كان النسيم بارد في الحديقه يتلاعب بخلات شعرها، و كأنه يهمس لها باسرار قديمه تجمعها مع الامير الثاني. كانت لاريس تقف على بُعد خطوات، يملؤها الذهول والحزن وهي ترى الأمير الثاني، الذي ظنته يوماً ملاذها الوحيد، يجلس مع فتاةٍ أخرى.تقابلت نظراتهما للحضه لكن الامير الثاني كان ينظر إليها بتجاهل، كأن وجودها لم يعد يعني له شيئاً. شعرت لاريس وكأن الأرض تهتز تحت قدميها، لكنها جمعت شتات نفسها وتقدمت نحوهما بخطواتٍ ثقيلة، يحركها الألم والدهشة.

"اقتربت لاريس وهي تحاول التحكم بتوتر أصابعها المتشابكة. لمعت عيناها بوميض الألم حين تجاهلها كاليستو، لكنها ضغطت على نفسها لتُبقي وجهها خالياً من أي تعبير."

وما إن وصلت إلى الطاولة، حتى وقفت بثبات، وقدمت التحية الرسمية للأمير، انحنت باحترام

"أُحيي الامير الثاني لامبراطوريه موناك"

تحاول أن تحافظ على ملامحها الهادئة، بينما في داخلها صرخة تتحدى

: "مستحيل أن أخسرك، مهما حدث."

وقفت بجانب الأمير الثاني، وهو جالس بارتياح أمام تلك الفتاة التي كانت تبتسم له، وعلى الطاولة كعكة الشوكولاتة التي كانت قد أحضرتها الفتاة. حاولت لاريس تجاهل ذلك الألم الذي يمزقها، وقالت بصوت هادئ:

"سمو الأمير، هل تعلم ما هو تاريخ اليوم؟"

انتظرت إجابته، ولكن الأمير الثاني ابتسم ببرود، ووضع يده على خده وقال بلا مبالاة:

"ولمَ تسألين؟ ما هو تاريخ اليوم؟"

الأمير الثاني: "أنتِ مجرد ظلّ لماضيّ. ما أريده الآن مختلف."

لاريس: "ظلك؟ لقد منحتك روحي… وتتركني هكذا؟"

كانت كلمات الامير كالسكاكين التي تقطع قلبها ببطء.كل كلمه اعمق من التي قبلها شعرت لوهلة بأن الزمن قد توقف، لكنها أقتربت منه، وأزاحت بيدها فتات الكعكة القريبة من شفتيه، تمسح وجهه برفق، وعيناها تحملان الحزن والعتاب. شعر الأمير للحظة بحرارة لمستها عندما لمست وجهه لمعت عيناه للحضه و رياح الربيع الخفيفه تتلاعب بشعره الاشقر الامع ، لكنه سرعان ما تحجر تعبيره مجدداً و أبعد هذه المشاعر عن ذهنه.

قالت لاريس بصوت واثق ولكنه يحمل حزناً دفيناً:

"اليوم هو ذكرى لقائنا الأول،"

ثم ساد الصمت للحظات. كانت عيناها تبحثان عن رد فعل يثبت أنها لا تزال تعني له شيئاً. أكملت بنبرة مختلطة بالعتاب:

"نحن مخطوبان يا سمو الأمير، وهذا اليوم يعني لي الكثير… لماذا تجلس مع أخرى في هذا اليوم؟"

نظر إليها الأمير الثاني بملامح باردة، ثم وقف وقال بصوت خالٍ من أي شعور:

"وما في ذلك؟"

كلماته كانت كالصاعقة، فأكمل بنبرة جامدة:

"أنتِ لا تمثلين شيئاً بالنسبة لي. هذه الخطبة مجرد علاقة سياسية، وأشعر بالاشمئزاز كلما نظرت إليك. لدي حبيبة الآن،"

وأشار إلى الفتاة الجالسة أمامه. تابع ببرود: "لقد قاطعتِ موعدنا كأنك شخص غير مرغوب فيه. أنصحكِ بالمغادرة."

رغم قسوة كلماته، ابتسمت لاريس بحنان، ورفعت يدها لتلامس وجهه بلطف، وقالت بصوت مليء بالحزن:

"العالم كله قد يجرحني، ولن أكترث بتلك الجروح، لكن الجروح التي تتركها انت في قلبي لن تلتئم أبداً… تذكر كلماتي، سمو الأمير."

ظهر على وجه الأمير الثاني صدمة، وكأن لمستها ونظرتها قد أثارت في داخله مشاعر منسية، لكنه أجبر نفسه على تجاهلها.

استدارت لاريس تقدمت بخطواتٍ ثابتة ناوية المغادره لاكنها فجاه تذكرت شيء مهم ثم عادت للامير الثاني و اعطته الكعكه التي صنعتها بنفسها، رغم انكسار قلبها الى انها ارادت ان يستمتع بشيء صنعته بنفسها ثم استدارت مره اخرى تتقدم للامام بخطوات ثقيله مغادره المكان.

"بينما كانت تبتعد، شعر الأمير الثاني بشيء يشده نحوها، حتى رغم برودته الظاهري. للحظة، غرق في الذكريات، لكنه سرعان ما أغلق قلبه مجدداً."

بعد رحيل لاريس تبقى الامير للحظات وحيد في المكان ينظر الي الكعكه التي صنعتها له بيدين مرتعشتين قبل ان يلتقط قطعه صغيره و يضعها في فمه. وكأن الطعم يحمل معه ذكريات منسيه لايستطيع تذكرها.

خرجت من حديقة اللؤلؤ و مشاعر الحزن تثقل كاهلها ، وما إن ابتعدت حتى رأت دانيال من بعيد امتلأت عيناها بالدموع و كانها رات منقذها من هذه المشاعر . ركضت نحوه واحتضنته بقوة، وقالت بصوتٍ باكي :

"دانيال… أرجوك، خذني إلى مكانٍ هادئ… أتوسل إليك."

شعر دانيال بقلق كبير، ووضع يده على كتفها مطمئناً وقال بلطف: "حاضر."

كانت لاريس جالسة في الزاوية، دموعها تتساقط في صمت بينما كان قلبها مليئًا بالألم. اقترب دانيال منها بهدوء، وجلس بجانبها، محاولًا تهدئتها.

لاريس (بصوت مختنق): "دانيال، منذ الحادث الذي وقع قبل ثلاث سنوات، وكأن كل شيء قد تحطم... لا شيء يعود كما كان. ماذا فعلتُ؟ أين الخطأ؟"

مدّ دانيال يده ومسح دموعها برفق، ثم قال بصوت هادئ:

دانيال: "لاريس، أنتِ لستِ المخطئة. يجب أن تتذكري كل ما فعلتهِ للوصول إلى هذه المرحلة. لم يتبقَّ سوى القليل، وستنتهي كل الأمور."

تنهدت لاريس وأدارت عينيها بعيدًا، وكأنها تحاول الهروب من الألم الذي يثقل صدرها.

لاريس: "صحيح، لكن الطريقة التي يعاملني بها.... سمو الأمير كاليستو، كلماته وأفعاله... ستدمرني بهذا الشكل. كل شيء غلطتي فيفيان، وماري، وكاليستو، وحتى أنت يا دانيال، كل شيء لقد دمرت كل شيء ."

دانيال شعر بثقل كلامها، ولكن لا شيء يمكنه قوله. كان يحاول أن يجد الكلمات المناسبة لتهدئتها، لكن عينيه الذهبية كانت تحمل قلقًا عميقًا.

دانيال: "لاريس، هذا الكلام غير صحيح. ما زال هناك أمل. لا تظني أن كل شيء انتهى. لا تفعلي هذا بنفسك."

لكن لاريس نظرت إليه بنظرة حازمة، وعينيها الزرقاوان كانتا مليئتين بالحزن والتحدي في نفس الوقت.

لاريس: "دانيال، أنت وأنا نعلم الحقيقة. لا يوجد شيء يمكنني فعله الآن. إذا كان كاليستو لا يريد تذكرني، وإذا كان سعيدًا من دوني، فلا مكان لي في حياته. سأختفي ولن أكون جزءًا من عالمه. لا أريد أن أسبب له المزيد من الألم، لا أريد أن أكون سببًا في معاناته مجددًا."

كانت الكلمات التي خرجت من فمها بمثابة رصاصة في قلب دانيال. حاول الرد، لكنه شعر بالعجز. لم يكن قادرًا على تغيير مشاعرها الآن.

لاريس: "يجب أن أنهي كل شيء قبل أن ينتهي الوقت، لأنني إذا بقيت على هذا الحال، فسيخسر الجميع. وأنا لا أريد أن أكون سببًا في المزيد من الألم."

في غرفة مظلمة وهادئة في قصر عائلة رودريك، كان كلود، دوق العائلة، جالسًا على طرف السرير. ظلال الليل تلتف حوله، ولا شيء يكسو المكان سوى الظلام الثقيل. الضوء الوحيد الذي كان يتسلل عبر النافذة الصغيرة كان ضعيفًا، يكاد يلمس أطراف الغرفة، ليكشف عن وجه كلود. كانت ملامحه شديدة التوتر، وعيناه اللامعتان، الذهبية كالنار، كانت تلمع في الظلام بنظرة مليئة بالقلق. شعره الأحمر الناري كان يبرز بشكل لامع حتى في هذا الظلام، لكنه لم يكن يثير انتباهه في تلك اللحظة. كل تركيزه كان على المرأة الممددة على السرير أمامه.

المرأة كانت بلا حراك، وجهها شاحب وعيونها مغلقة، ملامحها كانت بريئة وكأنها في سبات عميق. يدها كانت في يد كلود، الذي كان ممسكًا بها بشدة، وكأنها خيط الأمل الوحيد المتبقي له. شعر بكل حركة تنفسها ببطء، ورغم كل شيء، كان قلبه مليئًا باليأس. لا شيء في الغرفة يرمز للحياة سوى صوت أنفاسها البطيئة.

همس بصوت منخفض وحزين: "يجب ان أجِدها... هي ثاني أغلى شيء بحياتي." كانت كلمات مريرة، تُعبّر عن ألم عميق في قلبه، وكأن كل كلمة تقطع شيئًا من روحه. نظر إلى يد المرأة في يده، وكأنها تعني له كل شيء الآن.

ثم، وفي لحظة تحولت مشاعره من اليأس إلى الكراهية القاتلة، رفع رأسه قليلاً، وعيناه تجمدت في نظرة غاضبة مليئة بالتصميم: "عائلة فلانتين يجب ان تسقط. عائلة فلانتين يجب ان أدمرها." كانت كلماته مليئة بالتهديد، وكأن كل كلمة تتفجر من بين شفتيه بلهيب حارق. "لاريس فلانتين... شيطان عائلة فلانتين لا استطيع اسقاط عائله فلانتين اذا كانت لاريس موجوده . يجب ان ينتهي عصرك لاريس فلانتين.."

2024/11/06 · 5 مشاهدة · 1133 كلمة
Moaml Osama
نادي الروايات - 2025