن بعد أن توسلتن لأبي و أمي أن يضمني للعشاء معكم. لكن بعد ذلك اليوم بدأ أبي في التفكير أن ما حدث كان بسببي لذا لم أذهب لأي عشاء عائلي معكم بعد ذلك. و أيضاً....أوه يبدو أن تلك العائلة في المطعم قد أصبحوا أصدقاء لأمي و أبي بطريقة ما إستغرب جميعنا من هذا خاصة بعد حادث كهذا." _لوكاس_
"همم لا عجب أن يتوافق الناس مع اشباههم. الأباء المهملين و الأباء منعدمين الضمير يالها من تشكيلة مدهشة " _لانا_
خرج كلام قاس و غير متوقع من لانا و إستمرت في كلامها مع الدموع على وجنتيها
"ما الفرق بين ابوين يتركان إبنهما يبتلع سكينا و ابوين يخرجان ابنهما لأول مرة معهم في الأخير يتركونه في حافة الرصيف؟" _لانا_
"مهلا لانا هذا حلم كما تعلمين مجرد حلم. لا شيء من ذلك حدث حقاً. ألا يبدو الأمر كأنني يائس لجعل نفسي ضحية حتى في أحلامي؟ لا يوجد شيء يستحق لوم الأباء هنا" _لوكاس_
"كلا ليس صحيحا _قالت لارا بصوت باكي_ سواءا كان خيالا أم حقيقة فلقد حصل أخي على هذا المقدار من خيبة الأمل من الكبار لدرجة أن تفضل الإعتماد على نفسك دائماً و أن تصبح مسؤولا على حياتك و حياة من حولك"
"قلت أنك في ذلك الحلم لم تكن تحبنا كما الآن صحيح ؟ مع ذلك قمت بتوجيهنا بينما كنا في مأزق. في البداية فكرت أخي رائع كالعادة لكن لماذا استمر ابوينا في سخط و الصراخ في ذلك الوقت ؟" _سكارليت_
عندما نظر لوكاس لردة فعلهن المشابهة لما حدث في ذلك اليوم إمتلأ قلبه بالسعادة و الشعور بالذنب لأنه لم يقدر مثل هذه الأشياء من أخواته في السابق. أما الآن و نظرا لمدى اندماجهن مع قصته شعر بنوع من الندم ليس لإخبارهن بهذا ، فهو قد عزم مسبقا على اخبارهن بأي شيء يردن معرفته عنه سواءا في حياته الحالية أو السابقة ، لكن المرة القادمة سيحاول تقليل التفاصيل فيبدو انهن لن يتعاملن مع هذه القصص كأحد أحلام لوكاس حقاً. لكن التفكير في هذه الحادثة جعله يراجع بعض النظريات و بدأ يتمتم وحده
"الوضع تغير....لذا نظرية الفراشة...ديدي....." _لوكاس_
فأمسك بهاتفه بسرعة و إبتعد عن إخوته لبرهة. بالطبع شعرت الفتيات بالفضول حول الأمر لكن من المستحيل أن يسترقوا النظر على ما يفعله أخوهن كما أنه عاد إليهن بسرعة
"بالتفكير في الأمر ماذا كانت قصة الهاتف قبل أيام" _لوكاس_
فهمت الفتيات على الفور مقصد لوكاس. ذلك اليوم عندما تنصتن على محادثة بينه و بين الأبوين ربما كان بإستطاعتهن إقناع الأب الغارق في محبتهن لكن ليس أخيهن الداهية
"نعتذر للتنصت عليك. نحن حقاً لم نقصد ذلك. فمؤخرا كلما تناقشت مع أبي و أمي يحدث شيء سيء لذا أردنا إيقافهما و لكنك أخبرتنا أن نبقى هنا لذا إلتجأنا إلى التنصت لكن كل هذا كان من صنيعي و لا دخل للانا و لارا بالأمر" _سكارليت_
"لا أنوي توبيخك أو ما شابه. على الأرجح أن موقف أبي وقتها كان كافيا لتدركي خطورة ما فعلتيه. ما أريد أن أعلمه هو كيف إستطعتي فعلها ؟" _لوكاس_
"آه بشأن ذلك.... منذ فترة قام أبي بتحميل تطبيق مراقبة للأطفال على هواتفنا لذا حاولت البحث في تطبيقي عن طريقة لتعطيله أثناء دروسنا الخاصة و إكتشفت حينها أنني أستطيع إستعماله من جهتي كذلك. و هكذا....." _سكارليت_
حاولت سكارليت إخفاء إشتراك ليام في الموضوع لكن للأسف لقد كانت المواجهة بينها و بين خبير كذب كلوكاس. من المحير كيف لقاتل وحوش أن يستطيع كشف الكذب لكن بالنسبة لنفسه الداخلية التي يتجاوز عمرها الأربعين إن كذبة طفل واضحة.
"هوه ~ هكذا إذا. لكن أتمنى أن تكن حذرات في ما يتعلق بهذه الأمور ففي أسوء الظروف قد ينتهي الأمر بسحبكم من قبل أشرار الحكومة و تربيتكم كأتباع مستعبدين في النقابات" _لوكاس_
أصابت الفتيات صدمة مع كلمات أخوهن جعلهن تتساءلن كيف يمكن أن يتضخم الموضوع إلى هذا المستوى الخطير و من خلال قراءة تعابير وجوههن عرف لوكاس فضولهم و أجاب عليه
"لا يقوم الأطفال عادة بتسجيل أو التنصت على محادثة والديهم في العادة إلا لو كانوا أباءا سيئين يؤذون أطفال. لكن بالطبع هذا ليس الحال معنا سبب إشمئزاز أبي و أمي مني لم يكن إهمالهما لي كإبن بل تعصبهما بشأن الإستبصار هذا التعصب لم يكن ليكون موجودا لو لم هناك دعم حكومي للمستبصرين و عائلتهم بمعنى آخر لو أشيع بطريقة ما أن أبوين طردوا ابنهم الغير مستبصر لأجل بناته المستبصرات فهذا سيسيئ لسمعة الحكومة و قد ينتهي بهم المطاف لتلقي لوم عامة الناس لذا إجراء الحكومة سيكون ضدنا بالكامل لتحفظ ماء وجهها. أولا ستدخل والدينا السجن بتهم جرائم لم يقوما بها تاليا ستأخذ كفالة قسرية علينا. بما أنني لست مستبصرا فسيتم تركي ببساطة في ميتم ما لكن أنتن سيتم تقييدكن من قبل الحكومة و العمل لجعلكن مستبصرات وفيات لنقابة الطاولة المستديرة كما أتوقع أن يتم قطع التمويل المخصص للمستبصرين الآخرين بالتالي في المستقبل سيتم التنمر عليكم من قبل بقية المستبصرين الغاضبين بسبب قطع دعمهم للحكومي بسبب قضيتكن." _لوكاس_
جعلت الفتيات بنوبة قشعريرة متواصلة بينما يستمعن إلى تكهنات لوكاس. نصف مذهولات من هذا المصير الغير سار الذي ينتظرهن بسبب التنصت و نصف منبهرات بأخيهن الذي إستطاع الحكم بهذه الدقة على نتائج ذلك الموقف
'أليس أخونا عبقريا ؟' _لانا_
'~كما هو متوقع من أخي~' _لارا_
'لدى أخي بصيرة خيالية لا يمكن مقارنتها بقدراتنا السخيفة في الإستبصار' _سكارليت_
من جهة لوكاس لم تكن هذه الإستنتاجات المتكاملة سوى هراء إحتيالي من الدرجة الرفيعة إخترعه في خضم اللحظة بالطبع كان يستعمل وجها جاد و نبرة واثقة قد تجعل حتى البالغين يصدقونه لكن إذا ركزت في كلامه ستجد العديد من الثغرات كإستحالة ترك الحكومة لموهبة سحرية خارقة كلوكاس في ميتم عشوائي أو كإختلاق جرائم من العدم لسجن أبويهم و الكثير أيضاً لكن هذا المستوى من الخطورة يجب أن يكون كافيا لإقناع الفتيات بالطبع لم يهمل لوكاس تعاليمه المعتادة للفتيات. حكومة روسان تحتوي على الأشرار ، النقابة تحوي على الأشرار ، و بقية المستبصرين قد يكونون لئيمين و أشرار. بهذا المستوى من الرواية المتقنة ستحصل الفتيات على كل التحذيرات اللازمة للمستقبل و أيضاً...
"لذلك لنعتمد على الأخرين فقط في الأشياء التي لا تضر آل غروس يمكنك إستفساري عن هذا أولا" _لوكاس_
سيكون من الجيد لو عرفن أيضاً خطورة التعامل مع شخص آخر في امورهم الشخصيةت و هذه مجرد معرفة أساسية هامة للمستقبل. هو يثق في ليام بالطبع لكن هذا لا يخوله أن يكون شخصا يعتمدون عليه في مشاكلهم الأسرية
"آه تأخر الوقت سآخذكم الآن إلى المحطة و أطلبوا من أبي أن يأتي لإيصالكم من هناك لا نريد أن نكشف بهذه السرعة صحيح؟" _لوكاس_
"لن يتم الكشف عليه أبداً فلا تقلق" _لانا_