خرجت لاريس من غرفة الاستقبال بخطوات واثقة وثابتة، وكأنها لم تتعرض للتو لأي شيء يهدد كرامتها. صرخت الدوقة خلفها،صوتها مليء بالغيض.
"كيف تجرؤين على تجاهلي"؟
بأصوات حادة ومتوترة، تصرخ بكلمات لم تعد تعني للاريس شيئاً. لكن لاريس لم تُبدِ أي ردة فعل؛ كانت الصرخات كضجيج عابر، كصوت الريح الذي لا يحرك فيها ساكنًا.
لم تلتفت، لم تبطئ من خطواتها، ولم ترفع حتى حاجبًا واحدًا لتظهر تأثرها. كانت تسير بخطى ثابتة، كأنها متحررة من قيود هذه المكانة المزيفة، تتجاوز الصرخات التي تلاحقها بلا اكتراث، حتى أن ملامحها بقيت هادئة، باردة، بلا أي انفعال.
وفي تلك اللحظات، كانت الدوقة تقف عاجزة، تواصل صراخها، ولكن لاريس كانت بعيدة عن هذا العالم، كأن كل هذا لم يكن يعنيها، أو كأن هذه الدوقة لم تعد تستحق أدنى انتباه منها.
سارت لاريس في الممر المظلم، خطواتها ثابتة وصوتها يتردد في الصمت. لم تلتفت للضوء الخافت، ولم تبدِ أي انفعال؛ فقط استمرت في عبور الظلام بهدوء تام.
توقفت لاريس أمام باب غرفتها المهترئ، حيث طلتها الباهتة تكاد تتقشر. نظرت إليه بصمت، وعيناها خاليتان من أي تعبير. مدّت يدها ببطء، لامسة سطحه الخشن، ثم دفعته برفق، ودخلت بهدوء تام.
دخلت لاريس غرفتها الصغيرة، أغلقت الباب خلفها بصمت. كانت الغرفة باردة، والجدران متشققة، كأنها لم تلمسها يد منذ سنوات. لم تأبه بالفوضى حولها؛ توجهت مباشرة إلى زاوية الحوض، فتحت الماء البارد وبدأت تغسل وجهها ببطء. كانت كل قطرة تسقط على بشرتها كأنها توقظ فيها شعوراً مشوشاً، يعيد إليها أحداث اليوم دون أن تعطيها فرصة لاستيعابها.
بعد الاستحمام، اتجهت إلى الملابس المعلقة في زاوية الغرفة، كلها قديمة، بقايا من ملابس الخدم. اختارت منها ثوباً بسيطاً، لا يعبر عن أي رفاهية، وارتدته بصمت، بلا اكتراث لمظهره البالي.
تقدمت لاريس نحو سريرها المتواضع، نظرت إليه للحظة، ثم جلست ببطء، كأن جسدها لا يزال يثقلها. لم تُبدِ أي تعبير، فقط استلقت على السرير، وعيناها تراقبان السقف بصمت.
مرت لحظات من الهدوء المطبق، حتى بدأت دموعها تتساقط بهدوء، واحدة تلو الأخرى، بلا صوت، وملامحها بقيت باردة. لم يكن بكاءً أو نحيباً؛ كانت دموعاً صامتة، تنزل ببطء، تعبر عن حزن عميق مخبأ، عن ألم لا يحتاج لكلمات.
استفاقت لاريس في صباح اليوم المنتظر، وقلوبها تتراقص فرحًا.
"اليوم هو اليوم الذي كنت أنتظره طيلة السنة!" همست لنفسها،
وعينيها تتلألأان بالفرح.
كانت تدرك تمامًا أن هذا اليوم مهم جداً بالنسبة لها. قفزت من سريرها، متوجهةً نحو خزانتها.
اختارت فستانها المفضل، الفستان الذي احضرهُ لها شخص عزيز جداً ، بلون زهري فاتح يلامس الأرض. عندما ارتدته، استذكرت كيف قال لها ذات مرة:
"أحب أن أراكِ بشعرٍ منسدلاً، فهو يعكس جمالك الحقيقي."
ابتسمت وهي تسرح شعرها ببطء، تاركةً إياه منسدلاً حول كتفيها كما يحب هو و نضرت الي عينيها الزرقاء العميقه و تذكرت كلماته وهو يضع يديه على وجهها و يقول "
عندما انضر في عينيك اشعر اني انفصل عن مصاعب و القلق الذي يكون بداخلي".
خرجت من غرفتها، وركضت في ممرات القصر، قلبها ينبض بحماس. ضحكت وهي تجري، و صدأ خطواتها كانت تملأ الممرات الهادئة. لكن نظرات الخدم كانت تتبعها بازدراء واحتقار، وبدأوا همساتهم:
"كالعادة، تستيقظ فرحه، لكنها لا تعلم أن النهاية ستكون مؤلمة، كما في كل عام."
شعرت بنظرات الخدم المليئة بازدراء، لكن تلك المشاعر لم تجرأ على كسر فرحتها.كانت تعلم ان اليوم هو يومها.مهما كانت العواقب.
فجأة، دخلت المطبخ، وفتحت الباب بقوة، مما جعل الخدم يتراجعوا بخوف.
"روفيلا! اليوم هو اليوم!" صاحت بحماس، وهي تبحث عن الخادمة الكبيرة في السن، التي لطالما كانت لها بمثابة أم.
احتضنت روفيلا لاريس، ولكن عينيها كانتا مليئتين بالقلق.
"عزيزتي، أتعلمين ماذا يعني هذا اليوم؟" سألتها برفق، محاولةً أن تخفي مشاعرها.
"بالطبع اعلم" اجابت بتعبير قلق و لاكن سرعان ما تلاشا قلقها و بأبتسامه مشرقه و واسعه تعالت ملامحها تبين مدى فرحها متناسيه شعور القلق و وجهت الكلام ل روفيلا بفرح تملئ قلبها
"سأفجأه بكعكه الشكولاته التي يحبها، لن ادع شيء يفسد فرحتي !" قالت لاريس بفرح، بينما بدأت في إعداد المكونات. أثناء عملها، استرجعت ذكرياتها الجميلة.
تذكرت الجلسة في الحديقة، حيث كانا يجلسان معًا، يتبادلان الضحكات تحت أشعة الشمس الدافئة. كان النسيم العليل يعبث بشعرها بينما وضع وردة من تلك الحديقة في شعرها، قائلاً:
"اليوم هو يومك، يجب أن يتعرف العالم على جمالك."
تذكرت كيف كان يمد يده ليأخذ قطعة من كعكة الشوكولاتة، ويقول بابتسامة:
"أحب كعكة الشوكولاتة لأنها حلوة مثلك." كانت تشعر بلهيب الذكريات يملأ قلبها ردت عليه قائله .
"انت تسخر مني كما المعاد هذا ليس مضحكاً"
ثم ضربته على كتفه بقوه بسيطه و استقامت ناويه المغادر لكن نضرت اليه نضره اخير و تقابلت اعينهما في لحضه من الشعور الجميل.
فجأة، عادت إلى الواقع مع صوت روفيلا:
"انتبهي، خليط الكعكة!" قالت وهي تضحك، ما جعل لاريس تستعيد تركيزها.
"لا تقلقي، هذه الكعكة لن تخرب، لأنها لهذاك الشخص!" أجابت لاريس بمرح، مما جعل روفيلا تهز رأسها بنفاذ صبر لكنها تبتسم، بينما تعالت ضحكات لاريس في المطبخ، ملأ الجو بالرومانسية والفرح.
المشهد: في صباح غائم، يتحرك الشخص الأول في شارع ضيق متعرج، حيث تتراكم الأوساخ والأتربة في كل مكان. المباني تبدو قديمة ومتهالكة، تخفي أسرارًا مظلمة. يصل الشخص الأول إلى باب خشبي ضخم مزخرف بتفاصيل ذهبية، يحمل علامة مميزة لشعار "DS" منحوتة بعناية على اللوحة العليا، تتسلل منه أضواء خافتة.
(يدق الشخص الأول الباب وينتظر قليلاً.)
الصوت من الداخل: (يأتي من خلف الباب) ما هي الكلمة السرية؟
الشخص الأول: (بثقة) عائلة.
(يفتح الباب ببطء ليكشف عن مكان داخلي فخم ومخفي. الأضواء تتلألأ بشكل غامض، والأرضيات مغطاة بالسجاد الفاخر. تزين الجدران لوحات جميلة، لكن الجو مشحون بالسرية. يوجد العديد من الطاولات، يجلس عليها نبلاء يتبادلون الأحاديث بلطف، لكن يتخللها ضحكات غامضة وصوت الرقائق المعدنية.)
(يجد الشخص الثاني جالسًا عند طاولة خاصة، يرتدي بدلة أنيقة، ويبدو مطمئنًا، كأنه ملك في عرشه. يتطلع نحو الشخص الأول بابتسامة خفيفة.)
الشخص الثاني: (يشير إلى الطاولة) تفضل بالجلوس. (يأخذ نفسًا عميقًا) يجب أن نكون حذرين.
الشخص الأول: (يجلس ببطء، يشعر بالتوتر) ما هي الأخبار؟
الشخص الثاني: (ينظر حوله، ثم يلتفت للنادل الذي اقترب) أحضر لي كأسًا من أفضل شراب لديك.
(النادل، شاب ذو ملامح حادة، يأتي بسرعة، يحمل صينية أنيقة.)
النادل: (بابتسامة مهنية) تفضلوا.
(يضع الكأس أمام الشخص الثاني، ثم يتحرك بعيدًا.)
الشخص الثاني: (يرفع كأسه بتحدٍ) لقد خسرتنا لاريس كل شيء. يجب أن نضع خطة.
الشخص الأول: (يشعر بالتوتر) ماذا تقصد؟
الشخص الثاني: (ينحني قليلاً نحو الشخص الأول، عينيه تتلألأان بذكاء) لدي فكرة. يمكننا استغلال نقاط ضعفها، ونجعلها تدفع ثمن خسارتنا. يجب أن نتحرك بحذر.
(يتردد صدى ضحكات النبلاء من بعيد، حيث تُلقي قطع الرقائق المعدنية في الهواء. الأجواء تعكس جوًا من القمار والمغامرة، بينما يُدس سر المكان بين الأثاث الفاخر والمظاهر البراقة، وكأن العائلة الملكية لا تعرف شيئًا عن هذا الجانب المظلم).