"مالذي قلته توًا؟"

"كما سمعت، أنوي نشر قواتنا في راينلاند".

بحلول أواخر شهر يونيو عام 1935، جمعت قادة الجيش وأعلنت لهم عن نيتي في إعادة احتلال منطقة الراينلاند.

أظهر بلومبرج وغيره من الجنرالات مؤيدي النازية الذين أبلغو سالفًا الرزانة، في حين أظهر الباقون الدهشة والنكران كأنهم رأو جنيًا قبل أن يلقو علي سيلًا من الإعتراضات.

"ذاك مستحيل سيدي! فلن تسكت فرنسا عنه!"

"الفيرماخت لم يجهز بعد، إذا ماندلعت الحرب ستُدفع قواتنا حتى أعتاب برلين في غمضة عين!".

من بين جنرالات الفيرماخت، كان رئيس أركان الجيش لودفيج بيك أعتى المعارضين.

"هذا العزم لا يخلو من الخطر، أرجو أن تعاودو النظر فيه".

وبصفته أحد أكابر جند الجيش ومحاربًا قديمًا خدم خلال الحرب العالمية الأولى كانت لكلماته وزن في الفيرماخت.

ولي به معرفة خاصة.

في التاريخ كان رئيسًا لما يعرف بـ "الأوركسترا السوداء"، وهو تجمع من مناهضي الحكم النازي لألمانيا، وحاول الإنتحار بعد أن بائت محاولته لإغتيال هتلر "فالكيري" بالفشل.

ولن أنسى له فعائله مرتي الماضية، إذ كان من العقول المدبرة للإطاحة بي وشارك في إعدامي آخر الأمر.

أدرت رأسي إليه بهدوء وقابلت نظراته مباشرة.

إنكمشت قزحيته قليلًا إذ لم يتوقع أن أرمقه بنظرات كهذه بيد أنه لم يشح ناظره بعيدًا.

"أتفهم مخاوفك جنرال بيك، ولا أخفي عليك أني قلق من أن تبعث فرنسا قواتها بمجرد أن نطأ حومات الراينلاد".

"ذاك هو ما يقلقني سيدي الرئيس".

"إذا واجه الفيرماخت الذي بدأ التسليح عن قريب الجيش الفرنسي - أقوى جيش أوروبي، فلن تكون لديه أي فرصة للظفر بالنصر".

"إن هذه هي الحقيقة المرة في الوقت الراهن": أومأ بيك بفتور.

"لكنك تعرف جزء من الحقيقة وأغفلت شطرها الآخر".

"نعم؟"..

"أغفلت أن فرنسا تخشى الحرب أشد من خشيتنا لها، لتوضيح ذلك سأطرح عليك سؤالًا، أي ضرر لحق بفرنسا بعد الحرب؟"

"لكن-..."

"سأذكرك إن كنت ناسيًا، إن لم نحتسب الأضرار المادية خلال الحرب العظمى وكتفينا بالنظر إلى خسائر الأرواح نجد أن فرنسا قد تكبدت 5 ملايين ضحية، قتل أو فقد أزيد من المليون، ما كلف فرنسا ثلث الشباب الذي عهدت إليه بمستقبل البلاد.

فرنسا لم تتعافى بعد، وهي الآن تخشى الحرب إذ أن مجرد إحتمال تكرار ما حدث في الماضي الآن يهدد بزوال الجمهورية الفرنسية ومستعمراتها".

نظرًا لكون القتال على الجبهة الغربية في مجمله ظل محصورًا على الأراضي البلجيكية والفرنسية، فإن فرنسا لم تخسر الأرض والعمران فحسب بل خسرت الشباب.

وبالنسبة لفرنسا، التي دخلت حالة من 'شيخوخة المجتمع'* في أواخر القرن التاسع عشر كان فقدان جيل من شبابها خلال الحرب العالمية الأولى خسارة موجعة.

(ملاحظة: أغلبية من كبار السن مقارنة بالمواليد والأطفال.)

مع أنها ذاقت الإذلال خلال الحرب العالمية الثانية بإحتلال المانيا لها وتحويلها من قوة عظمى إلى محض دمية، إلا أن خسارة فرنسا السريعة كانت لها بعض الفوائد، فخسائر الأرواح التي عانتها قبيل إكتساح ألمانيا للبلاد ظلت معقولة، على غرار الحرب العالمية الأولى حيث قضى جيل من الفرنسين زهرة عمره في الخنادق، وتنوعت مصائرهم بين قتيل وجريح ومعاق.

ولهذا نرى أنه وحتى خلال القرن العشرين، تظل ذكرى الحرب العالمية الأولى أشد وطأة على فرنسا من الحرب العالمية الثانية.

ناهيك عن الوقت الراهن.

مضى 17 عامًا فحسب على وضع حد لتلك الحرب الشنعاء، يا ترى كم من الفرنسيين اليوم راغب في تكرار هذه التجربة؟

وقفت وأتبعت قولي :"لفهم فرنسا عليك أن تفهم طبيعة جبنها، إذ أنها تجيد إدعاء الشجاعة والمهاددة بكلمات جفوفاء لإخفاء خشيتها للحرب، قد نشاطرهم هذه الأخيرة حاليًا، لكن الشعب الفرنسي يظل أخوف للحرب من الشعب الألماني. ونيتي هي إستغلال خوفهم هذا.

لعل كل من في الغرفة مدرك لكونها مسألة وقت قبل أن تكتمل آلة حرب الفيرماخت، ولكني أخشى أنه بحلول ذلك الوقت سيتضائل الخوف الفرنسي وما إن نكمل إستعدادنا حتى يكون الفرنسيون مستعدين بدورهم، لذا فإن علينا أن نُبَادِرَ قبل أن نُبَادَر".

"...!".

"بالطبع أعي مخاوفكم أيها السادة، إذا إندلعت الحرب حقًا فلابد أن يتسع الصراع ولا يمكننا مقارعة الجيش الفرنسي في حين لا نزال نفتقر إلى العتاد والجند والذخيرة، لذلك فإني أنوي سحب القوات ما إن يظهر الفرنسيون علامة على التحرك".

"... أهذا أكيد؟"

تمكنت منه.

على الرغم بيك يظهر الصلابة وهو مستعد لطعنك ما أن تتقهقر إلى أنه يفتقر للعزم في كثير من الأحيان.

السمة التي أحبها في أشباه بيك هي أنك ما إن تسترضهم مظهرًا قبولًا للتنازل فإن إقناعم مؤقتًا لن يكون مستحيلا.

"أضمن ذلك بسم الفوهرر، ألا يكفيك هذا عهدًا؟"

"إذا كان هذا قولك فمالي أن أختلف..."

تم حل العقبة الأولى، وحان أوان الإنتقال إلى المرحلة الثانية.

***

سرعان ما بلغت أنباء التحركات المريبة للقوات الألمانية على طول نهر الراين مسمع القيادة الفرنسية.

"ما الذي يدور في خلد أولئك القوم؟".

بدا القائد الأعلى للجيش الفرنسي موريس جاملان قانطًا كأنه على شفى الإنفجار.

ومن قد يدفعه لهذا القنوط غير ألمانيا وفوهررها أدولف هتلر - والذي لم يكن شخصًا عاديًا بأي مقياس قد يقاس عليه.

سلاح بشري وبطل حرب تقلد وسامه من هيندنبورغ شخصيًا لِعِظم مآثره المتمثلة في تدمير دبابتين وقتل العشرات من الجنود البريطانيين وحيدًا في المعركة حين كان محض عريف. ونابغة تنبأ بالكساد العظيم والغزو الياباني للصين في طيات سيرته الذاتية.

بمجرد أن أصبح رئيسًا للوزراء سحق مقاوميه ومعارضيه بعنف وسفك الدماء خلال ذلك - في حين جذب التأييد العام إليه ببلاغته ولسانه المفوه، كما عمل على التواصل مع عدوه بولندا في سبيل توقيع معاهدة عدم الإعتداء لحل الأزمات الإقتصادي بين البلدين.

أيمكن لشخص كهذا أن يعد عاديًا؟ لا يقارعه من حيث التأثير إلا لينين من الإتحاد السوفيتي أقاصي الشرق.

وإن نظرنا إلى ما عندنا من معطيات، نرى أن لهتلر نية واحدة حاليًا.

إحتلال الراينلاند.

مع أن منطقة الراينلاند على إمتداد نهر الراين الواقعة على الحدود بين بلجيكا وفرنسا تعد أرضًا ألمانية خالصة من حيث المبدأ إلا أنها تظل أرضًا منزوعة السلاح ولم يسمح للقوات الألمانية بالتمركز فيها وفقًا لمعاهدة الإستسلام الألمانية.

منح وجود الراينلاند كمنطقة عازلة منزوعة السلاح بينهم وبين ألمانيا البلجيك والفرنسيين قدرًا من الراحة النفسية وإحساسًا بالأمان، لا حرج من القول أنه مكنهم من النوم ممدودي الأقدام - فحتى لو إندلعت الحرب بينهم وبين ألمانيا ثانية فإن الحرب لن تصل إلى أراضيهم بسهولة.

من الواضح أنهم لم يثقو قط بألمانيا، أو ببساطة عرفو أن معاهدة فيرساي لابد أن تنفجر في وجوههم ذات يوم، لهذا أهمتهم منطقة الراينلاند.

ولكن ماذا لو لم تعد منطقة الراين منزوعة السلاح؟

سيتعين على فرنسا حمل تخوفات مواجهة الجيش الألماني عند حدودها وعلى أراضيها من جديد.

وستسقط القذائف الألمانية على الأراضي الفرنسية ثانية ما إن تبدأ الحرب.

"محال! لابد أن نمنع ذلك!".

جمع جاملان المذعور كبار قادة الجيش لعقد إجتماع طارئ.

ومع ذلك، فإن نتيجة الإجتماع خيبة أمله إلى حد كبير.

"أنت تعي يا صاحب السعادة أننا عملنا على تخفيض ميزانية الدفاع إلى حد كبير لمجابهة الكساد"...

"نعم.."؟

"وأنت تعلم أن ذلك يعود سلبًا على فاعلية جيشنا إلى حد معتبر، كيف لنا تدريب المزيد من الجند في حين لا نقدر على دفع مرتباتهم؟.. عدد قليل من القوات القابلة للنشر خضعت للتدريب، كما أن معنوياتهم منخفضة".

"أعي ذلك-"...

"حقق الألمان تقدمًا عسكريًا ملحوظًا مؤخرًا، ولا ينعكس ذلك على عدد الجند بل كذلك يظهر في جودتهم" وأضاف قبل أن يتمكن جاملان من التحدث: "بدا هتلر أكثر جدية من أسلافه في قضية تعزيز الدفاع الوطني، ولا زال مواصلًا في هذا المسار، في حين لم يطرأ تغيير يذكر على على جيشنا بعد الحرب.. على الرغم من أني لا أعتقد أننا سنخسر إن وقعت الحرب حقًا، إلا أن الجيش الألماني بدوره ما هو بالبسيط، فلهم الغلبة علينا من حيث الروح المعنوية وكفاءة القوات".

وكأن التثبيط لم ينتهي بعد، إستلم جاملان دفعة جديدة من المشاكل.

"أتفق مع المارشال، وأود أن ألحق بقوله أنه بحسب المعلومات الإستخبارية التي حزنا فإن الألمان يخططون لنشر جيش قوامه 300 ألفً في منطقة الراينلاند".

"لابد أن تعود الحرب علينا بأضرار جسيمة".

"لا يجب إغفال قضية الرأي العام، الأمة غير مستعدة لخوض صراع مسلح في الوقت الراهن".

باختصار، عنى ذلك أنهم لن يكونو قادرين على مجابهة ألمانيا لوحدهم.

أبلغ جاملان الرئيس ألبرت ليبرون ورئيس الوزراء بيير لافال بفحو هذا الإجتماع.

"ما كنت لأظن أن جيشنا في حال مخيبة كهذه..."

تنهد ليبرون.

لقد كان شبه مؤمن بإدعائات قادة الجيش أن الجيش الفرنسي هو الأقوى في أوروبا، وبتلقيه تقريرًا متواضعًا منهم عن حال الحرب، شعر بقدر من خيبة الأمل.

رغم خيبة أمله أيقن أن الجيش لن يقدم إدعائات مبالغة.

بل قد يكون العكس حاصلًا.

قادة الجيش تجمع من المتغطرسين ذوي فخر وعزة نفس لا تقبل الهوان، أليسو الأبرع في ترقيع ضعفهم؟

كان واثقًا أن اقيادة العسكرية الفرنسية عزيزة النفس قد سائها الإقرار بالضعف بل ويجرح كبريائها.

"الظاهر أننا لن نستطيع مواجهة ألمانيا بمفردنا حاليًا": علق لافال.

"لعلها الطريقة الوحيدة"..

"حسنًا، لنسعى لطلب المعونة من حلفائنا".

***

كانت الإستجابة البريطانية فاترة.

لم تكن بريطانيا التي أمضت معاهدة بحرية مع ألمانيا في يناير هذا العام راغبة في تدمير العلاقات الحسنة المبنية حديثًا.

كما لم تكن الرينلاند مسألة تمس أمن بريطانيا التي هي في الأساس جزيرة.

وبزعم أن الراينلاد كانت أرضًا ألمانية في الأصل وأن ألمانيا لا تعتدي على الأراضي الفرنسية، أعربت بريطانيا عن تسامحها مع تمركز القوات الألمانية هناك بعبارات متحفظة لكنها لا تخلو من عدم المبالاة.

وبعد أن خذلتها بريطانيا، إلتفتت فرنسا إلى إيطاليا.

لكن رد إيطاليا لم يختلف في مضمونه عن بريطانيا.

لتتمكن إيطاليا من محاربة ألمانيا تعين عليها عبور الأراضي النمساوية مترامية الأطراف، ويا ليت الأمر يقتصر على العبور، فالنمسا التي إنتهجت الحياد لن ترضى للجيش الإيطالي بعبور أرضها.

كما لم تكن إيطاليا مستعدة لمواجهة النمسا ناهيك عن ألمانيا، فقد كانت تحضر لغزو أثيوبيا.

وقد تمت عملية حشد نخبة الجيش الإطالي في أرض الصومال الإيطالية وإريتريا الإيطالية لهذا الغرض، و دعم فرنسا في حربها ضد ألمانيا يعني إعادة هذه القوات إلى أوروبا.

وهو ما كان مستحيلًا، فإثيوبيا بالنسبة لإيطاليا خط أحمر.

موسوليني الذي أراد توسيع رقعة المستعمرات الإيطالية بأي ثمن رفض عرض فرنسا قطعًا.

"كما رفض موسوليني التعاون".

"هاه.. العين بصيرة والأيد قصيرة..."

شعرو بالغصة لتخلي أقرب حلفائهم عنهم في مثل هذه الأوقات العصيبة.

لم يتوقعو الكثير من بريطانيا منذ أن أمضت المعاهدة البحرية الأنجلو-ألمانية، لكنهم إعتقدو أن إيطاليا لابد أن تكون لها كلمة أخرى.

وأضاف: "لم يحن آوان الخذلان بعد فلا يزال لدينا حلفاء غير بريطانيا وإيطاليا".

وعلى الرغم من رفضهم مرتين، إلا أن الجمهورية الفرنسية لا تزال تملك قدرًا من التفائل والحلفاء.

كان موقف بلجيكا إجابيًا قائلة أنها لن تتسامح مع التحركات الألمانية في منطقة الراين، كما أعلنت تشيكوسلوفاكيا أنها ستدعم فرنسا في حال نشوب صراع مسلح.

لكن ثمت علة صغيرة بهذه الإجارة.. وهي أنها من أمم غاية في الصغر.

كما أعربت القيادة العسكرية الفرنسية عن تخوفاتها في ما يخص كفائة جيوش هذه البلدان إن إندلعت الحرب.

وحين حين كانت القيادة الفرنسية على شفى الإستسلام-...

"نعم! هناك بولندا! لابد أن يكون الحال افضل معها".

ولابد أن تتفهم بولندا التي تعد قوة عظمى شرقي أوروبا وضع فرنسا.

ومع ذلك، وكأنها تهزأ بهذه التوقعات الإيجابية، بدا رد بولندا أقرب لإيطاليا وبريطانيا مقتضبًا وغامضًا.

"إذا إعتدت ألمانيا على فرنسا فإن بولندا ستنضم للحرب بموجب التحالف العسكري الفرنسي البولندي المبرم عام 1921، ومع ذلك لن يدخل هذا الإجراء حيز التنفيذ إلا إذا تم غزو الأراضي الفرنسية".

دون لف ودوران، لن تشارك بولندا ما لم تقع الحرب على الأراضي الفرنسية.

وكانت ردود رومانيا ويوغوسلافيا فاترة بنفس القدر.

لم تكن لهذه البلدان حدود مع ألماني كبولندا وإيطاليا، كما لم تربطهم بها علاقة خاصة، وقد فضلو ألا يغوصو في حرب لا ناقت لهم فيها ولا جمل.

"كيف لكل حلفائنا أن يتساوو في إنعدام المنفعة؟"

أقل ما يقال أن ليبرون كان مذهولاً.

ومن بين عديد من الدول التي عدت حليفة، عرض بلدان فحسب المساعدة، ومن سوء الحظ أن البلدين كانا أمم صغيرة لا يصنع وجودهم فرقًا كبيرا في مسار الحرب.

"أعتقد أننا لم ندخر جهدًا.. وقد آن أوان التنازل يا صاحب السعادة"..قال لافال.

"ما بأيدينا من حيلة... أحيانا يكون التراجع خيارًا أفضل على المدى الطويل".

***

في السابع من أغسطس عام 1935، دخل الفيرماخت منطقة الراين.

هذه المقامرة كللت بالنجاح.

"ما قولكم؟ ألم يسر الأمر بسلاسة؟"

"كما هو متوقع الفوهرر، ما كان لنا أن ندرك سعت بصيرتك!"

مع إكتمال إحتلال الراينلاند غمرت نشوة النصر بعد عقود من الإنكسار ألمانيا بأسرها.

تناقلت الصحف الخبر مشيدة بي كل يوم، وكان الناس يهتفون "سيج هايل!" ويعلقون أعلام هاكينكروز -علم ألمانيا النازية- أمام مساكنهم.

"إن عبقرية فخامتكم لا مجابه لها".

"لقد تعلمت الكثير من سعادة الفوهرر هذه المرة".

أشد العسكر معارضة لي أشادو بصنيعي هذه المرة كأنهم لم يكونو ضد الخطة، بما فيهم بيك.

يبدو أن هؤلاء الرفاق يحاولون غسل صورتهم أمامي، بيد أن الأوان قد فات عليهم.

دون أن أكلف نفسي عناء النظر إلى الجنرالات الذين عارضوني في ما مضى، تحدثت إلى وزير خارجيتي يواخيم فون ريبنتروب.

"حان وقت الباستا".

"عذرًا؟" أمال ريبنتروب رأسه وبدا غير مدرك لما أرمي إليه :"هل أطلب من الطباخ إعدادها لك سيدي؟"

"كلا، ليس هذا ما عنيته" رشفت من كأس الكولا المثلجة وهمست لريبنتروب :"لدي مهمة لك يا ريبنتروب".

"أُمرني يا صاحب السعادة".

بدا ريبنتروب متحمسًا حين أخبرته أن لدي ما أوكله به.

يبدو عليه أنه متأهب للقفز من النافذة المجاورة ما إن آمره بذلك، اوه، علمًا أننا في الطابق الثاني.

"أريدك أن تذهب إلى أفريقيا في أسرع وقت ممكن".

"أفريقيا؟"

"بالضبط".

اتسعت أعين ريبنتروب، لم يتوقع أن أتي على ذكر أفريقيا من بين كل الأماكن في هذه المرحلة.

"إلى أي أرض أفريقية؟ مصر؟ المغرب؟ أم أنها جنوب أفريقيا؟".

"لقد أخطأت، أريدك أن تذهب إلى إثيوبيا".

-نهاية الفصل-

2024/07/25 · 70 مشاهدة · 2078 كلمة
نادي الروايات - 2025