في الواحد من أبريل صدر الحكم.
قضي أن لودندورف لم يكن مذنبًا، فأطلق سراحه.
أما أنا فقد حكم علي بالسجن لخمسة سنين، وعندما نطق الحكم ثار الجمهور وإحتجو على هذا الحكم بشدة.
ولكن حين إستكمل القاضي نيدهارت نطق الحكم تحولت صيحات الإستهجان والإحتجاج إلى هتافات فرحة.
"بعد تسع أشهر من فترة الحكم ستكون مؤهلًا للإفراج المشروط".
بينما تلقا رفاق مثل هيس و روم وستراسر أحكامًا أقصر من ذلك.
تم حبسي ثانية في سجن لاندسبيرج أنا وهيس وموريس، لكن المعاملة التي تلقيتها إختلفت بشكل جذري عن ما كانت عليه.
فبدل المكوث في زنزانة باردة تمتلئ جدرانها بالعفن وشباك العنكبوت، كانت زنزانتي غرفة فسيحة لكبار الشخصيات بها سرير وطاولة.
بعد أن قضيت وقتًا أرتعش وحيدًا في تلك الزنزانة السابقة منحني دخولي لهذه الزنزانة الجديدة المزينة بورق حائط نظيف وصور معلقة الإحساس بأني نزيل في فندق ولست سجينًا.
وفوقها أذن لي بزايرات ووجبات غير محدودة العدد، وفي مقدوري أن أطوب السجن كما ليحلو لي خلال ساعات العمل مرتديًا ملابس مدنية.
كما عاملني الحرس بلطف وإحترام وقدمو لي وجبات جيدة.
لعل ما كنت أعيشه مشابه لظروف سجن كبار ت الشخصيات والرؤساء التنفيذيين التي كنت أشاهدها في الأخبار، وهو شعور جيد للصراحة.
قضيت أيامي بشكل عملي بالإجتماع مع هيس وموريس والكتابة أحيانًا.
ما أعنيه بالكتابة ماهو إلى الإملاء الشفهي، إذ كان هيس هو من يكتب.
وبهذه بالطريقة أكملت إحدا أسلحتي الدعائية.
***
كتاب "كفاحي" -(Mein Kampf) الغني عن التعريف، والذي كان في الأساس سيرة ذاتية لهتلر، هو في الحقيقة كتاب سيئ للغاية، حتى هتلر نفسه رفضه ولم يذكره بعدها معتبرًا أياه شيء مثل "ماضيه المظلم".
السرد غير متماسك، وفحاوة المحتوى هراء مخلوط بنظريات المؤمرة، لذلك لم يحظى بإقبال حقيقي حين نشره ناهيك عنه خلال القرن الواحد والعشرين.
توجد رواية تزعم أن هتلر قال ذات مرة :"لو عرفت أني سأصبح الفوهرر ما كتبت ذلك الكتاب" وحتى أنه طلب من توسليت شبير الذي كان وزير التسليح آن إذاك وأحد المقريبن منه عدم قراءته.
ومع ذلك فإن "كفاحي" الذي كتبته لا يتشابه مع الأصلي إلا في عنوانه.
لم يكن كتابي متمحورًا حول النظريات والأفكار العشوائية، ولا الأوهام مثل المجال الحيوي.
وعوضًا عن ذلك شمل الكتاب في الأساسي بعضًا "توقعاتي بشأن الوضع العالمي" في المستقبل، وقد إعتمدت في الأساس على تجربتي السابقة.
أنظر، يبدو أنك بدأت تهتم بذلك.
وبطبيعة الحال وجد هيس وشريك صعوبة في قبول توقعاتي هذه.
لكن الأمر كان بديهيًا إذ كان مليئًا بأشياء قد تبدو لهم كالترهات بمعرفتهم الحالية.
"يا زعيم.. لم تظن أن الإقتصاد العالمي سينهار في غضون خمس سنوات؟"...
حتى هيس الذي كتب كل حرف بإخلاص دون دحض لكلماتي بدا بنبرته شيء من عدم التصديق.
إبتسمت قليلا وأجبت على سؤاله :"على الرغم من صعوبة تخيل ذلك الآن، إلا أني متأكد من ذلك، وأرجح أن الأمر سيبدأ من الولايات المتحدة".
عام 1929، سيقع فيه الكساد العظيم الذي يعرفه حتى غير الأبهين بالتاريخ والإقتصاد.
ثمة أسباب عديدة أججت الكساد العظيم، ولا تزال ملامحها الدقيقة غير واضحة حتى في القرن الحادي والعشرين، ولأن معرفتي بالإقتصاد لم تتجاوز عامة الناس لم أعرف كيف أشرح سبب حدوث الكساد العظيم، وعلى كل لم أكن أحتاج لشرح ذلك لهيس ناهيك عن التواريخ الدقيقة، فما يهم من ما كتبته هو حدوث تأثير "التوقع".
وهل إحتاج نوسترادانوس من قبل إلى التطرق إلى التطرق إلى أسباب وجذور الأشياء التي يزعم أنه يتنبئ بها؟
كما أنه في نيتي أن لا تمنح توقعاتي الناس المقدرة على تغيير المستقبل أو الإستفادة منها، إذ أردت أن تبدو أشبه بتحليلات قد تحدث وقد لاتحدث، كان تأثير الثقة والذهول بعد رؤية تحقق توقعي على أرض الواقع هو الذي أريده.
وبالطبع لم يكن من المناسب لهويتي أن أكتفي بالقول أن الكساد سيحدث دونما تفسير، لذلك حاولت حشد كل معرفتي وتضمين ما قد يجعل من الأمر أكثر واقعية.
على الرغم من أن الكتاب قد ينظر إليه على أنه محض "هراء" في الوقت الراهن، لكن لا يساورني الشك في بروزه ثانية بعد عشرة أعوام، هيه.
"من المؤكد أن الكساد العظيم سيؤدي إلى إنهيار السوق والإقتصاد في حالتهما الراهنة، وفي الوقت ذاته ستحاول كل أمة الخروج من الأزمة بطريقتها الخاصة.
فالدول الكبيرة التي تمتلك مستعمرات كبريطانيا وفرنسا ستحاولان إستخدام مستعمراتهم لإقاذ أنفسهم، أما الأمم التي لا تمتلك نفس طوق النجاة هذا ستخدم أساليب مختلفة.
وماهي هذه الأساليب؟
بالطبع هي الحرب، إن الحرب والإستيلاء على مستعمرات البلدان الأخرى وإنشاء مستعمرات جديدة لإستغلال سلع تلك البلدان لإنعاش السوق المحلية.
وأتوقع أن تكون اليابان من تلك البلدان".
"هل تقصد اليابان شرقي أسيا؟".
"نعم، اليابان".
من المعروف أن اليابان حركت جيشها لغزو منشوريا حين ضربها الكساد في الصميم.
وذكرت كذلك أن اليابان إذا نجحت في في غزو منشوريا ستكسب الثقة لغزو الصين كاملة، وبذلك سترتطم بمنافع القوى الأوروبية في الصين، وستتدخل بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية لإقافها.
"زعيم.. توجد بعض النقاط التي لا أفهمها تمامًا".
"لك أن تتحدث".
"لقد قلت أن اليابان ستواجه بريطانيا وأمريكا من أجل الصين... ولا أستطيع إلا أن أتساءل عما إن كان القارئ سيرى ذلك معقولًا".
"أظن الشيء ذاته".
أستطيع فهم تشكك هيس وشريك، فالمطق السليم أن أمة كحال اليابان في حالة حرب لن تواجه أمم عظمى كهاتين من أجل إكمال الحرب.
لكن اليابان لم تفعل شيئًا طبيعيًا.
في مثل هذا الوقت كانت اليابان بحاجة إلى النفط لإستكمال حربها مع الصين.
ومع ذلك فقد فرضت عليها الولايات المتحدة التي كانت تصدر معظم واردات اليابان من المحروقات حظرا على تصدير النفط إليها، لذا قررت اليابان تأمين حاجتها منه من خلال الحرب.
من الطبيعي أن لا يفهم القارئ ذلك الآن.
فاليابان لم تتخذ القرارات الدي بدت معقولة وقتها.
وأما عن فرنسا وبريطانيا فقد تطرقت أيضًا إلى أنهما بإعتبارهما القوتي التين تهيمنان على العالم سيغرقان في تبعات توسع مستعمراتهم مترامية الأطراف في وقت ما.
وأنه لحل هذه المشكلة يجب حل هذه المستعمرات والقضاء على إنتفاضاتها.
.
بذكر هذه النقطة، أدركت بريطانيا أن الإحتفاظ بالمستعمرات لم يعد ممكن فتتراجع بخنوع، أما فرنسا فستظهر جانبها القبيح حتى النهاية بما يليق مع لقبها "المتنمر الأوروبي".
ومن الأمثلة على ذلك مقاومة فيتنام والجزائر، فكلتاهما أضاعت فيهما فرنسا الكثير من المجهود الحربي والوقوى البشرية دونما فائدة. -لم أضع هذه المعلومات في الكتاب-.
"أظن أن إعتقادك بأن تصبح الصين قوة عظمى في أسيا وتهيمن على الإقتصاد العالمي يعد غريبًا بعض الشيء.. هل تعرف أي نوع من الأمم هي الصين؟"...
كانت الصين خلال القرن العشرين مختلفة عن ما هي عليه خلال القرن الواحد والعشرين، شتان بينهما، الأمر كأن يخبرك أحد في القرن الواحد والعشرين أن بلد كأفغانستان أو الصموال ستصبح قوة تنافس الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بعد سبعين عامًا، لابد أن تعتقد أن القائل ماهو إلا مجنون.
لكني أردت التطرق لذلك حتى وإن تغير التاريخ، فقد تتكرر بعض الحتميات.
"أنا أعرف ولذا زعمت ذلك".
"حقًا؟.."
"إن الصين اليوم هي أمة تعيش في سالف الأيام، وهي دولة حيث لا زال نظام أمراء الحرب قائمًا، وأغلبية العامة أميون، كما لا توجد بها الكثير من المصانع الحديثة، والجيش الصيني قد يكون في مستوى الجيوش الأوربية قبل ثلاثين عامًا في أحسن الأحوال.
ومع ذلك أعتقد أن الصين تتمتع بإمكانيات نمو كبيرة، فهي أكبر دول أسيا مساحة وإكتظاظًا بالسكان، إن منحت دولة ذات مساحة كبيرة وموارد ولا تفتقر إلى الأيدي العاملة فرصة لبناء نفسها في عهد من السلم، فمن في مقدوره توقع المستوى الذي ستبلغه بإرتفاعها؟".
في كتابي "كفاحي" قلت بثقة أن أعداء ألمانيا الحاليين هم دول مجاورة كبريطانيا وفرنسا وبولندا، لكن الصين والولايات المتحدة لا يمكن إغفالهم، إذ قد يكونان في المستقبل أندادًا أقوى من هذه الدول الأوروبية.
لا أتوقع من أشخاص كهيس وشريك فهم ذلك، كما لا أتوقع من الناس فهمه، لكن الوقت كفيل بتغيير نظرة الناس إلى العالم.
ومع ذلك فثمة أشياء لا أستطيع ذكرها وإلا لن يعود الأمر توقعات بعد الآن، وربما يشكل تداعيات على نمو المستقبل، كالإنترنت والهواتف الذكية والذكاء الإصطناعي أو الطائرات بدون طيار.
ناهيك عن أني سأعد مجنونًا رسميًا، وهو ما لا يناسب مع ما أريد الوصول إليه.
حين يتعلق الأمر بتوقع الأحداث قد تحصل في المستقبل، يجب أن يكون له أسس في الوقت الحاضر أو طريقة لتخمنها في هذه الحقبة.
بدلا من ذلك فقد كتبت ما زعمت أنه رؤيتي عن التكنولجيا الحالية - بأشياء يستطيع الناس تخيلها، كالدبابات والطائرات.
كأن أزعم أن هذين السلاحين سيكونان من العناصر التي تهيمن على ساحة الحرب المستقبلية. -وهي فكرة يمتلكها بعض المحللين العسكرين في الوقت الراهن بالفعل-.
كما لم أستبعد الحديث عن البوارج، إذ كانت أسلحة مؤثرة في هذه الحقبة، إلى درجة أن نظرة الناس إليها قد تكون مثل نظرة أهل القرن العشرين إلى القنابل النووية.
ولم ذلك؟
إنها سلاح يجمع بين المقدرة على الإبحار في كل محيطات العالم، والدروع الصلبة والتمتع بقوة نارية لها أن تدمر سفينة حربية للعدو بضربة واحدة، كيف ينظر لها كسلاح عادي؟
ليس صدفة أن نص الحلفاء في معاهدة فرساي على أن ألمانيا لا يحق لها إمتلاك البوارج.
لكن البوارج فقدت بريقها بعد الحرب العالمية الثانية.
إستخدمت بريطانيا حاملة طائرات لمداهمة ميناء تارانتو الإيطالي وإيقاع إيطاليا في معضلة وعجز، وقد إستلهمت اليابان من هذه الواقعة فهاجمت بيل هاربور الأمريكية بحاملة طائرات، وقد نجحت في ذلك.
وبعد أن خسرت معظم بوارج أسطولها لم تمتلك أمريكا خيار آخر غير مواجهة اليابانين بحاملات الطائرات عوضًا عنهم.
وحينها أدركت هي أيضا مدا فائدة حاملات الطائرات، فأولت لتطويرهم إهتمام أكبر من ذاك الذي تمن به البوارج، فغلبت بذلك البحرية اليابانية وأجبرتها على التراجع.
وبمعرفتي لكل ذلك، إكتفيت بكتابة أن 'عصر البوارج قد إنتهى، والمستقبل لحاملات الطائرات'.
على الرغم من أنها لا تتمتع بقوة نارية هائلة كتلك لدا البوارج، إلا أنها تستطيع نقل الطائرات والإعتماد عليهم لمهاجمة سيفنة العدو من مسافة لا تهددها فيه مدافع السفن الحربية، لذا فهي أكثر كفائة خلال المعارك المستقبلية.
وأخيرا لم أنسى التطرق إلى الوضع الذي تعانيه ألمانيا اليوم، والإتجاه الذي أراه مناسبًا لحل الأزمة، والطريق والدور الذي يجب أن تلعبه ألمانيا على المسرح العالمي في المستقبل. وخصصت بعض الفرقات لإنتقاد الساسة غير الأكفاء.
وقد أثار كفاحي الذي إكتمل بطريقة ما جدلاً كبيرًا، وهو ما كنت أسعى إليه.
***
يقال أن كتاب "كفاحي" الأصلي لم يلقى روجًا كبيرًا.
وقد بدأت مبيعاته بالإرتفاع خلال الثلاثينيات إذ بدأ هتلر وحزبه النازي في الصعود نحو السلطة، وحتى في أيام المجد هذه ظل الكثير لا يعرفون بوجود مثل هذا الكتاب.
ومع ذلك بسبب التغييرات التي أحدثتها في هذا العالم وكيف تغير التاريخ بسببي شد ظهور كفاحي لأول مرة العديد من الأشخاص.
علمًا أنه توجد كتب كثيرة مثله تنتقد القيادة الألمانية وتقدم رأى بشأن المستقبل.
لذا فإن ما لفت إنتباه الناس كان توقعاتي للوضع الدولي، وبالطبع لم يكن هذا الإنتباه في مجمله إيجابيًا.
"يزعم أن الإقتصاد العالمي سينهار عما قريب دفعة واحدة؟ وفي الولايات المتحدة من بين كل الأمم؟ يالها من نكتة".
لم يصدق أغلب الناس بحدوث الكساد العظيم الذي تحدثت عنه.
فبالنسبة لهم بدا أن العالم -بإستثناء ألمانيا بالطبع- يعيش فترة من الرخاء الإقتصادي والإزدهار، لكن أن أزعم لهم بأن أزمة ستحدث وتنسف كل ذلك فجأة؟ لابد أن الأمر لم يتعدا كونه هراءً في نظرهم.
وخاصة مزاعمي بنمو الصين، إذ لاقت سخرية كبيرة.
"الصين؟ تلك الصين التي أعرفها؟ كيف لأمة غير متحضرة مثلها أن تهيمن على الإقتصاد العالمي، أليس هتلر مجنونًا بمزاعمه هذه؟".
"لعل اسلافه صينون".
ومع ذلك فإن العديد من المختصين الذين سبقت لهم ملاحظة إمكانيات الصين بعدة أوراق بحثية دافعو عن مزاعمي.
وعلى الرغم من أنهم كانو أقلية، إلا أن حدة الإنتقاد خفتت تدريجيًا حين دافع بعض الباحثين عنها.
لكن الفقرات المتعلقة بطموح اليابان في أسيا لاقت قبولًا أكثر من الموضوعين السابقين.
بداية خسرت ألمانيا مستعمراتها الأسيوية في المحيط الهادئ بما فيهم تسينجاتو لليابان بعد خسارت الحرب العالمية الأولى.
وعلى الرغم من أن النظرة العامة لليابان لم تكن سيئة للغاية لتعامل اليابان الجيد مع المساجين الألمان، إلا أن من المكبر وصفها بالحسنة، والخلاصة أن الأغلب لم يكونو رافضين لفكرتي.
والمفارقة أن أكبر نجاح خارجي لكفاحي كان في الصين، حيث جذب أعين الطلاب الصينين المبتعثين لألمانيا وعادو به معهم.
"هل قرأت كفاحي؟".
"كفاحي؟ لم أسمع به من قبل".
"هو كتاب ألفه ألماني يدعى أدولف هتلر، فيه شيء مذهل، لابد لك من قراءته".
"لكني لا أجيد الألمانية"..
"أعلم لذا عملت على ترجمته".
في الوقت الذي كان فيه الشعب الصيني قانطًا من معاملة بلاده بإزدراء من قبل الغرب كأمة من الدرجة الثالثة، رغم أنهم قد يعرفون أن ذلك كان صحيحًا في الواقع- إلا أن صدورهم كانت مليئة بالإستياء.
ولكن، ظهر ثوري ألماني ميعن، وكتب في سيرته الذاتية عن إمكانيات الصين، وأنه حتى لو أحتقرت الآن فإن لديها الإمكانيات لتصبح قوة عظمى في المستقبل إن حققت النهضة، فبديهي أن يحبو ذلك حتى لو بدا كلامه هبدًا.
بعد أن تم تقديم ترجمة غير قانونية للكتاب في الصين، حقق نجاحًا باهرًا.
مع أنه قرأ من قبل طبقة المثقفين في الأساس وليس من قبل الشعب الصيني نفسه، إلا أن كتاب كفاحي قد إكتسب شهرة عالمية عندما بدأو في النشر عنه للجمهور الصيني وحتى للأجانب في الصين.
"إن كتاب كفاحي يعرض بصيص أمل الخلاص للشعب الصيني وأمل أن يحظى بأقبال أكبر، ليس في الصين وحدها بل في أسيا والعالم أجمع".
وأخيرًا بلغ كفاحي ذروة شعبيته حين أشاد سون يات سين العروف بأب الصين بهذا الكتاب.
"نجاح باهر، نجاح باهر بحق!".
هذا ما قاله ماكس أمان الذي قابلته بعد خروجي من سجن لاندسبيرج.
كان ماكس إمان صديقًا ساهم في نشر كتاب كفاحي كممثل لدور نشر تدعى "فرانز إهير".
وفي التاريخ الأصلي كان هو ما أسمى الكتاب "كفاحي".
أما إن كنت تتساءل عن الإسم الأصلي الذي وضع للكتاب، فقد كان "أربع سنوات من الكذب والجبن والحماقة"، ولعله أليق بأن يكون عنوان لرواية ويب.
عمومًا بدأت شعبية كتاب كفاحي من الصين، ومنها وصل اليابان، ومن هناك بدأ يتداول حول العالم.
لقد كان الوعي بحقوق النشر في هذا العهد منخفضًا، لذلك ظهرت العديد من الترجمات لكتاب كفاحي في الأسواق الأسيوية بشكل غير قانوني، ورغم ذلك فإن حجم مبيعات كفاحي فاق الخيال مقارنة بهذا النوع من الكتب.
وقد حسن ذلك من موارد الحزب المالية، ومع وضع التبرعات المتزايدة قد لا يضر الحزب للقلق بشأن المال لعدة سنوات.
وبذلك زادت قوتي في الحزب.
لم يكن أمام دريكسلر إلا التنحي عن السلطة الحقيقية في الحزب لي بخنوع، وكتفى بشغل منصب زعيم الحزب "فخريًا".
كان دريكسلر آن ذلك غافلًا عن حصوله على نهاية أسعد من مصيره الأصلي.
في التاريخ عارض دريكسلر هتلر، وتمت مضايقته من قبل أعضاء الحزب، فتقاعد حتى قبل أعمال شغب قاعة البيرة ولم يكن مصيره في عودتي الماضية مختلفًا كثيرًا.
لكن هذه المرة أوضحت الخطوط بيننا وعاملته بصراحة كزعيم الحزب، حتى لو كان ذلك سطحيًا، ولم يعارضني بدوره لأنه رضي عن معاملتي له.
بعد الضجة التي أحدثها كفاحي عادت شعبية الحزب التي تراجعت خلال أيام حبسي للتعافي.
وكذلك إزداد عدد من أرادو الإلتحاق بالحزب.
ومن بينهم..
"إسمي جوزيف جوبلز، تشرفت بلقائك".
من بينهم جوبلز، رجل هزيل عرف عنه أنه أستاذ البروبجاندا والتحريض الإعلامي لم يسبق له مثيل في التاريخ البشري.
-نهاية الفصل-