العودة (1)

" هووووف ! "

انفجرت النفس الثقيل للخارج .

" لهاث لهاث لهاث "

نبض صدره كما لو كان يركض ليوم كامل .

" هل انا مت ؟ "

شعر بالغرابة .
حواسه بدت بليدة تماما كأنه استيقظ من حلم للتو , ورأسه تؤلمه كما لو كانت ستنشق الى نصفين .
ف تلك اللحظة , شعر بصدمة قوية على مؤخره رأسه .

ضرب !

" هذا النذل احمق بالنسبة لوافد جديد ! تجرؤ على النوم بينما نحن فى وضع استعداد لمعركة ؟ "


نظر روان خلفه بعينين غائمتين بينما يلمس مؤخرة راسه .

" اوه , هل تحدق بى الان ؟ "

كان رجلا صلبا بذقن مربعة .
لم يستطع الرؤية جيدا بسبب مجال رؤيته المزعج لكنن روان عرف من هو هذا الرجل بالتاكيد .

" السيد بيت ؟ "

بالطبع كان بيت .
كبير المجموعة السابعة فى فرقة روز والتى هى اول فرقة انضم اليها منذ عشرين سنة .

" لكنه مات فى اخضاع الوحوش قبل 20 سنة ...... "

عبس روان .

" فى النهاية , انت تقابل الاموات مجددا "

فى تلك اللحظة , وقف ومد ذراعه يشعر بالسعادة لرؤيته مجددا .

" لقد مرت فترة طويلة , من الجيد رؤيتك مرة اخرى "

حياه بينما يبتسم .
لكن ملامح بيت لم تكن جيدة لتلك الدرجة .

" هذا النذل ! "
حلقت لكمة اليه مع اللعن .

ضرب !

" كغغغ ! "

دار روان على الارض من اللكمة ويشعر بألم شديد .

" سحقا , اتشعر بالالم حتى بعدما تموت ؟ "

حرك ذقنه ورأى يده اليمنى وجسمه .
كان حقا جسدا ضعيفا .
وايضا , ظهر يده كان ناعما وطريا .

" ما هذا ؟ هل تصبح اصغر عندما تموت ؟ "

كل شىء راه جعله يتسائل .
فى هذه اللحظة جاء شخص ما بسرعة اليه واوقفه .

" روان . هل جننت ؟ لما انت هكذا فجأة ؟ "

كان صوتا صغيرا لدرجة انه بدا كانه يهمس له .
أدار روان رأسه ببطىء ونظر الى صاحب الصوت .

" بييرس ؟ "

ملامح وجهه دهشت تماما .حتى اكثر من عندما رأى بيت .

" لما انت هنا ..... ؟ لا , لقد اصبحت اصغر فوق ذلك ؟ "
بييرس لم يموت .
لا يمكن ان يموت .
لأنه بعد ان اصبح دوق مملكة رينس لم يظهر نفسه فى الاماكن الخطيرة كساحات المعارك ابدا .
لكن , اكثر من كل شىء , لم يفهم لما اصبح اصغر . جعله يتذكر اول مرة تقابلوا منذ عشرين عاما .

" هل انت مجنون ؟ "

صفعه بييرس ووجهه خائف .

صفع .

فى تلك اللحظة شعر روان ان وعيه عاد اليه واصبح اوضح .
تماما كما لو رفع ستار من امام رأسه .
وحواسه البليدة عادت الى حدتها مجددا .
عندما حدث هذا , تمكن من رؤية ما حوله بوضوح تام .

" هل هذه ثكنات فرقة روز ؟ "

كان متاكد .
متاكد ان هذه كانت ثكنات فرقة روز منذ عشرين سنة .
لم تكن شيئا كالجنة او الجحيم .
وفوق كل ذلك , الناس المصطفين على الارض كانت وجوههم جميعا مألوفة .

" رفقائى من فرقة روز منذ عشرين عام ؟ ماذا حدث ؟ ألم أموت ؟ "
كان موقف محير بالنسبة له لكن لم تدم افكاره طويلا .

" هذا النذل ! "

لأن بيت اقترب منه وركله .

بووم .

" كغغغ! "

تدحرج روان على الارض وقوس نفسه بسرعة .
اخفى اعضائه الحيوية غريزيا لكن لحسن الحظ , لم يستطع بيت الاستمرار ف ىضربه .
هذا لان مدخل الثكنات فتح وظهر رجل متوسط العمر بعيون مخيفة .

" ماذا تفعلون ؟! "

رن صوت حاد فى الهواء .
تعرف روان على صاحب الصوت بدون النظر اليه حتى .

" قائد المجموعة , تان "

بدأت رأسه بالدوران .
" انا لم امت "

قرص جوانب رجليه الداخلية فشعر بألم شديد .

" وليس حلما حتى "

اذن تبقى شيء واحد فقط .

" هل عدت الى الماضى ؟ "

كان من الصعب التصديق لكنه الاحتمال الاكبر .
ان لم يكن هذا ايضا , اذن العشرين سنة الماضية كانت مجرد حلم .

" ايا كان , انا مازلت حيا "

وقف روان ببطىء وعاد الى مكانه .
عبس تان لكنه لم يواصل الحديث , ليس لديه مزاج لفعل هذا الان .

" الجميع تجهزوا . سوف نمر خلال قرية ألي لنصل الى سهل بيديان "

تشوهت وجوه الجميع فى تلك اللحظة .

" اوه اللعنة . ان تكون قرية ألي "
" لو ذهبنا الى قلعة فارين كنت اخطط لإراحة نفسى ببزخ "
" تلك الحانة فى المرة الماضية كانت جيدة صحيح ؟ "
" نعم . المرأة المالكة قتلته "

تحدثوا عن انفسهم وابدوا مشاعر الندم . صفق تان ,

تصفيق .

" الجميع اغلقوا افواهكم وتحركوا بسرعة ! اوليفر , اعتنى بالوافدين الجدد "
" يب ! "

اوليفر الذى يمتلك جسد طويل ونحيف , رد بصوت عالى واقترب من روان .

" الجميع , خذوا خوذاتكم ودروعكم "

عند كلماته بدأ الوافدون الجدد بما فيهم بييرس بارتداء دروعهم ببطىء .
نظر اوليفر الى روان كما لو كان يتذمر ,

" ايها النذل الغبى . انت ايضا , ارتديهم بسرعة . انا اتط..... "

لم يستطع انهاء كلامه .
كان روان قد ارتدى درعه وانهى امتعته فى لحظة .

" ما هذا الوغد ؟ لما هو بارع هكذا ؟ "

كان اوليفر فى حيرة من امره .
فقط بالنظر الى كيف حزم امتعته , كان حتى اعلى منه بخطوة .

" لقد فعلت هذه الاشياء لعشرين سنة "

ابتسم روان ابتسامة مريرة .
اراد اوليفر ان يقول شىء اخر لكن لم يكن هناك ما يشير اليه واستدار بوجه محبط .
فى ذلك الوقت رن صوت بييرس فى اذنه ,

" روان "

عندما نظر روان الى الخلف اشار بييرس الى حقيبة الامتعة بوجه ساخر .

" انت حقا كما كنت منذ عشرين عام "

كان مثل ذلك حينها ايضا .
فى ذلك الوقت كان بييرس جبانا بالاضافة الى جسده الصغير لذا دائما يطلب منه المساعدة .
سار روان تجاهه وهز رأسه بعدما حزم اشيائه

" ان يصبح هذا الفتى دوق مملكة رينس متفوقا على القائد فى السلطة ............... "

فقط بالنظر اليه الان , شىء لا يصدق .

" لقد كان محظوظ .تحولت حياته الى الافضل بعدما اصبح تلميذا للرماح العبقرى ريل بيكر ....... "

فى تلك اللحظة استعت عيون روان .
ارتعشت اصابعه .

" روان . ماذا حدث ؟ "

قلق بييرس لكنه لم يكن فى موقف يسمح له بتفهم هذا .

" اذا كان صحيح اننى عدت الى الماضى , اذن انا اعرف ما سيحدث من الان "

رغم انه لم يتذكر كل التفاصيل والحوادث الصغيرة , لكنه يتذكر الاخبار التى هزت العالم .
خاصة , الحروب والمعارك التى خاضها فى العشرين سنة . تذكرها جميعا بوضوح لدرجة لو طلب منه صنع تقرير لها سيكتبه كله فى الحال .

ضرب . ضرب .

اصبح دقات قلبه اسرع .

" استطيع ان اصبح واحد " امتلأت عينيه بشغف ساخن .

" هذه المرة يمكننى ان اصبح واحد "

" هذه المرة يمكننى ان اصبح قائدا عظيما يحكم الامة باسرها "

بهتت ابتسامته فجأة .

" لا , لا "

الذكريات , الخبرات , والمعلومات التى لديه لم تكن فى مستوى يجعله راضيا ان يصبح قائد عظيم فقط .

قبض .

قبض روان يديه بقوة .

" على الاقل , يجب ان اصبح ملك "

فى الايام الخوالى كانوا يقولون ان تحلم بشىء اكبر .
هدف حياته السابقة كان قائد عظيم لكنه اصبح رماحا فقط .
لذا هدفه الان ان يصبح ملك .

" اذا كانت هذه هى الحالة , فساكون قائد على الاقل صحيح ؟ "

وفوق كل ذلك , خط البداية مختلف بالفعل الان .
لأنه يعلم ما سيحدث من الان فصاعدا .

" اولا ............ "

استدعى ذكرياته من عشرين سنة .
المعركة الاولى .
هذه الذكرى الوحشية .
فى تلك اللحظة , تجمد وجه روان .

" اللعنة "
لقد تذكر .

المعركة الاولى المفجعة والبائسة .

.................................................



2017/10/31 · 3,560 مشاهدة · 1285 كلمة
Ahmed Elgamal
نادي الروايات - 2024